رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل التاسع والاربعون 49بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)
رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل التاسع والاربعون 49بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)
الفصل التاسع والأربعون من #عذرًا_لقد_نفذ_رصيدكم
#شارع_خطاب
بقلم #fatma_taha_sultan
____________
اذكروا الله.
دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية.
_____________________
الفصل إهداء إلى Mony afr كل سنة وهي طيبة عيد ميلادها يوم الجمعة
❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️🫂🫂
_______
"لم تكن غيرتي عليكِ ضعفًا، بل حبًا أقوى مما أتحمّل، فالغيرةُ لا تطلب دليلًا، يكفي أن تغمض عينك لحظة، لأبدأ أنا حربًا في صدري، نحن لم نخلق لنحتمل فكرة أن يُشاركنا أحدٌ من نحب؛ لهذا يغضب القلب حين يَغار، ويثور الكرامة حين يَتعب."
#مقتبسة
يشاهِدُها بطريقة مُميّزة، كأنه يستريحُ بالنّظر إليْها مِن تَعَب ما..
#مقتبسة
ـ لولا النِّسيانُ لماتَ الإنسانُ لِكثرةِ ما يَعرِف، لماتَ مِن تخمَة الهُموم و العذاب و الأفكارِ التي تَجُولُ في رأسِه."
- عبد الرحمن منيف.
_______________
يعد قهوته في المطبخ بيدٍ واحدة، بينما عائلته انشغلت في تنظيف غرف النوم تنظيفًا عميقًا...
جاءت إيناس إلى هنا بسبب شعورها بالعطش لقد أُرهقت في التنظيف...
فأردفت حينما وجدت شقيقها يقف أمام الموقد بعتاب:
-في إيه يا دياب واقف تعملها أنتَ ليه؟ كنت نادي عليا وأنا اجي اعملها ليك.
رد عليها دياب ببساطة:
-عادي يعني يا إيناس مش قصة في إيد شغالة لسه وبعدين ما تخلصوا اللي بتعملوه ده في الأوض كفايا كده بقالكم ساعات..
أردفت إيناس مخبرة أياه بعدما أخذت زجاجة المياة الباردة الموضوعة أمامه، يبدو أنه أخرجها من الثلاجة حديثًا:
-ماما كانت عايزة تنظف تحت السراير وكل حاجة بقالنا فترة بنمسح كده بكروتة بالنسبالها علشان منقلبش البيت وحور بتذاكر، وهي لما صدقت أنها خلصت دراسة بقا والعيال في الحضانة وعايزين نخلص قبل ما يرجعوا
تحدث دياب بتفهم:
-ماشي خدوا راحتكم على العموم أنا هنزل اروح اشوف نضال مختفي فين من الصبح بعد ما اشرب القهوة وياريت عقبال ما ارجع تكونوا لميتوا الدنيا.
ردت عليه إيناس بهدوء مبتسمة:
-لا متقلقش قربنا نخلص وعقبال ما ترجع ان شاء الله هكون حضرت الغداء..
تمتم دياب بنبرة جادة وحنونة:
-لا لموا الدنيا وهاتي عيالك من الحضانة وأنا هجيب لينا أكل من برا، مهوا مش معقول بعد كل ده لسه هتعملي أكل وتقفي في المطبخ، أنتم اتهلكتوا من الصبح...
قبل أن ترد عليه إيناس معبرة عن امتنانها وتشكره تحدث دياب بشكٍ وهو يسبقها:
-صحيح يعني سيبتي الشغل، أول مرة قولتي هسيبه وبعدين قولتي لسه هكمل، وبعدين رجعتي سبتيه، هو في حاجة يا إيناس؟..
توترت..
في لحظة ما كانت على وشك أن تخبره بكل شيء دفعة واحدة..
لكن قبل أن تتفوه بحرف جاءت حور مغمغمة:
-ستو بهية بتقول هتطلع بعد العصر تطمن عليك يا دياب علشان عرفت أن ذراعك اتكسر، يلا يا إيناس علشان نلحق نلم الدنيا قبل ما تيجي..
خرج دياب بعدها ثم بدل ملابسه ولخذ يحاول ترتيب المكان في الخارج تاركًا لهم الغرف...
بعد مرور ساعة ونصف هبطت إيناس بعدما أخذت حمامها لتجلب أطفالها من الحضانة وهي تحمل هم التقديم لهم في المدرسة في بداية العام والسنة الدراسية الجديدة....
بينما ظل الجميع في انتظار بهية..بعد صلاة العصر....
رن جرس الباب...
ففتحت حور الباب لتجد أمامها بهية وهي تستند على عكازهل، أما ريناد بجوارها تحمل صندوقًا كرتونيًا خاص بالحلوى كـتقليد من التقاليد والعادات المخصصة لـزيارة المريض، وهي ترتدي بنطالًا أسود وقميصًا أبيض تاركة شعرها ينسدل حرًا، وحقيبة جلدية من اللون الأسود فاخرة معلقة في ذراعها...
-أهلا؛ أهلا اتفضلوا.....
بالداخل نهض دياب حينما سمع صيغة الجمع في الترحاب وقلبه حدثه بأنها "هي" الفتاة التي يحبها دون أي توافق في أي جهة لكنها يحبها ولا يستطيع كبح نفسه....
بالفعل بعد ثواني قد صدق حدسه وهي تدخل مع بهية مبتسمة بخجل، بمجرد أن عرفت الخبر من بهية أخبرتها بأنها سوف تأتي معها لزيارته...
كانت تلك هي المرة الأولى التي تأتي فيها إلى منزل بهية بعد أشهر من مغادرتها أياه، كانت تكتفي بمقابلة بهية في أماكن مختلفة خارج المنزل؛ وأحيانًا ترسل لها السائق من أجل أن يأتي بها إلى منزلهم..
لكنها عادت تلك المرة من أجله وهي على ثقة كبيرة بوعده...
رغم أنها منذ أن قابلته واعترافه الساحر الذي مازال في عقلها يتردد بين الحين والآخر، لم يحدث بينهما شيء سوى بأنها قامت بإلغاء الحظر له وهو عاد يرسل لها طلب صداقة لكن لم يتحدثا في شيء..
أقتربت بهية وهي تحفظ الخطوات نحو الداخل وتسير بعكازها ليمسك دياب بكف يدها المجعد ثم هبط مُقبلًا أياه:
-تعبتي نفسك، ده أنا اللي أنزل لغايت عندك..
ردت عليه بهية بنبرة حنونة:
-هو في أعز منك يا حبيبي علشان اجيله واطمن عليه؟!؛ سلامتك يا ابني..
رد عليها دياب مبتسمًا كالأبلة، سعد برؤيتها جدًا؛ وسعادتها يستطيع الجميع رؤيتها فهي قادرة على أن تقلب مزاجه مئة وثمانين درجة..
-الله يسلمك يا حبيبتي..
ثم ساعدها جاعلًا أياها تصل إلى الأريكة حتى تجلس عليها ثم أشار إلى حور إشارة فهمتها بأن تخبر والدته بأن بهية وريناد وصلتا فهي مازالت تأخذ حمامها حتى تنفض من عليها تعب اليوم...
كانت مازالت ريناد واقفة فأقترب منها ثم أخذ منها العلبة مغمغمًا بنبرة خفيفة وبسيطة:
-تعبتي نفسك..
ردت عليه ريناد بارتباك يلازمها تلك المرة وكأنها المرة الأولى التي تدخل فيها شقته هو وعائلته..
-ألف سلامة عليك...
تحدث دياب بنبرة هادئة:
-الله يسلمك، اتفضلي اقعدي...
جاءت حور تسألهما بلُطفٍ:
-ماما خمس دقايق وجاية تحبوا تشربوا إيه؟!.
ردت عليها بهية بنبرة هادئة:
-متتعبيش نفسك يا بنتي...
ثم قالت ريناد بنفس النبرة:
-ملهوش لزوم يا حور تعالى اقعدي، وبعدين أنا مقولتش ليكي مبروك، معلش اتأخرت عليكي..
ثم نهضت من مكانها وأخرجت من حقيبتها الجلدية علبة انيقة، متوسطة الحجم تعود إلى أحدى الماركات الخاصة بمستحضرات التجميل مغمغمة بلطفٍ فهي لاحظت اهتمام حور بها حتى أنها تضع منها القليل الذي لا يلاحظه دياب فهو لا يحب الزينة على وجهها:
-دي حاجة بسيطة، هدية نجاحك عقبال التخرج يا دكتورة...
جاءت والدة دياب من الداخل مرحبة بهما، مقدمة الكعك التي صنعته في الصباح الباكر لتضعه مع الأطفال أثناء ذهابهم إلى الحضانة..
ثم جاءت بالمشروبات الباردة وظلت تتسامر مع بهية في مواضيع مختلفة، أما حور وريناد في عالم أخر، كانت الثانية تسألها العديد من الاسئلة حول الجامعة....
جاءت إيناس ومعها طفلاها، كانت الجلسة دافئة جدًا إلى أن تحدثت ريناد تخبرهما بأن عليها الرحيل بسبب موعد ما، وألقت عليهم التحية وأثناء رحيلها تحدث دياب بسرعة ونبرة غريبة بالنسبة للجميع عدا بهية تقريبًا:
-أنا هوصلك..
-معايا العربية!!.
كان ردها سريعًا ومندهشًا من فعلته ليخبرها أمام الجميع بلهفة استطاع الجميل ملاحظتها:
-عادي هوصلك لغايت العربية كده كده أنا نازل رايح أقابل نضال...
هبط أمامها وهي هبطت خلفه وكانت السيارة أمام البناية تقريبًا لتغمعم بنبرة أرادات مشاكسته بها:
-العربية اهي، مكنتش هتوه يعني...
تعقيبه أغاظها:
-عادي أنا نازل كده كده مش علشانك..
كانت فظاظته كريهة مما جعل ريناد تعقب وهي تفتح باب سيارتها وتجلس على مقعدها أمام عينه:
-اهو لسانك ده لازم يتعدل..
ضحك وهو يرفع حاجبيه:
-هعدله حاضر لسه قدامنا وقت وان شاء الله هعرف..
ثم أسترسل حديثه وهو يرغب في قول أي شيء، لا يرغب في رحيلها بتلك السرعة فهو لا يكتفي منها أبدًا:
- وبعدين إية الشيكولاتة اللي أنتِ جايباها دي؟!..
تحدثت ريناد بعفوية:
-عادي، اومال عايزني أجيب إيه يعني؟.
-ورد مثلا، هاتيلي ورد مش المريض ده بيتجاب ليه ورد؟!.
كلمة "الورد" على لسان دياب شيئًا غريبًا جدًا لكنها أجابت عليه بدبلوماسية:
-متبقاش بجح، أجيبلك ورد قبل ما أنتَ تجيبلي؟ مين اللي المفروض يجيب لمين ان شاء الله؟.
أشار على ذاته مغمغمًا:
-أنا بجح..
قالت بتراجع وهي تضع نظارتها الشمسية:
-لا..
هتف دياب بابتسامة تأسر قلبها وتعرف طريقه:
-خلي بالك على نفسك وبعدين مستعجلة ليه يعني؟؟..
ردت عليه بنبرة هادئة وبسمة راقت له:
-أنا مواريش ميعاد ولا حاجة بس أنا اللي عايزة أحضر العشاء النهاردة ولسه في حاجات عايزة اروح اجيبها واعمل شعري، النهاردة عيد ميلاد بابا وأنا عايزة اعمله مفاجأة لأول مرة..
قال دياب متفهمًا:
-ماشي؛ كل سنة وهو طيب يارب، ربنا يطول في عمره...
-يارب...
ثم سألها بنبرة غيورة قبل أن تكون فضولية، الفضول ليس من طبعه على أي حال:
-في حد غريب جاي؟؟..
تمتمت ريناد بنبرة عادية:
-لا يعني هو هيكون احتفال بسيط خاص بالعيلة، يعني بابا وابن عمه ومراته، وصاحبه اونكل يوسف، ونينا بهية هتيجي بليل....
-ماشي خلي بالك على نفسك وركزي وأنتِ سايقة بلاش أي حد يكلمك تفضلي تردي وتسرحي في الطريق..
كأنه اصبح والدها يتحدث مثله في تلك النقطة لكنها أجابت في النهاية بملامح عابسة:
-ماشي يلا سلام..
ثم قادت سيارتها ذاهبة والقلوب تتعهد بلقاء جديد، وتصدق على وعدها...
مستمرة في الانتظار على أمل أن تكون النهاية في صالحهما.
___________
-حمزة صورني...
قال زهران بارتباك وكأنه ينفي الاحتمالات التي أتت على عقله، أما نضال أتسعت عيناه بغضب كبير:
-يعني إيه مصورك؟..
غمغمت بمرارة وسخرية كبيرة:
-مصورني معاه في اوضة نومنا عامل بدل الفيديو عشرة....
صاح نضال بصدمة كبيرة وغضب عظيم وقد برزت جميع عروقه لم يتحمل ما يسمعه حتى، كيف يفعل هذا في ابنة عمه؟!!!!!..
-أنتِ بتقولي إيه؟؟؟!..
أسترسل حديثه بعدم استيعاب وصوتٍ جهوري يكرر جملته مرة أخرى فهو لا يستوعب:
-أنتِ بتقولي إيه؟؟..
ارتفع صوت صياحه فـهبطت وفاء على الدرج مهرولة وخلفها جهاد التي تضع يدها على بطنها المنتفخة تهبط بحذر بالرغم من كل شيء..
بينما انتصار لم تكن في المنزل من الأساس.....
أما سلمى كانت مازالت نائمة بسبب نومها المتأخر جدًا وسهرها الذي طال حتى بعدما دخلت الشقة ظل يتصل بها ويتحدث معها إلى أن غفيا الاثنان....
قالت سامية بنبرة باردة جدًا وهدوء صادم للجميع مقارنة بالوضع الذي تتواجد فيه:
-اعتقد الموضوع مش محتاج شرح، أنا روحت بلغت عنه، وزي ما دخلته حياته زي ما أنا هخرجه منها وأنا مسؤولة عن أي حاجة هتحصل ياريت محدش يدخل....
كان زهران صامتًا وهو يشعر بأنه على وشك أن يفقد وعيه ولن يصمد كثيرًا بعدما ما سمعه...
سامية هي عرضه، وقد قام زوجها بتصويرها هل هناك شيء أكبر من ذلك من الممكن أن يحدث...
مرة واحدة وقع زهران أرضًا لم تعد قدمه تتحمله، ليصرخ الجميع في صوتٍ واحد..
"بابا"..
"عمو"
"عم زهران"..
لكن لا صوت....
بعد مرور دقائق استعاد وعيه بعدما جاءت وفاء بعطر، وحاولت أن تجعله يستفيق كما غرست سن دبوس خلف أذنيه تتأكد من أنه لا يمر بغيبوبة!!!
حاول الجميع حمله حتى الشقة التي تجلس فيها وفاء التي قامت بقياس الضغط له الذي ارتفع بشكل ملحوظ........
كان زهران ممددًا على الأريكة والجميع حوله...
هتف نضال بقلقٍ وأرتفع صوته:
-بابا تعالى نروح المستشفى أحسن..
قال زهران بصوتٍ خافت كأن روحه على وشك الخروج منه:
-أنا كويس متقلقوش.
لم يطل نوم سلمى فهي استيقظت على صوت الصراخات عند سقوط زهران، حاولت تجميع أي شيء من حديث الجميع حتى تفهم ما يحدث...
وسط صمت الجميع...
تحدثت سامية بحرج حقيقي وصوتٍ مكسور:
-حقك عليا يا عمي، أنا عمري ما كنت اتخيل أن ممكن الأمور توصل لكده، عن اذنكم...
قبل أن تسمع رد أي شخص عليها أو زهران نفسه، غادرت الشقة وهي تحاول أن تكبح دموعها تحت صمت الجميع وكأن الكلمات ليست كافية أبدًا في هذا الموقف...
خرجت تحت نظرات سلمى ومراقبتها لها أثناء رحيلها وجدت نضال يخرج خلفها، وهي تحاول أن تفسر معنى لما يحدث أمام عيناها.
الشياطين تراقصت أمامها في تلك اللحظة..
"في الخارج"
-استني يا سامية..
أستدارت له سامية متحدثة وعلى شفتيها ابتسامة ساخرة رغم الألم التي تشعر به أن كان جسديًا أو نفسيًا في النهاية لا يستطع أحد الشعور بما يعتريها، وبما تشعر به بعدما تعرضت للخذلان من الرجل التي أحبته وبصدقٍ:
-خير يا نضال عندك كلمتين عايز تقولهم في وشي علشان تعايرني باختياري؟!..
لم يجب عليها بما يناسب أسئلتها بل قال بغضب مكتوم يعبر عن انفجار قريب جدًا:
-الـ *** ده فين دلوقتي؟! في الكافية بتاعه؟!..
هزت رأسها نافية وهي تخبره:
-ولا في الكافية ولا في البيت، حمزة مقدم على قرض ومسددش وغالبًا بلغوا عنه أو حاجة زي كده...
-تعرفي هو فين؟؟.
غمغمت سامية بتردد:
-ليه؟..
تحدث نضال بغضب حقيقي وعيناه تقدحان شرًا:
-قولي هو فين يا سامية متجادلنيش ارجوكي......
لأنها وعدته بالأموال أخبرها بمكانه بكل هدوء وحسن نية لأنه ينتظر ويطمع في المساعدة، كما يعلم جيدًا رغم كل المشاكل التي حدثت بينهما إلا أنها تحبه وبجنون:
-عند واحد صاحبه قاعد هناك لغايت ما يشوف له حل، قالي على مكانه علشان أنا كدبت عليه ومعرفتهوش إني عرفت حاجة، قولته اني هساعده علشان يتصالح مع البنك بالفلوس اللي هو عايزها...
-عنوان الزفت صاحبه ده فين؟؟؟؟.
أخبرته بالعنوان دون إرادة منها وكأنها لا تدرك بما سوف يفعله!!..
هي تعلم أنه لن يهدأ لكن لماذا أخبرته؟!
الإجابة هي أنها لا تعلم!
رُبما لأنها أرادت الانتقام..
لا تعلم ما الذي جعلها تفعل هذا في تلك اللحظة لكنها أخبرته بالعنوان...
رحل نضال من أمامها دون قول كلمة واحدة غادر المنزل بأكمله..
وبعد مرور عشر دقائق تقريبًا كانت مازالت تقف فيهم في مكانها لا تعلم ما الذي يحدث لها؟! هي ليست بخير أبدًا.
بالأسفل..
ولج نضال إلى الجزارة دون أن يرد على أي شاب أو رجل يعمل في الجزارة يُلقي عليه التحية مر كالإعصار من دون التفوة بحرف واحد..
اتجه مباشرًا إلى إحدى الإدراج المعندية وسحبها بعنف كبير يعكس الثورة التي تتواجد بداخله..
تلك الإدراج يتواجد فيها الآلات الحادة التي يتم استعمالها في الجزارة، أخذ منها ما يكفيه تحت تعجب الجميع...
إلى أن خرج من الجزارة دون الرد على استفسارات الشباب..
وجد دياب في وجهه وكاد يصطدم به فهو أتى للتو بعدما ودع ريناد:
-رايح فين وإيه اللي أنتَ ماسكه ده؟؟؟ أنتم بقيتوا تدبحوا برا ولا إيه؟!.
-ملكش فيه..
قالها نضال وهو يتحرك مبتعدًا عنه نحو سيارته وهنا ركض دياب على الفور خلفه وركب معه السيارة دون أية دعوة منه، مغمغمًا دياب بجدية:
-لا ده واضح أن لازم يكون ليا فيه، أنتَ رايح فين على ملى وشك كده؟! في إيه يا نضال أنا اول مرة اشوفك بالحالة دي؟!
هدر فيه نضال بعنفٍ:
-انزل يا دياب من العربية وابعد عني..
قال نضال قولًا واحدًا وهو يضعط على المقود بقوة أبيضت مفاصله أثرها:
-مش رايح في حتة، المشوار اللي أنتَ رايح فيه أنا دايس فيه لو على الموت..
بينما هذا يحدث...
كانت سامية مازالت واقفة في مكانها فسمعت صوت عمها يناديها كونها لم تبتعد عن الشقة كثيرًا وكان ينادي معها نضال..
ولجت إلى الشقة مرة أخرى تحت نظرات سلمى القاتلة لقد طال الحديث على الأغلب...
أردفت سلمى حينما رأتها بمفردها ولم تجد نضال معها:
-نضال فين؟؟!!..
-مشي..
أقتربت منها سلمى برعبٍ متحدثة بانفعال وهي تمسكها من ذراعها بخوفٍ حقيقي:
-قولتي إيه علشان يمشي؟!..
لم ترد عليها سامية فصرخت سلمى فيها بغضب حقيقي:
-قولي قولتي إيه؟!...
تحدثت سامية بنبرة تائهة وهزيلة جدًا وهي تحاول السيطرة على ذاتها، شاعرة بعدم إتزانها أبدًا:
-طلب مني يعرف مكان حمزة فين وأنا قولته..
صرخت سلمى بجنون:
-ازاي تعملي كده يعني أنتِ مش عارفة هو ممكن يعمل إيه؟...
بينما وفاء تحدثت بعتاب كبير وخوف على شقيقها الأكبر:
-ليه يا سامية؟!!! ليه تعملي كده؟!!...
تحدث زهران وهو يحاول أن ينهض من مكانه رغم الضعف الذي يشعر به، لكن الأهم هو أن يلحق بابنه قبل أن يرتكب جناية:
-حد يجيب ليا الموبايل، حد يسندني...
خرجت سلمى من أمامهما وتزامنًا مع خروجها وقعت سامية في مكانها فاقدة الوعي..
أنهار جسدها...
تحت صرخات وفاء وجهاد، لم يعد أحد يعرف ما يحدث.....
هبطت سلمى على الدرج بقوة إلى أن خرجت من بوابة المنزل، لمحته في نهاية شارع خطاب قد رحل بسيارته.......
لعنت سامية ونفسها والجميع وكل ما يحدث...
لولا أنها هبطت حافية القدمين من دون نقود لكانت رحلت خلفه.....
_______________
أنهى جواد عمله وكشوفاته...
لم تكن لديه عمليات، لذلك اغتنم الفرصة حتي يزور صديقه أحمد في مكتبه، أراد أن يتأخر في العودة على أية حال، لم يكن متحمسًا للعودة مبكرًا بسبب وجود هايدي مع نسمة اليوم في المنزل، غير إلحاح أحمد عليه منذ مدة أن يأتي حتى يراه...
جدول جواد مزدحم كثيرًا لذلك من النادر أن يجد وقت لمقابلة أصدقائه....
جلس على الأريكة الجلدية في مكتب صديقه أحمد الذي يجلس بجواره، أمامهما الطعام الذي أتى به جواد من أجل أني تناول العشاء معه...
تناول كلاهما القليل، ثم طلبا القهوة...
تمتم أحمد ساخرًا:
-والله المفروض ادي كل اللي شغالين هنا إجازة اسبوع كامل..
لم يفهم جواد الأمر لذلك عقب بعدما أخذ رشفة من قهوته:
-ليه؟!.
قال أحمد بطريقة مسرحية وهو ينظر له:
-جواد عز الدين بنفسه جه وشرف مكتبي، أنا مش فاكر أخر مرة جيت هنا امته أو أخر مرة اتقابلنا امته؟؟ احنا مش بنتقابل غير لما أنا أطب عليك في البيت أو الشغل أو اي حتة غير كده مش بشوفك..
رد عليه جواد رد بسيط:
-معلش بقا، وبعدين اديني لما فضيت جيت.
تحدث أحمد من دون مرواغة:
-على فكرة أحلام كلمتني، وقعدت تشتكي ليا ولا كأني ولي أمرك...
تمتم جواد بنبرة ساخرة وهو ينظر له بعدما ترك فنجان القهوة على الطاولة:
-مفيش فايدة فيها مش ناوية تتهد.
-لا واضح أنك علمت عليها جامد وأنها جاية من السفر عشمها فيك وبزيادة، شكلها متعرفش أن في حد تاني في حياتك..
ضحك جواد هازئًا وهو يخبره:
-لا شكلها مفيهاش حد، إيناس طلعت صاحبتها أصلا وهي رافضة الموضوع تمامًا، وأخر حاجة قولتها ليها هسيبك كام يوم تفكري لو بعتت ليا رقم أخوها هكلمه، لكن لو بعتت أي رد تاني أنا خلاص مش هضايقها وهخرج من حياتها..
تمتم أحمد ساخرًا هو الأخر:
-يعني هي ملقتش غير أحلام وتصاحبها؟!..
تحدث جواد بنبرة مختنقة وهو يسرد له الحقيقة:
-أنا من أول ما شوفتها وأنا عارف أنها كانت جارة لأحلام وأن حالة والدتها هي دي اللي كلمتني عنها بس مكنتش أعرف أنهم كانوا صحاب؛ للدرجة أنها كانت تعرف كل كبيرة وصغيرة عن علاقتي بأحلام، وأصلا هي مش عايزة تتجوز ووسط كلامها قالت أن أحلام مش هتسكت وأنها مش عايزة تكون في موقف بايخ قدام أهلها على أي رد فعل ممكن تاخده أحلام..
هتف أحمد بنبرة جادة جدًا وهو يتذكر حديث سابق:
-بصراحة معاها حق خصوصًا أن اخوها غالبًا مش بيتفاهم وعصبي جدًا مش بيهزر وأحلام دي شكلها مش هتسيبك بالساهل..
تمتم جواد بنبرة جادة:
-اللي عندها تعمله، هي مش فارقة معايا، كل اللي فارق معايا دلوقتي رد إيناس عليا، وقتها ممكن يكون فيه كلام تاني في كل حاجة، لكن بالنسبة لأحلام كلامنا منتهي في وجود إيناس أو غيرها...هي كانت متصلة تشتكي ليك؟
-اه وعايزاني اتوسط ليها، واتكلم معاك علشان ترجع شغلها اللي فهمته يعني أنها مش لاقية شغل وحالتها صعبة، وهي عايزاك تفصل بين الشغل وبين علاقتكم وترجعها وأنا بصراحة نيمتها في الذرة وقولتلها أني هكلمك ولو وصلت لحاجة هبلغها...
أردف جواد بنبرة مقتضبة:
-لو كلمتك تاني عرفها أنها ولا هترجع شغل ولا غيره خليها تشوف حد تاني تشتغله، وتدور ليها علل شغل في حتة تانية، و لو كلمت مين مش هرجعها الشغل من أساسه...
صمت أحمد لثواني ثم أسترسل حديثه:
-سيبك من ده كله لو إيناس ردت عليك ووافقت عرفني وموضوع أحلام ده سيبه عليا أنا..
سأله جواد باستغراب وهو يضيق عينه:
-هتعمل إيه يعني؟؟..
أردف أحمد ببساطة وهو يشعل سيجارته:
-هكلمها بالطريقة اللي تفهمها..
-مش فاهم..
-مش مهم تفهم يا دكتور، جواد أنتَ طيب و ابن ناس زيادة عن اللزوم وفي نوع من الستات من كتر بجاحتها بتحتاج معاملة تانية ولغة تانية وبتحتاج كلام أنا متأكد أنك معرفتش تقوله، وهي محتاجة تسمعه علشان تقف عند حدها، وبعدين متقلقش يعني؛ أنا هسمعها كلمتين حلوين زي اللي قولتهم ليها أنتَ بس بشكل تاني.....
____________
تقف سلمى في بهو المستشفى بعدما تم استقبال سامية في قسم الطوارئ، جاء بها زهران هو والفتيات إلى أقرب مستشفى ويتم فحصها الآن...
زهران يتصل بـنضال؛ لكن لا يجيب عليه، يغلق هو باحباط كبير، في نفس اللحظة، تقوم سلمى بالاتصال به لكنه لا يجيب أيضًا على اتصالاتها...
لم تفق سامية حتى الآن لتخبرهما عن المكان مازالت في الداخل يفحصونها الأطباء...
بسبب اتصالاتها المتكررة التي تخطت الخمسين وكذلك زهران..
كانت الإجابة من نصيبها هي وهو يرد عليها بانفعال:
-عايزة إيه يا سلمى، بترني كل ده ليه؛ زن، زن، زن وأنا سايق...
تحدثت سلمى بانفعال شديد وخوف كبير تحديدًا حينما أخبر زهران أحد الرجال العاملين في الجزارة بأن نضال أخذ بعض الأدوات الحادة جدًا:
-والله يا برودك يا أخي! أنتَ فين؟! ارجع يا نضال، ارجع علشان خاطري هي كده كده بلغت...
جاءها صوته الجهوري:
-مش راجع يا سلمى واقفلي، متنرفزنيش أنا على أخرى والله العظيم ما هسيبه!!!!.
هتفت سلمى بغضب:
-نضال ارجع اللي بتعمله ده مينفعش أنتَ عايز تودي نفسك في داهية؟؟ وعلشان إيه كل ده؟!! ما هي قدمت بلاغ عنه وخلاص، اللي بتعمله ده بتعقد الأمور وهتعمل مصيبة تودي نفسك في داهية بسببها....
لم يستجب إلى حديثها!
كأنه لا يسمعها وهو يخبرها بنبرة قاطعة توحي بالشر:
-اقفلي يا سلمى، اقفلي علشان أنا على أخرى...
قالها بغضب كبير عقله لا يتقبل النقاش حاليًا مما جعلها ترد عليه رد لا تعلم هل كان في محله أم لا؛ لا مجال لعقلها، بل قلبها يتألم ويرتجف بشدة:
-نضال ارجع وإلا ما هتشوف وشي تاني وهرجع بيتنا واعتبر كل حاجة خلصت ما بينا..
كانت حمقاء!
متهورة ومتسرعة تناقش أحد يذهب منتقمًا من أجل شرفه!!
الانتقام يعميه وأخذ الحق له مشاعر مختلفة تجعل جميع حواسك كلها في حالة من الصمت..
الانتقام وحده هو من يسيطر عليه..
لا تستطيع المرأة أن تنجح بتهديد في وقتٍ هكذا أبدًا........
رد عليها بنبرة جافة وغاضبة إلى اقصى حد كأنه اصبح رجلًا لا تعرفه:
-ماشي الباب يفوت جمل يا سلمى، اقفلي بقا...
أغلق المكالمة في وجهها تحت صدمتها الكبيرة، حدقت في الهاتف بذهول...
فعادت تتصل به مرة أخرى لكن هاتفه كان مغلقًا، جاء زهران من أخر الرواق متحدثًا:
-كنتي بتكلميه ولا بتكلمي مين يا سلمى؟؟.
ردت عليه سلمى بصدمة وصوتٍ مرتجف:
-كنت بكلمه هو.
قال زهران غاضبًا وخائفًا:
-طب ومقولتليش ليه؟!!! كان لازم اكلمه أنا...
قالت سلمى بنبرة جادة وحانقة بسبب عدم اهتمامه حتى بحديثها، بسبب تصميمه أيضًا على أن يقع في كارثة لا يعلم أحد نتائجها:
-شوف سامية عاملة إيه؟! لو فاقت تقولنا على المكان لازم نروح بأسرع وقت نضال قفل تليفونه أصلا!!!.
من نهاية الرواق ظهرت انتصار بلهفة كبيرة يرافقها شقيقها، لا تدرك ما يحدث..
جاءت بعد اتصال من زهران يخبرها بأن تأتي إلى المستشفى من أجل سامية..
اقتربت منهما جهاد ووفاء، تزامنًا مع إتيان انتصار وشقيقها...
تحدثت انتصار بقلق شديد:
-بنتي فين يا زهران؟؟ بنتي حصلها إيه؟!...
لم يرد عليها أي شخص بل الأمر طويلًا معقدًا إلى درجة تجعل أخبارها به ليس شيئًا هينًا، فصاحت انتصار ودموعها تهدد بالسقوط:
-حد ينطق يقولي بنتي مالها وجوزها فين؟؟ وإيه اللي جابها من غير ما تقولي؟!!
______________
يقف أمام الشقة التي أخبره حارس البناية عنها بعدما أخذ سيجارة من سجائر دياب ونقود لا بأس بها من نضال...
قرع دياب الجرس...
بعد دقيقة تقريبًا كان يفتح له صديق حمزة الباب، الذي يُدعى "هيثم" البالغ من العمر ثلاثة وثلاثين عامًا...
-مين حضرتك؟!..
نظر له دياب الذي بالكاد يتلاشى وجهه خلف الدخان الكثيف ينفث دخانها بثبات بعدما كانت مشتعلة بين أصابع يده السليمة والأخرى ملفوفة بسبب شرخها:
-مساء الخير...
رد عليه هيثم بعدم فهم:
-مساء النور، مين حضرتك؟؟؟.
هتف دياب بعدما أخذ نفس أخر وكان الرواق مظلمًا بعض الشيء:
-أنا جاي في مصلحة مش حمزة هنا برضو؟.
تحدث هيثم بسرعة نافيًا كانت نبرته مهزوزة التمس بها دياب كذبه وخوفه البادي عليه:
-لا حمزة مش هنا، وحمزة مين ده اللي هيكون هنا؟! حضرتك غلطت في العنوان...
تمتم دياب وحقيبة موضوعة على الأرض أمامه نظر لها بحسرة قبل أن يتحدث:
-يا خسارة، ده أنا كنت جاي له في مصلحة مراته بعتتني بالفلوس، حقك عليا أنا ازعجتك معلش...
جاء حمزة، خرج من خلف الباب مرة واحدة هاتفًا بفرحة عارمة:
-أنتَ سامية اللي بعتتك؟؟.
قبل حتى أن يتعرف عليه!!
خرج نضال من خلف الحائط مسرعًا، يتقدّم نحوه بخطى غاضبة، والساطور ( سكين عريضة وثقيلة) يلمع في قبضته كنيّةٍ عن نية لا تحتمل الشك...
أقترب منه ووضع "الساطور" على عنقه حتى كاد يجرحه دون أن يبذل مجهودًا، بينما هيثم ابتعد بخوف كبير، أما دياب ينفث دخان سيجارته مستمتعًا وهو يسمع صديقه...
-لا بعتتني أنا مش هو..
أنهى حديثه ثم تقدم وهو يمسك ذراعه بينما حمزة يعود للخلف...
تزامنًا مع عودته ألقى دياب سيجارته أرضًا ثم ضغط عليها بحذائه وأقترب من هيثم وهو يغلق باب الشقة خلفه...
هاتفًا بصوتٍ غامض ولكنه مخيف من الدرجة الأولى أعينه تلمع وتظهر شرًا كبيرًا حينما أخبره نضال عن فعلة هذا الوغد..
تجمد حمزة في مكانه وعينه تعكس لمعان الساطور، يقف بصعوبة خائفًا وطرف الساطور يضغط بقوة على عنقه على وشك أن يخترقه..
-هما عيلة في بعض، تعالى اعملي قهوة ونسيبهم براحتهم أحسن، أصلي مبحبش أدخل في المشاكل العائلية أنا ولا في المشاكل عمومًا....
ثم دفعه نحو المطبخ المفتوح وهو يشير له جالسًا على أحد المقاعد وفي الخلفية كان نضال يلكم حمزة بقوة...
هتف دياب بهدوء:
-يلا اعملنا قهوة بلاش تتفرج علشان ده خطر عليك لو حابب لسه تتجوز، أو لو مش حابب يقطعك حتت صغيرة جنب صاحبك خلينا نخرج بأقل الخسائر عجل واحد بدل اتنين..
قال هيثم بخوف حقيقي:
-حاضر...
نظر دياب نحو الشاشة الكبيرة ليجد فيلم إباحي تم تشغيله عليها وقد تم توقفيه على الأغلب مما جعل دياب يهتف وهو يلقي كأس من المعلقين أمامه قاذفًا أياه على الشاشة بقوة كسرتها، ثم صرخ فيه وهو ينهض من مكانه، مازال نضال مستمرًا في ضرب حمزة ضربًا مبرحًا:
-هات تليفونك أنتَ وهو..
بالفعل أتى هيثم بالهواتف وهو يمسكه من ذراعه ثم دفعه دياب مرة أخرى إلى المطبخ:
-ده نضال هيعملك فيلم دلوقتي هتنبسط لما تشوفه وتتمتع أكتر مما كنت تتخيل ومن اللي كنت بتتفرج عليه..
لم يعد في جسد حمزة جزء سليم على الأغلب من كثرة اللكمات التي أنهال عليه نهال بها، انتقم منه، كان يتعامل معه بوحشة لم يعهدها في حياته..
درجة من الجحود والجنون لم يصل لها من قبل، لكنها تناسب الفعل الذي تم ارتكابه بابنه عمه.....
قام نضال بعد مدة بربطه في المقعد الخشبي...
أما دياب يراقبه مستمتعًا....
بينما هيثم كان على وشك أن يفقد وعيه ولا يعلم بمن يتصل حتى الهواتف أخذها دياب ووضعها في جيبه ثم عاد يشرب القهوة التي لم تكن قهوة من الأساس...
لم يعد لدى هيثم أعصاب حتى يفعل أي شيء..
أخرج نضال الأدوات الذي أتى بها وهي ملفوفة بالشاش وهو عازم على تقطعيه بالفعل قائلا بفحيح:
-عارف إيه أكتر فقرة لو سألت الناس نضال بيحبها في الأعياد هتكون ايه؟!
تمتم حمزة بسخرية شديدة على الرغم من اللكمات التي تتواجد في أنحاء متفرقة في وجهه وجسده:
-متقولش صلاة العيد.
أزاح نضال قطعة القماش البيضاء التي تخفي السكاكين والآلات الحادة التي جعلت عين حمزة كادت أن تخرج من مكانها والخوف بدأ يدب بأوصاله حينما تحدث الأخر بنبرة خطيرة:
-تشفية الخروف والعجل والمرة دي الخروف من نوع جديد وخروف بحق وحقيقي، بس الدبح هيكون بسكينة تلمة أوي، وهعملك فيلم اخلي الناس كلها تتفرج عليه، فيلم من نوع تاني......
هتف حمزة بوقاحة حقيقية:
-كل ده علشان عوزت فلوس من مراتي أما أنتم بتأكلوا حقوق الناس.
أخذ نضال سكين صغير لكنه كان يكفي أن يسير بها على يده يحدث بها جرح كبير جدًا وطويل....
صرخ حمزة واهتز جسده كله بأكمله بسبب...
تحدث هنا دياب معترضًا:
-اهو سربعتك على طحنه يا نضال هي اللي خليتك تنسى تقوله هو بيضرب ليه يا أخي ده مش اسلوب والله العظيم..
صدع صوت رنين الجرس كاد هيثم أن يركض لولا دياب الذي منعه وهو يأخذ سكين ما من الموضوعين أمامه على الرخامة السوداء....واقفا خلف هيثم تحديدًا..
-لو عملت أي حركة معجبتنيش متعرفش هعمل فيك إيه ومتخافش أنا واخد على الاقسام وهي خدت عليا، هتلاقي السكينة دي راشقة في ضهرك....
فتح هيثم الباب ودياب يقف خلفه وأول جملة خرجت من فم زهران الذي يقف بجواره خال سامية:
-أنتَ هنا يا صايع...
هتف دياب معترضًا بغضب واضح:
-هو ده وقته يا عم زهران..
-ايوة وقته فين ابني اللي عايز يودي نفسه في داهية وفين الـ***..
دفعهما زهران حتى هيثم سقط أرضًا وجعل دياب يترنح فولج زهران وخلفه خال سامية، وسريعًا أغلق دياب الباب...
ما أن وجد زهران "حمزة" أمامه تناسى كل شيء وانقض عليه يصفعه بقوة ويلكمه وهو يصرخ ويصيح:
-أنتَ يا ***، ****، ***** يا اللي حسبوك من ضمن الرجالة غلط تصور بنت اخويا أنا، ده أنا هعلقك زي الدبيحة زي ما وعدتك..
هتف خال سامية وهو يحاول كبحه وكذلك نضال الذي كان ثائرًا أكثر منه ولكن بالرغم من ذلك كان يحاول أن يبعده عنه:
-خلاص يا زهران اهدى المواضيع مش هتتحل كده، ده أنتَ جاي تلحق ابنك ولا جاي تكمل عليه أنتَ.........
تأوه حمزة بألم حقيقي يفتح بجسده بأكمله ويده الدماء تهبط منها بشكل مريع...
لطخ المقعد والأرض والبساط الأبيض بينما دياب يمسك هيثم بـيد واحدة..
هتف زهران بنبرة جادة وهو يعاتب ابنه:
-بقا تعمل كده يا نضال عايز تودي نفسك في داهية علشان *** ده، سيبهولي أنا...
تحدث خال سامية محاولا فض النزاع:
-يا جماعة البت بلغت عنه وخلاص مش هيقدر يفلت منها، خلونا نمشي من هنا قبل ما تحصل كارثة...
تمتم زهران موجهًا حديثه إلى نضال:
-يلا لم الحاجة دي علشان نمشي...
هتف نضال معترضًا:
-لا مش ماشي غير لما اقتله...
أردف زهران بانفعال كبير:
-يلا بدل ما اخدك غصب عنك هو خلاص مفيش فيه حتى سليمة يلا، سامية في المستشفى واحنا مش فايقين ليه، هنرجعله تاني ده لو كان لسه فيه الروح..........
أخذ خال سامية يقوم بجمع تلك الادوات في الحقيبة وخرج من المنزل خلفه نضال وزهران الذي يمسكه وكأنه مازال في المرحلة الابتدائية..
بينما أقترب دياب من حمزة صفعه وهو ملقي أرضًا هاتفًا باعتذار بعد رحيل الجميع:
-معلش حقك عليا، عارف اني مليش علاقة في الموضوع بس أنا مفروس أول مرة أكون في خناقة ومشاركش فيها، انا استنيت دوري بأدب للأخر لو مكنتش عملت كده مكنتش هعرف أنام لو كتمتها جوايا...
ثم ابتعد عنه وحمزة يأن ألمًا بينما صوته لا يخرج منه من الأساس..
أقترب دياب وهو يعطى القداحة إلى هيثم متمتمًا وهو يخرج سيجارة من جيبه:
-ولع ليا السيجارة دي..
فعل هيثم ما أراده منه وهو يهتز، مرتجفًا من شدة الخوف....
غمغم دياب بنبرة جادة بعدما سحب نفس من سيجارته فتوهج طرفها الأحمر:
-دلوقتي أنتَ لسه شاب صغير والطريق قدامك، اعتبر نفسك مشوفتش حاجة اديك شايف الناس اللي هنا مش بيهزروا ازاي؟! لو عملت أي مشكلة صدقني أنا شخصيًا مش هعرف احوش عنك..
-هو كان هيقطعه بجد؟!
هز دياب رأسه نافيًا ثم أردف:
-لا كان هيدبحه وهيشفيه الأول بعدين يقطعه؛ التقطيع دي أخر مرحلة دول جزارين، ولو خايف على عمرك اعتبر نفسك مشوفتش حاجة ومن رأيي تقطع علاقتك بصاحبك لأنه مشاكله كتير، وأنا حبيتك مش عايز اشوفك في حلة شوربة عم زهران بيغليك ويأكل لكلاب السكك....
جاء زهران من الباب الذي مازال مفتوحًا بينما حمزة كان فقد وعيه تمامًا بعدما سقط بالمقعد المربوط فيه:
-ما يلا يا صايع عجبتك القعدة مع الـ***** دول، يلا علشان احنا ماسكينه تحت بالعافية....
ثم بصق على حمزة الذي بات جثة هامدة على الأرض وأخذ دياب ثم رحل تمامًا بعدما ألقي دياب هواتفهم أرضًا.....
___________
تضرب انتصار بيدها على صدرها تنوح وتبكي من أعماقها، هي على وشك أن يصيبها شيئًا؛ لم تصدق بأن هناك رجلًا قد يقوم بتصوير امرأته بين أحضانه!!!!!!
ماذا كان ينوي أن يفعل بها؟!...
يجلس شقيقها بجوارها يحاول تهدئتها ولكن ليس هناك أي جدوى أو نتيجة.....
تورمت عيناها منذ أن كانت في المستشفى تبكي، أثناء عودتهما كانت تبكي وكذلك حتى وصولها إلى هنا..
أصرت سامية على الذهاب إلى المنزل بالرغم من تحذيرات الطبيب كونها تحتاج إلى الراحة من أجلها ومن أجل جنينها...
هتفت انتصار بقهرة وحسرة:
-ياما قولنا لكن أنتِ عندتي وعملتي اللي في رأسك وادي النتيجة يا سامية ادي النتيجة..
كان زهران قابع على المقعد صامتًا ومنفعلًا جدًا ترك ابنه بصعوبة وحاول تهدئته ثم دخل الشقة هنا معهم....
قال شقيق انتصار بنبرة مكتومة:
-خلاص يا انتصار اهدي..
صاحت انتصار باستنكار وغضب حقيقي:
-اهدى إيه وزفت إيه؟؟ احنا في مصيبة وأنتَ تقولي أهدي...
نهضت سامية من مكانها بانفعال كبير متحدثة بغضل واضح:
-خلاص محدش يدخل ولا يتكلم أكتر من كده أنا الطريق اللي بدأته هكمله ومن بكرا همشي في الإجراءات وهعمل توكيل للمحامي ومش هسكت ومحدش يدخل زي ما أخدت القرار بنفسي أنا هاخد حقي بنفسي ومش هسكت..
قالت انتصار بانفعال مبالغ فيه بسبب الصدمة التي وقعت عليها:
-اهو ده اللي أنتِ فالحة فيه، مفيش حاجة جابتنا ورا غير مشيانك بدماغك دي..
زفرت سامية بضيقٍ ثم ولجت إلى حجرتها صافعة الباب خلفها وهنا تحدث زهران أخيرًا بنبرة جادة:
-خلاص يا انتصار مش وقته البت فيها اللي مكفيها، ده مش وقت عتاب اللي حصل حصل، كلامك ده ولا هيقدم ولا هيأخر اقفي جنب بنتك وخلاص..
أخذت انتصار تبكي أكثر عقب كلمات زهران ولم تتفوه بحرف بينما شقيقها أخذ يستغفر...
نهض زهران من مكانه ثم توجه إلى حجرة سامية، فتح الباب بعدما طرقه..
فتح قبل أن تأذن له فلم يمر الكثير على رحيلها..
وهو يتوقع حالتها...
وجدها جالسة على الفراش تبكي بصمتٍ فجلس بجوارها بعدما أغلق الباب خلفه مغمغمًا:
-أمك مش قصدها حاجة يا سامية، أمك مقهورة عليكي وبتقول كده مش زعلها، احنا يا بنتي جيلنا ميفهمش ولا مستوعب الـ***** اللي بقت الأيام دي، هي مش شمتانة ولا قصدها تعاتبك هي من وجعها بتقول كده.
لأول مرة تحضنته سامية بخوف حقيقي كانت ترتعش بين أحضانه، كانت تريد أن تشعر بحنان والدها التي افتقدته اليوم وبشدة..
ربت زهران على ظهرها مغمغمًا:
-اهدي يا بنتي علشان اللي في بطنك وحقك هيجي لغايت عندك..
-أنا اسفة، كلكم كان عندكم حق.
قال زهران بحنان وهو ينظر لها بعدما ابتعدت عن أحضانه:
-مش وقته الكلام ده يا سامية قومي غيري هدومك ونامي وارتاحي والصباح رباح، ارتاحي يا بنتي اليوم كان طويل ومش عايز يخلص وأنتِ تعبانة، اللي من نصيب الواحد بيصيبه ومهما قولنا لو ولكن المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين....
قالت سامية بأعين حمراء:
- بس أنا مش هتنازل عن المحضر مهما حصل، ومش فارق معايا حتى لو الناس كلها عرفت، علشان أنا عارفة أنكم بتفكروا في شكلنا، أنا مش هسيب حقي ولا هكتفي بضرب نضال ليه..
سألها زهران بنبرة حازمة وحاسمة:
-أنتِ عملتي حاجة غلط تخافي منها؟.
هزت رأسها نافية وهنا تحدث زهران:
-يبقى تولع الناس كلها، نامي دلوقتي وبكرا نشوف المحامي ونشوف هنتصرف ازاي...
_______________
كان حمزة نائمًا على السرير في إحدى العيادات الخاصة التي تعود إلى صديق هيثم....
فهو لم يرغب بالذهاب إلى مستشفى حتى لا يقوم أحدهم بفتح محضر أو أسئلة لا يرغب في الدخول فيها...
يجلس هيثم بجوار الفراش الصغير نسبيًا فهو يخص حجرة الكشف لا سرير مريح للمريض، بينما حمزة يأن ألمًا بعدما تم تخيط جرح يده الطويل جدًا والذي سيترك أثرًا كبيرًا جدًا....
هتف حمزة بألم شديد يفتك في جميع أنحاء جسده حتى وذلك المحلول المسكن للألام الموضوع في "كانولا" في ذراعه لم يجدي نفعًا على الأغلب:
-والله ما هسيبهم..
تحدث هيثم بعدما اعتدل في جلسته على المقعد متمتمًا:
-المهم صحتك يا حمزة مش وقته، وأحمد ربنا أنك اتلحقت..
تمتم حمزة بغضب شديد:
-اتلحقت بعد ما شوهني والله ما هسيبه، هعمله محضر.
تحدث هيثم وكأن به القليل من النخوة:
-وهما عاملين ليك محضر أنتَ مصور بنتهم أنتَ اتجننت تقريبًا، اه ساعات بنتفرج بس مش لدرجة أنك تصور مراتك ده أنتَ هتتفضح..
غمغم حمزة بانفعال واضح وهو يحاول قول أي شيء قد يشفع له:
-هي عارفة..
هتف هيثم باستنكار لا يصدق ما يقوله صديقه:
-استحالة ست توافق على كده دي مراتك أنتَ بتخربها أكتر وبطلع صورة مراتك وحشة قدامي كمان، أنتَ اتجننت فعلا يا حمزة، الناس دي كانت ممكن تدبحك بسهولة وتدبحني معاك أنا لسه مش قادر استوعب أصلا اللي حصل قدام عيني دي ناس مبتتفاهمش ده كان زماني واقف في عزاك..
أردف حمزة بانفعال طفيف ويأس من الإنكار:
-أيوة صورتها بس عادي يعني أنا مكنتش ناوي اعمل بيهم حاجة أنا كنت بتفرج عليهم مع نفسي...
لا يدري إلى أين كانت سوف تصل ميوله وجموحه في المستقبل وشهوته التي أعمته تمامًا...
قال هيثم بسخرية:
-اهي راحت بلغت عنك ده لو الناس عرفت اللي عملته مش هتعرف ترفع وشك قدام حد..
هتف حمزة باستياء شديد رغم عدم معرفته من أين علمت بتصويره لها فهو أزاح الكاميرا وأخفاها منذ زمن في مكتبه في "الكافية":
-أكيد في حل يا هيثم متعقدهاش في وشي، أكيد في حل اظبط بيه الدنيا، وبعدين سامية بتحبني وأكيد هحاول اتكلم معاها، أهم حاجة تقوم توديني أي قسم ونجيب البواب ونروح نعمل محضر في نضال الـ*** ده...
تمتم هيثم وهو ينهض من مكانه رافضًا هذا كله، برعب حقيقي كان يظهر في عينه التي كانت زائغة في كل مكان:
-لا مع نفسك يا حمزة، أنا مليش دخل بكل الهليلة دي..
تحدث حمزة بعدم استيعاب:
--يعني إيه اللي بتقوله ده؟! كل حاجة حصلت في بيتك!!..
بلع هيثم ريقه بصعوبة وهو ينظر له:
-لا مفيش حاجة حصلت في بيتي يا حمزة مع نفسك أنتَ، أنا ولا شوفتك ولا غيره، ولا شوفت أهل مراتك، مدخلنيش في مشاكل مع الناس دي لأني مش هشهد بحاجة ولو عملت محضر هكدبك فيه، ويستحسن أنتَ تلاقي حل ودي معاهم أصلا لو روحت عملت محضر أي محامي هيطلعهم منها خصوصًا أنهم أهل وبيدافعوا عن شرف بنتهم....
هدر حمزة بعنف شديد:
-أنتَ جبان، للدرجاتي خايف؟؟.
تمتم هيثم متهكمًا وهو يشير إليه:
-لو بصيت لنفسك في المرايا وفكرت في اللي حصل هتفهم أنا خايف ليه يا حمزة، الغريبة أنك أنتَ اللي مش خايف ولسه بتعاند..
_____________
لا يستطيع أن يحصي عدد المرات التي اتصل بها بعدما عاد مع والده إلى المستشفى فهي بمجرد معرفتها بأنه قد عاد ولم تحدث مشكلة معه...
رحلت قبل أن تراه....
وقتها انشغل مع العائلة في أخذ سامية إلى المنزل، بعدها عاد يتصل بها مرة أخرى لكن لا يوجد إجابة.....
أخبرته وفاء وجهاد بأنها كانت في حالة عصبية، فأخبرتهما بأنها سوف تعود إلى المنزل الخاص بعائلتها....
في الحقيقة لم يحاول أحدهما تهدئتها أو يثنيها عن قرارها، الجميع غاضب ومنفعل على أية حال...
صعد نضال على الدرج الخاص بالبناية التي تتواجد فيها شقة السيدة يسرا..
كان غاضبًا جدًا هي تتجاهله تحاول افتعال مشكلة لا تشعر بحجم الكارثة التي وقعت فيها عائلته!!!.
كل ما يحركها هو غيرة لا يظن بأن لها معنى أبدًا في موقف كهذا!!!!
حسنًا كان منفعل معها على الهاتف لكنها هي من ضغطت عليه وقتها......
قام بقرع الجرس لكن لا حياة من ينادي...
فأخذ يقرع بيد واليد الأخرى يطرق بها الباب قائلًا بغضب فهو يعلم بأنها رُبما تقف خلف الباب ليس من الطبيعي أبدًا بأن تكون لم تسمع كل تلك الضوضاء التي يحدثها:
-افتحي الباب يا سلمي متجننيش...افتحي الباب يا بنت الناس نتكلم...والله لاوريكي أنك مترديش عليا لما اتصل بيكي و...
قاطع حديثه خروج أحدى النساء البالغة من العمر خمسين عامًا تقريبًا من الشقة المقابلة هاتفة:
-في إيه يا بني مهي مش عايزة تفتح بقالك ساعة بتخبط عيب اللي بتعمله ده، والله هتصل بالمعلم زهران يشوف اللي احنا فيه ده، البت يتيمة واتقي الله.......
تمتم نضال بنبرة منفعلة:
-أم أيمن ادخلي الشقة واعتبري نفسك مش سامعة حاجة، ولو معاكي رقم أبويا كلميه؛ دي مراتي وأنا عايز أتكلم معاها لو سمحت متدخليش..
لوت شفتيها بتهكم وهي تقول بنبرة جادة منفعلة:
-مكنتش متخيلة أنك قليل الادب للدرجة ده اخوك سلامة برقبتك على الأقل كان بيأخد شبكته في السَبت قدام الناس كلها وهو ساكت.....
-اه أنا قليل الأدب اتكلي على الله يا أم أيمن...
بالفعل أغلقت أم أيمن الباب في وجهه...
هنا تحدث نضال ساخطًا متأكدًا من أنها تقف خلف الباب:
-شوفتي فرجتي الناس علينا...افتحي الباب يا سلمى نتكلم بلاش شغل العيال ده...
سمع صوتها أخيرًا من خلف الباب وهي تخبره:
-ارجع بيتكم وحل مشكلة بنت عمك، مش الباب يفوت جمل برضو؟! روح شوف اللي تهمك واقعد جنبها ولو عايز ترجع لحبك الاولاني ارجع يا نضال، وامشي علشان متفرجش الناس علينا فعلا..
ركل الباب بقدمه بانفعال وياليته انكسر مما جعلها تشهق بالداخل..
تمتم نضال قبل رحيله:
-مش هرد عليكي يا سلمى والله، أنا ماشي براحتك مدام مش عايزة تفتحي....
بالفعل رحل تاركًا أياها بانفعال كبير ثم ذهب إلى المنزل الخاص بعائلته...
طالبًا من جهاد مفتاح الشقة فهي ترفض الحديث معه بالفعل أخبرته جهاد وقتها:
-لا يا نضال مينفعش كده وأصلا سلمى مش هتيجي بالطريقة دي يستحسن تسيبها تهدى، وأنتَ كمان تهدى وبعدين تتكلموا...
قال زهران بحكمة شديدة ووفاء تقف في المطبخ تحضر العشاء:
-صح جهاد بتتكلم صح، واسكتوا بقا لغايت ما نتعشى واليوم ده يخلص بقا الواحد جاب أخره..
__________
أخيرًا بعد هذا اليوم الطويل، الحزين..
والصعب جدًا...
أصبحت على فراشها، يغمرها الحزن والكآبة..
نعم لم تكن على وفاق مع سامية لكن لا تنكر أن ما تعرضت له لا يمرر مرور الكرام على عقل إنسان سوي وطبيعي، بل يحزنه ويقلقه...
وختامها رحيل سلمى لكنها لم تلومها فهي تعلم بأن من حقها أن تغار على زوجها...
وبعد شجارهما كان هذا المتوقع فقط ما يصبرها بأنها تعلم بأن الشجار لن يطل بينهما، بالتأكيد سوف تنهدأ أعصابها وتعلم بأن غضب نضال طبيعي لا يخص علاقة قديمة في النهاية هي ابنه عمه، وعرضه......
أمسكت هاتفها رغم أن الساعة تخطت الثانية بعد منتصف الليل وقامت بالاتصال به على الرغم من أنها تعلم بأن الوقت تأخر ورُبما قد ذهب في النوم....
بعد مرور ثواني..
كان سلامة يجيب عليها بصوتٍ ناعس:
-لسه فاكرة يا هانم؟!، بعد ما خلصتي مشوارك مع اختك، جاية تفتكري الراجل المتغرب..
كان هذا هو العذر التي اختلقته من أجل عدم اجابتها على اتصالاته طوال اليوم، العذر هو أنها مع سلمى تقوم بشراء بعض الأشياء من أجل زفافها..
أخبرها زهران بألا تقول له شيء...
ولا تزيد من انزعاجه وهو في الخارج ليس بيده شيء في النهاية...
هتفت جهاد بنبرة حاولت جعلها مرحة قدر المستطاع وخفيفة:
-عادي حبيت أريحك مني يوم واهو تعرف قيمتي فيه..
بدأ صوته الناعس يصبح طبيعيًا بعض الشيء:
-عرفتها مكنتش لاقي حد اكلمه وعايش في فراغ مفيش حد يصدعني..
شهقت جهاد مصدومة:
-يعني أنا بصدعك يا سلامة؟!.
شعر بأنها على وشك أن تبكي ولم تتحمل مرحه لذلك تراجع وهو يخبرها:
-لا مش قصدي أكيد...
-تعالى عليا واجرحني مش كفايا اللي أنا فيه؟..
جاءها صوته وهو يتثأئب يخبرها باستغراب:
-إيه اللي فيكي بس يا حبيبتي؟؟.
أردفت جهاد بجدية وهي تخبره بالهواجس التي تأتي في عقلها تلك الفترة والتي تحبها لأنها تشغل عقلها عن أحزان حقيقية:
-أنا تخنت أوي يا سلامة؛ أنا مبقتش جهاد السمبتيك اللي كنت سايبها بقيت زي العجل كده أو البقرة...
سمعت صوت ضحكة فلتت منه رغمًا عنه دون أن يقصد وهو يخبرها:
-عادي يا جهاد وبعدين كل لما بتنزلي بتتصوري وب
تبعتيلي مش شايفك تخنتي بالشكل اللي بتتكلمي عنه ده..
قالت جهاد بجدية:
-لا تخنت وجامد متكدبش عليا يا سلامة وتعمل زي سلمى خليك صريح..الكاميرا مرفعاني شوية بس..
-هي مش كانت بتخن؟!.
تمتمت جهاد بكأبة:
-أنا مش بهزر...
رد عليها سلامة ببساطة:
-عادي يا جهاد أي واحدة بتحمل جسمها بيتغير وبتزيد في الوزن ده طبيعي يعني، وكلهم أول ما بيولدوا جسمهم بيرجع تاني وأنتِ جسمك هيرجع عادي وهتخسي..
قالت من وسط دموعها بيأس، فهي بكت حقًا:
-أفرض مرجعتش؟! مش الكل بيعرف يرجع.
-اعملي دايت ساعتها عادي..
هتفت جهاد وهي تغلق في وجهه جميع الطرق:
- أنا مبعرفش أعمل دايت أساسًا..اعمل إيه بقا ساعتها علشان ارجع اخس تاني؟!..
تمتم سلامة بجدية ولامبالاة:
-عادي يا جهاد متخسيش هيحصل إيه في الدنيا يعني؟ هو احنا قايمين نقدملك على مسابقة الرشاقة بعد ما تولدي، عادي حتى لو مرجعتيش زي الاول مش مشكلة يعني..
-لو مش فارق معايا هيفرق معايا أنا.
تحدث سلامة بهدوء وهو يخبرها:
-خلاص نعمل عملية ساعتها من اللي بيعملوها دي ولا تاخدي أي حاجة تخسس..
تمتمت جهاد بنبرة درامية من الدرجة الأولى:
-اه قول بقا!! أنك مش خايف عليا الحاجات دي كلها بيقولوا خطر وليها أعراض جانبية كتير..
هتف سلامة بنبرة منفعلة تلك المرة:
-طب مطلوب مني اعمل إيه؟؟ ارجع الزمن لورا ومكناش لا اتجوزنا ولا حملتي ولا تخنتي...
-شوف اديك قولت أني تخنت، على العموم أنا مش هحاسبك دلوقتي على كلامك، الصباح رباح وأنا عايزة أنام..
رد عليها سلامة ساخرًا:
-الصباح رباح؟ لسه فاكرة يا ست هانم بعد ما صحتيني من النوم وطيرتي النوم من عيني لسه فاكرة؟!..
تحدثت جهاد بنبرة رقيقة تناقض تمامًا العبث الذي كان يحدث منذ دقائق:
-اعمل إيه بحبك ووحشتني أنا بعد الأيام لغايت ما ترجع...
قال سلامة بنبرة عاطفية وشوق يعصف به لها ولكل شيء، هناك حياته باردة جدًا مهما كان يشعر بالكثير من المميزات إلا أنه يشتاق لحبيبته وعائلته:
-على فكرة أنتِ شاطرة أنا فعلا بتثبت بأقل القليل، وأنتِ كمان وحشاني جدا بجد، هانت خلاص ان شاء الله فات الكتير ومش باقي كتير.
___________
تناول الجميع العشاء ثم ذهبت وفاء حتى تخلد للنوم أما جهاد صعدت إلى النوم....
أخذ نضال حمام بارد لعله يهدأ..
هو غاضب يرغب في قتل حمزة، وكسر رأس سلمى ليس هناك حل أخر حتى يستطيع النوم تلك الليلة بـسلام...
جاء نضال من الداخل ولم يجد إلا أبيه مغمغمًا بنبرة منفعلة وهو يصيح، مراقبًا أبيه الذي يتناول أرجيلته في صمت كبير ويبدو أنه يفكر في أمر سامية هو الأخر:
-لسه مبتردش عليا، لسه مبتردش عليا بتقرأ الرسايل وسيباني اهاتي مع نفسي..
تحدث زهران من وسط شروده:
-الباب لو مش مصفح وعايزين نفتحه ومعناش مفتاح هنعمل إيه؟..
سألته نضال ببلاهة وهو يضيق عينه:
- إيه؟!.
-نكسره...
_________يتبع________
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا