رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل السابع والاربعون 47بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)
رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل السابع والاربعون 47بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)
الفصل السابع والأربعون من #عذرًا_لقد_نفذ_رصيدكم
#شارع_خطاب
بقلم #fatma_taha_sultan
____________
اذكروا الله.
دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية.
_____________________
هُوَ قَليلُ الكَلام ، وَلَكِنْ إِنْ تَحَدَّثَ؛ أَسَرَني ورأيتُه وهو يحاول من أجلي كان هذا أحن مشهدٍ رأيتُه .
#مقتبسة
"رغبتي فيك كانت حقيقية جداً، لم أكن عندها تحت تأثير أغنية، نظرة أو ما شابه، كنت أدرك وأعي بأني أريدك بطريقة أعمق مما أظن، وتظن"
#مقتبسة
إنني لا أخبر أحداً بكِ لكنكِ تفيضين من عيني أخبئكِ جيداً ويلمحونكِ على وجهي
➖ فرانز كافكا
"شعرت أن رغبتي في العودة إليك تنعدم، توقي للحديث معك يتلاشى، وأن الحب الذي أحمله لك لا يشفع لكل هذا"
#مقتبسة
________________
سألتها ماذا تفعل هنا؟!..
وقتها أصابت إيناس صدمة كبيرة..
ولا تدري هي نفسها لماذا أصابتها تلك الصدمة وقتها...
فهي الوحيدة التي تعرف بأنها سوف تعود بسبب رسائلها الفترة الماضية...
نعم هي لم تكن تعرف موعد عودتها، لكنها أخبرتها بأنها قادمة في أقرب فرصة...
لذلك كانت صدمتها غريبة عليها...
وكان رد إيناس وقتها مختصر جدًا:
"أنا بشتغل هنا".
أدركت وقتها أحلام بأن مازال هناك للحديث بقية وأشياء يجب عليها معرفتها وسوف يطول شرحها لذلك سألتها مرة أخرى بنبرة غاضبة:
"قدامك كتير وتخلصي طيب؟ أنا هستناكي".
ردت عليها إيناس رد مختصر في مشهد لا يشبه أي مشهد من مشاهد اللقاء بعد الغياب، لقاء لا يحمل اي شيء من الشوق، العتاب أو المشاعر.....
من كلا الطرفين..
"أقل من ساعة".
انتهى الحوار بحديث أحلام:
"ماشي هستناكي بقا نروح مع بعض أحسن".
بعد وقت...
ركبت إيناس سيارة أجرة معها متوجهة بها إلى المنزل بعدما انتهى دوامها، فأصرت أحلام على هذا، فهي ليست لديه قدرة لانتظار أحدى أتوبيسات النقل العام فهي غاضبة إلى أقصى حد أساسًا
لم تكن إيناس تفهم ما خطبها، ولماذة هذا الغضب كله بل هي الأحق بأن تغضب، تــغـار...
تغار عليه دون إرادة منها بالرغم من رفضها علاقة كهذه ورفضها طلبه وعرضه..
فهي تفكر بأنها بالتأكيد قد قامت بمقابلته، وإلا لماذا قد تأتي إلى المستشفى؟!..
كل شيء كان يغضبها ويزعجها لكنها تلتزم الصمت وهي تجلس بجوارها في السيارة إلى حين أن تحدثت أحلام بغضب جامح وهي تخبرها بما حدث وكأنها تنتظر مواساة منها:
-بقا أنا يحرجني كده....
سألتها إيناس من وسط شرودها بنبرة لا مبالية وغبية:
-مش فاهمة مين اللي عمل كده؟؟.
صاحت أحلام بانفعال كبير الذي جعل سائق السيارة ينظر لها بشذر في المرأة:
-هيكون مين يعني؟ جواد، جواد احرجني، بعد ما جيت لغايت عنده، رفض يقابلني زمان المستشفى كلها عرفت إني خرجت من عنده قفايا يقمر عيش، أنا يرفض يقابلني من أساسه؟؟؟؟..
شيء بداخلها توهج...
لقد شعرت بالسعادة من أعماقها لن تنكر...
لكنها سمعتها تصيح ثانيًا لتخرجها من تلك الدوامة وتجعلها تتغاضى عن مشاعرها؛
-أنا يعمل فيا كده؟؟ ويخلي شكلي زي الزفت قدام الدكتورة اللي كنت واقفة معاها؟!..
تمتمت إيناس بنبرة خافتة:
-وطي صوتك يا أحلام احنا في التاكسي..
حاولت أحلام أن تخفض صوتها قدر المُستطاع لكنها تحدثت بانفعال وغضب حقيقي فهو أهان كرامتها أمام الجميع:
-اعمل إيه يعني يا إيناس مفروسة مش قادرة اهدى، بقولك خلى شكلي زي الزفت، بعد ما كان الكل بيحسدني عليه خلي شكلي زي الزفت قصادهم...
سألتها إيناس لا تدري هل هو سؤال قد خرج من فم أمراة تغار على رجل تشعر تجاهه شيئًا أم أنها أمرأة تتحدث بطريقة منطقية على الأمر الذي تم طرحه أمامها:
-انتِ راجعة علشان عايزة منه إيه؟ ولا إيه اللي جابك أصلا هناك، مهوا طبيعي أنتِ المفروض تتوقعي كده من قبل ما تسافري أصلا وهو نهى علاقته بيكي ويعتبر كانت معاملته معاكي اتغيرت، ليه فاكرة لما ترجعي الأمور هتتحل يعني؟!..
كانت قوية في حديثها..
تدافع عن شيء تجهله أو بمعنى أصح تتجاهله..
جرحتها إيناس لا تدري رغم أنها تقول الحق، مما جعل أحلام تعقب بارتباك شديد:
-قولت يمكن أكون وحشته لو كان بيحبني كان المفروض اوحشه، ويبقى عايز يشوفني ويتكلم معايا، أنا مستحقش منه كده اللي بينا سنين، لكن هو باعني، أنا متوقعتش أبدًا أنه ممكن يرفض يقابلني؛ اتوقعت منه يقابلني بأي طريقة مهما كانت لكن يرفض يشوفنص خالص دي متوقعتهاش ابدًا.
أردفت إيناس بعدم فهم وفضول كبير:
-وهو إنتِ راجعة تشتغلي في المستشفى يعني؟ ولا راجعة عايزة إيه منه..
بكل جراءة ووقاحة:
- الاتنين، عايزة ارجع للمستشفى، وعايزاه هو كمان، ولازم الاقي طريقة ترجعه ليا، خصوصًا أن حتى طليقته مبقاش في خوف منها أنا متابعة صفحتها وعرفت أنها بتحضر لخطوبتها يعني الملعب مفيهوش غيري...
نظرت لها إيناس بعدم تصديق..
أنها لا تتوقف بل تحاول دومًا البحث عن حيلة جديدة، وللحق هي تخشى أن تستطيع فعلها...
في النهاية هي ليست متأكدة من صدق حديثه...
يظل رجلًا كباقي الرجال، رُبما فقط هو يرتدي ثوب الرُقي من محيطه، لا تعلم أين الحقيقة...
أردفت إيناس بفتور رهيب وهي تعقد ساعديها:
-سواء اتجوزت أو لا معتقدش أن هي هتكون عائق ما بينكم في النهاية أنتِ كنتي على علاقة بيه في وجودها....
تحدثت أحلام بانزعاج وهي تكز على أسنانها:
-مش ملاحظة أن طريقة كلامك غريبة معايا يا إيناس؟!...
ردت عليها إيناس بقوة لم تعاهدها أحلام، إيناس الوديعة وربة المنزل التي لا تعرف الذهاب إلى منزل عائلتها دون الإلحاح على زوجها لمدة أسابيع من أجل إذن من زوجها:
-أنا بقول الحق مش شايفة إني قولت حاجة غلط تضايقك...ده نفس اللي بقوله من أول يوم عرفتيه فيه وحكتيلي عنه..وبعدين أنا كنت فاكرة أنك هترجعي علشان خاطر تحاولي تصلحي علاقتك باخواتك...
تمتمت أحلام بتوتر وحرج:
-أكيد أنا جاية علشان كده بس أنا برضو بحبه وصعبان عليا نفسي أنه يخرجني من حياته بالشكل ده، ولازم الاقي طريقة ترجعنا لبعض، أنا مش رانيا مراته الغبية اللي سابته في عز ما كانت مراته، وأنا أكيد هلاقي طريقة بالعكس أنا اتفوق عنها بحاجات كتير..
سألتها إيناس بسخرية:
-إيه اللي بتتفوقي عليها فيه يعني؟!.
ردت أحلام بصراحة ونبرة عملية:
-أنا دكتورة زيه..
-يعني هي من الشارع؟ دي بنت عامة وصاحبة براند معروف جدًا..
أسترسلت أحلام حديثها بهدوء:
-مهما كان، هي خلاص شبع منها، أنا اللي هكون جديدة، ومتجوزتش قبل كده، وأصغر منها وفي نفس الوقت أنا اللي هخليه يخلف ودي حاجة مش عندها...
صمتت إيناس ولم تعقب لم تصدق جرائتها وتخيلاتها الغريبة لذلك ردت عليها بقنوط:
-بلاش تشمتي في حد أو تقللي من حد هو في الأخر نصيبها ودي حاجة توجع أي ست مهما كان تفكيرها ومهما كان اللي بتحاول تظهره..
تحدثت أحلام بعصبية مفرطة:
-أنا مش عارفة أنتِ بتحبطيني ليه...
أردفت إيناس بانفعال طفيف هي الاخرى:
-ولا بحبطك ولا غيره اعملي اللي هتعمليه يا أحلام سبيني بقا علشان أنا مصدعة واليوم كان وحش جدًا في الشغل ودماغي وجعاني والجو حر..
تحدثت أحلام بفضول كبير:
-صحيح أنتِ أصلا اشتغلتي ازاي هناك، ومقولتليش ليه؟..
ردت عليها إيناس بفتور وملل:
-وهقولك فين؟ أنتِ لسه بعتالي من شهر بعد ما حصل كتير في حياتي لما افتكرتي تسألي، وفي النهاية هي قصة طويلة الموضوع كله صدفة لما ماما كانت بتعمل الجلسة هناك، بس يعني لقيتهم عايزين حد روحت قدمت مش أكتر ولا أقل.
سألتها السؤال الأهم بالنسبة لها:
-شوفتي جواد؟؟.
لم تكذب وهي تخبرها بنبرة عادية رغم أنها بالفعل منزعجة من تلك المحادثة ولا تستطيع أن توقفها:
-أكيد شوفته...
تمتمت أحلام بفضول كبير وهي تنظر لها:
-يعرف أني صاحبتك؟..
أخذت إيناس نفس طويل وهي تخبرها بصدق فهو يعلم حقًا هي لا تكذب فيما تقوله:
-يعرف...
-يمكن علشان كده شغلك...
نظرت لها إيناس نظرة ذات معنى فحاولت أحلام أن تلطف من كلماتها:
-أنا مش قصدي حاجة والله أنا..
تمتمت إيناس مقاطعة حديثها:
-ولا قصدك ولا مش قصدك، خلاص بقا صدعنا الراجل..
ثم رفعت صوتها:
-حقك علينا ياسطا..
ضحك الرجل الخمسيني قائلا:
-ربنا يهدي الجميع وكل واحد ياخد نصيبه ورزقه..
تجاهلت أحلام حديثه ثم قالت متذكرة شيئًا هامًا أخيرًا:
-عايزة أشوف هدير، هتكون في البيت ولا فين يا ترى متعرفيش؟!..
-في البيت عندنا.
على أية حال كانت تعلم إيناس وجود هدير مع حور اليوم في المنزل مع والدتها وأطفالها، لم تكذب عليها بل أخبرتها بمكانها مما جعلها تذهب مع أحلام إلى البناية الذي يقطن فيها دياب وعائلته..
وضعت أحلام حقائب سفرها التي أخذتها من سائق التاكسي بعدما كانت تضعهم في المستشفى عند البواية مع الحارس...
وضعتهما الآن في فناء المنزل الخاص بـ عائلة دياب في النهاية البوابة مغلقة بالمفتاح ولا يتواجد أحد غريب، ثم صعدت مع إيناس على الدرج...
قرعت إيناس الجرس ولم تمر ثواني وكانت هدير تفتح لها الباب بابتسامة واسعة وهي تحمل جنى التي تعبث في خصلاتها....
اختفت ابتسامتها ثم وضعت الفتاة أرضًا بمجرد رؤيتها أحلام، شعرت بالدهشة والخوف...
لكن الأهم من كل تلك المشاعر هو الغضب الجامح، فولجت هدير إلى الداخل من دون أن تتفوه بحرف، مما جعل إيناس تدخل خلفها هي وأحلام التي سبقتها متحدثة بلهفة لا تناسبها أبدًا...
-هدير، حبيبتي وحشتيني جدًا...
صاحت هدير بغضب وحزن كبير جدًا وهي تنظر لها وأتى على صوتها والدة إيناس من الداخل بينما حور كانت مازالت في مكانها مع الطفلين لا تفهم ما يحدث، وعودة أحلام الغريبة تلك...
-اخرسي، مش عايزة اسمع صوتك..
شعرت أحلام بأن هناك دلو من الماء المثلج تم إسكابه فوق رأسها وكأنها كانت لا تتوقع لقاء مثل هذا!!..
تمتمت حُسنية بنبرة جادة وهي تشير إلى ابنتها:
-خدي يا حور عيال اختك وخشوا جوا يلا..
هزت حور رأسها بطاعة إلى أمر والدتها، ثم فعلت ما أمرتها به..
هنا تحدثت أحلام بانفعال كبير:
-هدير متنسيش أني اختك الكبيرة ولازم تعرفي ازاي تتكلمي معايا...
تحدثت هدير بسخرية ونبرة هازئة:
-معلش أنتِ اللي خلتيني أنسى أنك اختي الكبيرة باللي عملتيه، لما سيبتي اختك الصغيرة لوحدها وروحتي شوفتي حالك وسرقتي اخوكي الكبير، اخوكي اللي متغرب علشانا، اللي عمره ما عمل حاجة لنفسه...
شعرت أحلام بالحرج الكبير فحاولت الدفاع عن نفسها متمتمة تحت صمت إيناس ووالدتها:
-كنت ناوية أرد له كل جنية اخدته منه؛ أنا مش حرامية وسيبتك غصب عني دي فرصة مكنتش هتتكرر وحتى الموضوع مكملش ورجعت بسبب مشكلة كبيرة..
ضحكت هدير بألم ثم تحدثت:
-اقعدي أنتِ اقنعي نفسك بكده ونيمي ضميرك ده لو كان عندك أصلا...
أردفت أحلام بعد نفس طويل أخذته وهي تحاول الثبات قدر المُستطاع مخبرة نفسها بأن هذا السيناريو هو المتوقع على أي حال، ليس لديها حل إلا أن تقوم بدورها فيه:
-تعالى نرجع البيت وسيبي شقة عم زهران، ارجعي البيت وأنا معاكي ونتكلم براحتنا......
ضحكت هدير بتشفي مما جعل أحلام تتحدث بغضب تلك المرة:
-أنتِ بتضحكي على إيه..
-هو أنا مقولتلكيش؟؟..
ضيقت أحلام عيناها متحدثة بعدم فهم وهي تنظر على إيناس التي على ما يبدو قد نست أن تخبرها كل تلك التطورات دفعة واحدة، هي حينما أخبرتها عن مكان هدير قالت لها بأنها تمكث في شقة في منزل المعلم زهران منذ أشهر:
-تقوليلي إيه مش فاهمة؟!..
تمتمت هدير بتوضيح بسيط وتشفي لا يبث الراحة في القلب، لكن العقل لديه رغبة حمقاء في الانتقام:
-الشقة سيبناها لصاحب البيت وأشرف علشان لما ابوكي مات كان كاتب عقد جديد باسمه قرر يدي الشقة لصاحب البيت مدام محدش مستفاد منها؛ تخيلي اخوكي دلدول مراته اللي فيه كل عبر الدنيا والنطاعة مسرقناش رغم أن العقد كان باسمه، اداني فلوسي وفلوس طارق لكن أنتِ خرجك من الحسابات....
ابتلعت ريقها ثم تحدثت:
-ملكيش مكان تقعدي فيه؛ دوري على مكان بقا، وعلشان أنا كمان مسافرة لـ طارق أول الشهر وكل ورقي جهز، وحتى طيارتي اتحجزت، وهدرس في الجامعة هناك، اشبعي بقا ومبروك على رجعتك اقعدي فيها لوحدك.....
تمتمت أحلام بذهول وغضب كبير:
-أنتِ بتهزري صح؟؟ أنتِ بتقولي كده علشان تنرفزيني مش أكتر أكيد معملتوش كده...
ضحكت هدير بتشفي وكأنها قد استردت حقها منها:
-الدنيا دوارة، معلش مكنتيش موجودة علشان نعرفك بالتطورات دي كلها، أنا ماشية رايحة شقتي ومش عايزة اشوفك تاني، أنتِ ميتة بالنسبة ليا يا أحلام والميت أخره ندعي ليه ونقرأ له الفاتحة ونزوره في القبر، لكن الدعاء خسارة فيكي، وملكيش قبر اروحله كمان.....
هكذا انتهى الحديث بدموع الجميع وغادرت هدير ولم يوقفها أحد أو يعاتبها رغم قسوة حديثها بينما أحلام أخذت تبكي كالمجنونة لا تصدق ما حدث...
لا تصدق أبدًا.....
تمتمت أحلام بألم حقيقي:
-أزاي يعملوا فيا كده؟ عايزين يخلوني في الشارع....
تحدثت حُسنية بنبرة حنونة رغمًا عنها:
-اهدي يا بنتي كل حاجة وليها حل، روحي يا إيناس هاتي ليها بوق مياة...
رحلت إيناس بالفعل جاءت بزجاحة مياة باردة ثم أعطتها لها فحاولت أحلام تناول القليل منها ثم أردفت:
-أنا لازم امشي...
تحدثت حُسنية بحنان واهتمام رغمًا عنها:
-خليكي هنا يا بنتي هتروحي فين بس..
تمتمت أحلام وهي تمسح دموعها:
-لا شكرا يا طنط أنا همشي وهتصرف لو معرفتش هاجي..
هتفت إيناس بتعاطف لا تدري من أين يأتي لها، لكنهت تعطف عليها كامراة ليس لها مكان، ليست صديقة أو جارة أبدًا:
-خليكي هتروحي فين..
ردت عليها أحلام بنبرة مكتومة:
-هتصرف وصدقيني لو معرفتش هاجي هنا.
_______________
شجار جديد....
المشاكل التي بينهما لا تنتهي....
ولكن تلك المرة سيطر على لسانه حتى لا يتفوه بما لا يرضيها تمامًا، كلمات زهران لا تفارقه وهو لا يريد أن يصل الأمر إلى العائلة مثل المرة الماضية.
وجدته قد تناول أحدى المنشطات هذا الشيء ازعجها وبشدة ولم ترغب في النقاش فيه، كما لم تخبره بأنها قد رأته؛ بعدها بفترة رأت الشريط والذي كان فارغًا تقريبًا في سلة القمامة، يبدو أنها ليست المرة الأولى أبدًا أن يتناوله حينما يريد الاقتراب منها...
الأمر حساس وهي لا ترغب في مناقشته يكفي إلى هذا الحد......
لكنه تشاجر معها، حينما رفضت قربه أو بمعنى أصح كانت تشعر بالارهاق الشديد والتعب من حملها كما نصحتها الطبيبة بالتريث في الكثير من الأمور وتجنبها حتى نهاية الشهر الثالث...
هتفت سامية بانفعال حقيقي وهي تجلس على الأريكة المتواجدة في غرفة النوم بعد محاولات كثيرة منه أن يقنعها بأنه يحتاجها، وقد اشتاق لها والكثير من الأمور لكسب ودها وقُربها، لكن العلاقة بينهما مستمرة ولكنها لم تعود كالسابق تحديدًا بسبب كلماته التي مازالت في عقلها حتى الآن لا تذهب منه:
-هو أنتَ كل اللي بتفكر فيه حاجة واحدة وبس، وبعدين أنا واحدة تعبانة وحامل، ليه مش حاسس بيا...
تمتم حمزة مستنكرًا ومنفعلًا إلى أقصى حد ولكنه يحاول ألا يتفوه بأي كلمة جارحة قد تجعلها تصل الأمر إلى عائلتها يكفي ما ناله من الفضيحة حتى الآن:
-أنتِ اللي مش حاسة بيا ولا عمرك حسيتي، فالحة بس تفضحيني قدام أهلك، وتتكلمي إني بشوف وبعمل لكن تساعديني أبطل مبتعمليش كده....
هتفت سامية بانفعال حقيقي هي الأخرى وحرج كبير من النقاش في تلك الأمور مازالت تخجل حقًا:
-قولتلك تعبانة وطول اليوم برجع ومعدتي قالبة عليا ومش طايقة نفسي أساسًا أنتَ اللي بتفكر في نفسك وبس، ولا كل ده مش هامك علشان الحمل مكنش على هواك...
قال بغضب حقيقي:
-كويس أنك عارفة أنه مكنش على هوايا ومع ذلك سكت علشان قولت أنه أكيد خلاص ده النصيب ومتكلمتش وأنا مكنتش عايزك تحملي بالسرعة دي...
تحدثت سامية بنبرة جامدة وهي تشعر بالانزعاج ليس هذا الحديث الذي يجب أن تسمعه المرأة من زوجها في فترة حملها تحديدًا بأنها لم تضعه تحت الأمر الواقع وكانت بالفعل مستمرة على استعمال تلك الوسيلة لكنها لم تجدي نفعًا:
-ماشي إيه المطلوب مني دلوقتي؟...
كان وجهه غاضبًا وأحمر من شدة الغضب الذي يشعر به فهي لا تفهم ما يمر به:
-ولا حاجة اسكتي يا سامية وبراحتك....
غادر الحجرة واختفى لمدة ساعة تقريبًا حاولت هي فيها النوم رغم أن الوقت مازال مبكرًا، ولم تهتم بما يفعل...
المهم أنه ابتعد عنها...
كانت تضع يدها على بطنها تشعر بالغثيان المستمر تلك الفترة طوال الوقت تقريبًا، حتى أن كل الروائح بالنسبة لها مزعجة جدًا...
عاد حمزة إلى الغرفة وجلس بجوارها على الفراش متحدثًا بنبرة هادئة نوعًا ما:
-متزعليش أنا مش قصدي حاجة يا سامية، متزعليش علشان خاطري...
تنهدت ثم قالت ببرود:
-ولا قصدك مبقتش تفرق...
تمتم حمزة محاولًا الحديث بنبرة عاطفية نوعًا ما:
-أنا بحبك يا سامية ولو بعمل كده ده أكيد علشان أنا بحبك وعايزك، وأنتِ معاكي حق، مدام الدكتورة قالتلك كده كمان، أنا بس كنت مضايق شوية كل مرة بكون عايزك وانتِ بتتحججي أو بتكوني مش معايا زي الاول بحس أنك بضيعي مني وده بيقلقني...
هل هو يشعر بهذا حقًا؟!.
من الذي جعلها تصل إلى ما هي فيه سواه؟
من قام بإطفاء مشاعرها، جرحها ووصفها بما ليس فيها لمجرد بأنه يريد أمرأة كاملة كالتي يشاهدهن، لمجرد مرض في عقله ليس لها دخل به وغير مقتنع بأنه لديه علة...
من قام بهذا كله؟!
هي كانت تحبه إلى الحد الذي جعلها تتحدى الجميع من أجله، لكنه أول من ذبحها...
لم تتوقع بأن تكون علاقتها مع زوجها في المستقبل بهذا الشكل، هذا الشكل الذي لم يكن طبيعيًا يومًا......
ليس هذا ما كانت تسمعه عن الزواج..
الحب...
عن التكامل.....
تمتمت سامية بنبرة متعبة:
-ماشي يا حمزة حصل خير...
ثم وضعت يدها على فمها وأزاحت الغطاء من فوقها وذهبت نحو المرحاض بخطوات سريعة مما جعله يتأفف فهي على وشك التقيؤ على ما يبدو..
لكنه هتف بنبرة حاول جعلها مهتمة وهو ينهض من مكانه حتى لا يزيد الأمر سوءًا بينهما رغم شعوره الشديد بالنفور والتقزز في تلك اللحظة:
-مالك يا حبيبتي بس....
_______________
في وسط المدينة...
كانت تجلس في أحد المقاهي العامة، تتناول القهوة أما الحقائب الخاصة بالسفر متواجدة بجوارها؛ لا تدري كيف غادرت من منزل إيناس وأتت إلى هنا بعدما استقلت أول سيارة أجرة قابلتها ولم تكن تعرف أين تذهب...
ليس لها مكان أو صديقة قد تستطيع الاستعانة بها، بعدما قاطعت الجميع من دون سبب من وقت سفرها..
قررت الاتصال بـه...
الاتصال بـ جواد لعله يجد لها حل، بالتأكيد لن يتركها، جواد الذي تعرفه أو كانت تعرفه لم يكن يتركها أبدًا حينما تحتاج شيء..
تدرك أنه تغير ولكن حينما يعرف المشكلة التي وقعت فيها لن يتركها هي واثقة من هذا...
في النهاية هي لا تمتلك حتى ثمن يستطيع أن يجلسها في الفندق أكثر من ليلة واحدة؛ هي قامت بتدبير المبلغ الخاص بتذاكر الطيران حتى تعود بصعوبة بالغة...
لقد خسرت كل شيء...
مازال يحظرها، ورقمها الأجنبي لا يتواجد به رصيد يجعلها قد تتصل به....
اللعنة...
صدع صوت هاتفها يعلن عن اتصال من أخر شخص تتوقعه، شخص تخاف مقابلته أو سماع كلماته، إذا كانت الصغيرة اسمعتها تلك الكلمات، ماذا سيفعل بها طارق؟؟؟..
لكنها أجابت عليه وهي تحضر الهجوم وسيلة لها:
-الو..
أتاها صوته بنبرة غير مفهومة بالنسبة لها:
-أنتِ فين؟؟..
تحدثت أحلام بسخرية وغضب حقيقي:
-هكون فين يعني؟؟ في الشارع طبعًا بعد ما اخواتي رموني وباعوا شقة ابويا وامي من غير ما حد يشورني ولا يسيب ليا حقي..
رد عليها بنبرة تماثلها:
-معلش كنتي ساعتها مشغولة في دراستك محبناش نعطلك، أصل الفلوس اللي مدفوعة ليكي ثمنها غالي اوي اوي، ثمنها كل لحظة مدوقتش طعم النوم فيها، ثمنها كل لحظة عيطت علشان مشوفتش امي ولا حضرتك جنازتها وأنا هنا محبوس..
أبتلع ريقه وهو يسترسل حديثه بغضب يحرق الاخضر واليابس:
-ثمنها كل لحظة تعبت فيها؛ وملقتش حد يناولني كوباية المياة وقمت وكملت شغل وأنا ميت من التعب، فكان لازم منعطلكيش علشان تنجحي وتحللي ثمن كل ده...
هبطت دموعها وهي تسأله بانفعال حقيقي:
-أنا مسرقتكش بلاش تنتقم مني بالشكل ده أنا..
قاطعها بثورة:
-أنتِ سرقتيني وسرقتينا كلنا، سرقتي حلمي، حلمي في بيت ملك لما انزل من المخروبة اللي أنا فيها يكون موجود، حتى حلمي اللي مكنش ليا بس سرقتيه، يوم ما فكرت اعمل حاجة بشقى السنين فكرت اعملها علشانكم؛ علشان متقعدوش تحت رحمة أشرف العمر كله عشان عقد الشقة باسمه....
سمعته يسترسل حديثه بقهر وحسرة أن تكون الفاعلة به هذا كله شقيقته:
-وعلشان يكون ليكي شقة ولاختك شقة حتى لو مش هتتجوزوا فيها تكون بتاعتكم، أنا أمنتك على شقى سنين من عمري مش عارف هعيش قدها تاني واشتغل ولا لا...
تحدثت أحلام دون أن تفصح عن أسباب إتيانها كاملة فهو يذبحها بكلماته:
-الموضوع كان فرصة خوفت تضيع...
-كان أولى من أن تسرقيني تعرفيني، ولو كنتي فاكرة أن في حاجة في مصلحتك أنا كنت همنعها عنك وعن مستقبلك تبقي غلطانة، مصاريف جامعتك ودراستك ومصاريف البيت اللي كنت ببعتها غير كل شهر كان ممكن أنا مكلش ولا أجيب لنفسي علشان مقصرش معاكم ولا يكون نفسكم في حاجة...
سمعته يذبحها بسكين باردة:
-اخترتي تسرقيني بدل ما تشوريني وتشوفي أنا ممكن اعمل إيه علشان خاطر مستقبلك؛ اخترتي تسيبي اختك اللي ملهاش حد في الدنيا غيرك ، اخترتي تكدبي عليا وتسرقيني، وتغفليني وتكوني في بلد معرفش عنك حاجة...
هي راسلت الجميع وحاولت التحدث مع الجميع إلا هو، لم يكن لها وجه أو رغبة في سماع العديد من الكلمات التي تزعجها....وتوجعها..
هتفت تحاول أن تجعل نفسها محقة في أي أمر أخر:
-وده مُبرر أنكم تبيعوا الشقة علشان لما ارجع الاقي نفسي في الشارع؟
سمعت صوت ضحكته بعدها تحدث:
-معلش مكناش عارفين أنك هترجعي بالسرعة دي بس يمكن الفلوس اللي صاحبها مش مسامح فيها ومسروقة مش بدوم، اخوكي هو اللي حب يبيعها لما اختك قعدت شهور في بيت المعلم زهران حب يستفيد ومحدش قدر يقوله حاجة خصوصًا أنه مشكورًا لأول مرة سعى ومشي في الإجراءات علشان اختك تيجي هنا ليا.
-موضوع السفر ملهوس لازمة أنا رجعت تكمل هي دراسة هنا وخلاص..
سمعته يهدر بقوة:
-وجودك زي عدمه معنديش ثقة آمن عليها معاكي، زي ما عملتيها مرة هتعمليها ألف مرة؛ وهي خلاص كل أمورها اترتبت وهتكون جنبي...
ثم سألها بنبرة جادة واهتمام لم يستطع ألا يكون مهتمًا في النهاية هي اخته:
-هتهببي إيه دلوقتي؟..
-هعمل إيه يعني، أنا في الشارع اختك مش هدخلني عندها الشقة، وأنا مش عايزة اهزق نفسي أكتر من كده..ومعيش فلوس اروح أجر شقة أو ابات في أي فندق، وحتى عقبال ما اشتغل وأعرف أجر شقة ده هياخد وقت كبير جدًا..
هتف طارق بنبرة جادة وهو يخبرها:
-لو سألت أي بني أدم هيقول اسيبك في الشارع تولعي يمكن تعرفي اللي عملتيه في حقي، بس للأسف أنتِ اختي ودمي ولحمي، أنا مجبر اهتم بيكي حتى لو مش طايق اسمع صوتك..
حديثه يغضبها ولكنها صامتة تحديدًا حينما سمعته يقول:
-هفتح ابلكيشن ******** هحاول احجز ليكي في أي فندق كام يوم تشوفي فيهم شغل، وهبعتلك فلوس مع نضال أو دياب تشوفي شقة إيجار وتترزعي فيها وتشتغلي لأني مش هصرف عليكي جنية أكتر من كده.
أغلق الهاتف في وجهها وكانت هي في أوج حالاتها غضبًا وهياجًا وبعد نصف ساعة تقريبًا أرسل لها نسخة من الحجز، فهو حجز لها في أحد الفنادق المعروفة نوعًا ما لكنها ليست فخمة إلى درجة كبيرة..
تؤدي الغرض، حجز لها لمدة أسبوع؛ إلى أن تجد عمل وتقوم بتأجير شقة فقط أكثر من ذلك لن يفعل لها وكان صريحًا جدًا.....
تقف في الساحة الخاصة بالفندق بعدما وضعت حقائبها في الغرفة وهبطت مرة أخرى...
أخذت الهاتف من أحدى الفتيات التي تتناول القهوة بعدما طلبت منها بأدب أنها ترغب في إجراء مكالمة إذا كانت تسمح بسبب عطل في هاتفها...
كتبت رقمه على عجاله، وهي تقف على بُعد مسافة مناسبة من تلك الفتاة....
أتاها صوت جواد..
-الو..
هتفت أحلام بنبرة ساخرة:
-أنا أحلام، كان لازم أكلمك يعني من رقم غريب علشان ترد عليا...
-مدام عملتلك بلوك، اعتقد باينة إني مش حابب أتكلم معاكي لذلك كان المفروض يكون عندك كرامة ومتتصليش...
حاولت أن تجعل صوتها خافتًا وحزينًا نوعًا ما وهي تخبره:
-هي بقت كده يا جواد؟ خلاص نسيت أحلام ونسيت كل اللي بينا و...
لم يدعها تستكمل حديثه وهو يخبرها بكل برود:
-اه نسيته....
هو لا يقدر على تحملها، هو فقط في بعض الأحيان قد يوافق على مقابلة رانيا لأنها وصية أبيه وابنة عمه في النهاية، ويخشى أن تكون ذات مرة واقعة في مأزق ومشكلة حقيقية ويتأخر عنها هذا هو الشيء الوحيد الذي يجعله يتحملها من أجل خاطر أبيه....
ثم سألها:
-متصلة ليه؟؟.
أردفت أحلام بمسكنة ونبرة لئيمة:
-أنا لوحدي، باعوا الشقة بتاعت بابا وماما، ومش لاقية حتى اروحها وابات فيها..
أن تحاول ألا تخسر من أمامك حتى بالرغم من معرفتك عيوبه شيء، وأن تكون مغفلًا شيئًا أخر...
كان جواد هو الأول لذلك تحدث بنبرة جادة:
-لو منتظرة مني اصالحك على أهلك أكيد دي مش حاجة تخصني، ولا كل ده يخصني وبلاش أنتِ يا أحلام أنا عارفك كويس جدا، أنتِ مبتغلبيش وهتلاقي بدل الحل ألف، بلاش تعملي نفسك مكسورة الجناح علشان الاستفادة تكون من الكل...
صفعها بكلماته..
كلمات لم تتخيل بأن تسمعها منه في يوم...
لكنها سألته بأعين قوية:
-أنتَ رجعت لرانيا؟؟..
صاح مستنكرًا وهو يخاطبها:
-وأنتِ مالك...
-في حد في حياتك؟!.
قال جواد وقد طفح به الكيل:
-اه فيه، أنتِ مالك يخصك في إيه؟! سلام ومتتصليش بيا تاني..
لعنته حينما أغلق الهاتف في وجهها، ثم حاولت أن تتمالك نفسها وتعطي الفتاة هاتفها....
ثم صعدت إلى غرفتها...
...في فيلا الدكتور عز الدين...
بعد بضعة دقائق من انتهاء تلك المكالمة.
كان يجلس جواد يترأس الطاولة وبجانبه تجلس نسمة وبجوارها تجلس منيرة..
تمتم جواد بنبرة هادئة:
-جهزوا شنطكم قبل ما تناموا.
سألته نسمة بنبرة غريبة وهي تنطق الحروف بصعوبة وبطئ:
-ليه..
رد عليها جواد مبتسمًا:
-اهو نطلع الساحل نغير جو كام يوم هنتحرك بعد الفجر ان شاء الله......
فرحت نسمة وهي تخبره بصوتٍ بسيط وابتسامة حنونة وهي تحاول أن تنطق الكلمات بلا تلعثم:
-بقالنا كتير مسافرناش سوا..
-حقك عليا يا حبيبتي والله بس الشغل واهو هحاول أعوضك ان شاء الله.
سألته نسمة بشعور حقيقي وصادق وهي تنظر له ببراءة:
-وهتحكيلي أنتَ إيه اللي مغيرك الفترة الأخيرة واحنا هناك؟!..
ابتسمت منيرة بهدوء فهي دومًا تحدثها بأن هناك شيء في شقيقها مختلفًا في الآونة الأخيرة..
عقب جواد على حديثها وهو يضيق عينه:
-مش فاهم إيه اللي مغيرني؟؟..
قالت نسمة بنبرة بريئة وضاحكة:
-في حاجة فيك مختلفة وأنا حاسة بيك، بقيت بحس بيك زي ما كنت بحس بـ بابا...
نهض جواد من مكانه ثم انحنى واضعًا قُبلة على رأسها بحنان وهو يحتضنها مغمغمًا بنبرة حزينة:
-ربنا يرحمه يارب....
-يارب..
قالتها منيرة ونسمة في صوت واحد تقريبًا..
______________
يجلس زهران بجوار الجزارة على المقعد البلاستيكي ومعه يجلس نضال ودياب...
أخرج دياب علبة السجائر الخاصة به من جيبة وهنا سحب زهران نفس من أرجيلته ثم نفث دخانها مغمغمًا:
-عندك يا واد أنتَ هتعمل إيه قدامي يا بجح؟!.
تمتم دياب ببساطة شديدة وهو يخبره بما يفعله:
-عادي يا عم زهران هولع سيجارة...
تحدث زهران بنبرة غاضبة وهو يشير له بخرطوم أرجيلته:
-أما أنتَ عيل صايع ومتربتش صحيح، صحيح اللي اختشوا ماتوا ما تحترم نفسك، هتشرب قدامي كمان...
أردف دياب ساخرًا وهو يعلق تحت نظرات نضال المستمتعة بهذا المشهد الذي يتكرر كثيرًا:
-ده أنتَ عمتنا بالدخان بقالنا ساعة ومحدش فتح بقه....جت عليا يعني...
سحب زهران نفس من ارجيلته مغمغمًا بتعالي:
-وهو أنتَ هتجيب نفسك ليا؟؟ طب عارف أنا وانا صغير كنت اتكسف أشرب شيشة قدام أبويا أو قدام الكبير، احترم نفسك...
تحدث دياب معترضًا وهو يضع علبة السجائر في جيبه مرة أخرى:
-ما كنا قعدنا على القهوة أحسن يا نضال بدل حصة التأديب دي.
أردف نضال بنبرة جادة:
-لابد منها يا دياب..
قال زهران متحججًا:
-لو مش عاجبكم قوموا يلا امشوا اقعدوا في أي حتة شوية صيع صحيح.
هنا عقب دياب بعدم فهم:
-وهو ماله يا عم زهران بس، ما أنا اللي كنت صايع لوحدي أيه دخله بالحوار؟.
رد زهران بلا مبالاة:
-ما أكيد هو بقى صايع زيك، من جاور السعيد يسعد، ومن جاور الصايع يصيع...
هتف نضال بنبرة جادة مقاطعًا هذا الحديث وهذا السيناريو الذي لا ينتهي بين دياب وبين أبيه:
-أنا قررت أننا نفتح الفرع التاني وفي مكان حلو جدًا في مول *******.
تحدث دياب بنبرة جادة وهو يفكر معه:
-أنا معنديش مشكلة بس الإيجار غالي بشكل مش طبيعي يا نضال يعني لو الموضوع مجبش همه احنا هنشحت...
رد عليه نضال بجدية شديدة:
-ده نفس اللي قولته في أول مرة وربنا كرمنا بشكل مكناش نتوقعه، وأنا حاسس أنها هتكون خطوة حلوة جدا وحتى لو أجرنا في أي حتة تانية صدقني هيكون بنفس السعر، احنا محسناش بموضوع الإيجار ده أول مرة علشان احنا اشترينا المكان نفسه..
تحدث زهران هنا بعدما سحب نفس من أرجيلته فهو تعجبه عقلية نضال جدًا:
-أنا شايف تتكلوا على الله؛ وتاخدوا الخطوة دي وربنا هيكرمكم ان شاء الله؛ ولو الموضوع مجابش همه عادي مش هتخسروا حاجة اهي تجربة وأنا معاكم يعني....
تمتم نضال وهو يخبره:
-حتى طارق عجبه وموافق...
قال دياب بقلق فهو يخاطر في كل مرة:
-سيبني أفكر كده..
رد عليه نضال بهدوء:
-طيب بس مطولش لأن الحاجات دي العين عليها، وفي ثواني هتلاقيه اتأجر هو نادرًا ما بتفضى حاجة اصلا؛ وبرضو في مكان تاني حاطط عيني عليه لو ده منفعش...
ثم أسترسل حديثه:
-طارق بعتلي فلوس اوديها لأحلام وأنا بصراحة مش طايق اشوفها ومش عايز اروح، خدهم وروح أنتَ، شكله مش مأمن يبعت ليها او مش عارف فين المشكلة.....
تمتم دياب ساخرًا:
-ما دياب موجود للمشاوير اللي محدش عايز يروحها، حولهم ليا وأنا هتنيل على عيني أكلمها وأقابلها...
هتف زهران بنبرة جادة:
-مش عارف إيه اللي جابها، البت دي مش برتاح ليها من زمان والله، ده كويس أن هدير مجبتهاش تقعد معاها كانت هتكتم لينا البيت وتغير ريحه الطيب...
أردف نضال بصدق:
-معاك وخسارة فيها أصلا اللي بيعمله طارق، بس هيعمل إيه هي اخته في النهاية، ياريت بس متعملش مشاكل تاني لأني مش مرتاح..
تمتم دياب وهو ينظر له:
-أكيد اتعلم يا نضال اللي عملته معاه مش بالساهل كده يتنسي وزي ما قولت هو بيعمل كده لمجرد أنه اخته وواجب عليه يكون جنبها مهما عملت...
أسترسل نضال حديثه وهو ينظر على ساعة هاتفه:
-طيب أنا هقوم اروح اجيب سلمى زمانها خلصت شغل يعني نصاية كده واجي اخدك ونروح..
-وهتسيبني مع أبوك لوحدي؟؟!!..
قالها دياب وهو نظر له زهران مستنكرًا وهو يصيح:
-وهو أنتَ تطول ياض تقعد مع المعلم زهران ده رجالة بشنبات وشباب ونسوان يتمنوا يقعدوا مع المعلم زهران خطاب...
-أهم حاجة النسوان..
قالها دياب وهو يغمز له مما جعل زهران يتحدث وهو يوجه حديثه إلى ابنه:
- يلا يا ابني روح هات مراتك وسيبهولي أنا هعلمه الأدب..
ضحك نضال ثم غادر متوجهًا إلى سيارته التي لم تكن مسافتها بعيدة على أية حال...
هتف دياب وهو يمسك هاتفه يحاول أن يرحل ثم نهض من مكانه:
-الحق اقوم أنا بقا..
تمتم زهران بغضب أجبره يجلس مرة أخرى في مكانه:
-اقعد ياض..
تمتم زهران بعدما سحب نفس من الأرجيلة وينظر إلى دياب بخبث:
-مش ناوي يكون ليك واحدة كده تروح وتيجي تجيبها..
-لا مفيش وحايد ولا اتنينات...
هتف زهران ساخرًا:
-بطل استظراف دمك يلطش، وبعدين إيه اللي مفيش ده أنتَ كداب يلا، مفيش راجل مفيش واحدة في حياته، أكيد في واحدة كده ولا كده مستخبية، على بابا يلا، ده المجال ده بتاعي....
ثم أسترسل حديثه بـ لؤم:
-البت قريبة بهية إيه اخبارها؟..
رد عليه دياب بتلقائية شديدة:
-اديتني بلوك خرج من نافوخي....
ثم صمت واستوعب ما يتفوه به..
ومع من؟!!
زهران......
أردف زهران بنبرة جادة:
-تبقي غشيم، ما الست متعملش كده مع الراجل إلا لما يتغاشم...
قال دياب بحرج وبراءة:
-معملتش حاجة..
هتف زهران وهو يخبره بعصارة خبرته:
-أنتَ بالذات لو حلفت من هنا لبكرا مش هصدق، ده أنا عارفك كويس زي ما عارف عيالي بالظبط، الراجل الصح اللي يعامل الست اللي معاه مش ما يعامل اللي شغال معاهم ولا صحابه لازم يكون ليها معاملة وطريقة خاصة اللي يشوفه وهو بيعاملها ميصدقش أن هو ده الراجل اللي يعرفوه...
ضحك دياب رغم أن حديثه اقنعه فهو في الغالب فظ معها:
-نصايحك من دهب يا معلم زهران، معرفش طلقت ليه كتير كده، مع أن يبان عليك راجل حبيب وبيدلع اللي معاه.
تحدث زهران بنبرة جادة:
-عادي كل واحدة وكان ليها سبب، وأنا كنت بتجوز علطول وبعدها اكتشف طباع اللي معايا، ولا عندي ارتباط ولا عندي خطوبة، والعيشة في بيت واحد بتبين...
ثم استرسل حديثه بنبرة حانقة:
-وبعدين أنتَ مالك بيا وبجوازتي يا واد أنتَ، أنتَ هتصاحبني ولا إيه؟! أحنا فيك أنتَ دلوقتي..
هتف دياب بنبرة جادة وهو يخبره:
-الفرق بينا ضخم في كل حاجة يا معلم زهران، حتى لو عايز ونفسي صعبة أوي...
-أنا هكلمك من نظرة واحد في سني اينعم لسه شباب بس برضو، الفلوس والجمال وكل حاجة بتروح لو هي بتحبك هتقبل بيك، ولو أبوها بيفهم هيعوز راجل لبنته، وأنتَ راجل يا دياب الواحد يستأمن معاه بنته ودي حاجة مش موجودة في الزمن ده...
كان حديثه جيدًا إلى أن قرر أن يستكمل حديثه:
-بغض النظر أن صايع وبتشرب سجاير ولسانك فالت وايدك طويلة.
ضحك دياب متمتمًا بنبرة عابثة:
-ما احنا كنا ماشيين كويس...
-انا بحب اقول الحق، خد خطوة ومتخسرش اللي بتحبها...
_____________
بعد مرور ثلاثة أيام...
أخبر نفسه مئة مرة بأنه لن يذهب إليها...
لن يذهب بعدما حظرته...
من هي حتى تفعل معه هذا؟!!..
لم تخلق من تفعل معه هذا، طوال عمره هو جذاب..
يدرك بأنه له هالة من الجاذبية تناقض حظه العثر وظروفه البائسة..
وبعد ألف لا وهو يمنع نفسه من الذهاب...
كان يقف من بعيد؛ يتابع حديثها يراقب حركات يدها وهي تسير برشاقة على المنصة التي ليست عالية كثيرًا، بل ترتفع درجة أو درجتان عن المكان الذي تقف فيه الفتيات، الرجال قليلون جدًا...
كانت ترتدي بنطال أبيض، وسترة من اللون السماوي، وقميص داخلي أبيض بسيط لا يغطي العنق بشكل كامل وهذا شيء ازعجه، شعرها تركته حرًا...
كانت جميلة كالعادة..
تحاول الحديث في عدة مواضيع تخص الاهتمام بالبشرة ولا يظن بأن أحد غيرها قد يستطع الحديث في تلك الأمور، ولا يظن بأن جمالها في عينه قد يكون سببه هذا المنتج التي تتحدث عنه وعن شركته....
تنهد وهو يتابعها ويتابع خصلاتها الحرة، يبدو أنها ازداد طولها خلال تلك المدة عن السابق...
عنقها..
توقف عنده كثيرًا..
يزينه سلسال فضي بسيط يعرفه جيدًا، يتدلى منه مفتاح مفتاح...
يعرف جيدًا ذلك السلسال...
الذي جعل شقيقته تأتي به من أجل يوم مولدها، قد حظرته من كل مكان لكنها مازالت ترتدي السلسال الذي أتى به، ومازال في قلبها وعقلها كل دقيقة لو كان يعلم.........
انتهت تلك المناسبة ورأي الفتيات تقوم بالتقاط الصور الفوتغرافية معها بحب كبير، حب لا يظن بأنه قد يقارن مع حبه لها، نعم هو يحب، ويحب جدًا لكنه كان أفشل من أن يعبر عن حبه لها، كما كان مجبورًا على عدم إتخاذ خطوات...
بدأ الجميع في الرحيل وكانت تتحدث هي مع فتاة ما يبدو من ملابسها أنها تعمل في العلامة التجارية، كونها ترتدي قميص عليه اسمها وعلامتها...
قامت الفتيات بشراء المنتج وهو فعل المثل دون أن يظهر لها وكانت هي مشغولة بالحديث، وظل في انتظارها إلى أن وجدها ترحل فأخذ يسير خلفها حتى وصلت إلى الموقف الخاص بالسيارات وأخرجت مفتاح سيارتها من الحقيبة ثم ضغطت عليه ليصدع صوت يعلن أن السيارة قد فُتح قفلها، لكن قبل أن تقترب منها أكثر كانت تسمع صوته يناديها في لحظة توقف بها كل شيء:
-ريناد....
اتسعت عيناها وهي توليه ظهرها وخشيت أن يكون هذا مجرد حلم....
وجدت صوت خطواته يقترب منها لأن المكان لم يكن مزدحم أبدًا بل القليل من الأشخاص يقفون في أماكن متفرقة ومنهم من يصطف بسيارته...
أستدارت ريناد لتجده يقف أمامها وبينهما مسافة مناسبة تمنع عناق قد تحتاجه قلوبهما جدًا...
مد يده ينتظر مصافحتها وصافحته بالفعل لم تبخل عليه وعيناه متعلقة بها بشكل اصابها بالارتباك تحديدًا وهو يسألها سؤال تقليدي بارد لا يصف شوقهما خلال تلك الأسابيع:
-ازيك عاملة إيه؟؟..
سحبت يدها من يده متمتمة بجفاء كاذب ومصطنع جدًا:
-الحمدلله، إيه الصدفة الغريبة دي...
رفع الكيس البلاستيكي الموجود عليه العلامة التجارية التي تخص المنتج الجديد التي كانت تعلن عنه مغمغمًا:
-أبدًا جيت قولت اجيب للبت حور حاجة تحطها في وشها لو مجابش نتيجة فعالة وشوفتها بعيني ولقيت البت قلبت جورجينا تاني يوم هعمل فيكو ريفيو أبين عدم المصداقية، أنا دفعت فيه كتير علشان وش البت...
ردت عليه ريناد تحاول كبح بسمة كانت على وشك الظهور لا تعلم هل لأنها قد رأته أم لأن حديثه البسيط والمرح يروق لها:
-حور أحلى من اي حد، وكده كده هي قمرين...
-طب اخو حور إيه دنيته؟! يحطه يمكن أكون أنا محتاج...
-أنتَ أدرى بنفسك...
ثم أسترسلت حديثها بنبرة دافئة:
-مبروك لـ حور على النتيجة، ولطنط أن ربنا شفاها على خير.
ابتسم لها متمتمًا بلباقة لا تراها منه إلا قليلًا:
-الله يبارك فيكي..
ثم سألها سؤال جاد وهو ينظر لها بحب كبير شعرت به جدًا:
-فاضية ولا وراكي حاجة؟!..
ضيقت عيناها وهي تسأله:
-اشمعنا؟!.
أردف دياب بنبرة موضحة:
-عايز اعزمك على العشاء أو الغداء على حسب التوقيت عندك دلوقتي بتسمي الأكل فيه إيه...
كادت أن تعترض ليس لأنها لا تريد الجلوس معه لكنها بالفعل قلقة، قلقة من مشاعرها الفياضة نحوه، وقلبها الذي لم يهتم إلى تحذيراتها بل فرح ورقص بمجرد رؤيته...
كبح كل الاعتراضات التي تدور في عقلها ولم تتفوه بها بعد وهو يغمغم:
-ريناد أنا من ساعة اللي حصل وأنا مواريش غير أني اراقبك من اكونتات فيك، حاجة معملتهاش في مراهقتي علشان اعملها دلوقتي، وأنتِ مش بتيجي عند بهية حتى علشان اشوفك، أنا لما صدقت في فرصة أشوفك فيها وجاي مخصوص علشانك بعد ما أعلنتي عن وجودك هنا، حابب أقعد معاكي يمكن تكون أخر مرة نقعد فيها.
كان مندفعًا وهو يخبرها بجدية شديدة وجسارة يحسد عليها:
-أنتِ وحشتيني، وفي كلام كتير محتاج أقوله، حتى لو تعرفي أغلبه وحاسة بيه أنا محتاج أقوله وتسمعيني اتكلم لأول مرة معاكي....
حديثه يصيبها، ولا تدري لماذا مهما تنزعج منه تكفي كلمات بسيطة منه حتى تمحي كل الصفحات السوداء وتغفر له؟!!!...
هل الحب شيء هكذا؟!.
لا تعلم أبدًا...
باتت عاجزة حتى عن أن تجاريه أو ترد عليه...
فأسترسل هو حديثه:
-لو حابة نقعد في أي مكان هنا معنديش مشكلة، ولو حابة نروح أي حتة معنديش مشكلة برضو اختاري أنتِ حابة إيه..
تحدثت ريناد أخيرًا وقد خرج صوتها:
-ماشي، بلاش هنا، ممكن نروح أي حتة برا بس هنروح بعربيتي لو مكنش يضايقك نروح سوا وتركب معايا...
لم يكن بوسعه الاعتراض وكانت هي تنتظر حديثه المستفز الذي سوف تسمعه أو رفضه لكنه أصابها بخيبة أمل وهو يخبرها ببساطة شديدة:
-أي حاجة المهم أننا نقعد ونتكلم، المهم بس بتعرفي تسوقي ولا مش هنلحق نتكلم وأقول الكلمتين اللي عندي؟!..
ردت عليه بصلف وغرور نادرًا ما تستعمله معه:
-جرب شوف هتوصل سليم ولا لا، وصلت يبقى بعرف أسوق، موصلتش يبقى..
قاطعها دياب بنبرة مشاغبة:
-إيه هيكون في حظ أوفر المرة القادمة يعني ولا إيه؟! في محاولة تانية...
..بعد مرور نصف ساعة..
في أحدى الأماكن المتواجدة في وسط المدينة والتي تكون على مسافة قريبة بين الحي التي تقطن هي فيه، والحي الذي يقطن هو فيه، كانت منطقة محايدة، وهي تحب هذا المكان، ولم تحاول أن تختار مكان قد تبالغ فيه.....
طلبت هي قهوة سريعة الذوبان ومثلجة وطلب هو قهوة عادية، فهي أخبرته بأن يتحدثا أولا ثم يطلبا الطعام....
تمتمت ريناد بنبرة حاولت جعلها جادة قدر المستطاع في النهاية هي لا ترغب في الرحيل بل تتمنى أن تظل العمر كله بجواره لكن ليست كل الأمنيات تتحقق:
-ياريت لو تقول اللي عايز تقوله علشان أنا مش معايا وقت كتير...
تعقيبه كان مُبهم جدًا:
-تعرفي أن المشكلة كلها في الوقت...
-مش فاهمة قصدك إيه؟!...
ابتسم ثم أخذ يخبرها وهو يشرح لها ما يقصده وما يشعر به:
-كل حاجة حصلت بينا كانت في الوقت الغلط، حتى لما كنتي السبب أسيب شغلي كان وقت غلط بالنسبالي مكنتش اتحمل فيه اسيب شغلي؛ ولما جيتي عند بهية وطلعتي قريبتها بدأت كل حاجة بس في الوقت الغلط جدًا والدنيا كلها متكركبة فوق رأسي، يمكن أكتر مشكلة ما بينا هي الوقت الغلط....
قالت ريناد بعتاب، هي لا تنتظر هذا الحديث أبدًا:
-وأنتَ جايبني علشان تقولي قد إيه أننا اتقابلنا في الوقت الغلط يا دياب؟!..
هز رأسه نافيًا مما جعلها تتحدث بفضول يقتلها لن تنكر أبدًا:
-اومال..
أردف دياب بأكثر نبرة صادقة ومفعمة بالعاطفة قد خرجت منه منذ أن رأته، نبرته وحديثه أثار رعشة ورجفة بداخلها:
-جيت أقولك اني بحبك، بحبك يا ريناد وأنتِ عارفة ده كويس، بس أنا عمري ما حبيت اعشم حد في حاجة ممكن معرفش اعملها، وخصوصًا لو بنت إني اعشمها بحاجة ممكن مطلعش قدها، مبحبش اعلق حد جنبي وحتى في المرة اللي فاتت سعيت بكل جهدي معملش كده وكان غصب عني ركنتها جنبي..
قاطعه ريناد بتهور واضح وغيرة مستحقة، هو معشوقها، هو لها هي، لا يهم ما مضى:
-اعتقد يعني مش هحب اسمع حاجة عن المرة الأولى.....
ضحك وهو يجبرها بألم:
-أنا معرفش دنيتي هتكون عاملة ازاي...
حاولت السيطرة على دقات قلبها التي شعرت لوهله بأنه سوف يخرج من مكانه ويصبح أمامها على الطاولة أما أعصابها لا تظن بأنها قد تحملها لو وقفت الآن....
لكنها حاولت التماسك والثبات وهي تسأله بوجه جاد لكن أعينها كانت هائمة بحق:
-واشمعنا قولته دلوقتي؟..
أردف دياب وهو ينظر لها يتأملها بحب كبير:
-مش قادر اشوفك بضيعي مني، الفترة اللي فاتت كنت ساكت لأنه كان عندي أمل الفترة اللي فاتت أن كل اللي أنا حاسس بيه يكون وهم، أو تعلق غريب، إعجاب بحد مختلف عن الدائرة اللي اعرفها، وكل ده هيروح لحاله مجرد ما تبعدي، بس حتى بُعدك كان صعب..ويمكن الضغط اللي أنا فيه كان له دور أنه يخليني اسكت...
ابتلع ريقه ثم قال بنبرة كانت كالنغمة بالنسبة لها:
-دايما كان بيكون عندي ألف حاجة تخليني مفكرش فيكي، وتشغلني، لكن عمري ما نسيتك لحظة حتى بعد ما مشيتي رغم أني كنت متخيل أن ده هيكون الحل..
لا تصدق ما تسمعه أبدًا..
ما تسمعه كان أجمل وأعمق من الشيء الذي يتواجد في خيالها.....
ابتلع ريقه وتحدث بنبرة عقلانية:
-الحياة مع حد مختلف عنك عمرها ما هتكون سهلة علشان كده كنت متردد، أنا مقدرش اوعدك بأن ممكن يكون لينا مستقبل وردي بس أنا بحبك وظروفي صعبة...
هتفت ريناد تعاتبه بعشق حقيقي ونبرة صادقة وخالصة:
-بس ظروفك بتتحسن...
سألها دياب وهو يستند على الطاولة بساعديه، ينتظر إجابة يجهلها:
-تفتكري أنها اتحسنت لدرجة إني اتقدم ليكي؟! ووقتها هيكون رد فعل والدك إيه؟!
تحدثت ريناد بمشاعر قد تكون هوجاء ولكنها صادقة مئة بالمئة:
-بابا عمره ما غصبني على حاجة إلا طبعا قعادي مع نينا بهية، وأنتَ لو مشيت خطوة علشاني شوف أنا هعمل علشانك إيه، همشي معاك خطوة بخطوة، لو أنتَ عايزني بجد أنا مستعدة استناك العمر كله بس أكون ضامنة أنك معايا وبتحاول علشاني وعلشان مستقبل يجمعنا سوا، حتى لو بـ دبلة بس أحس أننا لبعض.
سألها دياب وكان حديثها يسعده ويروق له، ينعشه ويعلي من كبرياؤه الذكوري الذي هشمته الظروف دومًا وقست عليه، الآن الدنيا تبتسم له عبر كلماتها ومشاعرها الصادقة:
-للدرجة دي أنا استاهل تعملي كل ده علشاني؟! أنتِ مدركة أن حتى مهما ظروفي اتحسنت مش هقدر على أي طلب والدك حاول يختبرني بيه، أنا عندي التزمات أولها أهلي اللي عمري ما هتخلى عنهم، ودايما بفضلهم عن نفسي..
-حبك لأهلك دي أكتر حاجة بحترمها فيك وبالنسبة لبابا هو أخر حاجة بيفكر فيها الفلوس...
ثم أسترسلت حديثها بنبرة محبة ورقيقة:
-نينا بهية قضت عمرها كله لوحدها ولما سألتها قالتلي أن في شخص بيعدي في حياتك، الحياة بتقف من بعده يا تكون معاه يا مفيش حد يجي بعده وأنا شايفة أنك الشخص ده، وأن مفيش حاجة في حياتنا حصلت صدفة أكيد من أول مرة شوفتك فيها كل ده كان قدرنا..
تمتم دياب بنبرة لم يجملها رغم حديثها الذي لا يدري كيف يوفيها حقها، تخرج منها الكلمات بسهولة جدًا عكسه:
-في صعوبات كتير هتواجهنا غير حتى الفرق اللي ما بينا من ناحية المديات ومن ناحية موافقة والدك، في حاجات كتير ممكن اعترض عليها في أسلوب حياتك أنتِ مدركة ده..
هزت رأسها بإيجاب وهي تخبره:
-لو بتحبني بجد زي ما بتقول هتحاول توصل معايا لحل وسط وزي ما أنتَ في حاجات مش عاجباك فيا أنا كمان في حاجات مش عجباني فيك..
-زي إيه؟!.
ردت عليه بجدية:
-أولها عصبيتك ولسانك....
شعر بالحرج وهو يخبرها:
-أنا مش عصبي بس بخاف وأقلق على اللي مني، بقلق من فكرة أن يصيبهم أذى أو يحصل ليهم حاجة أنا مقدرش احميهم فيها..
نظرت له بحب فهو لا يعلم بأن هذا الشيء هي تعشقه فيه، تعشقه وبشدة...
تمتم دياب بنبرة جادة بعدما تناول قهوته وخيم الصمت عليهما لمدة دقائق:
-ممكن تديني مُهلة..اظبط أموري على الأقل، ارجع الجامعة السنة دي، ودلوقتي أنا ونضال وطارق هنفتح فرع تاني، اديني فرصة أربع شهور على الأقل وبعدها هاجي اتقدم لوالدك بعد الترم الأول ما يخلص...
تحدثت ريناد وهي تسأله بترفع:
-اعتبر ده وعد؟! على فكرة أنا عارفة أن دياب لو وعدني هيوفي...
أردف دياب بابتسامة هادئة ومشاعر فياضة، حتى في أحلامها لم تكن تصدق بأنها سوف تسمع هذا الحديث من دياب:
-ده أول وعد هقوله ليكي وبنطقه وأنا ان شاء الله هكون قده، لو أنتِ مستعدة فعلا بحياة مش هتكون وردية لكن مع واحد ممكن يضحي بنفسه علشانه، وهيفني عمره علشان خاطرك وعمره ما هيخذلك أو يخونك، دي الوعود اللي أقدر أقدمها ليكي...
-مستعدة...
-يلا نطلب الأكل، دي أول مرة نكون في قعدة زي دي مع بعض..
ابتسمت وهي تخبره برقة وسعادة حقيقة، كانت أعينها تلمع من السعادة:
-هعتبره أول Date ما بينا ومعتقدش أن ممكن يجي عشاء تاني لينا مع بعض ينافسه لأنه هيفضل في قلبي كل كلمة اتقالت فيه، وياريت لو صورة مع أني عارفة وسمعتك كذا مرة قولت قدام حور أنك مبتحبش تتصور....
كانت جملته عميقة وهو يخبرها:
-بس حاسس أني اليوم ده حابب وجدًا..
______________
يقف أمام المبنى الذي يتواجد فيه صالة الألعاب الرياضية، اعتاد على أن يقوم بتوصيلها كل يوم تذهب فيه إلا العمل، لا يتركها إلا حينما يكون هناك شيء طارئ فقط...
يحمل باقة من الزهور ليست كبيرة ولكنها أنيقة لعلها تنال إعجابها فهو يدرك أنها مازالت تجاهد نفسها وحياتها من أجل الاستمرار.....
لذلك يحاول دوما إسعادها ويا ليته ينجح...
خرجت من المبنى لتجده أمامها ابتسمت بخجل ثم أقتربت منه مغمغمة:
-إيه ده؟!.
تمتم نضال بإبتسامة هادئة وهو يمد يده بها لتأخذها منه:
-قولت الاعتراف اللي مكملش واتقاطعنا فيه لازم حاجة تكمله لأنك من ساعتها مش معبراني، وبعدين أنا مجبتش ليكي ورد إلا مرة واحدة وساعتها كنتي تقريبًا مش طايقة نفسك، أنا جيبت شيكولاتة من *******.
ضيقت عيناها وسألته بعدم فهم:
-طب والشيكولاتة ليه بقا مع أني مليش فيها أوي..
رد عليها رد بسيط ومرح:
-المرة اللي فاتت أختك وسلامة شفطوها، وكان لازم تعويض.
ابتسمت له مغمغمة بنبرة خافتة وخجل فطري تشعر به بعد لحظاتهم الخاصة جدًا واعترافه المميز، حتى أنه يتكرر بصوته في عقلها منذ أن نطق به، كانت له طريقة خاصة ومميزة جدًا:
-قلبك أسود أوي، الموضوع بقاله كتير.
حاول نضال الدفاع عن نفسه مغمغمًا:
-لا والله قلبي أبيض جدًا أنتِ اللي مش واخدة بالك..
اختفت ابتسامتها ثم سألته بتحذير لا يناسب باقة الورد التي تحملها بين يدها:
-أنتَ عملت حاجة يا نضال وبتعمل كده علشان تداري على نفسك؟.
أردف نضال هازئًا:
-حاجة إيه اللي هعملها وهداري على نفسي بيها بـ علبة شيكولاتة وورد..
هزت كتفها بلامبالاة وهي تخبره ناظرة له بقوة:
-معرفش بس لما الراجل بيعمل تصرفات غريبة كده الواحدة المفروض تقلق منه...
-والله؟!.
قالها بسخرية ثم أسترسل حديثه بنبرة هادئة:
-والله ده له حق الواد سلامة يخاف منك...
شعرت بأنه ليس هذا ما يجب عليها قوله بعد تلك المفاجأة الرائعة لذلك تحدثت بهدوء:
-تسلم يا نضال بجد الورد حلو أوي، شكرًا على تفكيرك فيا واللافتة الحلوة دي...
-دي أقل حاجة يا حبيبتي ادينا بنحاول ننول الرضا..
ردت عليه بعفوية:
-أكتر من كده..
قال نضال محتجًا:
-لا أنا منولتش حاجة ولا سمعت حاجة هو إيه اللي أكتر من كده مش فاهم أنا..
شعرت بالخجل لذلك أردفت وهي تشير إلى سيارته مغمغمة:
-مش يلا...أنا تعبانة وعايزة اروح البيت الأول أجيب حاجات من هناك بعدين اروح لجهاد..
سألها نضال باهتمام:
-حاجات إيه؟!.
ردت عليه سلمى رد مختصر فهي تريد الانفراد بنفسها؛
-عادي هدوم وحاجات محتاجاها من هناك..
تمتم نضال بنبرة مرحة وهو يمسك يدها ويتوجه بها صوب السيارة:
-ماشي يلا أوصلك وأنا هرجع متأخر بليل حاجزين عندنا ساعة نلعب كورة فيها ادعيلي علشان بقالي كتير خارج الملاعب وده شيء يقلق...
______________
تجلس على الفراش تستند بنصف ظهرها عليه والهاتف متواجد على أذنيها تتحدث مع أحدى صديقاتها أو بمعنى أصح زميلتها...
سامية لا تمتلك أصدقاء مقربين، علاقاتها مع الجميع دومًا على الحياد..
اليوم حمزة أخبرها بأن هناك مشكلة تخص عمله ولن يأتِ فلا تنتظره..
شعرت بالشك فيه لكنها حاولت أن تحسن الظن فهو لن يكذب في شيء تستطيع أن تكتشفه بتلك السهولة، تحديدًا خلال الثلاثة أيام الماضية التي وجدته فيها دومًا قلق ويتحدث في الهاتف وكأنه يلح على شخص، يبدو أنه واقع في مشكلة فعلا بعد شجارهما في صباح اليوم التالي تغير كثيرًا وطوال الوقت يشعر بقلق وتجده يقوم بفتح حسابه البنكي كثيرًا وهو جالس في المنزل..
لكنها لم تحاول سؤاله عما يحدث معه...
-إيه يا بنتي مش بشوفك خالص حتى مبقاش يظهرلي أي حاجة جديدة على صفحتك لدرجة إني فكرت أن في مشكلة فدخلت لقيتك مش بتنزلي أي حاجة ولا عن الشغل ولا غيره..
تلك الكلمات سمعتها من صديقتها التي تحدثها عبر الهاتف، ردت عليها سامية تحاول أن تخفي خيبة أملها وقنوطها الشديدة:
-عادي الجواز بقا والمسؤولية والواحد لسه بيتعود وكمان أنا حامل و مش بنزل كتير اصلا زي الأول ومش بقبل شغل إلا قليل أوي..
عقبت الفتاة على حديثها بـمودة:
-مبروك يا حبيبتي، ان شاء الله يجي بالسلامة.
-ان شاء الله، المهم قوليلي أنتِ فرحك امته؟!.
سمعت صوتها وهي تخبرها:
-يعني أول شهر عشرة وحتى القاعة حجزناها بس عندنا كذا مشكلة.
سألتها سامية بقلق طفيف:
-ليه بس كده؟!.
أخبرتها الفتاة بنبرة عادية:
-اتخانقنا مع الراجل اللي كان بيفصل لينا الحاجة بعد ما جاب المطبخ ومعجبناش، أنتِ فاكرة اوضة النوم لما جيت عندك وعجبتني أوي وقولتلك تصورهالي، أنا عجبتني وكنت عايزة زيها، بالشكل ده حسيت أنه مش هيطلعها زيها...
ثم أسترسلت حديثها:
-بس اخويا جاب واحد تاني اللي كان عامل عنده حاجته وهو ما شاء الله شاطر ووعدني أنه هيخلص كل حاجة بسرعة علشان ميعاد الفرح، الراجل التاني سوحنا أوي..
تمتمت سامية ببساطة:
-طب الحمدلله محلولة أهي، متضايقيش الحاجات دي طبيعية قبل الفرح مضايقيش نفسك، وان شاء الله كل حاجة تخلص وتكون زي ما أنتِ عاوزة..
- يارب..
ثم أسترسلت الفتاة حديثها بحرج:
- أنا بس كنت عايزة منك خدمة صغيرة...
-قولي طبعا..
-الحاجات اللي على موبايلي اتمسحت وأنا كنت عايزة منك تصوري اوضة النوم تاني لو ينفع علشان ابعتها للراجل...
قالت سامية بنبرة عادية:
-أنا تقريبًا الفيديو لسه معايا، أول ما اقفل معاكي هدور عليه وابعتهولك تاني..
وقد كان...
أغلقت سامية المكالمة مع صديقتها بعد دقائق معدودة، ثم أخذت تبحث في هاتفها عن ذلك المقطع ووجدته بالفعل، ورد فعل طبيعي جدًا منها فتحته حتى تراه....
وكانت تركز في تفاصيل الغرفة التي كانت مرتبة في أيام زواجهما الأولى لكن الآن الفوضى تعم بها بسبب حمزة...
نظرت على الثريا التي تتدلى من السقف لتجد فيها شيء أسود غريب، حاولت أن تدقق بعيناها لتجدها كاميرا...
اعتدلت في جلستها بذهول ثم رفعت رأسها حتى تجد حالتها الآن لا يتواجد بها شيئًا...
نهضت ثم وقفت على الفراش حتى تصل لها وتتأكد لم تجد بها شيء، لا تعلم بأن حمزة قد أزاحها من مكانها حينما علم بأن المرأة سوف تأتي من أجل التنظيف، وقتها يقوم بإزالتها ويقوم بوضعها بعدها بفترة...
لكن في الفترة الأخيرة لم يكن له مزاج رائق من أجل هذا أبدًا لذلك توقف عن وضعها...
نهضت سامية من مكانها وهي تحاول أن تفكر فيما يحدث ولم تجد إلا احتمال واحد ومن الممكن ألا يكون احتمال فقط بل هو الحقيقة نفسها..
نهضت وتوجهت إلى المكان الذي يضع فيه حاسوبه ومنذ أيام وجدته يكتب الرمز الخاص به بالصدفة فحفظته لم يكن صعبًا بل هو تاريخ مولده....
التي تحفظه كالحمقاء مثل اسمها..
كان في الفترة الأخيرة ليس حذرًا بل هو لديه الآلاف الأشياء ليفكر فيها منها تعثره في دفع القسط الخاص بالقرض لذلك لم يكن مهتم وهو يفتحه وهي تجلس بجواره...
ولأن سامية في كل مرة لا تقوم بالتفتيش خلفه بل يتم اكتشاف الأمر بواسطته هو.
فتحته بقلق وقلب على وشك أن يفقد وظيفته....
يد تفتح بها الحاسوب واليد الأخرى تضعها على بطنها وهي تبتلع ريقها بصعوبة...
فتح معها ثم أخذت تقلب بين الملفات المختلفة إلا أن وجدت صور لشقيقته مع رجل أخر غير طليقها وتتواجد في حاسوبه هو!!!!!!
كيف؟..
هي تصل إلى تلك الملفات بصعوبة فهو يضع ملف داخل ملف بداخل ملف..
إلى أن ظهر لها أحدى الملفات التي تجمع لهما أكثر من مقطع...
ليست مقاطع عادية أو عفوية ابدًا كالتي تلتقطها معه في بداية زواجهما...
بل أنها مقاطع تخص لحظات خاصة جدًا بين الرجل وأمراته، لا يجب تصويرها فقط، بل لا يجب حتى ذكرها أمام أي شخص........
بل هو الأكثر الأشياء خصوصية....
حمزة قام بتصويرها من دون علمها في غرفة نومهما...........
_______يتبع________
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا