القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثالث)جمر الجليد الفصل السابع وعشرون 27 بقلم شروق مصطفى حصريه

 

رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثالث)جمر الجليد الفصل السابع وعشرون 27 بقلم شروق مصطفى حصريه




رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثالث)جمر الجليد الفصل السابع وعشرون 27 بقلم شروق مصطفى حصريه





الفصل السابع والعشرون جمر الجليد الجزء الثالث حصري بقلم شروق مصطفى

أخبارها إيه اتكلمتوا في إيه

اتكلمي يا سيلا أنا بشحت منك الكلام ولا إيه!

التقطت بعض الأنفاس وأخرجتها على مهل محدثة بكذب

معرفتش أجيبها هنا زي ما اتفقنا قابلتها في كافيه عادي ما اتكلمناش في حاجة معينة.

هتف إليها مصدقا لذاته ومصمما على مقابلتها

طيب هتشوفيها إمتى كلميها وقابليها تاني حتى لو في كافيه مش مهم بس لازم تسمعني. محتاج أقابلها ضروري لازم أشرح لها كل حاجة بنفسي. متأكد إنها هتسمعني وتسامحني أنا شوفت في عينيها إن لسه في أمل.

تطلعت إليه بدهشة لما تحدث بعكس ما رأته اليوم في عينيها

شوفتها إمتى يا معتز

تلجلج خافضا رأسه بأسى وندم وقال

شوفتها مرة في الغردقة. شوفت في عينيها نظرة أمل لكن للأسف شوفتها وداريت وشي وعملت نفسي بكلم


حد تاني وكأني ما شوفتهاش. كنت بتقطع جوايا كان نفسي آخدها في حضڼي أوي. بس أنا حسبتها غلط. لكن فيه أمل يا سيلا صح قوليلي إنتي صاحبتها وعارفاها ممكن نرجع تاني صح أنا أموت لو شوفتها مع غيري. عارف إني ظلمتها بس هتساعديني وتقفي معايا مي ترجعلي مش كده

لم ترد صډمته الآن فهي مشتتة بين تبدل تلك الأخيرة إلى أخرى لم تعتدها بعد. كانت تعلم صديقتها جيدا قبل الحاډث الأليم الذي غير كل شيء ومعه تغيرت هي أيضا. وبين حيرتها وهو تراه نادما على كل ما اقترفه في حقها راغبا في تعويضها ولهفة عينيه ومعاناته من آلام جلسات الكيماوي التي ذاقت مرارتها قبله لم ترد أن يرجع خائبا.

هزت رأسها لأعلى ولأسفل وحاولت الابتسام

هساعدك ما تقلقش.

ارتسمت ابتسامة على شفتيه وهو يقول

طيب كلميها وشوفي هتشوفيها إمتى بسرعة.

ربتت عليه وهي


تنهض

هشوفها في الجريدة وأتفق معاها وأبلغك. اطمن إنت بس وقولي فين عاصم

أشار لغرفة المكتب ثم توجهت إليه. طرقت الباب ثم دلفت وجلست في مقابلته.

قال مبتسما

حبيبتي اتأخرتي ليه كل ده ها عملتي إيه

هتفت له وهي تمسك قلما وجدته أمامها وظلت تطرق به على المكتب عدة طرقات هامسة بشرود

جيت من بدري بس كنت قاعدة مع معتز بره. أنا حكيت لها كل حاجة وخليتها تشوف صورته كمان عشان تتأكد بس

وعندما طال الصمت نظر إليها يحثها على الاسترسال

سكتي ليه بس إيه يا سيلا عملتي إيه كملي.

ابتلعت ريقها وتحدثت

بس هي مش مي اللي أعرفها. دي واحدة تانية. كلماتها وأفعالها صدمتني. أنا عارفة مي لو حد زعلها تفضل آه كاتمة جواها مش تبين جرحها. ولو رجع يصالحها ممكن تعند شوية بس في الآخر تقتنع بكلام اللي حواليها وترجع.

اللي شوفتها النهارده


عكس دي تماما مش رمشت بعينيها حتى ولا دمعة ومشت وسابتني كمان تخيل! بلاش معتز يقابلها هاتجرحه. حاول تقنعه إنه يمهد لها قبل ما يقابلها.

ابتسم نصف ابتسامة ليطمئنها

هتصرف أنا ما تقلقيش. إنتي عملتي اللي عليكي. وخليكي جنبها برضه وشوفي الدنيا معاها فيها إيه. وكلمة منك على كلمتين مني وقت ما يشوفها يكون الموضوع هدي شوية من ناحيتها.

هي أكيد اللي عمله معتز مكانش قليل وإنها تعمل أو تتكلم كده معاها كل الحق. العيب منه والغلط غلطته.

المفروض يشاركها آلامها زي ما شاركها الحلو والفرح. هو أناني لغى دورها كشريكة حياته ونسي إنهم المفروض يتقاسموا أدوارهم ويقفوا جنب بعض.

مش لما حد يتعب يبعد عنه علشان مش عاوز يزعله! ولا يحزنه!

ده مش صح. هو غلط ولازم يتحمل غلطه.

بنات الناس مش لعبة. هي تقرص ودنه شوية. لازم يتعلم


الدرس.

بس يا رب نلحق وما يكونش فات


 

الأوان.

هتكلم معاها ما تقلقيش هي بتسمع مني.

صمتا قليلا كل منهما حزين على ما آلت إليه الأمور حتى قطع ذاك الصمت صوت عاصم هاتفا لها

ها يا ست البنات مش هتاكليني ولا إيه أنا جعان!

غمز لها فابتسمت ثم نهضت قائلة

ساعة ويكون كله تمام.

أخذتها أقدامها إليه تريد أن تخرج ما بجوفها لتستريح. حررت الدموع من مقلتيها فور خروجها من المكان وسارت دون هدف حتى وصلت إلى عيادته.

تحدثت مع الممرضة ورغم عدم حجزها المسبق ومحاولة الأخيرة منعها من الانتظار بسبب اكتمال الحالات إلا أنها أصرت على الجلوس.

رفعت عينيها لأعلى تقلب عينيها ويديها تلوح بهما أمام وجهها قائلة بخفوت

متعيطيش إنتي مش عيلة عشان ټعيطي إنتي مش ضعيفة... اهدي بقى.

استمعت إلى صوته من السبيكر يخبر الممرضة بعدم استقبال أي حالة أخرى فاقتربت منها مرة أخرى وهمست برجاء

ممكن تقوليله.


.. مي أخت هيثم... بس.

في تلك اللحظة فتح الباب وخرج آخر مريض ودلفت الممرضة إلى الداخل قليلا ثم عادت تشير لها بالدخول.

تقدمت الأخرى بتوتر وأغلقت الممرضة الباب خلفها.

استقبلها بقوله

وأنا أقول العيادة نورت فجأة! اتفضلي يا مي... أنا كنت سايب لها خبر أي وقت تجي ما تستنيش... تدخلي على طول.

بعد حديثه أسبلت جفنيها خجلا قائلة بصوت خاڤت وما زالت متوقفة في مكانها

آسفة لو جيت من غير ميعاد.

حين سمع نبرة صوتها أدرك أن هناك خطبا ما فهتف بقلق

اقعدي يا مي واحكي... إيه حصل مال صوتك إنتي كنتي بټعيطي

مسحت دموعها التي حاولت كبحها وقالت

حسيت إني محتاجة أفضفض مع حد.

توتر قليلا عندما رأى حالتها تلك ثم قال بلطف

احكي يا مي أنا سامعك.

هتفت بشرود

صدقني مش عارفة جوايا لخبطه بس اللي متأكدة منه... هو نفس إحساسك ولغبطتك لما طليقتك رجعتلك


بعد ما حست بقيمتك وربنا نصرك.

بس أنا حاسة إني مش مبسوطة خالص... كلامك كان صح لما قلتلي الرقم اللي بيراسلني ده طليقي لأنه مريض نفسي.

هو فعلا مريض بس مش نفسي... مريض عضوي عنده ورم في دماغه وده كان السبب الأساسي في بعده عني.

ده اللي وصلته ليا صاحبتي بعد ما خلص علاجه وتم شفاؤه... وعايز نرجع تاني... تخيل!

وحين صمتت هتف لها

وإنتي إيه مضايقك ومزعلك دلوقتي وليه ملخبطة إنتي لسه بتحبيه

لاحت على وجهها ابتسامة جانبية تهكمية

أحبه! دي كلمة ماټت في قاموسي... ملهاش رجعة.

بس اللي مستغرباه ومضايقني إني كنت بالنسبة له هوا... ولا حاجة.

مش عارفة هو عايز يرجعلي ليه بعد ما طعن في شرفي وهو اللي بعت كل الرسايل دي!

إيه الدماغ دي!

ماهونتش عليه لما ضړبني وسحلني برا بلبسي... رمى لي الاسدال... كتر خيره!

أنا بجد من وقتها... بكلم نفسي.

بسهولة


كده راجع

وإيه يفيد الندم دلوقتي

أنا اللي مزعلني وقاهرني... نفسي والله نفسي...

قد إيه كنت مهمشة في حياته ده ولا كأني مراته متعة لوقت الفرح بس أما غير كده لأ.

ما شاركنيش في تعبه رغم إني كنت فعلا شايلة في حاډثة... ولما كان فيه شلل في رجله عمري ما اشتكيت وكنت بحب أعمله كل حاجة.

ليه يعمل كده!

ليه

قد إيه كنت رخيصة في نظره.

صمتت تبتلع ريقها ثم قالت

أنا صعبان عليا نفسي أوي...

أنا اديت له فرصة قبل كده ما حافظش عليها.

أنا مبقتش فعلا أحبه... ولا أكرهه.

كل اللي محتاجاه... يبعد عني خلاص.

ختمت كلماتها وهي تمسح عبراتها المتساقطة ثم نهضت فجأة فوقف هو أيضا وقال لها بابتسامة هادئة قبل مغادرتها

بهدوء... عندك فرصة فكري فيها.

لو لسه في بذرة حب بينكم وتقدروا تتخطوا اللي حصل...

وفي الآخر ده قرارك النابع من جواكي.

محدش يقدر يتدخل


فيه.

فلو حاسة إنك مش مرتاحة... ابعدي.

وربنا يوفقك


 

في أي قرار نهائي تاخديه.

ابتسمت له دون حديث وغادرت متوجهة إلى منزلها. دلفت إلى غرفتها لتبدل ثيابها ثم بدأت في روتينها اليومي بمساعدة والدتها في تحضير الغداء.

مر بعض الوقت وأثناء تناولهم الطعام لاحظت والدتها حزنها وسألتها بقلق

مالك يا مي من أول ما جيتي ما بتتكلميش معايا.

فاقت من شرودها وهي تقلب ما بداخل الصحن

ها يا ماما بتكلميني عاوزة حاجة

أجابت والدتها برقة

عاوزة سلامتك يا حبيبتي.

مش متعودة منك إنك تسكتي كده وجاية متأخرة النهاردة عن ميعادك.

خير في حاجة

كنت مستنياكي تتكلمي... وانتي ولا هنا قولت أطمن.

تطلعت مي إلى والدتها بابتسامة حزينة ثم تركت ما بيدها وقالت

أصلي اكتشفت النهارده إني كنت غبية قوي...

وإني ولا حاجة... هامش أو ممكن لعبة!

قصت لها تفاصيل لقائها بسيلا وما حملته من حقائق مرة ثم ابتسمت بتهكم

شفتي


بنتك كانت إيه!

هتفت نبيلة بقلب أم مكلومة

اللهم لا شماتة يا مي في المړض.

والحمد لله ربنا نجاه منها وعطاه فرصة جديدة للحياة.

قاطعتها مي وقد غلبها الضيق

أنا عمري ما أشمت في تعب ولا مۏت حد أذاني.

قولت لها كده ألف سلامة عليه.

بس هعمل إيه أكتر من كده

محدش يطلب مني حاجة أنا مش هقدر أعملها!

مش هينفع أقدم حاجة تانية.

ربنا عطاه فرصة تانية... بس مش معايا أنا.

ربتت نبيلة على خصلات شعرها بلطف

محدش هيطلب منك حاجة يا حبيبتي.

أنا بتكلم عليه هو ربنا نجاه وقدمله فرصة يستغلها بعيد عنا.

أنا عن نفسي مش هحط إيدي في إيد العيلة دي تاني.

أنا مش مستغنية عنك

وهو... ربنا ابتلاه عشان ظلمه ليكي واتهاماته الكاذبة...

قڈف محصنات!

هو في كده يا ناس!

نهضت نبيلة بغير رضا تقلب كفيها وهي تدلف إلى المطبخ تتمتم دون أن تسمعها مي

لك الأمر


من قبل ومن بعد يا رب.

يبهدل بنات الناس ويتهمها ويرميها

ولا كأنه أخدها من الشارع!

عشان خايفين نزعل عليه

ولسه... ياما نشوف.

ربنا يهديكي يا مي

وتعدي الأزمة دي على خير

وأشوف عوضك قريب يا بنتي.

صباح اليوم التالي داخل الجريدة جلست سيلا إلى جانب مي بعدما لاحظت تجاهلها الواضح فسألتها بنبرة مترددة

مي انتي زعلانة مني

كانت مي تشغل نفسها أمام الحاسوب توحي بانشغالها بالعمل وأجابت دون أن تحول نظرها عن الشاشة

لا يا سيلا أزعل منك ليه إنتي عملتي حاجة تزعل

هتفت سيلا بإصرار وقد بدا عليها الانزعاج

أصلك ما كلمتنيش خالص وأخدة جنب مني.

حينها تركت مي ما كانت تنظر إليه ووجهت عينيها مباشرة نحو سيلا تحدثت بثبات دون أن ترمش

بصي يا سيلا احنا قبل كل ده صحاب وعشرة سنين تمام فلو عاوزانا نكمل صداقتنا ما تجيبيش سيرة معتز قدامي نهائي


بأي حال من الأحوال. بس كده. شوفي سهلة إزاي.

ابتسمت سيلا ابتسامة لم تصل إلى عينيها والأخرى أعادت نظرها إلى الحاسوب تتابع عملها. وضعت سيلا يدها على كتف مي تؤيد حديثها قائلة

طبعا احنا أصحاب وهنفضل طول عمرنا ومفيش حاجة تقدر تفرقنا عن بعض.

...

عقب انتهاء الدوام ذهبت مي برفقة سيلا التي أوصلتها إلى منزلها. نزلت مي من السيارة ودعتها ثم أخرجت مفتاحها وولجت إلى الداخل. غير أن قدميها تسمرتا فجأة عند سماع صوت مألوف صادر من الصالون. انقادت قدماها ببطء نحو المصدر لتجده ينهض فور رؤيتها ويهتف بلهفة

مي! إزيك ليكي وحشة يا بنتي عاملة إيه

جالت مي بعينيها في المكان وحمدت الله أن هو لم يكن هناك. ابتسمت بتكلف وأجابت

الحمد لله يا عاصم وانت عامل إيه

تدخلت نبيلة الجالسة بجواره قائلة

عاصم جاي للصلح بينكم. قولت له اللي فيها


وهو عاوز يتكلم معاكي. هسيبكم تتكلموا عقبال ما أعمله


 

شاي.

تركتهم وذهبت لتحضير المشروب. أما مي فزفرت أنفاسا متتالية بضيق وقد أخفضت رأسها تنظر إلى الأسفل حائرة من أمر هؤلاء ألم يكفيهم ما حدث أم يريدوا ألم اكثر ثم تنحنح عاصم وقال بهدوء

مي مش هقولك معتز مريض وملاك وسامحيه وارجعيله لأ... أنا بقولك ما ترجعيش له.

رفعت مي رأسها تنظر إليه پصدمة وهتفت بدهشة

أنت اللي بتقولي الكلام ده طب ليه ده اللي جاي عشانه

تابع عاصم ردود أفعالها بصمت لحظات ثم قال بنبرة صادقة

بصي معتز غلط ومغلطش غلطة بسيطة لأ... غلط مع ناس كبيرة مش صغيرين غلط مع راجل أمنه على بنته وهو ما صانهاش ولا كرمها في بيته. معتز دلوقتي زي العيل اللي كان هيتجنن على لعبة وأول ما مسكها لعب بيها شوية وخاف يكسرها ركنها على جنب... وقت ما يحتاج لها هيلاقيها. فاهمة هو محتاج يتربى من


جديد ويتعلم.

هو مصمم يقابلك بنفسه ويشرح لك كل اللي عمله ويبرر لك.

أنا مش طالب منك غير إنك تسمعيه... بس تسمعيه.

معتز بيحبك يا مي وعارف إنك لسه بتحبيه.

ادوا لنفسكم فرصة تانية... بس بعد ما يتعلم الأدب.

وليكي مطلق الحرية برده.

هزت مي رأسها يمنة ويسرة بسخرية مريرة وأجابت

فعلا ليا مطلق الحرية في دي عندك حق.

بس مين قال إن في حب جوايا له

انت غلطان يا عاصم الحب ماټ جوايا وقت ما طلقني وبعتلي ورقتي ومسكتها بإيديا لحد ما صدقت فعلا إنه عملها.

وفي أسباب تانية... أحب أحتفظ بيها لنفسي.

آسفة عرضك مرفوض.

وفي اللحظة التي لفظت فيها جملتها الأخيرة دخلت نبيلة بالمشروب فوضعت الصينية أمامه وقالت

اتفضل يا بني الشاي.

بدا الضيق واضحا على ملامح عاصم وقد بدت عليه الحدة من فعل أخيه وما سببه من حرج.


قبض كفيه بقوة حتى برزت عروقه لكنه حاول السيطرة على انفعاله وقال بأسف

عندك كل الحق مقدرش أجي عليكي.

أسف لو جيت ضايقتك بكلامي.

أسف ليكي يا حجة زعلك على راسي.

إحنا دخلنا البيت وخدنا بنتكم ومعرفناش نحافظ عليها.

قالت نبيلة بصوت مشوب بالغصة

العيب مش منك انت يا عاصم ما تزعلش مننا.

لكن أخوك غيرك خالص عكسك.

وأنا زي ما قولتلك مش هأمن عليها معاه تاني بعد ما جات لي يومها مطرودة من بيته بهدوم البيت... دمعتها على خدها.

تمتم عاصم بخفوت أسفا على ما حدث

عندك حق مقدرش اغلطكم هستأذن أنا.

وكاد أن يفتح باب الشقة ليغادر حين خرجت إليه مي من خلفه تهتف بقرارها الأخير كأنها تنهي صراعا داخليا طال أمده

عاصم... أنا موافقة أقابل معتز.

شوف إمتى وفين.

صدمت نبيلة ونظرت إلى مي بعينين تحاولان أن تثنياها


إذ كانت تعرف تماما لما أرادت مقابلته. أما عاصم فالټفت نحوها وتهللت ملامحه ببعض الأمل وقال

هكلمك وأقولك فين.

شكرا يا مي... بجد.

ابتسم لها عاصم وألقى كلماته الأخيرة ثم غادر تاركا خلفه صدمة لا تزال ترتسم على وجه والدتها. التفتت نبيلة إلى ابنتها وهتفت غير مصدقة

هتقابليه بجد يا مي بعد كل اللي قولناه ده

رفعت مي عينيها إليها وسألتها بهدوء

ماما انتي بتثقي فيا ولا لأ

هتفت نبيلة بإيجاب دون تردد فاستطردت مي بثقة حذرة

يبقى اطمني... بس أنا فكرت وحسيت إني لازم أقابله. في حاجة لازم أعملها وأتأكد منها ومش هتنفع غير لما أقابله.

ردت والدتها بنبرة يغلبها عدم الرضا تعبيرا عن قلقها مما تنوي ابنتها الإقدام عليه

بلاش يا مي انسيه وخلاص كفاية ۏجع قلب. هتستفيدي إيه

استدارت مي نحو غرفتها وقبل أن


تغلق بابها التفتت إليها قائلة بحسم

لازم أقابله


 


وأشوف عينيه... وأقهره زي ما انقهرت. تصبحى على خير.

...

في مكان آخر كان جالسا على شرفته يتناول قهوته الصباحية بهدوء. أمامه على الطاولة رن هاتفه. مد يده وأجابه

حبيبي واحشني... فينك يا عم من آخر مرة

وبعد أن استمع إلى الطرف الآخر أجابه مبتسما

آه فاضي... بس تصدق أنت في معادك هشوفك فين ما تيجي نروح نتفرج على ماتش الأهلي.

أغلق الهاتف بعد أن اتفق مع صديقه على اللقاء غدا. 

.....

مساء اليوم التالي دلفت نبيلة إلى غرفة ابنتها تحاول ثنيها عن الخروج في هذا اليوم المشحون

يا بنتي ملهاش لازمة النزول... توجعي قلبك تاني ليه! إحنا ما صدقنا تشدي نفسك اعتذري لعاصم وفضيها سيرة.

هتفت مي بإصرار بينما كانت تربط حجابها وتعدل من ثيابها أمام المرآة. ارتدت بدلة رسمية كلاسيكية سوداء من ماركة فاخرة مع حجاب أحمر


قاتم وقميص أبيض أنيق. جذبت حقيبتها وهي تقول

لازم أقفل صفحته للأبد. متأكدة إنه مش هيسكت ولازم أنهي كل حاجة النهاردة. وبعدين مش لوحدي... سيلا معايا وعاصم كمان بس هيكونوا قاعدين جانبنا. وبعدين دي ساعة ومش هتأخر. ادعيلي بس يا أمي.

قبلتها والدتها من وجنتيها بصمت فيه قلق ثم غادرت مي متوجهة إلى المكان المتفق عليه.

هاتفتها سيلا فور وصولهم وأغلقت مي المكالمة بعدها بلحظات ثم وصلت إلى المقهى المحدد. زفرت عدة أنفاس متلاحقة محاولة طرد الضيق من صدرها تستجمع قواها لتلك المواجهة المنتظرة ودلفت إلى الداخل بحسم.

استقبلتها سيلا على الباب احتضنتها بود وهتفت بإعجاب

إيه الحلاوة دي كلها قمر يا مي طول عمرك.

ابتسمت مي ابتسامة باهتة لم تبلغ عينيها وأجابت بحزم

بصي يا سيلا أنا مش عاوزة أتأخر ماشي هي ساعة... مش


أكتر.

هتفت سيلا في هدوء وهي تمشي بجوارها

حاضر تعالي بس... يلا.

عند وصولهما وقف معتز في مكانه لم يحد نظره عنها ولم ينطق. عيناه اشتاقتا لملامحها وحضوره شل أمام حضورها الطاغي.

لاحظ عاصم توتر أخيه وشروده فبادر بالترحيب

أهلا يا مي.

ردت مي بابتسامة رسمية لم تصل إلى عينيها فأشار عاصم إلى سيلا قائلا

تعالي يا سيلا نسيبهم يتكلموا شوية.

أمسكت سيلا بيد مي تضغط عليها تطمئنها ثم غادرت برفقة زوجها.

كان معتز محدقا في مي تحدق عيناها الساحرتان اللتان اشتاق إليهما كثيرا.

تاهت الكلمات من على لسانه وهو يراها تجلس أمامه بتأفف قائلة بنبرة حادة

هتفضل تتفرج عليا كتير كده انت جايبني للفرجة أفهم بس عشان نوفر الوقت وأمشي.

أخرجت هاتفها تنظر إلى الوقت وزفرت بضيق من نظراته المتفحصة.

تنحنح وجلس أمامها متحدثا بشوق


خاڤت

وحشتيني يا مي.

نظرت إليه بجمود وردت بنبرة جافة

سمعت إنك عاوز تقابلني خير ادخل في الموضوع ياريت بلاش لف ودوران والمحڼ بتاعتك دي.

تجمد مكانه وقد صډمه أسلوبها القاسې ثم قال بأسف ظاهر

مي أنا آسف على كل اللي عملته في حقك وعارف إن قلبك أبيض وبيسامح وأنا طالب منك العفو. سامحيني ونفتح صفحة جديدة مع بعض. مش قادر أعيش من غيرك. كنت غبي لما فرطت فيكي.

ظلت تحدق فيه تستمع دون أن تقاطعه وكأنها تبحث عن شيء داخلي تتأمل وجهه تستفز ذاك الجزء الذي طالما خذل

هل ما زال القلب ينبض هل ما زالت تضعف أمامه

لكنها لم ترد فقط صمتت بينما تابع هو برجاء

عارف إني غلطت في حقك جامد وقسيت عليكي وظلمتك... بس والله عمري ما خنتك. كل اللي اكتشفتيه في تليفونك من تخطيطي ومحادثات أنا اللي كنت عاملها عشان أوهمك إني بكلم غيرك.


حتى الرسايل اللي وصلتلك... كانت مني


 أنا. كنت ببعدك عن حياتي... مش عارف عملت كده ليه. بجد مخي مش قادر يستوعب اللي عملته لحد دلوقتي. قد إيه كنت غبي وحمار.

توقف لحظة يبتلع مرارة الحديث ثم خلع الكاب عن رأسه وهمس بصوت متهدج

مي... أنا شفت المۏت بعيني. كل دقيقة مرت عليا كنت بدعي ربنا يريحني من ۏجع الكيماوي. بس كنت بهون على نفسي وأقول أتحمل عشانك عشان أرجعلك سليم.

مكنتش عاوز أشوف دموعك عليا مكنتش عاوزك تتعبي وتترملي بعدي.

كنت بكرهك فيا... بس كنت أنا اللي بمۏت ألف مرة وأنا بعمل كده. وربنا شاهد عليا.

تناول كوب الماء الموضوع أمامه وارتشف منه ببطء. تنهد بثقل ثم استأنف

حتى يوم المؤتمر... شوفتك وكان هاين عليا آخدك في حضڼي ونبعد عن الدنيا دي كلها. بس لقيت نفسي بعمل العكس تماما.

عمري ما سبتك... كنت معاكي وبكلمك طول الوقت.

أرجوكي سامحيني... أنا بحبك بحبك پجنون.

مش بنام الليل من كتر التفكير فيكي.

ظل ينظر إليها بشوق ولهفة ينتظر ردها يرجو أن تعترف له بأنها ما زالت تحبه.

كل ما فعله ظن أنه دفاع بدائي عن حبها عن حياته معها ظن أن الهروب سيحميها من الفقد... لكنه لم يعلم أنه تسبب لها بأقسى ۏجع.

ظلت عيناه تتنقل بين شفتيها المرتجفتين وعينيها المترددتين


يقرأ في ملامحها ترددا قد يخفي خلفه قبولا. لم يزل الأمل حيا في صدره يراوده حلم العودة وفتح صفحة جديدة تجمعهما.

ينتظرها بلهفة يترقب كلمة واحدة تفتح له باب الرجاء وحين طال صمتها نطق بصوت راج يشوبه الحنين

متزعليش مني يا مي... بحبك.

كادت ترد عليه لولا صدمة باغتتها فجأة حين أبصرت مازن يقف قبالتها على بعد خطوات وإلى جانبه شخص آخر يتجهان صوب طاولتهما غير أن عين مازن كانت مثبتة عليها... مصډوما مذهولا لا يصدق ما يرى.

تجمدت في مكانها وعيناها تتسعان بدهشة ثم التفتت إلى معتز تحدق فيه بنظرة تحمل خليطا من الخذلان والشك كأن ما حدث انتزع ثقتها من جذورها.

رددت كلماته الأخيرة وكأنها تعيدها لتستوعبها

ازعل منك!

نطقت تلك الكلمة باستهزاء وسخرية ثم تابعت حديثها بحدة لا تخلو من ۏجع قديم

يعني في عشم يا معتز وأنا مفيش بيني وبينك أي عشم! كان فيه زمان آه بس بإيدك وبأفعالك ق تلته.

إنت موتت كل حاجة حلوة بينا لمجرد إنك عرفت بمرضك ما فكرتش لحظة واحدة بس تحكيلي!

كنت شوفني الأول كده... اختبرني حتى مش يمكن كنت هبعد عنك بدل المسلسل اللي عملته كله كنت وفرته عليك!

صمتت لحظة تتأمل وجهه كأنها تعيد شريط الذكريات ثم تابعت بمرارة

شوف


إنت عملت إيه وإنت بين إيدين ربنا وكنت ظالمني! مفكرتش لحظة إنك لو رحت له وإنت ظالم حد... إزاي كده!

خاېف عليا وعلى مشاعري وحزني ومش هامك عڈاب ربنا!

بص من الآخر مفيش عتاب عشان العتاب بيكون بين الحبايب... وإحنا مش كده.

توقفت لبرهة وصوتها انخفض قليلا لكنه ظل صارما

طيب تصدق أنا مش بكرهك... والله ما بكرهك لأن لو بكرهك يبقى لسه فيه اهتمام وأنا لا باهتم بيك ولا حتى فرحانة إنك قدامي.

إنت بقيت عادي بالنسبالي يا معتز بجد... لا فيه لهفة في عيني ولا ده بيدق زي الأول.

وأشارت إلى قلبها عند الكلمة الأخيرة.

كان معتز يتطلع إليها نادما على ما اقترفه بحقها فعاد يرجوها صوته مكسور

وحياة العشرة القديمة... والسنين الحلوة اللي بينا افتكريلي أي حاجة حلوة عشناها سوا.

قهقهت ضاحكة بصوت بدا كأنما خرج من صدر أنهكته الخيبات بدت كالصلب امرأة لم تعرف الحب يوما

وحياة العشرة... وكمان القديمة!

إنت طيب أوي يا معتز والله.

زفرت أنفاسها على مهل وتطلعت إليه من أعلى لأسفل بنظرة شاملة

إنت مش مجرد غلطة غلطتها زمان لما وافقت إنك تكون أماني وسندي وصدقت إنك اتغيرت.

إنت كنت كل حاجة في حياتي لكن أنا مكنتش ليك زوجة... أنا كنت للحلو


بس

أما الحزن والمر فبعادني عنهم!

خليك على موقفك للآخر عشان أنا مستحيل أأمنلك تاني.

إنت كنت فاهم الجواز غلط خالص...

كنت متجوزني للمتعة بس!

اللي ماتعرفوش إن الجواز مشاركة بين اتنين

وإنت كنت أناني أوي في النقطة دي

فهنيئا لك وحدتك... اللي اخترتها بإيدك.

أطرق برأسه يحاول مداراة دموع لم تسعفه كرامته على كبتها سالت رغما عنه فأغمضت مي عينيها پألم وهي ترى حالته ټنهار أمامها بسبب كلماتها.

فتحت عينيها بعد لحظة كأنها جمعت شتات نفسها ونطقت بنبرة حاسمة تنهي بها اللقاء

معتز طلب واحد هطلبه منك... لو عملته هرجعلك بعدها على طول.

تطلع إليها بلهفة مشټعلة

أي حاجة تطلبيها مستعد أعملهالك حتى لو طلبتي لبن العصفور... حالا.

ابتسمت بۏجع لم يصل إلى عينيها وقالت بسخرية ناعمة

مش للدرجة دي... هو طلب واحد وقتها ممكن أرجعلك تاني ودلوقتي لو تحب كمان.

ثم التفتت إلى مازن تستمد منه الثبات قبل أن تعود بعينيها إلى معتز تتأمل نظراته المتلهفة لسماع طلبها

ذلك الطلب الذي إن تحقق سيكون سبيله الوحيد للعودة إلى قلبها.

نطقت بصوت متماسك يخفي تحت سطحه ألما حارقا ېمزق قلبها إلى نصفين

هديلك فرصة تانية... أخيرة يا معتز لو...

يتبع تفتكروا


هينفذ طلبها 

يتبع بقلم شروق مصطفى


 


لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله الجزء الاول 1من هناااااااااا

الرواية كامله الجزء الثاني 2من هناااااااااا

الرواية كامله الجزء الثالث 3من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا







تعليقات

التنقل السريع