رواية ليتني لم أحبك الفصل الرابع وعشرون 24بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية ليتني لم أحبك الفصل الرابع وعشرون 24بقلم الكاتبة شهد الشورى حصريه في مدونة قصر الروايات
الفصل الرابع والعشرون
كان آسر جالسًا في منزله، وعلى شفتيه ابتسامة دافئة وهو يتذكر ما حدث بالأمس.....
قضى يوم برفقتها لن يُنسى، شعر معها بسعادة لم يعرفها من قبل
قطع شروده صوت إشعار على هاتفه، نظر إليه، فوجد رسالة من رقم مجهول، لكنه يعرف صاحبه جيدًا :
نتقابل بعد يومين، وصاحبك هيكون حاضر كمان
تنهد بعمق، هذا يعني أن العملية ستُنفذ بعد يومين، وأن الشريك الخفي لمجدي القاسم سيكون حاضرًا، لكن لم يكن القلق من العملية فقط.....بل ذاك الإحساس الثقيل داخله، كأن شيئًا ثمينًا سيفقده قريبًا، دون أن يعرف ما هو بالضبط
رن جرس الباب، قام ليفتحه، متوقعًا أن يكون سمير، لكنه فوجئ بها أمامه، تقف بفستانها الأبيض الصيفي الطويل، المزين بورود زرقاء صغيرة، وخصلات شعرها الحريرية كانت مُنسدلة على جانب واحد، وابتسامتها كانت كفيلة بأن تُذيب كل ما يؤلم قلبه !!
رددت رونزي بخجل وابتسامة أسرت قلبه للمرة التي لا يعرف عددها :
مساء الخير
رد عليها بنظرات حب وحنان :
مساء الفل والياسمين
خفضت رونزي عينيها بخجل وقالت :
كنت بقول لو نخرج نتغدى سوا ؟؟
أمسك بأناملها برقة وهمس قائلاً بحب :
تعالي أدوقك أكلي
نظرت إليه بدهشة وسألته :
آسر، ابتعرف تطبخ ؟؟
أومأ لها آسر مبتسمًا وهو يجذبها للداخل، قائلاً :
أومال عايش لوحدي إزاي
جلست على الأريكة، بينما توجه هو إلى المطبخ المصمم على الطراز الأمريكي، المفتوح على غرفة المعيشة، وسألها بغزل :
تحبي تاكلي ايه يا ست البنات ؟؟
ردت عليه رونزي بحماس وابتسامة عريضة :
عاوزة مكرونة بشاميل، بحبها أوي، وطنط حنان بتعملها حلو، بس نفسي أدوقها من ايدك
رد عليها بحب :
من عنيا
ردت عليه بصوت خافت، خجول :
شكرًا
بدأ بتحضير الطعام، بينما راحت هي تتجول بعينيها في أرجاء المنزل، أعجبها الديكور وتناسق الألوان، اقتربت من الشرفة، فوجدتها مزينة بالزهور، خاصة عباد الشمس الذي يعشقه هو، وكانت هناك طاولة صغيرة ومقعدان
بدافع من الفضول، اتجهت نحو غرفته، وقد عرفت أنها غرفته من الاسم المنقوش على الباب بالإنجليزية، دفعت الباب ودخلت، لتتفاجأ بذوقه في الألوان، الغرفة كانت واسعة يغلب عليها اللون الأبيض مع البني، بعكس ما توقعت فالرجال يميلون للأسود غالبًا
تقدمت نحو غرفة الملابس، فوجدت كل شيء مرتبًا بدقة، وملابسه أغلبها كاجوال كما أخبرها من قبل أنه لا يحب الملابس الرسمية
أمسكت بزجاجة عطره، واقتربت منها تشمها بحب، ثم خرجت إلى المكتب الموجود في أحد الزوايا، فرأت إطارًا صغيرًا يحتوي على صورة له مع والديه، والضحكة تملأ وجوههم
كانت على وشك الخروج، لكن عينها وقعت على ملف مكتوب عليه "مجدي القاسم"
تجمدت في مكانها......والدها !!
فتحت الملف بيدين مرتجفتين، وما إن قرأت محتواه حتى اتسعت عيناها بشدة، وانهارت الدموع على وجنتيها
لم تستوعب ما تقرأه !!!!
وقفت بصعوبة، وخرجت من الغرفة تخفي الملف خلف ظهرها، وتقدمت نحو المطبخ حيث يقف آسر يعد الطعام لهما
ابتسم آسر، حين شعر بها تقف خلفه، فقال :
حبيبتي، هاتي الملح من عندك.
سألته بسخرية مريرة ودموعها تنساب على وجهها بقهر :
انا حبيبتك....بجد ؟؟
تفاجأ، والتفت إليها يسألها بتعجب :
ليه بتقولي كده ؟
اقترب منها وسألها بقلق :
روز، بتعيطي ليه، ايه اللي حصل
تراجعت خطوة للخلف، وعيناها غارقتان في الدموع، وهي تقول بقهر :
ليه تعمل فيا كده، انا غلطت معاك في إيه، لا أذيتك بالكلام ولا بالفعل، ليه تاخدني كوبري عشان توقع بابا، مجدي القاسم يا حضرة الظابط
لم يعرف كيف يرد، رفعت رونزي الملف أمام عينيه وصاحت بكل ألم :
ليه يا آسر....؟!
تجمّد لثوانٍ، ثم تمالك نفسه وقال بجمود :
ابوكي اللي بدأ، والبادئ أظلم !!!!
صرخت عليه بقهر وألم :
وذنبي أنا إيه؟! علشان تثبت إن أبويا تاجر مخدرات، تلعب على بنته لعبة قذرة زي دي؟ تخليني أحبك وتستغلني علشان تاخد مني المعلومات اللي محتاجها
انفجر هو الآخر، الغضب يشتعل في كل خلية بجسده :
تبقي غبية لو فاكرة إن ده السبب الوحيد، آه، أبوكي تاجر مخدرات، وواجبي اني اقبض عليه واحقق العدالة، بش قبل كل ده لازم اصفي حسابي معاه، بيني وبين ابوكي تار يا هقتله يا هو هيقتلني
شهقت من الصدمة:د وسألته بزهول وغضب :
تار إيه، وكلام فارغ ايه، بابا عمل فيك ايه علشان تتكلم عنه بالشكل ده
صرخ عليها بعنف، وصوته يرتجف من شدة الغضب :
ابوكي قتل ابويا وامي !!!!!!
صُدمت، لا، لا يمكن......
هي تعرف أن والدها قاسي، بارد القلب، لكن......قاتل؟!
هتفت تدافع عن والدها بغضب :
كداب
انفعل بشدة، وأمسك مزهرية إلى جانبه وألقاها بالأرض، فتكسرت بقوة، نظر إليها بغضب وقال بانفعال :
انا مش كداب، أبويا اللوا إبراهيم النويري، كان ماسك قضية مخدرات كبيرة من تلات سنين، وطلع أبوكي متورط فيها، جمع أدلة ومستندات كانت كفيلة تحبسه طول عمره، وأبوكي هدده أكتر من مرة، وفي اليوم اللي كان هيقدم فيه الورق... العربية انفجرت بيه وبأمي، وماتوا هما الاتنين، والورق راح... والقضية اتقفلت ضد مجهول !!!
ثم أنهى كلماته بصوت مختنق :
ابوكي قاتل.....ونهايته هتكون على ايدي
تراجعت خطوة إلى الخلف، تستند بيدها إلى المنضدة الصغيرة خلفها، بينما تحرك رأسها نفيًا، ودموعها تغمر وجهها كليًا قائلة بصوت مفعم بالألم ، وكأن الكلمات تكاد تخنقها :
كل حاجة كانت تمثيل، كل حاجة كانت كدب، ليه عملت كده فيا كده !!
اندفعت نحوه فجأة، تضربه بقبضة يدها على صدره، وصوتها يعلو مع كل ضربة :
ليه، ليه تعمل فيا كده ، انا ذنبي ايه !!
دفعها بعيدًا عنه بغضب، نظراته تحترق بالكراهية و و يرد بصوت حاد :
ذنبك إنك بنته، بنته ولازم تدوقي من نار انتقامي.....نار اننقامي اللي هتحرق أبوكي
صرخت بقهر وهي تلتقط المزهرية القريبة، لتلقيها على الأرض بقوة، فتتحطم إلى آلاف الشظايا :
عشان تنتقم من أبويا تدخلني أنا في انتقامك ، في راجل يعمل كده !!!!
رفع يده ليصفعها لكنها توقفت بالهواء فصرخ عليها بحدة :
أنا راجل غصب عنك وعن عين أبوكي...
أمسك مرفقها يهزها بعنف وهو يكمل بغضب مكتوم :
أنا لو مش راجل، مكنتش اتراجعت عن حاجات كانت هتخليكي بدل ما تبكي دموع دلوقتي تبكي دم.....يا بنت مجدي القاسم !!!
دفعتْه بعيدًا عنها بكل قوتها، دموعها تنهمر بغزارة وهي تصرخ عليه بحرقة :
بكرهك...وبكره ابويا....كلكم كدابين، مفيش فيكم حد صادق مش مسمحاك يا آسر وهدعي من كل قلبي إنك تدوق أضعاف الوجع اللي سببته ليا
هرعت خارج المنزل، تبكي بحرقة وصوت شهقاتها يملأ المكان....لم تعرف إلى أين تذهب، لكنها كانت وحيدة
فتحت حقيبتها، وحمدت الله أن أوراقها الشخصية، جواز السفر، والبطاقة الائتمانية معها
أوقفت سيارة أجرة بصعوبة، وقالت للسائق بصوت مكسور :
المطار من فضلك
غادرت بلا رجعة، تاركة خلفها شخصاً غارقاً في ألم الندم و فراقها الذي سيظل يطارده طوال حياته !!!!!
أما عنه، فما إن غادرت حتى انهار جالسًا، يشد خصلات شعره بغضب....غضب من نفسه هذه المرة، لا من أحدٍ سواه
كلماته كانت كالخناجر، لم تكن عادلة، ولم تكن نابعة من ذلك القلب الذي أحبها. لقد أعماه الغضب، فصاح، وصرخ، وكأنه عاد ذلك الرجل الذي لا يعرف سوى الانتقام
نسي، نعم، نسي بالفعل كيف بدأ كل شيء......
كان انتقامًا أحمق، خطة مرسومة بدقة، لكنه حين قال لها "أحبك"، لم يكن زيفًا، ولا تمثيلًا، ولا خديعة
كان حبًا حقيقيًا، خرج من قلبه بلا حسابات ولا نوايا خفية
منذ تلك اللحظة، لم تعد خطته تهمه، ألقى بالانتقام خلف ظهره، وسمح لها بأن تحتل قلبه بصمت
لكنها حين ذكرت اسم والدها.....كأن الغصة القديمة عادت تخنقه، ووجد نفسه يصرخ بكلمات كان من المفترض أن تموت منذ زمن، لم يتحكم في نفسه، ولم ينتبه لما قال والآن يدرك أنه أخطأ، خطأً فادحًا، وسيدفع الثمن...غاليًا !!!!
............
بتردد كان سمير يقف أمام باب المنزل، لا يعرف إن كان عليه أن يدخل مباشرة أم يطرق الباب، يخشي أن يزعجها، فتردد لحظة ثم حسم أمره ودق جرس الباب
دقيقة مرت، ثم فتحت له الباب بعدما رأته عبر العين السحرية، فسألها مبتسمًا :
عامله ايه ؟؟
ردت عليه هايدي بخفوت وهي تتحاشى النظر إليه :
كويسة
لاحظ شحوب وجهها، وأنها على وشك الإغماء، فسألها بقلق :
انتي كويسة.....؟!
لكنها لم ترد، بل استندت على الباب قبل أن تفقد وعيها، كان جسدها منهكًا منذ الصباح، بالكاد يحملها، سارع إليها
حملها بين ذراعيه برفق، ودخل بها إلى الداخل وأغلق الباب، ثم وضعها على الفراش بلطف، وأسرع بالاتصال بالطبيبة جارتهم
بعد وقت، كانت الطبيبة قد فحصتها، ثم أخبرته بأنها تعاني من ضعف عام وأنيميا حادة، وركبت لها محلولًا وكتبت لها أدوية وفيتامينات، وأوصته أن يعتني بطعامها جيدًا، ثم غادرت
جلس سمير جوارها، يراقب وجهها النائم بعمق، وجهها المتعب أثقل قلبه بالندم، هو السبب فيما وصلت إليه، وعليه أن يصلح ما أفسده
ذهب للمطبخ متوترًا، لا يجيد الطهي، ولم يكن يومًا مضطرًا له، فلطالما لجأ للطعام الجاهز، اتصل بحنان، وما إن علمت منه ما حدث حتى صعدت على الفور واعتنت بها كما لو كانت ابنتها، وبدأت في تجهيز الطعام
بعد وقت استعادت هايدي وعيها، وبدأت تتناول الطعام من يد حنان، التي اعتنت بها أكثر من والدتها، تلك التي لم تسأل عنها، وكأنها هم، وازيل من على قلبها
كانت هايدي بحاجة لمن تحتويها، لمن تُلقي رأسها على صدرها وتبكي، لكنها لم تجد سوى حنان والدة جيانا
في منتصف الليل
غادرت حنان، وبقي سمير بالخارج، لم يشأ دخول الغرفة حتى لا يزعجها، لكن بعد تردد طويل، فتح باب الغرفة بهدوء ودخل
اقترب من الفراش، وجلس على ركبتيه يتأمل وجهها المنهك ملامحها كانت ناعمة، لكنها تحمل آثار تعب الأيام
فتحت عيناها بعدما شعرت بأنفاسه، ففوجئت به أمامها، اعتدلت سريعًا في جلستها، ليسألها سمير بقلق :
انتي كويسة دلوقتي؟
أومأت له برأسها، وأرجعت خصلات شعرها خلف أذنها، ليخيم عليهما صمت طويل، كل منهما يتحاشى النظر للآخر
هو خجل من كل ما قاله وفَعَله، وهي ما زالت متألمة مما فعله
تنهد، ثم جلس على طرف الفراش، أمسك يدها بين يديه، وقال بحزن وصدق :
انا عارف اني كنت غبي وحمار، عشان صدقت الكلام اللي اتقال واتصرفت معاكي بالشكل ده، بس غصب عني، أي تصرف كان بيطلع مني، كان بسبب النار اللي مشعللة في قلبي من غيرتي عليكي، كنت حاسس بالغدر، المفروض اني كنت اتكلم معاكي واسمع منك، بس انا غبي، سامحيني واديني فرصة، انا يا هايدي عمري ما حبيت غيرك
نظرت إليه بلوم وعتاب، وقالت :
اديك فرصة، وأعيش معاك، عشان بعد كده تعايرني
رد عليها سمير بلهفة :
يتقطع لساني قبل ما ينطق كلمة تعايرك بحاجة انتي مالكيش ذنب فيها، اقسملك، انه لو عايش، كنت وريته الويل والعذاب لحد ما يتمنى الموت
قال كلماته الأخيرة وعيونه تشتعل غيرة وغضبًا، فأخفضت وجهها، لقد تعبت.....قلبها لم يعد يحتمل الألم
لماذا لا تُعطيه، وتُعطي لنفسها فرصة....؟!
تنهدت بخجل وقالت بصوت خافت :
مسمحاك
ابتسم بسعادة واتسعت عيونه بفرح حقيقي، اقترب منها، لاثمًا جبينها بحب، ثم احتضنها بشوق وامتنان.
بادلته العناق بصمت، وظلا على هذا الحال، هو نائم على الفراش، وهي بين ذراعيه، يتحدثان بلا ملل، حتى غرقا في نوم عميق، يحمل أخيرًا بعض السلام
...............
في صباح اليوم التالي.......
كان آسر يسير داخل غرفته ذهابًا وإيابًا، وعيناه لم تذوقا النوم منذ البارحة، الندم ينهش قلبه على كل كلمة تفوه بها في لحظة غضب، عندما ذكرت اسم والدها أمامه، وأكدت أنها لا تصدق شيئًا مما يُقال عنه
في لحظة، تغيب عقله، وقال ما لا يشعر به، ما لا يقصده
يعجز الآن عن الذهاب إليها، ليقول ببساطة "أنا آسف."
جرحها، بل وكاد يمد يده ويصفعها، جريمة لن يغفرها لنفسه ابدًا !!!!!
قبل أن يتراجع، قرر الصعود إلى منزل عمه ليسأل عنها
لكن ما إن دخل، حتى تجمد في مكانه من الصدمة، حين ردوا عليه :
رونزي سافرت امبارح، كلمتني من شوية بتقولي انها وصلت المانيا
الدهشة والقلق يعمان الجميع، يتساءلون عن سبب سفرها المفاجئ، خاصةً بعد أن أغلقت هاتفها
أما هو، فقد عرف السبب جيدًا......لقد خذلها !!!
كلماته بالأمس سقطت على قلبها كالرصاص
غادر المنزل محطمًا، وعاد إلى بيته، تنهشه الحسرة
لم يجد سوى الغضب وسيلة للتنفيس عن ندمه، فبدأ يحطن كل ما تقع عليه عيناه
لكن النيران بداخله لم تهدأ.......بل ازدادت اشتعالًا !!!
........
في مكان آخر، كان فريد يستعد للذهاب إلى عمله، قلبه يشتاق لحبيبته التي لم يراها منذ أيام، لا يستطيع التواصل معها، وبالتأكيد السبب يعود إلى خاله......أو بالأصح "حماه المستقبلي"
رغم كل ذلك، كان أكثر ما يُفرحه انه جزء من تلك العائلة التي لطالما سمع عنها من جيانا، وتمنى أن يكون جزءًا منها
اليوم، هو بالفعل جزء منها، ويشعر بانتماء لم يشعر به أبدًا مع عائلته، وكم يُحب ذلك الدفء...الحنان....الذي افتقده دومًا
كاد أن يخرج من غرفته، لكن بمجرد أن فتح الباب....
تفاجأ بوالده واقفًا أمامه، والده، الذي كلما تحدث إليه، يشعر بأنه غريب.....غريب تمامًا !!!
ذلك الرجل الذي لا يعرف عنه سوى ما يعرفه الناس.....
لا أسرار، لا قرب، لا دفء
أب اسمه مذكور قبل اسمه، لا أكثر، ولا أقل
ردد والده محمد مبتسمًا بود وحنان :
ينفع ادخل.....؟؟
رد عليه فريد بفتور وهو يفسح له الطريق :
اتفضل
بعد وقت، جلس الاثنان وجهًا لوجه
فريد التزم الصمت، أما محمد فتكلم، والحزن يملأ صوته قبل عينيه :
مشوفتكش من ساعة ما خرجت من المستشفى، حتى القصر مردتش تيجي عليه
لم يرد عليه فريد، الصمت كان رده الوحيد، فتابع محمد بصوت خافت، حزين:
انا عارف إني كنت أب أناني، ومستهتر، مقدرتش أكون لا زوج ولا حبيب ولا أب كويس، الدنيا كانت سرقاني، اتلهيت فيها حتى اللي حبيتها، ضيعتها من ايدي، انا، فشلت في كل حاجة
انخفض صوته، ونكس رأسه بأسى، فأجابه فريد بثبات دون أن يغير نبرة صوته :
حضرتك عايز مني إيه دلوقتي...؟؟
رد عليه محمد بانكسار :
عايزك تسامحني يا بني......
ضحك فريد بخفوت.....ضحكة حزينة مُرة، ثم قال :
سبب تعاستي كان حاجة واحدة...
إنت ودولت هانم، أنا بحس معاكم إني غريب، بس ده مش مجرد إحساس....دي حقيقة، أنا غريب بينكم، إحنا بنشوف بعض صدفةؤ علاقتنا مفيهاش لا ود ولا حب، وده بسببكم إنتوا.....مش أنا، إنتوا اللي اخترتوا تكونوا بُعاد كده
أنا حتى لما حبيت، كنتوا سبب كبير من فشل علاقتي مع جيانا زمان، انتوا مش بس همشتوني من حياتكم، لا كمان عقدتوني من الجواز، كنتوا سبب حاجات وحشة كتير في حياتي
تنهد، ثم تابع بنفس السخرية :
إنتوا كنتوا بُعاد أوي، لدرجة خلتوني أتعود على عدم وجودكم في حياتي، أنا لما ببعد عنكم مش بحس بفرق،
لأنكم موجودين كأنكم مش موجودين، أنا اتعودت على البرود اللي بينا ده...اتعودت عليه سنين عمري كلها
اتعودت ع الجفا، ع الخناق، على حاجات بينكم استحملتها كتير، فوجاي دلوقتي تقولي سامحني !!!!
انخفض وجه محمد، وعيناه مليئتان بندم موجع
لكن فريد استكمل بابتسامة مريرة :
مسامحك...
بس متيجيش تطلب مني ود أو حب، وأنا اتعودت منك على كل جفا، متطلبش مني أديك عكس اللي اتعودت عليه منك،
لأن هيكون صعب، انا مش قادر أشوفك غير شخص غريب عني
تألم محمد كثيرًا من كلام ابنه، وكان واضحًا على ملامحه
لاحظ فريد ذلك، فأردف بصوت هادئ لكنه موجع :
إنت اتوجعت من الكلام بس، طب ما بالك انا اتعودت على فعل وكلام وجفا.....حاجات كتير كانت بتوجعني منكم
يمكن لو قولتها ليك، هتحسها صغيرة وتافهة، بس كانت بتفرق معايا انا كتير اوي وكانت بتوجعني
اكتفى محمد بالإيماء برأسه، ثم غادر الغرفة دون أن ينطق بكلمة، لم يجد ما يقوله.....
ابنه، بكل وجع السنين قال كل شيء، لم يترك له شيئًا......
أما فريد، فجلس وحده، يتنفس بثقل، بقلب لا يزال غارقًا في الجراح، والوجع ساكنًا داخله......لم يشفى !!!!
.........
على الناحية الأخرى - المانيا
كانت رونزي تجلس بشرفة منزلها الذي تقيم فيه وحدها، بعيدًا عن قصر والدها الموجود بألمانيا، ترفض مجرد الاقتراب منه لكرهها الشديد له
نظراتها كانت معلقة بالسماء، يتملكها شرود عميق ووجع دفين
لقد أحبته بصدق......وثقت به كثيرًا
انتظرت منه أن يعوضها عن حنان لم تعشه يومًا
ليتها لم تحبه لتلك الدرجة.....
ليتها تعلمت منذ البداية ألا تثق بأحد
ألا تحب أحدًا كثيرًا،
ألا تنتظر من أحد الكثير
لأن الكثير يؤلمك كثيرًا
قطع شرودها رنين الهاتف المنزلي، نهضت وأجابت، فجاءها صوت والدها الغاضب عبر الهاتف :
انتي سافرتي ألمانيا امتى وماقولتليش ليه ؟؟
ردت عليه رونزي بصوت باهت غير مكترث :
سافرت امبارح، ومقولتش، لإني عارفة إن حضرتك مش هتهتم، فأنا كمان ما اهتمتش أقولك
حاول أن يعنفها لكنها سبقته قائلة بخواء:
أنا مضطرة أقفل، كيد حضرتك مشغول، والخدامة زمانها مستنياك على سرير شيري هانم
أغلقت الهاتف ببرود، فيما انفجر الآخر غضبًا، وألقى بالهاتف أرضًا فتحطم إلى شظايا
كم يكره تلك الفتاة، ومثلما يكرهها، يكره والدها الذي انتزع منه ما أراده دومًا
كلما نظر إليها تذكر والدتها......
تلك الفاتنة التي لم ينلها رغم كل شيء !!!!!
لولا انه يحتاج اليها، لقضى تلك الليلة التي تمنى قضائها بين احضان والدتها معها !!!!!!
لكنه سيصبر، تلك الليلة ستأتي، وسيحصل على كل شيء
نظر إلى الورقة بين يديه، ثم ناولها للقناص الخاص به قائلاً ببرود، كأنه يأمره بتحضير وجبة العشاء، وليس قتل نفسًا بغير حق :
الورقة دي فيها كام اسم.....عاوزك تخلص عليهم.
أخذ القناص الورقة يقرأها، ثم فجأة ارتفع صوته قليلًا :
أكمل النويري؟!
رد عليه مجدي بصرامة :
بعد ما العملية اللي بعد بكره تتم، عاوزك تخلص على حامد، وتختفي، واتأكد إن أكمل النويري مات، وشبع موت
أومأ القناص وغادر بهدوء، بينما الآخر يبتسم بشر، ولنضع على رأس تلك القائمة، دولت !!!!!!!
..........
داخل قسم الشرطة، كان فادي يقف مقيد اليدين، تم القبض عليه داخل أحد المنازل المشبوهة، وبفضل جده صلاح، خرج من القضية قبل أن تصل للصحافة
لكن ما إن دخل القصر، كان من نصيبه صفعة قوية من يد جده، الذي صرخ عليه بقوة :
اطلع بره القصر، وما أشوفش وشك تاني، انا مقعد تعبان في بيتي، تعبان أول ما جيه يقرص، اول حد فكر يأذيه جده اللي رباه، واهل بيته يا كلب !!!!!!
اتسعت أعين الجميع من الصدمة......عدا ايهم !!!
صلاح بغضب :
إيه؟! مفكر إني مش عارف إنك انت اللي كنت سبب الحادثة اللي حصلتلي، كنت عاوز تموت جدك يا حيوان؟!
صفعة أخرى على وجه فادي.....
الغضب في عينيه يشتعل، صدره يعلو ويهبط بانفعال
لكن صلاح لا يتوقف، ضربه بعكازه، قائلاً بغضب :
اطلع بره يا كلب، غور من وشي
كل ذلك تحت عيون علياء التي تراقب المشهد بقلب متحسر على ابنها، وبجوارهما، عيون خبيثة لامرأة لا تضيع فرصة،
تخطط لاستغلال ما يحدث لصالحها !!!!!!!
.........
في منتصف الليل، كان أيهم وفريد يقفان أسفل منزل أكمل،
خطة أيهم كانت بسيطة لكنها تحمل مشاعر دافئة، ورقتان من الكرتون الأحمر، الأولى كُتب عليها بخط مزخرف الأولى من ايهم لتيا كتب عليها بكل عشق " طلي علي، فقلبي نَداكِ
ما عاد يَصبر، وما له سِواكِ "
بينما خاصة فريد كتب عليها بكل حب " أشتاقكِ دومًا وأهواك بلا حدود "
كل ورقة كانت معقودة، ببالونات هيليوم حمراء، أخرج كل منهما هاتفه، وأرسل رسالة قصيرة لمعشوقته بالخروج إلى الشرفة، بعد لحظات، ظهرت جيانا وتيا بشرفتيهما المتجاورتين
أطلقا البالونات.....
جيانا التقطت الخاصة بها بابتسامة ودموع فرح تلمع في عينيها ما ان قرأت المكتوب فيها، كذلك تيا كانت خجلة بشدة، بعد ان قرأت ما كتبه لها، لكن لم يمنعها ذلك من النظر إلى أسفل، فإذا بأيهم يغمز لها ويرسل قبلة في الهواء
نظر أيهم لفريد يبتسم بتوسع، لكن فجأة، انسكب دلو من المياه فوق رؤوسهما !!
تجمد الاثنان للحظة، ثم رفعا رأسهما ببطء نحو الأعلى
ما رأياه جعلهما يغمرهما مزيج من الصدمة والغيظ في الوقت نفسه !!!!!!!!!!
________
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا