رواية روح الفصل الثالث 3 بقلم نور الشامى حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية روح الفصل الثالث 3 بقلم نور الشامى حصريه في مدونة قصر الروايات
الفصل الثالث
روح
كانت الرصاصة على وشك أن تنطلق، حين اندفع ظل من الجانب بسرعة البرق، وامتدت يد قوية تمسك بذراع روح قبل أن تكتمل ضغطة الزناد. التفتت بعينين جاحظتين، لتجد شابا طويل القامة، ملامحه حادة، وعيناه تحملان بريق الغضب… كان أمجد، ابن عمه ركان الذي انتزع منها السلاح بعنف، ثم استدار نحو ركان بخطوات سريعة، وصوته يحمل قلقا واضحا:
إنت كويس يا ركان... فيك اي حاجه
أومأ ركان برأسه ببرود، بينما كان الحرس يقتربون في صمت. فـ أشار لهم أمجد بإيماءة حادة:
خدوا الكلب دا من اهنيه وارموه في اي مكان
أسرع الحرس نحو سالم، الذي كان ممددا على الأرض، يتأوه من أثر الرصاصة، وقطرات الدم تلطخ ثيابه. ورفعوه بقوة وسحبوه خارج البهو لكن فجأة، تقدمت ميرا بخطوات سريعة نحو روح، التي كانت لا تزال في حالة صدمة وأمسكتها من شعرها بقوة جعلت صرخة ألم حادة تفلت من شفتيها و جذبتها إليها وهي تقول بعينين تقدحان نارا:
كمان ي… عايزة تجتلي ركان؟! يا مجرمة! مش كفاية البلاوي ال عملتيها فينا وفي العيلة.. انتي اي شيطانه
كانت روح تبكي بحرقة تحاول أن تحرر نفسها، لكن قبضة ميرا كانت كالفخ فـ تقدم ركان خطوة للأمام، وصوته قاطع حاد:
سيبيها يا ميرا… ابعدي عنها
ترددت ميرا للحظة، ثم أفلتت شعر روح بعنف، لتتراجع إلى الخلف، بينما ركان اقترب حتى اصبح أمام روح، ووضع المسدس في يدها من جديد، وردد :
يلا… اجتليني... أنا جدامك اهه … ومحدش هيمنعك.. اجتليني
ارتجفت روح، تنظر إلى السلاح ثم إلى عينيه، قبل أن تهز رأسها بيأس، وترمي المسدس أرضا واندفعت تمسك بقميصه بكلتي يديها، ودموعها تنهمر بلا توقف مردفه :
حرام عليك… عايز مني إي؟! عايز تعمل فيا إي تاني ما تجتلني وتريحني بجا
رمقها ركان بنظرة باردة، وصوته يقطر قسوة:
الموت راحة ليكي… وأنا مش هريحك... انا هخليكي تتمني الموت اكده في كل لحظه... مستحيل ترتاحي
انكسرت أنفاسها، ثم أسندت رأسها على صدره، وهي تبكي بنبرة متهدجة:
ارحمني بطا… حرام عليك… افتكرلي أي حاجة حلوة عملتها.. انا بنت عمك... حرام عليك
ولأول مرة، ارتسم ظل غامض من الحزن في عينيه، وتبدلت ملامحه للحظة، لكنها كانت خاطفة، وأخفى أثرها سريعا ودفعها برفق بعيدا وأشار بيده:
اطلعي على أوضتك ومتخرجيش منهت غير بأذني
ثم استدار، وخطواته تتردد في البهو وبعد دقائق خرج ركان من البهو بخطوات ثابتة، لكن أنفاسه كانت أثقل مما يحاول إظهاره و الهواء البارد في الممر لم ينجح في تهدئة الغضب المشتعل داخله. كان أمجد يسير بجانبه، ينظر إليه بطرف عينه، قبل أن يكسر الصمت:
كنت هتسيبها تضربك فعلا
أجابه ركان دون أن يلتفت وخرج صوته منخفض لكن حاد:
لو كانت عايزة تجتلني… كنت هخليها تعملها... بس انا كنت متاكد انها مش هتعملها علشان فاقت... لما كانت عتجتلني مكنتش في وعيها
توقف أمجد في منتصف الممر، يحدق فيه بدهشة:
إنت بتجول إي... إنت مجنون دي خلاص خرجت عن السيطرة لازم تتحاسب
التفت ركان إليه أخيرا، وعيناه سوداوان من شدة الانفعال، لكن خلفهما ظل من شيء آخر… شيء أقرب للوجع:
هتتحاسب... كل واحد فينا هيتحاسب علي ال عمله متخافش... وهي هتدفع تمن كل ال عملته غالي جوي مع ان موت بنتها كان عقاب بس برده مش عقاب كافي ليها
لم يجد أمجد ردا، فاكتفى بالنظر إليه بصمت، بينما ركان أشاح بوجهه وأكمل سيره، وكأنه يهرب من كلماته قبل أن يهرب من أي شيء آخر وبعد عدت ساعات في المطبخ الكبير، كانت رائحة الطعام تعبق المكان، وأصوات الأواني تتداخل مع حركة الشغالين وهم ينهمكون في تجهيز الغداء حيث جلست خالة ميرا الكبرى عند الطاولة، تتفحص الأطباق بنظرة فاحصة، وهي هنا في زيارة قصيرة لكنها تحمل دائما طابع السيطرة والتدقيق حتي دخلت ليان الطفلة الصغيرة، بخطوات مترددة وعينيها تبحثان بين الوجوه، ثم قالت بصوت خافت وهي تضع يدها على بطنها:
ممكن اكل لو فيه واكل علشان انا جعانه
التفتت إليها الخالة، وارتسمت على وجهها نظرة ازدراء واضحة. قالت وهي ترفع حاجبها:
جعانة؟! ما انتي شبه أمك… طول عمركم طمعانين، مش مهم أخلاج ولا سمعة… المهم تملوا بطنكم وبس.. صحيح انا هستني ايمن خلفه روح غير اكده
اتسعت عينا ليان، وارتجفت شفتيها:
انتي بتجولي علي ماما اكده ليه عاد.. ماما طيبة
قهقهت الخالة بسخرية:
طيبة؟! دي ال جابت العار للعيلة… بتدافعي عنها كمان ما انتي بنتها صحيح
تقدمت ليان خطوة، لكن دموعها سالت، وهي تهمس بصوت منكسر:
ماما أحسن واحدة… ومش عايزة أسمعك بتشتميها اكده عيب اصلا وحرام عليكي
رددت الخالة ببرود وهي تنهض واقفة:
انتي كمان بتردي عليا.. جبر يلمك يا شيخه اي مبجاش غير الصغار ال يرفعوا صوتهم عليا يلا امشي.. امشي من اهنيه
ثم دفعتها بيدها بقوة، فسقطت الطفلة على الأرض، وارتطم مرفقها بالرخام. انبعثت منها شهقة ألم حادة وفي تلك اللحظة اندفعت ميرا إلى المطبخ بسرعة، وركعت بجانب ليان وهي تحتضنها مردده:
مالك يا حبيبتي؟ إي ال حوصل جومي يا عمري
تشبثت ليان بها وهي تبكي بحرقة:
هي… هي ال وقعتني… وجالت كلام وحش عن ماما
رفعت ميرا رأسها نحو خالتها بنظرة غاضبة، لكن الخالة تقدمت خطوة وقالت باستهزاء:
كمان بتعرفي تشتكي... جبر يلمك يا شيخه
ضمت ميرا الصغيرة إلى صدرها، وأخذت نفسا عميقا لتسيطر على أعصابها، ثم ابتسمت لليان وهتفت:
متسمعيش كلام حد، إنتي أحلى وأطيب بنت
ثم نهضت ميرا وأحضرت طبقا صغيرا، ووضعت فيه بعض الطعام، وقدمته لليان وهتفت؛
خدي ياحبيبتي بالهنا والشفا … وبعد ما تخلصي روحي العبي براحتك في الحديقه
أومأت الطفلة برأسها، ومسحت دموعها، ثم خرجت من المطبخ وهي تحتضن الطبق وبمجرد أن خرجت التفتت ميرا إلى خالتها بعينين تشتعلان غضبا ورددت:
إنتي إزاي تعملي اكده مع طفلة.... ليان ملهاش ذنب في أي حاجة، وبلاش تدخليها في مشاكل الكبار يا خالتي
الخاله بعصبيه:
دي بنت واحدة جابتلنا الفضيحة… وأنا مش هتعامل معاها كأنها أميرة.. لازم تتحاسب هي وبنتها
ميرا بصراخ؛
لع البنت ملهاش ذنب و أنا مش هسمح لحد يهينها جدامي… ولا يلمسها مهما حوصل
ارتفع صوت الخالة وهتفت:
انتي بتزعقيلي يا ميرا.. بترفعي صوتك عليا كمان
ميرا بحده:
أيوه… علشان غلطانة
احتد النقاش، وتحوّل إلى جدال صاخب، حتى ارتفعت أصواتهما في المطبخ، وتبادلتا كلمات قاسية. وأخيرًا، التقطت ميرا نفسًا غاضبا واستدارت خارجة من المطبخ بخطوات سريعة، تاركة خالتها تنظر خلفها بعيون تشتعل وفي المساء كان الليل قد أسدل ستاره على القصر، والهدوء يلف الممرات الواسعة. حيث جلس ركان في غرفته، مستندا إلى الأريكة الكبيرة، وعيناه شاردتان في الظلام، حتى لفت انتباهه صوت خافت عند الباب. التفت، ليجد الباب يفتح ببطء، ووجه صغير يطل من خلفه، عينيه الواسعتين تلمعان في ضوء المصباح… كانت ليان. فـ ابتسم ركان بخفة، وأشار لها بيده:
تعالي يا حلوه.. تعالي
انفرج وجهها بابتسامة بريئة، وركضت نحوه حتى قفزت على السرير بجواره وهي تلهث:
أنا جعانة… مأكلتش من عشر… عشر… عشر ساعات ونص كمان!
ضحك ركان بهدوء وهتف :
عشر ساعات ونص؟!
ليان ببراءه:
اه وطنط ميرا نايمه
ركان بابتسامه؛
دي خالتك يا ليان، جولي خالتو ميرا
ليان بحزن؛
أختي كمان كان اسمها ميرا… بس هي ماتت… هي واحشتني جوي
ساد صمت قصير، قبل أن يزفر ركان ببطء ويقول بصوت منخفض:
ربنا يرحمها يا حبيبتي. يلا تعالي، أنا هعملك واكل
نهض وهو يمسك بيدها الصغيرة، ونزل معها إلى المطبخ. بدأ يحضر لها وجبة بسيطة، بينما هي تجلس على الكرسي تراقبه بعينين متشوقتين و عاد بها إلى الغرفة، ووضع الطبق أمامها، لتبدأ في الأكل بنهم، وهو يجلس على الطرف الآخر من السرير، يراقبها بابتسامة هادئة، وخواطره تهيم بعيدا… "هي أكلت ولا لا؟ يقصد روح، وأفكار كثيرة تتزاحم في رأسه حتي ردد بهدوء:
ليا كولي وانتي بتتفرجي على الكرتون… لحد ما أجي
شغل لها أحد أفلام الكرتون، ثم أخذ طبقا آخر من الطعام، واتجه إلى غرفة روح. ودفع الباب بهدوء، لكن ما إن دخل حتى عقدت الدهشة حاجبيه… كانت روح نائمة على الأرض فـأسرع نحوها، وانحنى بجانبها، يحاول إفاقتها وهو يقول بحدة قلقة:
روح... روح جوومي مالك
فتحت روح عينيها ببطء، ونظرت إليه مردده:
راحت عليا نومه
أبعد يده عن كتفها، وسيطر على انفعاله وهتف :
نايمة على الأرض ليه؟ يلا، جومي… الواكل اهه
جلس أمامها ومد الطبق:
كولي يلا
روح بتعب:
ليان أكلت... هي كويسه
ركان بضيق:
أيوه… متخافيش.. يلا بجا الواكل اهه جدامك
تناولت روح لقمة صغيرة، لكن فجأة، دموعها انهمرت وهي تتذكر ميرا. رفعت يدها تمسح دموعها، لكن شهقاتها فضحتها فـاقترب منها ركان، وصوته منخفض لكنه حاد المعنى:
العياط مش هيفيدك بحاجة… كفاية بجا. مش هتعيشي طول عمرك تعيطي.
رفعت عينيها نحوه، ثم اقتربت فجأة وضمت ذراعيها حوله، ورأسها على صدره، وهي تبكي بحرقة:
ياريتني كنت سمعت كلام ابوي … وياريتني كنت فضلت اهنيه في البيت.
تردد لثواني يتساءل هل يضع يده على ظهرها أم لا، لكن قبل أن يحسم قراره، شعر بها تسكن، وأنفاسها تهدأ… كانت قد نامت بين ذراعيه وتنهد ببطء، ثم حملها برفق، ووضعها على السرير، وجلس للحظة يراقب ملامحها النائمة. ورفع يده يلمس خدها بحنان خفي، وهمس:
ياريت مكنش كل دا حوصل.
القي ركان كلكاته ثم غادر الغرفة بهدوء، عائدا إلى حجرته، تاركا خلفه ثقلا لا يزول وفي صباح اليوم التالي، كان ضوء الشمس يتسلل من النوافذ العالية، لينعكس على أطباق الفطور المرصوصة بعناية فوق المائدة الكبيرة. جلس الحاضرون في صمت ثقيل، تنتقل نظراتهم بين أكواب الشاي وأصوات الملاعق الخافتة على الصحون وخطوات هادئة انحدرت من أعلى الدرج، حتى ظهرت روح عند مدخل القاعة، ترتدي ثوبا بسيطا، ووجهها شاحب من أثر ليلة طويلة بلا نوم. ما إن وقعت عليها عين ليان حتى ارتفع صوتها الطفولي بلهفة:
ماما
قفزت ليان من مقعدها، تركض بكل ما تملك من سرعة، وارتمت في حضن روح، فتشبثت بها الأخيرة، وضمتها إلى صدرها بحرارة، وأغمضت عينيها لحظة كأنها تريد أن تحبس هذا الشعور إلى الأبد. لكن صوت أمجد قطع اللحظة، حادا وخاليا من أي دفء مرددا:
اجعدي افطري معانا يا روح… مفيش داعي تمثلي البراءة اهنيه.. يلا علشان ليان
رفعت روح رأسها نحوه، ونظرتها مزيج من الحزن والخذلان لكنها لم ترد. وبخطوات مترددة جلست إلى طرف المائدة، واضعة ليان بجانبها لم يكد الصمت يكتمل من جديد، حتى دخل أحد الحراس على عجل، واقترب من ركان، وانحنى ليهمس في أذنه بكلمات قليلة. تجمدت ملامح ركان، وارتسم الغضب في عينيه والحارس يردد:
سالم… حد أخده المستشفى… ولسه عايش.
شهقت ميرا بصوت خافت، بينما انعقد حاجبا أمجد بحدة، لكن قبل أن ينطق ركان بكلمة، فتح باب القاعة فجأة ودخلت امرأة شابة، تحمل في يدها طفلة صغيرة لا يتجاوز عمرها خمس سنوات. كان الغبار يعلو ثوبهما، وعينا الطفلة الواسعتان تبحثان بين الوجوه بارتباك، قبل أن تستقرا على ركان وفجأة، أفلتت الطفلة يد المرأة، وركضت بخطوات متعثرة نحو ركان، ثم ارتمت في حضنه وهي تقول بصوت مرتجف مفعم بالشوق:
بابا
اتسعت عينا ركان، وتجمد كل من في القاعة و
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا