رواية خيانه الفصل العاشر 10بقلم أمل مصطفى حصريه وجديده على مدونة قصر الروايات
رواية خيانه الفصل العاشر 10بقلم أمل مصطفى حصريه وجديده على مدونة قصر الروايات
ركضت صباح بخوف عندما وجدت الجيران مجتمعين تحت منزلهم. اعتصر الخوف قلبها، وظنّت أن مكروهًا قد حدث لابنتها. لم تسأل أحدًا، بل صعدت السلم بسرعة.
دلفت إلى الشقة لتجد الباب مفتوحًا على مصراعيه، وماهر فاقد الوعي في صالة المنزل، غارق في دمائه!
أطلقت صرخة فزع وهي تضرب صدرها بجزع، مما دفع جارتها للدخول خلفها، يصحبها بعض من الجيران الذين تجمّعوا تحت المنزل عندما سمعوا صراخ هاجر.
توجهت صباح إلى المطبخ، لتجد هاجر وآدم جاثيين على الأرض، يبكيان في أحضان بعضهما، وملابس هاجر ممزقة! لطمت صباح خدها وهي تصرخ:
– "حصل إيه؟ بنتي جرالها إيه؟ يا آدم، رد عليّ! إيه اللي حصل يا ابني؟!"
نهض آدم دون أن يتفوه بكلمة، خلع تيشيرته وألبسه لهاجر، ثم حملها إلى غرفتها، وعاد إلى ماهر. جذبه من شعره وجرجره معه على السلم بلا رحمة ولا شفقة... فهو لا يستحقها. والجميع كان ينظر في صمت إلى المشهد المشحون بالغضب.
صرخ بصوتٍ عالٍ:
– "حمااااده!"
جاءه شاب في نفس عمر هاجر تقريبًا، فطلب منه إحضار حبل غليظ، قائلًا بحدة:
– "عندي دَبِيحة ولازم تتعلّق!"
ابتسم الشاب وقال:
– "من عيوني... ثواني ويكون عندك."
تجمّع حوله شباب الحارة، فقد كان محبوبًا من الجميع، تربّى بينهم، واشتهر بأصله الطيب وشهامته ومساعدته للناس.
سأله أحد الرجال:
– "إيه اللي حصل يا ابني؟"
رد آدم بغضب، ونار الغيرة تشتعل في صدره:
– "الوسخ ده دخلته بيتي... أمانة على أهلي! وفي النهاية استغل غيابنا وتهجّم على أختي! حاول يتحرّش بيها، وأنا لازم أربيه... وأحزن أهله عليه!"
هتف الجميع تأييدًا:
– "عندك حق، وإحنا معاك..."
صرخ آدم وهو يغلي:
– "أنا راجل، وأعرف آخد حق أهلي بدراعي!"
أخذ الحبل من يد الشاب، وربطه في سور البلكونة، ثم بدأ يضرب ماهر بعنف، كأنه ينتقم منه ومن نفسه... لأنه أدخله حياتها.
❈-❈-❈
في ڤيلا عمرو
قابلته الدادة حليمة بلهفة:
– "عمرو بيه! يا عمرو بيه!"
التفت إليها متسائلًا:
– "خير يا دادة؟ في حاجة؟"
كان القلق واضحًا على وجهها وهي تفرك يديها:
– "ريم هانم ما رجعتش لحد دلوقتي!"
نظر في ساعته وشعر بالقلق هو الآخر.
– "متأكدة؟ ممكن تكون فوق وإنتِ ما شوفتيهاش!"
هتفت حليمة بنفي قاطع:
– "مش ممكن! لازم تطلّ عليّ قبل ما تطلع."
سألها بضيق:
– "طب ليه استنيتي لحد دلوقتي؟ ليه ما كلمتنيش؟"
ردت بحرج:
– "خفت أسبب بينكم مشاكل... بقالها معانا شهور، وأول مرة تتأخر كده. تليفونها بيرن بس مش بترد!"
صعد عمرو السلم بسرعة، دخل غرفتها وهو يناديها، ثم اتصل بها ولم يجد ردًا. نزل إلى مكتبه وفتح اللابتوب، فقد وضع على هاتفها برنامج تتبّع لأنه لا يثق في النساء. بحث لثوانٍ، ثم رفع هاتفه وعقد حاجبيه باستغراب... كانت في مكان بعيد! إلي حد ما
أخذ مفاتيحه وانطلق بسيارته بسرعة جنونية. كلما اقترب من المكان، زاد القلق في صدره. وصل بعد فترة، ثم نزل من السيارة وبيده كشاف، يتتبّع النقطة الحمراء على الجهاز. اقترب من أحد القبور، ووجدها مستلقية دون حراك.
وضع يده على عنقها ليطمئن... تنفّست! شعر بالراحة للحظة.
حملها وتوجه بها إلى السيارة، وضعها في الخلف، وحاول إفاقتها لكنها لم تستجب. كانت ملابسها متّسخة، والدموع ممتزجة بالتراب، تاركة أثرًا على وجهها.
وصل إلى البيت، فاستقبلته الدادة بلهفة:
– "مالها؟ جرالها إيه؟"
أجاب عمرو باختناق:
– "مش وقته يا دادة... تعالي ساعديها تغيّر وتاخد شاور. لاقيتها في المقابر!"
وضعها على الفراش، وقرب منها زجاجة العطر، حتى بدأت في فتح عينيها.
قال وهو ينهض:
– "هنزل أجيب لها عصير."
جلس جوارها على الفراش. فتحت عينيها بتعب، ثم أغلقتهما مرة أخرى، لكنه همس:
– "ريم... افتحي عيونك، فوقي!"
فتحتهم مجددًا على صوته، وجدته قريبًا منها، يبدو عليه الغضب. ابتعدت عنه، بينما هو يسأل بحدة:
– "كنتي بتعملي إيه في المقابر لحد دلوقتي؟! وإزاي تروحي من غير إذني؟!"
تحدثت بحزن:
– "كنت بزور أهلي... وحشوني. وإنت مش مهتم بيا علشان أقولك! ولو كنت قلت، برده مش بترد عليّ..."
رد بحدة، يخفي بها قلقه:
– "أفترضي كان حصلك حاجة؟ الوقت كان إيه؟ والعمل؟!"
رفعت عينيها ونظرت إليه بحزن:
– "مش هتفرق كتير... اهو تخلّص من حملي."
ثم سألت باهتمام:
– "بس... إنت عرفت مكاني إزاي؟"
وقف بغضب، دون أن يجيبها، ثم صاح:
– "أول وآخر مرة تروحي مكان من غير إذني... فاهمة؟ ولا لأ؟!"
وغادر الغرفة بضيق
بينما ريم نكست رأسها بوجع كانت تتمني أن يبرد نار قلبها بكلمه واحدة فقط "تفرقي معي"
❈-❈-❈
هناك عند هاجر
بكت في حضن أمّها وهي ترتعش من الخوف، وكلما تذكّرت ما تعرّضت له من انتهاك، ازداد ارتجافها.
كان والدها واقفًا في ذهول، مصدومًا مما حدث لابنته في غيابه، يحمد ربّه في سرّه أن آدم وصل في الوقت المناسب وأنقذها من ذلك الذئب البشري.
دلف آدم إلى الغرفة، يحمل في عينيه نظرات ألم وندم عميق.
احتضنه والد هاجر بقوة، وقال بصوت مختنق:
– ربنا يخليك لينا، إنت انقذت شرفنا بعد ربنا.
زفر آدم وهو يتأمّل حالة هاجر بحزن، ثم هتف بصدق:
– هاجر حتّة مني يا عمي، واللي يبصّلها أخلع عيونه بإيدي.
تدخلت صباح بتوتر وخوف عليه، وقالت:
– بس كده، أهله مش هيسكتوا يا آدم بعد ما بهدلت ابنهم وعلّقته بالشكل ده!
صرخ آدم وهو يشعر بالدم يغلي في عروقه:
– مايقدروش يعملوا حاجة! كل الحارة هتشهد إن ابنهم غلطان، وسمعوا صريخ هاجر وشافوني وأنا جاي أجري علشان أطمن عليها!
ثم تابع بنبرة حنونة:
– ممكن تسبوني معاها شوية؟
استجابوا لطلبه وتركوا الغرفة دون نقاش. جلس على الكرسي جوارها، وهي عاجزة عن رفع عينيها نحوه.
تحدث بحنان:
– ارفعي راسك يا هاجر وبصيلي... أنا آدم. يعني لو اتكسفتي من الكون كله، تتداري فيا أنا.
نظرت إليه بدموع، وقد بدأ شعور الأمان يعود إليها، ذاك الإحساس الذي لطالما منحها إياه منذ نعومة أظافرها.
تعلقت عيناه المتوترة بعينيها الخجولتين، ثم فاجأها بسؤال لم تكن تتوقّعه:
– هو أنا... لو طلبت إيدك من عمي، ممكن توافقي عليّا؟
نكّست رأسها، وسألته بانكسار:
– عايز تستر عليّا، مش كده؟ بعد ما سيرتي بقت على كل لسان!
تحدث بغضب:
– هشّ! هشّ! ماتقوليش كده! ماحدش يقدر يجيب سيرتك بكلمة وأنا موجود!
شردت بخيالها، فقد كانت تنتظر هذا الطلب منذ سنين. لو أنه جاء في يومٍ غير هذا، لكانت أسعد مَن في الوجود، ولأطلقت الدنيا زغاريد وفرحًا... لكن الآن؟ الآن تشعر أن طلبه يؤلمها.
تمنّت الموت على أن يراها في الوضع الذي وجدها عليه.
هتفت بحزن:
– طب ليه الوقت ده؟ ليه النهارده؟ ما أنا معاك من سنين... وراح فين حبك لريم
رد آدم بتسرّع، وكأنه يخشى أن تضيع منه هذه الفرصة أو أن يعود لغبائه القديم:
– علشان بعشقك!
قالت بعدم تصديق:
– بتعشقني؟ في واحد يعشق وحدة يطلب منها تطلب ايد صحبتها ليه أو كل يوم يجيب لها عريس؟
هتف بصدق ::
عمر ما واحدة دخلت قلبي غيرك لا ريم ولا غيرها لفتت نظري بس كنت بتمتع بغيظك مني بكذب علي نفسي واقول ممكن تغير عليا وتحبني
ثم زفر بقوة، كأنه يحاول طرد توترٍ ثقيل كامن بصدره، وتحدث بهدوء:
– إنتي عارفة... أنا دخلت بيتكم وأنا عندي عشر سنين.
مامتك فضلت سنين من غير خَلَف، ولما أمي توفت، عرضت على أبويا تاخدني وتخفف عنه الحمل. كانت خايفة عليا من مراته الجديدة، وبما إنه مش عايزني، فرِح وسابني ليها.
من يومها... ما فكّرش يسأل عليّا، كأني مش ابنه.
لاقيت مع أبوكي الحب والحنان اللي فقدته من أبويا
رغم إنهم راحوا لدكاترة كتير، وفضلوا سنين من غير أطفال لكن
المعجزه اللي حصلت أن خالتي طلعت حامل بعد ما جيت قعدت معاها بشهرين
يومها باباك قالي ربنا يخليك لينا يا وش الخير والهنا وبعدها بسنة... إنتي شرفتي.
من يوم ما عرفت إن خالتي حامل، اعتبرتك ملكية خاصة ليا.
كنت بعد الأيام على وصولك... حبيتك قبل ما أشوفك، ويوم ما شفتك وإنتي لسه حمرا وصغيرة و بتعيّطي، عرفت إنك نصيبي.
كل يوم بتكبري قدامي، كنت بتعلّق بيكي أكتر.
شاركت خالتي في تربيتك، بأكلك، و أغيرلك، وكل يوم بيعدي، حبك بيكبر جوايا.
بس لما استوعبت فرق السن... حسّيت إني بظلمك، فقررت أسيب البيت. يمكن أقدر أبعد عنك... بس ماعرفتش.
لما نجحتي في تالتة إعدادي، و جيتي تجري عليا، و حضنتيني، وقتها مشاعري اتحركت لأول مرة.
وقتها تأكدت إن وجودنا مع بعض خطر...
زادت رغبتي في الخروج من البيت، خفت عليكي من نفسي. او مشاعري تنفلت مني واخسر الراجل والست اللي ربنا عوضني بيهم عن الدنيا كلها
متخيّلة يعني إيه أحبك، وإنتي لسه ما تكونتيش؟
مش سهل عليا أتحكم في مشاعري دي...
كل عريس بييجي و ترفضيه، قلبي بيرقص بين ضلوعي.
ولما وافقتي على الجبان ده... كنت هتجنن!
معقول تضيع مني بعد تعب السنين دي؟ طب إفرض حبّيته؟ كنت هعمل إيه؟ أنا ممكن أموت فيها!
لحد ما...
(أغمض عينيه بألم، ثم أكمل:)
وقتها بس فوقت، وقلت مش ممكن تروحي مني. حتى لو رفضتي ارتباطك بيا علشان فرق السن، برده هتجوزك... غصب عنك.
نظر لها بهوس عاشق، و أضاف:
– عرفتي ليه أنا كنت بحارب نفسي؟ ومافيش في الكون أصعب من حرب النفس... علشان كده ثوابها كبير!
استمعت إليه وهي تشعر أنها على وشك فقدان وعيها. هل ما تسمعه حقيقة؟
بكت، ثم هتفت:
– أنا... الموت كان عندي أهون من إني أكون لراجل غيرك.
أنا وافقت، يمكن تغيّر عليّا أو تهتم بمشاعري الحقيقية ناحيتك.
فاكرة إن حبك ليا زي حب الأخ لأخته... وكل ما تكلمني علي ريم الفكرة تزيد جوايا واحس ان قربت اتجنن
نظر لها بذهول، وقال:
– يعني... إنتي كمان حاسّة نفس إحساسي بيكي؟
هتفت بعشق:
– حاسّة... و عايشة كل اللي جواك جوايا.
أنا بعشقك... أكتر منك!
لم يستطع أن يمنع نفسه تلك المرة، فقام و ضمّها إلى أحضانه، وهو ينادي على خالته.
دخلت هي وزوجها بخوف، ليفاجأوا به يحتضنها بسعادة، ويوجه كلامه لزوج خالته قائلًا:
– هات المأذون... أنا هتجوّز!
❈-❈-❈
خرج الجميع من الغرفة، تاركين لها مساحة لالتقاط أنفاسها واستيعاب ما حدث.
جلست وحدها للحظات، ثم أمسكت بهاتفها واتصلت بصديقتيها، وقد غمرتها سعادة لا توصف.
هتفت بصوت مرتعش من الفرح:
– بنات، باركولي! باركولي! أنا أسعد إنسانة في الوجود!
ردّت ريم وجنى معًا بقلق:
– خير؟! إيه اللي حصل؟
صرخت بحماس وهي تكاد لا تُصدق نفسها:
– أبو الهول نطق... اعترف بحبه، يااااه أخيرًا! أنا مش مصدقة!
ضحكت ريم وقالت بسعادة:
– ألف ألف مبروك يا قلبي!
بينما عقّبت جنى باستغراب:
– يعني هو بيحبك فجأة كده؟! أمال العرسان اللي داخلين وخارجين دول كانوا إيه؟
ابتسمت هاجر ابتسامة حالمة، ثم بدأت تقصّ عليهما ما حدث بالتفصيل.
صُدمت ريم وجنى، وتساءلتا معًا بقلق:
– وأنتِ كويسة؟ ليه ما قولتيش اللي حصل؟
قالت بصوت خافت وهي تغالب دموعها:
– أنا بخير، الحمد لله... ثم أجهشت بالبكاء، وأضافت:
– كنت هضيع وأتفضح... منه لله، لولا آدم لحقني، كنت انتهيت.
بكتا معها، وقد شاركاهما وجعها، فقالت جنى بغضب:
– الحيوان! لو كنت شُفته، كنت قطعته بإسنانّي!
ابتسمت هاجر رغم دموعها، وقالت بحب:
– آدم... علّقه على البلكونة.
ردّت ريم بخشوع:
– الحمد لله إنك بخير يا حبيبتي... ربنا دايمًا بيكون السبب في الخير.
– ونِعْم بالله... فعلاً، لو ما كانش اللي حصل حصل، عمر آدم ما كان اعترف بحبه، وكنا هنعيش أنا وهو في عذاب.
كان خايف أرفضه علشان فرق السن... هو أكبر مني بـ11 سنة.
تحوّل حزنها إلى فرحة، وهتفت بحماس وهي تُبشرهما:
– هنكتب الكتاب بكرة، ولازم تكونوا موجودين! هو كان عايز يكتبه النهارده، بس أنا رفضت علشان تكونوا معايا في أهم يوم في حياتي.
قالتا معًا:
– تمام، هنكون عندك من الصبح.
❈-❈-❈
في وقتٍ لاحق، عاودت هاجر الاتصال بريم، لكن هذه المرة على انفراد، بعيدًا عن جنى.
قالت لها بصوت خفيض وفضولي:
– ريم... حبيبتي، عملتي اللي قلت لك عليه؟
أتاها صوت ريم من الجهة الأخرى رافضًا:
– لا طبعًا!
هتفت هاجر برجاء صادق:
– عشان خاطري، خلّصي الموضوع ده النهارده... نفسي نعيش الحب سوا، إحنا التلاتة.
ردّت ريم بخجل وتردّد:
– بس ده مش حب... وأنا اتكسفت أعمل كده، خايفة يفهمني غلط. علاقتنا مش ناقصة توتر.
قالت هاجر بلهجة مشجعة:
– لا، توكلي على الله... ونحضّر إحنا التلاتة برجالتنا سوا!
ضحكتا، ثم اختتمت هاجر الحديث بحب:
– تصبحي على خير يا قلبي.
❈-❈-❈
ظلت تدور حول نفسها في غرفتها، يعتصرها التردد، تفكّر في اقتراح هاجر... وفي العواقب التي قد تترتب عليه.
هل سيرضخ لها؟ أم أن الهوة بينهما ستتسع أكثر، ويتضاعف الجفاء؟
كانت الحيرة تقتلها. تشتهي فقط خطوة واحدة، تقرّبها منه، تُشعرها بأنها لا تزال على قيد الحياة .
غير أن صوتًا داخليًا آخر كان يحذّرها... ينذرها بأنها قد تعود مكسورة الخاطر، مهشّمة القلب.
عاد متأخرًا، كعادته منذ زواجهما.
يجد في الهروب، وفي عدم البقاء معها في ذات المكان، نوعًا من الأمان...
أمانٌ يُبعده عن تلك البذرة التي نبتت داخله تجاهها، والتي يخشى أن تتحوّل إلى شجرة كبيرة لا يمكن اقتلاعها.
دخل غرفته و أشعل الإضاءة، تفاجأ بها نائمة على فراشه كأنها ملاك.
"ريم..." كم تملك من جمالٍ يُربك قلب أي رجل، مهما بلغت قوته وصلابته...
لكن ليس هو.
لقد أصبح أسيرًا لظلامٍ قاتم داخله، ظلام لا ينفع معه مجرد ضوء شمعة...
ظلام يبتلع كل شيء، يمنعه من رؤية الصباح، مهما أشرقت شمسه.
اقترب من الفراش، فتجمّد في مكانه عندما رأى ما ترتديه.
تمنّى، للحظة، أن ينسى... أن يعيش معها، أن يلمسها فقط، ليشعر بنعومة جسدها، وبرقة شعرها الحريري.
لكن سواد قلبه تحكّم به... وغضبه تغلّب عليه.
صرخ باسمها بصوتٍ عالٍ، جعلها تنتفض فزعًا، تستيقظ مشوشة، لا تدري ما يحدث.
خرج صوته كأنما أتى من الجحيم، ناريًّا يحرقها بلا رحمة:
– بتعملي إيه في أوضتي؟!
همست بكلماتٍ مهزوزة، صوتها بالكاد يُسمع:
– أنا... أنا كنت مستنياك، بس... نمت غصب عني...
نظر إلى ما ترتديه، وابتلع ريقه بغضب مكتوم، ثم صاح بازدراء:
– وإيه القرف اللي انتي لابساه ده؟!
قالت بتوتر، محاولة تبرير ما لا يُبرر:
– ده... ده قميص نوم...
صرخ في وجهها، غاضبًا كمن أُهين في كرامته:
– ما أنا عارف إنه زفت! لبساه ليه؟! ونايمة في أوضتي ليه؟!
هتفت بخوف من ردة فعله:
– أصل واحدة صاحبتي كانت بتقول يعني... كانت تقصد إن... إن يعني...
هتف بنفاد صبر، قاطعًا ترددها:
– هااا! مش هنخلص إحنا النهارده؟!
اعتدلت في جلستها، تحاول ستر نفسها بارتباك. همست وهي تُخفض عينيها، كأنها تخجل من نفسها:
– يعني... في رجالة بتحب الست هي اللي تبتدي... علشان يحس برجولته...
اتسعت عيناه في ذهول، ثم جذبها من ذراعها بعنف، و أنزلها من الفراش وهو يزمجر:
– هو أنتي قلتي إيه لصاحبتك عني؟!
ثم أكمل بانفجار غاضب:
– ردي عليّا! قولتي لصاحبتك إني مش راجل؟!
انتفضت بين يديه، تهتف وسط دموعها وخوفها:
– لا والله! أنا ما قلتش حاجة! ولا قلت لحد! هي اللي كانت بتحكي!
اقترب منها، تتطاير من عينيه نيران غضبه، لتتراجع هي بخوف...
تُدرك في تلك اللحظة أنها، بيديها، كتبت نهايتها.
❈-❈-❈
وقفت ريم ترتجف، ودموعها تنهمر على وجنتيها، وهي تحاول الدفاع عن نفسها: "لا والله! أنا ما قلتلها حاجة، ولا قلت لحد. هي اللي كانت بتحكي عن جوزها."
صرخ فيها بغضب شديد: "وإنتِ إزاي يا محترمة تسمعي واحدة تحكي عن علاقتها بجوزها؟ خلاص؟ ما فيش عندك حياء؟"
ردت ريم محاولة التبرير: "لا والله! هي اتكلمت الكلمتين دول بس، وأنا..."
قاطعها بحدة وهو يقبض على أعصابه: "آه! قولتي بقى أعمل زيها، يمكن أبو ريالة يضعف ويلمسك. مش كده؟ يبقى ما تعرفنيش! أنا بكره الحريم... بشمئز منهم."
نظرت إليه ريم بوجع، والأسئلة تعصف برأسها: لماذا ارتبط بها وهو يبغض جنس حواء بهذا الشكل؟ لمَ لا ينظر في عينيها يرى هذا الحنين الذي يذيب ذلك البرود في نظرته، ويحوّله لوهج من العشق ينير ظلمة قلبه؟
أفاقت على صوته القوي وهو يهتف بحسم: "أنا هعديلك اللي حصل؛ لأن واثق إنك مش من النوع ده. بس أوعدك... لو الموقف ده اتكرر، هكون مطلقك! يلا... غوري من وشي!"
ردت برعب وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة: "حاضر... حاضر." وانحنت تلتقط روبها، ترتديه بسرعة محاولة الهرب من غضبه.
تابع هو خروجها ببرود، وزفر بقوة عندما أغلقت الباب خلفها. كأن وجودها كان يمنع عنه الهواء، بل إن هيئتها سلبت أنفاسه. ومهما حاول السيطرة على مشاعره والتحكم بها، يبقى في النهاية آدم، وخلق الله في داخله مشاعر لحواء.
جلس على طرف الفراش، وصورتها لا تفارق خياله. لعنها في سره، ولعن براءتها التي حرّكت مشاعره وجعلتها تتصرف دون حساب. يعلم أن ما فعلته تطلّب منها قوة قهرية حتى تجلس أمامه بتلك الملابس.
لكن عقله وقلبه يؤكدان له أنها مجرد حية تنتظر لحظة الانقضاض لتزهق روحه.
أما ريم، فقد خرجت من الغرفة وهي تلعن نفسها التي رخصتها لتلك الدرجة. ندمت أنها نفّذت نصيحة هاجر. دلفت إلى غرفتها وهي ترتعش، تشعر بالحزن والندم على ما حدث منها ومعه. لقد فقدت ثقتها بنفسها من نفوره المستمر منها.
❈-❈-❈
مرَّ الليل عليها ثقيلاً، وهي لا تعرف كيف ستواجهه بعد ما حدث بينهما في الأمس. فكرت في الخروج دون أن يراها، لكنها تذكرت خطوبة هاجر، ولا بد من أخذ إذنه قبل الذهاب.
نزلت السلم بخطوات مترددة، تكاد تذوب من الخجل بسبب ما حدث بينهما في المساء. توجهت إلى مكان جلوسه، وألقت عليه تحية الصباح وهي تخفض عينيها.
ترك ما بيده ونظر إليها ليرى مدى إحساسها بالخزي. سألها بجفاء: "خير... في حاجة؟"
بينما هو مازال متأثر من هيئتها
الغريب أنهم يتدربوا تدريبات قصوي علي ضبط النفس أمام تلك الاغرائات
لكن لا يعلم كيف فعلتها وهزته من الداخل وهذا يعد معجزه لأنه ملك البرود واللا مبالاة
هتفت بصوت منخفض: "كتب كتاب هاجر صديقتي النهارده... عايزة أكون معاها."
سألها باستفهام: "يعني عايزة تروحي بعد الكلية؟"
ردت بنفي: "لا، عايزة أروح من دلوقتي... الموضوع حصل بسرعة و ملحقتش تجهز نفسها."
سألها ببرود: "هترجعي الساعة كام؟"
ردت: "كتب الكتاب هيكون بعد المغرب... شوف إنت عايزني أرجع الساعة كام."
نظر لها بتفكير: "الساعة 8."
ردت ريم باحترام: "حاضر... بعد إذنك."
توجهت إلى باب الخروج، لتجد جنة برفقة خالد في السيارة. ترجلت جنة من السيارة و استقبلتها بابتسامة واسعة، احتضنوا بعضهما بسعادة.
جلست ريم في الخلف، وهي تلقي التحية على خالد الذي رد بابتسامة، معترضًا على كلمة "باشا"، وطلب منها أن ترفع الألقاب لأنها أخت له وزوجة أخيه.
قالت ريم بلطف: "شرف كبير ليا يكون ليا أخ زيك."
صرخت جنة بحماس: "أنا مش مصدقة! أخيرًا ربنا كتب لها الراحة بعد العذاب ده! بقينا كلنا بنعيش الحب."
نظرت لها ريم بحزن دفين، وقالت: "الحمد لله."
قاطعها صوت خالد المرح: "الباشا لسه موجود ولا خرج؟"
أجابته ريم بابتسامة باهتة: "موجود... وأنا طلبت من جنة تدخلوا شوية، بس هي رفضت."
هتف خالد برجاء: "ياريت تحنني قلب معاليه علينا... ده منشف دمنا ومش عطينا فرصة ناخد نفسنا!"
ضحكت ريم بخفوت: "أنت أقرب له مني... وصيه عليا بقى."
نظر خالد لها عبر المرآة، وقال بنبرة جادة: "مافيش حد أقرب لراجل من مراته."
حاولت ريم تغيير دفة الحديث حتى لا تلاحظ جنة ارتباكها: "مش قصدي كده... أنا قصدي إنكم عشرة سنين، فاهمين بعض أكتر... وليك دلال عليه."
هتف خالد بإحباط: "مافيش حد ليه دلال على جوزك! ساعة الشغل بينسى إننا أصحابه
توقف عن الحديث، ثم نظر إليها مجددًا، وكأن كلماته تحمل في طياتها معنى أعمق مما يبدو.
يتبع
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا