القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل الثامن والاربعون 48بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل الثامن والاربعون 48بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)





رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل الثامن والاربعون 48بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)



الفصل الثامن والأربعون من #عذرًا_لقد_نفذ_رصيدكم

#شارع_خطاب 


بقلم #fatma_taha_sultan 


____________ 


اذكروا الله.

دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية. 


_____________________ 


أينَما 

‏وُجدَ 

‏الرَّمادُ 

‏سَتجدّني

أنا الحريقُ الهائلُ الذي أحَبّك 🪐 


#مقتبسة


إنّي أنتمي وبصفٍة مُبَاشرة

لها

لقلبها

وللمكان الذي تتواجد فيه 

لكلماتها وإهتمامها

و طريقة حُبهِا

التي لا حصرَ لها

لِلَحظات التي تجمعنا  

أنا لا أنتمي

إلا إليها. 


#مقتبسة 


يعجبني إستثنائه لي ومدى إتساع صدره لمزاجيتي أحبه كونه الملجأ الوحيد لتقلباتي.. 


#مقتبسة


‏"ثمة أمر لا تستطيع أن تجتازه بسهولة، ‏ثمة شعور لا يجدي معه التغاضي، ‏ثمة عتاب طويل في صدرك، ‏كتمانه صعب وإفصاحه إهانة، ‏ثمة أشياء لا تبدو بتلك البساطة" 


#مقتبسة 


________________ 


في الرابعة والنصف فجرًا.. 


بعدما قضى نضال فرضه في المسجد بعد يومه الطويل جدًا... 


أثناء المباراة الذي أقامها مع اصدقائه وقع دياب على ذراعه فذهب إلى المستشفى معه، وحينما انتهى وجاء إلى المنزل تحديدًا عند دخوله إلى باب الشقة... 


سمع صوت أذان الفجر؛ مما جعله يغير ملابسه ثم توضأ وهبط مرة أخرى ليقوم بتأدية الصلاة في المسجد الذي يتواجد في شارع خطاب ولا يبتعد كثيرًا عن منزله.... 


حينما انتهت الصلاة... 


كان على وشك أن يفتح بوابة المنزل فهو يقف أمامها على أية حال، قرر أن يرسل رسالة لها، في وسط انشغاله بـ دياب كان مشغولًا وهو يحدثها... 


لم يستطع سؤالها عن صوتها الغريب بل حتى أنها هي لم تطل المكالمة وكأنها ترغب في ألا تظهر دومًا أمامه تلك المرأة الكئيبة والباهتة، وكان هو يعلم بأن هذا ما يحدث كونها تذهب إلى المنزل، هناك تخرج دموعها التي تكبحها أمام الجميع حتى أحيانًا عنه، لكنه لا يستطيع منعها والدخول في شجار جديد ليس له نهاية لذلك تركها تفعل ما تريد كعادتها كل أسبوع تقريبًا... 


"صاحية".. 


وجد أنها لم تغلق بيانات الهاتف، هذا يعني أنها مازالت مستيقظة، وهذا بسبب خيارين ليس لهما ثالث، الأول هو أنها لم تنم بالفعل حتى الآن والثاني هو أنها قد استيقظت من أجل صلاة الفجر ولم تخب ظنه وهي تخبره.. 


"ايوة صاحية، لسه فاكر؟". 


اتبعتها برسالة أخرى..

"أنتَ اتأخرت أوي".. 


رسالة منه هو لم يرد على أسئلتها بل هو من لديه سؤال: 


"جهاد صاحية؟!".. 


ردت في نفس الدقيقة وهي تخبره: 


"لا، اشمعنا".. 


رسالته كانت مختصرة جدًا وهو يخبرها: 


"خلاص اطلعي اقعدي معايا شوية برا، هستناكي".. 


أرسلت له علامة استفهام شعرت وكأنها لم تفهم حديثه جيدًا، فهي كانت تقف في المطبخ تقوم بصنع مشروب القهوة المثلجة لنفسها، لم يكن من عادتها ابدًا تناول القهوة أو القهوة سريعة الذوبان لكن اختلفت عاداتها في الفترة الأخيرة مثلا أنها حتى الآن لم تخلد إلي النوم. 


كونها انتهت من مشروبها ذهبت لارتداء إسدال الصلاة الذي كان يتواجد على المقعد فهي تركته منذ دقائق حينما انتهت من صلاتها.. 


قامت بإحكام الحجاب الخاص بالاسدال وكأنه لم يراها أكثر من مرة بدون حجاب، ثم خرجت من الشقة وهي لا تحمل هاتفها فقط تحمل المشروب الخاص بها، لتجده جالسًا أمامها على الدرج المؤدي إلى الطابق الرابع -الذي يكون فارغًا- بجوار شقتهما..... 


ابتسمت له ثم جلست بجواره بهدوء شديد مما جعله يعقب بفضول: 


-إيه اللي في إيدك ده؟،. 


-ايس كوفي. 


لم يعقب ولم يرغب في أن يعطها محاضرة بأن عاداتها متغيرة، فهي كانت تجد تلك الأشياء كلها غير صحية وكانت دومًا تطلب العصائر الطازجة من دون إضافة سكر لكن الآن تطلب قهوة سادة مثله، هو يدرك بأنها تمر بمرحلة صعبة لذلك ليس من الجيد أن يجلس ناقدًا على تصرفاتها ويحصي ويقوم بالعد من تغييراتها... 


حاول أن يتحدث معها يشاغبها كعادته: 


-طب واللي جاية تقعدي معاه مفكرتيش تعملي ايه هو كمان؟ أنا كده هقعد ابصلك في اللي بتشربيه ده حتى بيقولوا اللي يأكل لوحده يزور.. 


-مقالش اللي بيشرب بقا.. 


رفع حاجبيه بسبب تعقيبها فعقبت سلمى بنبرة عادية وهي تسرد له ما حدث: 


-أنا عملته قبل ما تبعتلي أصلا... 


أخذ منها الكوب ثم تناول منه البعض بهدوء شديد يرغب في تذوق ما صنعت، كانت تبتسم له رغم إرهاقها وبكائها الواضح على عيناها ولم يكن هو وحده الذي لاحظ بل كانت جهاد أيضًا لكنها أخبرتها أنه لم يحدث شيئًا هي فقط من تتوهم كما تتوهم أشياء وتتشاجر بها مع زوجها.. 


-افتكرتك عملتيها بعد ما كلمتك أصلك اتأخرتي. 


نظرت له باستنكار وهي تجيب بسخرية شديدة: 


-والله أنا فعلا اللي اتأخرت وأنتَ داخل البيت الساعة خمسة الفجر، ياترى ان شاء الله لما نقعد في بيت واحد هتجيلي البيت وش الفجر؟!. 


غمز لها وهو يخبرها بنبرة جادة رغم مقصدها: 


-عادي أنتِ وشطارتك هرجع على حسها، هتنكدي هقعد مع الرجالة على القهوة.. 


لم يعجبها تعقيبه فقالت وهي تسترسل حديثها: 


-أنتَ قولت حاجزين من واحدة لـ اتنين يعني بالكتير أوي تكون هنا الساعة ثلاثة... 


رد عليها نضال بإرهاق واضح وهو يخبرها: 


-دياب وقع على ذراعه وذراعه اتشرخ وراح المستشفى اتجبس روحت معاه طبعا وعقبال ما خلصنا ووصلته البيت وجيت كان الفجر بيأذن فنزلت أصليه.. 


قالت سلمى بتفهم ونبرة شاردة: 


-ألف سلامة عليه.. 


ثم أخذت منه الكوب وأخذت تتناول منه بصمت رهيب، مما جعله يسأله بنبرة هادئة : 


-جبتي اللي أنتِ عايزاه من هناك؟؟... 


ما الذي كان تريده من شقتهما؟؟.

لا تتذكر بأنها تريد شيئًا من هناك بقدر ما كانت ترغب بالاختلاء بذاتها ونفسها، كانت ترغب في البكاء من دون مواساة، ترغب في أن تعانق ذكريات، هذا المنزل يحمل رائحة والدتها، وكل لمسة فيه تخصها هي وحدها، كانت ترغب أن تبعتد عن جهاد فهي لا تريد أن تؤثر عليها يكفي ما بها، كلاهما يحاول أن يكون بأفضل هيئة مع الأخر حتى يعطيه الدعم المطلوب وعند البكاء والحزن يفضلا الاختلاء بنفسهما... 


طال شرودها مما جعل نضال يسألها بنبرة حانية وهادئة: 


-سلمى روحتي فين... 


-هنا هروح فين يعني... 


بعد ثلاث دقائق فقط.. 


وضعت الكوب على أحدى الدرج ثم مالت برأسها ووضعتها على فخذيه بطريقة عفوية، لم تستطع أن تكبح ذاتها ودموعها أكثر من ذلك رغم أنها تحاول جاهدة فعل هذا إلا أنه هناك لحظات معه خاصة تسمح لنفسها بالانهيار، أن تعري مشاعرها وتظهر حزنها أمامه وهذا شيء كبير جدًا... 


بكت بصوتٍ مكتومٍ مما جعله يرفع يده ويمررها على كتفها بحنان يسمح لها بأن تشعر بالاحتواء الذي تحتاجه...... 


يصمت، لأنه يعرف بأنها ترغب في عناق ولمسة حانية عوضًا عن العديد من الكلمات التي سمعتها مرارًا وتكرارًا ولم تؤثر أو تخفف من حزنها.. 


ظلت على هذا الوضع لمدة نصف ساعة أغلقت فيها عيناها بعدما توقفت عن البكاء هنا تحدث نضال بنبرة خافتة: 


-سلمى أنتِ نمتي... 


بالفعل كانت على وشك أن تذهب في النوم لولا ندائه الذي أيقظها... 


-لا صاحية اهو.. 


ثم اعتدلت وهي تشعر بألم في عنقها كونها كانت بتلك الوضعية الغريبة... 


سألها نضال باهتمام وحنان تحتاجه وبشدة: 


-أنتِ كويسة دلوقتي؟؟. 


-اه كويسة متقلقش... 


ثم قالت بنبرة حاولت ادعاء فيها المرح: 


-نكدت عليك كالعادة...واضح إني هفضل نكدية طول الوقت... 


أجلبها بنبرة صادقة لكنها مختصرة وهو يمرر يده على وجنتها: 


-لا مش نكدية أنتِ طبيعية جدًا يا سلمى بتمري بظرف ولازم تاخدي وقتك فيه، مفيش حد نكدي من الباب للطاق بيكون انعكاس لظروفه ومشاكله وحياته، وبعدين أنا مش بشوفك نكدية بالعكس أنا بشوفك بتقاومي نفسك وبتقاوحي نفسك دايما... 


سألته بنبرة هشة وكأنها ما عادت تشعر بنفسها تلك الفترة كأنه هو المرآة الخاصة بها: 


-أنتَ شايف كده؟؟.. 


مسح الدمعة التي فرت من عيناها ولا تدري لماذا: 


-ايوة... 


أخبرته بألم حقيقى وهي تفضح له ما يتواجد بداخلها: 


-كل مرة بدخل الشقة بحس إني بلمح طيفها وبسمع صوتها يا نضال وفجأة كل ده يروح وأحس أن البيت وحش وهي مش موجودة فعلا... 


ابتسم لها وهو يمرر يده على وجهها بحنان: 


-فاهمك والله وبحاول افهمك اكتر، يمكن أنا ممرتش باللي مريتي بيه أو ساعتها مكنتش فاهم، ماما الله يرحمها اتوفت تقريبًا وأنا صغير أوي يعني حتى مقدرش افتكر صوتها ويمكن شكلها لولا الصور مكنتش هفتكره بصراحة.. 


ابتلع ريقه ثم أسترسل حديثه وهو يخبرها: 


-لكن انتِ عندك ذكريات، وعندك مواقف تعيشي عليها، وتحكي لعيالنا عليها، وتترحمي عليها، كل حاجة في أولها صعبة يا سلمى وبتاخد وقت ادي نفسك الوقت ده..... 


رفعت يدها ووضعتها على وجهها ثم قبلت باطنها ثم وضعتها مرة أخرى على وجهها في منظر عاطفي من الدرجة الأولى لم تتخيل يومًا بأنها من الممكن أن تفعل كهذه أو تترك قُبلة على يد رجل، حتى والدها لم يكن رجلًا يستحق هذا حتى تفعلها من أجله... 


كانت نظراتها ممتنة، ومُحبة إلى أقصى درجة، وكان تصرف عفوي منها جدًا... 


هبطت الدموع من عيناها فسحبها إلى أحضانه وسمعها تهمس له مكرره الأمر التي تقوله له في الفترة الأخيرة: 


-شكرًا أنك معايا يا نضال؛ أنتَ أحسن حاجة حصلت في حياتي الفترة اللي فاتت، هدية ربنا بعتها ليا، متخذلنيش مهما حصل... 


ربت على ظهرها برفقٍ يطمأنها به، مغمغمًا بحب حقيقي مشاعر صادقة خرجت معها هي وحدها: 


-عمري ما هخذلك يا سلمى.... 


ختم حديثه وهو يُترك قُبلة على رأسها، وظلت دقائق بين أحضانه، تحضنته هي الأخرى بحب حقيقي...

كان الأمر في البداية مجرد إعجاب..

لكن على ما يبدو أنه أعمق من ذلك بكثير... 


لم يقاطع تلك اللحظة سوى إغلاق باب الشقة في الطابق السفلي، وصوت زهران وهو يصعد ببطئ على الدرج.. 


-اللي خالع حاجة يلبسها.... 


وضعت سلمى يدها على رأسها بعدما مسحت دموعها كأنها تتأكد من أن حجابها محكم... 


مما جعل نضال يعقب بسخرية: 


-أنتِ بتعملي إيه؟، أنتِ زي ما أنتِ.. 


-صح.. 


بعد دقيقتين كان زهران يقف أمامهما وهو يحمل أرجيلته في مظهر عبثي هاتفًا: 


-معلش يا ولاد افتكرت فيه حرامي ولا حاجة... 


رد زهران على حديث والده ساخرًا: 


-هو الحرامي خالع قميصه يعني ولا إيه علشان تطلق تقول اللي خالع حاجة يلبسها، وبعدين لو في حرامي طالعله بالشيشة إيه هيرصلك الحجر ولا إيه؟.. 


صعد زهران من بينهما واضعًا كريمته، (أرجيلته) على الدرج وجلس فوقهما ببضعة درجات هاتفًا:

-أنتِ بتعمل إيه هنا يا حبيبي ضيعت الشقة ولا إيه؟!. 


تحدث نضال بنبرة ساخرة: 


-كنت بصلي الفجر.. 


-وأنا كمان لابسة الاسدال اهو... 


كأنها تنفي تهمة عن كاحلها... 


-حرمًا يا حبايبي، كنتوا بتصلوه على السلم سوا ولا إيه؟!.. 


نهضت سلمى من مكانها هاتفة بحرج وكان باب الشقة الخاصة بجهاد ليس مغلقًا بالكامل كما تركته، أخذت الكوب ثم هتفت: 


-يلا تصبحوا على خير. 


رد نضال بنبرة هادئة: 


-وأنتِ من أهل الخير.. 


بينما كان تعقيب زهران: 


-وأنتِ من أهل الخير يا بنتي.... 


دخلت سلمى الشقة ثم أغلقت الباب خلفها مما جعل نضال يعقب: 


-في إيه يا بابا؟. 


-في إيه يا نضال؟! الساعة بقت ستة ونص روح هاتلي فطار وتعالى زمان عمك ابراهيم فتح عربية الفول... 


تحدث نضال بغيظ شديد: 


-يعني أنتَ طالعلي لغايت هنا علشان تقولي انك عايز تفطر؟ طب ما تتصل بيا... 


صاح زهران مستنكرًا: 


-أنا قاطعت حاجة مهمة يعني؟ ما تقوم تأخد ابوك قلمين أحسن يا حبيبي.... 


ثم ضربه بخرطوم الأرجيلة: 


-بعدين البت هنا أمانة يعني احترم نفسك لغايت ما يتقفل باب واحد عليكم.... 


أردف نضال بنبرة حانقة: 


-وأنا عملت إيه؟ هو أنا طلعت لقيت إيه؟ وبعدين دي مراتي. 


-ولو، أنا راجل ليا أخلاق وقوانين وبيتي طاهر، وبعدين كان في موضوع جه في بالي بعد ما صليت الفجر قولت أقولك عليه... 


-اه قول كده بقا.. 


-اخرس وسيبني اتكلم.. 


عقد نضال ساعديه مغمغمًا: 


-اتفضل.. 


قال زهران ببساطة وهو يسرد له: 


-أنا بفكر افتح فرع تاني للجزارة في وسط السوق تحديدًا من ساعة ما ابو حمدي مات وعياله مش هيكملوا في الكار وهيقفلوا وبيصفوا كل حاجة فأنا قررت اشتري منهم المحل اللي في السوق إيه رأيك.. 


تمتم نضال بنبرة عادية: 


-فكرة حلوة أكيد وخصوصا لو مكان جزارة أبو حمدي.. 


ثم أسترسل حديثه: 


-على فكرة الواد دياب ذراعه اتكسر واحنا بنلعب وده اللي أخرني بكرا بقا لو هتكلمه تطمن عليه.. 


-ألف سلامة ماشي.. 


ثم غمغم ببساطة وشهية مفتوحة: 


-يلا روح هات ليا فطار من عمك ابراهيم علشان أكل قبل ما أنام بما أنك صاحي... 


-اعتبرني نايم.. 


هتف زهران بنبرة لئيمة وهو يسحب نفس من أرجيلته: 


-اه ما أنا لو اسمي سلمى كنت روحت، اه يا زمن، الأحوال فيه بتتبدل و الراجل بيمشي على.... 


قاطع نضال الوصلة الخاصة بوالده مغمغمًا: 


-لا أبوس ايدك كفايا أنا رايح أجيبلك الفطار خلاص مش لازم الشعر بتاعك... 


_______________ 


صوت هاتفها هو من جعلها تستيقظ...

فتحت سامية عيناها لتجد نفسها جالسة أرضًا تستند على الأريكة المتواجدة في الغرفة، والحاسوب بجوارها..... 


حاولت استيعاب وضعيتها وتتذكر ما حدث، منذ ما راته وهي تبكي في صمت ولم تنطق بحرف، كانت الصدمة أكبر من أن تعبر عنها..... 


لا تدري حتى كيف غفيت؟؟

لا تتذكر أبدًا... 


كانت تتمنى أن يكون هذا كابوس..

مجرد كابوس....

لكنه واقع، واقع مؤلم جدًا.... 


زوجها التي يجب أن يكون هو الغطاء الحامي لها، والمسكن الأمن التي ترتاح في بيته، أن يكون هو الحصن المنيع لها، قام بتصويرها معه.. 


على وشك أن تفقد عقلها...

ماذا كان يفعل بتلك المقاطع؟؟

هل فقد عقله ليقوم بنشرها؟؟

أم كان على وشك تهديدها بها؟! 


صور شقيقته مع رجل غير زوجها!!.

ماذا تفعل في حاسوبه هو؟!

أي بلاء وكارثة وقعت فيها.... 


خلال تلك التساؤلات كان صوت هاتفها في الخلفية يعلن عن اتصال للمرة الخامسة تقريبًا.. 


نهضت من مكانها ثم توجهت صوب الفراش لتأخذ الهاتف من فوقه لتجده هو من يتصل بها بصقت على الهاتف ثم حاولت أن تعود إلى طبيعتها وكأنها لم ترى شيئًا... 


-ألو.. 


أتاها صوته غاضبًا: 


-أنتِ فين يا ست هانم؟ أنا من الصبح عمال ابعتلك واتصل بيكي ولا معبرة امي... 


ردت عليه سامية بنبرة باردة رغم أنها مشتعلة من الداخل ترغب في قتله: 


-معلش كنت نايمة والموبايل صامت، عامل إيه؟. 


-نامي ياختي، نامي وأنا مطحون وبيتي بيتخرب، والبنك هيرفع عليا قضية ويحبسني.. 


تحدثت سامية بلهفة مصطنعة: 


-ليه حصل إيه لكل ده؟.. 


قال حمزة بأسف: 


-اتأخرت على ميعاد الدفع بتاع القسط الأول وأنا معيش سيولة؛ وغالبًا في أي وقت ممكن حد من القسم لو قدموا بلاغ فعلا يخبط عليكي، المهم اللي يسألك تقوليله معرفش حاجة، أو أحسن روحي اقعدي عند أهلك أنا مش عارف هرجع امته وهعمل إيه..... 


-أنتَ لحقت؟؟ مش الحاجات دي بتاخد وقت بيكون في كذا أنذار.. 


رد عليها يخبرها بما يتواجد في عقله: 


-ده اللي أنا بقوله في حد له يد في الموضوع وتقريبًا أنا عارفه، بس مش وقته. 


-أنا هساعدك يا حبيبي قولي محتاج كام علشان نخلص من المشكلة دي، وأنا هتصرف متقلقش... 


تحدث حمزة مترددًا رغم أنه تهللت أساريره: 


-يا حبيبتي هتعملي إيه بس كل حاجة في إيد عمك.......... 


ردت عليه بنبرة ماكرة: 


-أنا هتصرف وهكلمك، هقوم بس اروح عند ماما احسن بدل ما افضل قاعدة لوحدي وهحاول أوصل لحل بسرعة علشان خاطرك، متقلقش سامية بتعرف تتصرف... 


____________ 


على وشك أن تقتل نفسها... 


كل يوم ترسل سيرتها الذاتية إلى أي إعلان تجده أمامها، لا يوجد رد، حتى أن من يأسها أرسلتها اليوم إلى وظيفة خدمة العملاء، المهلة التي أعطاها أياها شقيقها على وشك الانتهاء والنقود التي أرسلتها بواسطة دياب لن تستمر معها طويلًا..... 


يبدو أنه كان حذرًا..

هو يعطيها ما تنفق به على الأساسيات فقط... 


أخذت تبحث في هاتفها عن أي رقم قد يساعدها، رُبما زميل أو زميلة، أي شخص، أو طبيب أخر من التي تعرفهم... 


رأت رقم شخص غير متوقع ولا تتذكر حتى متى قامت بحفظه عندها في جهات الاتصال لكنها وجدتها فرصة ذهبية، فهو صديق مقرب جدًا من جواد وكان على علم بعلاقتهما ورأته أكثر من مرة. 


هو الشخص المناسب...

أين ذهب من عقلها؟؟.. 


اتصلت به على الفور في المرة الأولى لم يجب عليها في الثانية أجاب بصوتٍ بشوش أعتاد عليه طبقًا لوظيفته التي تجعله يقابل جميع الأجناس باختلاف أفعالهم: 


-مساء الخير يا دكتورة أحلام إيه الاخبار؟!. 


نفحات الأمل بدأت تشعر بها على الأقل هو يتذكرها ومازال يحتفظ برقمها ردت عليه بثبات: 


-الحمدلله يا متر بخير، إيه اخبارك؟!. 


-الحمدلله، إيه مختفية بقالك مدة يعني؟؟. 


لئيم وخبيث هو يعرف كل شيء لكنه يتصنع عدم المعرفة وهي صدقته مخبرة أياه: 


-واضح أن علاقتك بـ جواد مش حلوة الفترة دي على العموم، أنا كنت مسافرة ألمانيا ولسه راجعة من كام يوم..... 


-حمدلله على السلامة، ده على كده استنى هدية بقا.. 


ضحكت بخفة واصطناع وهي تخبره: 


-أكيد ان شاء الله يا متر؛ غريبة يعني جواد مقالكش إني سافرت؟. 


رد عليها أحمد بنبرة عادية وخبيثة: 


-معرفش أنك سافرتي لكن أعرف أن علاقتكم انتهت، ده أخر حاجة بلغني بيها بعد ما طلق رانيا... 


تمتمت أحلام بمسكنة وهي تحاول كسب استعطافه: 


-تخيل بعد كل اللي ما بينا باعني حتى رافض يقابلني. 


تحدث أحمد وهو يدعي التعاطف: 


-معقول كده؟ لا عيب عليه والله.. 


-صاحبك روحت لغايت عنده مرضيش يقابلني حتى كدكتورة كنت بشتغل في المستشفى.. 


قال أحمد بـ لؤم: 


-ملهوش حق والله زعلتيني متوقعتهاش من جواد  بصراحة. 


أردفت أحلام بنبرة جادة: 


-بصراحة أنا مش هخبي عليك يا متر أنا حصلت مشاكل ليا في ألمانيا واضطريت أرجع وأنا حابة أرجع تاني شغلي، مهوا الشغل ملهوش علاقة باللي كان بينا، لكن هو مش مديني فرصة أتكلم معاه، لو مش هتقل عليك او هسبب ليك أحراج ينفع تكلمه في موضوع الشغل ده... 


تمتم أحمد بنبرة غامضة وهو يخبرها: 


-أكيد هكلمه متقلقيش هحاول اشوفه واقوله وابلغك رده وهحاول اقنعه متقلقيش يعني... 


-شكرًا بجد يا متر. 


-العفو على إيه يا دكتورة بس.. 


أردفت أحلام بفضول ونبرة جريئة: 


-هو في حد في حياة جواد؟.. 


جاءها صوت أحمد وهو يخبرها: 


-أكيد فيه، جواد مبيحبش يقعد فاضي وأي واحد زيه وفي سنه هيفكر في الاستقرار مش هيقعد يبكي على الأطلال يا دكتورة، وبعدين أنا مش ولي أمره في النهاية هو حر، هو كل ما اشوفه لو عنده حاجة بيقولها لكن أكيد لو هو في واحدة مش هيجي ياخد مني الإذن..... 


شعرت بالنيران تأكلها...

حديثه لم يبثها بالراحة أبدًا بل هو بمثابة وضع الملح على الجرح.. 


تحدث أحمد بخبث حينما لم يصله صوتها: 


-روحتي فين يا دكتورة؟؟؟. 


-معاك يا متر ياريت متنساش موضوع الشغل بس وأكون شاكرة حضرتك جدًا.. 


قال أحمد ببساطة: 


-ماشي لو وصلت لحاجة هبلغك مع السلامة يا دكتورة.. 


-مع السلامة.. 


هكذا انتهت المكالمة بينهما وهي تفكر..

هل يوجد أمرأة في حياة جواد؟؟

هل وجد أمرأة أخرى بتلك السهولة؟! 


حديث أحمد أثار غضبها وانزعاجها، يا ليتها لم تفعل فعلتها تلك ولم تقم بسرقة أخيها وكانت تزوجت جواد، التي تندم على ضياعه من يدها الآن.. 


لكن كل شيء يأتي عبر مراحل..

تعود لعملها في المستشفى وقتها سوف تفعل المستحيل من أجل جذبه إليها مرة أخرى... 


______________ 


ثلاثة أو أربعة أيام.. 


لا تتذكر...

لا تتذكر سوى بأنها كلما تسأل عنه تخبرها السكرتيرة الخاصة به أنه قد سافر، ليتها تستطيع أن تترك العمل بـ قرار من مديرتها المباشرة نادين، بل هي أخبرتها بصراحة بأن الأمر كله يتعلق به هو... 


وهو من أخبرها بأن تقوم بتعيينها، ليس بيدها شيء لتفعله من أجلها بل نصحتها بأن تنتظر حتى يعود من السفر ووقتها تتحدث معه.... 


عرفت في الصباح الباكر بأنه سوف يأتي في المساء من أجل بعض العمليات التي سيقوم بإجرائها اليوم، لذلك انتظرته حتى بعدما انتهى عملها لمدة نصف ساعة إلى أن علمت بإتيانه... 


ثم ذهبت طالبة الإذن بمقابلته وبعد دقائق كانت تدخل إلى مكتبه، الحقيقة أنه لم يبتسم تلك المرة في وجهها بل ملامحه كانت عادية، عادية بشكل ازعجها..

اعتادت على ابتسامة التي تعجبها 


لم يبتسم جواد وكأنه في كرارة نفسه يعلم لماذا أتت؟!.

رُبما يخمن حتى القرار التي أتخذته... 


أشار لها صوب المقعد متحدثًا بصوت هادئ: 


-اتفضلي اقعدي... 


جلست على المقعد متمتمة: 


-خلاص فاضل يومين على أول الشهر... 


هتف جواد بنبرة جادة وهو يسألها عاقدًا ساعديه: 


-المهلة خلصت كده؟! ولا ده قرارك علشان دكتورة أحلام رجعت.. 


لم يجمل حديثه، كما لم يحاول تجميله بل واجهها بظنونه وبما يشعر به ويراه.... 


تمتمت إيناس بثبات شديد بعدما ابتلعت ريقها: 


-كويس أنك عارف كده كويس، ده أفضل الحلول أنا مش عايزة مشاكل تحت أي ظرف ومن قبل ما تيجي أنا كنت قايلة أني هسيب الشغل أول الشهر واليومين دول مش هيفرقوا كتير اخصمهم من مرتبي. 


سألها سؤال بسيط: 


-أنتِ عايزة تسيبي الشغل؟؟.. 


لم تفهم لماذا يسألها ويوترها من جديد....

ألم يكن حديثها كافيًا؟..... 


-اه عايزة اسيبه ومدام نادين قالتلي أن... 


قاطعها جواد مختصرًا هذا كله ولم يدعها تستكمل حديثها: 


-ملهوش لزوم تدخلي أطراف تانية في الموضوع نادين مكنتش مسوؤلة عنك وأنا اللي كنت مسؤول عنك وأي قرار أنا اللي باخده لو كان القرار على نادين يمكن مكنتش ترضى تشغلك، ومدام عايزة تسيبي الشغل أنتِ حرة... 


لأول مرة تجده عابسًا..

الحزن يظهر على ملامحه....

حديثه لم يكن مرحًا أو هادئًا بل وكأنه يخفي العديد من العتاب، لشخص لا يكترث له لذلك قام بتوفيره... 


-يعني إيه؟؟. 


كان سؤالها أحمق فوضح لها الأمر بنبرة جافة: 


-عدي خدي مرتبك، وخلاص أنتِ حرة شغلك خلص من النهاردة مدام كده هيريحك.. 


هو فعل ما تريده وما رغبت به...

لكنها لم تشعر بالراحة ولا السعادة..

كأنها أنطفت، هذه رغبتها الشديدة ولكنه حينما وافق عليها لم يعجبها، شعرت بالحيرة من نفسها لذلك عقبت على حديثه.. 


-شكرًا كده احسن للكل أن شاء الله يجي حد مكاني بأسرع وقت... 


صمت ولم يعقب فنهضت من مكانها مغمغمة وهي تنظر له تلك المرة نظرة وداع كان بها الكثير من الحديث لم يقال، في الواقع لم يتحدثا في شيء حتى الآن رغم أن المشاعر واضحة وجلية: 


-مع السلامة... 


هز رأسه بإيجاب وهو يقول: 


-مع السلامة... 


أستدارت ثم توجهت صوب الباب وقبل أن تضع يدها على المقبض حتى تقوم بفتحه سمعته يهتف: 


-قبل ما تمشي في حاجة حابب أقولها ليكي.... 


استدارت له مرة أخرى تنظر إليه ومازالت يدها على المقبض لتجده نهض من مكانه ثم أقترب منها بمسافة مناسبة لم يكن قريبًا إلى درجة كافية لكنها كانت تكفي بأن تظهر لها خيبة أمله في عيناه وتقرأ ملامحه.. 


-إيه هي؟. 


-أنتِ أجبن واحدة أنا شوفتها في حياتي يا إيناس، مع السلامة وربنا يوفقك...... 


صدمة حلت عليها من جملته وكأنها لم تستوعبها في وقتها، لا تدري حتى كيف لم تعقب على جملته تلك؟؟!!

كيف خرجت أساسًا من الغرفة دون أن تتفوه بحرف بعدها؟؟. 


خرجت وهي تفعل أمر روتيني ودعت المتواجد من زميلاتها ومدام نادين، بينما شيرين كانت قد غادرت منذ ساعة.... 


أخذت متعلقاتها الشخصية التي كانت تتركها هنا وحقيبتها ثم غادرت المستشفى بملامح غريبة جدًا، هي دخلت تلك المستشفى مجرد أمرأة ترافق والدتها في الجلسات العلاجية الخاصة بها، لكنها خرجت منها أمرأة أخرى تمامًا ومختلفة.... 


سارت بضعة خطوات ثم وقفت على الطريق ركبت أول ميكروباص قابلها يقوم بنقلها إلى وسط المدينة ومن هناك تستقل أخر حتى المنطقة التي تقطن فيها. 


بمجرد جلوسها على المقعد أخذت تبكي كالمجنونة بعدما أعطت الأجرة إلى السائق..... 


كيف ينتعها بالجبن؟؟؟

كيف يخبرها بأنها "جبانة"؟؟. 


هل يراها رعناء القلب وضعيفة النفس إلى تلك الدرجة؟؟. 


لحسن الحظ لم يكن الاتوبيس ممتلئًا حتى لا يقوم أحد بالتركيز معها ومن يتواجد يعطي كامل تركيزه إلى هاتفه..... 


لم تبتعد عن المستشفى سوى عشر دقائق تقريبًا وفجأة هتفت موجهه حديثه إلى السائق: 


-على جنب.. 


هبطت من الأتوبيس ثم وقفت على أحد الجوانب ثم أخرجت هاتفها من الحقيبة وهي تمسح دموعها بعنف وانفعال شديد، أخذت تبحث عن رقم ذلك الوغد الذي جرحها وجعلها تشعر بتلك المشاعر الغريبة جدًا...... 


جرحها رغم أنه لم يتفوه إلا بكلمة واحدة لكنها اغضبتها بحق..... 


وقفت على الرصيف ثم أتت برقمه واتصلت به من دون أي تفكير..... 


ليجب عليها بعد ثواني تقريبًا... 


-رجعتي في كلامك ولا إيه؟؟؟. 


تحدثت إيناس بانفعال شديد وكأنها لتوهها قد لاحظت أو فهمت معنى جملته ورغم انفعالها كانت منهارة واستطاع أن يشعر برجفتها عبر الهاتف: 


-أنتَ مين؟؟ أنتَ مين علشان تقول عليا جبانة؟؟ ازاي تجيلك الجراءة تقولي كده أصلا أنا مش جبانة، أنتَ تعرف عني إيه علشان تقول عليا جبانة؟؟؟؟ أنتَ تعرف أنا مريت بإيه؟؟؟؟؟؟ 


حاول أن يمرح معها جواد غير متوقعًا هجومها: 


-طب ما كنتي اثبتي أنك مش جبانة وقولتي الكلام ده في وشي لازمتها إيه تكلميني فون واحنا مبقالناش نص ساعة في وش بعض؟؟؟ ما أنتِ جبانة اهو. 


ردت عليه بأعين قوية رغم بكائها الذي يشعر به: 


-لا مش جبانة، انا نزلت مخصوص في الطريق علشان اكلمك وعلشان اقولك إني مش جبانة اه مقولتش الكلام ده في وشك لاني بشتغل عندك وصاحب المكان اللي كنت بشتغل فيه لكن دلوقتي أنا حرة.... 


-اه مدام مش في المستشفى يبقى اتصلي هزقيني في التليفون براحتك... 


ثم سألها بنبرة حانية: 


-أنتِ فين طيب دلوقتي؟؟.. 


قالت وهي تصرخ بانهيار حقيقي وهي تبكي: 


-ملكش فيه، الكلام خلص أنا بس اتصلت علشان اقول الكلمتين اللي عندي، انتَ ميحقش ليك تقولي كده، أنتَ سامع؟؟؟.. 


تحدث جواد بنبرة ساخرة وهو يخرج من مكتبه في الوقت ذاته، مازال هناك وقت على ميعاد عمليته الأولى التي سوف تبدأ بعد منتصف الليل: 


-سامع والله من غير ما تزعقي براحة أصل أنا بخاف من الزعيق... 


-سلام يا دكتور.... 


-سلام يا إيناس. 


أنهت المكالمة ثم جلست على الرصيف لأول مرة تفعلها تقريبًا ثم حاولت أن تمسح دموعها حتى تهدأ قليلًا قبل أن تنهض وترى أي اتوبيس قد يقف لها كونها في مفترق طرق، ولم يكن السائق يريد أن يقف هنا لكنه وقف بعد إلحاحها... 


كان يأتي من المستشفى بسيارته أتى بالاتجاة المؤدي إلى وسط المدينة، التي بالتأكيد فيه، فهي لم تبتعد عن المستشفى على أية حال ويتمنى ألا تكون قد استقلت سيارة وذهبت، وأثناء نظره على الطريق وجدها لكن بعدما تخطاها فأضطر أن يبحث عن "ملف" يجعله يعود منه مرة أخرى فوقف أمامها بسيارته وقبل أن تلمحه ظنت بأنه شخص أخر... 


لاحظت جلوسها هنا غير لائق فنهضت من مكانها تحاول السير قليلًا حتى تقف في مكان مناسب تستطيع أن تنتظر فيه أي اتوبيس أخر... 


هبط من السيارة وأخذ يناديها.. 


-إيــنــاس... 


أستدارت إليه في صدمة متحدثة بعدم استيعاب: 


-أنتَ بتعمل إيه هنا؟ وعرفت مكاني منين... 


رد عليها جواد ساخرًا: 


-هو إيه اللي عرفت مكانك منين؟ ده المستشفى عشر دقائق من هنا.. 


ثم أسترسل حديثه بامتنان حقيقي: 


-كويس أنك ممشتيش، وأني لقيتك.... 


-لو سمحت... 


أردف جواد مقاطعًا أياها: 


-لو سمحت أنتِ ممكن تخليني اسمعك وتسمعيني زي أي اتنين ناضجين... 


تمتمت إيناس بجدية ورفض شديد: 


-الكلام منتهي يا دكتور ياريت تفهم كده مفيش حاجة نقولها... 


عقب على حديثها وهو ينظر لها: 


-مش قولتي أني معرفش عنك حاجة يبقى في حاجات المفروض اعرفها، ولا ده قولتيه علشان مكنتش متوقعة انك هتلاقيني في وشك.. 


ردت عليه بأعين تحبس فيها دموعها قدر المستطاع: 


-كويس أنك عارف... 


أردف جواد بنبرة هادئة: 


-ممكن نقعد في أي حتة طيب؟... 


تحدثت إيناس بجدية ونبرة لا تقبل النقاش: 


-معلش أنا مش بقعد مع راجل غريب في حتة، وبعدين أنا اصلا اتاخرت بما فيه الكفاية... 


-خلاص تعالي نقعد في العربية بس نطلع قدام شوية علشان هنا أنا حرفيا هتاخد مخالفة ووقفتي غلط... 


تمتمت إيناس بتوضيح: 


-هرد عليك نفس الرد أنا مبقعدش في العربية مع راجل غريب... 


استغفر جواد ربه ثم تحدث: 


-ماشي خليكي مكانك لغايت ما اركن العربية واجي بس حاولي تقفي قدام شوية.....


-متجيش أنا هروح أساسًا...


تجاهلها وهو يتوجه صوب سيارته السوداء ثم قادها وبعد مرور عشر دقائق أتى وهو يسير على أقدامه وبين أصابعه مفتاح سيارته وكانت هي تتحدث في الهاتف توليه ظهرها..


-حاضر يا جواد، حاضر يا حبيبي أول ما اوصل هبقى اكلمك وهجيب ليك كل اللي أنتَ عاوزة، متغلبش حور ولا ستك ماشي...


سمعت من الطفل شيئًا أو منه ومن ابنتها سويًا مما جعلها تتحدث:


-ملكش دعوة بـ جنى ومتعملش مشاكل لو عرفت أنك جيت جنبها عقبال ما اجي يا جواد أو عيطت بسببك أنا هجيب ليها اللي هي عاوزاه وانتَ لا سامعني؟!..


ثم انتهت المكالمة وهي تستدير لتجده واقفًا عاقدًا ساعديه يعطيها كامل حريتها في الحديث وينتظرها أن تنهي مكالمتها.....


-واضح أنك مضهطدة الاسم...


قالت إيناس بسخرية تشبه سخريته منها:


-حاجة زي كده...


تمتم جواد بعنجهية يختبر تأثيره عليها:


-مروحتيش يعني؟!.


أردفت إيناس متصنعة اللامبالاة:


-عادي محبتش أكون قليلة الذوق وامشي بعد ما جيت عشاني مش اكتر...


-كتر خيرك والله.


ثم أسترسل حديثه بنبرة جادة:


-ياريت يا إيناس مهما كان السبب بلاش تعيطي علشان حد وفي الشارع، أنا مكنتش اعرف أن الكلمة هضايقك أوي كده وإلا مكنتش قولتها بس أنا كنت مضايق منك وجدًا، لكني برضو مكنتش عايز اجرحك...


أردفت إيناس بجدية تشبهه وهي تتشبث بحقيبة يدها منفجرة به لا يظل الشخص هادئًا دومًا بل يأتي لحظة يخرج ما يتواجد بداخله دفعة واحدة:


-علشان أنا مش جبانة، محدش عاش اللي أنا عيشته، أنا عيشت سنين مرار، عارف يعني إيه المرار؟؟؟ جوازة دمرت فيا كل حاجة ممكن تيجي على بالك أو متجيش حتى طلاقي كان بمشاكل وأقسام مكنش طلاق عادي، وكنت على تكة واخويا هيرتكب جناية بسببي مستقبله هيضيع، وبعدها اكتشفت مرض ماما ده كسرني أكتر وعيشت شهور في ضغط نفسي لغايت ما قلبي اطمن عليها...


ابتلعت ريقها وأسترسلت حديثها بألم حقيقي:


-أنا بدأت حياتي من جديد بعد طلاقي بدأتها من جديد علشان جواد وجنى وبس، وحتى يوم ما حاولت أنسى اللي فات الماضي مسابنيش، وللمرة الثانية حصلت مشاكل وروحت أقسام بسبب طليقي وصاحبه وكان برضو اخويا هيضيع مستقبله لولا ربنا سترها معانا زي كل مرة..


كان حديثها يغضبه وبشدة بل أثار غيرته وغضبه، لكنه كان صامتًا يسمعها فقط يتركها تتفوه بما تريده:


-قعدت في القضية ماشية لغايت ما لسه من قريب جدا اتحكم فيها، أنا مش جبانة كفاية إني لسة عايشة وبقاوح بعد كل اللي مريت بيه..


ثم قالت بوضوح شديد وهي تخبره:


-حتى لو حاسة تجاة أي راجل حاجة حتى لو مكنش على علاقة بواحدة المفروض كانت من أقرب الناس ليا كان الموضوع صعب، أومال لو واحد زيك بكل الفروق اللي ما بينا، غير أحلام، تفتكر أنا فيا لسه حيل أحارب علشان حاجة؟ أنا أصلا بحارب من سنين...


ابتلعت ريقها وأسترسلت حديثها متناسية مع من تتحدث أو ترغب في أن تثبت له حقيقة مشاعرها، وأنها ليست أمراة "جبانة" أو ضعيفة النفس:


-حاربت علشان جوازي ينجح، حاربت علشان أخلص الكلية وأنا معايا طفلين توأم وزوج مبيفكرش يساعدني في حاجة ونفسه أصلا مخلصش الكلية ولا يفرق معاه، حاربت لما أطلقت ووقت ما أطلقت كانت ظروفي وظروف أهلي من جميع النواحي صعبة.


أسترسلت حديثها بامتنان حقيقي رغم الوجع:


-حاربوا معايا، ويمكن مشروع اخويا ونجاح اختي كانوا الحاجة اللي نورت حياتي وخليتنا ناخد هدنة مش أكتر، هل أنا ست جبانة في نظرك؟؟؟...


هز رأسه نافيًا...

عندما أدرك بأنه بالفعل جرحها..

وأدرك بأن رأيه يهمها...


أردف جواد بنبرة عادية:


-وأنا مستحقش أني أكون حد تحاربي علشانه؟ وتحاربي علشان تكوني معاه؟؟ مش شايفة أن في حاجة تستحق تكون ما بينا، إيه اللي مخوفك مني؟؟ وليه عايزة تبعدي....


شعرت بالخجل ولكنها أخبرته بصراحة ووضوح:


-علشان أسباب كتير وأولها أنا مش قد أحلام، أحلام مصممة ترجعلك وهتعمل اللي متتخيلهوش، وأنا مش قد أكون قدام أهلي في موقف بايخ أو أخليهم يظنوا فيا أو يسمعوا كلام ملهوش لازمة من أحلام.


-تولع أحلام سيبك منها...


قالها بغضب حقيقي، ذكرها بينهما يغضبها لذلك أسترسل حديثه:


- وأنا قد إني اوقفها عند حدها، لو أنتِ فعلا مستعدة يكون في ما بينا حاجة أو نأخد فرصة مع بعض ولو على أهلك سيبهم ليا اتكلم معاهم، الخطوة دي مش بتاعتك..


قالت بحرج كبير وارتباك:


-أنا لازم امشي اتأخرت.....


تمتم جواد بنبرة جادة وهو ينظر لها نظرات ثاقبة:


-إيناس احنا مش مراهقين علشان تهربي مني، ولا ده حل، علشان كده أنا هسيبك كام يوم تفكري، وهبعتلك رسالة لو رديتي عليا برقم اخوكي هفهم أنك مستعدة تاخدي خطوة معايا، لو مردتيش عليا أو رديتي بأي حاجة تانية صدقيني أنا ساعتها مش هتعرض ليكي تاني بأي شكل.......


لا تدري لماذا شعرت بالخوف؟!...

الخوف من أن يعطيها فرصة أخيرة...

مصرحًا بأنه لن يحاول بعدها...


-استني نشوفلك تاكسي يوصلك مكان ما أنتِ عاوزة، أو أطلب ليكي **** قوليلي ساكنة فين...


صمتت لثواني وهي تفكر في حديثه مما جعله يعقب هازئًا:


-معترضيش يعني ولا قولتي هتركبي مع راجل غريب لوحدك...


قالت نافية وكأنه تؤكد صدق معلومتها:


-أنا هركب الاتوبيس من قدام...انا فعلا ولا بركب تاكسي ولا أوبر لوحدي؛ بتكون معايا اختي أو ماما، اخويا طبعا ومش بركبه غير لو معايا الولاد بس وفي مشوار بعيد.....مش قصدي عليك أنتَ بس.


- هحاول اصدقك، المهم تعالى طيب نمشي شوية لقدام وهستني معاكي لغايت ما تركبي..


وقد كان...

كلاهما صارح الأخر...

أخرج مشاعره المكبوتة...

انتهى اليوم بشخص عليه أن يتخذ القرار بينهما الأخر ينتظر وكاد الانتظار يقتله...

لكنه يحاول أن يتحلى بالصبر...

__________


عادت إلى المنزل..


استقبلت أولادها بالاحضان كالعادة معطية إياهم ما جاءت به من أجلهما...


ولاحظت غياب والدتها وحينما سألت جنى أخبرتها بأن جدتها في الأسفل عند "بهية" أما عن حور أخبروها بأنها في الغرفة...


انهمك الصغار في تقسيم الحلويات بينهما، وأخذت تراقبهما إلى أن خرج صوت من هاتفها يعلن عن وصول رسالة لها عبر "الواتساب" ولم تكن من أحد أخر غيره..


"روحتي؟!".


لم ترغب في الرد عليه، هي مرتبكة ومتوترة، لا تدري حتى كيف تحدثت معه بتلك الطريقة كيف سارت معه، إلحاحه في أن تغير رأيها ليقوم بتوصيلها حتى إلى وسط المدينة، لكنها رفضت كل ما طلبه منها وكل اقتراحاته...


كانت متوترة، متوترة وكأنها فتاة مراهقة....

أكتفت بوضع رمز تعبيري على الرسالة يشبه زر الإعجاب تخبره بتلك الطريقة بأنها قد وصلت إلى منزلها، تركت الهاتف ووضعته في الشاحن ثم ولجت إلى الحجرة بعدما خلعت حجابها..

وخلعت حقيبتها..


لم تجد حور في الغرفة، مما جعلها تذهب إلى الحجرة  الأخرى لتجدها جالسة على الفراش ويبدو أنها تبكي فاقتربت منها بلهفة وحنان وهي تسألها:


-مالك يا حور، في إيه بتعيطي ليه؟.


مسحت حور دموعها سريعًا بعدما أغلقت الهاتف على ما يبدو أنها انهمكت في مشاهدة صور زفافه وقد نست كل شيء حولها...


-مفيش حاجة...


هتفت إيناس وهي تجلس بجوارها على الفراش قائلة بسخرية:


-وشك احمر ومعيطة وعينك حمراء وتقوليلي مفيش حاجة؟؟ اومال لو كان فيه بقا كنتي عملتي إيه؟؟ انطقي قولي في إيه يا حور والله أنا ما ناقصة مناهدة ولا وجع قلب...


هتفت حور باستسلام تام:


-هقولك علشان سرك معايا لازم يكون سري أنا كمان معاكي..


رغبت إيناس في صفعها لكنها صمتت وتركت لها الحرية بأن تخبرها بما يحدث معها، لتخبرها حور قصتها الرائعة والعاطفية التي عاشتها في مخيلتها هي وحدها لمدة عام وأكثر، لتخبرها بأن هذا الرجل النذل والجبان الذي لا يعلم بوجودها على وجه الكرة الأرضية قد تزوج غير عابئًا بها...


بمجرد ما انتهت حور من سرد قصتها، انفجرت إيناس ضاحكة بجنون، حالة لم تصل إليها منذ مدة مما جعل حور تتحدث بخيبة أمل وانفعال شديد، غير الندم التي شعرت به كونها أفصحت عن سرها العظيم من وجهه نظرها:


-والله الموضوع مش مضحك خالص، معرفش بتضحكي على إيه، أنتِ بتستهوني بجرحي؟؟ وبمشاعري اللي اتحطمت...


حاولت إيناس أن تتوقف عن ضحكاتها رغمًا عنها حتى لا تحزن شقيقتها ثم تحدثت:


-يا حور متكبريش الموضوع أنتِ لسه صغيرة، طبيعي تعجبي بحد، ودي مشاعر طبيعية لكن اللي مش طبيعي أنك ترسمي قصة في خيالك وتقعدي تعيطي وتحزني نفسك الحزن ده كله، ده مش حب أصلا، الحب لو مكنش بين اتنين بيحبوا بعض الاتنين ميبقاش حب..


ثم أسترسلت حديثها بنبرة جادة:


-دي بس مراهقة وهتروح لحالها، أهم حاجة تركزي في مستقبلك وتنسيقك وكل حاجة، وسيبك من الجواز والخطوبة وغيرها..


قالت حور بعدم اقتناع لكنها مجبرة أن تقولها:


-معاكي حق....


ثم حاولت أن تغير الموضوع متمتمة:


-أنتِ اتأخرتي كده ليه النهاردة؟؟؟..


-سيبت الشغل، وقعدت اتكلم معاه شوية.


الغريب أن العلاقة بينهما أصبحت صداقة، بدأت حور أن تصل إلى مرحلة يصلح فيها أن تكون صديقة مقربة لشقيقتها الكبرى وهذه هي العلاقة الافضل على الإطلاق.....


-مع اللي اسمه جواد..


هزت رأسها بإيجاب مما جعل حور تتحرك من مكانها وتسألها بحماس كبير:


-قولي أنك وافقتي المرة دي وعقلتي وتولع أحلام..


تذكرت جملته مما جعلتها تتحدث:


-كلكم مصممين على ولعة أحلام النهاردة، ربنا يصلح حالها هي في غفلة ويارب تفوق قبل ما كل حاجة تضييع منها..


قالت جور بنفاذ صبر:


-خفي طيبة يا إيناس وفكك من اللي خلفوها وعرفيني عملتي إيه معاه...


تنهدت إيناس وهي تختصر لها المحادثة الطويلة بينهما بطريقة عقلانية ومنطقية تخبرها بالنتيجة، لكن أبدًا لن تستطع وصف مشاعرها وقتها..


-قالي أنه هيسيبني أفكر وبعد كام يوم هيسألني عن رأيي ورأيي يا أما ابعت رقم دياب يكلمه يا أما لا وساعتها هو هيخرج من حياتي كأنه مدخلش فيها...


تحدثت حور بغباء:


-ابعتي له الرقم حالًا هو لسه هيسيبك كام يوم أنتِ بتهرجي..


كانت تدرك أن حور فتاة يافعة تتفتح حديثًا قد تؤمن بالحب، وعاطفية إلى أبعد حد...

تشبهها حينما كانت في عمرها.....

لا تفكر بعقلها..


قالت إيناس بنبرة مترددة:


-الموضوع مش بالسهولة دي يا حور، أحلام مش هتسكت وأنا مش عايزة مشاكل، غير عمرو أنا خايفة بعمل مشاكل تاني، وجواد وجنى ازاي هتجوز راجل تاني، وكمان أنا معرفش هعرف اتأقلم معاه ولا لا أنا حاسة أننا مختلفين جدًا عن بعض.. 


-أنا حاسة أنك ميالة ليه وبتحبيه يعني سبيه هو يثبت نفسه، وسيبي نفسك تفرحي، ليه التفكير الكتير ده، وبعدين أحلام هتعمل إيه يعني؟ أعلى ما خيلها تركبه...


أردفت إيناس بنبرة جادة:


-أنا مش عارفة بقا سيبك مني، أنا هقوم اخد دش وأنتِ اخرجي اقعدي مع العيال وكلمي دياب وشوفيه هيجي امته علشان احضر الاكل..


قالت حور بنبرة عادية وهي تخبرها:


-دياب ايده اتكسرت امبارح وهو مع نضال..


بلهفة كانت تعقب على حديثها:


-يالهوي ومحدش قالي ليه وهو فين؟؟..


تمتمت حور بجدية وهي تخبرها:


-هو احنا معرفناش هو جه واحنا كلنا نايمين، شوفناه الصبح لما صحينا، وقال أنه وقع وهو بيلعب، ونزل قال رايح مشوار معرفش بقا....


_____________


قامت بجمع أغلب متعلقاتها الشخصية في حقيبتين سفر ثم نادت الحارس حتى يأخذهما ويضعهما في السيارة، ثم أعطته ما فيه النصيب..


غادرت منزل الزوجية على ألا تعود إليه أبدًا...

بل يوف تقوم بهدم المعبد فوق رأس صاحبه...


لم تفكر أبدًا وهي تتوجه صوب قسم الشرطة بنفسها..........


كان أول شيء قالته للعسكري الذي سألها عما تريده....


"جاية اقدم بلاغ في جوزي"


سألها العسكري باهتمام وقتها:


"ليه يعني؟ مش باين عليكي مضروبة ولا غيره ولا هي الستات مش هتبطل افتراء؟ حلي الموضوع ودي أحسن يا مدام".


كان حديثه الأخير مرح وساخر من الدرجة الأولى..

ردت عليه سامية:


-لو حضرتك مش فاضي تشوف شغلك أو تقولي إيه اللي مفروض اعمله أنا ممكن اشوف غيرك أنا جاية اعمل محضر في جوزي مش علشان اخد نصيحة منك..


تحدث الرجل منزعجًا:


-ماشي يا مدام هدخلك لحضرة الظابط...


بالفعل بعد مرور دقائق كانت تجلس في المكتب أمام الضابط وأمين الشرطة المختص بالمحاضر وهو معه بطاقتها الشخصية مغمغمًا...


-خير يا مدام سامية؟ جاية تعملي محضر في جوزك ليه؟؟..


أردفت سامية بقلب ميت دون حتى أن يرف لها جفن ولم تتردد أو تخجل:


-جوزي صورني في أوضاع خاصة بيني وبينه من غير علمي.


أتسعت أعين العسكري بعدم تصديق بينما ظل الظابط محافظًا على ثباته، في الفترة الأخيرة انتشرت تلك القضايا والمحاضر لذلك غمغم:


-عرفتي منين؟ عندك دليل على كلامك ده وفي شهود عليه؟!


تحدثت سامية بثبات:


-كان سايب اللابتوب بتاعه وأنا كنت بدور فيه على صور فرحنا ولقيتهم فيه وطبعًا مكنش ينفع اجيبه معايا علشان دي ملكية خاصة، ومعايا فيديو كنت مصوراه في اوضة النوم بتاعتي وكان فيها كاميرا بس أنا معرفش ده دليل ولا لا، وصورت بموبايلي جزء من الفيديوهات، وأنا عايزة أقدم فيه بلاغ.


أردف الضابط بنبرة عملية بعض الشيء:


-هل هددك أو نشر الفيديوهات؟.


هزت رأسها بلامبالاة مغمغمة بنبرة جادة:


-مهددنيش بس يمكن كان ناوي يعملها فعلا، وبالنسبة لنشرهم ولا لا دي حاجة معرفهاش، هو لازم يعمل كده علشان اجي أقدم بلاغ ضده؟؟.


هز الضابط رأسه نافيًا وهو يخبرها:


-لا طبعا مش لازم مجرد تصويره ليكي جريمة كاملة، كان الافضل يكون في دليل قوي لكن كلامك كافي، احنا خدنا أقوالك تمضي عليها واحنا ذكرنا الاجهزة اللي قولتي عليها وهيتم عرضه على النيابة....


سألته سامية بجدية:


-وهو هيعرف امته؟؟.


-لما المحضر يروح للنيابة وقتها هيتم استدعائه لو وجب الأمر وأنتِ كمان علشان يتأكدوا من صحة أقواله.....


قالت سامية بنبرة جادة وهي تنظر له:


-يعني او مسحه أو حصل حاجة الموضوع ممكن ميتثبتش؟!..


مط الرجل شفتيه بتفكير ثم رد عليها:


-حتى لو مسحه ده هيكتشفوه وأكيد هيعملوا فحص لكامل أجهزته الالكترونية متقلقيش لو ليكي حق هتاخديه، بس سؤال شخصي شوية إيه اللي خلاكي تيجي لغايت هنا، ملكيش أهل كنتوا تحلوا الموضوع بطريقة تانية؟..


ردت عليه سامية بثبات وهي تمسك حقيبتها:


-ليا أهل يسدوا عين الشمس بس ده درس ليه أنه يتفضح هو و كل راجل بيعمل كده في مراته، وأنا مش فارق معايا حاجة، وبعدين رصيده خلص عندي ومعتقدش دي حاجة ينفع تتحل ودي يا حضرة الضابط. 


غادرت قسم الشرطة بعدما وقعت على أقوالها وهي ليست نادمة أبدًا على ما فعلت، توجهت صوب منزل عائلتها المتواجد في شارع خطاب..


هبطت من سيارتها وهي تجر الحقيبتين وقد شاهدها زهران من الشرفة فشعر بالقلق، مما جعله يترك أرجيلته خارجًا من الشرفة بدون أن يتفوه بحرف مسرعًا وخلفه نهض نضال وهو يسأله ماذا يحدث؟!!.


لكنه لم يجب عليه....


هبط زهران على الدرج وخلفه نضال ليجد سامية أمامه وهي تضع الحقيبتين في فناء المنزل، لم يفهم نضال ما يحدث أساسًا....


سألها زهران بقلق شديد تحت نظرات نضال التي لا تقل عنه قلقًا:


-في إيه يا سامية، جايبة شنطك ليه؟؟؟ انتِ اتخانقتي مع حمزة تاني؟؟.


هزت رأسها نافية وهي تخبره:


-لا متخانقتش مع حد...


صاح زهران مستنكرًا ونضال يلتزم الصمت رغم انزعاجه وقلقه:


-طب ما تقولي يا بنتي في إيه؟؟..


-أنا روحت القسم وعملت بلاغ في حمزة....


ابتلع زهران ريقه مغمغمًا بنبرة عالية وغاضبة:

-قسم إيه؟ وعملك إيه علشان تروحي القسم؟ ما تقولي يا سامية الواد ده عملك إيه ومتصلتيش بيا ليا.....


كان نضال يتابع ما يحدث وعلى ما يبدو تلك المرة الأمر كبيرًا، وهو لا يريد التدخل رغم كل شيء...


تحدثت سامية ولم تخفِ أي شيء وهي تنظر لهما:


-حمزة صورني...


قال زهران بارتباك وكأنه ينفي الاحتمالات التي أتت على عقله، أما نضال أتسعت عيناه بغضب كبير:


-يعني إيه مصورك؟..


غمغمت بمرارة وسخرية كبيرة:


-مصورني معاه في اوضة نومنا عامل بدل الفيديو عشرة....


صاح نضال بصدمة كبيرة وغضب عظيم وقد برزت جميع عروقه لم يتحمل ما يسمعه حتى، كيف يفعل هذا في ابنة عمه؟!!!!!..


-أنتِ بتقولي إيه؟؟؟!..


_______يتبع_______


لو وصلتم لهنا دمتم بألف خير ونتقابل في فصل جديد ان شاء الله...


بوتو يحبكم❤️❤️❤️❤️❤️❤️

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

  

تعليقات

التنقل السريع