رواية أنا لها شمس الجزء الثاني «أذنابُ الماضي» الفصل الثامن عشر 18بقلم روز آمين حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية أنا لها شمس الجزء الثاني «أذنابُ الماضي» الفصل الثامن عشر 18بقلم روز آمين حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية أنا لها شمس 2 الفصل الثامنة عشر
«لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين»
لعلك تدركُ يومًا أن ما ظننتهُ نهاية بائسة لحُلمك الموعود، ما كان سوى لُطفًا من الله لبداية جديدة لروحك النقية، إنطلاقة لسلسلة نجاحاتٍ وخيرًا لا حصر له، كل ما عليك هو أن تؤمن بقدراتك وتطلُق العنان لخطواتك المتزنة، تُفسح المجال لرحيل من غدر وباع وخان العهد وتخلى،وتتابع طريقك ولا تصغى لنداءات القلب فيرسى بك المطافُ إلى الهلاك، بل اتبع إشارات عقلك الحكيم وابحث عن ذاتك مليًا وتأملها بعُمقٍ لكي تقودك إلى الخلاص.
«يوسف البنهاوي»
بقلمي «روز أمين»
________________
عادت إلى غرفتها بعدما أغلقت باب الشُرفة بحدة أثارت حنق الآخر، باتت تجوب الغرفة بغضبٍ عارم وحال قلبها هو الإشتعال، حدثت نفسها باهتياجٍ شديد:
-يا لك من وقح، أبعد كل ما فعلتهُ بي تأتي إلى هُنا بكل سفاهةٍ؟، كم أثبت لي أنك حقيرًا بالفطرة
بخنوعٍ نزلت دموعها لتدق على قلبها بكف اليد وهي تعنفهُ بلومٍ:
-ألا لعنة الله عليك أيها البائس، أمن بين كل جموع من حولي من بشرٍ لم يرق لك أن تخفق سوى لذاك الخائن؟!
يا لك من خانعًا خاضعًا ذليل.
لم يكن حالهُ بأفضل منها، وكأنهما يسيرا على نفس الخطى بكامل التفاصيل، فكان أيضًا يجوب الغرفة وداخلهُ نيرانًا لو خرجت لأشعلت المكان برمته، وذاتها فقرة التوبيخ لحالهِ ولها، ظل كلاً منهما على نفس الحالة حتى خارت قواهما واستسلما للنوم بعد صراعٍ مع النفس.
وبعد ساعاتٍ معدودة، كان يتوسط فراشه غافيًا بعشوائية،استمع إلى بعض الطرقات الخفيفة فوق الباب فزفر بضيقٍ لعدم أخذه القسط الكافي من النوم، عادت الطرقات مرةً أخرى فبات بفتح أهدابه شيئًا فشيئا لتتسع حدقتيه حين لاحظ أنه بغرفته القديمة، على الفور جذب ثوبهُ العلوي وارتداهُ لستر جسده وتحدث ناطقًا بصوتٍ متحشرج:
-إدخل
فُتح الباب ليظهر منه ذاك المشاغب الصغير الذي هرول عليه ليقفز فوق الفراش وبلحظة كان يتمدد بجوار شقيقه قائلاً بعتابٍ محبب لقلب الأخر:
-أنا زعلان منك قوي يا چو
-ليه يا باشا؟!… قالها بدهشة وهو يدخلهُ بأحضانه ويزيد من قُبله المُحبة، ليسترسل الصغير حديثه بشفاهٍ ممدودة إعتراضًا:
-علشان أنا قولت لك إني هنام معاك هنا في سريرك، وإنتَ طنشتني
-مقدرش أعمل كده في مالك قلبي،أنا فعلاً كنت مرتب أموري على كده… وتابع مبررًا بزيف:
-بس إنتَ نمت في حضن بابي تحت، وأنا كمان نعست جدًا، وإنتَ عارف يا مالك، أنا لما بنعس بهيس ومبعرفش أفكر كويس
أشاح بيده قائلاً بحذر:
-خلاص سامحتك، بس المرة الجاية لازم أنام في حُضنك
استمع كليهما صوت تلك الحبيبة التي أقبلت على نجليها القريبان من القلب:
-يا ابني هو أنتَ مُعقد أحضان؟
خبأ وجههُ يتمسحُ بصدر شقيقه لتتحول ملامح إيثار إلى مبتسمة سعيدة وهي تتطلعُ إلى ولدها البكري وبنبرة تقطرُ حنانًا تحدثت:
-صباح الفل يا حبيبي
-صباح الخير يا حبيبة قلبي
حولت نظراتها للصغير لتنطق بنبرة لائمة:
-هو أنا يا ابني مش بعتاك علشان تصحي أخوك وتنزلوا قبل ما جدك يصحى،بدل ما تصحيه أطلع ألاقيك نايم جنبه؟!
أشاح بكفه ونطق يعاتبها هي الأخرى:
-بس بقى علشان انا زعلان منك إنتِ كمان
نطقت مستفسرة بطريقة متهكمة:
-وسعادة البيه زعلان مني ليه إن شاءالله؟!
-علشان مش جبتيني أنام جنب چو حبيبي
أشارت بكفها للخارج:
-طب يلا إنزل وقول لعزة تجهّز سُفرة الجنينة وترص عليها الفطار بسرعة، وشوف بابا كان عاوزك في إيه
هب واقفًا وانطلق مهرولاً إلى الأسفل دون إضافة حرفًا واحدًا، أقبلت لتجاور غاليها الفراش ثم نطقت بنبرة حنون:
-نورت بيتك يا يوسف، شايف الكل فرحان بيك إزاي؟
ابتسم وتناول كفها ليطبع عليه قُبلة عبر من خلالها عن مكنون قلبه من حبٍ واحترام لتتابع هي بأعين تفيضُ ولهًا:
-لو تعرف وجودك بيفرق معايا قد إيه مكنتش سبت حضني ولا لحظة واحدة
وتابعت بشعور إمٍ لم تهنى لها الحياة سوى بالتفاف جميع أحبتها وبالأخص فلذات كبدها:
-أنا مبطمنش وقلبي بيهدى غير وإنتَ واخواتك حواليا يا يوسف،مبستطعمش اللقمة غير لما تنزل بطنكم قبل بطني
واسترسلت بكلماتٍ تقطرُ صدقًا:
– مبتهناش بنومة غير في اليوم اللي باب البيت بيتقفل واطمن إن كل واحد منكم بايت في سريره
مسد على وجنتها ببالغٍ من الحنان وتحدث:
-ربنا يخليكِ لينا يا ماما، وتفضلي طول العُمر منورة حياتنا
نطقت تتدللُ على قلبه:
-طب مش ناوي تريح قلبي وترجع بيتك تاني
قلب عينيه بسأمٍ من ذاك الموضوع التي لا تمل ولا تكل من الحديث به رغم تأكدها من الإجابة،لينطق بجدية:
-مع انك عارفة اجابتي اللي عمري ما هغيرها بخصوص “زينة”، إلا إنك مُصرة كل فترة والتانية تفاتحيني في الموضوع
اجابتهُ بصرامة:
-لازم قرارك يتغير لأن الوضع كله اتغير يا يوسف
وتابعت بمنطقية:
-أختك أبوها رجع وهو أولى بيها، وبالنسبة لظروفه المادية فهو هيعيشها أفضل من عيشتها معاك
طالعها متعجبًا ليلومها:
-إنتِ اللي بتقولي الكلام ده يا ماما؟!
وتابع متهكمًا:
-هو من إمتى كان شخص مسؤول علشان أعتمد عليه! ده أخر واحد ممكن أأمن على أختي معاه
كادت أن تتحدث فقاطعها بحزمٍ لانهاء ذاك النقاش العقيم:
-ماما أرجوكِ، أنا مبسوط بوجودي معاكم وناوي أكمل باقي اليوم في وسطكم، فياريت متخلنيش أندم إني جيت وأقوم ألبس وأمشي حالاً
أشارت بكفها وتحدثت بعدما تأكدت من حسمه لغلق النقاش بشكلٍ نهائي:
-خلاص يا يوسف، قوم غير هدومك وانزل قبل ما جدك يخرج من أوضته
مر على غرفة علام وأسندهُ ليتجها للحديقة حيث إلتف الجميع حول الطاولة، نطقت عزة وهي تضع دورق عصير البرتقال البارد بجانب المنضدة:
-أصب لك عصير يا سعادة الباشا؟
أومأ بموافقة لتنطق الفتاة بحبورٍ وصوتٍ حماسي:
-أنا لحد الوقت مش مصدقة إن يوسف أخويا بقى ظابط في المخابرات
وتابعت وهي تهتف بحماسٍ:
-أنا فخورة بيك قوي يا چو
ألقى لها قُبلة في الهواء بينما نطقت عزة بفخرٍ:
-اللهم صلِّ على كامل النور، الشاب من دول بيطلع عينه علشان يعرف ياخد كلية واحدة،وهو عيني عليه باردة،بقى ظابط ومهندس في نفس الوقت
وتابعت بزهوٍ وهي تدق على صدرها:
-تربيتي
قاطعهما زين بفخرٍ موجهًا حديثه لشقيقته:
-ومش أي ظابط يا “تاج”، يوسف دخل المخابرات الحربية من أوسع أبوابها
-حفيدي طول عمره مشرفني من وهو صغير،والتميز شيء مش جديد عليه…قالها علام وهو يطالعهُ بافتخارٍ قابلهُ الأخر بقُبلة حانية فوق جبينه ونظراتٍ ممتلئة بالامتنان، أضافت مؤكدة على حديثه عصمت بنبرة فخورة:
-عندك حق يا سيادة المستشار، ده أنا تليفوني مبطلش رن من امبارح، كل قرايبنا ومعارفنا وزمايلي في الجامعة كلموني وهنوني
وتابعت وهي تتمعنُ بعينيه بزهوٍ:
-مبروك يا حضرة الظابط، من يوم ما دخلت البيت ده وإنتَ عمرك ست سنين، وإنتَ منبع السعادة لينا كلنا، والوقت بقيت فخر للكل يا يوسف
نطق بملاطفة لكسر دائرة التأثر التي ولچ بداخلها:
-طب كفاية بقى يا تيتا علشان كلمة كمان وهتلاقيني بعيط وشكلي مش هيبقى ألطف حاجة قدامكم
ضحك الجميع فتحدث أيضاً فؤاد بفخرٍ وشموخ:
-أنا إبني راجل، والرجالة مبتعيطش
وتابع بذات مغزى:
-الرجالة مفيش حاجة بتكسرها، إنتَ اللي بتكسر أي شئ يعوق نجاحك وتقف على على حطامه وتعلى بيه وتوصل، وهتوصل يا يوسف
بنظرات يملؤها الإمتنان طالعهُ وتحدث بنبرة تحمل الكثير من العرفان:
-أي حاجة وصلت لها او اتعلمتها فهي بفضلك وبفضل الباشا الكبير بعد فضل ربنا عليا
قاطعهُ فؤاد بجدية:
-إنتَ الوحيد صاحب الفضل على نفسك بعد توفيق ربنا ليك يا يوسف
وتابع مفسرًا تحت سعادة إيثار التي احتوت كفه بعناية وشملتهُ بنظراتٍ عبرت من خلالها عن مكنون قلبها من العشق:
-لولا جهدك واجتهادك وصبرك مكنتش وصلت
صدح صوت الصغير يسألهُ:
-هو أنتَ ليه مش لابس بدلة الظابط والكاب بتاعها يا چو؟
قهقه الجميع لتحدثه إيثار بملاطفة:
-مش لما تبطل إنتَ الأول تقول له يا چو؟
وتابعت:
-هو ينفع حد يقول لظابط في المخابرات يا چو؟!
أجابها بمشاغبة:
-چو ده اخويا حبيبي واقول له اللي عاوزة
حاوطت عزة فكها وتحدثت بتفكُرٍ عميق:
-أيوه صحيح، هما مسلموكش بدلة ظباط ليه يا يوسف؟!
دارت المحادثات بين الجميع في جو تسودهُ الالفة والمحبة بينما اشتعل داخل تلك التي تراقب تجمعهم من داخل شرفتها الخاصة، صرخ داخلها وانسحبت للداخل، أخذت تدور حول حالها بغضبٍ لتهتف بحدة لائمة الجميع:
-ملمومين كلهم حواليه وفرحانين قوي بيه، ولا عاملين حساب لكسرة قلبي من واحد خاين زيه
ثار قلبها غضبًا ولم تحتمل فاندفعت للخارج كالثور الهائج، نزلت الدرج مهرولة لتجد والديها وشقيقها يلتفون حول الطاولة يتناولون إفطارهم، نطقت فريال مشيرة بكفها:
-يلا يا حبيبتي علشان تفطري
أشارت بكفها وهي تتحركُ بعدم اتزان بعدما عثرت على حُجة لتقدمها إلى أبويها:
-هروح الاول عند جدو هسأل الشغالين عن حاجة وقعت من نبيل امبارح
ضيق ماجد بين حاجبيه يسألها:
-ويا ترى حاجة إيه دي اللي وقعت من سي نبيل بتاعك؟!
تمللت لتتوقف وهي تجيب بسأمٍ ظهر فوق ملامحها العابسة:
-زرار البدلة بتاعته يا بابي
فكرة طرأت بمخيلتها سريعًا كي تأخذها حُجة للذهاب إلى منزل جدها في حضور ذاك العنيد، وحمدت الله على عدم معرفة ابيها بوجود يوسف، وإلا كان رفض ذهابها بقوة وصرامة، قالت كلماتها وقبل أن تنطلق اوقفها صوت ماجد الذي نطق:
-متتأخريش وبلاش ترتبطي بأي مواعيد برة البيت النهارده، لأن جدو عليوة وتيتا نوال جايين على الغدا
اومت برأسها وهرولت إلى الخارج قبل أن يفتح مجالاً أخر للحوار، بينما اشتعل قلب فريال التي سألتها متعجبة:
-إنتَ ليه مقولتش إن طنط وعمو جايين على الغدا؟!
غرس شوكتهُ بإحدى حبات الزيتون ليجيبها بلامبالاة:
-ماما لسه مبلغاني في التليفون من ربع ساعة
استنفر داخلها وتطلعت إلى العاملتين الواقفتين يسكبان لهم الطعام والمشروب:
-سيبوا اللي في اديكم وادخلوا حالاً على المطبخ، وشوفوا اللي ناقصكم واطلبوه بالتليفون، وانا هخلص فطار واحصلكم علشان نشوف هنعمل أصناف إيه
تحدث مقاطعًا:
-ما تطلبي أكل جاهز وريحي دماغك
أشارت بهدوء للعاملات لتنسحب كليهما ثم تحدثت هي بتذكرة:
-هو أنتَ نسيت أخر مرة جبنا فيها أكل جاهز طنط عملت إيه؟
وتابعت تحت تذمر الأخر:
-اتهمتني بعدم احترام زيارتهم وعدم اهتمامي بيهم،ومشيت من غير ما تحط اي حاجة في بوقها
زفر بحنقٍ لطباع والدته الصعبة وتحدث بلامبالاة:
-خلاص يا حبيبتي، إعملي اللي تشوفيه صح، أنا كنت حابب أريحك من وجع الدماغ
داخل المطبخ، نطقت إحدى العاملات بثرثرة:
-شوفتي وش الهانم اتقلب ازاي أول ما عرفت إن حماها وحماتها جايين
أجابتها الأخرى بذريعةٍ:
-بصراحة عندها حق، هو فيه حد يطب على حد كده فجأة
وتابعت بوجهٍ عابس:
-ده غير إن الولية اللي إسمها نوال دي ما تطقش
نطقت الأخرى:
-يا باي على تقل دمها، دي سِت أعوذ بالله منها، معرفش ازاي واحدة زي الدكتورة عصمت وافقت إن ست زي دي تبقى حماة بنتها الوحيدة
لكزتها الأخرى بذراعها:
-شوفي شُغلك واسكتي بدل ما حد يسمعنا، في الاول والاخر دول أهل عيالهم، واحنا اللي هنتفرم وسطيهم
༺༻༺༻٭༺༻༺༻
ولچت من بوابة القصر الرئيسية لتتجه نحو الطاولة وأصوات ضحكاتهم تثير جنونها وتشعل نارها أكثر، تحدثت بنبرة جاهدت لتخرج هادئة:
-صباح الخير
رد الجميع تحيتها عدى ذاك الذي تجاهل دخولها تمامًا لتنحني بجسدها على علام تُقبل وجنته قائلة:
-ازيك يا جدو
ثم تحركت إلى عصمت وفؤاد وفعلت نفس الشيء، تحدث يوسف إلى علام متجاهلاً وقوفها:
-أحط لك فوق التوست مربى كريز ولا مشمش يا باشا؟
أومى له قائلاً:
-مشمش يا حبيبي
ليصيح الصغير بصوتٍ حماسي:
-وأنا كمان عايز شاندوتش بمربى المشمش زي جدو يا حضرة الظابط
ضحك الجميع ليتناول فؤاد كفه الصغير يُقبلهُ وهو يقول:
-سيب أخوك علشان يعرف ياكل، وأنا هعمل لحبيبي أحلا سندوتش
سعد داخلهُ وطار فرحًا لتشير عصمت بابتسامة حنون إلى حفيدتها:
-تعالي يا بوسي إقعدي جنبي علشان تفطري مع جدو
بجدية وصوتٍ غلبت عليه الحدة نطقت:
-ميرسي يا نانا، أنا هفطر مع بابي ومامي، أنا جاية أسأل عزة عن حاجة وهمشي على طول
وتابعت بعدما نقلت بصرها إلى تلك المتعجبة:
-نبيل خطيبي وقع منه زرار البدلة بتاعته امبارح بالليل، ياريت تكوني لقتيه يا عزة؟
كان يستمع لنطق حروف اسم ذاك الحقير وحال قلبهُ الاشتعال،ود لو وقف وقام بكظم فمها لتصمت، تلاشى كل اوجاعه وصمد ونجح بامتياز في اظهار لامبالاته أمام الأمر، طالعتهُ إيثار بقلبٍ يتألمُ وجعًا لتهدئ نارها قليلاً حين وجدتهُ يمضغ طعامهُ بهدوءٍ وسكينة حتى ولو كانت ظاهرية،
لوت الأخرى فاهها بسخرية وهي تقول بحدة اظهرت كم الإنزعاج:
-وأنا مالي يا حبيبتي بزراير اسم النبي حارسه سي نبيل بتاعك ده كمان، روحي اسألي حد من بتوع التنضيف…قالتها وهي تُشيح بكفها لتسألها بيسان مرةً اخرى:
-يعني إنتِ مشوفتهوش ؟
بنبرة عالية وتذمرٍ تحدثت:
-لا حول ولاقوة إلا بالله، اللي يسمعك يقول إني دايرة بالمقشة والجاروف طول اليوم في البيت، روحي يختي اسألي وداد، وإن شاء الله مش هتلاقيه وهيكون وقع منه في الشارع
زفرت بقوة وتشنج جسدها حين استمعت لضحكات الجميع المكظومة لتطلق لساقيها العنان وتتجه للداخل في حين استرسلت تلك الثرثارة:
-أقطع دراعي إن ما كان شاري الزرار اللي قالب دماغنا عليه على الصبح ده،بخمسة وتلاتين جنية من على نواصي خان الخليلي
-وبعدين معاكِ يا عزة… قالتها عصمت بحزمٍ كي تجبر الاخرى على الصمت فنطقت:
-أديني اتخرست يا دكتورة
-زوزة … قالها يوسف لتجيبهُ بحنانٍ فائض:
-عيون زوزة من جوة
اشار بكفه:
-القهوة المظبوط بتاعتك،عاوزين طقم يعدل المزاج ويظبطه
اجابتهُ بقلبٍ يرفرف من شدة حبوره:
-من عنيا يا ابن قلبي،على ما تخلص فطارك إنتَ والبشوات،هتكون القهوة جاهزة ومستنياكم عند حوض الورد
_________
بالداخل،وقفت بوسط البهو تتلفتُ حولها بأعين تفيضُ بالدمع،جاهدت لحجز دموعها لتنطق بصوتٍ خرج مختنقًا:
-وداد
حضرت المرأة فتابعت بزيفٍ:
-دوري معايا على زرار بدلة وقع من نبيل هنا امبارح
نطقت المرأة بثقة:
-انا اللي نضفت المكان امبارح بعد الضيوف ما مشيوا يا هانم،لو فيه حاجة وقعت هنا كنت أكيد هلاقيها
ابتلعت غصة مرة وتحدثت بتشتت:
-خلاص يا وداد، روحي إنتِ
انسحبت المرأة لداخل المطبخ وتنفست الأخرى عاليًا ثم انسحبت للخارج لتقابلها عزة التي تحدثت بنبرة متهكمة:
-لقيتي اللي بتدوري عليه؟
هزت رأسها بنفيٍ لتتابع عزة بحزنٍ على حال الفتاة وما فعلته بحالها:
-ولا عمرك هتلاقيه يا نضري، مخلاص، ضيعتيه من ايدك وبدلتي الغالي بالرخيص
تنهدت بأسى قبل أن تتحرك قاصدة البوابة وقلبها يغلي كفوهة بركانٍ حين تطلعت إلى يوسف وجدتهُ يتحدثُ بانطلاقٍ والابتسامة تملؤ وجهه والراحة ظاهرة فوق ملامحه المستكينة، كادت أن تعبر من البوابة لولا استماعها لصوت خالها الذي استوقفها قائلاً:
-بيسان
توقفت وقبل أن تستدير أخذت نفسًا مطولاً وزفرته كي تطرد شعورًا يلح عليها بالبكاء،سألته بهدوء:
-نعم يا خالو
-ماشية ليه؟
اجابتهُ بصوتٍ حزين:
-جدو عليوة وتيتا نوال جايين بعد شوية، ولازم اكون في استقبالهم
حرك رأسه بتفهمٍ ثم سألها:
-هتعملي إيه في موضوع العريس؟
رفعت رأسها بشموخٍ لتنطق بعدما مر بمخيلتها مشهد إطعام يوسف لتلك الفتاة الحلوى بيده:
-الموضوع بالنسبة لي محسوم يا خالو،زيارة إمبارح كانت علشانكم إنتم، لكن انا قراري واضح ومحدد
سألها باستغراب:
-حتى بعد اللي شوفتيه من أبوه وحصل إمبارح قدامنا كلنا؟!
ردت على سؤاله بسؤالٍ:
-وهو إيه اللي حصل من بباه؟!
نطق بهدوءٍ:
-العيلة دي متناسبناش يا بيسان، اللي اسمه عاطف ده إسلوبه غريب وطباعه غيرنا خالص يا بنتي
هتفت بقوة وعنادٍ:
-أنا ميهمنيش أبوه،اللي يهمني هو الانسان اللي انا هعيش معاه، واظن حضرتك شوفت نبيل إزاي مثقف ولبق في كلامه
اجابها بقوة وصرامة:
-الجواز مش مجرد إتنين بيرتبطوا عاطفيًا يا بوسي، الجواز عيلتين بيندمجوا ولازم يكون في روابط مشتركة بينهم
أجابتهُ بلامبالاة:
-كل دي شكليات فارغة، أنا ونبيل هنعيش برة مصر بحكم وظايفنا كسفراء، يعني حتى العائلات مش هتتجمع
زفر بحنقٍ ليجيبها بعدما أرهقهُ عنادها:
-خلينا الاول نسأل عنهم ونشوف
-مفيش داعي للسؤال يا خالو،زي ما قولت لحضرتك من شوية،أنا اللي يهمني هو الشخص اللي هعيش معاه
قطب جبينه ليسألها مستغربًا بعدما رأى كم الحدة التي تتحدث بها:
-هو فيه حاجة حصلت بينك وبين يوسف؟!
تطلعت إلى ذاك الجالس يتحدث بأريحية إلى جدها ليتابع فؤاد مستفسرًا:
-عمل حاجة زعلتك منه
وتابع بحنوٍ:
-صارحيني يا حبيبتي، لو زعلك أنا مستعد أبهدله علشانك وهخليه ييجي يعتذر لك
تنهدت بأسى لتجيبهُ:
-مفيش أي حاجة حصلت يا خالو
عاوزة تفهميني إنك فجأة كده اكتشفتي انك بتحبي اللي اسمه نبيل ونسيتي قصة حبك إنتِ ويوسف؟!
هتفت بحدة أظهرت وجود مشكلة حساسة لديها:
-مفيش حاجة اسمها حُب، دي كذبة عيشت جواها سنين وصدقتها، وأخيرًا فوقت منها، واختارت بعقلي الشخص اللي يناسب شخصيتي وهكون مرتاحة معاه
-إنتِ شايفة كده؟
أجابته بحدة:
-اه يا خالو، وأكيد محدش هيخاف على مصلحتي قدي، فلو سمحت، ياريت متحاولش تقف في طريق سعادتي انا ونبيل
اجابها بحدة وغضب تجلى بصوته:
-براحتك، بس خليكِ فاكرة إني حاولت أساعدك وإنتِ اللي رفضتي،وصدقيني هتندمي،بس للأسف،وقت الندم هيكون فات
بصرامة وكلماتٍ حادة تحدثت:
-الحاجة الوحيدة اللي ندمانة عليها هي سنين عمري اللي ضيعتها وأنا عايشة جوة وهم كبير
نطقت كلماتها ثم هرولت إلى منزل والديها وقلبها يأنُ ألمًا على سنوات عمرها الضائعة في عشق خائن.
༺༻༺༻٭༺༻༺༻
بعد الغروب
داخل حديقة المنزل الخاص بدكتور ماجد
يجلس بصحبة والديه وفريال والفتاة بعدما تناولوا وجبة الغداء، تحدثت نوال بجشعٍ كعادتها:
-أنا شايفة إن العريس ده مناسب جدًا، وأحلا حاجة إنه ولد وحيد، يعني ثروة أبوه كلها هتبقى بتاعته لوحده، وبنتك هتعيش مرتاحة العمر كله
طالعها ماجد متعجبًا ليجيبها بلومٍ:
-إنتِ بتقولي ايه يا ماما؟!
نطقت مؤكدة:
-بقول اللي لازم يتقال يا ماجد، طالما الولد مرتاح ماديًا يبقى إيه اللي يمنع
تحدثت فريال بجدية:
-الفلوس مش كل حاجه يا طنط، فيه حاجات أهم بكتير
حاوطت فكها بكف يدها لتسألها متهكمة:
-زي إيه بقى يا روح طنط؟
اجابتها مقتضبة:
-زي العيلة مثلاً.
ارادت إحراجها فتحدثت بتهكمٍ:
-وهي عيلة ابن مرات أخوكِ هي اللي كانت عدلة قوي؟، على الأقل دول مش رد سجون
-نوال… قالها عليوة بلومٍ مع نظراتٍ تحذيرية لتشيح بكفها بطريقة تذمرية اظهرت عدم احترامها لزوجها
احتدم داخل فريال لكنها فضلت الصمت إتباعًا لتربيتها الحسنة بحسن استقبال الضيف واحترامه
برغم ما وصلا إليه كلاً من العاشقين من حقدٍ على الأخر، إلا أن داخل بيسان اشتعل من تهكم جدتها على من ملك القلب واستوطن،لتهتف معترضة بحدة:
-من فضلك يا تيتا، بلاش نتكلم في الموضوع ده،ثم انا خلاص،قررت
هتف ماجد بعصبية مفرطة:
-قررتي؟!
وتابع بعنادٍ:
-طب أنا مش موافق يا بيسان،ووريني بقى هتعملي إيه؟
نطقت بصوتٍ مختنق وعينين تتلألأ بهما لمعة الدموع الحبيسة:
-وهو حضرتك من إمتى احترمت إختياراتي ووافقت عليها علشان توافق المرة دي
-لأن كل اختياراتك زفت…قالها بوجهٍ يحتقن دمًا من شدة عصبيته ليتابع بقهرٍ يشرح مأساته بالأمس:
-أنا بسببك امبارح ولأول مرة اتحط في موقف زي الزفت بسبب الراجل البيئة اللي روحتي جبتيه، اتمنيت الارض تنشق وتبلعني والكل عمال يضحك ويسخر منه، ده مكنش عارف ولا فاهم المواضيع اللي إحنا بنتكلم فيها أصلاً
نظر أمامه في نقطة اللاشئء وهتف بحقدٍ ظهر بعينيه:
-واللي حرق دمي إن اللي حصل ده كله كان في قصر علام باشا، وقدام اللي اسمها إيثار، كسرتيني وشمتيها فيا
-هو أنتَ مبتصدق أي جملة مفيدة وتحط فيها إسم إيثار… قالتها فريال بسخطٍ لتتابع بطريقة حادة:
-وبعدين هي إيثار كانت فاضية لك إنتَ ولا عريس الهنا وأهله؟!
وجهت نوال كلماتها إلى فريال بطريقة ساخرة:
– واسم النبي حارسها وصاينها مكنتش فاضية ليه، كان وراها ديوان الوزارة إياك؟!
-كان وراها الاهم يا طنط… قالتها بشموخٍ لتتابع بفخرٍ صادق يعود لحبها لذاك الفتى:
-تكريم ابنها وتنصيبه من المخابرات الحربية
ضيقت عينيها بعدم استيعاب فتيقنت فريال أن تلك الحيزبونة لم تعلم بما حدث ليوسف فتابعت بقوة:
-واضح إن حضرتك متعرفيش اللي حصل ليوسف من أول التطوير اللي عمله وشرفنا بيه كلنا، لتعيينه ظابط في المخابرات الحربية،وصولاً للملايين اللي أخدها مكافأة،والمرتب المحترم اللي هيقبضه كل شهر
كانت تتحدث بزهوٍ ومع كل كلمة تخرج من فمها تنزل كسوط ينزل بقوته على قلب ماجد يجلده دون رحمة،سألتها المرأة بأعين تفيضُ جشعًا:
-انا مش فاهمة منك ولا كلمة يا بنت الأكابر
وقفت لتنطق براحة بعدما أخرجت ما بقلبها:
-إبقى خلي دكتور ماجد يفرجك في تليفونه على المؤتمر اللي عملته المخابرات الحربية امبارح، لتكريم حضرة الظابط يوسف البنهاوي
وتابعت بانسحابٍ:
-أنا هدخل أوصي الشغالين يعملوا لنا عصير فريش
شيع ماجد دخولها لتنطق والدته متسائلة والفضول سيد حالها:
-إيه الكلام اللي مراتك بتقوله ده يا ماجد؟!
زفر بغضبٍ وبات يقص على مسامعها هي وأبيه ما حدث تحت أنين قلب بيسان واستغراب نوال وذهولها، وهدوء عليوة الذي تحدث بيقينٍ:
-سبحان العاطي الوهاب
بينما نطقت نوال بجشعٍ كعادتها:
-أنا شايفة إنك توافق على يوسف ده يا ماجد، لو قارنا بينه وبين اللي اسمه نبيل كفته هو اللي تطب، ده بقى معاه المال والسُلطة والجاه
ضحك عليوة على حال زوجته المتقلب حسبما الاستفادة، وتحدث ساخرًا:
-أهي قلبت في لحظة، وبعد ما كان عيلته خريجين سجون، بقى بيملك الجاة والسلطة والمال
نطق ماجد بغلٍ:
-ده لو أخر واحد في الدنيا كلها،وبنتي مش هتتجوز من بعده، لا يمكن اجوزها له
نطقت بيسان بتهكمٍ على حديث والدها وجدتها:
-انا مش عارفة انتوا بتتناقشوا في إيه، يوسف عمره ما طلبني للجواز يا تيتا؟
وتابعت للثأر لكرامتها:
-وانا مع رأي بابي، يوسف لو كان أخر راجل في الدنيا دي، وجه لحد عندي واترجاني إنه يتجوزني، مش هوافق
ولعلمك يا بابي، أنا لو متجوزتش نبيل مش هتجوز نهائي
حضرت فريال تتقدم العاملة التي تحمل الكثير من الكؤوس، توقفت لتحمل أحد الكؤوس وتقدمها إلى والد زوجها:
-إتفضل يا عمو
اخذها منها قائلاً بود:
-تسلم إيدك يا بنتي
وتابعت توزيع المشروب لتقف بيسان معتذرة:
-أنا طالعة اوضتي علشان أذاكر
وتابعت إلى أبيها:
-ياريت يا بابي تبلغني بقرارك قريب
استأذنت وصعدت لتنطق فريال بنبرة مهمومة:
-هتتصرف إزاي يا ماجد؟
تنهد بأسى، لا يعلم ما الذي حدث لابته الوديعة، كانت هادئة كالنسيم، تحولت لثائرة كما البركان وما عاد لسكونها أثرًا، رفع كتفيه وهمس بصوتٍ واهن:
-مش عارف يا فيري، مش عارف
تدخل والدهُ بتعقلٍ تحت حزن قلب نوال على ضياع يوسف من يدهم:
-أنا شايف إن البنت متمسكة برأيها، العقل بيقول إنك توافق على الخطوبة،بس خلي الجواز بعد ما تتخرج من كليتها،واهو يبقى قدامكم فرصة كبيرة تعرفوه هو واهله،والله إذا كان كويس هتكمل معاه،مكنش هي بنفسها اللي هتيجي تترجاك علشان تفسخ الخطوبة
أتحد الجميع على رأيه تحت أنين قلب فريال على حال ابنتها وضياع روحها.
༺༻༺༻٭༺༻༺༻
ليلاً
داخل غرفة نبيل المُظلمة،فمنذ ليلة أمس وهو حبيس غرفته كنوعًا من العقاب لوالده وأيضًا خزيًا من أفعاله،ولچت والدته وقامت بفتح زر الإضاءة ليصيح ذاك المتسطح على فراشه واضعًا كفه على عينيه لحجب الإضاءة:
-إقفلي النور واطلعي برة
تنهدت بأسى وتحركت تجاورهُ الفراش لتقول وهي تتحسس ذراعه بحنوٍ:
-انا مش عارفة هو كان إيه اللي جرى لكل اللي إنتَ عاملة في نفسك ده؟!
-بجد مش عارفة إيه اللي جرى؟!
وتابع بحدة أظهرت حدة غضبه:
-اللي جرى إن جوزك فضحني وخلى شكلي زي الزفت قدام أهل البنت اللي أنا طول الوقت بترسم عليها ومحسسها إني ابن ناس
اتسعت عينيها ذهولاً لتهتف بحدة:
-أمال انتَ ابن إيه يا نبيل؟!
هتف بصياحٍ لائم:
-ماما، متقلبيش الطربيزة عليا، انا على أخري
أخذت نفسًا مطولاً وزفرته ثم تحدثت لتهدأته:
-يا ابني ابوك طريقته في الكلام طول عمره وهي كده، متنساش انه قضى عمره كله وسط الصنايعية وكان واحد منهم
وتابعت:
-هم اللي يهمهم فلوسنا والشركات اللي عندنا، غير كده ملهمش فيه
نطق ساخرًا:
-فلوس مين يا ام فلوس، هو انتِ مشوفتيش الناس كانت بتبص له ازاي وهو بيتكلم
وتابع مقلدًا والدهُ بتهكمٍ:
-انا شوفتك قبل كده في التَلفزيون، دي حاجة ألاجة خالص
-عيب كده يا نبيل…قالتها بحدة ليجيبها بسخطٍ:
-والله ما فيه حاجة عيب غير الفضيحة اللي اتسبب لي هو فيها
وتابع بحقدٍ:
– اللي قاهرني إن كل ده حصل قدام أم الزفت اللي اسمه يوسف
وتابع مستشهدًا:
– شوفتي طريقة كلامها وقاعدتها، اللي يشوفها يقول تربية قصور، وهي كانت حتة سكرتيرة جاية من الأرياف
وتابع مستنكرًا افعال والده وطريقه تحدثهُ:
-علشان تعرفي إن البني أدم هو اللي بيعمل نفسه وبيختار الطريقة اللي الناس هتقيمه من خلالها ، وهو اللي في إديه يخلي الناس تحترمه وتبص له نظرة شموخ، أو يخلي نفسه مادة خام لسخرية الناس منه
وأكمل بسخطٍ وسخرية على والده:
-وده اللي حصل مع المعلم عاطف السرجاوي، اللي مش قادر ينسى أصله الواطي، ويتعامل على الوضع اللي أصبح عليه، ويتصرف على أساس إنه عاطف بيه السرجاوي
فضلت الصمت فأي حديثٍ سيقال لتهدأت ذاك الثائر على أبيه،وبالمقابل حزن عاطف الذي شعر بالتدني من نظرات نجله إليه،إنها حقًا لمعضلة.
༺༻༺༻٭༺༻༺༻
داخل إحدى مراكز التجميل النسائية الكبرى المتواجدة بالعاصمة، كانت تجلس فوق مقعدًا أمام إحدى الفتيات تتأملُ انعكاس صورتها بالمرآة،فقد حضرت بعدما قررت تغيير لون شعرها من الأسود إلى الأشقر النحاسي كنوعًا من كسر الروتين بحياتها الزوجية وانعاشها، وأثناء متابعتها لتصفيف الخبيرة لشعرها في المرحلة الأخيرة رأت بانعكاس المرآة صورة تلك المرأة اللبنانية زوجة طليقها البائس، زفرت وقلبت عينيها بسأمٍ ظهر فوق ملامحها عندما رأت قدوم الأخرى باتجاهها، تدللت بمشيتها حتى وصلت إليها لتنطق بنبرة خبيثة:
-كيفك مدام فؤاد علام؟
قلبت عيناها بسأمٍ وسألتها بتأففٍ :
-خير يا أستاذة، عاوزة إيه؟
نطقت “رولا” بابتسامة مستفزة:
-بشرفك شو رح عوز منك؟
وتابعت بخبثٍ:
-كل ما بلموضوع إني شفتك هون بالصدفة ،إچيت لحتى اطمن عليكِ، ما بالأول والآخر ولادنا إخوة ، و بيناتنا زلمة ، بالماضي كان لئلك
وتابعت وهي تُشير على نفسها بزهوٍ ونظراتٍ يملؤها التحدي:
-وهلأ صار ملك لئلي
أجابتها الأخرى بصرامة وكلماتٍ قاطعة:
-أنا حياتي كلها مفيهاش غير راجل واحد بس، وهو فؤاد جوزي
وتابعت مفسرة بصدقٍ:
-لأن الماضي اللي بتتكلمي عنه ده اتمحى من دماغي لدرجة إن مبقاش موجود،ولا بقى ليه أي ذكرى جوايا لا حلوة، ولا حتى وحشة
وتابعت بجدية:
-تخيلي؟
أجابتها بابتسامة ساخرة:
-إي بعرف إنو بعمره ما كان فيه زلمة بحياتك غير هاداك يلي اسمه “فؤاد علام”،هايدي الخبرية بعرفها منيح ومانها چديدة بالنسبة لئلي
وتابعت بمغزى و إشارة للماضي المزيف الذي علمته من قِبل عديم الشرف “عمرو”:
– حكالي إياها” عمرو”
وقفت بمقابلتها بعدما انتهت المصففة من وضع اللمسات الأخيرة بالتصفيف لتجيب الأخرى بنيةٍ حسنة:
-طب كويس انك عارفة، ياريت بقى تبعدي عن طريقي وطريق عيلتي كلها، وبلاش كل ما نروح مكان تنطوا لنا فيه زي عفريت العلبة إنتِ وهو،الاول النادي والنهاردة في البيوتي سنتر، هو انتوا بتراقبونا؟!
-هايدي مچرد بداية يا مدام… قالتها بسخطٍ لتتابع بتهديدٍ مبطن:
-اصحك تفكري إن وجودنا بمصر مچرد صُدفة، صدئيني رح تنبهري كتير بيلي رح تشوفيه مني
قابلت حديثها بابتسامة ساخرة استفزت بها الأخرى فتابعت بتحدي:
-بوعدك ماراح ارتاح إلا لما بين حقيقتكُن البشعة إنتِ وعديم المروئة يلي متچوزتيه
رح إظهر براءة حبيبي عمرو يلي شوهتوا صورته بعيون ابنه، وماراح اسكت لحتى يعرف يوسف بتآمركن على بيو
كانت تتطلعُ نحوها باستغراب وعدم استيعاب لحديثها الغريب، انتهت من لف حجابها بإحكامٍ ثم تحدثت متهكمة:
-أنا بصراحة مش فاهمه أي حاجة من اللت اللي عمالة تلتيه ده،بس من الواضح إن إبن إجلال مارس عليكِ أفضل هواياته، وشكله كده نجح وبجدارة
صاحبت كلماتها الأخيرة ضحكة ساخرة لتسألها “رولا” بسخرية:
-وشو هي أفضل هواياته يا مدام فؤاد؟
-الكذب وقلب الحقايق … قالتها بسخطٍ وتابعت بابتسامة ساخرة:
-بيعشق الكذب، بيتنفسه زي ما البشر بتتنفس الهواء، ميقدرش يعيش لحظة واحدة من غير ما يلاقي حد يستغفله ويكذب عليه
انتهت من كلماتها الحادة لتتابع بتهديدٍ مباشر:
-إسمعي يا اسمك إيه إنتِ،انا لا يهمني هو مفهمك إيه ولا حكى لك إيه عني، ولا أنا شيفاكم من الأساس،أنا بس حابة أنبهك وده واجب عليا لأنك ضيفة في بلدي
كشرت عن أنيابها لتتابع مسترسلة بشرٍ تجلى بعينيها وصوتها الحاد:
-إبعدي عن إبني إنتِ وعديم النخوة اللي متجوزاه،إبني لو اتأذى بأي شكل من الأشكال قسمًا بالله لأقطعكم بسناني،فهماني يا حلوة؟
ابتسامة ساخرة ارتسمت على جانب ثغرها قبل أن تنطق بشرٍ ظهر بعينيها:
-بنصحك تسألي عني وعن بيي قبل ما تهدديني بهاي الكلمات الهبلة ،وبحب أعرفك شغله دايمًا بيي بيقلي إياها،«يلي بيفعل ما بيقول»
واسترسلت بكلماتٍ تقطرُ غلاً:
-وبحياة بيي، وما بكون اسمي رولا بنته لسَليم إلياس،إن ما دفعتك تمن حكيك الفاضي يلي قلتيه هلا،غالي كتير يا
وتابعت ساخرة بنفس طريقة الأخرى:
-يا حلوة
-الأيام بينا يا بنت سليم إلياس…قالتها إيثار بطريقة جادة لتتابع بتحدي مستفز للأخرى:
هنشوف في الأخر مين اللي هيضحك ويخرج من اللعبة منتصر.
وقفت كلاً منهما مقابل الأخرى تتبادلتان نظراتٍ نارية لو خرجت لأشعلت المكان برمته وأحرقته في التو واللحظة.
يتبع…
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا
الرواية كامله الجزء الثاني من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا