القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية أنا لها شمس الجزء الثاني «أذنابُ الماضي» الفصل الثانى والثلاثون 32بقلم روز آمين حصريه في مدونة قصر الروايات

 


 رواية أنا لها شمس الجزء الثاني «أذنابُ الماضي» الفصل الثانى والثلاثون 32بقلم روز آمين حصريه في مدونة قصر الروايات  





رواية أنا لها شمس الجزء الثاني «أذنابُ الماضي» الفصل الثانى والثلاثون 32بقلم روز آمين حصريه في مدونة قصر الروايات  


 


«أذنابُ الماضي» الجزء الثاني من أنا لها شمس



بسم الله ولا حول ولا قوة إلا بالله

«لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين»


الجزء الأول من

🔹الفصل الثاني والثلاثون🔹

«أذنابُ الماضي»

#_أنا لها شمس الجزء الثاني،بقلمي روز آمين

__________________________


«أرهقتني كثرة المعارك التي كُتبت علي منذ الصغر دون إرادةً مني أو إعطائي حق الإختيار،وبكل معركةً أكون أنا بها الخاسر المهزوم،وكيف لي الفوز وأنا مجردةً خاوية اليدين من سلاحٍ ادافعُ به عن حالي أو حتى خندقٍ أتوارى بداخلهِ من رمي السهام، طريقي لم يكن يومًا مفروشًا بالزهور، بل كان ممتلئً بالأشواك ملغمًا بقنابلٍ موقوتة متوقع انفجارها بأية لحظة،"مغامرة"، هكذا كانت حياتي منذ نشأتي بذاك المنزل الملعون،منبوذةً وحيدة شريدة ،كطفلةٍ بثيابٍ بالية وحالةٍ مزرية تهرول داخل صحراءًا جرداءًا بليلٍ عاتمٍ مُمطر تبحثُ بذُعرٍ وهلعٍ يسكن عيناها عن كوخٍ يأويها من الصقيع،كم من المصاعب والمصائب واجهتني حتى جعلت مني خانعة خاضعة لجميع الظروفِ والشخوص،حتى جاء ذاك الشقيق النبيل وانتشلني بحضورهُ من الضياع،كان لي العوض عن كل ما عانيتهُ بمشواري،لتتبدل حياتي من اقصى الشعور بالضياع إلى إيجاد الذاتِ وبر الأمان،ومنذ حينها وقد تبدلت الاحوال، كأن الحياة كانت تحتفظُ بنصيبي من السعادة لتمنحني إياه دفعةً واحدة كي أتنعمُ، وبعدها ظهر فارس الأحلام لكل بنات الزمان، وها أنا الآن أحيا أسعد لحظات الحياة، منعمةً بجوار نبيلي الشهم وفارسي الهُمام.»

«زينة البنهاوي»

بقلمي «روز أمين»

__________________




بعد أن اقتحمت السعادة منزلهما البسيط وعم الفرح ليحول بلحظة حياتهما لرائعة،ولچ إلى غرفته الخاصة بعد ذهاب رامي مباشرةً وبعد أن اتفقا على أنهُ سيبلغ والدهُ في القريب العاجل لتحديد لقاء العائلتين والاتفاق على جميع تفاصيل إتمام الخطبة، كان يدور بالحجرة واضعًا يداه بجيبي بنطاله ويتحدثُ إلى الحبيبة عبر سماعة الهاتف"البلوتوث"، استمع إلى صوتها الحماسي وهي تقول بسعادة بالغة لأجل الفتاة:

-ألف مبروك يا حبيبي،إنتَ مش متخيل أنا فرحت إزاي علشان "زينة"


أجابها بصدقٍ وراحة:

-متأكد من كده يا بوسي، فرحتك واصلة لي من صوتك يا قلبي

صمت لبرهة قبل أن يسترسل بوخزة أصابت منتصف القلب:

-مش لو كانت أمي راضية عني كانت فرحتي كملت النهارده،الحمدلله على كل حال

قطبت جبينها وسألته باستغراب:

-هي زينة محكتلكش إنها كلمت إيثو النهارده في موضوعكم؟!

-موضوع إيه؟!

نطقت الفتاة بإبانة:

-حكت لها عن اللي حصل من بباك وفهمتها على كل حاجه

سألها بقلبٍ ملتاع:

-وماما كان رد فعلها إيه؟!

-معرفش إيه الحوار اللي دار بينهم بالظبط،لكن إيثو كانت مبسوطة ووشها مرتاح بعد ما اتكلمت مع زينة وخالو،قعدت معانا كلنا بحضور جدو ونانا، وقضينا وقت لطيف مع بعض



أغلق معها بعدما قرر الذهاب إلى شقيقته وسؤالها عما دار بذاك اللقاء

_____________


ولچت إلى غرفتها وهي في قمة السعادة،أخذت تدور حول نفسها بذاك الثوب الذي يشبه الفراشة، توقفت بعد أن استمعت إلى صوت شقيقها وهو ينتظر السماح له بالدخول فتحدثت بنبرة تقطرُ حماسًا وسعادة:

-اتفضل يا يوسف

تخطى بساقيه للداخل وتحرك إلى أن وصل أمامها ثم تحدث يسألها بجبينٍ مقطب:

-مش حابة تقولي لي حاجة يا زينة؟

ضيقت بين حاجبيها تسألهُ مستغربة:

-حاجة زي إيه؟!

-أي حاجة خاصة بيا وبزيارتك لأمي النهارده؟!

تمعنت بكلماته وباتت ترددها بعقلها وفجأة شهقت وهي تضع كفها الرقيق على فمها مرددة حينما تذكرت:

-يا نهار أبيض، أنا ازاي نسيت أبلغك حاجة مهمة زي دي

ابتسم ساخرًا وهو يقول:

-لا والله

تبسمت وتحركت لتقابله الوقوف:

-إنتَ عرفت منين؟! خالتي إيثار كلمتك؟


-بيسان قالت لي من شوية، بس معرفتش تفاصيل

وتابع متهكمًا:

-فلو وقت جنابك يسمح ياريت تطلعيني عليها

ضحكت بسعادة ثم جذبت كفهِ وتحركت صوب الفراش ليتجاورا الجلوس وبدأت بقص كل ما صار تحت ضحكات يوسف المقهقهة وهو يقول:

-يعني روحتي تصلحي الامور بيني وبين أمي،قومتي منيلة الدنيا بينها وبين الباشا

رفعت كتفيها تحدثهُ:

-مكنش قصدي والله يا يوسف

وتابعت بأسى تشكي حالها:

- أنا عارفة إني مدب وبغرق في شبر ماية، علشان كده مش هتدخل لحد في أي حاجة تاني

كان يضحك على طريقتها الطفولية وحديثها لينطق وهو يضمها بأحضانه:

-إنتِ جميلة ومعندكيش لؤم البشر وده بسبب إنعزالك عن الناس،إنتِ بس محتاجة تشتغلي على نفسك شوية وده هيحصل طول ما انتِ منتظمة في جلساتك النفسية مع الدكتور.


___________________


عاد من منزل حبيبتهُ بقلبٍ هائم ومشاعرًا راقية جديدة على قلبه، يشعر أنها أصبحت ملزمةً منه وبأن سعادتها باتت مسؤليته،ولچ إلى منزله وجد والديه وشقيقته يجلسون بغرفة المعيشة يشاهدون أحد المسلسلات العربية، تنهد وطلب منهم الانصات إليه للتحدث في أمرًا غايةً في الأهمية،فأنصت الجميع وتحدث هو بصوتٍ جاد:

-بابا، أنا قررت أتجوز

وافقاه الجميع وذلك لتيسير أمور الزواج بالنسبة له حيث تحدث والده:

-وماله يا ابني، وأهي شقتك جاهزة والحمدلله


كان والدهُ قد ابتاع له شقة في منطقة متوسطة الحال بعدما باع قطعة أرض كانت ورثًا له وبدلاً من أن يحتفظ بثمنها داخل أحد البنوك أراد استثمار المال على هيئة شقه وكتب عقدها إلى نجله الوحيد كمساعدة منه على أعباء الحياة، نطقت والدته بتوقٍ:

-شكلك اختارت العروسة خلاص يا رامي

-إن شاء الله يا ماما... قالها برزانة لتهتف شقيقته"نهى"بنبرة متلهفة:

-حد نعرفه يا رامي؟!

أجابهم بجدية:

-واحدة معايا في الجامعة، لسة في الفرقة الأولى كلية علوم، إسمها زينة

نطق والدهُ سريعًا:

- أهم حاجه تكون من عيلة محترمة وبنت ناس يا ابني

تحمحم مبتلعًا لعابه ثم تحدث بجدية:

-أخوها راجل محترم جدًا، أظن انتوا تعرفوه، لأن ماشاء الله هو شاب ناجح جداً وجه على التلفزيون في مؤتمر خاص بالمخابرات المصرية

وتابع بعدما عرض لهم الفيديو المتواجد على الانترنت عبر الهاتف وانبهر الجميع بالشاب:

-وابوها رجل أعمال كبير وحد كويس، أنا شوفته

وتابع مفتخرًا بأخلاق حبيبته:

-واللي أهم من كل ده هي أخلاق البنت واحترامها ولبسها المحتشم



-وأمها بتشتغل ولا قاعدة في البيت زي أمك يا رامي؟... سؤالاً وجهته والدته السيدة"سماح" بممازحة فأجابها بثقة بعدما قرر تحمل مسؤلياته تجاه تلك الحبيبة حيث اتخذ حمايتها على عاتقه مادام حيا:

-والدة زينة متوفية يا ماما

-حبيبتي يا بنتي، يعني يتيمة يا قلبي...قالتها المرأة وهي تشعر بالأسى تجاة الفتاة، تحدث والدهُ بثقة:

-أنا واثق فيك ومتأكد انك هتختار بنت محترمة تقدر تأمن على إسمك معاها يا ابني

وتابع بجدية:

-خد لنا ميعاد مع بباها علشان نقابلهم ونتعرف عليهم وعلى البنت.


༺༻༺༻٭༺༻༺༻

في اليوم التالي مباشرةً، هاتفت إيثار نجلها وطلبت منه الحضور لإنهاء ذاك الخصام الذي آثر بداخل نفس كلاً منهما، حضر بسيارته وتحرك داخل الحديقة ليرى الجميع بانتظاره بجوار حوض الزهور العزيز لدى قلبه و علام لتشاركهما بزراعته منذ أن كان طفلاً، ارتجف قلبها بسعادة حين رأت ملاكها يهل عليها بطلته المبهرة والشوق يملؤُ نظراته إليها، لم تنتظر مجيأه فقد تخطى الصبر حدوده وذاب القلب اشتياقًا لضمة الحبيب، تمعن الجميع وهم يتطلعون بترقبٍ شديد لقاءهما الفريد من نوعه، فعلاقتهما ليست كعلاقة أم بنجلها البكري فقط، بل هي علاقة معقدة لا يفهمها سوى من كان شاهدًا على ما مر به ذاك الثنائي من صعوبَاتٍ وعراقيل جعلت من طريقهما صعبًا مليء بالتحديات والمواقف التي تطلبت منهما الكثير من الصمود وتحمل المشقة للتغلب عليه حتى وصلا لما هما عليه الآن

وقفا ليتطلعُ كلاً منهما بتمعنٍ لملامح الآخر وعلى بغتةً جذبت نجلها الحبيب لتسكنهُ داخل أحضانها وباتت تشددُ من ضمتها له بقوة لتهبط دموع الحنين تغرقُ وجنتيها بغزارة، نطق وهو يربتُ على ظهرها بحنوٍ واشتياق لرفيقة الدرب والمشقة:

-أنا آسف يا ماما

-شش... قالتها بحزمٍ لتوقفهُ ومازالت تشدد من ضمتها له وهي تقول:

-مش عاوزة أسمع منك أي مبررات يا حبيبي، أنا عرفت اللي يخليني أشفع لك أي حاجة عملتها

ابتعدت ثم احتوت وجنتيه وهي تقول باشتياقٍ جارف:

-وحشتني يا قلب ماما، وحشتني قوي

جفف دموعها وتحدث متلهفًا:

-إنت كمان وحشتيني قوي يا ماما

وتابع مسترسلاً وهو يدللها بملاطفة:

-إيثو

نطقت بسعادة:

-يا عيون إيثو

نطق مترجيًا بعيناه:

-ممكن متبعدنيش عنك تاني، ازعلي مني بس من غير ما تبعديني

لامست وجنته بحنانٍ مفرط وهي تقول:

-أنا لا بقدر أبعد ولا بزعل منك يا حبيبي، دي كانت وزة شيطان وراحت لحالها




-صبري ليه آخر على فكرة... جملة نطقها فؤاد كي يُنهي ذاك المشهد المؤثر للجميع وتابع مازحًا:

-مراتي دي اللي جنابك عمال تحضن وتبوس فيها، واخد لي بالك يا حبيبي

أطلق الجميع ضحكاتهم وسأل فؤاد والده بملاطفة:

-يرضي سعادتك اللي بيحصل ده يا باشا؟!




أجابهُ علام وهو يترقب إقبال يوسف عليه:

-حفيدي يعمل اللي هو عاوزه، معاه حصانة




نطق فؤاد بممازحة جديدة:

-طبعًا هتقف في صفه كالعادة، مهو الحفيد البكري اللي ليه حتة زيادة في القلب



ربتت أيثار بسعادة على ظهر يوسف الذي توجه إلى علام بقلبٍ لا تسعه الفرحة، مال على رأسه يضع قبلة احترام وفوق ظهر كفه المُمسك بعصاه وتحدث بامتنانٍ وكثيرًا من العرفان:

-انا مليش غير محبة الباشا الكبير ورضاه عليا، ربنا يخليك ليا ياحبيبي.

ربت على وجنته لينطق بنبراتٍ تقطرُ صدقًا وحنانًا:

- وحشتني يا يوسف، طمني عليك ياحبيبي


-أنا بخير طول ما أنتَ وصحتك بخير يا جدو

اتجه إلى عصمت وتحدث بابتسامة حنون:

-عاملة ايه يا حبيبتي

نطقت المرأة بسعادة عارمة تعود لحبها الشديد لمن تربى على يدهم:

-بخير يا يوسف،طمني عنك وعن زينة يا حبيبي


احتضن زين الدين وتاج وقبل كلاهما بحرارة بينما احتضن الصغير ساقيه متشبثًا بهما وهو يقول:

-حبيبي يا حضرة الظابط

حملهُ وبات يقبل وجنتيه وجلس حاملاً إياه فوق ساقيه، حضرت عزة أيضًا واحتضنته مهللة بحضوره، بعد الاطمئنان على أحوال الجميع قص عليهم ما حدث بشأن زينة وتحدث إلى الجميع بحيرة من آمرة:

-لأول مرة أحس إني متكتف ومش عارف أخد قرار

وتابع متنقلاً ببصرهِ بين الجميع:

- أستقبل العريس وعيلته في شقتي وأبعت أجيب أبوها وعمي حسين يحضروا الاتفاق؟ ولا أدعي عمي حسين لوحده وأقول لهم إن أنا المسؤل عنها وابوها متجوز وبعيد عن حياتنا


نطق فؤاد بحكمة وضمير متيقظ مجنبًا العواطف كي لا تتحكم وتؤثر على قراره:

-الإقتراحين غلط وهيقللوا من اختك قدام خطيبها وعيلته يا يوسف، ده نسب ولازم كل حاجه تتم على أكمل وجه وعلى حسب الأصول، ومهما كانت بشاعة عمرو وسوء علاقتكم بيه بس في الآخر هو أبوها، وعدم حضوره هيقلل من شآن زينة قدام عيلة خطيبها وهيحطها في موقف مش هيتنسي



كان يجلس بجسدٍ مائل للأمام مستندًا بمرفقيه على ساقيه وسألهُ بحيرة:

-طب أعمل إيه يا بابا؟، دبرني؟

أخذ نفسًا مطولاً قبل أن ينطق بما يمليه عليه ضميره وحسب ما أمرنا به الشرع والعُرف والتقاليد والأصول:

-لازم الاستقبال الأول يتم في بيت أبوها

اتسعت عينيه دهشةً لينطق مقاطعًا بحدة تحت ذهول إيثار من اقتراح زوجها العزيز:

-اللي حضرتك بتقوله ده مستحيل يتم يا بابا


قاطع حديثهما رجل الحكمة والمواقف الصعبة "علام":

-فؤاد معاه حق يا يوسف،الإصول أصول يا ابني وملهاش علاقة بشكل علاقتك مع عمرو البنهاوي



-جدك وبباك معاهم حق يا يوسف...جملة نطقتها عصمت ليسألها مشتتًا:

- حتى إنتِ كمان يا تيتا؟!

وتابع وهو يتطلع لتلك المستمعة بصمتٍ:

-إنتِ إيه رأيك يا ماما؟

صمتت لبرهة تستعيد توازنها قبل أن تنطق بصوتٍ أظهر ترددها وحزنها:

-أنا مليش رأي ولا علاقة بالموضوع ده يا يوسف

رأى علام حزن يوسف وتشتته لاجل والدته وعدم رغبته بإحزانها فتدخل من باب الحرص على العلاقة بين الإبن والأم:

-بعيدًا عن تحفظك وحساسية الوضع يا إيثار، بس أنا مش عاوزك تزعلي من إبنك لأن ده وضع مفروض عليه وللأسف ملوش فيه أي اختيار أو إرادة

أومأت بتفهمٍ لتنطق بألمٍ جاهدت لتخبأته:

-شوف رأي بابا وجدو واعمل بيه يا حبيبي



سألها مترقبًا بتحفظ:

-يعني مش هتزعلي مني لو أخدت زينة وروحنا بيته يا ماما؟!


-مش هزعل يا حبيبي... نطقتها بزيف وقد شعر بها الحبيب الذي أمسك كفها ورفعهُ لمستوى فمه ليضع قُبلة حنون كمواساة

همس مالك يسأل شقيقيه بعدم استيعاب لكل ما يجري من حوله:

-هو مين عمرو ده

اجابته تاج بهمسٍ حذر:

-ده بابا يوسف

-يوسف مين؟!

-يوسف أخونا يا مالك... قالها زين بجدية لينطق الصغير مستغربًا:

-بس يوسف إبن بابا

همست تاج في محاولة منها للتفسير:

-لا يا مالك، مامي كانت متجوزة راجل تاني قبل بابي، وعندها منه ولد، اللي هو يوسف أخونا


عقله الصغير لم يستوعب كل تلك الحقائق فأراد أن يريحه بتكذيب ونعت تلك التي تقف له بندية:

-إنتِ سخيفة يا تاج، وأنا عارف إن إنتِ بتقولي كده علشان تخليني تايه، بس أنا أذكى منك على فكرة، ومش هصدق كلامك ده يا نجرسية.



-تافة...نطقتها وهي تشملهُ باشمئزاز

-نجرسية... قالها وهو يغيظها ليهب واقفًا وقد وقف في المنتصف وهو يشيح بكفيه:

-ممكن تسكتوا وتسمعوني

توقف الجميع عن الكلام ونظروا إلى ذاك الصغير بتمعن ليتابع وهو يشيح بكفيه بيأسٍ وأسى:

-أنا كمان عاوز أخد رأيكم زي چو، ودماغي متشتتة وتعبانة زيه

وتابع وهو يترجى الجميع:

-أنا عاوز مشموش جديد

تحدث يوسف بتلقائية:

-بسيطة، نجيب لك مشموش، إيه رأيك يا بابا

نطق الصغير بحدة وغضب:

-بابي هيقول لك

وتابع مقلدًا والدهُ بحركاتٍ تهكمية:

-انا مليش دعوة، إسأل مامي، ولو وافقت أوكِ

وتابع مأنبًا والده:

-مع ان مفروض بابي يكون هو اللي يطلع الحاجات دي، بس هو مش بيحب يزعل مامي وبيسمع كلامها

-ولد...قالها فؤاد بحزمٍ وسألهُ تحت ضحكات الجميع:

-إنتَ بتجيب الكلام الكبير ده منين؟!

أشار إلى تلك التي أقبلت عليهم حاملة صينية مرصوص عليها بعض كؤوس مشروب الفراولة الطازجة:

-عزة هي اللي قالت لي

تطلع عليها فؤاد بأعين تطلق سهامًا نارية مما جعلها ترفع كتفيها لأعلى وعلامات الذعر بدت فوق ملامحها حين رأت غضب ذاك الشرس:

-اسم الله على مقامك يا باشا، مالك؟!، بتبص لي كده ليه؟!




سألها بنبرة حادة:

-إنتِ قولتي الكلام ده فعلاً لمالك؟!

اتسع بؤبؤ عينيها على وسعيهما ونطقت بحركاتٍ نافية من رأسها:

-أنا مقولتش حاجه، ومعرفش إنتوا بتتكلموا عن إيه أصلاً

هتف الصغير يستعرض على تلك الغافلة تهمتها:

-مش إنتِ اللي قولتي لي إن بابي بيسمع كل الكلام بتاع مامي، ومش بيحب يزعلها

ارتبكت وحولت بصرها على الفور لذاك المستشاط نارًا ليتابع ذاك المشاكس بما جعل فؤاد يخرج نارًا من أذنيه:

-ولما قولت لك، ليه مش هو اللي بيقول القرارات، قولتي لي علشان بيخاف من قلبتها عليه




أشارت بكفيها بحماية:

-وربنا ماحصل يا باشا، الواد ده بيجود من عنده

ضحكت إيثار بينما نطق فؤاد بعدما كظم غيظه تحت ضحكات الجميع على تلك السيدة البلهاء وعفويتها المحبوبة لديهم:

-اختفي من وشي يا عزة، وحسابنا بعدين

هرولت تتخبط بمشيتها بعدما رمقت الصغير بنظراتٍ متوعدة بينما هتف هو بعدم صبرٍ:

-يا بابي بقى، أنا عاوز مشموش



نطق بعنادٍ وندية لصغيره:

-مفيش قطط هتدخل البيت ده تاني نهائي يا مااك، ومن غير ما تاخد رأي ماما كمان، مبسوط كده؟!

تذمر الفتى ودبدب بقدميه يدق الأرض بهما وتحرك إلى يوسف يشتكي أبيه، بينما لفت انتباه الجميع دخول عائلة ماجد بأكملها وبعد السلام والتحية تحدث ماجد قاصدًا الجميع:

-بعد إذن علام باشا، أنا عازم الكل على الغدا النهارده

تحدثت عصمت بعملية:

-العدد كبير يا ماجد والشغالين عندك مش هيلحقوا يجهزوا أكيد، خلينا نتغدى هنا أفضل

نطق مفسرًا:

-أنا عملت حسابي وطلبت أكل من برة خلاص يا دكتورة،لما عرفت من بوسي إن يوسف هنا النهارده قولت نتجمع ونتغدى مع بعض

وماله يا ماجد،عزومتك مقبولة...جملة قالها علام سعد بها ماجد أما فؤاد فمال على حبيبة القلب يسألها:

-لو مش حابة تروحي قولي وانا هعتذر لهم

-لا يا حبيبي،...وتابعت وهي ترى فرحة نجلها وهو يهمس لحبيبته التي جاورته الجلوس وسعادة الدنيا تسكن عيناه:

-مش حابة أكسر فرحة إبني،وبعدين أنا ودكتور ماجد بقينا نسايب خلاص،وبكرة يجمعنا حفيد،فلازم نيجي على نفسنا شوية علشان خاطر راحة ولادنا.


-بعشق حبيبي وهو عاقل يا ناس...قالها بابتسامة وغمزة لتجيبه هائمة:

-وأنا بعشقك في كل حالاتك يا قلب ونور عين حبيبك.

قالتها برقة أذابت قلبه وتابعت بجدية:

-حبيبي

-نعم يا روحي

-أنا عاوزة أرجع الشركة بكرة علشان أتابع شغلي... وتابعت بعدما أطلقت تنهيدة حارة:

-عاوزة ألهي نفسي في الشغل وأنسى بيه حُزني

تنهد بأسى لأجلها فاسترسلت بحزنٍ عميق:

-صورة ماما وهي متكفنة مبتروحش من بالي يا فؤاد،يمكن لو انشغلت بالشغل أنسى.

احتوى كف يدها وبات يربت على قلبها بكلماته الحنون حتى هدأت واستكانت روحها




༺༻༺༻٭༺༻༺༻

بعد مرور يومان، داخل شركة الزين

حضرت اليوم لتتابع سير العمل بعد أنقطاع دام لفترة ليست بالقليلة، جلست بمكتبها وبدأت بمتابعة العمل على جهاز الحاسوب، استمعت إلى بعض الطرقات فوق الباب فسمحت بالدخول للطارق،خطى "بسام" بساقية وتحدث مرحبًا بابتسامة خفيفة تعود لراحته النفسية من اتجاه إيثار بعد اتفاق فؤاد معهُ واعطائه نسبة من حصته:

-حمدالله على السلامة يا أستاذة، نورتي الشركة

حركت رأسها بامتنانٍ وهي تقول:

-الله يسلمك يا باشمهندس، متشكرة لذوقك

-إنتِ كويسة؟

طالعتهُ بنظرة احترامٍ:

-أنا بخير الحمدلله

تحدثا قليلاً واطمئن عليها ثم انسحب للخارج وتوجه إلى مكتب شقيقته ليتحدث بلومٍ:

-إيثار وصلت لمكتبها

-عرفت... قالتها بملامح وجه جادة لينطق هو بعملية:

-طب ليه مرحتيش تعزيها؟!

تأففت ونطقت بتملُلٍ:

-إنتَ بقيت سخيف ولحوح قوي يا بسام

وتابعت وهي ترمقهُ بترقبٍ واستغراب:

-وبعدين تعالى هنا، من امتى كل الاحترام والحنية دي من ناحية الست إيثار؟!

وابتسمت ساخرة:

-كل ده علشان الخمسة في المية اللي ضافهم لك فؤاد على الأسهم بتاعتك؟!، شراك بيهم يا ابن الزين؟!

تنهد ونطق بصدقٍ يعود لأصالة معدنه وطيبة أصله:

-هتصدقيني لو قولت لك إن القصة بعيدة كل البعد عن النسبة اللي ضافها لي فؤاد، منكرش إن الشيطان وزني في الأول واتملك من تفكيري،وبقى يحركني حقدي وغلي اللي اتخلقوا من ناحية إيثار لدرجة إني مشيت زي الأعمى وراه، وخطط لأذية الشركة وضياعها

وتابع مشيرًا لفضلها:

-وعلى فكره يا سميحة، إنتِ ليكِ فضل كبير في رجوع الوعي لعقلي

وبات يذكرها:

-فاكرة لما قولتي لي أنا عمري ما أذي شغل عيلتي ولا ابدي مصلحتي الشخصية على حساب مصلحة واسم العيلة اللي ابويا وعمي بنوه بدم وسهر وتعب سنين


تنهدت براحة وهي تستمع لكلماته،فحقًا مهما شرد الإنسان وزرع الشيطان بقلبه الضغينة تجاه أحدهم،يظل الأصل غالب وهو من يتحكم بنا،تابع بإبانة:

-وكلام فؤاد معايا كملي الصورة واقتنعت إن فعلاً العيلة هي الاساس ولازم كلنا نتكاتف ونجنب خلافاتنا الشخصية قصاد مصلحة العيلة




أومأت بموافقة فتابع مستغلاً حالة التراخي:

-قومي معايا علشان تقدمي لها واجب العزا، عيب يا سميحة، دي مهما كان مرات ابن عمك واللي ماتت دي أمها، كفاية انك رفضتي تروحي لها القصر معايا انا وبابا وماما، يبقى على الاقل تعزيها هنا علشان الموضوع مايكبرش أكتر من كده


حركت رأسها بموائمة وبعد قليل كانت بمجاورة شقيقها الذي تحدث مجنبًا شقيقته حرج اللحظة:

-سميحة جاية لحد عندك علشان تعزيكي يا أستاذة إيثار،وزي ما ماما قالت لك إنها كانت مصابة بدور برد وخافت تعديكي

تمعنت إيثار تنتظر ردها فتحدثت رُغمًا عنها وبكبرياءٍ:

-البقاء لله يا مدام

-لا إله إلا الله... قالتها لتتابع وهي تشير للمقاعد:

-إتفضلوا اقعدوا نشرب قهوة مع بعض

بعنجهية ردت:

-أنا ورايا شغل ومش فاضية، بعد اذنكم

رفع كتفيه معتذرًا فقابلتهُ بتفهمٍ وانصرف بعدها إلى مكتبه.


انتهى اليوم بسلامٍ وأثناء ما كانت تلملم أشيائها الخاصة استعدادًا للعودة إلى منزلها وجدت من يفتح الباب ويدخل لينشرح قلبها ويرفرف عشقًا عندما رأت سندها وخليل الروح والأيام يقف بطولهُ الفارع وهيأته الجذابة مقبلاً عليها بابتسامته الرائعة وهو يقول:

-حبيبة حبيبها خلصت شغل ولا لسه




-فؤاد! إنتَ بتعمل إيه هنا؟!... قالتها بابتسامةٍ سعيدة ممتزجة بنظراتٍ متعجبة،إقترب وضمها بين أحضانه،وضع قُبلةً حنون فوق جبهتها وهو يقول:

-جاي علشان اخدك للبيت يا قلبي

فراشات الغرام تراقصت من حولها وهي تتطلعُ عليه بنظراتٍ تهيمُ عشقًا في ذاك السند، رمت رأسها تسندها على كتفه وأغمضت عينيها بسلامٍ كأنها تُسلمهُ زمام أمورها ليديرها كما يروق له ويُحب، همست برقة ونعومة أذابت قلبهُ المسلمُ بغرامها:

-إنتَ ازاي كده، إزاي قادر تستحوذ على كل ذرة فيا وتدوبني فيك كل يوم زيادة عن اللي قبله، ازاي قادر تحافظ كل السنين دي على درجة غلاوتك اللي بتزيد في قلبي يوم عن يوم يا فؤاد




-علشان إنتِ تستاهلي اللي أكتر من كده بكتير يا نور عيني...أبعدها ليحاوط وجنتيها بكفاه وهو يقول متعمقًا بالساحرةِ عيونها:

-هو إنت مش واخدة بالك إنتِ عملتي فيا إيه؟، إنتِ حولتي حياتي من صحرا فاضية لبستان فيه كل أنواع الزهور بألوانها المختلفة

وتابع بأعين بالعشق ممتلئة:

-أحييتي روح أبويا وأمي وحولتي البيت لجنة بوجودك فيه إنتِ وولادي، أنا مهما أعمل وأقدم لك عمري ما هقدر أوفي دينك عليا وعلى أهلي

انفرجت ابتسامتها بينما امتلئت عيونها بدموع الفرح وهي تقول:

-سيد قلبي وتاج راسي إنتَ يا فؤاد

تبسم ومال يضع قبلة بجانب شفتها ليتحول الأمر من عادية لشغوفة ما جعلهُ يبتعد قائلاً:

-أنا شايف إننا نروح ونكمل كلامنا في اوضة الچاكوزي

أخرجتها جملتهُ المازحة من حالة الهيام لتبتسم وهي تقول:

-يظهر إن الچاكوزي استحوذ على عقل وقلب الباشا بطريقة خطر

أجابها ناطقًا بملاطفة:

-والامور خرجت عن السيطرة حضرتك ولازم نحتويها في اقرب وقت علشان نلحق ننقذ ما يمكن إنقاذه

ضحكت لينطق هو هائمًا:

-يلا بينا

وتابع مسترسلاً:

-يكون في معلومك، إحنا هنتغدى برة

رفعت حاجبها ليتابع هو من باب الحرص على صحتها النفسية:

-أنا عازمك نتغدى مع بعض في أي مكان مفتوح على النيل،وأهو تغيير لكسر الروتين، وبالمرة أحب فيكي شوية بعيدًا عن ضرتي "مالك"

قهقهت بشدة لتنسحب بجواره حتى وصلا لباب المصعد فوجد بطريقه بسام الذي تحدث وهو يعانق ابن عمه بحفاوة:

-الشركة منورة يا سيادة المستشار



-بوجودك يا باشهمندس... قالها بسعادة وتحدثا لبعض الوقت ثم توجه للاسفل حتى وصلا إلى سيارته التي فتحها بعناية لأجل إمرأة حياته تحت نظرات سميحة التي رأتهما أثناء خروجها من باب الشركة،نظراتها كانت أشبهُ بسهامٍ مسنونة لو أُطلقت لأوقعت إيثار صريعةً في الحال.




༺༻༺༻٭༺༻༺༻

تحدث يوسف إلى أبيه بالإسم من خلال الهاتف واخبرهُ بقصة الخاطب واتفقا على أن الزيارة ستتم داخل منزل عمرو مما جعلهُ سعيدًا للغاية وتوسم في القادم خيرًا ، واليوم هو موعد الزيارة الرسمي فتوجه يوسف مصطحبًا شقيقته وبيسان الذي أصر على وجودها بصحبته باعتبار أنها زوجته رسميًا ولابد من حضورها والوقوف بجانب شقيقته في يومٍ مهم كهذا، وجه يوسف أيضًا الدعوة إلى عمه حُسين وعائلته فرحب الرجل لأجل الفتاة التي قام هو وزوجته على رعايتها منذ أن كانت طفلة، وصل يوسف وشقيقته وزوجته استقبلتهم رولا بترحابٍ شديد تحت غياب نائلة التي أصبحت لا تطيق حضور أي زائرين بالمنزل، احتضنت الفتاة قائلة:

-مبروك حياتي، الله يهنيكِ ويچعلها چوازة العُمر انشالله،بتستاهلي كِل الخير يا بِنت

اتسعت ابتسامة زينة وشكرتها من قلبها بينما هرولت الصغيرة "نور" من يوسف وهي تقول بحميمية:

-يوسف، كتير اشتئتلك أنا

قبلها بنهمٍ وتحدث بحبورٍ يعود لحبه للفتاة:

-وانتِ كمان وحشتيني جدًا يا نور


اقتربت رولا من يوسف لتقول بصدقٍ:

-كيفك يا يوسف

-أنا بخير الحمدلله...قالها بجدية لتتابع وهي تتطلعُ بإعجابٍ على بيسان:

-مشالله مَرتك مِتل القمر،بتستاهلو بعضكُن

ميرسي...قالتها بيسان لتتابع بملاطفة وهي تضحك بسعادة:

-على فكرة،انا بعشق اللكنة اللبنانية وبحب أسمعها جدا،فبليز اتكلمي بيها طول ما احنا هنا


ضحكت بشدة لتجيبها:

-بس هيك، إنتِ بتأمري حياتي


نطقت بيسان بحماسٍ وممازحة من جديد:

-ممكن اسمع واحدة تؤبرني

علت ضحكات رولا التي تحدثت بملاطفة:

-دخيلك يؤبرني دلالك، شو مهضومة إنتِ


أحاط عمرو كتف يوسف تحت نفوره وتحدث إلى بيسان بحفاوة بعدما قرر جذبها لعالمهم كي تندمج معهم وتسحب معها يوسف:

-منورة بيت حماكِ يا مرات أبني

برغم عدم ارتياحها لشخصه إلا أن نطقهُ لكلمة"مرات إبني"نالت إعجابها بل اقشعر لها الجسد لتنطق بسعادة بالغة شملت روحها:

-ميرسي يا عمو

نطق من جديد تحت اشمئزاز يوسف لاستغلاله الفرصة ومحاولة التقرب الجسدي المنفر بالنسبة له:

-على فكره، ده بيت جوزك هو كمان، يعني تقدري تجبيه وتيجي وقت ما تحبي

وأشار للأعلى بغمزة وملامح وجهٍ خالي من الحياء والأدب:

-وليكم اوضة فوق، جهزتها لكم مخصوص لما عرفت بكتب الكتاب، ممكن تطلعوا ترتاحوا فيها على ما الضيوف يوصلوا

إلى هنا لم يستطع يوسف الصمود فقد تخطى حدود الادب واللباقة معه ومازاد من حنق الشاب هو خجل زوجته ورعشة جسدها التي شعر بها، سحب كتفه من تحت يده وتحدث بحدة بالغة:

-ده مش بيتي ولا عمره هيكون، وبالنسبة لبيسان فهي تعتبر خطيبتي ومش مسموح لك تتخطي حدودك في الكلام معانا بالشكل السخيف ده

سحبها من يدها وتحرك بعيدًا عنه ليهمس الأخر بسخطٍ:

-طالع قفل زي اللي مربيك

لف بصره يتطلع على ابنته الواقفة تتحدث باندماجٍ مع رولا وتحدث:

-مبروك يا حبيبة بابا

-متشكرة يا بابا...نطقتها بهدوء لتنطق رولا وهي تتطلع على ثوبها وحجابها وزينة الوجه الخفيفة:

-حياتي يا زينة،كتير طالعة بتچنني،الفِستان والميكب وكِل شِي بياخد العَئِل

سعدت الفتاة بحديثها،اما يوسف الذي اصطحب حبيبته وخرج إلى الحديقة لينطق وهو يحتوي كفيها بعناية كي يستطيع السيطرة على رعشة جسدها:

-أنا آسف ياقلبي

-متتأسفش يا حبيبي، إنتَ ملكش ذنب في اللي هو قاله

نطق بجسدٍ مشتعل غضبًا:

-انا مكنتش حابب أجيبك معايا علشان كده، بس مكنش ينفع نسيب زينة لوحدها في يوم مهم زي ده



نطقت للتخفيف من ثقل ما يحمله بقلبه:

-متكبرش الموضوع يا يوسف، أنا مش زعلانة بجد، بس متفاجأة من جرأة بباك

-قصدك وقاحته... قالها بحدة لتبتسم وهي تقول:

-بصراحة هو راجل مسخرة

وتابعت بجدية:

-بس مراته شكلها طيبة ولذيذة

قطع اندماجهما وصول عائلة حسين، وتبادل الجميع السلام وتحدثت مروة إلى يوسف:

-ازيك يا حبيبي عامل ايه

بخير يا طنط الحمدلله... تابعت مروة وهي تحتضن بيسان:

-وحشتيني يا بيسان

نطقت الفتاة بحميمية وابتسامة ودودة:

-وحضرتك كمان وحشتيني جدًا

بعد قليل وصلت عائلة رامي وانبهروا بكل ما رأته أعينهم، بدايةً من المنزل وفخامة أثاثه وجمال واحترام العروس، رزانة شقيقها وجمال زوجته ولباقتها، حتى عمرو فقد ظهر بصورة الرجل اللبق المحترم كما أوصاهُ يوسف وشدد عليه، رولا وجمالها واستقبالها الرائع للجميع وتقديمها لواجب ضيافة هائل قد أشرف عليه فريقًا مسؤلاً قد استدعاه عمرو للإهتمام بتقديم الطعام والحلوى المتنوعة والمشروبات الرائعة

تحدثت سماح والدة رامي بحفاوة:

-ماشاء الله عليكِ يا زينة، إسم على مسمى يا حبيبتي

والتفتت تتحدث إلى نجلها:

-يا زين ما اختارت يا رامي

ابتسم لوالدته والتفت يتطلع على تلك التي زادها الخجل جمالاً وتوهجًا لوجهها، نطق والد العريس كما المعتاد بعد أن تقدم بطلب العروس للزواج من نجله:

-إتفضل قول لنا طلباتك كلها وإحنا تحت أمرك يا عمرو بيه

طالعهُ يوسف يذكره من خلال عينيه بما تم الاتفاق عليه بينهما:

-إحنا ملناش أي طلبات مادية يا استاذ كمال، اللي يقدر عليه رامي يعمله في شقته، واللي يقصر فيه أنا سداد

وتابع بمفاخرة:

-أنا حتى مستعد أشتري لهم فيلا هنا جنبي وأفرشها لهم بس رامي يوافق

بكل رجولة وعزة نفس نطق الفتى:

-متشكر لحضرتك يا افندم، انا عندي شقتي الحمدلله، بابا هو اللي شاريها لي بفلوسه

وتابع بكبرياء:

-هي أه مش في منطقة راقية زي بيت حضرتك، بس يكفي إني هعيش انا ومراتي في ملكي




برغم نظرات يوسف المحذرة له لمخالفته لما اتفق عليه إلا أنه استمر في سخافاته ليقول باستفزازٍ:

-طب مش تاخد رأي زينة الأول،مش يمكن حابة تقعد جنب أبوها وتتنعم في عزه




نطق الفتى برجولة وثقة:

-مش محتاج أسأل لان الموضوع بالنسبة لي محسوم يا عمرو بيه،

وتابع وهو يتطلعُ إلى الفتاة يستطلع رأيها ويحثها على مساندته:

-وأظن زينة رأيها من رأيي، ولا إيه يا زينة؟

قرر يوسف التدخل لانقاذ شقيقته الخجولة وتحدث بصرامة وجدية:

-طبعاً رأيها من رأيك يا رامي،إحنا متفقين على كل حاجه، بابا بيهزر مش أكتر

تحمحم فور استشعاره غضب ولده فتحدث متراجعًا:

-طبعاً بهزر، إحنا بنشتري راجل

تدخل حسين لاصلاح حديث شقيقه المتعالي:

-وابننا باين عليه الرجولة والاحترام، واحنا مش عاوزين أكتر من راجل نطمن على بنتنا وهي معاه


اجابه كمال الذي أعجب بشخصيات حسين ويوسف للغاية ولمس غرور عمرو:

-ربنا يكرم أصلك يا استاذ حسين

بينما نطق رامي وهو يتطلع على تلك التي تنظر أرضًا من شدة خجلها:

-عاوز حضرتك تطمن يا عمي، زينة هتكون في عنيا ان شاء الله



همست جنة إبنة حسين وهي تتطلعُ إلى رامي:

-العريس زي القمر يا زنزون، ألف مبروك يا قلبي

وتابعت بسعادة بالغة ودعواتٍ صادقة:

-ربنا يتمم لك على خير يارب

تسلمي يا جنة، عقبالك يا حبيبتي ... قالتها بسعادة،أقبلت رولا من الداخل تتقدم عاملات التقديم وهن يحملن بين أياديهن واجب الضيافة:

-أهلا وسهلا فيكُن، شرفتونا

وتابعت وهي تشير للعاملات:

-قدموا الحلو لضيوفنا يا بنات


انتهى اليوم وقد اتفق الجميع على إقامة حفل الخطبة بعد اسبوعان مروا سريعًا، واليوم هو الموعد المتفق عليه، فقد تجهزت حديقة منزل عمرو لاستقبال المعازيم وأصبحت على أكمل وجه، حضر أهل العريس وكان يوسف وحسين وعائلته وعمرو وعائلته وطلعت باستقبالهم، بينما إجلال باتت تنتحب نادبة حظها العسر لعدم تمكنها من الحضور وذلك اتباعًا وخضوعها لقرار شقيقها الحاج محمد ناصف بوضعها تحت الإقامة الجبرية ووضع غفيرًا تابعًا له أمام منزل نصر للمراقبة ومتابعة الداخل والخارج، حضرت عائلة رامي وكان الحفل رائعًا،تغيبت عائلة علام بالكامل برغم مكانة يوسف لديهم،وهذا ما زاد من جنون عمرو الذي كان متجهزًا لحضور حبيبة القلب إلى منزله ومنى قلبهُ برؤيتها، سأل نجله بأعين حائرة تتلفتُ بترقبٍ:

-هي إيثار مش هتيجي ولا إيه يا يوسف؟!



أجابه متهكمًا بحدة:

-وماما إيه اللي هيجيبها هنا ان شاء الله؟!

اجابه بثقة ولم يلحظ تلك التي تتسمع على حديثهما من الخلف:

-تيجي علشان تقف معاك وتفرح لاختك

وتابع بخبثٍ:

-ولا انتَ للدرجة دي مش فارق معاها، لو كان حد من عيال الحقير اللي خانتني معاه مكنتش اتخلت عنه أبدًا




هتف من بين أسنانه متوعدًا:

-قسمًا بالله كلمة كمان على أمي وهاخد اختي ومعازيمنا وأخرج أكمل الخطوبة في اي اوتيل برة واخلي منظرك قدامهم زي الزفت

ارتبك من حدة نجله وتراجع سريعًا:

-خلاص يا حبيبي، أنا هسكت خالص علشان متزعلش


في المكان المخصص لجلوس العروسان،بسطت والدة رامي ذراعها بعلبة بها سلسال بسيط وإسوارة وقدمتهما لنجلها الذي ساعد زينة في ارتداؤهما تحت انتفاضة قلبها وعدم استيعابها أنها أصبحت خطيبتهُ رسميًا،كل هذا تحت صدوح الموسيقى والغنوة الشهيرة المرتبطة بتلك المناسبة"يا دبلة الخطوبة" تبادل العروسان خواتم الخطبة تحت إطلاق الزغاريد من الجميع وتهليل بيسان وجنة وتقى اللواتي يقفن بجوار العروس

نطق رامي وهو يمسك كفها الرقيق بسعادة:

-ألف مبروك يا زينة، أخيرًا بقينا لبعض

-مبروك يا رامي... قالتها بنظراتٍ تحمل من العشق والحنان ما جعل قلب ذاك الفارس ينبُضُ بقوة، نطق مسحورًا وهو يتعمقُ بعينيها:

-عنيكي حلوة قوي يا زينة، فيها سحر عجيب، بتخطف أي حد يبص جواهم

تبسمت خاجلة ليتابع بغيرة على الحبيبة:

-إوعي تبصي في عيون حد غيري يا حبيبتي




كانت تتلفتُ من حولها لتنطق بهيامٍ وسعادة:

-أنا مبسوطة قوي يا رامي،مش مصدقة اللي بيحصل من حواليا

إقترب يوسف من المكان المخصص للعروسان وقدم لشقيقته إسوارة من الذهب الخالص وقام باحتضانها بحنانٍ من شدته كادت أن تبكي، نطقت وهي تطالعه بامتنانٍ وعرفان:

-ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك أبدًا يا يوسف

قطع حديثهما اقتراب عمرو الذي فتح عُلبة كبيرة بها طقمًا من الألماس الخالص الذي أبهر الجميع ومن بينهم سماح والدة العريس التي انبهرت به ودعت لنجلها بالسعادة والتمام، بينما ابتسم يوسف ساخرًا من ذاك الذي لم يترك فرصة إلا واستغلها لصالح استعراضه لماله والغِنى الفاحش أمام الجميع.



إقترب يوسف من والد العريس وتحدث تحت نظرات عمرو المترقبة:

-بعد إذن حضرتك يا افندم، ماما وجدي علام باشا زين الدين منتظرين حضرتك والعيلة الكريمة في قصر الباشا بعد ما تخلص الحفلة هنا

وتابع مسترسلاً تحت اشتعال روح عمرو حيث احتدت ملامحهُ غضبًا وقسوة:

-عاوزين يحتفلوا بزينة ويقدموا لها هدايا الخطوبة في حضوركم.


اشتدّ غضبُه واحتدم وهو يستمع جملة نجله الحبيب للسيد "كمال" ومازاد من حنقه هو ترحاب الرجل بالفكرة، كظم غيظهُ وتحكم بهِ إلى أبعد حد كي لا يخسر يوسف إذا ما قام على افتعال المشاكل، نطق بجدية وهو يشير لنجله على داخل المنزل:

-تعالى معايا يا يوسف

تحرك بجانبه وقام بالتوجه إلى حجرة المكتب وأغلق عمرو الباب قبل أن يلتفت له وبحدة وغضبٍ عارم تحدث:

-الكلام اللي قولته بره لابو العريس ده تنساه وتشيله من دماغك لانه مش هيحصل

رفع قامته للأعلى وتابع بغرورٍ وصرامة وكأن لهُ الحق في اتخاذ القرار بشأن الفتاة:

-انا بنتي مش هتتحرك من بيت ابوها النهارده

وتابع يبلغهُ بعدما حسم القرار:

-زينة بايته مع اخواتها النهارده، سامعني يا يوسف؟

استفزه الشاب وهو يتطلعُ عليه بابتسامة مستفزة واضعًا كفيه بجيبي بنطال بذلته، ليصرخ الآخر بعدما فقد ثباته أمام ثقة الشاب وثباته النفسي:

-وبعدين أنا مش فاهم إنتِ عاوز تاخد الناس هناك ليه؟!، هيعملوا لها إيه أكتر من اللي أنا عملته، هيشرفوها أكتر مني؟!

وتابع بغرورٍ وهو يتعمقُ بعينيه:

-هيقدموا لها هدية ألماظ زي اللي أنا قدمتها لها؟!

وسأله بابتسامة ونظرة يملؤها التعالي:

-إنتَ عارف الطقم ده ثمنه كام يا يوسف؟!


-خلصت كلامك؟...قالها يوسف بنبرة أبردُ من الثلج ليتابع بكلماتٍ أخرجت الآخر من ثباته المزيف:

-إنتَ اللي لازم تنسى وتشيل من دماغك كل الهري اللي قولته ده

أخرج كفيه واشار بهما وبطريقة مسرحية استرسل:

-لأن ببساطة مفيش كلمة منه هتتنفذ




هتف بحنقٍ والشرر يتطاير من عينيه:

-أنا أبو زينة يا يوسف، وأنا الوحيد اللي ليا الحق في تحديد مصير أي حاجة تخصها


أعاد رأسه للخلف وبات يضحك ساخرًا ثم اعتدل يتطلع عليه من جديد وهو يقول:

-إنتَ صدقت نفسك ولا إيه؟!

وبلحظة تحول واشتعلت عينيه بشراراتٍ من الجحيم وهو يسترسلُ هادرًا بحدةٍ وصرامة:

-فوق يا بيه، إنتَ مجرد صورة هُلامية،برواز وهمنا الناس بوجوده علشان شكل البنت قدامهم مش أكتر

وتابع مهددًا بسبابته:

-واوعى تنسى إن لولا خوفي وحرصي على كرامة وشكل اختي قدام أهل خطيبها،كان لا يمكن نعتب جوة بيتك برجلينا تاني

وتابع مقللاً وهو يرمقهُ بازدراءٍ:

- فبلاش تعيش في دور الأب المسؤل لأني هفوقك منه على كابوس عمرك ما هتنساه




صاح وهو يطالعهُ بحقدٍ:

-إنتَ عيل جاحد زي أمك بالظبط

اشتد غضبه كَكُل مرةٍ يذكر بها اسم والدته بالسوء،إقترب عليه وبآخر لحظة توقف قبل أن يهجم ويبرحهُ ضربًا كي لا يتعدى حدود الأدب واللباقة وهو يتحدث عن سيدة حياته،في تلك اللحظة دفعت "رولا" الباب وخطت للداخل وتلتها "بيسان" التي كانت تبحث عن حبيبها حيث اختفى من الحفل فجأةً ودون ان يُخطرها، فدارت كالتائه الشريد تبحث عن مأوى أمانها،حتى استمعت لأصوات صياحهما تأتي من حجرة المكتب ولاحظت أيضًا تسمُع رولا عليهما حيث ارتبكت عندما لمحت قدوم الفتاة وبادرت بفتح الباب سريعًا لتهتف بكلماتٍ تحثهما من خلالها على الهدوء والكف عن تلك المجادلات التي لا تناسب الحدث والمكان:

- شو يلي عم يصير هون؟! برأيكن هادا وقت اللخناق تبعكن؟!، تاركين العروس والمعازم وقاعدين هون تتناقروا مِتل لديوك؟!

بينما هرولت "بيسان" على حبيبها وتحدثت وهي تتمسكُ بذراعه بعدما لمحت غضبه العارم يعتلى ملامحه:

-تعالى معايا يا يوسف



اقترب على أباه وبسبابته نطق مهددًا بسهامٍ نارية انطلقت من مقلتاه:

-قولتها لك قبل كده وهقولها لك تاني، إحمد ربنا ألف مرة إني متربي صح وعارف ديني وحدودي اللي وضعها لي ربنا،وإلا كان هيبقى لي تصرف تاني معاك

ثم تابع وهو يتطلع إلى تلك الـ"رولا":

-وياريت تحترم الست اللي إنتَ متجوزها وتبطل تجيب سيرة إيثار الجوهري

ازدرد لعابهُ رعبًا من وجود رولا ليسترسل يوسف بدهاءٍ بعدما أراد زرع الفتنة بينهما كعقابًا عما اقترفهُ بذكر إسم والدته:

-اللي من الواضح إنها شاغلة دماغك قوي،لدرجة إن مفيش جملة واحدة طول ما احنا بنتكلم خالية من اسمها

تنهدت بمرارة تطالع عينيه التي تهربت من مواجهتها فتابع يوسف بصرامة لا تقبل المناقشة:

-ولأخر مرة هأكد عليك،كلامك اللي قولته من شوية بخصوص زينة ده تنساه نهائي،أختى مسؤلة مني أنا،وزي ما جبتها معايا هتمشي بردوا معايا،وبلاش تحاول تعمل مشاكل قصادي لأنك للأسف،لسة متعرفنيش يا...

توقف صامتًا لبرهة ثم تابع متهكمًا عليه:

-يا عمرو بيه

احتوى كف حبيبته وتحرك بجوارها منطلقًا للخارج بسرعة هائلة تحت احتراق قلب ذاك الذي لم يجرأ على نطق كلمة واحدة من شدة الصدمة،مهما جال بخاطره لم يكن يتوقع أن يفعل نجله القريب من القلب ما فعله هذا




تطلع على تلك التي تواجههُ بنظراتٍ خالية من التعبير، تحمحم كي ينظف حنجرته ويستطيع إخراج الحروف بشكلٍ اوضح:

-طبعاً إنتِ مش هتصدقي ولا كلمة من اللي قالها يوسف

أصابتهُ الريبة من صمودها وعدم تعبيرها عن الغضب كعادتها، فتابع كي يشتت ذهنها ويسحبها لعالم كذبه من جديد:

-هو قال كده علشان يضايقك لما أنا وقفت له ورفضت إن زينة وأهل خطيبها يروحوا عند فؤاد علام بعد ما تخلص حفلة الخطوبة هنا

-بلا سخافتك يا عمرو...قالتها بهدوءٍ لتتابع بتأكيدٍا زائف:

-أكيد ما صدقته لهالحكي، وبعرف شو يلي عم بيدور بعقله ليوسف

تنهد براحة ظهرت فوق ملامحه لتقترب هي عليه تتلاعبُ بأناملها بربطة العنق:

-بس بليز يا عمرو، ما تقف بوچو لإبنك منشان ما يعند معك وتخربوا فرحة البِنت

وتابعت من نبع ضميرها الذي استيقظ وأشفق على حال الشاب والفتاة من وقاحة وكذب وشرك ذاك الفاقد لكل معاني الأبوة:

-إتركوا المخلوقة تفرح بلا مشاكل وتعئيد.

أومأ بموافقة

______________




أما بالخارج، ما أن تحركا خارج الغرفة حتى تحدث بحدة بالغة إلى حبيبته:

-تاني مرة لما تلاقيني واقف معاه في اي مكان ياريت تبعدي ومتدخليش


نطقت برفضٍ وعدم استيعاب:

-عاوزني أسيبك لوحدك وانتَ بتخانق معاه يا يوسف؟!

توقف ليتعمق بعينيها وهو يقول بحدة لا تقبل المناقشة بعدما أفقده ذاك الرجل اتزانه النفسي واستنزف طاقته الإيجابية:

-بيسان، الموضوع مش مطروح للمناقشة، ده آمر ويتنفذ من غير جدال


اتسعت عينيها فتلك هي المرة الأولى التي يتحدث معها بتلك الفظاظة بل و وصل الآمر به إلى أن يأمرها،هذا ما لم ولن تتقبلهُ مهما كانت درجة عشقها وتعلقها به،وقفت بندية وهي تقول بحزمٍ وحدة:

-كده العنوان غلط يا يوسف،مش أنا اللي أتعامل بالشكل ده ولا انا اللي يتوجه لي أمر واجب التنفيذ

تابعت برفضٍ تام استفزهُ:

-ونصيحة مني بلاش تتعامل معايا بشخصية حضرة الظابط اللي بيدي أوامر ومنتظر التنفيذ من غير نقاش، لأن ساعتها رد فعلي مش هيعجبك

قطب جبينهُ يتمعن النظر بوجهها فبادلتهُ بنظراتٍ مشتعلة وانطلقت باتجاه الخارج لتقف مع جنة، زفر يخرج ما بداخله من حدة كي لا تلحظ زينة ويصيبها التوتر.



بعد قليل انتهى الحفل تحت نظرات عمرو ويوسف والتحدي الظاهر بينهما، طلب يوسف من رامي وعائلته اللحاق به إلى قصر علام زين الدين تحت استشاطة قلب عمرو المستعر وبرغم هذا كظم غيظهُ وتحكم بأعصابه على قدر المستطاع،وقف يوسف أمام تلك الـ"رولا"التي احسنت استقبال الجميع وتحدث بنبرة صادقة:

-مش عارف أشكر حضرتك ازاي على الاستقبال الرائع و وقوفك النهارده جنب "زينة"




أجابته بتأثرٍ:

-ما بقى تقول هيك يا يوسف،أنا ما عِمِلت إلا واچبي،إنتَ وزينة بتستاهلوا كل الخير، والله بيعلم اديش بحبكُن

مال برأسهِ قليلاً يشكرها بينما احتضنتها زينة وقدمت لها الشكر أيضًا وكذلك بيسان ثم انصرف الجميع متوجهين إلى الخارج تحت احتراق قلب عمرو وشعوره المرير بالهزيمة أمام الفتى.

   ༺༻༺༻٭༺༻༺༻

طلب يوسف من رامي ان ينضم إليه بالجلوس بسيارته بجوار زينة بالكنبة الخلفية وذلك لعدم امتلاك رامي سيارة خاصة به، فتح الباب لتلك التي مازالت غاضبةً منه ولا تلتفت إلى وجهه، استقلت مقعدها المجاور له ليلف هو للجهة الأخرى ويستقل مقعده خلف طارة القيادة،تطلع على تلك الغاضبة التي تنظر من النافذة كي تحرمه طلتها كعقابًا على تعديه حدود اللباقة بالحديث معها،زفر بقوة كي يخرج ما بداخله من حدةٍ وسخط إثر تعامله المباشر مع ذاك البغيض"عمرو"، التف إلى شقيقته وحبيبها وجدهما يتبادلان النظرات والهمسات وفراشات الغرام تحاوطهما من كل اتجاه، ابتسم لهما وتحدث بسعادة بالغة ظهرت من خلال نبراته:

-مبروك، عقبال التمام

-الله يبارك فيك يا يوسف...قالها الفتى وهو يربت على كتف الآخر بعينين تقطرُ شكرًا وامتنان، بينما ابتسمت الفتاة لذاك الحنون وتحدثت تشكرهُ:

-ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك ابداً يا يوسف


انطلق متوجهًا صوب قصر علام، مال رامي على جزعه وهمس بأذن الفتاة:

-أنا معنديش مانع إنك تحبي أخوكِ وتعبري له عن ده، بس كمان متنسيش رامي حبيبك من الدلال

تبسمت بخجلٍ فتابع همسهُ من جديد:

-مش ناوية تريحي قلبي وتقوليها بقى يا زينة

طالعته بعدم استيعاب وسألته بسذاجة:

-هي إيه يا رامي؟!

بحِبك... قالها بأعينٍ تجول على شفتيها مطلقًا العنان لخياله  مما أدخل تلك الصغيرة في حالة من الاتباك ودارت بعينيها تترقب شقيقها خشيةً من أن يكون قد لاحظ فتابع الآخر دون رحمة لقلبها عديم الخبرة:

-عاوز أسمعك وإنتِ بتقولي لي بحبك يا رامي

تلعثمت بالرد ودارت عينيها تتلفتُ بنظراتٍ زائغة:

-أرجوك بلاش الكلام ده يا رامي، كده يوسف ممكن ياخد باله ويزعل مني

برغم تتوقهُ لسماع الكلمة وهي تخرجُ من بين شفتيها إلا أنه شعر بسعادة عارمة وشكر الله على تلك الجوهرة المصونة والدرة المكنونة.




بالمقعد الأمامي، يجلس خلف عجلة القيادة بعدم راحة وقلبٍ حزين لأجل غضب الحبيبة منه،تحمحم كي تنتبه فلم تبدي ردًا فابتسم محركًا رأسه على تلك العنيدة،ساقهُ قلبه وحنينه فبسط كفهِ من الأسفل بحرصٍ كي لا يلحظاه ذاك الثنائي، وصل لكفه فانتفض القلب من لمسة كلاهما للأخر، لف أصابعهِ لتتغلغل بين خاصتها، التفتت تطالعه بنظراتٍ حزينة لائمة،بادلها بأخرى نادمة وهمس بشفاهٍ مثيرة جعلت من الرعشة تسري بكامل جسدها:

-أنا آسف

لم تشعر سوى وهي تبتسم وتتشابك أناملها ليلف هو أصابعهِ كي تحتوي خاصتها وشدد كلاً منهما من قبضة الأخر، تلاقت الأعين وانتفضت القلوب ليخرج كلاً منهما تنهيدة حارة وتجولت أعين كلاهما فوق شفاه الآخر يمنيان حالهما بقبلة تبدأ حنونة ثم تتحولُ إلى شغوفة نهمة يعبر من خلالها كلاهما عما يكن بقلبيهما الممتلئان بالعشق والغرام.



     ༺༻༺༻٭༺༻༺༻

بعد قليل وصل يوسف إلى القصر بصحبة العائلة التي انبهرت بذاك الصرح، تم استقبالهم على أكمل وجه من الجميع ليقف السيد كمال الذي تحدث إلى علام وهو يتطلعُ عليه بدهشةٍ شديدة وعدم استيعاب أنهُ يقف أمام ذاك القامة القانونية الموقرة:

-أهلاً وسهلاً يا جلالة المستشار، أنا مش مصدق نفسي إني واقف قدام قامة عظيمة زي حضرتك

تبسم علام ونطق بتواضع لطالما تميز به ولمسه كل من تعامل به:

-الله يعزك يا استاذ كمال، إنتوا شرفتونا النهاردة، وعاوز اقول لك إن زينة مش بس أخت يوسف، لا، إحنا بنعتبرها بنتنا،

وتابع بكلمات اراد بها رفع شأن الفتاة أمام عائلة الخطيب:

-يعني إنتم حاليًا نسايبنا

-لينا جزيل الشرف يا باشا... قالها جميع رجال العائلة المصطفين باندهاش من هول المفاجأة، بدايةً من كمال ونجله رامي مرورًا بأشقاء كمال وانجال عمه الذي أصر علام عزيمتهم بالكامل إكرامًا لتلك الفتاة المسكينة التي عاشت حياةً صعبة بفضل ذاك الإبتلاء العظيم المسمى بوالدها

أشار فؤاد بالجلوس إلى الجميع ليتخذ كلًا مقعده بتلك الطاولة الكبيرة وتحدث بترحابٍ:

-اتفضلوا يا جماعة، شرفتونا

احتضنت إيثار الفتاة وتحدثت إلى "سماح"والدة رامي:

-على فكرة يا مدام سماح، تقدري تعتبريني حماة رامي، لأن زينة زيها زي يوسف بالظبط




وجهت شقيقة سماح سؤالاً إلى إيثار:

-هو انتِ مامت حضرة الظابط يوسف؟!

تبسمت ومازالت تحتوي كتفي زينة التي ارتفعت معنوياتها إلى عنان السماء بفضل احتواء عائلة علام زين الدين لها واستقبالهم الرائع لعائلة رامي،نطقت ايثار بنبرة رقيقة:

-أيوه يا افندم

استغربن جميعهن لجمال ايثار وتحدثت إحداهن بتعجبٍ:

-بسم الله ماشاء الله، مش باين عليكِ خالص السِن، اللي يشوفك يقول إنك أخته الكبيرة


-ميرسي يا افندم على المجاملة اللطيفة دي... قالتها بلُطفٍ لتهتف فريال بحفاوة وهي تحتضن الفتاة من الاتجاه الآخر:

-وانا بقى أبقى عمة زينة، يعني هبقى حماة رامي بردوا

نطقت سماح بممازحة:

-ده كده رامي هيبقى له حموات كتير قوي

ضحكت زوجة عم رامي وهي تقول بممازحة:

-وكله إلا الست بتاعة تؤبرني، دمها زي العسل، هي كمان قالت لرامي من اليوم وطالع أنا بكون حماتك يا تؤبرني

اطلقن النسوة ضحكاتهم السعيدة لتهمس فريال إلى زوجة شقيقها:

-هما بيتكلموا عن مين

-مرات الجبان عمرو... همست بها، حضرت عصمت وهي تتحرك بين الضيوف وخلفها العاملات يحملن الاطعمة والمشروبات ويقومن برصها فوق الطاولات برتابة ووجوهٍ مبتسمة، قدم علام هدية ثمينة للفتاة دون أن يكشف عنها بل ناولها إياها بابتسامة حنون، كما فعل  جميع أفراد العائلة مثله سوى من تلك المراهقة تاج التي كشفت عن هديتها وكان عبارة عن" قرطًا" من الذهب الخالص قد استعانت بوالدتها في اختياره وتحدثت تحت انبهار زينة:

-إيه رأيك يا زينة، عجبك الحلق؟




-حلو قوي يا تاج، تسلم إيدك يا حبيبتي...احتضنتها الفتاة بحفاوة، اخذ يوسف جميع الهدايا وسلمها إلى عزة، كانت تستعد لوضعهم داخل السيارة الخاصة بيوسف لتباغتها إحدى شقيقات والدة العريس حيث نطقت بعدما تملك منها الفضول:

-متجيبي يا حبيبتي الهدايا تفرجينا عليها

تطلعت عزة إلى عصمت فأشارت لها بإيمائة، فتحدثت عزة وهي تشير إلى الطاولة:

-وماله يا حبيبتي اتفرجي، اركني الكاسات دي على جنب

وضعت العُلب وبدأت بفتحن واحدة تلو الأخرى تحت ذهول وانبهار جميع أقرباء رامي اللواتي أخذن يقلبن الجواهر بين أصابعهم ، كانت الهدايا جميعها ألماس إلا من هدية إيثار فكانت عبارة عن عقد من الذهب الأبيض رائع المظهر جعل الجميع ينبهر بسحره


كان هناك من يقف بعيدًا يشعر بالحزن والغيظ من شكر زينة لتلك النجرسية مثلما يطلق عليها، ظل واقفًا مكانه يراقب الجميع حتى رأى عزة تتحرك إلى الداخل بعدما وضعت الهدايا داخل سيارة يوسف، ذهب خلف عزة إلى المطبخ وتحدث بتذمرٍ وهو يدبدبُ الأرض بقدميه:

-أنا زعلان قوي يا زوزة




-ليه يا عيون زوزة، تكونش عاوز تخطب إنتَ كمان؟... قالتها وهي تقوم برص بعض قطع الحلوى داخل الأطباق، تابع الفتى تحت ابتسامات العاملات على تلك العلاقة العجيبة:

-لا، أنا زعلان علشان كلهم جابوا هدايا لزينة إلا أنا،و"تاج" كمان جابت لها وكانت بتغيظني وهي بتدي لزينة الهدية


-طب والعمل؟...قالتها لتتابع تسألهُ:

-هنعمل إيه الوقت في المشكلة دي؟

-مش عارف... قالها مشحًا بيداه ثم وضع سبابته على مقدمة رأسه يفكر ويدور بعينيه بين العاملات لينطق بعدما اهتدى لتلك الفكرة:

-لقيت الحل

تطلعن جميعهن على ذاك الذي هرول إلى السيدة سعاد الجالسة فوق مقعدها باحترامٍ،لينطق مشيراً إلى ذاك القرط الذهبي بأذنيها:

-هو حضرتك ممكن تديني الحلق ده علشان اديه لزينة

اتسعت عيني المرأة ذهولاً، فتابع وهو يميلُ برأسهِ بأعين مترجية:

-بليز، هو أكبر من الحلق بتاع "تاج"، فأكيد "زينة" هتفرح بيه اكتر وكده هعرف أغيظ "تاج"


-الحقيقة يا مالك أنا والأنسة زينة مش أصدقاء للدرجة اللي تخليني اديها الحلق بتاعي...قالتها بملاطفة جعلت الجميع يدخلن في حالة من الضحك، زفر من جديد وخرج من حجرة الطعام متجهًا إلى حجرة المعيشة كي يجلس وحيدًا مع احزانه،وما ان فتح باب الحجرة المظلمة حتى وجد خيالاً يتحرك قليلاً فصرخ وهو يهرول خارجًا ويصيحُ:

-شبح،شبح.

تزامنت صرخاته مع دخول فؤاد من الباب الرئيسي للمنزل ليهرول عليه يسأله بفزعٍ على صغيره الهلع:

-مالك يا حبيبي؟!

نطق متلعثمًا وهو يبتلع لعابه مشيرًا إلى باب الغرفة المظلمة:

-شبح هنا يا بابي،تخين قوي، واقف في مكانه بس بيتحرك شوية صغيرين


نطق لتهدأة صغيرهُ الحبيب:

-إهدى يا حبيبي، إنتَ أكيد بيتهئء لك

بصياح متقطع وجسدٍ مرتجف تحدث مؤكدًا:

-لا يا بابي، انا شوفته بعنيا كان بيتحرك، نصه إسود والنص التاني مش إسود


اتسعت عيني فؤاد وهو يري انتفاضة جسد الصغير الدالة على صدق حديثه فنطق وهو يتجه نحو الغرفة:

-خلي مالك معاكي يا عزة لحد ما اشوف إيه حكاية الشبح ده كمان

نزلت لمستوي الصغير تسألهُ بتوجُسٍ وخيفة:

-إلا قولي يا مالك،النص اللي مش اسود ده،لونه بيچ؟

رفع كتفيه مستفسرًا:

-يعني إيه بيچ؟!

صمتت لتتابع بترقبٍ توجه فؤاد صوب تلك الغرفة المظلمة ليتحرى ويكشف عن هوية ذاك الشبح

ترى من يكون هذا الشبح؟!

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا

الرواية كامله الجزء الثاني من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


تعليقات

التنقل السريع