سكريبت نور يونس كامل وحصري لمدونة قصر الروايات
سكريبت نور يونس كامل وحصري لمدونة قصر الروايات
-ايه يا يونس هو انا مفيش مره اشوفك غير وانت سرحان كده؟
بصتلها وانا مستغرب ازاي انسان يبقي فيه كل الطاقه و الإقبال ع الحياه ده،
ابتسمت و قولتلها:
_اعمل ايه بقي يا ليلي مانا مش حيوي زيك كده و دايما دماغي شغلاني..
ابتسمتلي ابتسامتها اللي بتخلي الشمس تشرق جوايا و هي بتقول:
-الدنيا ابسط من كل العك اللي بيحصل جوا دماغك ده يا صاحبي صدقني،
لو قعدت تحسب لكل صغيره و كبيره كده صدقني انت اللي هتتعب.
ضحكت بخفوت و كسرت نظرتي ليها:
_وأنا بقى من غير العك اللي في دماغي ده هبقى مين؟
حاسس اني اتخلقت عشان أفكّر كتير واتعب أكتر.
اتنهدت وهي بترفع شعرها وراه وقعدت جنبي كأن وجودها جنب قلبي بيهدي الهوجان اللي جوا دماغي:
-يا يونس… انت مش فاهم قيمة نفسك.
انت شايف إن دماغك عليها حمل، بس أنا شايفاه عقل بيخاف على الناس أكتر ما بيخاف على نفسه.
بس الخوف لما بيزيد… بيكسر.
سكتُّ لحظة، وانا ببص على الأرض كأن الكلام لمس حاجه جوا مني كنت دايمًا بهرب منها:
_وانتِ… مش بتخافي؟
مش بتحسي إن الدنيا ممكن في لحظة تاخد منك كل حاجه؟
بصتلي بعيون واسعة، فيها نور وتعب سنين:
-بخاف… طبعًا بخاف.
بس أنا اخترت أعيش.
اخترت أضحك، أفرح، أحب، أتوجع… بس أعيش.
وإنت بقى…
هتفضل تعيش تراقب الحياة من بعيد؟ ولا هتجرب تمسك إيدي وتمشي؟
حسّيت قلبي بينط من صدري.
مددت إيدي ببطء…
ولأول مرة من زمان… لقيت حد مستنيني.
ولسه قبل ما ألمسها، ابتسمت وقالت:
-قوم يا يونس…
قوم نعيش حتى لو لحظة.
مديت إيدي… ولما لمست إيديها، حسّيت إن في حاجة اتفتحت جوّا قلبي من زمان مقفول.
وبصراحة… ماكنتش فاهم إزاي حصل كل ده…
إزاي واحدة زي ليلي، ضحكتها بتنور المكان كله، عيونها اللي فيها براءة وفهم مع بعض…
دخلت حياتي كده فجأة، من غير استئذان، زي نور الشمس اللي بيتسلل من شق باب مغلق.
افتكرت أول مرة شفتها…
كانت قاعدة لوحدها في الكافيه اللي دايمًا بروح له، وبتقرا كتاب.
ماكنتش واخد بالي مني…
بس طريقة جلوسها، طريقة تركيزها، خلّتني أقف على بعد خطوات… وأراقب.
كنت فاكر إني هابقى مجرد متفرج…
بس هي، من غير ما تعرف، بدأت تكسر كل الحواجز حواليّ.
ومش فاكر بالظبط إمتى… يمكن من اللحظة اللي ابتسمت فيها ليّا بالصدفة،
ولا لما سألتني سؤال غريب عن حاجة بسيطة…
بس بطريقة خليتني أحس إن حد فاهمني أكتر من أي حد قبلها…
ومن وقتها… كل يوم، كل لحظة، هي موجودة في دماغي، من غير ما أديها الحق تسأل.
وبصراحة… أنا دايمًا كنت متعود أعيش في عالمي…
أفكر كتير، أخاف كتير، أبعد كتير…
بس ليلي… خلت الحياة تبقى ممكنة.
خليتني أصدق إن فيه ناس بتدخل حياتك كده…
من غير ما تستأذن بس تبقى سبب إنك تفتح قلبك حتى شوية.
ولأول مرة وأنا ماسك إيديها، حسّيت إن العالم كله ممكن يقف…
مفيش خوف… مفيش هروب…
بس بساطة وجودها خلاني أعيش اللحظة، واحبس كل اللي فات في مكان بعيد.
---
كانت الشمس بتغرب ببطء، ضيّها بيتمدّد على وشّ ليلي ويديها لون دافئ يخليك تنسى الدنيا لحظة.
كنا قاعدين على السور جنب النهر، والنسيم بيعدّي من بين شعرها كأنه بيحاول يلعب معاها…
بس رغم المشهد الحلو ده، كان في حاجة غلط.
ضحكتها النهاردة مش كاملة.
عينها فيها حاجة مطفية… حاجة بتلمع بس مش من الفرح.
قعدت أبصّ عليها من بعيد، بس في الآخر مقدرتش أسكت.
_مالك يا ليلي؟
ضحكت بخفة… ضحكة باينة قوي إنها هروب مش راحة:
-أنا؟ ولا حاجة… يوم طويل خلاص.
قربت منها شوية، من غير ما ألمسها… بس كأن جسمي بيتحرك ناحيتها لوحده. _ليلي… أنا بقيت أعرف ضحكتك كويس.
ضحكتك لما بتفرحي غير ضحكتك لما بتهربي…
وانتِ النهاردة بتهربي.
نزلت عينيها للأرض، والصمت وقع بينا زي حجر نزل الميّة.
فضلت ساكتة… دقيقة، دقيقتين…
وبعدين قالت بصوت منخفض، صوت عمره ما سمعته منها قبل كده:
-عارف يا يونس…
الناس فاكرة إن أنا قوية.
فاكرة إن الضحك ده طبيعة… وإن الطاقة اللي عندي مش بتنتهي.
اتسعت عينيها وهي بتبص قدامها، مش عليا.
كأنها أخيرًا بتواجه حاجة من غير ما تلفّ حواليها:
-بس الحقيقة…
أنا بخاف قوي.
بخاف من الوحدة… ومن الفقد… ومن الأيام اللي بتاخد منك حاجات من غير ما تستأذن.
وبخاف أكتر… إني في يوم أصحى وملاقينش حد يهون عليّ.
اتجمدت.
مش عشان الكلام…
لكن عشان دي أول مرة أشوف ليلي من غير القناع اللي الناس كلها شايفاه.
_ليه مقلتيش كده قبل كده؟
بصّتلي ببطء، وفي عنيها وجع هادي… وجع متربي جواها بقاله سنين:
-لإن…
لو قلت لحد إني بخاف… هيشوفني أقل.
والناس بتحبك لما تبقى مصدر ضحك… مش لما تبقى محتاج حضن.
سكتت لحظة، وبعدين ابتسمت ابتسامة باهتة:
-وأنا…
أنا زهقت من إني أبقى قوية طول الوقت.
حسّيت قلبي بيتوجع ليها… وجعتين في نفس اللحظة:
وجع إني شايف أول مرة ليلي الحقيقة…
ووجع إني معرفتش أمد إيدي وأقول لها من زمان: "انتي مش لوحدك."
قربت منها أكتر، صوتي يطلع من صدري بشق الأنفس:
_ليلي لو كل الناس مش شايفينك…
أنا شايفك.
شايف خوفك، ووجعك، وضحكتك… وكل الحاجات اللي بتحاولي تخبيها.
ومش هبعد.
بصتلي، وكانت دي أول مرة أشوف الدموع واقفة على حافة رموشها.
مسحت دمعتها بسرعة وهي بتضحك بخجل:
-شايف؟ حتى وأنا بعيّط بضحك…
شكلها عادة خلاص.
قربت إيدي من إيديها… لكنها هي اللي مسكتني الأول.
مسكت إيديّ كأنها مش عايزة كلمة… بس عايزة وجود.
وقالت بصوت واطي حقيقي…
-هتفضل هنا حتى لو خوفت؟
رفعت راسها وبصيتلها من غير تردد:
_حتى لو خوفتي وأنا كمان خوفت…
هفضل هنا.
وساعتها…
عرفت إن لحظة الصدق اللي بينا دي أهم بكتير من أي "بحبك".
لإن أعمق حب بيتولد من حاجات صغيرة…
زي دمعة مكبوتة… واعتراف طالع من القلب… وإيدين ماسكين بعض من غير شروط.
---
من بعدها… من الليلة اللي ليلي اعترفت فيها بخوفها، الدنيا اتغيرت.
مش فجأة… لأ.
لكن حاجة صغيرة كانت بتتحرك جوايا كل يوم، كأن باب اتفتح، وأنا مش قادر ولا عايز أقفله تاني.
بقيت أصحى الصبح… أول حاجة تدور في دماغي صورتها.
ضحكتها.
صوتها وهي بتقول اسمي.
طريقة كلامها اللي بتدي للحياة معنى ماكنتش بشوفه قبل كده.
وأنا؟
ماكنتش أنا…
أو يمكن… كنت أنا الحقيقي اللي مخبيّاه جوا كل الحيطان اللي بنيتها حوالي قلبي.
بقيت أكلمها أكتر… أخرج من منطقتي اللي مفيهاش غير صمت وخوف.
بقيت أروح الأماكن اللي هي بتحبّها…
أمشي معاها في الشوارع اللي بتحس فيها بالأمان…
وأتفرّج عليها وهي بتضحك للناس، للحياة، لنسمة هوا…
ومع كل لحظة، كنت بحس إنّي بتغيّر…
إنّي ببقى أخفّ…
إنّي بتسرّب من الخوف زي المية اللي بتلاقي طريقها مهما كانت الصخرة كبيرة.
---
لكن أكتر لحظة فهمت فيها هي أثرت عليّ قد إيه…
كانت يوم وقفت قدّامي فجأة وقالت:
-يونس… انت بتضحك كتير الفترة دي.
انت واخد بالك؟
ضحكت… مش ضحكة خايفة.
ضحكة طالعة من قلب مليان بيها.
_يمكن عشان الفترة دي… في حد…
حد مخلّيني شايف الدنيا غير الأول.
سكتت… وبصت في عينيّ نظرة غريبة.
نظرة فيها سؤال، وفيها خوف، وفيها أمل…
ومكنتش لسه قادر أجاوبها…
لسه مش جاهز أقول اللي قلبي بيصرخ بيه.
---
مرت أيام…
وكل يوم كنت بحس إنّي بقرب منها خطوة، وبقرب لنفسي خطوة تانية.
بقيت لما أسمع صوتها، أحس إنّي مرتاح… ولو حتى النهار كله كان خانق.
وبقيت ليلي… مش مجرد بنت دخلت حياتي.
بقت الحياة نفسها.
---
وفي ليلة من الليالي، ليلي اتصلت بيا وقالتلي بصوتها اللي مهما حاولت أهرب منه… بيلحقني:
-تعالى عند العماره اللي بنقف ع السطح فيها… عايزاك تشوف حاجة.
روحت…
وأول ما وصلت، لقتها واقفة على السطح، قميص واسع، شعرها سايب، وعيونها بتلمع بالليل.
-بص.
رفعت عينيا للسماء…
كانت النجوم متزاحمة، كأنها جاية مخصوص تتفرج علينا.
قالت بهدوء:
-عارف ليه بحب النجوم؟
لإن مهما الدنيا كانت ظلام… النور بيلاقي طريقه.
بصيتلها…
ووقتها…
وقتها بس حسّيت إن الخوف اللي ماسكني سنين بيتهزّ.
_ليلي…
انتِ النور اللي لقاني.
لفت تبصّلي…
ومكنتش ناوي أقولها حاجة دلوقتي.
ولا كنت محضّر كلمة.
بس حسّيت إن قلبي طالع من مكانه.
قربت منها…
خطوة، اتنين، لحد ما بقيت سامع أنفاسها.
_ليلي… أنا عمري ما كنت النوع اللي يعترف بسهولة.
عمري ما عرفت أقول مشاعري… ولا افهمها حتى.
بس لما انتي دخلتي حياتي…
بقيت فاهم كل حاجة.
كانت بتتنفس بسرعة…
وبتحاول تهرب من عينيّ… بس مكنتش سايب لها فرصة.
_كل يوم كنتي بتغيريني… من غير ما تطلبي.
بتيجي على خوفي وتكسريه…
على قلبي وتفتحيه…
على وحدتي وتخلّيني أشوف إنّي أستاهل أبقى مع حد.
اتسعت عنيها… وانعكس فيهم النور…
نورها هي.
_أنا…
أنا وقعت فيكي قبل ما أخد بالي.
قبل ما أسأل نفسي حتى.
وقعت في ضحكتك… في خوفك… في قوتك…
وفي الطريقة اللي بتخليني أعيش بدل ما أتفرج.
فضلت ساكت لحظة…
وبعدين قلتها من غير لفّ، من غير خوف:
_ليلي… أنا بحبك.
مش حب عادي…
ده حب اللي لقى نفسه في حد.
حب اللي لقى حياته…
ومش عايز يعيش غير معاها.
اتجمدت…
ولقيت دموع بتنزل من غير ما تنطق ولا كلمة.
مددت إيدي… ولمست خدّها بهدوء، كأني بلمس حاجة أغلى من روحي.
_ولو اليوم ده جِه…
اللي تقدري فيه تختاريني…
أنا…
أنا عايز أكمل بقيّة حياتي معاكي.
مع ضحكتك… بخوفك… بوجودك.
مش عشان محتاج حد ينقذني…
لأ.
عشان انتي المكان اللي روحي لقت فيه راحة لأول مرة.
رفعت وشّها…
وعيونها كلها دموع وفرح وخضة:
-يونس…
انت واخد بالك… انك لسه من شوية كنت خايف؟
ابتسمت…
_ولأول مرة… الخوف مش مانعني.
الخوف… بيخليني أتمسّك بيكي أكتر.
وقربت…
وقربت هي كمان…
لحد ما اللحظة اختفت…
والعالم كله بقى نفس واحد…
واتحطّ بينا اعتراف عمره ما هيتكرر.
---
من بعد الليلة اللي اعترفتلها فيها… الليلة اللي حسيت فيها إن قلبي أخيرًا نطق…
العلاقة بينا بقت أعمق، أهدى، وأنضج.
بس…
كان لسه في خطوة واقفة قدامي زَيّ جبل…
خطوة عمري ما تخيلت نفسي أعملها.
مقابلة أهلها.
ليلي قالتها كده ببساطة، الصبح وهي ماسكة كباية القهوة وبترسم دايرة بإصبعها على الترابيزة:
-يونس…
عايزاك تيجي معايا النهاردة البيت.
عايزاك تتعرف على أهلي.
كأن الدنيا وقفت.
_أهلك…؟
-أهلي يا يونس.
مش معقول أقرب ناس في حياتي ما يعرفوش الشخص اللي قلبي اختاره؟
فضلت أبصّ لها كأنها بتطلب مني أطير…
مش أقابل أهلها.
_بس أنا…
انتِ عارفاني…
أنا بخاف من الناس، بخاف أغلط…
ومش عارف أكون الشخص اللي يرضّي كل الناس.
قربت، وحطت إيدها على إيدي، وقالت بصوت دافي بيهدي الخراب اللي جوايا:
-أنا مش عايزاك تبقى الشخص اللي يرضّي الكل…
أنا عايزاك تبقى يونس.
يونس اللي أنا اخترته وبس.
وساعتها… عرفت إن مفيش مفر.
أنا لازم أروح.
---
روّحت بدري أتجهّز…
وقفت قدام المراية فترة طويلة، لابس قميص بسيط، ومضطرب.
مش خايف من المقابلة…
بقدر خوفي إن حد منهم يبصّ له ويقول: "ده؟ ده اللي انتي اخترتيه؟"
روحت.
---
أول ما دخلت البيت حسيت إن الدنيا ضيقة شوية.
ريحة أكل دافيّة… صوت كلام… خطوات من جوه…
وقلب بيخبط كأنه بيهرب.
ليلي مسكت إيدي بسرعة، وقالت همس:
-ماتخافش.
أنا معااك.
دخلنا الصالون…
لقيت راجل واقف، ووشّه ثابت… وعيونه بتقراّني زي كتاب مفتوح.
وأمّها قاعدة جنبه، بتبتسم ابتسامة لطيفة، بس متحفّظة.
-ده يونس.
قالتها ليلي بفخر بسيط… فخر خلاني أقف أعدل ضهري من غير ما أخد بالي.
أبوها مدّ إيده…
مدّيت إيدي أنا كمان، وإيديا بتعرق.
-أهلاً يا ابني.
سمعت كلمة "يا ابني"… ومش عارف ليه… قلبي وجعني.
يمكن لأني من زمان ماسمعتهاش من حد.
أمها قربت:
-أهلًا يا يونس… ليلي قالت عنك كلام كتير.
بصيت لليلي بسرعة…
قالتلي بعينيها: ما تقلقش… كلام حلو.
---
قعدنا…
وبدأ التحقيق.
-بتشتغل إيه يا يونس؟
-خططك إيه للمستقبل؟
-إنت قادر تتحمّل مسئولية علاقة؟
-وبنتي، ناوي على إيه معاها؟
كنت بجاوب…
مش بتفوق، لكن بصدق.
عمري ما كنت شخص يعرف يجمّل الكلام.
بس كنت شايف ليلي قاعدة جنبي، وشايف عنيها كل شوية تبصّ عليا نظرة تشجّعني…
نظرة كأنها بتقول: أنا معاك… ماتخفش.
وأكتر لحظة أثّرت فيّا…
كانت لما أبوها سألتني:
-وإنتَ ليه عايز تبقى مع بنتي؟
إيه اللي شايفه فيها؟
سكتّ…
وبصّيت لليلي.
وبعدين بصّيت له.
_عشان هي أكتر حد عرفني بجد.
عرفت خوفي، وعرفت ضعفي… ومبعدتش.
ولأول مرة حسّيت إنّي مش محتاج أبقى نسخة أحسن من نفسي…
أنا معاها بكون أنا…
وده بالنسبالي نعمة.
سكتّ.
والدنيا سكتت معايا.
أبوها بص لليلي…
ولقيته لأول مرة يبتسم، ابتسامة صغيرة… لكنها حقيقية.
-واضح إنك بتحبها فعلاً.
ارتاحت مش راحة كاملة…
لكن راحة كفاية للجملة اللي جاية.
ليلي بصتلي بعيونها و ابتسمت..
وبسمتها دي كانت أهم من أي موافقة.
---
وفي آخر اليوم…
وأنا خارج، أمها قربت منّي، وقالت بهمس:
-خد بالك منها يا يونس.
هي ضحكتها حلوة… بس قلبها حساس اوي.
بصتلها بثبات لأول مرة:
_أوعدك.
ولما خرجنا من البيت، ليلي ما قدرتش تمسك نفسها…
حضنتني فجأة علي السلم، حضن مليان فرحة وخوف ارتاح.
-يونس انت كنت هايل.
هايل بجد.
ضحكت…
_عشانك.
ومن اللحظة دي حسّيت إن اللي جاي أكبر من أي خوف.
---
ما كنتش أتخيل إن اليوم اللي هقف فيه قدّام ليلي وأنا لابس بدلة الجواز هييجي…
ولا كنت أتخيل إن قلبي هيبقى هادي بالشكل ده. طول عمري بخاف…
بخاف من الخسارة، من الارتباط، من إني أفرّط في حد…
بس معاها؟ كنت ببقى متطمن بطريقة عمري ما فهمتها غير لما الزمن مرّ بينا.
فاكر اللحظة اللي دخلت فيها القاعة… كان صوت الموسيقى عالي، بس صوت قلبي كان أعلى من الدنيا. وقفت على الممر الطويل، مستني الباب يتفتح… ولما اتفتح؟ شُفت ليلي.
كانت ماشية ناحيتي بخطوات بطيئة، فستانها الأبيض ماكانش هو اللي خطفني… اللي خطفني نظرتها. النظرة اللي قالتلي "أنا هنا… وباختيار".
ومن ساعتها وإحنا ماشيين جنب بعض، إيد في إيد.
---
أيام الجواز الأولى مكانتش كاملة… بس كانت حقيقية.
ليلي كانت بتصحيني الصبح تعمللي قهوتي وتقوللي:
ــ قوم، الدنيا مستنياك.
وأنا؟ كنت بشوف في ابتسامتها السبب الوحيد اللي بيخليني أفضل أقوى من خوفي.
اتعلمت منها إن البيت مش أربع حيطة…
البيت هو اللي يجمع اتنين اختاروا يشيلوا بعض، مش يكملوا بس.
---
فاكر أول خناقة؟
كانت بسيطة بس أنا كبّرتها بخوفي…
كنت فاكر إنها هتسيبني، بس هي قربت مني، وحطت إيديها على وشي وقالتلي:
ــ يونس… أنا مش أي حد. أنا ليلي.
وعرفت وقتها إنّي مبقاش ينفع أهرب من حد بيحبني بالشكل ده.
---
عدّى الوقت، وبقينا بنكبر مع بعض.
بنحلم سوا ونخاف سوا…
بنضحك على تفاهات… وبنعيط في ليالي طويلة بس بنقوم تاني.
ليلي، هي الشخص اللي لما بشوفه بحس إن الدنيا مهما لخبطتني، آخرها حضنها.
هي اللي بتفهم سكوتي قبل كلامي…
وتفهم خوفي قبل ما أعترف بيه.
---
وبعد سنة من جوازنا… رحنا مكان على البحر.
قعدنا على الرملة، صوت الموج بيخبط قدامنا، وهي عاملاني وسادة فوق كتفها.
قلت لها:
ــ فاكرة يوم اعترفتلك؟ كنت مرعوب.
ضحكت وقالتلي:
ــ وأنا كنت مستنياك… أصلاً.
سكت شوية وبصيت للسما، وقلت لها:
ــ ليلي… تعرفي إن كل اللي فات من عمري ملوش معنى قدّ دقيقة معاكي؟
إنتي مش بس حب، إنتي حياة كاملة.
قامت وبصتلي نظرة، النظرة اللي اتأكدت منها إن كل
الطرق اللي مشيت فيها كانت عشان أوصل هنا… ليها.
---
دلوقتي، وإحنا بنقفل آخر صفحة في الحكاية دي…
أقدر أقول وأنا متطمن…
إن يونس اللي كان طول عمره خايف، لقى أخيرًا مكان يخبّي فيه خوفه.
ولقى قلب يحبه زي ما هو، مش زي ما المفروض يكون.
ووجد حياة تبدأ بأسم:
ليلي.
---
"النهاية"..

تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا