القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية عودة الذئاب (الجزء الثاني) ملحمة العوده والانتقام الفصل الثلاثون 30بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة قصر الروايات

 


رواية عودة الذئاب (الجزء الثاني) ملحمة العوده والانتقام  الفصل الثلاثون 30بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة قصر الروايات






رواية عودة الذئاب (الجزء الثاني) ملحمة العوده والانتقام  الفصل الثلاثون 30بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة قصر الروايات





#حكايات_mevo 

#عودة_الذئاب

الجزء التاني.. #ملحمة_العوده_والانتقام .. دخل نديم أرض "أبو الدهب"، وجسده ينتفض برجفةٍ لم يدرك لها سببًا، وقلبه يخفق كأن بداخله طبل حربٍ يُقرع. و معه ، أُختاه"شجن" و"مهره".


ما إن وطأت قدماه التراب، حتى استيقظت الذاكرة من سباتها، تنهش عقله ، وتعيد له مشاهد الطعنات التي لم تندمل، كأنها وقعت قبل لحظات، لا سنوات.


 وقف أمام القصر، وأبوابُه ما زالت تقف شاهدةً على موت ذلك الطفل داخله. تذكر يوم خرج مذبوحًا من داخله وهو ابن الثالثة عشرة، خرج لا يحمل سوى الوجع، والدمعة التي جفّت قبل أن تسقط.


تجرّع مرارة الماضي، ورفع صوته عاليًا، كأنما يعلن عودته للسماء قبل الأرض:

ـ "أنا دلوقتي راجع... مش عشان انتقم، راجع آخد حقي اللي خدته يا جابر... راجع أقف على رجلي، حتى لو آخرها هتكون حفرة أندفن فيها!"


ثم التف إلى "مهره"، أخته التي رافقته في دربٍ عذاب ما اختاراه، بل فُرض عليهما.

مدّ يده نحوها، أمسك يدها بقوةٍ كأنما يستمد منها آخر ما تبقّى له من عزيمة، همس:الرحلة دي أنا بدِتها معاكي يا مهره... واحتمال كبير أُنهيها، بس لوحدي. طول عمري بحط عليكي وبدوس، سامحيني يا حبيبتي... أنا هدخل ومش عارف، احتمال كبير ما أخرجش."


صمت لحظة، ثم أردف بصوتٍ مرتجف، تخنقه مشاعر فخرٍ ومرارة تندما شدت علي يديه بقوه:

ـ "على قد ما اتوجعت، على قد ما أنا فخور بيكي... ولا يوم كَسِرتي ضهري، دايمًا كنتي سندي.خلي بالك من نفسك... إنتي كبيرة، عالية فوق الكل... لو رحت، أوعي ضهرك ينحني لمخلوق!"


تنهّد بحرقةٍ، ثم تابع:

ـ "لو جرالي حاجة، قولي لوجد إني مش غدّار... أنا جيت أضحي بروحي عشانها.

قوليها إن نديم مش خسيس، ولا عمره كان... بس أبوكي عمله مريض. قوليها إن نديم هيسيب روحه لأهلك، بس ولا ضفر منك يقع، ولا حد يقربلك. قوليها كان نفسه يفرح بيكي ومعاكي... بس الدنيا ما سابتهوش.خليها تسامحني يا مهره. وخلي بالك منها، دي غلبانة..."

"لم تتكلم مهره، ولم تسح دمعة... كانت عيناها كمرآتين انكسرتا منذ زمن، تلمعان بالصمت لا بالدموع، وكأنها قرّرت أن تظل قوية، فقط لأن نديم قرر أن يكون ضعيف للحظة.

تنهد "نديم"، ونظر إلى "مهره" نظرة الوداع القاسي، ثم قال بصوتٍ أرهقه الوجع:


_أنا جيت هنا، وخرجت معاكي ميت.بس اهو، جيت تاني.ادعيلي أخرج بيها تحييني ..سامحيني علي إللي عملته فيكي. .ولو مُت ادفنيني جنب أمي وأبويا...إياكِ تدفنيني هنا يا مهره."


نظرت إليه مهره، وعيونها تدمع ك بحر من الحنين  فقال:


ـ "بُصيلي...هتوعديني؟إنك تكمّلي؟ولاد عامر ماينقطمش ضهرهم، فاهمة؟حق "وِجد" في فلوسي... تاخده.شركة "النديم" وفلوسه ليها، حقها محفوظ."مدّت يدها نحوه، أمسكت يده كمن يتمسك بروحه الأخيرة، وقالت:


ـ "أوعدك... يا حبيبي.".

 

ثم التفت إلى "شجن"، تلك الطفلة التي كبرت قبل أوانها، ومدّ ذراعيه، وضمّها إلى صدره كما لو كان يُودّع وطنه الأخير.


ـ "يمكن ترتاحي مني... بس والله ما كنت أقصد أوجعك... .بس عارفة؟ لما أخش هناك... لو روحت، مايبقاش وجعك على أخ، لأني عمري ما كنت أخ حنين.كنت بستعد لليوم ده، أروح وما تتوجعيش... لأنك ما خدتيش حنية من مخلوق."


تنهد ثم أخرج من جيبه شيئًا صغيرًا، متهالكًا... كان منديلًا قديما بلونٍ باهت، مطرّزًا بخيطٍ أزرق على حافته، كتب عليه بخطٍ غير متقن:

" ن. م. ش."حمله منذ خرج من هذه الدار قبل سنوات، كان كل ما تبقّى له من أمه... قطعة قماش كانت تمسح بها دموعهم وهم صغار، ثم خبّأته  في جيبه يوم خرج من حضنها وعاد وجدها ميته. 


رفعه إلى شفتيه، قبّله، ثم طواه ببطء، ووضعه في يد شجن المرتجفة، وهمس:

لو ما رجعتش... ده يبقى مني ليكي. ده من ريحه أمك كت عملاه لينا. عمري ما طلعته لحد ولا حد شافه.. كنت لما بنوجع بحطه علي نفسي يديني روح.. ده ليكي يا شجن من امك يا حبيبه اخوكي. فيه ريحتها... ووجعنا. ده قلب اخوكي خلي بالك منه دا وجعي ابقي امسكيه واترحمي عليا"


نظر الي الحروف.. ن.. م.. ش... كأنها تخط حدثا جديدا.. نهايه النديم... مرار الماضي.. شرف العوده. 

ثلاث حروف خيّطتها أمٌ لا تعرف أن الدهر

سيجعل كل حرفٍ منها ضلعًا مكسورًا في الذاكرة. تنهد وهمس بحنين... ن.. م.. ش..بغصه خرجت منه في شكل ثلاثة حروف..ولكنها لخصت حكاية  وجع ومرار،واختتمت رواية النديم…بمنديلٍ أرقّ من النسيان،وأقسى من الموت.. المنديل...لم يكن قطعة قماش،بل كان كفنًا ملفوفًا على قلبٍ لم يُدفن بعد. 


ساد صمتٌ كثيف، كأن الزمن نفسه حبس أنفاسه احترامًا لهذا الوداع، كأن الأحرف تخط النهايه.


مسك يدها، وقبّلها، فسالت دموعها بحرقةٍ على وجناتها، وهمس:"سامحيني يا شجن... على قد قسوتي، كان ليكي إنتِ بالذات غلاوة في قلبي.الصغيرة اللي ما ترحمتش، اللي ما حضنهاش حد بجد.ابقي تعالي زوريني في قبري... ما تستخسريش فيا دعوة، أنا كنت بحبك والله بحبكو قوي سامحوني."

كان يحضنها كأنّه يضمّ سنوات طفولتها المسروقة، يُخبّئها في صدره من كل الأذى، يُعيد لها في لحظةٍ ما لم يمنحه في عمرٍ


"كانت "شجن" تبكي في صمت، تحتضنه كأنها لا تريد أن تفلته من بين يديها آخر ما تبقى لها من أمان.اقتربت "مهره"، فشدّها هو الآخر إلى حضنه... كأنّه يختزنهم في ذاكرته الأخيرة، قبل أن يخطو الخطوة التي لا عودة بعدها.


كان المشهد يمزّق القلب...ذئابٌ عادت، ولكن في القلوب ملائكة عانت من الذبح وهم أحياء.كانوا ثلاثة، لكن وجعهم كجبال لا تحصي.


جلست "شجن"،  في المقعد الخلفي، ظهرها ملتصق بالمقعد، وعيونها تزوغ من الضيق.

تتنفس بصعوبة، كأنها لا تنتمي لهذا اليوم، ولا لهذا المكان. تراهم يترجلو.. 

أنا ماليش مكان جوا... هو بيفرح جوا، هدخل ليه؟كنت بحلم أبقى عروسة في الليلة دي... بس هو قتل الحلم ده.أنا بقيت أضعف... وضعفي بقى اسمه براء أبو الدهب."همست بها، ودموعها تهطل بلا توقف.


ثم قالت برجاء:


ـ "نديم، ممكن أقعد في العربية؟ ماعرفش حد... من فضلك."


نظرت إليها "مهره" بنظرةٍ تحمل الغصة، ثم قالت بنبرة ساخرة، يختبئ خلفها الألم:


ـ "إيه؟ مش عايزة تشوفي حبيب القلب في الكوشة؟"


أطرقت "شجن" رأسها بوجع، ولم تجب.

فتنهدت مهره، ثم قالت:


ـ "خليكي نص ساعة... وادخلي. لازم نبقي مع بعض. عشان ممكن يحصل قلق... واللي جاي محتاجك ثابتة."


ثم تنحنح نديم، وشدّ كتفيه كأنّه يلبس درعًا من الإرادة،واستدار نحو بوابة القصر، لا يلتفت، لا يتراجع...ومشى تحوطه الهيبه ومعه فرسته التي يستند عليها ... كأنّ خطواته تكتب سطر الختام في روايةٍ لم تُنهها الأيام بعد.


دخل "نديم" إلى القاعة، بثبات صعيديّ عتيق.عمامته فوق رأسه، وجلبابه يزيده وقارًا  في الحضور.تبعته "مهره"، بخطوات امرأةٍ صعيدية لا تنحني، جلبابها الأسود كأنه علمٌ يُرفع على أرضٍ مستعادة.


دخلوا مقعد الرجال. قلب مهره كان يقرع طبولا في صدرها، فما إن وقعت عيناها على "أسمر"، حتى رجف قلبها كما رجف قديماً ...لكن هذه الرجفة لم تكن شغفًا... بل جمرًا في قلبها، يطحنها شررًا. ابتلعت ريقها بصعوبة، وهي تخفي كل شيءٍ تحت عباءتها.


أما "نديم"، فدخل بهدوء، وكانت عيناه تبحثان عن وجه "جابر". وجه الاثم في حكايته.. وجده جالسًا، يمسك يد "براء"، ويقول بصوتٍ واضح:


ـ "أُزوّجك بتي "وجد جابر أبو الدهب"، على سُنّة الله ورسوله."وهنا...


صدح صوت "نديم" كالرعد:


ـ "ليه يا عمّي؟ هو أنا جصّرت معاك في حاجة؟!"


ارتفعت رؤوس الجميع، وجمدت العيون في مكانها، وكأنّ الزمن توقف.

كان "نديم" واقفًا كجبل، جلبابه الصعيدي  يرفرف، ويده في جيبه بثقة، وعيناه تحملان  نار مشتعله. وراسه شامخا. ومهره تقف بجواره... تملأها الهيبة، ويشعّ من حضورها جمالٌ وقوه. 


عمّ القاعة صمتٌ مطبق... تتردد فيه همهمات المندهشين. الكل ينظر بعيون لامعه.. فالجد عيونه لمعت بلمعة وجع واشتياق.. الاسمر عيونه تلمع نارا بروءية المهره الذي ظن انه لن يراها مره اخري.. وذلك الأخير الذي لمعت عيونه من الغل الذي كان دائما رفيق دربه. 


اقترب نديم بخطى ثابتة، وخاطب "جابر" بصوته الهادئ الحارق:

ـ "هتجوز بتك لابن عمها الصغير ليه؟ هو أحسن مني في إيه؟ولا نسيت انها للنديم؟!"


صرخ جابر فجأة وهو يهُمّ بالوقوف:


ـ "بتجول إيه يا محروج إنت. إنت جاي ليه ؟ إنت جاي لموتك ؟ ليك عين تاجي اهنه؟!"


تقدّم نديم خطوة أخرى، وابتسم بتحدٍ:

ـ "ليّا عين؟! ... ومالها عيني يا جابر؟ لا هي مكسورة، ولا عليها عتب حد. عين نديم عامر أبو الدهب، عمرها ما نزلت لتحت... وجيت ليه؟! ... جاي عشان آخد حجي. اسيبه إياك.. اسيب مرتي. جيت أجول: "وِجد" بت عمي... مرتي. واظن من العيبه أنكو تخلفو وتديها لابن عمي التاني.. عيب في حجك يا سيد الرجاله هتجوز بتك مرتين؟! بس عموماً... أنا مسامح، ما انت حبيبي أزعج! هاتلي مرتي."


 هب جابر وقلب المكان أمامه صارخا... 

ـ "هيا مين اللي مرتك يا واكل ناسك   إطلع بره من اهنه.. والا اجولك لاه دا احنا لينا حج.!!"

اندفع جابر  ، يخرج سلاحه في لحظة   جنون . وجّه السلاح نحو "نديم"...هنا عم الصمت و تجمّد الجميع!


لكن نديم لم يهتز. لم يتواني لحظه بل أخرج سلاحه بلمحه عين من جيبه... ورفعه في وجه عمه.اشتعلت القاعة بالهمهمات، واجتاح الجميع الرعب وتجمّد الرجال من مشهد الدم الذي سيراق بالقاعه.


وقف جابر ونديم كل امام الاخر و الغل يملاء قلوبهم.. النديم وعمه.. النديم و زمنه يقفان امام بعضهما.. الماضي بغدره والحاضر بوجعه. 


وفجأة...صاح "أسمر"، وهو يقفز من مقعده كمن اشتعل فيه الحريق، فهو لم يحتمل ورفع سلاحه في وجه نديم:

ـ "اللي يرفع سلاحه على عيله أبو الدهب ... يُنجتل اهنه!!"


صار "نديم" الآن أمام اثنين من أهله... أمام الغضب، والخذلان، والنار. كل من في القاعة كان يترقب انكساره، خاصة أن "أسمر" ليس رجلًا عاديًا.


الا ان الذئب لم ياتي بمفرده .اتت معه من كانت عونا وسندا.انها فرسة النديم.. المهره . استعجب الكل وعلت الشهقات عندما تقدّمت "المهره"، كأن الأرض انشقت عن فرسه في ثوب  امرأة.


وقفت خلف نديم، ثم استدارت ببطء، وأدارت ظهرها لأخيها...ثم واجهت "أسمر" وجهاً لوجه، ورفعت سلاحها نحوه! عيناها تشعان نارًا. 

اشتعل قلب "الأسمر" كما الجمر المشتعل، يدقّ في صدره كطبول الحرب، يكاد يتمزق من شدّة الغليان. لم يكن يتوقع منها هذا، لم يدر بخلده أن "المهرة" قد ترفع سلاحها في وجهه...

استدار بجسده دفعة واحدة، عينه تلمع كالسيف في وضح النهار، ووجهه محتقن بغضب الرجال حين يُمسّ كبرياؤهم،

وراح يصوّب فوهة السلاح نحوها، وقد اعتصر قلبه ألف شعور متداخل...أنثى؟! ترفع السلاح عليه؟!وأيُّ أنثى؟! إنها "المهرة"...


ساد صمت مهيب أرجاء القصر، كأن الهواء ذاته كفّ عن التنفس،الكل واقف كأن الزمن تجمّد، وقد وقفت "المهرة" و"نديم" في منتصف الرّدهة الواسعة،ظهر "نديم" مسنود على ظهرها، يقف شامخًا في مواجهة عمه،

بينما كانت هي تقف قبالة "الأسمر"، لا تهتز، لا ترمش، .

الوجوه تراقب بصمت... والعيون متسعة تترقب الانفجار القادم. 

وفجأة، دوّى صوت "نديم"، هادرًا كقصف الرعد، شاهقًا كالجبال:

ـ "بقي أنا جاي أجدّم جلبي ليكو وطالب آخد مرتي... ترفعوا عليا السلاح في داركو؟!

إكرام الأهل بالسلاح يا عيلة أبو الدهب؟!

دا عار لوحده إنك ترفع سلاحك على ضيفك في دارك!ولا إيه يا عمران يا أبو الدهب؟ هو العيبة متعوّدة تخش دارك طول عمرها؟!

أنا نديم عامر عمران أبو الدهب...ما هسيبش مرتي حد يجرّب منها،واللي عايزيخلّص عليا، ما يهمنيش!أنا ما هخرجش من اهنه، إلا ومرتي بيدي!"


انفجر "أسمر" صائحًا، والغضب يفجّر عروقه:

ـ "إنت جاي لموتك!مرت مين يا فاجر؟!

إنت فاكرنا إيه؟! نسوان؟!"


تقدّم خطوة، واشتعلت الأرض تحت قدميه...لكن "المهرة" سبقت خطوته، وقفت بثبات يُثير الرهبة،وسلاحها مصوّب إلى قلبه مباشرة،فقالت بفحيح صوتها، كأن الشرر يتطاير من لسانها:

ـ " هتخطي ناحيته قِدم ؟ هخطي على روحك... وأسمي عليك يا وحش الصعيد!

ويبقى أسمر... آخرته اتقتل على يد مره، بت غزية!"


غلى الدم في عروقه، وصرخ من قهر كبته لرجولتة الجريحة:

ـ "بعدي... لاجتلك!"


ضحكت "المهرة" بسخرية، كأنها تريق الملح على جرحه "جرب كده...هتلاقيني مخطّية عليك،، ولا حد  هيسمي عليك  يا بن سلطان!"


صرخ "نديم" من قلبه، وقد بلغ به الغضب أشدّه:

ـ "أنا ما يهمنيش مخلوج يخطي ولا ما يخطيش! نظر لجده وهدر بعنف.... مش كلمتك يا حج عمران؟ورضيت آخد وجد؟!مش طلبتها منك؟! مش كلمتك نصفي إللي فات ونرجع الغايب لأجل حج عضم التربه... وجولت لي حساب جابر عليا جولتلك ولدك ماهيطاوعش حولت اضمن الصلح وكتبنا موقت يا حج عمران، والورجة معايا...إيه؟ هتنكر؟

هتنكر إنك راضي وموافج عالبِت لابن عمها لاجل نداوي إللي كان. وترجع العيله لبعضها .. هتنكر إياك وإلا هتضعف برضك وتنجلب حريجه ، ونموت بعض أكتر ما موتونا؟! هتجل من جيمه مرتي .. خفت من ابنك تآني يا حج عمران طب كتو هتعملو إيه في جوزها هتموتوه.  


كان "نديم" يتحدث أمام الجميع، لا عنادًا ولا تفاخُرًا،بل دفاعًا عن شرف امرأته، وحماية لكرامتها حتي لا توصم بالعار، يعلم أن الجد "عمران" لن يرد له كلمة، ويعرف أن هذه المواجهة،هي السبيل الوحيد لردّ اعتبار "وجد" أمام الكل.


واصل "نديم" بشجاعة مَن لا يملك إلا صوته:

ـ "وجد... بت ابنك!مش ادتهالي عن طيب خاطر؟!مش اتكتبلها مهر وفِّي؟!مش أنا ابن عامر؟!إيه؟ هتجحدني جدام الخلج. ادتهالي وجولت هتكلم ابنك ونتراضي ونتصافي. إيه ماجولتلوش إنك ادتهالي إياك.. كتو هتجتولوني صوح مافيهاش كلام غير اكده.اشهدو يا كبار العيله اتفاج وبيخلو بيه ورافعين عليا السلاح. ده العهد والوعد يا كبير العيله ؟!"


وفجأة، تعالت صرخة "جابر"، هائجة كنمر مفترس.... مين دا اللي إدهالك؟!إنت ملحوس،وعهد جطران علي دماغك  والله لأجتلك!"


واندفع "جابر" كالسهم ناحية "نديم"...

والقصر على وشك أن ينفجر من التوتر...


وفي ذروة التصعيد... ..تقدّم  "عمران"، وجهه محتقن، وعروقه نابضة بالخذلان، وصرخ صرخةً خَرَجت من قلبٍ أُنهكته السنين:

بس بس... خراب عليكم!خراب على بيتي، وعلى سنيني السودا  دي آخرتها؟!كت عارف... آه والله كت عارف إن الخراب جاي،منك لله يا جابر...منك لله! نسل الخراب حلّ يا ولاد عمران!"


ثم سقط مغشيًا عليه في قلب الدار، وسط العيون المذهولة والوجوه المصدومة.سقط "عمران"...وسقطت معه الهيبة. هيبة العائلة التي صمتت كثيرًا، وسكوتها صار دينًا يدفعه الأبرياء ٍ

 بهت الجميع...صمتت الهمسات، فـ"عمران" كبير عائلة "أبو الدهب"... لا يسقط إلا حين يسقط كل شيء!


صرخت "مهره" بصوتٍ انخلع له صدرها:

ـ "جدييي!!"


انفجرت الدار هرجًا وارتباكًا.رجال يركضون، صراخ يتعالى، ، ثم اندفع "أسمر" كالسهم، وانكفأ على جسد الجد الممدّد احتضنه، رفعه بين ذراعيه بقوةٍ وفزع، وركض به خارج الدار،والكل خلفه...حشود من العائلة، رجال ونساء، 


أما "مهره"، فكانت واقفة، عيناها متّسعتان كقلبها المنشق.جفّ حلقها، وركضت خلفهم. 


.مدّ "نديم" يده يمسكها من معصمها،شدّها نحو صدره، صوته ملئه القلق:


ـ "رايحه فين؟!"


نظرت إليه "مهره"، ودموعها تلمع في عينيها كحد السكاكين، ثم صرخت بقهرٍ مكتوم:


ـ "رايحه لجدي يا نديم... جدي يا نديم...!!"


شدّت يدها من قبضته، فهو نفحه ابيها وروحه في الأرض.ركضت كما لم تركض من قبل ركبت السياره في المقعد الخلفي كانت "شجن"، تنتظر بعينين مذعورتين.


نظرت إليها "مهره" وهي تلهث،  سألتها بصوتٍ متقطع، فيه ذعر الطفولة وعنف الرجفة:


ـ "إيه اللي حصل؟!


نظرت إليها "مهره"، والرجفة في صوتها 

ـ "إيه اللي حصل؟ مصايب بالكوم...ماعرفش هيجري إيه."


كان المشهد لا يُفسَّر، وكل لحظة تمرّ كأنها ساعة.وفجأة، صرخت "شجن" من المقعد الخلفي، وقد علا صوتها من الرعب:

ـ "أخوكي فين؟! نديم فين؟!"


وقبل أن تُكمل، كان "نديم" قد قفز إلى المقعد الأمامي، والشرر يطلّ من عينيه،

داس على البنزين بقوةٍ، وانطلقت السيارة كرصاصةٍ لا تعرف طريق العودة،نحو المشفى...نحو المجهول...نحو قَدَرٍ اسود، كأنّه خُطَّ بدم هذه العائلة.


وصلوا إلى المشفى، وكانت قاعة الاستقبال تغلي...جمهور من عائلة "أبو الدهب" متجمهر، العيون تترقّب، والقلوب تلهث.

كانت صدمة سقوط الجد كأنها زلزال قصم ظهور الرجال.


اندفعت "مهره" و"نديم" من السيارة، خطواتهم تسبق أنفاسهم،لكن ما إن دلفوا إلى بهو المشفى، حتى برز "جابر" كعاصفةٍ من الكره.اندفع كالثور الهائج، وصرخ بصوتٍ ، كأن صدره انفجر:

ـ "جاي ليه يا نسل الخراب؟ إنت جاي تشمت في موته؟!إنت فرحان؟!جاي تتفرّج علينا وإحنا منهارين؟!"رفع يده يدفع "نديم"، كأنّه يدفع فيه سنوات من الحقد والغلّ المكبوت.


لكن "نديم" لم يهتز، بل ثبّت قدميه، وصمت وعيونه لا تحيد عن جابر. 


_"الا ان مهره لم تحتمل.. صرخت  .."ما تبطل بقه انت ايه يا اخي ." 


 اندفع يُمسكها بعنف، فهجم عليه "نديم" كالعاصفة، واندفع الرجال يفرّقون بينهما، كأنّ ساحة الحرب قد اشتعلت في لحظة. كانت هي تقف في المنتصف، ، تتلاطمها الأذرع بلا هواده، لا يهمّها أحد، فرسه في قلب المعركة، تدافع عن أخيها بضراوه. 


كان "أسمر" يراها من بعيد، تتخبّط بينهم، تندفع بلا خوف، وكل ذرة في كيانه تغلي... لم يحتمل أن تتلمّسها الأيادي، وان يكون جسدها بين يدي الرجال؟ اندفع فجأة،ووضع جسده كدرع حامي حولها. وهيا من ثورتها لم تلاحظه وضع يده حولها يدفع يدي الرجال عنها الا انها كانت عنيفه عينها علي اخيها وفقط.. لم يجد نفر . شدّها بعنف من بينهم، كأنّه ينتشل روحه من وسط النار... لكنه، من شدّة اندفاعه، رماها بجسدها على الحائط، فارتطمت به بقسوة جرحت ونزفت .ثم وقف، في قلب الجمع، نسي كل شيء، ولم يلحظ أحدٌ ما فعله... لكنه شعر بها في داخله كطعنة لم يتوقّعها، طعنة من يجرح ليحمي ما يخصه وينتمي له. 

.. 

وقف أحد كبراء العائلة، جسده يهتز من الغضب، وصوته يعلو كالرعد:


— "بعد! بعد! انت وهو… دا وجته! الراجل بيموت جوا وانتو بتتخانطوا؟!"


ثم استدار نحوهم بعينين تشتعلان غضبًا:


 "اسمع… حسّ حد فيكو، يمين الله لأكون مخلّص عليه وادفنه أهنه بيدي!"


صمت الجميع كأنما نزل عليهم سيف من سكون.


— "اتلمّوا يا ولاد أبو الدهب… مش على آخر الزمن هنجيب العيبة لروحنا وننفضح فوسط  الخلج!"


تردد صدى كلماته في ساحة المشفي كأنه صفعه على وجوههم ، ليعود الهدوء، ولكن ثمة وجعٌ يتسرّب من الأعين… 


وقف "جابر" ينظر إلى "نديم" بغِلٍ مكتوم، عيناه تقدحان شررًا كأنما يُكفكف غضبه بصعوبة، ونديم واقف، لا يرد، لكنه لم يخفض عينه… 

أما "أسمر"، فكان واقفًا في صمتٍ جاف، لا يُزيح عينيه عن "مهره"، يطالعها بنظرة لم تفهمها… خليط بين العتاب، والانكسار، وشيء غريب كأن فيه حنين موجوع.


إما "مهره"… لم تجرؤ على النظر إليه، كانت عيناها معلّقتين بالأرض، كأنها خائفة ان نظرت اليه،تري في عينه وجعها، أو ترو نفسها كما لا تريد أن تراها.

وقف عيونه عليها كانت تمسك يدها والألم يبدو عليها تكز علي أسنانها من الوجع. اخترق ألمها صدره. ابتلع ريقه بصعوبه يحارب داخله الحامي لها الا انه لم يستطع اتجه الي أحدهم وهمس له بشىء ليغيب ويعود يعطيه شيئا ثم أتجه لنديم ربت علي كتفه وأخذه بعيدا كأنه يتحدث معه.. 


ركنت هيا في جنب بعيد تمسك يدها اغمضت عيونها فقوتها تخور منها في وقت لا يجوز لها.... فجاه شهقت وفتحت عيونها كان اسمر قد شد يدها في صمت ووضع عليها مطهر وبدأ يلفها... بلعت ريقها بصعوبه حاولت أن تشدها بعنف قبض عليها بقبضه من حديد وضغط عليها فتاوهت وصمتت انهي عمله مسرعا وقذف بيدها بعيدا بغضب وعاد مكانه كأنها ليست بالمكان حوله. وتركها ترتجف كورقه تتلاطمها الرياح. 

ِ 

مرّ الوقت ثقيلًا، كأن الدقائق تتحرّك على عكّاز، والجميع مشدوه في مكانه حتى جاء صوت أنين خافت من الداخل… عمران فاق.


ركض الجميع، ودخلوا عليه كأنّ الروح رجعت بهم، لكن المفاجأة كانت صادمة…


صمّم "عمران" إن يعود بيته! رغم اعتراض الكل. 


دخل الكل، جلس عمران متهالكا يستعيد روحه وقف "نديم" ينظر إلى جدّه، بينما "جابر" يقف غير بعيد، والغلّ يشعّ من عينيه  كان الجمع قد انصرف، وبقي أهل البيت وكبراء العائله اخوة عمران فقط ، كأان الموقف لا يحتمل أي غرباء. 


وقف "جابر" صارخًا، وصوته يجلجل في المكان:


– لتكون فاكر إنك هتعدي بعملتك دي وصدجنا الشويتين بتوعك دول جدام الخلج أهو الناس راحت وفاضل إحنا اكشف وشك يابن عامر  ؟!


ضحك "نديم"، ضحكة ساخرة تُخفي تحتها بركانًا من الجرح والغضب، ثم قال بثبات:


– هتعمل إيه طيب؟ هتجتل جوز بتك؟!

عيب يا عمّي، دانا ابن أخوك.واشف إيه بس هو اني جاي اهزر .. هتِرَمّل بتك بإيدك؟!صرخ الجد، وقد تصدّع صوته من القهر:


– بطّلوا... إنتو إيه؟! بطّلوا، هو مافيش رحمة ؟!


رد "أسمر" بانفجارٍ مكتومٍ طال كتمانه:


– نبطّل؟! ماعادِتش إلا دول... يجوا ويتكلموا؟!


رفعت مهره يدها اليه وقالت "مهره"، والغِلّ يقطر من لسانها كحدّ السيف:


– مالهم دول يا ابن عمي؟ ناقصين إيد ولا رجل؟!


نظر اليها اسمر و اشتعل حرقةً فبيدها يلمع الخاتم الذي صورته له في رسالتها.. شعر بالجنون واحس بقلبه سينخلع.. صرخ "أسمر" بحرقة واندفاع غير محسوب ، وكأن جرحًا قديمًا عاد ينزف من جديد:


– لاه... ناجصين ربايه! نصّابين وحرامية، والسلسال غالِب! وإنتِ أولهم! كيف الغوازي... بتتلوني بميت لون!


كان الغيظ يأكل صدره، والنار تشتعل خلف عينيه. كاد يموت في المرة الأخيرة، حين أوهمته أنها ستتزوج، ثم اختفت كالدخان. عاش جحيمًا من الأوهام، يتخيلها في حضن غيره، طعنة مسمومة مزّقت رجولته، وقضت على ما تبقّى من كبريائه. وذلك الخاتم زاد من هياجه.. أراد أن يوجعها... كما أوجعته.أراد أن يكسرها... كما كسرته.


هَمَّ "نديم" أن يتكلم، أن يردّ عنه الهوان، لكن يدًا رقيقة أمسكت بيده، كبَتَت اندفاعه، وسبقته هي بكلماتٍ كانت كالسكاكين:


– لا، عيب...دانا بنت غزية، ماهفوتهاش يا حبيب أختك... أختك عايزة تتسلى شوية. سيبلي الطلعه دي مستنياها من زمن.ومهما حصل ماتدخلش... 


قالتها ، ثم تهادت بخطواتٍ متزنة... لكنها ثقيلة كالرصاص. اقتربت منه، وقفت أمامه بثبات، بعينين لا تخفضهما، ونظرةٍ حملت كل الغضب والاحتقار، نظرة تشبه صفعات.


حدّقت فيه لبرهة، ثم قالت ببطء، وكل كلمة تنخر في كبريائه:


– نصابين 

مطّت شفتيها باحتقار، وكأنها تتذوق الكلمة ثم بسخريه تستعجب قائله:


– حراميه!!!! ...


ثم مالت برأسها قليلًا، كأنها تتذكر شيئًا نَفِر منه قلبها:


– أُمممم... و... آه...


رفعت حاجبيها ببرود متعمد، وأكملت بصوتٍ ناعم، لكن كحدِّ السكين:


– سِلسالك غالب... وكيف الغوازي...


ثم التفتت عنه فجأة، كأن حضوره صار لا يُرى، وتركته واقفًا، متجمدًا كتمثال... تتآكله النار رَجَف قلبه، ووجَعها سَكَنَ فيه قبل أن ينطِق لسانها…

 لحظةً، ظنّ أن انه سيفلت بطعناته ، لكن الصاعقة هَوَت دون إنذار.


فجأة،  استدارت كالبرق رفعت يدها…

وفي رمشةٍ عين، نزلت على وجهه بعُنفٍ ، فارتدّ من قوّتها خطوةً إلى الوراء، متخشّبًا.. 


تصنَّم "أسمر" في مكانه.لا صوت. لا نفس.

كل ما حوله تلاشى… حتى الهواء.عيناه لا ترى سواها.الدنيا تداعت من  حوله، والناس بقوا خيالات، .هيا… وهيا وهو وبس… ووجعه الذي طاح بداخله. .


الكل صمت. حتى العيون ما عادت تجرؤ ان تتحرك.رُعِبوا. كيف جرُؤت؟ انه الاسمر.. 

كيف لمست من يهز الأرض بخطوته  واقف… ووجهه عليه بصمةإيدها… وعينيه الجاحظه بقى أوجع من ألف صرخة.


هاج داخله الصعيدي...اشتعل الدم، وانتفض الغيظ من عروقه.لم يَعُد يرى أمامه، سوى طعنةٍ لرجولته، و.......


أولا حبوني كتير ثانيا علقو كتير.. ثالثا البارت الجاي شق رقاب من مهره واسمر توقعاتكو رد فعله إيه وهيا هتتهد وإلا هتكمل جبروت...ومين علي فين..وحركه النديم وكلامه لجده.. عسليه الواد ده دمااااغ ويا تري الجد هيعمل ايه . شغلو دماغكو وتعلقو علي بوستات الصفحااااااه بتقع.


تكملة الرواية من هناااااااا 

 لمتابعة باقى الروايه  زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا




تعليقات

التنقل السريع