رواية جبروت في قلب صعيدي الفصل الثاني 2 بقلم نور الشامى حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية جبروت في قلب صعيدي الفصل الثاني 2 بقلم نور الشامى حصريه في مدونة قصر الروايات
الفصل الثاني
جبروت في قلب صعيدي
في هدوء مشوب بالألم كانت سحابة مستلقية على سريرها القديم و الغرفة يملؤها عبق المسك والدم المجفف ولفافة بيضاء تحيط برأسها الذي نزف كثيرا أما قدماها فكانتا ممددتين على شرشف قطني بلون الحزن تتنفس ببطء لكن عينيها بقيتا مفتوحتين على اتساعهما... تنظر إلى الفراغ وكأنها لا تصدق أنها لا تزال على قيد الحياة وبجوارها جلس فارس الطفل الصغير متكئا على الوسادة ويداه الصغيرتان تقبضان على كفها وعيناه دامعتان يتأمل وجهها بخوف مرددا :
متسبينيش يا ماما... أنا كنت خايف عليكي جوي... بالله عليكي خليكي معايا انا والله بحبك جوي... بحبك انتي اكتر واحده في الدنيا كلها
لم ترد سحابه فقط نظرت إليه وابتسامة شاحبة مرت على وجهها كطيفٍ عابر ثم عادت عيناها إلى الشرود ودخلت الحجه زينب في هدوء ووجهها مجهد و جلست عند طرف الفراش وهي تمسح على كتف سحابة برفق وقالت بصوت مكسور:
انا عارفة إن الوجع كبير يا بنتي... بس والله ما هسكت... هتكلم معاه... وهخليه يطلج ال اسمها جهاد دي... انا مش هسمح ان حد يجي عليكي مهما حوصل... انتي بنتي والله مش مرت ابني. وانا معاكي ضدد اي حد حتي او كان ابني
القت زينب كلماتها وظلت سحابة صامتة... لا دمعة نزلت ولا كلمة خرجت فقط أنفاسها كانت ثقيلة كأنها تحمل أعوام القهر في صدرها حتي قاطعخا خبطات خفيفة على الباب المفتوح سبقتها خطوات يعرفها الجميع و دخل اسد ووقف على العتبة لحظة كأنه يستأذن ثم اقترب بخطى ثابتة ز وجهه لا يحمل نفس الجمود السابق بل نظرة حزن لا يعرف كيف يخفيها وقال بصوتٍ منخفض:
الف سلامة عليكي يا سحابة... عاملة إيه دلوجتي... بجيتي كويسه
وقبل أن ترد وقف فارس فجأة وركض ناحيته وهو يبكي بحرقة وصرخ بصوت رج الغرفة:
إنت السبب... إنت السبب ... كنت عايز تموت ماما... أنا مش بحبك.. انت رجعت ليه.. يلا امشي تاني انا مش عايزك.. انا عايز ماما بس انا معرفكش اصلا امشي
ارتبك أسد و انكسر قلبه للحظة وجثي على ركبتيه أمام ابنه لكن زينب أسرعت وأخذت الطفل في حضنها وهمست:
تعالى يا فارس... تعالى يا جلب جدتك.. ماما هتبجي كويسه والله متخافش... يلاوخلينا نخرج ونسيب ماما ترتاح شويه
حملته زينب وخرجت به بهدوء تاركة الغرفة تغرق في صمت ثقيل فـ اقترب أسد من السرير و عينيه على يد سحابة المرتجفة ومد يده ببطء ليلمسها لكنها سحبت يدها بفزع كأن النار لامستها ثم همست بصوت خرج من أعماق وجعها:
طلجني
شهق الهواء بينهما وارتعشت عيناه وردد:
سحابة... استني... اسمعيني الأول... إحنا محتاجين نتكلم... والله انتي مش فاهمه حاجه و
قاطعته سحابه دون أن تنظر إليه ورددت:
مش عايزة كلام... مش عايزة أسمع حاجة... أنا بس عايزة أطلج
تنهد اسد بضيق وهتف:
سحابه.. انا طبيعي كنت اتجوز انا كنت عايش كل دا لوحدي بره محدش معايا.. وجوازنا كان لمده شهر ونص بس وانا مكنتش اعرفك قبل اكده.. يعني مكناش واخدين بعض عن حب واتشغلت بجا ومكنتش بعرف انزل ولا اجول اني اتجوزت
تسمرت سحابة في مكانها وقد اتسعت عيناها بدهشة ممزوجة بالغضب والخذلان ثم رفعت جسدها قليلا رغم الألم وقد بدا أن كلمات أسد قد أيقظت شيئا عميقا وموجعا بداخلها ونظرت إليه بنظرة تخللتها آلاف الليالي الباكية ثم نطقت بصوت مرتجف لكنه حاد:
مكنش هاين عليك تجولي انك اتجوزت... لاجيت الموضوع ملوش لازمه وطبيعي.. بجد والله انت شايف ان دا طبيعي.. لما انت يا استاذ اسد كنت بتتجوز وشايف حياتك هناك انا كنت متمرمطه اهنيه... أنا اتذليت اهنيه يا أسد...انا كنت بعدي يومين تلاتة من غير ما اطبخ كنت بوفر كل قرش علشان فارس وعلشان تنزل تلاجي فلوسك اتعمل بيها حاجه جسما بالله انا كنت بجعد باليومين تلاته مش باكل انا مكنتش بشتري هدوم بجالي سنين علشان بجول بلاش اضيع الفلوس علي تفاهه
أنا حتى لما كان نفسي في حاجة كنت أجول مش وجته… المهم فلوس اسد المهم لما ترجع تلاجينا صبرنا صبرنا واستنيناك بكرامتنا
انحدرت الدموع على وجنتيها لكنها لم تمسحها وكأنها فخورة أن الألم قد خرج أخيرا ورددت :
انا كنت بستخسر في نفسي العلاج والادويه جسما بالله وانت بجا... إنت فين؟! إنت في بلاد بره بتتجوز وتعيش وانا اهنيه بدفن عمري وساكته انا كنت مراتك، حتى لو شهر ونص…بس أنا مخونتكش ولا نسيتك ولابدلتك بواحد تاني.. انت خاين.. خاين وقليل الاصل وانا مامنش علي نفسي مع واحد زيك.. بجيت دلوجتي من اغني ناس في الصعيد وانا طلعت من غير ولا حاجه ومش عايزه حاجه.. انا هاخد ابني وامشي.. دا كل ال يهمني وبس.. وانت تطلجني علشان انا مستحيل اعيش مع واحد زيك
ظل اسد صامتا وكأن كل كلمة منها كانت تسقط على صدره كحجر ثقيل بينما سحابة تابعت هامسة هذه المرة:
لو لسه عندك شويه ضمير طلجني.. لو سمحت
نظر اسد اليها بحزن ثم ذهب من الغرفه تاركا سحابه في احزانها وبعد فتره وتحديدا عند مدخل قصر كبير كانت ريم تهبط الدرج بسرعة ولهاثها يسبق خطواتها وشعرها يتطاير حول وجهها وعينيها تلمعان بنار الانتظار وما إن رأت الحارس حتى صاحت بصوت يقطر توترا:
وصل بجد أسد رجع؟!
رفع الحارس يده بتحية خفيفة وهز رأسه مؤكدا:
أيوه يا ست هانم... أسد بيه وصل
كادت أن تنطلق للداخل حين أوقفها صوت أجش من خلفها جاء كالسوط على ظهرها مرددا:
امشي يا عبد الرحمن... سيبنا لوحدنا
تجمدت ريم في مكانها ثم استدارت ببطء وواجهت نظرات أبيها، الحاج جابر العمدة التي كانت تحمل كل شيء إلا الحنان ورددت:
مش من حقي أعرف يا ابوي لما يرجع
ضاق ما بين حاجبيه وهتف بغضب مكتوم:
لع.. مش حقك وانتهينا... وانسي الموضوع دا اتجفل من زمان جوي.. انسيه يا ريم
نظرت إليه ريم بعيون لا تعرف الخضوع، وصرخت:
مستحيل.. مستحيل أنسى... ولا حتى بعد مليون سنة زي ما خسرت عريسي يوم فرحي هخسره حياته كلها ال بيكسرني... أنا بكسره حتى لو بعد اي.. جسما بالله ما هسييه وهندمه علي كل حاجه
القت ريم كلماتها ثم تركته واقفا في ذهوله بينما كانت خطواتها تطرق الأرض كأنها تقسم أنها ستعيد كل شيء بطريقتها... وبثمن أغلى بكثير وفي المساء في تلك الليلة ساد الصمت أرجاء الغرفة إلا من صوت الماء المتساقط من شعر أسد الخارج لتوه من الحمام... كان يلف حول خصره منشفة بيضاء وملامحه تحمل عبوسا ثقيلا وكأن شيئا أثقل من الماء يثقل صدره و وقف أمام المرآة يتأمل وجهه حتي اقتربت منه جهاد بهدوء ولفت ذراعيها حوله من الخلف ثم قالت بصوت حنون:
مالك يا حبيبي؟ شكلك زعلان قوي... مدام مضايقك اكده، طيب ما نرجع نسافر تاني... ننسى كل حاجة ونبدأ من جديد
استدار نحوها ببطء ومسح على شعرها برفق ثم أجاب بصوت خافت:
انا غلط... غلطت بجد كان لازم أجولهم إني اتجوزت حتى لو مش بحب سحابة بس كان لازم أكون صريح معاها
تراجعت جهاد قليلاً ونظرت إليه بعينين يغمرهما الأسى ثم قالت:
يعني إي.... إحنا ممكن ننفصل لو ده هيريحك يا اسد.. انت عارف ان اهم حاجه عندي سعادتك وبس
أمسك اسد يدها بسرعة وقال بنبرة حاسمة:
لع طبعا... إزاي تجولي اكده.. أنا بحبك... إنتي مرتي وكل حاجة ليا.... بس لازم أتكلم مع سحابة تاني علشان مظلمهاش... وعلشان فارس ابني
أومأت جهاد برأسها ببطء تحاول أن تخفي ما في قلبها من ضيق وقالت بابتسامة باهتة:
طبعا يا حبيبي... اعمل ال يريحك و
في تلك اللحظة قطع الحوار بخبطات هادئة على الباب، تبعتها الشغالة وهي تطل برأسها وتقول:
العشا جاهز يا بيه... الست زينب بتجولكم انها مستنياكم
القت الخادمه كلماتها وذهبت وبعد فتره كان الجميع يجلسون حول مائدة العشاء والسكون يخيم على الأجواء لا يسمع سوى صوت الملاعق الخفيف وهمسات لا تكاد تميز حتي قطعت زينب الصمت بنبرة أم يعتريها القلق:
يا بنتي جومي شوفي سحابة وفارس خليهم ينزلوا يتعشوا معانا
كانت ابنتها توشك أن تنهض لتنفيذ طلب أمها، إلا أن اسد سبقها فجأة ودفع الكرسي بقوة وهو يقول بحزم:
لع أنا ال هطلع
غادر اسد المكان دون انتظار رد وصعد الدرج بخطوات ثقيلة وقلبه ينبض بشيء لم يستطع تفسيره. وما إن وقف أمام باب الغرفة حتى طرقه ثلاث مرات، ثم انتظر... لا صوت وطرق مجددا حتي مد يده إلى المقبض وفتح الباب ببطء وفي لحظة توقف الزمن ووجد الغرفة... خالية ف، تراجع خطوة إلى الوراء وعيناه تتفحصان المكان الموحش لم تكن هناك حاجة لتفسير لقد فهم فورا... لقد هربت هي وفارس وعلى الجانب الآخر كانت سحابة تمشي بخطى مسرعة تجر ابنها المرتجف بين ذراعيها والخوف ينهش صدرها ولظلام يملأ الطريق والبرد يتسلل إلى عظامها لكنها لم تتوقف ورددت:
شد حيلك يا فارس.. خلاص يا حبيبي.. قربنا
لكن خطواتها بدت أضعف وصوت أنفاسها أثقل وشعرت أن الأرض تميد تحت قدميها وأن الهروب بدأ يتباطأ وفجأة اقترب منها شاب لا تعرف من أين أتى يخطو نحوها بثبات وفعت عينيها نحوه... وما إن وقعت نظراتها عليه حتى اتسعت عيناها وصاحت بصدمة:
انت و
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا