رواية دفء المشاعر الفصل الثانى 2 بقلم سلمى سمير حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية دفء المشاعر الفصل الثانى 2 بقلم سلمى سمير حصريه في مدونة قصر الروايات
#البارت_الثاني
#دفء_المشاعر
*************
لم يصدق "بدر" أنه كان مريضًا بشدة، وقد تغيب عن أهله ومسؤولياته طوال أسبوع، من غير أن يسأل عنه أحد من أهله، ولا حتى أخوه الذي كان مع أصدقائه، وقد وعده بالعودة إليه خلال يومين ليسافرا معًا.
ولهذا سأل عنه "راضية" التي تهرّبت من الرد، لكن حدّة "بدر" وغضبه عليها جعلاها تجيب سؤاله بخوف وذعر ظاهرين، قائلةً بتردّد:
_أصل .. أصل الحقيقة أخوك جه وبدل المرة ثلاثه، لكني مفتحتش ليه بصراحه كده، خفت يأذيني لما يشوفك وأنت مش واعي، ولا حاسس بأي حاجه حواليك..
زمجر "بدر" بغضب، لكن تأثير المرض ضعف ردود فعله فصاح فيها بضيق:
_إنتي مجنونه إياك ، افرضي موت! كنت عتتصرفي كيف؟
جومي من جدامي هاتي تليفوني، خليني اتصل بيه أشوف إيه حُصل في غيابي! وكيف سافر قبل ما يطمن عليِّ بالساهل أكده؟!
لم تتحرّك أو تُجبه، ولاحظ "بدر" شدّة ارتجافها، فغامت عيناه بنظرة خطِرة، وسألها:
_مالك كي الفار المذعور اكده، جولتلك هاتي تليفوني، واجفه ليه كي الصنم؟!
أخذت بعض أنفاسها المذعورة، وإزدردت لعابها بصعوبة وردت عليه بصوت خافت مرتجف:
_ أنا دورت على تليفونك ملقتهوش لا هو ولا المحفظه بتاعتك، شكلك لما نطيت في الميه وقعوا منك، ولولا الفلوس اللي كنت بتدهاني وقت ما ضربتني بالقلم، وسيبتها على الطرابيزه مكنتش عرفت اتصرف وأجيبلك دكتور يكشف عليك، أو اشتري علاجك!
تنفس "بدر" بغضب مكبوت ووضع يده على رأسه، شاعرًا بدوارٍ عنيف يضربه بقوة، وضغط رهيب بثقلها
رفع عيناه فيها وقال:
_ وقعت إيه ونيلت إيه يا مخبله على عينك، مجنون أنا هنط للمي بالتليفون والمحفظه!،
أنتِي طينطيها زيادة بعملتك السوده دي، منعتي خوي يوصلي، وعزلتيني عن الخلق!
وتقولي قعدتي تمرضيني وتراعيني وانقذتيتي،
هو إللي صابني كان بسبب مين، مش انتي يا "راضية"
الله يسامحك يا شيخه، يا وش المصايب
تأفف بضيق وأكمل حديثه بضعف :
_همي انزلي لبواب العمارة بلغيه يطلعلي دلوك، أما إنتي فأنا ليا تصرف تاني معاكي، لما أدبر حالي اللي بعمايلك خربطيها!
أومأت له بالموافقة لكن قبل أن تغادر الغرفة قالت:
_طيب ممكن تريح جسمك على السرير لحد ما البواب يجي، والله الدكتور محذرني من أنك تتحرك لأن حالتك حرجه، وربنا عالم أنا تعبت معاك إزاي، الكام يوم إللي فاتو؛ لأنك زي ما قولت أنا السبب في كل إللي حصلك!
أغمض عينيه بإجهادٍ واضح، وأذعن لطلبها مُجبرًا، وقد بدت آثار المرض عليه من وهن جسده وضعف لياقته.
تمدّد "بدر" باستسلام و أغمض عينيه، وخرجت "راضية" لكي تأتي ببوّاب العمارة كما طلب منها.
عادت بعد قليل و برفقتها رجل أربعيني، نظر إلى "بدر" و تقدّم منه بصدمة:
_ بدر بيه أنت هنا بجد؟!
دا "طايع" بيه كان هيتجنن عليك، وسافر البلد ورجع سأل عليك تاني، لكني بلغته إنك مرجعتش من يوم ما خرجت معاه من سبوع!
رفع "بدر" رأسه عن الوسادة ونظر إليه بصدمه:
_ يعني حق أنا عيان من سبوع، بس إزاي ! انت ماحستش بحركه في الشقه؟! في وخوي مفتاحه فين؟ مدخلش يتوكد من وجودى ليه؟!
ده غير المفتاح إللي معاك اللي بهمله ليكي لجل تجهز الشقة لما ابلغك إني هدلى مصر؟!
صمت قليلًا ليسترد أنفاسه المنهكة وأكمل :
_وبعيد عن كل ده، انت إزاي تسمح لحد يدخل ويخرج من العمارة أكده من غير ما تكون عارف ده داخل عند مين وليه؟، مدام مهمل العمارة سداح مداح انت لزمتك إيه؟، وكنت فين أصلا من سبوع لما عاودت بليل مكنتش موجود وطول الليل ما نضرتكْ، حتى إني خرجت ورجعت وعاودت تاني وبردك مكنتش موجود؟!
اصلك لو موجود كنت وفرت كتير من القلق إللي خواتي في البلد عايشين فيه دلوك بغيابي، وقطع اخباري عنيهم!
انت مهمل يا "عمران" معدش ليك شغل بالعمارة دي تاني, من بكرة تاخد مرتك وولادك وتعاود البلد..
دنا منه "عمران" وأمسك يده وقبلها باستجداء:
_سماح يا بيه بس أنا مظلوم والله، ولدي كان مقبوض عليه، وفضلت طول الليل بحاول أخرجه
لو مش مصدقني اسال "طايع" بيه هو إللي راح معايا تاني يوم و ضمنه بنفسه.
تأفف "بدر" من ظلمه له دون أن يسمع حجته، فتنفس بضيق وقال له:
_ خلاص يا "عمران" سماح هالمرة، لكن بعد إكده محدش يدخل العمارة الا ما تعرف رايح فين وجاي لمين؟
جولي انت شوفت "راضية" جبل أكده،
نظر البواب إلى "راضية" بريبة:
_ شوفتها من سبوع كانت طالعه تجري ووجفتها لكن ملحجتش اتحدتت معاها واسألها؛ لأن ولدي كان رجع وفرحتي بيه سهتني عنيها،
لكن شوفتها تاني آخر النهار نازله مع دكتور أنا سألته رايح لمين؟ بس هو جالي أنه جاله اتصال ينقذ واحد مريض، هملته يطلع لجل ما اعطله وقولت أسأله مين العيان لما ينزل، لكن لجيت الشابه نازله معاه وخرجت وياه وعادت معاها شنطة علاج!
وجالت إنها ممرضة مرافقه لمريض في الدور التاسع، أنا حسبته الأستاذ توفيق، انت خابر أنه راجل كبير، كل يوم والتاني الدكتور عنديه!
لكن ما شكيتش أنه أنت؛ بالذات لما "طايع" بيه طلع ليك مرتين ومحدش رد عليه،
وأنا مكنتش شوفتك لما عاودت، ولو على المفتاح اللي مهمله معاي ،
أهوه بس مراتي نضفت الشقه من سبوع، و ملت الثلاجة كي ما أمرت قلت تمر فترة وأخليها تطلع توضبها كالعادة، وتفضي الثلاجة، وحسبت "طايع" بيه دخل الشوجه واتأكد إنك مانتاش فيها،
لكن اللي خلاني قلقت عليك لما سافر الصعيد وعاود تاني يوم وقال إنك مرجعتش وتليفونك مجفول ومحدش يعرف عنيك حاجه! من وقت كنت معاه في فرح صاحبه، لكن مخطرش ببالي انك مريض وفي الشوجة لحالك واصل!!
زفر "بدر" بحدة وقال:
_خلاص يا "عمران" خلصنا، اتفضل إدلى شوف شغلك، ولو صادف وسألك خوي عني باي وقت،
بلغه إني رجعت بعد ما سافر، مرايدش حد يجلج عليّ.
اما بالنسبه لراضية، دي دكتورة كانت زميلتي بالكلية، ولما لاجتني تعبان صعب عليها تهملني، وقالتلك إنها ممرضة لجل ما تستغرب كي دكتورة وتمرضني؟!
تنهد" عمران" براحه بعد عفو سيده عنه وسأله باهتمام:
_تمام يا بيه أنا تحت أمرك وأمرها،
بس تحب ابعت مرتي تساعد الدكتورة و تجهزلك الوكل لحد ما تقوم لينا بالسلامه ويكفي تعبها معاك الكام يوم إللي فاتوا؟
أغمض "بدر" عينيه بقوة مفكرًا، فهو أدعى أن "راضية" طبيبه كي لا يسيئ الظن بها وبه، لكنها لا تفقه شيء عن الطب، وسينكشف أمرها أمام زوجة البواب، بسبب أسلوبها في الحديث وطريقتها التي لا تتلائم مع كونها طبيبه، زفر فجأة بحدة وقال:
-لاه مفيش داعي أنا بقيت زين، وكلاتها سواد الليل ومن بكره هعاود الصعيد
المهم رايد منيك تاخد هو المفاتيح وتفتح عربيتي. وتجيب منيها تليفوني ومحفظتي وتعاود بيهم وبعديها هقولك رايد منيك إيه تعمله...
طالعه البواب بحيرة وسأله:
_ بس عربيتك مش تحت يا بيه ولا في جراچ العمارة
و إلا كنا عرفنا إنك موجود بالشوجة.
ارتسمت علامات من الحيرة و الصدمه على محياه، فهو يتذكر جيدًا أنه ترك السيارة أمام العمارة حين عاد بها ليلًا بعد محاولتها الانتحار بالقاء نفسها في النيل، أخذ يفكر كثيرًا ربما نسي شيئاً ما حدث قبل صعوده بها، لكن لم يتذكر مما جعله يشك في أمرها
فرمقها بنظرة حادة وقال بهدوء مريب:
_ ماشي يا "عمران" انا ههمل موضوع العربية دي بعدين، بس روح انت دلوك اشتري حوايج الثلاجة وابعتهم مع مرتك وبعدين نتحاسب .
أما برأسه بالطاعة وقال:
_أمرك يا بيه عن أذنك أنا والف حمدلله على سلامتك،..
خرج "عمران" واغلقت "راضية" الباب خلفه، وعادت إلى "بدر" الذي نظر إليها بغضب وحده:
_ جولي بجى إيه حكايتك، ومين وراكي، ورايده مني إيه احسنلك، لأقسم بالله أدفنك حيه.
ارتجفت "راضية" من حدة نظراته، وغضبه عليها وقالت:
_أنا مش فاهمه تقصد إيه بكلامك ده، هيكون ورايا إيه، مش كفاية الحزن إللي انكتب عليا، و عايشه فيه؟
لم يدعها تكمل حديثها وانتفض واقفًا أمامها دون مراعاة، لجسده الضعيف من أثر المرض، وأمسك ذراعها ولفه خلف ظهرها وقال مهددًا:
_اقسم بجلال الله لو مانطقتي، حكايتك ايه ودسيتي عربيتي فين لجل تبعدي الكل عني لأكون....!!!
صمت فجأة على إثر رنين الهاتف الأرضي، ترك ذراعها وسألها بريبة:
_ هو التليفون الأرضي شغال، يعني أكيد حد من أهلي اتصل عليه؟!
تركها فجأة وذهب مسرعا ليرد على الهاتف اختطف السماعه بلهفه وقال:
_ألو مين معايا..؟
رد عليه صوت أجش غريب عليه قائلًا:
_بدر بيه معاك "سالم" ويلد "همام"!!
صمت "بدر" برهة كي يتذكره ، لكن ذاكرته لم تساعده فسأله بريبة وهدوء:
_مين "سالم" واد "همام "؟!
رد عليه المتصل بصوت ممزوج بالخيبة:
_محسوبك "سالم " اللي شغال بالمرور وخلص ليك الرخصه السنه إللي فاتت يا حضرة العمدة!!
غمغم" بدر" وزفر بقوة قائلًا:
_ ااه افتكرت زين، خير يا "سالم" في خدمة أقدر اقدمهالك؟!
إجابة" سالم" بسعادة تجسدت في نبراته لتذكره إياه:
_ جميلك سابق أنا اللي في خدمتك يا بيه، كنت رايد أخبرك إن عربيتك في الكلبش من سبوع،
بالصدفه من يومين كان بيكشفو عنيها بالمرور.. وجولت أبلغك لجل تدفع الغرامه بدل ما تتعرض للبيع! لأن محدش قادر يستدل عليك..
وأنا حاولت كتير اتصلت على تليفونك لكنه مقفول، قدرت أوصل لرقمك الأرضي من الدليل و بجالي يومين بتصل ومحدش عيرد عليّ الحمد لله إنك رديت دلوك!
استغرب "بدر "حديثه عن أي سيارة يتحدث وأي كلبش؟! ولماذا ؟ فسأله بحيرة:
_ كلبش إيه؟ وعربية مين دي إللي بتتحدت عنيها، يا "سالم"؟!
رد المتصل بثق:
_ عربيتك يا بيه، أنا فاكر رقمها زين مش هو (....) وماركتها BMW ولونها رماد غامق
رد عليه "بدر " بسرعه وعدم تصديق:
_ ايوه يا "سالم" هي دي عربيتي بس ليه في الكلبش؟!
أتت الإجابة صادمه من المتصل:
_ لأنها كانت واجفه صف تاني، الظاهر إنك موقفتش عند الرصيف، المهم أنا أخرت الإجراءات، لجل ما تنزل بيع في المزاد علشان حق حجز الأرضية بالكلبش
حك "بدر" رأسه بحيرة وحاول أن يتذكر، هل ترك السيارة في وسط الطريق دون أن ينتبه؛ بسبب خوفه على "راضية " التي كانت ترتجف بشدة وقتها، رجح بان هذا ما حدث لأنه كان في قمة غضبه بعدما أقدمت ع الانتحار، عاد وزفر بقوة وقال:
_تمام يا "سالم" جولي العربية مجحوزه فين؟ وأنا هروح عشيا استلمها باذن الله، وشكرا لك ريحتنا كتير من وجع الدماغ واللفلفه عليها بدون فايدة!
أبلغه "سالم " عن مكان احتجازها، و أغلق معه الاتصال، بعدما أكد عليه "بدر" بالذهاب لإحضارها، مع مكافئة سخية له نظير معروفه، و ولاءه له.
بعد انتهاء المكالمه التفت إلى " راضية" التي كانت تقف بعيدًا تترقب رد فعله على ما حدث،
حك ذقنه بحيرة وقال محدثًا نفسه:
«ماخبرش كيف هملت العربية في وسط الطريق؟! مش عادتي أكون هامل أكده ، بس ممكن من خلعتي عليها ليصيبها مرض، لكنه صابني أنا في الآخر »
دنا منها ونظر إليها بغموض مريب:
_ حظك حلو مكالمة "سالم" انقذتك، بس غبائك السبب ممكن أفهم ليه مكنتيش بتردي عليه؟!
ابتلعت ريقها عدة مرات و بللت شفتاها التي جفت من الخوف، بسبب غضبه وحدته عليها وقالت:
_مكنش ينفع لأنه ممكن يكون أخوك أو حد من قرايبك، كنت عايزني أقول ليهم إيه سبب وجودي في شقتك، الحمد لله إنها جت علر قد كده، واديك قمت بالسلامه رغم إنك لسه محتاج راحه..
بس أنا كده عملت إللي عليا، استأذنك أمشي بقى؟
أمسك ذراعها يمنعها من التحرك وسألها بريبة:
_استني إهنيه، هتروحي فين وقوليلي عرفتي حاجه عن خيتك وأهلك إللي وقع بيهم البيت ولا لاه؟
هزت رأسها بالايجاب وقالت وهي مازالت تنتفض بخوف منه، فهو له هيبة وحضور قوي يخشاه أشد الرجال ، بأساً ، وليس النساء فقط فقالت :
_ ايوه عرفت الحمد لله اختي انقذوها ، بس متجبسه ومحجوزه في المستشفي، قدامها اسبوعين على ما حالتها تتحسن ويسمحو ليها بالخروج ..
أنا روحت زورتها مرتين، لكن بسبب سوء حالتك مقدرتش أسيبك وأروح ليها تاني،
لكن خلاص أديني هروح أزورها وأقعد معاها، بس يارب يرضو يقبلوني مرافق ليها، لحد ما تخرج ونشوف لينا مكان نعيش فيه!
تنهد "بدر" بارهاق واضح وغامت الدنيا أمام عينيه، فأمسكت "راضية" به وأخذت بيده وادخلته غرفته وقالت بقلق واهتمام :
_ قولتلك أنت محتاج لراحة؟ ليه عايز تضيع نفسك أصبر يومين على نفسك ، وهتبقى زي الفل
كفاية عليك كده بقى، ارتاح وأنا هدخل أجهزلك الغدا، أنت محتاج تتغذى كويس علشان تقدر تقوم بسرعه.
هز "بدر" رأسه برفض وقال بإصرار:
_ مينفعش لازم اتصل بخواتي وأطمنهم ، بيكفي خلعتهم عليا الكام يوم اللي فاتوا...
ابتسمت له ابتسامة عذبه، جعلته يتامل ملامحها الثائرة فرغم أسلوبها الفظ وعدم حياؤها في الحديث إلا أن نظرات عينيها كانت تملؤها الحزن والحيرة والخوف، وملامح وجهها تعطي انطباع بالتمرد الثائر على زمن غدر بها وجعل منها ما هي عليه الآن،
لاحظت "راضية" شروده في النظر إليها ، فنكست رأسها بخجل فلم ينظر إليها أحداً قبل ذلك باحترام، متوسمًا فيها خصالها ... وليس جمال وجهها، غمغم" بدر" بضيق لأنه تسبب في طأطأت رأسها فرفعت عيناها إليه ورأته ناقم على نفسه فقالت كي تهرب من نظراته
وعتابه إلى نفسه :
_ طيب ممكن تخليك هنا مطرحك، وأنا هجيبلك التليفون لحد عندك، وحياة الغالي عندك بلاش تجهد نفسك، أنا ما صدقت فوقت وقمت بالسلامه من مرضك
تنهد "بدر" بقوة ورد عليها بهدوء حذر:
_ ماشي يا "راضية" روحي هاتي التليفون ، وبالمره افتحي الباب إللي جرسه بيرن، وأنتي مش داريا بيه كأنك في عالم غير العالم... اكيد "هنية" مرت "عمران" جابت الطلبات
خرجت مسرعةً كي تفتح الباب وتأتي بالهاتف الأرضي "لبدر " الذي استغرب نفسه بانجذابه اللحظي إليها،
عادت وهي تحمل الهاتف ومعها "هنيه" التي طلبت أن تحادثه عندما رفضت "راضية" مساعدتها لها:
_ حمدالله بالسلامة يا" بدر" بيه لسه "عمران" جايلي إنك كنت مرضان، بالله عليك يا بيه قول للدكتورة تهمل كل حاجه وأنا هعمل الوكل وهنضف الشوجه
سبقت "راضيه "الرد عليها. قالت:
_ معلش يا "هنيه" دي كلها حاجات بسيطه والله، وكمان مش هينفع تجهزي الأكل لأن الدكتور كاتب ليه أكل معين، ده غير مواعيد العلاج،
عموما أنا هعرفك كل حاجه وأنتي من بكرة تقدري تقومي بدوري لأن.....
قاطعها "بدر" قائلًا:
_ روحي انتي يا "هنيه" حطي الطلبات في المطبخ ورتبيها، وهملي الدكتورة تعمل إللي هي رايداه براحتها، هي حره في شقتها أنا ضيف عنديها لحد ما أسافر..
مقدرش أفرض عليها حاجه،
وكفاية عليها هي كمان خدمتي لحد أكده.. باذن الله الليلة عشيا هسافر البلد ، و أهمل ليها الشقه ترتاح فيها وأنتي خلي بالك منيها ونفذي أوامرها فاهمه؟
ألجمت الصدمه "راضيه" من حديث" بدر"، وظلت تنظر إليه بذهول في حين ردت عليها "هنيه" بطاعه:
_ امرك يا بيه اللي تجول عليه عيتنفذ، افوتكم أنا أشوف شغلي وارتب الطلبات..
انصرفت وظلت "راضيه" تتحدث إليه بارتباك وسألته:
_ انت بقول إيه يا استاذ "بدر " يعني إيه أعيش هنا، طبعا لاء المكان هنا غالي أوي مقدرش على مصاريف العيشه فيه، وكمان دي شقتك وشقة اخوانك
شكرا لكرمك بس أنا هجهز الأكل ، وأطمن عليك وهمشي بعدها على طول.
أشار بيده بعلامه الرفض وقال بقوة:
_ لاه انتي هتفضلي أهنيه لحد ما أدبر ليك حالك، وكلام كتير مش رايد لأنه ملوش عازه، وطبي ساكته خليني أكلم أخوي وأشوف حصل إيه في غيابي ؟
لم يسمح لها "بدر" بمعارضته واتصل بأخيه حتى لا يدع لها مجال للحديث، اتصل أكثر من مره إلى أن رد عليه الطرف الآخر بصوت ناعس:
الووووووو مين؟
رد عليه "بدر" بابتسامه حانية:
_ واد بوك يا دكتور لساتك نعسان إياك ؟
سمع تردد تنهيدة حارة اعقبها سؤال بلهفه واستفسار:
_ بدر انت فين قلقتني عليك، وأخواتك يوميًا بيتصلو بيا عايزيني أنزل ضروري ، ولما أسألهم في ايه يقولولي لما تجي، واتصل بيك علشان أعرف منك السبب مش بترد عليا قولي حصل إيه وكنت فين؟!
أخذ "بدر " نفس عميق على إثر انصراف "راضية" كي تعطيه بعض الخصوصية، ورد على اخيه قائلًا :
_ أنا زين يا خوي، بس كنت شارد لحالي بعيد عن كل حاجه، وقفلت التليفون، قلت ارتاح يومين بعيد عن الكل، المهم طمني سألت عني وأنت بتحدتهم
غمغم أخيه بحيرة ورد عليه:
_ لاء مسألتش عنك بصراحه، أنا قلت يمكن في مشاكل بينكم بسبب الميراث، وقلت اتصل بيك أحسن أفهم منك، لكن معرفتش أوصلك،
المهم أنت كنت فين أوعى تكون بتتشاقى يا عمدة؟
ضحك "بدر" ملئ شفتاه ورد عليه بصوت حاول أن يكون قوي، حتى لا يشعر بمرضه وقال:
_ هملت ليك الشقاوة يا دكتور، و شيلت أنا المسؤولية، المهم اسمعني زين، لو حدا من خواتك اتصل بيك تاني، بلغهم أن كنت عندك السبوع إللي فات، الكلام ده لو سألوك عني احتياطي يعني، فاهم عليا ...
رد عليه أخيه بتودد واضح:
_ حاضر يا كبيرنا إللي تأمر بيه المهم، إنك بخير رغم أني واثق بأنك مريض وبتقاوح كالعادة، بس قلبي مطمن
ومرتاح لأن رغم صوتك اللي بتداريه عليا لكن في نبره حلوة حاسس بيها كانت غايبه عنك من سنين؟
ضحك "بدر" وقال بنفس التودد، والمحبه التي تربطهم ببعضهم البعض بقوة:
_ لو مكنتش انت تحس بيا مين غيرك يا قلب أخوك يحس بيا !. ويفرح لفرحي ويرتاح لراحتي ...؟
المهم دلوك هقفل معاك لجل اتصل بيهم، واطمنهم بيكفي غيبه عنيهم طولت عليهم واصل، زمان الدوار والبلد ومصالح الناس فوجاني تحتاني !
أغلق "بدر " الاتصال مع أخيه، وعاد وأمسك سماعه الهاتف وأجرى اتصال آخر أهم وانتظر الرد
لم يرد عليه أحد إلى أن انقطع الاتصال، فعاد واتصل أكثر من مره إلى أن أجابة أحدهم، وما أن رد عليه، أعقبه صوت صريخ قوي هز وجدان "بدر" و زلزل أركان بدنه الضعيف وقلبها الحنون!
فلقد كان الصراخ صادر عن أحب إخواته إلى قلبه حين سمع..؟
**********
يتبع ......
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا