رواية لإجلها الفصل السادس والاربعون 46الجزء الثاني بقلم أمل نصر حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية لإجلها الفصل السادس والاربعون 46الجزء الثاني بقلم أمل نصر حصريه في مدونة قصر الروايات
الفصل السادس والأربعون
ها هو يعود إلى ذلك النذل مرة أخرى، رغم علمه بـدناءة أصله واستعداده لخيانته في أقرب فرصة مقابل المال، ولكنه لم يجد بديلاً غيره. حين خرج بها ليلاً، يخبئها داخل حقيبة السيارة التي استأجرها حتى وصل بها تلك البلدة التي لا يعرف ملاذاً غيرها.
لا يعلم أين كان عقله في تلك الساعة! حتى يستجيب لها ويساعدها. يغمره غضب شديد من نفسه، ومع ذلك لم يندم ولو للحظة أنه نجّاها من الزواج من عرفان... اللعنة عليه، ولِـمَ يشغله أمرها من الأساس؟!
ـ جُمعة... أنت يا زِفت!
هتف يطرق على باب المنزل الطيني القديم، ليخرج له الآخر بعد لحظات يستقبله بوجه ناعس:
ـ أيوة أنا جيت أهو... عُطوة! أنت إيه اللي جابك دلوقتي؟
دفعه الأخير بيده ليزيحه عن طريقه ثم يدلف إلى داخل المنزل قائلاً:
ـ جاي أتأمل في جمالك يا خوي، ولا مشتاق لخِلقتك العَكِرة؟ روح طُس وشك بشوية مية يا جمعة عشان تفوق وأنت بتكلمني، مش ناقصة ضيقة خَلق.
تذمر جمعة برفض مردداً:
ـ أنت اللي متضايق؟ يعني تصحيني من عز نُومتي وأنا راجع من شيفت المستشفى هلكان من التعب والسهر، وفي الآخر أنت اللي غضبان كمان!
حدجه عطوة بضجر قائلاً بنفاذ صبر وهو يضع الأكياس التي جاء بها على الطاولة:
ـ ولو أخّرت عنك يوم واحد تتصل بيّ وتِرطّ عليَّ المصاريف اللي بتدفعها، ومش قادر توفّي عشان معكش فلوس!
تبسّم جمعة بانتباه كالصقر وهو يشاهد حزمة الأوراق النقدية التي يخرجها الآخر من جيب جلبابه، ثم وضعها في يده، ليتلقفها جمعة يردد بامتنان وتملق:
ـ من يد ما نعدمها يا عطوة يا غالي. تحب أندهلك على نورا تشوفها؟
رد بحدة وهو ينهض وصراع يدور داخله:
ــ لا تنده ولا تِزفت. أنا جبتلك اللي يكفّيها على ما تلاقي لها حتة تانية تتاويها، وأنا راجع أشوف مصالحي.
ونهض بالفعل تاركاً جمعة يطالع ذهابه بذهول مغمغماً:
ـ ده على أساس إنك بتشتغل أصلاً؟ مش كل مصاريفك من ورث أبوك اللي ما بيخلصش.
زجره عطوة بنظرة مشتعلة كرَدّ صامت دون أن يكلف نفسه بالرد، عاقداً عزمه بضرورة الذهاب. ولكن ما إن وصل إلى المنزل الذي أجّره بمساعدة ذلك النذل جمعة كما يسميه، حتى تباطأت أقدامه عن السير بتردد. شيء يدعوه للدخول إليها، وشيء يأمره بالانصراف. استقر على الأخير يشرع في الهروب إلا أن صوتها الناعم استوقفه:
ـ هتمشي من غير ما تشوفني يا عطوة؟
تجمد محله لحظات قليلة حتى حسم والتفت إليها، يجدها خارجة من باب المنزل، بعباءة محتشمة وحجاب يغطيها حتى رقبتها بالكامل، تشبه أهل القرية، وقد تخلت عن اللمسات التي تُميّزها هي وأهلها. ومع ذلك لم تتخلَّ عن سحرها، ليزفر بحنق رافضاً تأثيرها عليه:
ـ معلش ورايا مصالح... على العموم أنا سايبلك فلوس مع جُمعة، دا غير خزين البيت على ما تلاقي حل... في موضوعك.
ـ يعني هو الموضوع اتلخّص في فلوس وبس؟ مستكتر تطمن عليّ بنفسك؟ على العموم أنا برضه شايلة جميلك وفي رقبتي لآخر يوم في عمري.
نبرتها العاتبة ورِقتها الجديدة عليه تزيد من وَطأة ما يجتاحه من مشاعر متناقضة لا يريدها ولا الاعتراف بهذا الشيء من الأساس.
لينفض عنه الضعف، يرد بخشونة متعمدة، كي يشرع في الذهاب:
ـ جميل ولا حكاوي عاد! أنا عملت اللي يمليه عليّ ضميري وخلاص. عن إذنك بقى، عايز ألحق أدخل البلد قبل الشمس ما تغيب.
أنهى كلماته يهم بالذهاب ليردف بأمر بعد أن استدار بكليته عنها:
ـ خشي البيت على كده، ومتوقفيش لوحدك في نص الشارع.
أذعنت تطيعه بالعودة إلى المنزل بابتسامة تزيّن ثغرها، ويوماً من بعد يوم تزداد الثقة داخلها بقرب التسليم منه لأمر القلب.
............................
إحساس الرضا الذي يغمرك حين تُنجز المطلوب منك على أكمل وجه، فترى السعادة على وجوه الذين وثقوا فيك وكنت على قدر المسؤولية،
ذلك ما كانت تشعر به مزيونة وهي تتطلع من مدخل المطبخ إلى ثناء الضيف ومدحه في الطعام الذي كان يتناوله بتَلَذُّذ واشتياق يعبر عنه في كل لحظة إلى زوجها الذي يبدو مُنْتَشِيًا بتفاخر لما صنعته زوجته، ومعه حسنية ومعاذ على طاولة السفرة التي حضر عليها حتى الأطفال، ولكن هي لم تقبل رغم دعوته لها وترحيبه بمشاركتهما هي وليلى. وقد منعها الحياء عن طاعته في ذلك الأمر، والتزامها باتباع العادات والتقاليد التي نشأت عليها.
أما ليلى ابنتها فلم تحتج لجهد، فقد خجلت هي أيضاً أن يرى أحد شراهتها في الطعام نتيجة حملها، لتأخذ راحتها على أرض المطبخ تفترشها، واضعة العديد من الأصناف حولها، تأكل وتمدح في الطعام أيضاً:
ـ يا حلاوتك يا مزيونة يا قمر، عاملة الرقاق باللحمة عَظَمَة، وصينية البشاميل ضَرْب نار، ولا المحشي! يا عيني على المحشي، يا روحي على المحشي!
تبسمت مزيونة لمشهد ابنتها التي كانت مُتَرَبِّعَة ببساطة ودون تكلُّف، بعض الطعام في الأطباق أمامها، والبعض الآخر في الأواني نفسها كحلة المحشي التي كانت تنتقي منها وتتناول بتلذذ، الأمر الذي أثار استهجانها بعض الشيء لتنبهها:
ـ طَب يا ناصحة لِمِّيها شوية، أي حد هييجي ويشوف منظرك كده يقول عليكي إيه؟
ضحكت لها بصوت خافت ترد عليها قبل أن تضع قطعة من اللحم داخل فمها:
ـ هيقولوا إني مَفْجوعة وبيئة مثلاً؟ عاااادي، خلاص بِنْتِك شالت بُرْقُع الحيا، حالياً أنا عندي هم بطني والأكل مُقَدَّم على الجميع، وأكلك أنتِ بالذات يا مزيونة مَتْلُومِينِيش عاد.
ـ لا يا أختي مش هلومك، اعملي ما بَدَالِك.
قالتها مزيونة بنوع من السخرية، وما كادت أن تلتف عنها لتعود لما تفعله، حتى اصطدمت رأسها بشيء قاسٍ، لتَجْفَل بصدر زوجها الذي يوازي مستوى طولها، يبتسم بمرح وهو يجذبها معه إلى الداخل، فغمغمت هي بتوبيخ:
ـ للمرة التانية النهاردة تَخْضني يا حمزة، شكلك ناوي علَيَّ!
رد ضاحكاً وعيناه ذهبتا نحو ليلى التي كان مشهدها وحده يثير التسلية:
ـ وأنا بكرر للمرة التانية يا ستي، خَلْعَة تِطْرُد خَلْعَة، يالا كله خير، وأنتِ يا ليلى إيه اللي عاملاه على الأرض ده؟ ما كنتي جيتي معانا وخلاص، قولتلك عَمِّك كمال مش غريب، تتبعي كلام أمك المجنونة؟
أومأت رأسها توافقه بابتسامة تشمل وجهها:
ـ لا، أنا هنا باكل براحتي، ياريت بقى تِمْنَع معاذ ما يجيش اللحظة دي على ما أخلَّص أُكِل ، بدل ما يطَلَّقْنِي ويِسْتَعِر من منظري لو شافني كدة.
أومأ وقد ازداد مَرَحًا يُطمئنها قبل أن يعود إلى جميلته:
ـ حاضر، هخليه لازِق برا جنب الراجل، على العموم إحنا خلصنا أكل، والجماعة طِلْعُوا الجنينة...
ـ يعني أصُب الشاي، أنا مهدّية النار عليه أصلاً على البوتجاز!
قالتها مزيونة بلهفة وهي تبتعد متوجهة نحو الموقد الغازي، إلا أنه أوقفها يَسْحَبُها إليه من ذراعها:
ـ طَب استني هنا بس الأول.
وقبل أن تستفسر، كانت شفتيه تحُطَّانِ على جبهتها بقبلة يعبر بها عن امتنانه قائلاً:
ـ دِي عشان رفعتي راسي قدام الراجل اللي جاي عَزُومَتِي بعد غِيبَة سنين، وأنتِ خليتي السفرة ولا تنظيم الهوانم!
تبسمت بخجل وقد لفَّها الارتباك لترد بتلعثم:
ـ إااا مِش لدرجة دي يعني يا حمزة، المُهِم إنه عجبك أنتَ الأول، ما أنت ذوقك عالي.
عَقَّب يوافقها متغزلاً:
ـ آه والله، أنا دي متأكد منها، كفاية إن اخترتك أنتِ عشان أعرف إنه عالي قوي قوي قوي!
ضحكت لمبالغته التي تعشقها، ولكنها لا تعرف كيف تجاريه، فتطالعه بقلة حيلة:
ـ وَه يا حمزة، يا بُوي خَفّ كلامك ده، أنا مابعرفش أرد عليك والله.
ـ وَاهِين تلاتة يا قلب حمزة، أنتِ لا تِرُدِّي ولا تِتْعِبِي نفسك، كفاية تبقي كده بطبيعتك معايا، وأنا عَلَيَّ الكلام والفعل.
وختم بغمزة بطرف عيناه، تسبق ضحكة ذات مغزى، فهمت عليها تبادله إياها، لتميل عليه بجسدها، فحاوطها بذراعيه، حتى أجفلهما حَمْحَمَة صغيرة بالقرب منهما، فالتفتا برأسيهما نحو ليلى التي كانت مازالت جالسة على الأرض، تتبسم لهما بأسف لا يخلو من مكر:
ـ مَامَعَلِش، بأستأذنكم هقوم بس الأول أروح أنده لمعاذ.
قالتها تَهُمُّ بالنهوض لتتحامل بكفيها على الأرض، فينهيها حمزة بأمر:
ـ لا خليكي مكانك يا ستي مَتْقُومِيش... أنا كنت نَاسِيكِي أصلاً يا حزينة.
ثم أردف بعبوس وضيق حين استجابت لأمره:
ـ أنا أصلاً كنت داخل آخد الفاكهة والحلويات، هُمَّ فينهم؟
وجه الأخيرة نحو زوجته التي أشارت نحو الأطباق المرتصة على صينية على إحدى الجوانب، فرفعها إليه ليذهب من أمامهما يغمغم بحنق:
ـ أخلَص من رَيَّان تِطْلَعْلِي ليلى، لازم في كل خَرَابَة ألاقي عفريت!
..............................
خارج المنزل في الحديقة التي تغيرت كثيراً عما يذكرها، كان جالساً بصحبة حسنية، المرأة الجميلة التي كان في أشد الاشتياق لها، ومعاذ الطفل الصغير الذي كَبُر فجأة وتزوج والآن هو في انتظار طفله. يا له من شيء عجيب!
أتمر السنوات بهذه السرعة، ليعود هو إلى ذلك المنزل، فيمر شريط الذكريات بذهنه كأنها حدثت بالأمس.
لم يكن من أهل المنزل ولا حتى من أبناء البلدة، بل هو ابن المدينة الذي تعرف بحمزة أيام الدراسة، وتوطدت العلاقة بينهما بشدة، لدرجة كانت تجعله يتردد على القرية بصورة يومية في بعض الأحيان.
عشق البلدة وطبيعتها، ووجد في حضن الأسرة والعائلة الملاذ. حنان حسنية الذي تَغْدَق به على الجميع، كان ينال نصيبه منه وكأنها أمّه الحقيقية، المودة والعزوة التي يفتقدها، نظراً لعدم وجود أشقاء له، فهو وحيد والديه.
ثم كان الحب الذي أذهب أنفاسه وجعل الفؤاد ينبض لأجل امرأة كان على استعداد أن يجعلها أميرة على عرش قلبه، لو فقط قبلت به، ولم تصدمه برفضها، وتفضيل... اللعنة!
خلع النظارة السوداء عن عينيه فجأة وألقاها فوق الطاولة أمامه، ليسمح بكفّيْه على صفحة وجهه بضيق متعاظم من نفسه. مجرد التفكير فيها هو ذنب في حد ذاته...
ـ مالك؟ في حاجة يا ولدي؟
كان هذا سؤال حسنية له، حين انتبهت لتَبدُّل مزاجه فجأة، فسارع في طمأنتها:
ـ لا يا ست الكل، ما فيش أي حاجة. أنا بس حسيت بشوية حر فخلعتها. هو حمزة راح فين؟
ـ أنا أهو يا سيدي، لَحَقْت أوحشك عشان تسأل عليا؟
تفوَّه بها حمزة الذي كان قد اقترب ليضع الصينية التي يحملها على الطاولة، وبها أطباق الحلوى والفاكهة، فعقَّب كمال بانبهار لا يخلو من دهشة:
ـ إيه ده كله يا بني؟ أنت عايز تجيب لي السكر! ثم ليه الصَّرْف والأَوڤَرَة أصلاً؟ هو أنا غريب؟
ـ لا مش غريب، بس كده مزاجي يا سيدي، عندك مانع؟
قالها حمزة بِتَفَكُّه ليتبادلا الشد والجذب مع صديقه، وحسنية تستعيد معهما مناكفات الماضي. يتابعهم معاذ الذي كان يتدخل على استحياء، نظراً لضعف علاقته بكمال، حتى وردَه اتصال من أحد الأشخاص، ليضطر لتركهم. ولكن ما هي إلا ثوانٍ حتى عاد إليهم بالخبر الذي وصله:
ـ حمزة... خليفة أخوك في مستشفى البندر مع خطيبته الأبلة اعتماد!
.........................
لا يوجد حجة كي يتركها هذه المرة، ولن يمنعه أحد من مرافقتها ولا حتى هي. للمرة الثانية ينقذها وهي على شفا الموت، يحملها بين ذراعيه ويركض بها حتى المشفى.
في الأولى، كانت العلاقة بينهما عابرة تحيطها المشاحنات والشجار في بعض الأحيان، لم يكن قد فهم مشاعره نحوها بعد. أما في الثانية، والتي حدثت منذ ساعات، فالله وحده الأعلم كيف كان حاله! قلبه الذي كاد أن يتوقف من فرط الخوف عليها، الارتجاف الذي اكتسح خلاياه، وهو يجاهد بصعوبة لئلا تخور أعصابه عن نجدتها.
لماذا يتآمرون على قتلها؟ ويضمرون كل هذا الغِل نحوها؟ إنها لا تفعل شيئاً سوى ادعاء القوة بالزور، ترتدي قناع الشراسة الزائفة من أجل حمايتها وحماية شقيقاتها. تلك المرأة التي يهابها جميع من يقابلها، بداخلها هي أضعف النساء.
لقد وضعها القدر مرتين في طريقه كي ينقذها، والآن هو لن يسمح أبداً أن تتكرر تلك الحوادث لها أو أن يمسها أحد بسوء. لن يتخلى عنها أبداً أبداً.
فاق من شروده حين شعر بحركة لإصبعها المجاور لكفه التي كانت مستندة على طرف التخت الطبي، ليتمعن بوجهها بتركيز شديد وهو يلاحظ تحرك أهدابها وبعض العضلات قرب عينيها وجبهتها، حتى فتحت بصرها للنور أخيراً تستوعب المكان الذي هي فيه. تتأمل السقف قليلاً، ثم تدير بمقلتيها في الأنحاء حتى وصلت إلى وجهه المقارب لها. تراه قد ازداد وسامة بتلك الابتسامة الرائعة التي يطالعها بها وهو يخاطبها:
— حمد الله على السلامة يا أبلة اعتماد، كدة برضه توقفي قلبي عليكي؟
انتظرت لبرهة من الوقت حتى استوعبت لتسأله، وهي تتذكر ما مرت به رويداً رويداً:
— أنا إيه اللي حصل معايا؟ ليه حاسَّة بوجع وجسمي كله مختل؟ صحيح أنا كنت في الوحدة مش هنا... أنت كنت شايلني يا خليفة؟!
ضحك في الأخيرة وقد شعر بالتسلية ليزيد عليها:
— أيوه شيلتك بين دراعاتي الاتنين وفَرّيت بيكي على الوحدة، قعدت معاكي وهما يسعفوكي، وبعدها شيلتك تاني برضه وجيت بيكي على هنا يعملولك غسيل معدة.
— غسيل معدة!
تمتمت بها باندهاش سرعان ما ذهب وعقلها يستعيد لحظات ما سبق تلك الخطوة، لتردف:
— انت كنت جنبي وأنا برجّع يا خليفة؟
أومأ بعينه بابتسامة عابثة:
— حتى في مرة فيهم حصلت كم جلابيتي، بس عادي يعني فداكي.
وكان في الأخير قد رفع ذراعه لترى البقعة التي كانت ظاهرة رغم المسح عليها بالماء، لتغمض عينيها بحرج شديد، تشيح بوجهها عنه:
— أنا آسفة...
ضحك بخفوت وامتدت يده ليعيد وجهها إليه بلمسة من ذقنها، يخاطب ملامحها المذهولة:
— وليه الأسف من أصله؟ حد قالك إني قرفت مثلاً؟ بالعكس ده أنتِ لو بهدلتي جلابيتي كلها، والله ما كنت هزعل ولا هَقْرَف حتى، كفاية عليا إني اطمنت عليكي في الآخر وشوفتك وأنتِ راجعة للحياة من تاني، راجعة لخليفة اللي روحه كانت تروح منه لو حصلك حاجة لا قدر الله.
تجمدت أمامه وكأن الصوت لم يصلها، تطالعه فقط بصمت حتى ظهر رد فعلها بتنهيدة من العمق، وعينان ترقرقت بهما الدموع، وبصوت مغذَّب تترجاه:
— بلاش كلامك ده الله يخليك يا خليفة، أنا قلبي مش متحمل والله، لا حمل أحلام ولا حمل مشاكل، يكفيني اللي أنا فيه...
— بس إحنا مش بنتكلم في حلم إحنا بنتكلم في واقع يا اعتماد، وبالنسبة للمشاكل أنا كفيل بيها.
ذلك الدفء الذي يتحدث به هو أكبر دليل على صدقه، ولكن طاقتها التي نفدت من كل شيء تجعلها رافضة حتى التفكير. فهم الصراع الذي يدور داخلها فأشفق أن يضاعف عليها وهي في تلك الحالة، ليردف مغيراً دفة الحديث:
— على العموم مش وقته الكلام دلوقت، خلينا في موضوع التسمم اللي حصل معاكي، تفتكري أكلتي ولا شربتي إيه بالظبط؟ عشان الظابط اللي هيحقق معاكي زمانه داخل دلوقت يسألك.
..........................
الشاشة مُدارة أمامها، وهي جالسة في غرفة المعيشة، عيناها على الفيلم الذي يُعرض، وعقلها في وادٍ آخر. بعد انتهائها من المكالمة التي أجرتها مع ابن شقيقتها والذي أخبرها بآخر التطورات، ألقت الهاتف من يدها على الأريكة جوارها بفتور، وشعور غير مفهوم يجتاحها.
أولها غضب استعر داخلها حين سمعت بالأقاويل التي انتشرت في البلدة على لسان أفرادها، تصف شهامة الخطيب المِغوار الذي كان يركض حاملًا الأستاذة المريضة إلى الوحدة الصحية للبلدة، ثم الذهاب بها إلى مشفى المحافظة. حديث عن خوفه عليها ولهفته، يتناقل بمبالغة تثير الاستفزاز.
كيف وصل إليها في تلك اللحظة؟ ولماذا يتكرر نفس المشهد في إنقاذها على يده؟ تُرى ماذا يقولون عنها هي الآن؟ "شفقة على ابنة العم المغدورة"؟ أم "شماتة في الزوجة المغرورة" كما يُشاع عنها؟ يا لها من إهانة لها في كلتا الحالتين.
ولكن الشيء الغريب الذي لا تفهمه هو عدم انزعاجها بخبر نجاتها من تجرع السم وفشل المحاولة.
..................
حين كان الثلاثة يسيرون داخل الطرقة في اتجاه حجرة المريضة على حسب الوصف، كان هو في ذلك الوقت جالساً على أحد المقاعد المخصصة للحضور، وكأنه كان في انتظارهم.
ليتقدموا نحوه سائلين بلهفة:
ـ إيه اللي حصل يا خليفة؟... اللي سمعناه ده صح عن تسمم اعتماد؟
أومأ لشقيقيه ثم وقف يرحب بالذي تفاجأ بحضوره معهما:
ـ طب استنوا بس أسلم على الراجل... كمال باشا!
اختصر الآخر المسافة بينهما ليضمه بعناق رجولي، يتبادلان الترحيب ببعضهما، قبل أن يعرض عليهم مجالسته في كافيتريا المشفى.
في الكافيتريا
اتخذوا طاولة لهما وحدهما ويدور الحديث بينهما:
ـ كيف يعني ما كالتش حاجة من برا؟ طب لو حاجة داخل البيت، خواتها ما اتسمّوش زيها ليه؟
كان هذا السؤال الذي تفوّه به حمزة، ليأتي رد شقيقه بتشتت:
ـ والله ما أعرف، بس على حسب كلام رغد أختها الصغيرة واللي فطرت معاها، ما حصلهاش حاجة. دا غير إن باقي الأكل زي طبق اللانشون والجبنة أكلت منه أختها وبنتها الصغيرة كمان. يعني على الأقل لو في حاجة يبقى الطفلة تاخد الضرر الأكبر، لكن ده ما حصلش غير معاها هي وبس!
ـ إزاي يعني؟ طيب ما يمكن أكلت حاجة أو بسكوتة حتى. كل حاجة مش مستبعدة.
سأله بمهنية اعتاد عليها، فكان رده النفي أيضاً:
ـ هي أكدت للظابط إنها ما كلتش، ولا شرت غير كوباية شاي بعد الفطار مع أختها وفنجان قهوة كانت بتشربه ساعة ما كنت بكلمها، وبعدها حصلها اللي حصل.
ـ طب كده ممكن تكون القهوة فيها حاجة لا قدر الله.
هتف بها معاذ في تخمين منه خطر على البقية أيضاً، فوافقه خليفة:
ـ ممكن فعلاً، أنا قولت للظابط وهو أكيد هيشوف شغله.
عقّب كمال بحماس:
ـ حلو خلاص، يبقى تقرير المعمل الجنائي هو اللي هيحسم. أنا ههتم بالقضية بنفسي، ولو طلع الموضوع فيه شق جنائي خليك واثق إني هجيبلك حق...
توقف فجأة وهو ينظر إلى خليفة ثم واصل:
ـ ... آه خطيبتك! صحيح أنا شوفت بناتك ما شاء الله عليهم. هي مامتهم مطلقة؟
همَّ خليفة بالتوضيح أمام صمت شقيقه الأكبر الذي اكتنفه شيء من الحرج، ولكن سبقه معاذ الذي رد بعفوية:
ـ لا يا باشا، مراته الأولى تبقى بنت عمه. يطلقها كيف؟ اعتماد تبقى الجوازة التانية إن شاء الله. خليفة البطل هيعملها، ويتنيهّا...
قال الأخيرة بتفاخر ومرح، قابله المذكور بابتسامة عجز عنها حمزة الذي شعر بالضيق وهو يلاحظ
ملامح الجالس امامه قد شحبَتْ، وبدا السؤال مُرتسماً على وجهه بوضوح، سؤال عجز لسانه عن النطق به: هل يُعقل أن تكون بنت العم التي ذكرها معاذ هي ذاتها التي ترك البلدة من أجلها في الماضي؟
رمق حمزة بنظرة خاطفة لا تحمل معنى واضحاً، ثم غرق بعينيه نحو الفنجان الذي يرتشف منه، وقد تاه عقله بعيداً عنهم تماماً.
........................
عودة إلى غرفة اعتماد، التي التصقت بها شقيقتها الصغرى، تحتضنها بيديها الاثنتين، تردد بأسى وخوف عليها:
ـ سلامتك يا خيتي سلامتك! إن شاء الله أنا يا رب، إن شاء الله أنا ولا تتعبي أبداً تاني.
قابلت اعتماد فِعلها ضاحكة بسخرية حتى تخفف من جزعها، وعيناها تنقلان ما بين شقيقتها الثانية التي كانت ملتزمة الصمت كعادتها، فلا تتحدث إلا فيما يخص مصلحتها.
وفي الناحية الأخرى، كان حاضراً في ذلك الوقت منصور، الذي بلغه الأمر بحكم عمله في المدرسة، ليسحب زوجته للاطمئنان عليها، والتي كانت تشارك في المزاح أحياناً:
ـ يا مجنونة، ما أنا رايقة أهو قدامك! لزومها إيه الشحتفة؟ أنا رايقة وزي الفُل أهو قدامك، فضحتينا.
ـ لا يا اعتماد، أنتي بقيتي تخلعيني كتير اليومين دول.
ـ مش أنتي بس يا حبيبتي اللي بتخلعك، إحنا كمان شعرنا هيشيب بسببها. ما تحفظي نفسك يا بت بالقرآن والأدعية تحميكي من العكوسات والمصايب اللي بتحصل معاكي دي يا جَزِينة.
ردت اعتماد وهي تبتسم لها بتعب:
ـ والله بقرأ الورد اليومي والأدعية. هعمل إيه تاني؟
تدخل منصور:
ـ ما هو دا اللي بينجّيكي برضه يا اعتماد. ربنا ما يجيب حاجة عَفشة تاني.
ـ تسلَم يا أستاذ منصور ربنا يخليك.
عادت منى لمشاكستها:
ـ أيوة بس متنسيش عاد إن في المرتين تبقى على وشك الموت (لا قدر الله) وخلفاوي هو اللي يطير بيكي عشان ينقذك! ولا فُرسان الروايات يا ناس!
حقاً أخجلتها حتى اندفعت الدماء إلى وَجنتيها، نافيةً عنهما شحوب المرض، وكأنها عادت فتاة مراهقة تتلعثم في الرد عليها:
ـ ياا ستي... ربنا يبارك في صحته. هو إنسان محترم وخلوق و...
ـ وإيه تاني؟
جاء السؤال من مدخل الغرفة حيث كان واقفاً هو مستنداً على إطار الباب، يزيد من خجلها وهي لا تعلم متى أتى ليتدخل في الحديث معهم.
فكان ردها غمغمة غير مفهومة، ضاعفت من تسليته، ليعود مكرراً وهو يقترب منها غير آبه بالحاضرين:
ـ أنتي بتكلمي نفسك يا أبلة اعتماد؟ ما تعلّي صوتك يا شيخة. هو أنا مينفعش أسمع كلمة حلوة منك عني؟
ـ أيوة يا أختي، على الأقل ريحي قلب الراجل اللي مشحطط في المستشفيات!
أضافت بها منى بطريقتها لتساعد شقيقها، لتضاعف خجل اعتماد الذي حدجتها بنظرة محذرة حتى تكف عن عبثها، وهي تجاهد لـتنفض الخجل عنها متماسكةً تزييفاً:
ـ لا طبعاً إزاي؟ ألف شكر يا أستاذ خليفة.
ـ تااني أستاذ خليفة؟ أنا لساني خطيبك يا أبلة اعتماد ولا أنتي نسيتي؟
تفوه بها ضاحكاً بتحدٍ على معارضتها، وقد ثبُت الأمر عليها وعلى الجميع أنه خطيبها بالفعل وقريباً زواجها.
........................
توقفت به سيارة الأجرة ليترجل منها، يكمل طريقه مشياً على الأقدام إلى منزله. يسير في اتجاهه مستقيماً حتى أوقفه أحد الأشخاص منادياً باسمه:
ـ عطوة...
ميّز عطوة صوت صاحبه دون جهد، ليجبر نفسه على الالتفاف إليه، بتوتر يحاول إخفاءه، ليرد بنبرة تبدو عادية وهو يراه جالساً على الأريكة الخشبية بجوار حارس البوابة للبلدة من تلك الناحية:
ـ أيوة يا عرفان، معلش ما خدتش بالي منك. إزيك يا عم صميدة؟
رد الأخير التحية إليه، أما عرفان فقد نهض من جوار الرجل ليقترب مقابلاً له، ليفاجئه بقوله:
ـ غايب بقالك كام يوم ومحدش عارف فين بتختفي! طب اسأل على حال صاحبك ولا اطمن عليه بعد الخازوق اللي خده من بنت الغجر!
تحركت تفاحة آدم بحلقه، وقد جفّ ريقه من مجرد التلميح، ولكنه ما زال ثابتاً على مراوغته يبرر:
ـ ما أنا كنت معاك أول يوم وبدور مع الرجالة عليها، وتاني يوم كمان جيتلك. هما بس اليومين دول كان معايا مصلحة مع مَعرفة هي اللي شغلتني عنك، معلش سامحني. بس أنت لِسَّاك بتدور؟ دا الموضوع عدى عليه أكتر من أسبوعين!
ـ ولو عدى سنين كمان مش هفوّتها!
قالها عرفان ليردف بمزيد من الإصرار:
ـ بحق ما ضحكت عليَّ ونهبت فلوسي وبعدها هربت، تفضحني وتخلي سيرتي على كل لسان... لأدوقنها من العذاب ألوان هي واللي ساعدها، إن كان مرأة ولا راجل، ولا إن كانوا من أهلها ولا أغراب!
ارتجف قلب عطوة وهو يشاهد الوحشية التي تجلّت على الملامح القاسية. يعلم أنه قادر ولن يوقفه شيء إن وجدها ووجد الفرصة للقضاء عليها وعلى من ساعدها كما نوّه أمامه، وهذا ما يخشاه. وما عليه إلا أن يجاريه.
ـ ربنا يعتِرك فيها يا عرفان، ربنا يعتِرك فيها.
.........................
عاد حمزة أخيراً إلى المنزل، ليجده تقريباً فارغاً، بعد انصراف المعظم عنه. أبناء أشقائه قد عادوا إلى منازلهم ووالدته ذهبت إلى غرفتها على موعد نومها، فلم يتبقَّ إلا زوجته العزيزة التي كانت جالسة على مقعد وحدها.
بعيداً عنها، كانت ليلى تشاهد على شاشة التلفاز، وقد انتبه إليها الآن وبجوارها نائماً على الأريكة ابنه ريان غارقاً في النوم.
ـ مساء الخير.
ألقى التحية عليها بسجيته، فلم يجد منها رداً سوى بنظرة حَانِقة توجهها إليه. الأمر الذي جعله يقترب حتى جلس بالقرب منها كي يشاكسها، مداعباً بأنامله على طرف ذقنها:
ـ بقول مساء الخير، ما بترديش ليه؟ واكلة سد الحنك؟ ولا خشمك واجعك؟
استفزها بمناكفته لتنزع يده عنها بغيظ:
ـ بطل غلاستك دي يا حمزة عشان أنا أصلاً فيَّا اللي مكفيني منك.
ـ وه! ده شكله الجميل زعلان، صح؟
تفوه بها عاقداً حاجبيه بتساؤل واندهاش، ليزيد من قربه منها، قائلاً بمكر:
ـ طب قبل ما تقلبي وشك عرفيني السبب، يمكن يكون سوء تفاهم ولا سوء نية منك عشان تضربي الليلة وِبدلة الـ...
ـ بسسس!
قاطعته بها تغلق بكفها على فمه، حتى لا يكمل وقاحته، لتتجه بأبصارها نحو ليلى التي كانت تشاهد المعروض على الشاشة مدّعية عدم الانتباه، معتمدة على سمعها الجيد.
فعادت هي إليه بنوع من الاطمئنان لتحذره:
ـ إمسك لسانك الفالت ده، لاحسن وِديني لأزعل منك بجد يا حمزة.
أومأ بعينيه إليها في طاعة، لترفع كفها عن فمه بحرص، فيفاجئها بابتسامة تفهمها جيداً زادت من حنقها لتثور به:
ـ فاضي ورايق قوي، وأنا قاعدة على أعصابي بأغلي وبافور بقالي ساعتين، من ساعة ما بلغتني منى باللي حصل لاعتماد. دي عِملة تعملها يا حمزة؟ البت راحت للموت وجات وأنا قاعدة هنا نايمة على وداني!
حسناً، لقد فاجأته بحجتها، ويعطيها الحق في زعلها. فتخلى عن عبثه يحاول ترضيتها:
ـ لا، عندك حق تزعلي، بس أنا والله ما كنت أعرف بالتفاصيل غير لما وصلت المستشفى، ويمكن انشغلت مع كمال والقعدة معاه بعد ما اطمنت عليها ونسيت ما أتصل. سُوهِّي عليّ يا ستي، سامحيني فيها دي.
تذمرت بصوت عاتب ترفض حجته بعد لحظات من القلق الشديد التي اجتاحتها منذ قليل:
ـ لا يا حمزة، أنا زعلانة منك بجد. الكلام اللي سمعته من منى عن حالة اعتماد وإنها كانت هتروح فيها لولا ستر ربنا خلى دمعتي فرّت، ليه ما بلغتنيش؟ كنت جيت على المستشفى، كنت اتصلت حتى، المهم ما أحسش الإحساس العَفِش ده.
تقبّل عتابها وحدتها أحياناً عليه بصدر رحب، حتى أصبح يراضيها بالكلام المفهوم والهمس في بعض الأحيان الذي لا يصل إلى ليلى، حتى دوت ضحكات الصلح بعد لحظات، ليقررا الذهاب إلى منزلهم الخاص، آخذَين ريان من جوارها.
يتركها بحالة من الحالمية، ساهم في زيادتها الفيلم الرومانسي الذي كانت تشاهده، حتى جاء زوجها أخيراً يخاطبها بصوت مُجهد:
ـ مساء الخير. إقفلي الشاشة عندك وتعالي نكمّل فوق.
انتفضت بحماس تغلق الشاشة بالفعل لتقترب منه قائلة:
ـ ماشي، يبقى هتكمّله معايا وهنعمل أنا وأنت جَعدة رومانسية بالفاكهة وأطباق التسالي جمبينا.
رد باستنكار:
ـ تسالي إيه وكلام فارغ إيه؟ أنا أصلاً مخي مصدع يا برنسيسة. هطلع أترمي على السرير وأنام، على الله بس أغير هدومي.
صدمها برفضه، حتى كادت أن تعاتبه ولكنه لم يعطها فرصة ليتجه إلى الدرج يسبقها في الصعود، فتجدد بها الأمل مغيّرة الخطة، توقفه قبل أن يصعد:
ـ طب بلاش من فُرجة الفيلم، تبعني عاد في طلبي الصغير.
تنهد بنفاذ صبر يسألها:
ـ وإيه هو طلبك الصغير يا ليلى؟ خلصيني!
تبسمت بمرح تخبره:
ـ بما إن البيت فاضي وأمي الحاجة نايمة، يعني ما فيش غير أنا وأنت هنا، إيه رأيك نستغل الفرصة وتعمل معايا حركة رومانسية تفضل في خيالنا لحد آخر العمر؟
ضاقت حدقتيه، يطالعها باستفهام لتفاجئه بطلبها:
ـ شيلني يا معاذ واطلع بيَّا السلم!
مال برأسه إليها بعدم تصديق، يراها ترفع ذراعيها إليه، يردد بدهشة:
ـ أنتي بتتكلمي جد يا ليلى؟ عايزاني أشيلك، وأطلع بيكي السلم! ليه يا حبيبتي، شايغاني وَنش؟! أنا لحم ودم يا أُمّه!
ـبرقت عيناها الجميلتان، لا بالدهشة وحسب، بل بالصدمة من الوصف الذي صدمها، ولجمها عن الرد لحظات، حتى استعادت بأسها المعهود:
أنا عايزة وَنش يا معاذ؟ أنا عايزة وَنش! طب غُور، غُور من وشي!
اندفعت تضربه بقبضتيها لتزيحه من طريقها وتسبقه في صعود الدرج تواصل:
ـ إياك تكلمني تاني يا معاذ، إياك تكلمني!
ليغمغم بدوره في أثرها، وهو يدلك على ذراعيه وصدره مكان ضرباتها:
ـ قال أشيلها قال وأطلع بيها السلم كمان! عشان أتمزّق ولا يجيني الغضروف, مش كفاية قليلة أدب ويَدْك طويلة...
.........................
في اليوم التالي،
تَكَلَّفَ بالعمل المُوَسَّع داخل المدرسة التي وقع بها الحدث، بعد أن ثَبَتَ له من المؤشرات الأولية أن السبب قد يكون بفعل القهوة التي شربتها، أو يمكن أن يكون شيئًا آخر، ربما، سيعرف كل شيء فهو لا يغلب في طرقه
ليُجري تحقيقًا مع جميع الحاضرين، وخصوصًا من يدخل إلى غرفة المدرِّسات والمكان الذي تُعَدُّ به القهوة.
وبما أن الدراسة لا تعمل في هذا الوقت، والعاملون فيها يُعَدُّون على أصابع اليد، كانت أقرب واحدة إلى الشك هي زميلتها عطيات.
والتي جاء ردُّها مفاجِئًا له:
ـ اعتماد دي حبيبتي وعشرة عمري، ولا عمري هأذيها أبدًا، وليه أصلاً يحصل مني؟ بس أنا عندي إحساس قوي أو شك بمعنى أصح في الشخص اللي ممكن يكون عمل كدة.
سألها كمال بانتباه:
ـ مين يا أبلة عطيات؟ قولي الاسم والدوافع.
ردت المرأة:
ـ لا أنا مش هقول دوافع، أنا هحكي يا باشا وأنت تحكم بنفسك.
أومأ ليطمئنها:
ـ احكي يا أبلة عطيات.
.... يتبع
توقعاتكم وآراؤكم وتحليلاتكم، عايزة أقرأ وأشوف
واحس بالتفاعل اللي يهز الفيس يا بشر
حماااس بقى
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا

تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا