رواية الطفلة والوحش الفصل الثالث وعشرون 23 بقلم نورا السنباطى حصريه في مدونة قصر الروايات رواية الطفلة والوحش
رواية الطفلة والوحش الفصل الثالث وعشرون 23 بقلم نورا السنباطى حصريه في مدونة قصر الروايات رواية الطفلة والوحش
#رواية_الطفلة_والوحش
#الفصل_الثالث_والعشرون
#بقلمي_نورا_مرزوق
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
يامن بإبتسامة خبث ـ ياجدع
الظابط اتوتر من إبتسامة يامن وقال ـ ياريت يا يامن بيه تتفضل معانا من غير شوشرة عشان مستخدمش معاك العنف
يزن بعصبية وحده ـ طب جرب تعملها كده وانا هوريك مين هو يزن الصياد
الظابط بغيظ ـ يزن بيه ده شغلي
يزن ـ انت
يامن بهدوء ـ استني يا يزن خلينا نشوف حضرت الظابط..وبصله وقال بسخرية واضحه
: متعرفتش ب إسم الباشا
هيثم بتوتر ـ احم هيثم
يامن قام من مكانة بهدوء ولف حوالين هيثم كالصقر خطواته بطيئة وموزونه وقال ـ امممم وانت بقا جاي تقبض عليا لوحدك يا هيثم ؟
حاول هيثم يكون متوازن وميتوترش بس فشل وقال ـ احم ..
يامن ببرود قاتل وهو واقف قدام "هيثم"، كتافه مرخية لكن نظرته حادة، فيها ألف معنى ومعنى، وابتسامة خفيفة جداً على طرف شفايفه:
ـ طب فين المذكرة؟
هيثم بلع ريقه بصعوبة، حس للحظة إنه واقف قدام واحد مش سهل، واحد مش بيتوتر.. واحد ممكن يدوس على رقبتك وأنت بتفتكر إنه بيهزر.
قال بتلعثم خفيف: ـ المذكرة... آه يعني... موجودة بس...
يامن قطع كلامه ونظره لسه ثابت فيه:
ـ بس إيه؟
سكت لحظة، ومال برأسه ببطء كأن بيشفق عليه:
ـ ولا بلاش مذكرة... تعالى نسألك كام سؤال كده على السريع... تعرفني منين يا هيثم؟ مين قالك إني قتلتها؟
هيثم اتلخبط... حاول يلم نفسه بسرعة:
ـ كان... كان فيه ميدالية عليها اسمك في مكان الجريمة...
ضحك يامن، ضحكة كاملة، مش من نوع الضحك اللي بيريح، لا... ضحك فيه استهزاء واستخفاف وتهديد مبطن:
ـ ميدالية؟ باسمي؟
ـ يعني مثلاً... لو أنا دلوقتي دخلت بيتك ورميت شنطتي عند باب أوضتك، يبقى أنت اللي قت*لتني لو حصلت جريمة؟
ـ يا ابني ده حتى أغبى قا*تل مش هيسيب اسمه مطبوع في موقع الجريمة! ده لو فكرني عيل صغير كنت هزعل منك بجد.
الشباب اللي قاعدين على الأرض، كانوا متابعين المشهد بنظرات فضول وثقة، وعيونهم بتلمع وهم شايفين يامن واقف كملك وسط معركة ويزن واقف جنب يامن مربع إيده علي صدرة ونظراتة حاده جدا
رعد ابتسم بخفة، وفهد همس رعد :
ـ يامن ده بيتعامل مع الظابط كأنه مساعد بتاعه.
رعد رد بابتسامة فخر:
ـ يامن برغم الهدوء اللي باين عليه بس لو حد فكر يتعدي حدودة معاه وقتها يامن المنشاوي اللي بجد هيظهر
ندى كانت قاعدة بين البنات، ووشها فيه ألف شعور... كانت فخورة، منبهرة، بس قلبها بيدق بسرعة، إيدها بتشد طرف طرحتها من التوتر.
بصت له وهي بتفكر:
يا تري اي اللي هيحصل ؟!
بس برغم خوفها، كانت بتبتسم... لأن برغم انها علطول بتتخانق معاه بس معترفة انها بتحبه
يامن لسه واقف قدام هيثم، وسأله بنبرة هادية جداً:
ـ طيب... مين بلغك أصلاً؟
هيثم اتلخبط تاني وقال:
ـ في واحد... قدم بلاغ مجهول... وكان فيه شوية تفاصيل...
يامن ابتسم بس المرادي بقى بارد جداً، زي الجليد:
ـ بلاغ مجهول؟! وأنت مصدقه؟ وجايلي القصر، ومعاكش حتى أمر ضبط وإحضار؟
ـ جايلي تتهزق يا هيثم؟
ـ ولا دي محاولة جس نبض؟ أنت مرسول ولا متطوع؟
هيثم حس بالدم بيتجمد في عروقه... معرفش يرد، وساب عينه تتهرب من عيون يامن.
يامن قرّب منه خطوة، وقال بهدوء:
ـ لو ناويين تلفقولي قضية، يبقى راجعوا أوراقكم كويس... لأني مش سهل.
ـ واللي بيلعب بالنار... بيتحرق.
صوت أنفاس البنات كان باين في الهوا، والتوتر اتسلل حتى لندى، اللي بدأت تحس إن ممكن يامن يتجاوز مع الظابط، فقامت بسرعة وقالت بصوت خافت:
ـ يامن... بس بلاش...
لف يامن ليها بعينه، ونظراته لانت، بس إيده مافيش رعشة فيها.
ـ متخافيش، مش هيحصل حاجة، بس لازم يعرف إننا مش فريسة سهلة.
رجع يبص لهيثم، وقال له:
ـ شوف يا باشا... لو ناوي تلبسني تهمة، يبقى اجهز لنفسك كويس، لأنك هتتحاسب.
ـ إنما لو جاي بدافع حقيقي... روح هات أمر رسمي، وتعالى لما تكون مستعد.
لف يامن بصمت وراح قعد مكانه وسط الشباب، اللي وسعوا له الطريق ، وسابوا الظابط واقف لوحده، بيتلفت، مش عارف يروح ولا يفضل.ويزن بيبصلة بهدوء
هيثم أخد نفس عميق وقال وهو بيحاول يستعيد وقاره:
ـ أنا هبلغ رؤسائي... وهارجع قريب...
رد يامن بضحكة خفيفة:
ـ هنكون في انتظارك... بس تعالى وانت مذاكر الدرس كويس.
خرج الظابط من القاعة والباب اتقفل، وصمت ساد اللحظة...
كانت الأجواء في الجنينة متوترة ، الكل ساكت، وكل واحد باين على وشه إنه في دوّامة تفكير، كأنهم بيخططوا لعملية إنقاذ سرية في دولة معادية
بس كان في واحدة بس هي اللي دماغها مش عاجباها الأجواء دي خالص...
أروى.
قعدت تبص عليهم شوية، وبعدين فجأة وقفت وهي بتخبط كفها بكفها وقالت بأعلى صوتها:
– صلوا على رسول الله"!"
الكل اتفزع. حرفيًا. عز اتنفض من مكانه، وندى صرخت:
– "يا شيخة حرام عليكِ! قلبي وقع!"
أروى قالت وهي مبتسمة بكل براءة:
– "إنتي اللي قلبك ضعيف... أنا بعمل خير! مش شايفين إن القعدة دي كئيبة؟! كأننا في عزاء! يعني حد مات وإحنا لسه مش عارفين مين دا حتي انهاردة كان خطوبة لينو والدكتور ريان !"
فهد كان سايبهم يتكلموا وساكت، لكن أول ما سمعها قال كده، لف لها راسه ببطء وهو بيضحك وبيقول في سره:
"يا رب استر، دي ناوية تقلب القعدة كلها زي كل مرة."
ندى قالت بنبرة مستسلمة:
– "طب يا أروى قولي، عايزة إيه؟"
أروى عملت حركة درامية بإيدها كأنها بتقدم نشرة أخبار وقالت:
– "أنا قررت نلعب لعبة!"
زياد قال بتنهيدة:
– "اللعب في الوقت الضائع؟ هو ده وقته؟"
أروى قربت منه وقالت له وهي بتوشوشه بصوت مسموع:
– "أهو بدل ما تفكر في حاجات توترك... تعالى نضحك."
يوسف فرك وشه بإيده وقال:
– "ماشي... قولي بقى، إيه اللعبة؟ بس لو فيها مجازر ولا كوارث، أنا منسحب."
وفهد كان بيبص عليها بعصبية كبيرة ونفسه يروح يضربها ويزن بصلة وفهم
أروى فردت ضهرها وقالت:
– "لا لا خالص. لعبة بسيطة جدًا: كل واحد يقول سر عن نفسه، بس لازم يكون سر حقيقي! واللي يكذب... عليه عقوبة! ونخلي العقوبة على ذوقي أنا!"
لينا همست لريان وقالت وهي بتحاول تمسك ضحكتها:
– "يعني من دلوقتي نعتبر إننا داخلين في مصيبة!"
ريان ضحك وقال:
– "هي دي أروى... بتخترع المصائب بإبداع."
أروى بصت للجميع وقالت وهي بتعدّ بأصبعها:
– "يلا نبدأ. ليليان... انتي أول واحدة."
ليليان خبطت على رجلها وقالت بتنهيدة:
– "أنا مرة وقعت في حفرة في المدرسة قدام المدرّسة بتاعت الرياضيات، وكل الفصل ضحك عليا... بس أنا قلتهم إن ده تمرين جمباز!"
الكل ضحك، وأروى قالت وهي بتصقف:
– "برافو! روح جميلة!"
ندي قالت بضحك :
– "طيب أنا... أنا مرة فتحت المايك بالغلط في محاضرة أونلاين، وكنت بعيط على نهاية مسلسل كوري."
ضحكوا بصوت عالي، وأروى قالت وهي بتحاول تتكلم:
– "آه والله كنت عارفه إنك بتخزني مشاعر!"
فهد كان ساكت، وأروى بصت له وقالت بخبث:
– "تيجي بقى علينا يا أستاذ فهد؟ قولنا سر!"
فهد رفع حاجبه وقال:
– "أنا؟"
أروى ضحكت وقالت وهي بتشاور عليه:
– "أيوه حضرتك. وقول بقى سر جامد!
الكل انفجر ضحك، وفهد هزّ راسه وقال:
– "سر؟ طيب... أنا كنت فاكر إن أروى دي غريبة جدًا أول ما شفتها... وبعدين اكتشفت إنها... غريبة جدًا بس بطريقة لطيفة."
سكت لحظة، وقلّب عيونه ناحيتها وقال:
– "واللي زيها... بيتحبوا غصب عنك."
الضحك اختفى شوية، وهدوء لحظي ساد. أروى حست إن في حاجة اتقالت بس مخها مرضيش يترجمها. ضحكت بخفة وقالت وهي بتهزر:
– "يعني إيه؟ دي إهانة مغلفة؟"
فهد قال وهو بيرد من غير ما يغيّر ملامحه:
– "ده وصف دقيق."
أروى اتلخبطت، وبعدين رفعت حاجبها وقالت بصوت عالي:
– "خلاص! أنا قررت إن فهد يخسر... وعقوبته... يغني أغنية أطفال بصوته."
رعد قال:
– "يا سلام! دي عقوبة ولا كرامة؟ ده صوت الراجل تقيل!"
أروى قالت وهي بتمثل القسوة:
– "عقوبة يعني عقوبة. مفيش كلام!"
الكل بدأ يهتف ويشجع، وفهد وهو بيضحك بصوت هادي قال:
– "ماشي... بس هغني أغنية أنا أختارها."
وقعد يغني بصوت واطي أغنية قديمة للأطفال، والكل بيصفق، وأروى بتضحك بصوت عالي وهي ماسكة بطنها.
ومع كل لحظة، كانت هي بتضحك، وهو بيبص لها، وسؤاله في دماغه واحد بس:
"يا ترى هتيجي اللحظة اللي تعرفي فيها إني بحبك؟ ولا هتفضلي تضحكي... وأنا اللي كل ما تضحكي أحبك أكتر؟"
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في الحديقة الخلفية لقصر الصياد،
وفي ركن مفيهوش غير ضي القمر،
وشجرة كبيرة كانت شاهدة على كل اللي راح...
قعد يزن على الأرض، ضهره على جزع الشجرة، ومد إيده ليها:
– "تعالي هنا... تعالي على العالم اللي فيه أنا وإنتي وبس."
آرين قربت بخطوات هادية، وملامحها فيها ابتسامة خفيفة من جوا القلب.
قعدت جنبه، وسابت راسها تميل على كتفه، كأنها لقت المكان اللي كانت بتدور عليه من شهور.
سكتوا شوية...
الهواء كان خفيف، والنسيم بيعدي ما بينهم كأنه بيهمس للحب ده يعيش أكتر.
قال يزن وهو بيبص للسماء:
– "عارفة؟ الليلة دي من النوع اللي ميتنسيش.
كأن ربنا خلقها مخصوص عشان تحكيلي كل حاجة... وإحنا قاعدين كده."
آرين ابتسمت، بصت له وقالت:
– "طيب اسمع بقى...
كنت بتمشى في الحديقة دي وأنا حاسة إني ماشية على طرف خيط ضعيف،
كل حاجة كانت باهتة...
بس كنت بضحك، كنت بقاوم،
وكانوا كلهم معايا."
بصتلُه بعينين مافيهمش دموع، لكن فيهم حكايات:
– "العيلة كلها كانت جنبي يا يزن.
ندى، وريان،وريڤان ، حتى لينا، وفهد، وأروى المجنونة...
كلهم كانوا بيحاولوا يملوا مكانك."
قربت منه شوية، وقالت بنبرة فيها خفة دافية:
– "بس ولا حد فيهم كان يقدر يملالك مكانك...
كنت بداري، كنت بضحك،
بس كان نفسي تكون إنت أول واحد تعرف إني خفيت…
إني رجعت، ووقفت على رجلي، واستنيتك."
يزن اتنهد، ومسّك إيدها، وحطها على قلبه:
– "كنت معاكي...
حتى لو جسمي مكانش بيقوم،
قلبي كان عايش عليكي.
كنت بسمع صوتك وانتي بتتكلمي معايا، حتى لو محدش مصدق،
بس أنا كنت سامعك...
هي ابتسمت... والابتسامة دي فيها دفء مفيهوش خوف.
ولا وجع.
ولا لحظة ضعف.
قال هو، بصوت واطي، وعنيه مش بتسيب ملامحها:
– "عارفة... طول الوقت كنت بتخيل اللحظة دي.
لحظة تكوني فيها قدامي،
وانا عارف إني موجود،
وانك هنا، معايا."
قرب وشه أكتر، وقال:
– "إنتي أحلى قدر جالي في حياتي يا آرين.
وأحلى صدفة،
وأغلى سبب أخاف عليه."
هي بصت له، وقالت بخفة:
– "إنت رجعت شاعر؟"
ضحك، وقال:
– "آه… يمكن،
أصل الحب بيخلي الواحد يطلع اللي عمره ما قاله.
وأنا... عندي كتير ليكي."
سكتوا لحظة.
لكن السكون كان مليان كلام،
والهوا كان بيغني من غير صوت.
وفجأة، هو قال:
– "تعالي نهرب."
هي ضحكت، وقالت وهي بتفكر في اليوم ده:
– "نهرب؟ تاني؟
قال وابتسامته بتكبر:
– "ساعتها كنت مصمم أهرب بيكي من الناس،
دلوقتي عايز أهرب بيكي للحب… من الناس."
– "وهنهرب إزاي؟"
قالت بخفة وهزار وهي بتبص له بعين فيها ألف نجمة.
– "مش مهم الطريق...
طول ما إنتي فيه، يبقى هو الطريق الصح.
هنهرب من زحمة الكلام،
من الأسئلة، من العيون اللي بترقبنا…
ونروح لحلم لينا إحنا."
قالت وهي بتخبط على قلبه بخفة:
– "الحلم جوا ده...
مش محتاج نهرب من حد،
إحنا خلاص في عالمنا."
هو قرب منها أكتر، وحط جبينه على جبينها،
ووشوشها:
– "أنا بحبك."
هي قالت وهي بتضحك:
– "تأخرت."
قال:
– "بس جيت."
وفي اللحظة دي،
الوقت وقف،
الليل نام،
والشجرة شهدت على أول مرة قلوبهم اتكلمت من غير خوف.
كانوا قاعدين تحتها...
بس كانوا فوق كل حاجة.
وفجأة، وقبل ما يزن يمد إيده على خدها،
وقبل ما لحظة السكون تكمل،
رن صوت عالي ومزعج:
– "إييييييه ده؟!!! قاعدين تحت الشجرة لوحدكم وسايبيننا جوه نتحارق؟!"
آرين انتفضت مكانها، ويزن اتلفت وراه بسرعة،
لقوا أروى واقفة بعينين واسعة وضحكة مستفزة على وشها،
ووراها فهد واقف وهو حاطط إيده على وشه بيخبي ضحكه،
وبيهمس:
– "يا بنتي بلاش تكسفيهم… سيب الناس تحب براحتها!"
بس أروى رفعت حاجبها وقالت بصوت عالي وهي داخلة عليهم:
– "حب إيه؟ ده انتو كنتوا على بعد دقيقة من لحظه سينمائية!
طب في أطفال يا بشر!!"
آرين حطت إيدها على وشها وهي بتضحك ومحرجة،
ويزن بص لأروى بنص عين وقال:
– "أنتي إيه؟ جهاز إنذار؟"
ردت أروى وهي قاعدة على الأرض جنبهم بكل براءة:
– "لا أنا جهاز تخريب لحظات رومانسية.
أصل الجو بقى لزج بزيادة، كان لازم حد يتهجم."
فهد قعد جمبهم وقال ليزن وهو بيضحك:
– "أنا آسف… حاولت أمسكها بس هي خارجة عن السيطرة من ساعة ما شربت عصير برتقال بالنعناع."
يزن بص لآرين وقال بهمس:
– "شوفتِ؟ قلتلك ننهرب… حتى الشجرة ما حمتناش."
آرين ضحكت بصوت خفيف، وقالت:
– "خلاص اعتبرنا هربنا... بس في قصر الصياد."
ندى ولينا وليليان كانوا جايين من وراهم وبيضحكوا،
ندى قالت:
– "واضح إن الهروب هيكون جماعي المرة دي."
ريّان قال:
– "على فكرة، الحديقة واسعة… اللي محتاج لحظة رومانسية، ياخد نمره وينتظر دوره."
ضحكوا كلهم، والدنيا اتقلبت بهجة.
لكن نظرات يزن لآرين كانت لسه مختلفة،
نظرات كلها وعد… كلها حب هادي،
حتى وسط دوشة وضحك، كان في عالم تاني بينهم.
وهي، وسط كلام البنات،
بصّت له من بعيد... وابتسمت.
كانت ابتسامة تقول:
"أنا فهمتك... ولسه معاك."
وكان هو بيرد بابتسامة أهدى تقول:
"ومش هسيبك."
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
تاني يوم الصبح
كان واقف قدام الدولاب، بيلم هدومه، واضح عليه لسه مرهق رغم إنه بيحاول يبان طبيعي.
آرين كانت واقفة وراه، حاطة إيدها على خصرها، ومكشرة بعينين كلهم رفض.
– "قلتلك لأ يا يزن… مش هتروح النهاردة!"
قالتها وهي بتقرب منه وتسحب القميص من إيده.
بصلها بنصف ضحكة، وقال بصوت هادي لكن ثابت:
– آرين… حبيبتي… بقالي خمس شهور في غيبوبة.
الشركة مش هتمشي لوحدها… الشباب شايلين، بس ده شُغلي."
– "طب وإنّا؟ أنا؟! مش محتاجني؟ مش عايز تقعد معايا؟"
– "انتي أكتر حاجة محتاجها… بس أنا كويس، والله العظيم كويس.
الطبيب قال إني أقدر أتحرك، وأنا حاسس إني قادر."
قربت منه أكتر، ومدت إيديها وحطتها على صدره، قلبها بيضرب بسرعة وهي بتقول بهمس:
– "أنا لسه مش مستوعبة إنك قدامي…
كل شوية أقول لنفسي يمكن بحلم…
مش عايزة تصحى وتسيبني، حتى لو هتروح للشغل."
مد إيده ولمس خدها بحنية، وقال بهدوء كبير:
– "أنا مش هسيبك تاني… لا بالشغل، ولا بأي حاجة.
بس كفاية خوف، صدقيني أنا محتاج أرجع، عشان أحس إن الدنيا بترجع تمشي."
– "بس لسه جسمك تعبان…"
– "والله لو تعبني، هرجعلك تاني جري…
بس جربي مرة تصدقي إني قوي عشانك."
سكتت شوية، وبصت له نظرة طويلة…
نظرة كلها وجع وخوف وحنين، وقالت:
– "أنا صدقتك طول الوقت… حتى وانت نايم
دلوقتي قمت، ما تخلينيش أعيش نفس الرعب وأنت صاحي."
قرب منها أكتر، حضنها بهدوء وقال عند ودنها:
– "أنا راجعلك قبل المغرب…ووعد قريب اوي هفاجئك مفاجأة انتي مكنتيش متوقعها
لو تأخرت؟"
– "اتصلي بيا… ولو مردتش، ابعتيلي رسالة فيها 'حب '، هسيب الاجتماع وأجري."
ضحكت غصب عنها، ومسحت دمعة كانت بتتزحلق على خدها، وقالت:
– طيب… بس أرجع سليم، وإياك تتعب نفسك، أو تتقل على نفسك."
– "أنتي قلبي… وأي حاجة هتضايقك، هشيلها من طريقي بإيدي."
بسته في خدّه، وفضلت واقفة على الباب وهي بتبص عليه وهو بيظبط رابطة عنقه قدام المراية.
وهو خارج من الأوضة، وقف لحظة، وبص لها وقال:
– "بصيلي كده تاني… النظرة دي بتخليني مش عايز أروح ولا حتى أفتح باب الجناح."
قالت وهي بتشد عليه:
– "يبقى خليك…"
– "أنا لو فضلت دقيقة كمان… مش هروح فعلاً."
– "طيب متروحش، ومين قالك إني زعلانة؟!"
ضحك، وقرب منها، وباس جبهتها وقال:
– "بحبك يا آرين… أوي."
– "وأنا مش هسيبك تنسى لحظة إنك ليّا."
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
أول ما دخل الشركة، اتبدلت ملامح كل الوجوه.
الضحك اللي كان بيطلع من مكاتب الاستقبال اختفى،
والقهوة اللي كانت لسه بتتعمل نُسيت على النار،
والسكرتير اللي كان بيهزر في التليفون قفل الخط فجأة.
الوحش رجع.
يزن الصياد... دخل بخطوات هادية، لكن كلها حضور.
بدلته السودا مفصلة عليه كأنه لابسها من غير مجهود،
والنظرة اللي في عينيه كانت كفيلة تقول لكل واحد فيهم:
"الراحة خلصت… الشغل ابتدى."
دخل مكتبه، وبدون ما يطلب قهوة أو يسلم حتى على حد،
قال بصوته الهادئ اللي فيه حدة خفية:
– "هاتيلي ملفات صفقة إيليت ميديكال فوراً…
واجمعيلي زياد، عز، يامن، وندي… اجتماع مغلق بعد ساعتين بالضبط."
السكرتيرة دخلت الملفات وهي بتحاول تلفت نظره بطريقة مصطنعة،
صوتها ناعم، وكلامها فيه تلميحات سخيفة.
– "حضرتك عايزني أراجع مع حضرتك البنود كمان؟
ولا تحب أدخل معاكم الاجتماع؟"
من غير ما يرفع عينه من الملف، قال بجفاف:
– "انتي وظيفتك إنك توصلي الكلام مش تقعدي فيه."
السكرتيرة عضت شفايفها بغيظ ساكت، وخرجت.
يزن بدأ يراجع الأوراق، علامات التركيز والحنكة ظهرت في كل حركة.
مفيش حاجة عدت عليه، كل سطر كان بيقراه كأنه بيحل معادلة،
كل رقم بيتراجع مرتين، وكل بند بيترسم له خط في الهامش.
وبعد ساعتين بالتمام، غرفة الاجتماعات كانت مستعدة.
زياد داخل بنظرات تحليلية.
عز كعادته ماسك تابليت، ووشه جاد.
يامن بقهوتين، واحدة ليه وواحدة لندوش.
وندي لابسة رسمي، عينيها كلها حماس وتركيز.
يزن دخل بعدهم، وقفل الباب بنفسه، وقال:
– "مافيش تسجيل، ومافيش تليفونات.
الموضوع ده بينا وبس.
الصفقة دي هتغير ترتيب الشركة في السوق… واحتمال تغير حياة ناس كتير."
فتح العرض على الشاشة
.، وقام يزن يعرض العرض التوضيحي على الشاشة.
يزن لف الشاشة لأول شريحة، وقال: – "الشركة اللي هنورد لها، طلبت توريد دفعتين من الأجهزة اللي إحنا طورناها بالشراكة مع شركة ألمانية. الدفعة الأولى: مية وخمسين جهاز من جهاز كشف الأعصاب الجديد.
الدفعة التانية: تمانين جهاز متخصص في التحفيز العصبي والعلاج الطبيعي. كل جهاز فيهم بيستخدم في تشخيص وعلاج الأعصاب الطرفية الدقيقة، خصوصاً للمرضى اللي بيعانوا من آلام مزمنة أو شلل جزئي."
يامن قال: – "الصفقة بقيمتها تتعدى ميتين مليون، وفي بند في العقد بيفرض خصم كبير لو اتأخرنا حتى يوم واحد عن الميعاد."
عز دخل بهدوء في الحديث، وهو بيقلب في التابلت: – "خط الإنتاج شغّال، بس المشكلة في مرحلة الاختبارات. كل جهاز محتاج يتجرب لوحده بدقة، ونسبة الخطأ لازم تكون أقل من نص في المية."
ندي علقت بثقة: – "بدأنا تدريب فنيين جدد، وخصصنا قاعة كاملة للاختبار الفردي. هتشتغل على مدار الساعة، وفي نظام ورديات كل ٨ ساعات علشان التركيز."
يزن سأل وهو باصص لزياد: – "التغليف؟ الحماية؟ المعايير الأوروبية؟"
زياد قال: – "الغلاف الخارجي مقاوم للصدمات، داخليًا فيه ٣ طبقات حماية. وبنتعامل مع شركة أوروبية في التغليف الطبي عالي الحساسية، كله مطابق للمواصفات المطلوبة."
يزن هز راسه بإعجاب وقال: – "النقل؟"
ندي فتحت ملف على اللابتوب وقالت: – "أول مرحلة شحن بري لحد الميناء، المرحلة التانية شحن بحري عن طريق سفينة مخصصة للأجهزة الطبية… وفي اتفاق مع شركة تأمين ألمانية لو حصلت أي خسائر أثناء الشحن."
يامن قال: – "أنا عندي اقتراح… بدل ما نبعت الدفعتين مع بعض، نبدأ بسبعين جهاز من كل نوع في شحنة أولى. لو حصل تأخير في الباقي، نكون لسه في الأمان."
يزن بص له وقال بابتسامة خفيفة: – "دماغك شغالة يا يامن… بس الشحن على دفعتين هيزود التكلفة تمانية في المية."
عز دخل وقال: – "صحيح، بس لو خسرنا الصفقة كلها عشان التأخير، هنخسر أكتر بكتير."
يزن سكت شوية، فكر، وبعدين قال: – "تمام. يبقى هنقسمها. شحنة أولى فيها مية وأربعين جهاز، والباقي يتجهز بعدها بعشرة أيام. ولو حصل أي تأخير في النقل البحري، نوصل الباقي بالطيران. ندي، جهزي خطة بديلة مع شركة شحن جوي."
ندي: – "حاضر، هكلم شركة شحن متخصصة، اشتغلنا معاهم قبل كده في صفقة الخليج."
يزن: – "ممتاز. عايز تقارير يومية بالتقدم في الإنتاج، الاختبار، والتغليف… كل مرحلة لازم نتابعها كأننا بنسابق الزمن."
وبص ليهم وقال بهدوءه المعروف: – "أنا كنت في غيبوبة خمس شهور، بس واضح إنكم اشتغلتوا كأنكم في سباق. فخور بيكم، بس مش هسامح أي تهريج في الصفقة دي. العالم هيعرف اسم الشركة بعد الصفقة دي، ومينفعش يعرفه غير بالخير."
سكت شوية، وبعدين قال بجديّة: – "أنا هرجع لمكتبي أراجع الفواتير والبنود النهائية، اللي محتاج حاجة يقولي دلوقتي."
زياد: – "في طلب بسيط، نحتاج توقيعك على مستند التخليص الجمركي."
يامن: – "وعايزين تنقلات لفنيين من المصنع القديم للمكان الجديد."
ندي: – "ولو ممكن نعمل فيديو قصير عن عملية التصنيع… نبعت نسخة دعائية للعميل."
يزن: – "كله يتنفذ النهاردة. أنا رجعت… وهكمل اللي بدأته."
الكل هز راسه، والنظرة في عيونهم مش بس احترام… كانت حماس، لأنهم عارفين إن يزن مش قائد بس… ده قائد بيخلي كل واحد فيهم أحسن نسخة من نفسه
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕
رجع يزن لمكتبه بعد الاجتماع الطويل، فتح زرار الجاكيت وهو بيقعد على الكرسي الجلدي الفخم، وقال بنبرة هادية لكنها قاطعة:
ـ نادِلي ماري فورًا.
السكرتيره هزت راسه بسرعة وخرجت.
بعد دقايق خبط الباب ودخلت ماري بخطوات ثابتة، لابسة بدلة رسمية وملف الصفقة في إيدها، !
وقفّت قدامه ومدت الملف وهي بتقول:
ـ صباح الخير يا فندم، كنت مستنية حضرتك تطلبني في أي وقت بخصوص الملف ده.
يزن أخد الملف بدون ما يبص فيها، فتحه وبدأ يقلب الصفحات بهدوء، وبعد دقايق قال بنبرة واطية لكنها تقيلة جدًا:
ـ انتي كنتي المسؤولة عن الصفقة دي، صح؟
ماري بتوتر: أيوه يا فندم، من أول ما جت المراسلات من الشركة الألمانية وأنا بتابع كل التفاصيل.
ـ طيب، قوليلي... لو أنا مفقود تاني، تضمني الصفقة تكمل؟
ـ (بلعت ريقها) هو حضرتك اللي كنت موقّف نقطة التوريد، لأنك طلبت تحديث في البنود الفنية الخاصة بالأجهزة.
ـ وده حصل؟
ـ حصل بنسبة ٧٠٪، بس كنا مستنيين توقيع حضرتك، واللي موقفهم إن لازم يكون فيه اختبار جودة مشترك قبل التصدير.
يزن رفع عينه ليها لأول مرة وقال بتركيز:
ـ يبقى عايز جدول تفصيلي باللي اتنفذ واللي متأخر... عايز أعرف إمتى هيتم تصنيع كل جهاز، ومين الموردين، وأسماء شركات النقل، والتأمين... كل التفاصيل. مفهوم؟
ـ تمام، هبعت لحضرتك جدول بكل البيانات خلال ساعة.
ـ لا، مش هيحصل. هتفضلي قاعدة قدامي وهتعملي الجدول دلوقتي... مش هستنى.
(وسكت لحظة، وبعدين قال بهدوء)
ـ كفاية شهور عدّت وإحنا في مكانّا.
ماري قعدت بسرعة على المكتب الجانبي، وطلعت اللابتوب، وبدأت تكتب في سرعة.
يزن وقف، راح للنافذة الكبيرة اللي بتطل على وسط البلد، بص على الناس والضوضاء، وكل حاجة ماشية بسرعة، وقال بصوت كأنه بيكلم نفسه:
ـ الناس فاكرة إن لما نغيب، الدنيا بتقف... بس الحقيقة إن كل حاجة بتمشي، وممكن تمشي من غيرنا كمان.
ماري رفعت عينيها وقالت:
ـ حضرتك راجع بقوة أكتر من الأول... الناس كلها في الشركة مش مصدقة إنك رجعت المكتب بعد يومين بس!
بص ليها بنظرة مش مفهومة، وقال بهدوء:
ـ ماري... انا مابقتش أحب الإطراء، أنا بحب النتائج... وخلي بالك، الصفقة دي مش مجرد صفقة، دي هتفتح لنا أبواب تصدير كبيرة لدول تانية، وأي خطأ ممكن يوقف كل ده.
ماري نزلت عينيها وقالت:
ـ مفهوم، وهعمل المستحيل عشان تطلع بأفضل صورة.
ـ عايز الاجتماع مع فريق الجودة بكرة الصبح، ومع المهندسين بعد بكرة. مش هسيب تفصيلة، ولازم أعرف كل حاجة... مفهوم؟
ـ تمام يا فندم.
وبينما كانت هي منهمكة في كتابة الجدول، كان هو واقف لسه عند الشباك، بس عينه كانت تسرح بعيد... وكأن في حتة من قلبه لسه سايبة المكتب، وراحه عند شجرة في الحديقة، عند ضحكة بنت عينيها فيها الحياة كلها
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕
نبذة عن البارت القادم
آرين بدموع وصدمة ـ يزن
يزن بإبتسامة ـ قولتلك هيجي يوم وافاجئك مفاجئة انتي مش هتتوقعيها
يتبع ......
رأيكم يهمني
الحجاب... مش مجرد قطعة قماش.
الحجاب مش بس حاجة بنلبسها... دي رسالة. رمز. عهد بين البنت وربها.
هو إعلان صامت بيقول: "أنا مش سلعة، أنا مش للعرض، أنا جوهري مش في شكلي، أنا نضجي مش في جسدي... أنا أنثى، وأفتخر."
الحجاب مش بيخنق الحرية، ده بيحررها.
بيحرر البنت من نظرات الاستهلاك، ومن قسوة المقارنة، ومن إن كل حد يحدد قيمتها بطول شعرها، أو لون بشرتها، أو ضيق لبسها.
الحجاب بيخليها تمشي في الدنيا رافعة راسها، عارفة إنها غالية، ومحفوظة، ومصونة.
فيه حنية في الحجاب مش بتتفهم بسهولة... حنية أمك لما كانت تداريك وإنتي صغيرة، وحنية ربك لما أمرك بيه علشان يحفظ قلبك وروحك من أذى الزمن ونظرات البشر.
الحجاب مش ضعف، ده قوة...
قوة إنك تقولي "لا" لتيار ماشي عكسك،
قوة إنك تختاري رضا ربك على رضا الناس،
قوة إنك تثبتي كل يوم قدّام المراية، إني أنا دي، اللي اخترت طريقي بإرادتي، مش بخوف، ولا تقليد.
الحجاب مش عبء، ده هويّة.
بيعرّفك، بيميّزك، بيخلي اللي يشوفك يعرف إن جواك إيمان، جواك مبدأ، جواك احترام لنفسك قبل أي حد تاني.
وبيخلي كل خطوة ليكي شهادة، إن الدين مش بس جوامع وسُجود... الدين كمان لبس، وموقف، ونظرة.
ولما تكوني محجبة، إوعي تفتكري إنك أقل أنوثة...
لأ، إنتي أنثى... بكل تفصيلة، بكل حنية، بكل سكون.
بس أنوثتك محفوظة، مش مستباحة.
أنوثتك في ضحكتك، في قلبك، في أدبك، مش في تفاصيل جسمك ولا زينة وجهك.
الحجاب مش نهاية، ده بداية.
بداية مشوار طويل اسمه "أنا لله"،
بداية رضا، وسكينة، ومراجعة نفس كل يوم.
بداية إنك تتعلمي تمشي بإيمان، وتتجمّلي بالستر، وتعيشي بأنوثة مؤمنة، رزينة، ومليانة حياة.
وفي الآخر، الحجاب مش فرض وبس...
الحجاب حب.
حب لله... حب لطريقه... حب لنفسك.
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا