رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثالث)جمر الجليد الفصل الخامس وعشرون25 بقلم شروق مصطفى حصريه
رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثالث)جمر الجليد الفصل الخامس وعشرون25 بقلم شروق مصطفى حصريه
الخامس والعشرون
جمر الجليد الجزء الثالث حصري بقلم شروق مصطفى
أخذ عاصم يدور حول نفسه لا يدري ما يفعل، يلوم ذاته صارخًا:
– ليه؟! ليه مصحتينيش؟ ليه؟!
حاولت سيلا تهدئته من انفعاله الزائد، فقالت بنبرة حانية:
– يا عاصم، وليد قالي أسيبك نايم ومصحكش، وهو بيطمني على حالته كل شوية، والله مستقرة وكويس. ممكن تهدى بقى؟ هقوم أحضر لك الفطار، انت مكلتش من يومين.
ظل يتمتم بغضب وهو يتجه إلى دُلفة الملابس، يجذب ثيابه بعشوائية:
– فطار إيه بس وزفت إيه! لازم أروح له… إزاي تسيبيني كل ده؟! مفيش وقت، يلا، اجهزي.
هتفت وهي تنهض مسرعة:
– حاضر، خلاص… هدخل أخد شاور بسرعة وأجهز.
**
لم تمضِ نصف ساعة حتى وصلا إلى المشفى. وما إن دخلا، حتى قابلهما وليد عند المدخل، مطمئنًا إياهما بابتسامة:
– حالته مستقرة، وبمرور اليوم هينقلوه غرفة عادية.
جلس عاصم على أقرب أريكة، ممسكًا رأسه بألم، فتملك القلق وليد الذي سأله:
– مالك ماسك دماغك كده؟ وفين سيلا؟ مجتش معاك ليه؟
جال عاصم بعينيه في المكان، باحثًا عنها، ألمٌ يعصف برأسه، فلم يجدها. أخرج هاتفه من جيبه وهو يردّ على وليد:
– معرفش راحت فين… كانت معايا ودخلنا سوا… استنى، هكلمها.
لكن لم يحتج للاتصال، إذ سمعا رنين هاتفها قريبًا منهما، فرفعا رأسيهما ليجداها أمامهما، تحمل بعض السندوتشات والقهوة، تبتسم لهما ابتسامة لم تصل لعينيها:
– بدوّروا عليّا ولا إيه؟ قولت أجيب لكم فطار وكوفي. عاصم ماكلش حاجة، وانت كمان أكيد يا وليد… اتفضلوا.
أخذ وليد منها قهوته شاكراً، ثم جلس يتناولها. نظرت سيلا إليه وقالت بهدوء:
– وليد، روح انت ارتاح، إحنا قاعدين، ولو في جديد هكلمك.
هزّ رأسه برفض قاطع:
– أنا نمت هنا، متقلقيش. لو حاسس إني تعبت هقولكم.
بعد انتهائه من قهوته، غادر مبتعدًا. رافقه عاصم إلى حيث يتوجه، ثم دلف إلى الطبيب يسأله عن نتائج تحاليل زوجته. طمأنه الطبيب بأن لا شيء يدعو للقلق، كانت مجرّد شكوك. أوضح له أن السبب في الإغماء يعود إلى بعض الأنيميا، وكتب له بعض الأدوية والتعليمات الخاصة بها.
شكره عاصم، وخرج من غرفة الطبيب يتنهد الصعداء، ثم توجه إليها، ضامًّا إياها إلى صدره، يربت على رأسها هامسًا في أذنها:
– الحمد لله يا رب إنك بخير… اطمنا عليكي، بس المهم نطمن على معتز… والأنيميا ماشي.
ربّتت على يده بلطف:
– الحمد لله على كل حال، ما تشغلش بالك بيا، أنا كويسة، ولو تعبانة هقولك. نطمن على أخوك، هو الأهم دلوقتي.
نظر إليها دون أن يتحدث، ثم أدار عينيه أمامه وقال بصدق:
– إنتوا الاتنين أهم عندي من أي حاجة… لو مشغلتش بالي بيكي، هشغل بالي بمين؟ كله هيعدي ويبقى زي الفل، يا رب هونها وعدّي الجاي على خير.
همست وهي تحتضن ذراعيه:
– يا رب، يا حبيبي… أنا بحمد ربنا إنه رزقني بشخص زيك، زوج حنين وسند… ربنا يبارك لي فيك.
انقضى اليوم في انتظار مشوب بالتوتر، آذانهم مشرعة لكلمة تطمئنهم من الطبيب عن حالة معتز. وأخيرًا، خرج إليهم الطبيب باسماً، يحمل لهم البشرى قائلاً:
– مبارك عليكم، عدينا فترة الخطر… مريضنا بنيانه قوي ومتمسك بالحياة.
تركهم عاصم فجأة، وخرَّ راكعًا على ركبتيه، يسجد لله شاكرًا على نعمته وزوال همّهم. ابتسم وليد، وهو يتمتم بامتنان:
– الحمد لله…
نهض عاصم من سجوده، ونظر إلى الطبيب سائلاً:
– وما الخطوة التالية، أيها الطبيب؟
ابتسم الطبيب لسعادتهم، ثم قال بهدوء:
– كما أخبرتك، مرحلة الخطر قد زالت، لكن سيظل معنا لفترة ثلاثة أشهر أخرى، نتابع خلالها نجاح العملية، ونعطيه الكيماوي على جلسات منتظمة، للاطمئنان على زوال الورم نهائيًا. بإمكانكم زيارته الآن، فقد نُقِل إلى غرفة أخرى، لكن لا تُجهدوه بالكلام كثيرًا حتى لا يتعب. وتهانينا لكم مرة ثانية.
غادر الطبيب، فوجدت سيلا عاصم يبكي من شدة الفرح، فاحتضنته بسعادة، تبارك له، ثم مضوا مع وليد في طريقهم إلى غرفة معتز.
دخلوا بهدوء، فوجدوه ممددًا على السرير، رأسه مغطاة بشاش أبيض، وبعض الأسلاك تلامس صدره. ما إن شعر بوجود أحدهم، حتى فتح عينيه ببطء. هرول إليه عاصم، جلس إلى جواره، اقترب منه وهمس:
– حمد لله على السلامة يا بطل… الحمد لله يا رب شوفتك منور الدنيا تاني… عاوزك قوي كده، تمسك في الدنيا، فيها حاجات كتير حلوة لسه… من حقنا نتمسك بيها، اوعى تيأس، ولا تقول خلاص… لا، غلط… اوعى تيأس من رحمة ربنا علينا… كل صعب بيهون، وعوض ربنا أجمل، فاهم؟
ابتسم معتز نصف ابتسامة لم تصل إلى عينيه، وتمتم بخفوت:
– الله يسلمك يا حبيبي… حاضر، هعمل اللي بتقوله والله… بس حاسس بتعب… ودماغي مش قادر… في زنّ فيها كتير.
ربّت عليه عاصم مطمئنًا:
– مش لسه خارج من عملية؟ طبيعي… دلوقتي هانادي الدكتور أو أي حد من التمريض يديك مسكن… وترتاح.
اقترب وليد منه، مبتسمًا:
– وحشتنا يا مان… أيوة كده، بطلنا لازم يكون قوي… بس حاول تنام عشان الزن اللي في دماغك ده يروح، طيب؟
هزّ معتز رأسه، وعيناه تتطلعان إلى سيلا الواقفة خلف عاصم، تبتسم له برقة، وهمست:
– حمد لله على سلامتك يا معتز… ارتاح ونام زي ما قالك وليد عشان الصداع يروح… بلاش تتكلم كتير عشان ما ترهقش نفسك.
هتف لها معتز بصوت متهدج قبل أن يغلق عينيه ويغفو:
– مش هرتاح… غير لما أشوفها قدامي… وتسامحني… أنا ظلمتها كتير… وقسيت عليها أوي… هي فاهمة غلط… أنا اللي وصلتها كده…
“أنا السبب… مـ… يـ… ساامحيني… خ… خليها تسامحني… ن… نفسي… أشوفهااا”…
خرجت كلماته الأخيرة ببطء، تتقطع بين الحروف، وتنسحب مع أنفاسه المتعبة، بينما راحت عيناه تنغلقان رويدًا.
…
غفا بعد ذلك في نومٍ عميق، تأثّرًا بالمحلول المعلَّق إلى جواره، والذي احتوى على نسبةٍ من المسكنات والمهدئات. غير أن نومه لم يكن هادئًا، إذ تلوَّن بمشهدٍ مزعج كان آخر ما اختزنه عقله الباطن قبل أن يستسلم، فترجمه إلى صورةٍ واضحة:
رآها تقف أمامه، تضحك عليه وتشير نحوه بأصابعها، بينما تجلس إلى جوار رجلٍ آخر، تزفُّ إليه. كانت تقهقه بصوتٍ عالٍ وهي تنظر إليه بشماتة. نهضت تتمايل بفستانها الأبيض، يراقصها الآخر بامتلاكٍ ظاهر، دون أن تلتفت للواقف أمامها، الذي اغرورقت عيناه بالدموع ندمًا. لم تُعره أي اهتمام، وظلّت تضحك في وجهه وهي تمضي في فرحها، والآخر يمسكها ويهمس في أذنها.
بدأ جبينه يتصبب عرقًا، وصدره يتراقص تحت وطأة ضربات قلبه العنيفة، حتى بدأت أنفاسه تنتظم من جديد.
على الجانب الآخر، نهضت فزعة، تصرخ باسمه. كان حلماً غريبًا يزورها لأول مرة منذ افتراقهما.
هرعت والدتها إلى غرفتها فور أن سمعت صراخها، جلست إلى جوارها تربّت عليها، وبدأت تتهدّى بالبسملة وتتلو بعض آيات من القرآن:
– بسم الله، حلم يا حبيبتي، حلم. نامي يا ضنايا، يلا.
ابتلعت ريقها وهي تتصبّب عرقًا من جبينها، تلهث في خوف وتردد بصوتٍ مرتجف:
– ش… شوفته يا ماما… دخل إيده… مسك قلبه بين إيديه… خرّجه من جسمه… وقدمه ليا… ووقع ميت قدامي! مات يا ماما! أنا… أنا خ خايفة أوي…
هتفت نبيلة، وغمّة تخنق قلبها دون أن تفهم مصدرها:
– عقلك الباطن اللي هيّألك كده. ارجعي نامي، ومفيش حاجة إن شاء الله.
عادت إلى النوم مجددًا، وراحت والدتها تمرّر يدها على خصلات شعرها، تواصل ترتيل بعض الآيات حتى لاحظت انتظام أنفاسها، ثم غفت هي الأخرى إلى جانبها، حتى الصباح.
يتبع
تفتكروا هتقدر تسامحه ولا هتسمع كلام الطبيب هدفك قدامك مش وراكي؟؟؟؟
منتظرة توقعاتكم
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله الجزء الاول 1من هناااااااااا
الرواية كامله الجزء الثاني 2من هناااااااااا
الرواية كامله الجزء الثالث 3من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا