القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

 

2سكريبت حصري لمدونة قصر الروايات 







2سكريبت حصري لمدونة قصر الروايات 




_ هيخطب يا مروة!

ملامح مروة كان باين عليها الخضة من شكلي الباكي

وعيوني المحمرة من واقع قاسي هي مكنتش فاهمة حصل ايه يوصلني للمرحلة دي من الإنهيار 

شدتني لجوه ناحية الأوضة الخاصة بيها وقعدتني على السرير وهي بتتكلم بقلق وبتمسح على وشي

_ اهدي يا رقية وخدي نفس وفهميني براحة 

بحاول آخد أنفاسي المهدورة

وبحاول أهدي قلبي الموجوع 

من مرارة حُب كاذب!

ومن بشر مُخادع!

_ نادر هيخطب، خالتو كانت عندنا انهاردة وكانت بتعرف ماما إنه هيخطب طب وأنا!

اتكلمت المرة دي بهدوء وأنا بمسح دموعي بس لسه شهقاتي لسه بتخرج؛ فاتكلمت مروة:

_أولا اهدي كده وخدي نفسك، ثانيًا احنا متوقعناش منه حاجة صح؟

هو كان شخص كلمنجي، بيفضل يبعت رسائل مش أكتر 

_ بس هو كان دائمًا بيقول كلام لطيف وكان بيلمح ليا أنا مش هبلة

وافقتني بكلامها الهادي:

_ ماشي أنا معاكِ وأنتِ صدتيه فعلا كذا مرة وحطيتي حدود من الأول وهو لما لاقاكي مش بتتجاوبي سابك؛ لأنه شخص ميستحقش بنوتة زيك هو اللي خسر يا رِقة!

كانت بتحاول تلفت نظري للنقطة دي وكأن بسبب حلاوة مشاعر أنا جربتها وعيشتها نستني إنه للأسف فعلا ما أَقدمش على أي شيء رسمي 

كان بيبعت كلام إعجاب بطريقة غير مباشرة وتلميحات وأنا كنت بعمل نفسي مش فاهمة أو بصده بطريقة غير مُباشرة

_ أنا بس كان عاجبني إحساس إني مرغوبة وإني ممكن أتحب وأعيش اللحظات دي، كان نفسي أحس بالحب بس نسيت إن ده مش مكاني

حضنتني مروة وهي بتطبطب على ضهري بكل حنية وقالتلي:

_ لاء رقية أنتِ تستاهلي كل الحب، بس حُبك العفيف محتاج اللي يستاهله وهو مكنش يستاهله... صدقيني حَبيبك اللي هيفضل على العالم كُله أكيد هيجي ومستنيكي في الدُنيا الكبيرة دي عشان تكوني العالم اللي بيلجأ ليه من أذى البشر، أنتِ تستحقي كل الحلو يا رِقة.


_________________________


ماشية في الطريق بهيلز سودا

وفستان فضي عليه طرحه سودا 

وبالرغم من فوقاني إلا إن مشاعري من كتر اضطرابها حاسة إني عيوني هتغمض وأقع في الأرض من كتر ارهاقي

أنا حزينة 

مُرهقة

فاقدة لشغفي

روحت الخطوبة وحاولت أثيت لنفسي إني مش هتأثر 

بس أنا اتوجعت

ابتسامته وهو واقف جنبها

عيونهُ وهي بتبص ليها بفرحة

رقصهم سوا

مقدرتش أقف وأكمل 

أنا مش شخص سيء 

بس أنا اتخدعت

خدت جُرعة من مشاعر كان نفسي أجربها والنتيجة،

بقيت ماشية في الشوارع بجر أذيال الخيبة بعد ما مشيت لوحدي متحججة إني تعبانة

وصدقوا بسبب الإرهاق الباين في عيوني

دخلت العمارة وطلعت للدور التاني ووقفت قدام باب مروة بخبط بضعف، في اللحظة دي كنت شاكرة لمحاضرات مروة الأونلاين اللي هتخليني أجي وألاقيها وخلتها متجيش الخطوبة؛ نسيت أعرفكم كلنا في نفس العمارة

_ ايه ده رجعتي بدري كده ليه

دخلت جوه عندها وقعدت على أول كنبة قابلتني وده لعلمي إن مامتها لسه في الخطوبة، قربت مني مروة وهي بتحط كفها على راسي تشوف حرارتي لأن باين عليا التعب وقالت بقلق:

_ مالك يا رقية، مفيش حرارة بس شكلك تعبان تعالي نروح نكشف طيب 

مسكت ايدها وأنا بقول بضعف:

_ أنا كويسة شوية إرهاق بس

روحي أنتِ بس شوفي محاضراتك وأنا هقعد لحد ما يرجعوا محبتش أقعد لوحدي

أخدتني في أحضانها وقالت بتصميم:

_ في داهية المحاضرات المهم أنتِ، أنا عارفة إن الموضوع أكيد كان صعب عليكي وحاسة إن قلبك اتدغدغ مية حتة وبتحاولي تفهمي ليه 

بس هي دي الدنيا يا رِقة دروس وأحيانا دروسها بتبقى بتوجع بس صدقيني هتعدي وأنا هِنا

وهسيبك تعيطي وتنهاري دلوقتي بس من بكرة مش هيبقى فيه رقية دي تاني 

هترجعي رقية اللي المرح ماليها

ومن بعدها فتحت في العياط وكأني بخرج كل مخزوني من الدموع ومعاها كل المشاعر الكدّابة.


_________________________


مَرّ أسبوعين بدأت أتعافىٰ فيهم 

مروة كانت معايا دايما 

ماسبتش ايدي للحظة 

بدأت أرجع أضحك

وأوزع ابتسامات

رِجعت أناكف في الكل من جديد 

فترة مُعالجتي لنفسي ما طالتش ولما استغربت كالعادة مروة فهمتني:

_ أنتِ يا رقية كنتِ عاوزة تجربي الحُب و الإهتمام وتعيشي مشاعر زي اللي حواليكي؛ فدَه كُله كان مجرد تجربة ومرَت 

فعلا كانت تجربة

أو شبه تجربة

اتعلمت فيها أتمسك بمبادئي

وإن مش لازم أكون زي اللي حواليا...

صليت العشا وجهزت الشاي بالقرنفل وأخدت الصنية وروحت اتجاه باب مروة بعد ما عرفت ماما ورنيت الجرس وقعدت على السلم اللي بيأدي للدور الثالث ومسكت الفنجان بتاعي أشرب منه بهدوء 

خرجت مروة بإسدالها الأسود المتزين بنجوم بيضا وقعد جنبي وأخدت فنجانها وبدأت تشرب بهدوء وهي بتقول براحة:

_ الشاي بالقرنفل بيصلح حاجات مبوظهاش بجد

_ عمايل ايديا 

بصتلي بعدم فهم وهي بتسأل:

_ ثم؟

رفعت راسي بشموخ وقلت بفخر وكأني عملت اختراع خارق:

_يعني تشكريني، تقولي واو رِقة عمتهم

_ دي وكستهم!

_ ولما أجيبك من شعرك؟

بس تعرفي كان الشاي هيبقى تحفة لو شاي بحبيب 

صرخت في وشي بغيظ:

_ يخرابي يخرابي هتشلينـ.ـي

مبتتعظيش

ردة فعلها خلاني أنكمش وقولت وأنا بحاول أعدل كلماتي:

_ شاي بحليب بحليب أنتِ اللي سمعتي غلط!

نفخت بغيظ وقالت:

_ شغلي يلا البلاي ليست بتاعت الأغاني قبل ما الشاي يخلص أبو شكلك

بصيت ليها بقرف وفتحت الموبايل وشغلت الأغاني المُفضلة لينا بعد ما شيلت منها الميوزك عشان نتجنب الذنوب، من ساعة ما نقلت للعمارة دي بعد وفاة والدي من وأنا في ابتدائي ومروة صاحبتي بسبب الجيرة ومع الوقت بقينا إخوات وقاعدة السلم دي هي قعدتنا المُفضلة من لما كنا أطفال

ولأن الدور اللي فوقنا بتاع خالتي واللي فوقهم ناس يقربوا لمروة فكنا بنقعد عادي بدون كسوف لأن العمارة كلها تعرف بعضها

صدح صوت من التيلفون وكانت أغنية لعبد الحليم 


أهواك

وأتمنى لو أنساك

وأنسى روحي وياك 

وإن ضاعت يبقى فداك 

لو تنساني 

 فضلت أدندن زي العبيطة بإبتسامة هبلة مرسومة على وشي ومش ملاحظة نظرات مروة اللي نفسها تمسك راسي تخبطها في الحيطة

_ ايه يا بت الإندماج ده 

_ بعيش الحالة يوه!

_ عيشي يا أختي عيشي ربنا يشفيكي

حطيت المج على الصينية وأنا بقول بقلة حيلة:

_ قاعدة مستنية قرة عيني اللي هيرفص معايا عليها 

_ يا بت أنتِ هبلة!

_ لاء يا مروة بلاش ظلم الظلم وِحش

أنا بس قاعدة مستنية راعي النصيب اللي هبقى من بخته هياخد بنوتة كتكوتة

فضلت باصة ليا وهي حاطة رأسها على جنب وكأنها بتتأكد إني طبيعية بس أنا فعلا طبيعية أنا برجع تاني ليا 

ومسحت اللي قبل الأسبوعين بأستيكة

أنا دلوقتي فرحانة

شغفي بيتجدد

روحي بتتنفس

_________________________


القطة المشمسية 

حلوة بس شقية

نطت حتة نطة 

أكلت ور.ك البطة

سوسو ليه زعلانة 

هي اللي غلطانة

راجعة من التدريب رجلي مش شيلاني بس هل ده يمنع إني وأنا طالعة السلالم مدندنش!

ودي الأغنية اللي جت في دماغي

والحقيقة إن لما بحاول أهون على نفسي بحاول أفتكر أي ذكريات من طفولتي

_ أنا غلطانة فعلا إني مصاحبة واحدة تافهة

كان صوت مروة الساخر فرديت عليها بتريقة:

_لاء والبت ناضجة أوي بلاش أفضحك احنا واقفين على السلم!

_ جيبي أخرك

وقبل ما أرد حد اتكلم وكان صوت شاب وصوت أول مرة أسمعه

_ هاتوا آخر بعض بعيد، عاوز أعدي

لفيت أشوف مين بيتكلم كان شخص مش عارفاه بس لقيت مروة بتتكلم بهدوء وهي بتوجه ليه كلامها:

_ ازيك يا إياد 

طلعت السلمة ووقفت جنب مروة أو تقريبا كان نصي وراها

أنا مش بحب أتعامل مع أغراب

وبسكت مش بفتح بُقي

_ أنتِ جاي لخالتو ميادة

هز ليها راسه وعدى من جنبنا وطلع للدور الأخير عند طنط ميادة

مسكت طرف الكم بتاع مروة أشده وأسألها مين ده جاوبتني بهدوء:

أنتِ عارفة إن طنط ميادة تبقى بنت عم ماما والإتنين راضعين على بعض فما كده أختها، وطنط ميادة عندها أخت فبالتالي ده يبقى ابن خالتي عشان أمي رضعت على طنط ميادة وأختها بردو

وقفتها بسرعة وأنا بقول:

_آه يا دماغي كفاية يا ماما مش عاوزة أعرف

صحيح ايه اللي موقفك؟

_ شُفتك وأنتِ جاية على أول الشارع فقولت يا بت أخرجي استنيها وأسأليها على يومها

حضنتها بعد جملتها

حضنها بالنسبة ليا الدفا والأمان

كل ما الدنيا بتصعبها عليا 

مروة بتكون الكتف اللي بيسندني

_________________________


عدى شهر ورجعت فيه البت الغتتة زي ما مروة بتقولي

بس هي بتقول كده من ورا قلبها 

بس اللي جد إن "إياد" ده 

بقى قاعد مع طنط ميادة لأن مامته سافرت وسابته لخالته وطنط ميادة بنتها صغيرة فمكنش فيه مشكلة

وده طبعًا عرفته من مروة

جهزت الشاي بالقرنفل وخرجت أخبط عليها وقعدت على السلم خلاص الموضوع بقى روتيني بس روتيني مسكر

بس المج أشرب منه وكام ثانية والباب اتفتح فقولت بِـ سخرية:

_ ما لسه بدري يا هانم

وكان الجواب صوت حمحمة خِشنة وكأنها خارجة من راجل!

يا كسفتي

رفعت عيني بتوتر ولقيته واقف بيبص عليا 

ويحاول يمنع بسمته بس غمازاته فضحته

وعينه الزرقاء بتلمع من دموع اللي حابسها لو ضحك

_ يا قليلة الأدب!

_ نعم!

رفعت صباعي وأنا بشاور عليا:

_ متقولش صوتي كان عالي؟

وقبل ما يرد خرجت مروة وهي بتقول:

_مدخلتيش ليه؟ هاتي الشاي وتعالي يلا

_ تعالي خديه أنتِ، أنا بنهار داخليا

وعديت من جنبها ودخلت لجوه سلمت على مامتها وطنط ميادة وقعدت بهدوء بفرك ايدي من التوتر 

ومخدتش بالي من نور الصغيرة وهي واقفة قدامي ومستياني أشيلها زي العادة 

منتبهتش غير لما مروة جت قعدت جنبي وحطت الصينية على الترابيزة ونغزتني:

_ يا عديمة الدم البت واقفة قدامك مستنياكِ تاخديها على رجلك زي ما عودتيها 

_ يا روحي حقك عليا تعالي

شلتها بسرعة أول ما أخدت بالي وبدأت ألاعبها

أنا شخص بيضعف قدام الأطفال 

بحبهم وبحب ريحتهم

وبحبهم لأنهم بيحبوني

يمكن الكُبار مليش مكان بينهم

بس دايما الأطفال بيثبتوا ليا عكس ده 

_ ايه قطعنا عليكم قعدة السلم

_ متقوليش كده يا طنط ميادة ده كفاية إن احنا هنقعد معاكي

_ والله يا بت يا رِقة إنك زي العسل

كانت قاعدة لطيفة مليان هزار وضحك ونظرات من اللي اسمه إياد 

المرة دي منجرفتش ورا مشاعري وبصيت ليه بقرف

استغرب نظراتي بس هو اللي يستاهل

وبعد ما روحت عرفت مروة 

كالعادة يعني وساعتها عرفتني إنها فخورة عشان ممشيتش تاني ورا مشاعر ممكن تكون كدابة

_________________________


_ آنسة رقية ممكن لحظة

كان هو من غيره يعني وفقني على السلم وأنا طالعة وقبل ما أعترض اتكلم بسرعة:

_ مش هاخد من وقتك كتير

بستأذنك بس برقم عمك

بصيت ليه بعدم فهم وسألت:

_ليه؟

_ عاوز أتقدم ليكي

_ حاضر ثانية أطلع التليفــ... نعـــــم!

اتكلم بسرعة:

_ في ايه أنا رايدك في الحلال حتى

فضلت ساكتة فقال بملاعبة:

_ ده أنا أسمراني وبعيون ملونة يعني قطيعة مش هتلاقي منها كتير

_ قطيعة! يع

نادى بصوت عالي على مروة اللي اكتشفت إنها واقفة من بدري

_ تعالي خدي صاحبتك، مش عاوز منكم حاجة 

هجيب الرقم بمعرفتي ويا أنا يا أنتِ!

قالها بعصبية ضحكتني بصراحة ومروة أخدتني وطلعت بيا وقالت بثبات:

_ وافقي عليه.

_ نعم؟

_ صدقيني بيحبك وده الحب اللي أنتِ مستنياه، لما كلمتيني على نظراته هزقته ووقتها عرفني إنه هو مش بتاع الكلام  ده وإن غصب عنه نظراته خانته وعشان كده جه يتقدم تاني يوم علطول

_ بس..

_ عارفة إنك عاوزة قصة حب بس هو بيحبك الواد فاجأني بكمية معلومات عنك 

هديه ده بيحبك

سكت لوهلة وقلت:

_لو جه إن شاء الله 

_ منا جاي كده كده ولازق

انتفضت على صوته وكمل هو

_ بتحبي الشكولاتة ولا الورد

أنا بقول أجيب الإتنين


نهاية الحكاية بتكون البداية لحياة جديدة 








سكريبت 2


_ الشاي بالقرنفل ده بيصلح حاجات مبوظهاش بجد.

غمغمت بتلك الجملة بعد ارتشافها من المشروب بسعادة 

أجابتها صديقتها مؤكدة:

_ بصراحة عندك حق، نشكرك على الميكس الجامد ده

_ أقل ما عندي يا هانم بس أنتِ اللي مش مُدركة قُدراتي

وكالعادة تمتمت صديقتها وهي تُقلدها بسخافة مما جعل «هَنا» تضحك على ملامح صديقتها

ولحظة واستكانت كلتاهما تُشاهدان السُحب التي غطت السماء رغم أنهم في فصل الصيف!


فقط رياح خفيفة، وأصوات عصافيرٍ عديدة

وأفئدةٌ تجلس هُنا تُشاهد من على أميال

وعقلٌ قرر أن يأخذ هُدنة من تلك الحياة المُعقدة، وجسدٌ أصبح يتخذ من الراحة سبيلًا لأجل نفسهِ


و الجلوس هنا على تلك المقاعد في وسط البلد يجعل كل اضطراباتهم تهدأ

_ تفتكري يا هَنا السُحب في وسط الجو الحر ده بتدي الأمل 

همهت لها تجيبها:

_ كل حاجة يا هُدى بتدي أمل

أبسط مثال شُرب الشاي بالقرنفل فالوقت ده، قِدرنا نغلب الضغط اليومي ونيجي هنا ونصفي عقلنا

اقتنعت الأخرى بحديثها

_ ايه أخبار شغلك يا هَنا

_ كويس، أو أنا اللي بحاول أمشي الدُنيا

عقدت «هدى» حاجبيها من كلماتها وسألتها بإهتمام:

_ في حاجة مضيقاكي ولا ايه؟

لو في حاجة مزعلاكي أو نفسك تحكي أنا هِنا

نفت الأخرى برأسها وأضافت بحديثها:

_ ضغط الشغل عادي، بس المدير بقالهُ فترة قارش مَلْحِتي منهُ لهُ منهُ لهُ

ضحكت صديقتها على حديثها 

وقضيا معظم وقتها بين الحديث والضحك والتأمل

حتى مرت نصف ساعة تقريبًا 

وقررا الذهاب لمنازلهم بعد جلستهم اللطيفة سويًا التي تُزيل عنهم هموم ما يُعاشينه في بعض فترات حياتهم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


سماءٌ مشرقة

وغيومٌ ناصعة البياض 

وهواء خفيف يُرطب على القلوب التي تألمت من وقائع الحياة، ونسمات تُصيب أرواح أرهقتها رحلة البحث فتُرطب عليها من حرارة المسير

وصلت للشركة وأخيرًا بالرغم من الطريق المزدحم ووصلت للمكتب الخاص بها وأخرجت سماعة رأسها وبدأت بتشغيل إحدى أغانيها المُفضلة بعدما نزعت الموسيقى منها ووضعتها على رأسها وبدأت في العمل على التصميم الجديد 

ما مِن أغصان

تبقى عاريةً بردًا

حتى آخر الزمان

ما من أحزان

تبقى جارفة دهرًا

إلا ويغيبها النسيان

ما مِن ظلام 

يبقى يغطي الدنيا

إلا ويبدده النور


قطع اندماجها مع الكلمات والعمل أمامها تلك اليد التي خبطت على الطاولة أمامها هي بالطبع لم تسمع الصوت ولكن رأت اليد التي جعلتها تنتفض من المفاجأة 

وعندما رفعت أنظارها نحو الشخص تمتمت:

الليل بحاله هل علينا، ربنا يُستر

_ بتبرطمي بايه؟ 

_ مش ببرطم يا فندم، اتفضل في حاجة 

_ في حاجات مش حاجة، التصميم اللي بعتيه معجبش العميل وده من أهم عُملائنا ممكن أفهم ايه الإستهتار ده 

وبعدين لما بنشتغل مبنشغلش حاجة احنا بنقعد مركزين عشان لو حد خبط أو جه يكلمنا

أنتِ بجد إنسانة مُستهترة، وبأسلوبك ده رفدك هيبقى على ايدي عشان هِنا مفيش مكان للكُسلة والمستهترين.

كان يصرخ، وحديثه فظ ضغط على أوتارها بالفعل 

خرج وتركها مصدومة من حديثه؛ فهي لم تكن يومًا بالمستهترة لقد ظلمها وأوجع فؤادها حاولت كتم شهقتها التي كادت تفلت منها وأخذت نفسًا عميقًا يصاحبه إمساكها بورقةٍ بيضاء تخط عليها استقالتها... هي الآن ستتخلى عن حلمها


_ مستر زين جوا يا رُوفيدة

_ آه ثانيـة... مالك يا هنا عينك محمرة ليه؟

حاولت الأخرىٰ مُدارة وجهها ولكن فات الآوان؛ فقد اقترب منها «رُوفيدة» تُربت عليها مُرددة:

_ مالك بس، وايه الورقة دي

_ هستقيل

قالتها مُقررة وكأن حروفها تنبع بالقوة بالرغم من قسوة ما تشعر

_ تستقيلي ايه بس اهدي كده، مش ده المجال اللي كان حلمك تشتغلي فيه ازاي هتسيبي كل حاجة كده!

في هذه اللحظة أدمعت عينا المسكينة من ما تشعر فَـ قالت بصوتٍ متحشرج:

_ أعمل ايه طيب الدنيا صعبة بس أنا حاولت أكمل مكنتش متوقعة الضغط البشع ده بس استحملت، بس هو ظلمني

_ ظلمك ازاي؟

_ دخل يزعق ليا وقال عليا مستهترة، لو كان سألني قبل ما يهزق وخلاص كان هيعرف إن أنا بعد لما بعت للكلاينت التصميم سألتهُ لو محتاج تعديل وقتها قالي لاء بس هو حاول يتقرب مني فصديته فَـ قرر يشتكيني لمديري 

أنا اتهزقت ظلم وأنا مستهلش كده

احتضنتها صديقتها وهي تحاول تهدأتها ولكن الأخرى صَعُبت عليها نفسها بعد كل ما تبذله من جهد

_ آنسة هنا تعالي على المكتب بعد اذنك

كان صوت المدير الذي فصل هذه اللحظة، وعقب جملته دلف لغرفة مكتبهِ دون انتظار الرد حتى!

شجعتها صديقتها على الدلوف؛ فمسحت دموعها وأخذت عدة أنفاس ومن ثم دخلت إليه بعدما طرقت الباب وسمح لها بالدخول فوقفت أمام المكتب تضم يدها بهدوء فقال «زين» بهدوء:

_ اتفضلي يا آنسة هَنا عاوزة أتكلم معاكي

_ أولًا أنا آسف على طريقتي السيئة معاكِ ممكن متزعليش

رفعت رأسها مصدومة من أسفهِ وطريقته الهادئة هذه الغير مُعتادة وهو لاحظ نظراتها تلك بالفعل فـتحدث مُعقبًا:

_ أنا كنت متعصب وعصبيتي دي طلعت عليكي أنا آسف المفروض مكنتش أعمل كده

وحقك من العميل ده هيجي لحد عندك صدقيني.

_ محصلش حاجة يا مستر، بس ممكن تمضيلي على ورقة الإستقالة؟

_ يبقى أنتِ لسه مضايقة، ممكن نبدأ صفحة جديدة ووعد هكون شخص لطيف

وده مش هيتكرر تاني

تنفست هي بعمق ومن ثم أجابت بهدوء:

_ أنا مُقدرة أسف حضرتك ده وإنك اعترفت بخطأك وعشان كده بتمنى إنك تتغير عشان نفسك وعشان الكل هِنا يحبك ويحبوا يشتغلوا من قلبهم مش لمجرد وجود الضغط

وأتمنى حضرتك تفتكر إن احنا مش مسئوليين ولا مضطرين نخضع لأسلوب سيء بسبب عصبية ملناش دخل فيها.

_ حاضر يا هَنا وشكرا على كلامك، خلاص صافي يا لبن؟

_ حليب يا قشطة

قالتها بضحكة لطيفة ظهرت على محياها وضيق عينيها الذي يظهر ابتسامتها 

ولمعتهم اللطيفة عند شعورها بالسكينة


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


« هدوء كان يستحق الإنتظار بحق!»


_ هَنا محتاجة خدمة ضروري 

_ في ايه يا هدى خضتيني

_ عندي مشوار ضروري ينفع أجبلك يوسف الشركة عشان ميتبهدلش معايا؟

أخذت الأخرى نفسًا بعد سماعها لكلمات صديقتها وقالت:

_ الخضة دي عشان كده، هاتيه يا ستي عادي كده كده احنا واخدين على بعض

شكرتها «هدى» وأغلقت معاها بينما هي عادت للعمل مرةً أخرى ومن ثم استقامت بعد مدة تذهب للمدير لتريه هذا التصميم الذي أصر على رويته

_ اتفضل

_ ممكن أدخل؟

ضحك هو بخفة مرددا:

_ أنتِ دخلتي فعلا، متكشريش كده طيب... محتاجة حاجة؟

نفت برأسها واقتربت تريه عملها بينما هو دقق بنظره وأردف:

_ تحفة جدًا، بس ممكن نخلي اللون أفتح ونخلي الخط كوفي بس براڤو 

ابتسمت هي على طريقة انتقاده تلك؛ فهو صار أهدأ وأكثر ألفة في التعامل ما عاد كما السابق يتسم بالجمود والجميع صار يحبه ويتقبله

_ تمام، عن إذنك

_ هَنا...

وقبل إكماله كان هاتفها يدق فاستأذنت منه للرد وسمح لها

_ طيب أنا نازلة بسرعة أهو متوترنيش

وأغلقت الخط وقالت سريعًا أثناء خروجها:

_ هعمل كل اللي قُلت عليه يا مستر عن إذنك 

وقبل أن يسألها عن ما يحدث فسرعتها تلك غير مبررة من وجهة نظره كانت خرجت بالفعل

_ چو حبيب عيوني عامل ايه؟

_ كويس، أنتِ عاملة ايه؟

داعبت خصلاته مرددة:

_ زي الفل وخاصة لما شُفتك

يلا سلام يا هدى وسبيني أنا وحبيبي.

ودعاها بينما هي أخذت الصغير وصعدت به لمكتبها وطلبت لهُ مخبوزات بالشكولاتة وبعض الحليب

_ اتفضل يا سيدي كل واستمتع يا حبيبي 

_ شكرا يا هَنا

ابتسمت لهُ وبدأت تشاهدهُ وهو يتناول الطعام ويشاهد الرسوم المتحركة التي قامت بتشغيلها لهُ ومن ثم عادت لـ تنهي ما بدأت وبعد قليل من الوقت استقامت ورددت بلطف:

_ يوسف أنا هروح للمدير أوريه حاجة، تقعد تستناني هِنا؟

نفى الصغير بقوله:

_ لا، خديني معاكي مش عاوز أبقى لوحدي

_ حاضر يلا بينا يا سُكر إنت.

أمسكت بكفهِ الصغير الرقيق بينما هو ضغط بكفه على كفها في حركة منهُ أنه يشعر بالأمان

وهكذا كانت هنا دائما محط الحُب للصغار، يعشقونها ويحبون اللعب معها

_ روفيدة خلي يوسف معاكي لحد ما أدخل لمستر زين

هزت لها الأخرى رأسها بنعم بينما هي وجهت كلماتها للصغير:

هدخل بسرعة وجاية ماشي

وقبلته على وجنته ومن ثم دلفت للمدير 

_ اتفضل حضرتك، كده مظبوط

_ هايل يا هَنا ابعتيهولي على الإيميل وخلي معاكي نسخة

_ تمام يا فندم، عن إذنك

وقبل خروجها ناداها سريعًا ويبدو أنه لاحظ لهفته فحاول الثبات وردد:

_ هو حصل حاجة أصل من شوية جالك مكالمة وخرجتي بسرعة

_ لا مفيش الموضوع بس..

_ هَنا تعالي بسرعة

قاطعتهم جملة رُوفيدة الخائفة وهي تُنادي عليها فَـ سألت الأخرى بخوف:

_ في ايه؟

_ يوسف وقع واتعور وعمال يعيط وأنا مش عارفة أهديه

خرجت بسرعة عقب جملتها وقلبها ينبض بين أضلعها رعبًا وعند وصولها وجدت الصغير جالسًا على الأرضية يبكي وكفهُ ملطخٌ بالدما.ء 

_ مالك يا عيوني، وريني

أمسكت بكفهِ تتفحصه وتمسح بخفة؛ خوفًا من أن تؤلمه وكان الجرح ليس بالكبير ويبدو أن منظر الدما.ء هي ما أخافته فقد هدأ بعد ملاحظته لمسحها

مسحت وجهه بخفة:

_ اهدى، اهدى مفيش حاجة خربوش صغنون 

شهق مرددا:

_ بيوجع

_ سلامتك من الوجع يا حبيبي 

هطهرها وألفهالك ببلاستر والوجع هيطير، ايه رأيك

ولكن الصغير مازال خائفًا وبان هذا في قوله الطفولي:

_ هتوجعني؟

_ امم، ممكن حبة قد كده

ورافق جملتها حركتها الشهيرة معه بضم اتهامها وسبابتها تجاه بعضهما قليلا وعندما ابتسم طمأنته بتربية على مكان الجرح:

_ متخافش أنا معاك، ولو وجعتك هعملك أي حاجة تحبها

والتفت لِـ روفيدة قائلة:

_ معلش يا روفيدة تجيبي ليا علبة الإسعافات اللي عندي في المكتب 

وبعد ذهاب الأخرى لتجلب لها ما تود تفاجأت بجلوس أحدهم بجانبها وقد كان زين الذي تحدث للصغير مُرحبا:

_ ازيك يا أستاذ عامل ايه

نظر لـِ هنا وكأنه يطمئن منها إن كان لا بأس بالتحدث مع هذا الشخص فابتسمت لهُ مع هزةٍ من رأسها:

_ كويس

_ متأكد

_ أيوة

_ طب وايدك المتعورة دي مش مديقاك؟

_ لاء عشان هنا معايا وهي مش هتوجعني

كلماتهُ البسيطة خطفت قلب المعنية حتى أنها من فرط عاطفتها قبلته من وجنتهِ 

_ خدي يا هنا الحاجة أهي

_ تسلميلي 

وبالفعل هي عقمت الجرح بخفة ولم يشعر بالألم وخاصة لأن زين كان يتحدث معه في مواضيع عدة لإلهاءه

_ شكرا يا مستر تعبناك معانا 

_ لا تعب ولا حاجة 

_ وآسفة إني جبته هنا بدون إذن

_ محصلش حاجة عادي وبعدين هو ولد شاطر وهادي والأهم لقيت صاحب جديد صح يوسف

أجابه الصغير بخفوت:

_ أيوة.

لاحظت هنا أن الصغير بدأ يغفوا بسبب كثرة البكاء فحملته وهي تربت على ظهره بينما هو وضع رأسه على منكبيها وهو يستكين في منظر لطيف يبهر من يرى

_ عن إذنكم 

_ شكلها عسول خالص

_ خير يا روفيدة ؟

_ يوه يا مستر مش قصدي حاجة، بس هنا من أيام الجامعة وهي حلاوتها ملفتة

_ نعم!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


« ومعاكَ الدُنيا بتحلى، وأنا وياك الشمس نورها بيعلى» 


_ رورو عروسة، مُبارك يا عيوني 

أنهت جملتها وهي تحتضن رفيقتها رُفيدة التي كانت معها في سنين جامعتها وفي عملها أيضا وهي الآن معها منذ بداية اليوم كصديقة العروس

_ شكرا يا هنا بجد ربنا يديمك ليا

كانت ممتنة لوجودها كونها في أغلب اللحظات وحدها لم يكن لها رفيقة سواها هي وهدى كانوا رفيقاتها وونسها

وها هي الآن تقف بثوبها الأبيض المنفوش من الأسفل ويغطيه حبات من اللؤلؤ المنثور كانت هيئتها في غاية الروعة وهي تنتظر قدوم العريس الذي أتى بالفعل و انبهر بها آخذًا إياها في عناقٍ طويل


«في قاعة الزفاف»


بدأت الأغنية التي كانت من اختيار هنا 

خوفي لو ننسى مرة

نحنا شو كنا مرة


والثنائيات يرقصون سويًا، حتى أتى يوسف وأمسك بكف هنا مرددا بحماس:

_ تعالي نرقص زيهم

_ يلا!

هي هكذا دائما من يبدأ بلمس فتيل حماسها يشتـ.ـعل 

كانت تتراقص مع الصغير وفستانها الذي يتكون من العديد من طبقات الشيفون الوردية والمزين بنقوشٍ لالية يعطيهم منظرا مميزا وصار مميزا أكثر عندما اجتمع عدد لا بأس به من الصغار يرقصون معها بكل حماس وكأنها مغناطيس يجذب تلك الكائنات اللطيفة 

صفقت العروس والعريس والجميع من المنظر اللطيف

بينما هي انسحبت بعدما ودعتهم تقف في الخارج ليضربها الهواء ونسيمه

_ شكلك كان عسول 

_ بسم الله خضتني 

ضحك وردد:

_ إنت اللي فرفورة 

_ يوه متضحكش

_ مش هضحك، بس بجد شكلك كان روعة

خجلت وأبعدت نظرها عنه مرددة:

_ شكرا من ذوقك

_ بقولك ايه عندكم قهوة في البيت

استنكرت سؤاله ولكنها أجابت:

_ ليه؟

_ مفيش أصل القهوة عندي خلصانة؛ فقولت لما أجي أشرب عندكم مع باباكي 

_ متهزرش 

_ كل الحكاية وما فيها إني غاوي لعينيكي، والغاوي غايته لازم تبقى في حياته ولا ايه!

_ اتثبت اتكل على الله


« الأحلام في يوم هتبقىٰ حقيقة!»


تعليقات

التنقل السريع