القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل الخامس والاربعون 45بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)

 

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل الخامس والاربعون 45بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)





رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل الخامس والاربعون 45بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)


الفصل الخامس والأربعون من #عذرًا_لقد_نفذ_رصيدكم

#شارع_خطاب


بقلم #fatma_taha_sultan


____________


اذكروا الله.

دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية.


_____________________


كانُ الوقُوف أمَامكَ وَتَصنِع أللامُبالاة أمَر مُحبب ، في حينَ كان التَوَتِر يّنهشُ أطرَّافيّ.


#مقتبسة


‏« أنا أؤمن بالحُبّ الذي يجعل الإنسان في حالة دائمة من الأمان.. مهما بلغت شدة تقلباته وعواصف الأيام من حوله »


#مقتبسة 


أود أن نبقى معاً

 على أي حال

 كنتَ 

وتحت وطأة أي شعور

 قد يجتاحنا 

لا أرغب بشيء

 سوى أن أحتفظ بك

وألا أضيعك من بين يداي.


#مقتبسة


_______________


جاءت اليوم في الصباح الباكر من دبي...

عادت إلى المنزل ثم ظلت نائمة حتى وقت العشاء حينما وصل والدها.


كانت تجلس معه على الطاولة يتناول كلاهما الطعام في صمت إلى قرر أن يتحدث والدها بعدما توقف عن الطعام:


-من بكرا بقا ترجعي الشغل أو بعد بكرا بالكتير..


هزت رأسها بإيجاب فهي أصبح تعمل في المقر الرئيسي الخاص بشركات والدها وقت الإجازة كون أن امتحاناتها انتهت....


قالت ريناد بتساؤل:


-كنت بتقول وأنا في دبي أن في موضوع عايز تكلمني فيه وكل ما اقولك في إية تقولي لما تيجي...


-كنت هقولك بعد العشاء بس مدام فتحتي الموضوع دلوقتي نتكلم..


نظرت له بفضول لتسمعه يقول:


-في عريس متقدم ليكي...


توقفت ريناد عن الطعام ثم نظرت إليه بعدم فهم وقالت تعليق عبثي من الدرجة الأولى نابع من دهشتها، تلك المرة الأولى الذي يخبرها والدها بأن هناك رجل تقدم لخطبتها...


-عريس إيه دا ولمين وازاي؟!.


ضيق محمد عيناه متحدثًا بسخرية لاذعة:


-هيكون لمين يعني؟ ما أنا بقولك ليكي، وبعدين يعني ايه دا وازاي اللي بتقوليها دي؟؟؟ عريس عادي متقدم ليكي وبالمناسبة تعرفيه...


سألته ريناد بانزعاج واضح:


-مين ده؟؟.


-مروان ابن دكتور مجدي...


"دكتور مجدي" تعرفه جيدًا، هو طبيب أسنان معروف ومن الدائرة المحيطة بوالدها من معارفه..


 تعرف ابنه معرفة سطحية لكن منذ مدة طويلة جدًا لم تراه ما الذي جعلها تخطر على عقله؟...

ليس بينهما أي شيء...


أخذ يسترسل حديثه ويعرفها على المعلومات الجديدة:


-هو أصلا دكتور أسنان بس مش شغال فيها أوي يعني يومين في الأسبوع بس لكن شغله دلوقتي في الـDigital marketing، كان خاطب وفسخ خطوبته من سنتين تقريبًا لأنه معجبش خطيبته أنه قرر يغير شغله مع أنه نجح جدًا فيه...


تحدثت ريناد بانزعاج جلي وعصبية حاولت أن تخفيها قدر المستطاع:


-ربنا يوفقه لكن أنا مش عايزة اتجوز لسه فاضلي ثلاث سنين في الجامعة وأنا مش حابة اتجوز بالطريقة دي..


تمتم محمد بنبرة هادئة يحاول أن يفسر الوضع:


-انت مبقولش اتجوزي بكرا، اكيد في فترة تعارف وخطوبة الأول يعني مش أقل من سنة...


هي مُعلقة بمجرد وعد أو حديث لم ينطق به أحد بطريقة صريحة أو غير صريحة حتي....لكنها تصدقه...


والدها يعلم تعلقها من وقت عودتها من بهية لكنه يرغب بأن تفكر في شيء أخر رُبما هو تعلق في نظره بسبب الاختلاف قد انجذبت له...


هو يرغب في أن لا تظل معلقة بشيء ليس من الممكن حدوثه...


أردفت ريناد بنبرة مترددة:


-لا مش عايزة اتجوز...


قال محمد بإصرار واضح:


-بلاش نرفض حاجة من غير ما تدي نفسك فرصة، تقابليه مرة، اتعرفي عليه لو لسه رأيك زي ما هو خلاص اعتبريه موضوع وانتهى، مش هيحصل حاجة لو قعدتي وسمعتي الطرف التاني...


-واقعد ليه وأنا مش عايزة...


تناول محمد المياة وروى عطشه بسبب جداله مع ابنته الذي جعل حلقه يجف، ثم غمغم:


-ساعة من وقتك تشوفيه فيها مش هتخسري أي حاجة محدش هيجبرك على حاجة بس بلاش نرفض من غير سبب في أوقات فرص لو ضاعت بنندم عليها العمر كله، وبعدين خصوصًا أن مفيش سبب مقنع للرفض ولا في حاجة أنا معرفهاش؟؟..


توترت من سؤاله وكانت ترغب في مصارحته لكنها وجدت بأنها لا تجد شيء ملموس أو حقيقي قد تستطع إخباره به لذلك غمغمت بتردد:


-مفيش حاجة هيكون في إيه يعني؟..


_____________


مرت ليلة أمس بسلاسة وطريقة طبيعية جدًا..


نامت سلمى في الفراش مع شقيقتها واستيقظت في الصباح، قامت بـ تحضير الفطور لهما بعدها قامت بقضاء فرضها ثم أتى وقت الرحيل؛ الجدير بالذكر بأن سلمى قد تركت عمله...


لا تعلم هل هو بشكل مؤقت أم دائم لكنها في الوقت الحالي لا تمتلك أي قدرة لفعل شيء...


هي تمر بحالة مزاجية جديدة عليها..

يوم تستيقظ من النوم بخير...

اليوم الأخر تستيقظ بحالة مزاجية صعبة جدًا..

عليها قبل أن يكون مع الجميع...


جاءت حتى تخبر شقيقتها بأنها سوف ترحل لأن نضال يرغب في أخذها إلى مكان ما لم يخبرها عنه، بعد أن يتناول معها الغداء....


لكن شقيقتها كانت تجلس على الأريكة تبكي في صمت، فاقتربت منها سلمى بلهفة بعدما رأت هذا المشهد:


-مالك يا جهاد، في إيه؟؟؟؟!..


تحدثت جهاد بألم حقيقي:


-هيكون مالي يعني؟؟..


ثم أسترسلت حديثها تفصح عما يتواجد بها:


-أنا تعبانة أوي يا سلمى وحاسة إني لوحدي بحاول أقول أن كل حاجة هتعدي وكل حاجة في أولها صعب وهتعدي بس مش حاسة أنه هيعدي ولا أن في حاجة هتعدي ولا هنقدر نعيش حياتنا عادي زي الأول..


نظرت لها سلمى بألم..

هي تشعر مثلها..

كلمات المواساة لا تستطيع مداوة جرحهما..

لكن لا يجب على الانسان فعل شيء سوى تحمل الألم وأن يبث الأمل في نفسه حتى ولو كان مستحيلًا..


أردفت سلمى بنبرة هادئة وهي تضع يدها على كتف شقيقتها:


-اهدي يا جهاد لو مش علشان نفسك يبقى علشان خاطر اللي في بطنك، الزعل ده مش حلو علشانك، وأنا جنبك..


قالت جهاد باستياء وانزعاج شديد:

 

-أنتِ مش جنبي حتى مش عايزة تقعدي معايا وأنا لوحدي مهما وفاء حاولت أو طنط انتصار في النهاية هفضل لوحدي وسلامة مسافر ومش عارف ينزل.


تحدثت سلمى بنبرة جادة:


-أنا مش هقدر اقعد هنا يا جهاد قدري موقفي..


قالت جهاد بإصرار شديد وهي تشرح لها الوضع بطريقة منطقية:


-ليه مش هتقدري؟ ده بيت اختك وأنا لوحدي وحامل، ومش قاعد معايا حد علشان يقيد حريتك، وده بيت جوزك أساسا وهو مش هيعترض يعني هو نفسه أساسًا يبقى ليه العند؟! ليه عايزة تفضلي لوحدك وأنا لوحدي كل واحدة تنام وهي بتعيط؟!.


ثم سخرت من حالهما:


-اهو بدل ما كل واحدة تعيط لوحدها اهو نعيط مع بعض أحسن...


أسترسلت حديثها بإصرار ورجاء حقيقي وهي تمسك يد سلمى مغمغمة برجاء طفلة كالتي تعرفها سلمى، في النهاية هؤ شقيقتها ذات العقل الصغير:


-علشان خاطري يا سلمى خليكي جنبي أنا فعلا محتاجاكي الفترة دي، علشان خاطري ريحيني متحسسنيش إني بقيت لوحدي..


تخاطبها وكأنها لا تمر بالشيء ذاته ولكن سلمى غمغمت بعد تنهيدة خرجت منها شاعرة بأن عليها الوقوف مع شقيقتها وأن تكون لها الونس والأنس في النهاية هي الصغيرة ومن تحمل بأحشائها طفل وتخشى أن تمر بحالة نفسية سيئة أكثر من ذلك ويؤثر هذا على جنينها كما أخبرتها الطبيبة...


-حاضر يا جهاد بس مش الاسبوع كله وهحاول اظبطها...


_______________


تجلس وفاء مع أبيها كالعادة تحدثه في أمر مجدي الذي يقلقها في الآونة الأخيرة...


غمغم زهران بعدما سحب نفس من أرجيلته مغمغمًا:


-معلش يا بنتي أنا عارف أنك زهقتي من القعدة وزهقتي من الانتظار صدقيني المحامي مطمني بس الحاجات دي بتأخد وقت وفات الكتير ما بقى إلا القليل أن شاء الله أقل من شهرين والبطاقة تكون في إيدك.


أردفت وفاء بتردد وانزعاج حقيقي:


-مش عارفة بس انا دايما بقلق أن هو يغير كلامه..


سحب زهران نفس من أرجيلته ثم تحدث ساخرًا:


-متقلقيش مجدي يعبد القرش وهو عارف أنه لو عند معاكي ده مش في مصلحته لأنه مش هياخد حاجة منك ساعتها، وهو عايز الفلوس والورث مش عايز حاجة تانية يمكن الحسنة الوحيدة اللي امك عملتها هي أنها كتبت كل حاجة باسمك غير كده مكنش في حاجة هتهمه.


قالت وفاء بحزن حقيقي:


-ربنا يرحمها...


رغم انزعاج زهران منها لكنها في النهاية ليست على قيد الحياة حتى يقوم بمحاسبتها:


-يارب..


ثم أردف زهران:


-قومي اعملي لينا كوبايتين شاي كده وبلاش تتعبي نفسك أنا هتصل بيهم يبعتوا لينا الغداء، شوفي عايزة إيه علشان اكلمهم فكري....


تمتمت وفاء ببساطة شديدة فهي لا ترغب في شيء بعينه:


-شوف اللي يريحك عادي أنا مش عايزة حاجة معينة، هقوم اعمل الشاي واجي...


بالفعل رحلت وفاء حتى تصنع الشاي، متوجهة إلى المطبخ، وهنا قرر زهران أن يتصل بـ زوجة أخيه انتصار فهو رأها منذ نصف ساعة كانت ذاهبة لشراء احتياجات المنزل وكانت بمفردها لذلك هذا أنسب وقت للاتصال بها...


ردت عليه انتصار:


-ايوة يا زهران..


تحدث زهران بنبرة هادئة:


-ازيك يا ام سامية عاملة إيه؟؟.


-الحمدلله بخير..


سألها زهران بوضوح:


-أنتِ لسه برا البيت ولا جيتي؟؟.


قالت انتصار نافية عودتها:


-لا لسه برا هو في حاجة ولا إيه؟؟.


أردف زهران وهو برغب في الاطمئنان على ابنه اخيه:


-لا أنا بس عايز اطمن على البت سامية، أنا مرضتش اجي علشان ميبقاش كل يوم بنط ليها وتحس أننا فوق دماغها وعلشان لو في حاجة هي حابة تحكيها ليكي تتكلم في النهاية أنتِ أمها المفروض تقولك...


جاءه صوت انتصار ساخرًا:


-قالت ليا بعد ما أصريت عليها...


-قالت إيه؟؟ عمل إيه المحروس خلاها تغضب وتسيب البيت بقا؟؟؟..


ردت عليه انتصار بغضب حقيقي لكنها فعلت هذا بسبب رغبة سامية في أن تخبر عمها رُبما هو غضبها ما جعلها تفعل هذا:


-قفشته كذا مرة..


-بيخونها يعني ولا إيه؟!..


-لا قفشته مع الموبايل.


لم يفهم زهران للوهلة الأولى ما تقوله مما جعله يعقب بعدم فهم:


-يعني ايه قفشته مع الموبايل؟؟ كان بيكلم واحدة على الموبايل ولا إيه؟؟؟!..


تحدثت انتصار بحرج:


-قفشته مع الموبايل يا زهران بيتفرج على حاجات واللي فهمته أنها مش اول مرة وعدتها قبل كده...


هكذا انتهت المكالمة بينهما وجاءت من الداخل وفاء وهي تحمل الصينية الذي يتواجد فوقها كوبين من الشاي مغمغمة بفضول لن تنكره فهي سمعت بعض الأشياء لم تفهمها كلها ولكنها علمت بأن الأمر يخص سامية وحمزة...


-في حاجة جديدة بخصوص سامية؟؟..


قال زهران ببساطة شديدة وكأنه لم يسمع شيئًا من زوجه شقيقه، محطمًا آمال سامية في معرفة أي شيء يخصه، بالرغم من شخصية زهران المرحة أحيانًا واللامبالية إلا أنه لا يتفوه إلا بما يريده وفي موضعه:


-لا مفيش حاجة، اهي لسه قاعدة، متشغليش بالك بحاجة المهم هنأكل إيه؟!


____________


بعد حديثها مع جهاد غادرت وذهبت مع نضال إلى أحد الأماكن، كان المكان من اختياره هو..


هي لم يكن لديها رغبة للذهاب إلى مكان معين...

قد فقدت شهيتها ورغبتها تجاة كل شيء تقريبًا...


أخبرته حينما قام النادل بأخذ الأطباق الفارغة.


-أنا قررت أقعد مع جهاد علشان هي نفسيتها تعبانة وأنا خايفة عليها خصوصًا أن هي لوحدها يمكن لو سلامة هنا كانت الأمور هتكون أفضل وأحسن..


تهللت أساريره حتى ولو لم تفعل هذا من أجله يكفي أنها فعلت، وهذا سيجعله مطمئن عليها أغلب الأوقات، سمعها تسترسل حديثها بطريقة منطقية..


-مش هعرف أقعد في مكان مش مكاني لأني ماخدتش على كده بس هحاول أغلب الأيام أكون معاها، لكن في النهاية أنا ليا بيت وأكيد مش كل يوم هكون عند جهاد...


تحدث نضال تلك المرة ببساطة على الأقل تم وصول إلى نقطة وسط أو أرض محايدة كما يقولون:


-اللي يريحك أعمليه أهم حاجة تكوني مرتاحة......


هزت رأسها بإيجاب فأسترسل هو حديثه مغيرًا الموضوع:


-المهم دلوقتي عايزين نشوف المطبخ الحيطة اتبنت وعايزين نجيب سيراميك وعمومًا أنا جيبت مهندس بقا يرسم الشقة والمقاسات يظبطها علشان نعمل العفش وكل حاجة أنا اخدت معاه ميعاد يوم الخميس...


قاطعته سلمى بفظاظة وأعصاب منهارة حقًا هي ليست بخير أبدًا:


-يعني أنتَ شايف أن ده وقت الشقة وكل ده؟ يعني مش حاسس بيا..


تحدث نضال بهدوء ولم يغضب بل حاول أن يكون صبورًا قدر الإمكان:


-هو أنا قولت إيه يا سلمى لكل ده؟ مش في كل الأحوال المفروض نخلص الشقة ونجهزها عملت إيه مختلف عن اللي كنا بنخطط له يعني؟؟ ليه مضايقة وبعدين أحنا مورناش حاجة ولا معطلك عن حاجة أنتِ حتى الشغل سيبتيه..


-برضو مش وقته ياريت تحس باللي بمر بيه وبلاش كلام في حاجات ملهاش لازمة ياريت يكون في أحساس شوية...


في بعض الأحيان تشعر بأن من أمامك لا يشعر بك، لا يهتم لجرحك، لا يقدر موقفك فقط لأنه بطريقة مختلفة يرغب في أن يشتت ذهنك وأن يخرجك مما تتواجد به هو لا يفعل هذا لأنه لا يهتم بك هو فقط يحاول أن يخرجك منه بطريقته....


هتف نضال ولم ينزعج أبدًا:


-ارجعي شغلك قعدتك من غير ما تعملي حاجة في الوقت الحالي غلط...


أنفجرت في البكاء مرة واحدة دون سابق أنذار مما جعل نضال ينهض من مقعده ويجلس بجوارها على الأريكة الجلدية مغمغمًا:


-حقك عليا لو كنت ضايقتك...


ثم مد يده وسحب منديل ورقي وأخذ يمسح دموعها فأخذت منه المنديل وأستكملت هي، مغمغمة بنبرة حزينة وتائهة حقًا:


-أنا اللي أسفة، طريقتي معاك مش كويسة بس أنا تعبانة ولسه مش فاهمة، كل يوم الواحد بيقول هيكون أحسن بس كل يوم الواحد بيصحى فيه ومش بيلاقيها وبيلاقي الوضع زي ما هو بيتعب أكتر.....


تمتم نضال بنبرة هادئة وهو يضع يدها بين كفيه:


-أنا مقدر كل اللي بتمري بيه وأنا جنبك تحت أي وضع وصدقيني كل حاجة في أولها صعبة ومحدش بينسى اللي بيفارقوه بس الأكيد أنه هيتأقلم لأن الدنيا لازم تستمر مينفعش نقف مهما زعلنا ومهما حصل لازم نقوم ونشوف اللي ورانا ده حال الدنيا وده مش معناه أننا ناسيين لكن لازم نرضى بقضاءه......


قالت سلمى بنبرة متعبة:


-ربنا يرحمها يارب....


-يارب.


_______________


....مــر أسـبـوع....


لم يأتِ أي شخص من أجل الوظيفة...

لم يأتِ شخص حتى وتم رفضه..


كانت كل يوم تأتي مع أمل جديد بإتيان أي شخص، لكن انقطع الأمل اليوم تحديدًا حينما اتصلت بالمستشفى لتعتذر لهم عن عدم حضورها وبدأها للعمل حتى الآن لتأخذ الخبر الذي اغضبها وأفقدها اتزانها أن كان موجود من الأساس بأنه تم تعيين أمرأة أخرى ليلة أمس بسبب مماطلتها وهم يحتاجون إلى شخص متفرغ للبدء....


وقتها ذهبت إلى مديرتها المباشرة "نادين" لتخبرها بأنه تم نشر الخبر "حسب ما يقولون" ولم يأتِ أحد، عقبت نادين تعقيب ساخر بأنه ليس عليها أن تحضر الناس من بيوتهم لأنها قررت أن تترك العمل فجأة...


كالعادة لم يعجبها حديث نادين ولم تشعر بأنها بالفعل تعاملها كالباقيين أو أنها تتخذ قرارات تخصها بشكل مباشر...


فأخذت تبحث عن صفحة المستشفى، المجموعات، والمنصات لم تجد أي إعلان...


وقتها عزمت على أن تذهب له حينما تنهى عملها هي سوف تتحدث معه بطريقة مباشرة لأنه كذب عليها..............


أضاع الفرصة التي كانت في انتظارها، ورغم كل السوء الذي في الأمر الشيء الوحيد الجيد فيها بأنها كانت قريبة من المنزل مقارنة بأي عمل أخر من الممكن أن تجده....


بعدما انتهت من عملها علمت بأنه وصل حديثًا إلى المستشفى ذهبت إلى مكتبه وكالعادة انتظرت حتى تخبره السكرتيرة الخاصة به بأنها هنا وترغب في مقابلته....


بعد مرور عشر دقائق تقريبًا....


كانت تدخل من باب المكتب ليستقبلها بابتسامة هادئة:

-ازيك يا مدام إيناس، اقدر اساعدك في إيه؟؟..


بشاشته تزعجها وتوترها لكنها حافظت على ثباتها وهي تشدد قبضتها على حقيبتها الجلدية وكأنها تحتمي بها من شيء تجهله، رُبما تحتمى بها من مشاعر تصيبها بالتشوش والقلق....


لكنها خشبت ملامحها متحدثة بانزعاج واضح:


-والله أنا مش كويسة.


ضيق جواد عينه متحدثًا بعدم فهم ظنت هي بأنه يتصنعه:


-ليه حصل إيه؟؟..


ابتلعت ايناس ريقها ثم أردفت موضحة:


-حضرتك قولتلي ارجعي شغلك لغايت لما تجيبوا حد بدالي وإني مينفعش اسيب الشغل مرة واحدة بالشكل ده وأنا قولت حاضر.


هز رأسه بإيجاب موافقًا:


-ايوة أنا قولت كده، إيه المشكلة مش فاهم؟..


تمتمت إيناس بسخرية أصبحت لا تتحكم بنفسها:


-المشكلة أن حضرتك معملتش اللي قولته أنا عملت search في كل حتة ملقتش أصلا في إعلان...


هتف متصنعًا بالفعل عدم المعرفة تلك المرة لم يكن صادقًا:


-والله مش أنا اللي بعمل، المفروض كلامك ده يتقال لـ نادين هي المديرة، وأنا مش المفروض اسيب شغلي والعمليات والكشوفات وأنزل الإعلان بنفسي أنا بلغتهم ويمكن حصل حاجة ومحدش نزل لسبب معين...


قالت إيناس بنفاذ صبر كلماته استفزتها حقًا:


-والله أنا كل ما أروح أنا بالذات أتكلم معاها مش بتقول ليا حاجة مفيدة...


ضيق عينه وعقد ساعديه متحدثًا بتوجس جعلها لا تعلم هل يجب عليها أن تضحك أم تصرخ في وجهه والخيارين لم تستطع فعلهما:


-أنتِ قصدك أن نادين مقصرة في شغلها يعني؟؟؟..


أحمر وجهها غضبًا حقًا، ولكنه تفادى ذلك مغمغمًا:


-على العموم أنا هكلمها تاني بخصوص الإعلان، تؤمريني بحاجة تانية؟؟.


صاحت إيناس مستنكرة رغمًا عنها ولم تكن نبرتها مرتفعة بشكل كبير:


-أنا الفرصة راحت عليا بسببكم..


رغم أنه شعر بالسعادة إلا أنه قال بحزم:


-والله متأسف لخسارتك حقك عليا...


قالت قبل أن تغادر:


-أنا الشهر ده أخر مدة هقعدها سواء جه حد أو مجاش أنا همشي و عن إذنك...


________________


تقف في المطبخ تقوم بتحضير الغداء وكانت ماهرة في ذلك صحيح أنها لم تصل إلى مستوى نضال لكن مستواها جيد جدًا..


جاء زهران وهو يقف أمامها من خلف الرخامة التي تفصل بين المطبخ والخارج مغمغمًا:


-خلاص وقفي الأكل على كده يا بنتي وانزلي تحت أو لو عايزة تخرجي شوية اخرجي ساعتين كده وتعالي وخدي جهاد معاكي وهخلي حد يوصلكم..


أستدارت له وفاء متحدثة بعدم فهم لكنها أنهت حديثها بطريقة مرحة :


-في إيه؟ شكلك عايز تبعدني وخلاص كده هصدق أن كلام سلامة صح وأنك بدور على عروسة...


ابتسم لها زهران ثم غمغم ساخرًا:


-وهو أنا هتجوز على ميعاد الغداء، ما لو عايز اتجوز كنت قولتلكم هو أنا هخاف منك ولا من جوز الثيران التانين..متسمعيش كلامهم، دول بيبوظوا علاقتي بيكي....


نظرت له وفاء بعدم فهم ثم تحدثت:


-اومال في إيه؟؟..


تمتم زهران موضحًا وهو يفسر لها:


-الواد حمزة جاي النهاردة، اتصل بيا وأنا قولتله يجي علشان اتكلم معاه..


توترت من ذكر اسمه لكنها ردت بنبرة عادية تفسر له، وتعبر عن استنكارها:


-وإيه المشكلة مهوا أكيد هيجي يقعد عندهم إيه اللي هيجيبه هنا؟..


وضح لها زهران ما يرغب فيه:


-لا أنا عايز اتكلم معاه شوية لوحدنا هنا قبل ما يدخل علشان كده أنا بقولك انزلي كنتي عايزة تشتري حاجات بتقولي....


قالت وفاء بنفاذ صبر:


-ماشي اللي أنتَ عاوزه...


بعد مرور ساعة تقريبًا...


كان زهران يقوم بوضع الفحم في المكان المخصص له بأرجيلته مغمغمًا:


-بقالك أسبوع سايب مراتك ولسه فاكر النهاردة تيجي يا أستاذ حمزة..


أبتلع حمزة ريقه ثم أردف بنبرة منزعجة:


-لا يا عمو والله الفكرة بس إني اترددت أجي بسبب سامية، سامية مش بترد عليا خالص ولا هي ولا أمها، وبعتلها كتير رسايل بحاول أراضيها فيها قبل ما اجي أخر حاجة بلكتني...


ضحك زهران ثم سحب نفس من أرجيلته مغمغمًا بسخرية واضحة:


-والله ده نظام جديد مسمعتش عنه مع إني اتجوزت سبع ستات؛ أول مرة أعرف أن الست المفروض ترد على جوزها لما تكون غضبانة منه...


ابتلع ريقه ثم تحدث بنبرة جادة وواضحة:


- اسمعني كويس مدام الست سابت بيت جوزها وجت بيت أهلها ده معناه أن الموضوع كبر، كبر لدرجة أنها مش طايقة تبص في وشه، مش رسالة ولا مكالمة اللي هتصلح الوضع لأنه لو كان ينفع يتصلح كان اتصلح في بيتكم بينكم وبين بعض....


تمتم حمزة يحاول قول أي حجة مقنعة:


-سامية سليطة ومش بتعمل غير.....


قاطعه زهران وهو يترك خرطوم الأرجيلة من يده مغمغمًا:


-يعني بنت اخويا سليطة وهو ده سبب المشاكل صح؟؟ عموما حتى لو هي كده دي مش حاجة جديدة أول مرة تعرفها، مهي فعلا بتعمل اللي في رأسها لدرجة أنها خليتنا نوافق على جوازة زي الجوازة المنيلة اللي أحنا فيها دي، وأنتَ سيد العارفين أن محدش فينا كان عايزك وهي مشت اللي في رأسها ده مش حاجة جديدة مكتشفها...


كاد حمزة أن يتحدث لكن اسكته زهران وهو يشير له بسبابته:


-اسمع أنا مش جايبك هنا علشان تتكلم أنا جايبك علشان تسمع، بنت اخويا سليطة اللسان ماشي، لكن مش ده أساس المشكلة، المشكلة القرف اللي بتشوفه وبنت اخويا ساكتة عنه وشكلها سكتت مرة و اتنين وتلاتة...


أردف حمزة بارتباك شديد وأصفر وجهه لم يتخيل أن سامية سوف تخبرهم بما حدث:


-لا الموضوع مش زي...


قاطعه زهران بسخرية واضحة:


-أنا مبحبش اللف والدوران كون دوغري معايا، البت قالت كل حاجة ملهاش لازمة بقا الكلام، لو كنت عارف تحلها يا قمور كنت حليتها في بيتكم قبل ما تتفضح قصادنا....


ابتلع ريقه ثم أردف مسترسلًا حديثه بنبرة واضحة:


-بقولك إيه المشكلة فيك البت مقالتش لامها اللي حصل بالظبط مقالتش غير أنها شافتك بتشوف القرف ده، بس أنا راجل وبقولك المشكلة فيك مش في بنتنا؛ بنتنا زي الفل، حل مشكلتك واتعالج مع نفسك.....


-هو أنتَ جايبني تهزقني يعني ؟؟ ده حتى الكلام ده أخد وعطاء..


ضحك زهران ثم أمسك خرطوم الأرجيلة وسحب نفس من أرجيلته ثم أردف:


-لا طبعا ده أنتَ مش هتلاقي حد في البيت ده كله ياخد ويعطي زيي، أنا هديك فرصة أخيرة؛ فرصة عرفت تستغلها خير وبركة، معرفتش أنتَ حر...


أبتلع حمزة ريقه مغمغمًا:


-أنا معاك في أي حاجة، تعوزها أهم حاجة سامية ترجعلي أنا بحبها وعايز أحافظ على بيتنا...


-أنا جيبتك علشان للأسف احنا ادبسنا فيك ودخلت بينا ومضطرين نكمل، والبت حامل...


علق حمزة تعليق غبي:


-مين اللي حامل...


رد عليه زهران مستنكرًا:


-سامية هتكون مين اللي حامل يعني؟؟.


انزعج ولكنه حاول أن يخفي انزعاجه:


-بس هي مقالتش ليا حاجة...


-يمكن كانت ناوية تقول قبل ما تشوف اللي شافته...


أسترسل زهران حديثه بنبرة هادئة وواضحة:


-وعلشان كده أنا بديلك الفرصة دي علشان تتقي الله وتحترم نفسك وتحترم مراتك وتبطل *****، بس قسمًا بالله العظيم لو عملت حاجة تاني أو سمعت عنك حاجة وهسمع وهعرف مفيش حاجة بتستخبى، مش هرحمك ومش هعديها مش حتى لو سامية قالت مسامحة ده لو اخويا طلع من تربته وقال عديها يا زهران مش هعديها.......


شعر حمزة بالخوف لكنه حاول الدفاع عن نفسه كونه أدرك بأن سامية لم تخبر أحد بما قاله لها وفقط زهران هو ما يتوقع:


-أنا مغلطش فيها وبعدين كل الشباب بتشوف يعني...


قال زهران بنبرة عصبية:


-بس يلا، الكلام ده تقوله لنفسك وتقوله لعيل من سنك مش لراجل زيي، وحتى لو مغلطش فيها بشكل واضح أي ست هتتجرح من حاجة زي دي حتى لو العيب فيك مش فيها، اتقي الله ربنا اداك الحلال بلاش بقا تتفرعن وبلاش ****...


ثم أسترسل حديثه موضحًا:


-أنتَ مشوفتش مرة واتنين وتلاتة ورجعت ده أنتَ مكمل، لو كانت غلطة ولا حاجة وندمت عليها بجد مكنتش اتقفشت ده بين أنك غرقان في القرف ده، ودي مشكلتك مش مشكلتنا..


ظل الحديث مستمرًا طويلًا بينهما أكثر من ساعة...

تحدث زهران بطريقة واضحة فيما سخص مشاهدته تلك المشاهد حديثه كان مخجل إلى أقصى درجة وأخيرًا سمح له بأن يذهب إلى شقة سامية ووالدتها وذهب معه......


كان زهران جالسًا على الأريكة وعلى الأريكة الاخرى تجلس سامية وبجوارها زوجها، أما والدتها كانت تجلس على المقعد بعدما صنعت القهوة...


تمتم زهران بنبرة هادئة:


-جوزك جاي يصالحك عرف غلطه وجاي يطايب بخاطرك وعايزك تسامحيه، عايزة ترجعي معاه أنتِ حرة أنا عن نفسي معنديش مشكلة في أي حاجة...


توتر حمزة بعد الحديث هذا كله الذي تحمله مُرغمًا هو يترك الكرة في ملعبها؟!


لذلك تحدث:


-ما تخليك محضر خير يا عمو زهران في إيه؟..


تمتم زهران بنبرة جادة:


-هي حرة في الأول والآخر احنا علينا النصح وبس..


ثم أسترسل حديثه وهو يتحدث مع سامية وينظر لها:


-جوزك جه وعرف غلطه وناوي يقفل الصفحة الـ**** دي، ويتقي الله، يقرب من ربنا ويدرك أن اللي بيعمله ده غلط وهيضيعه ويخرب بيته ويضيع صحته، جاي وعايز يرجعك عايزة ترجعي اتفضلي ولا إيه رأيك يا ام سامية؟.


تحدثت انتصار بانزعاج جلي فقط ما يجعلها تلتزم الصمت حمل ابنتها:


-هي حرة لو عايزة ترجع..


تمتم حمزة بجدية شديدة وهو يحاول أن يقنعهما بصدق حديثه:


-والله مش هكررها، ومش هزعل سامية تاني حقها عليا، أنا غلطت لكن ندمان ومقدرش أبعد عنها كل ده، أنا ندمان والله وعايز احافظ على بيتنا وفرصة منها بس، علشان أصلح غلطي كل الناس بتغلط وهي عارفة أنا بحبها قد إيه........


تحدث زهران متعجبًا من صمت سامية:


-ما تتكلمي يا بنتي هتفضلي ساكتة كده؟؟؟..


قبل حمزة رأسها عنوة عنها ثم تحدث:


-والله أنا مستعد أعمل أي حاجة تعوزيها بس متبعديش عني والله أنا غبي وحقك عليا، أنا أسف يا سامية......


غمغم زهران بنبرة جادة:


-اديله الفرصة يا بنتي يمكن تكون المرة دي بجد ولو عمل أي حاجة تاني يكون خلاص هو جاب أخرها....


هزت سامية رأسها بإيجاب وهي تعلن موافقتها على حديث عمها، وبالفعل نهضت وأرتدت ملابسها بعد مدة حاول حمزة أن يقنعها أمام عمها ووالدتها مقبلًا يدها، وهو يهتف بكل أساليب الاعتذار والرجاء.......


هبط زهران يقوم بتوصيلهما إلى السيارة الخاصة بحمزة وأخبرها زهران بأنه سوف يرسل أحد الشباب مع سيارتها لها في المساء...


أغلق حمزة الباب بعدما جلست سامية على المقعد، ثم سار بضعة خطوات إلى زهران متحدثًا وهو يمد يده إليه يصافحه:


-شكرًا يا عمو على وقفتك جنبي..


-انا اسمي المعلم زهران يا حبيب عمو...


صافحه ثم شدد قبضته على يده وأشار بيده الأخرى نحو اللحمة المعلقة في الجزارة التي تتواجد أمام المنزل:


-زي ما اتفقنا، ولو سمعت عنك أي حاجة، شايف اللحمة اللي متعلقة دي، واللحمة اللي واقفين يشفوها هحطك مكانها وبعون الله ما حد هيشفيك غيري........


__________


تجلس على الفراش بمفردها لم تأتِ سلمى بعد هي ذهبت من أجل أخذ ملابس لها من منزلها فهي لم تأتي سوى بملابس قليلة جدًا منذ أيام...


مازال الوقت مبكرًا....


منذ قليل هبطت وفاء من أجل أخذ حمام دافئ بعدما عاد الاثنان من الخارج...


 وسوف تعود لها مرة أخرى للجلوس معها ومع سلمى حتى تكون قد أتت من هناك..


اتصل سلامة كعادته بعدما انتهى من عمله وكان مندهشًا من ردودها الغريبة والمقتضبة وكأنها لا ترغب في الحديث معه...


تمتم سلامة بنبرة جادة وهو يخاطبها؛


-جهاد هو فيه حاجة؟؟..


-مفيش حاجة.


إذا أخبرتك المرأة بأنه ليس في الأمر شيء..

أعلم بأن الأمر فيه...

به..

منه..

و عليه..


جاءها صوت سلامة ساخرًا:


-أنا كده اتأكدت أن في حاجة فعلا، قولي يا جهاد في إيه الله يباركلك أنا ما قادر ولسه راجع من الشغل..


سألته جهاد بوضوح شديد تلك المرة من دون مراوغة:


-سلامة أنتَ بتخوني...


-أنتِ عبيطة يا جهاد صح؟؟.


ردت عليه جهاد وهي تضع الهاتف على أذنيه مغمغمًا بجدية:


-سلامة أنا مبهزرش على فكرة..


أردف سلامة بلا مبالاة:


-تبقي اتجننتي لو مش بتهزري..


-رد عليا يا سلامة أنتَ بتخوني؟...


جاءها صوته عبر الهاتف بانزعاج جلي:


-أنا قولت الليلة دي مش فايتة..


قالت جهاد بذكاء خارق واستنتاج باطل:


-بتماطل في الكلام ومش بترد.. ده ليه؟ بتوه الموضوع علشان أنا على حق يا سلامة، أنتَ فعلا بتخوني مدام مش بتجاوب عليا أنا أتاكدت...


هتف سلامة بسخرية واضحة:


-ماشي أنا حيوان وقررت أخونك هنا مع إني مش لاقي غير هنود؛ بس أنا قررت يا ستي، هخونك امته؟؟؟ أنا يا بكلمك يا بشتغل وحتى وأنا بشتغل بقعد اكلمك شات، وباقي اليوم ست أو سبع ساعات بنام فيهم ده لو مكنش أقل من كده....


هتفت جهاد بلا مبالاة:


-اللي عايز حاجة بيعملها، بيعملها ويلاقي ليها وقت ده مش مبرر أنتَ بتخوني يا سلامة...


-والله ما عملت حاجة...


قالت جهاد بإصرار كبير وكأن بحوزتها دليل قاطع لخيانته:


-مهما تقول وتحلف أنا متأكدة أنك بتخوني يا سلامة.........


أردف سلامة تلك المرة بنفاذ صبر وسخرية واضحة:


-والله؟؟ طب بما أن حلفاني مش عاجبك وكلامي مش عاجبك إيه دليلك...


ردت عليه بثقة عمياء وحماقة في نظره:


-أنا شوفت بوست لواحدة بحب اتابعها وبصدقها من سنين قالت أن أغلب الرجالة اللي متغربة متجوزين هناك فلبنيين أو في اللي ماشي أصلا هناك وبيخون مراته الغلبانة الحامل الصغيرة اللي لوحدها...


سمعت صوت ضحكته الرنانة ثم حاول التوقف عن الضحك وهو يسألها بجدية من وسط ضحكاته:


-هي قالت مراته الغلبانة الحامل الصغيرة، ده كان ناقص تحط اسمك محطيتهوش ليه؟؟؟..


-اتريق، اتريق وغير الموضوع ما أنتَ اتقفشت خلاص.


سألها سلامة بنبرة أكثر جدية:


-اشمعنا فلبنية؟ ليه مش مصرية، هندية؛ باكستانية، أي جنسية تانية اشمعنا الفلبنية؟؟؟.


سألته هي تلك المرة:


-والله؟ ما تقولي بقا أنتَ اللي معاك جنسيتها إيه على كده؟؟...


أردف سلامة تلك المرة بنبرة صادقة:


-اتهدي يا جهاد وبطلي هطل بقا...أنا قبل ما بحبك وقبل أي حاجة أنا بخاف ربنا ولا همشي مع واحدة ولا هتجوز عليكي...


-من شبة أباه فما ظلم..


رد عليها سلامة ساخرًا:


-لا كله إلا أبويا خط أحمر وبعدين ابويا راجل واضح وصريح وأهم ما يميزه أنه مش خاين...


ثم أسترسل حديثه باهتمام حقيقي:


-وبعدين بقا بطلي هطل وطمنيني عنك عاملة إيه، وإيه اخبارك أنتِ وسلمى؟...


_______________


كان والدها مُصرًا...

طوال الأسبوع لم يكل ولم يمل...

هو يرغب في أن تجلس مع الشاب وتعطي ذاتها فرصة، كل يوم كان يتحدث في الأمر حتى أنه وضع موعد لها مع الشاب في أحد المطاعم القريبة نوعًا ما من المنطقة التي يسكنا بها...


يرغب بأن تجلس معه تتناول الغداء وتتعرف عليه إن لم يحدث قبول سينتهي الموضوع بعد ذلك من دون أن يدخل الأهل في الأمر...


ارتدت بنطال أسود وكنزة سوداء وحذاء رياضي؛ حتى أن شعرها قامت بتصفيفه بطريقة عشوائية رافعة أياه إلى الأعلى، كان مظهرها أشبة بمظهر فتاة ذاهبة إلى النادي، أو صالة الألعاب الرياضية لا فتاة تذهب لمقابلة شخص تقدم لخطبتها...


جلست معه على الطاولة وفي البداية طلب لهما القهوة قبل أن يفكرا في الطعام، الأهم في الأمر أن يتعرفا على بعضهما وأن تطيل الجلسة، أن أتى الطعام في البداية سينشغلا به ولن يتحدث أحد...


كان الشاب جميلًا، وسيمًا، لم يبالغ في هيئته وملابسه لكنه كان أنيقًا رغم أنه يرتدي بنطال كحلي وقميص أبيض، لم يبالغ ولكن هيئته كان تناسب ما أتى من أجله عكسها تمامًا....


أردف مروان بنبرة هادئة:


-شوفت فيديوهاتك ظهرت ليا من فترة وبجد أنا معجب بيها...


لم تفهم ما يعجبه في المقاطع التي في الغالب تخص الفتيات ولكنه أسترسل حديثه يشبه تجربتها فيه مما جعلها تفهم ما يرغب في قوله:


-عجبني أنك عملتي حاجة بتحبيها زي ما أنا عملت برضو، وأن الانسان مش لازم يمشي على اتجاة معين علشان يرضي اللي حواليه...


أخذت نفس ثم ردت عليه وهي عاقدة ساعديها:


-معاك حق.


تمتم مروان بنبرة لطيفة نوعًا ما:


-هنفضل طول القاعدة بتقولي معاك حق، أنا عايز اسمعك وتتكلمي، يعني أحنا هنا براحتنا احسن ما كنا نقعد في بيتكم والكل يكون موجود، لو حابة تسأليني عن حاجة..


تحدثت ريناد بنبرة جادة رغم أن الأمر كله لا يعجبها:


-مش عارفة المفروض أسال في إيه أنا اول مرة أقعد قعدة زي دي...


ابتسم لها مروان ثم غمغم مدركًا حيرتها لكنه لا يدرك ما يتواجد في فؤادها:


-أنا قعدتها كتير شوية، وكمان كنت خاطب معرفش عمو محمد قالك كده ولا لا....


أردفت ريناد بنبرة عادية:


-اه هو قالي وقالي أنك فركشت من مدة طويلة وقالي تقريبا علشان موضوع شغلك..


رد عليها مروان ببساطة:


-اه دي حقيقة بس مكنش السبب الوحيد يعني في أسباب تانية كتير محبش اتكلم فيها لأنها متخصنيش لوحدي بس الحقيقة يعني أو مجمل الموضوع أننا مكناش متفاهمين خالص ومش شبة بعض..


سألته ريناد بعدم فهم:


-كانت عن طريق عمو وطنط ولا كانت قصة حب؟!..


هتف مروان وهو يفسر لها، ومازال محافظًا على ملامحه:


-يعني كانت قصة حب يعتبر وكنا مع بعض في الجامعة.....


تحدثت ريناد بتعجب شديد مما يقوله:


-طب واللي خلاك تسيب اللي بتحبها وتحس أنكم مش متفاهمين بعد سنين كنتم فيها مع بعض ليه حابب أنك تتجوز صالونات زي ما بيقولوا ما أن الموضوع يمكن يطلع أوحش لأنك متعرفش الشخص اللي قدامك ولا تعرف حاجة عنه..


رد عليها رد ازعجها لأنه لمس شيء بداخلها:


-الحب مهم واكيد أنا مش هتجوز إلا انسانة احس إني حاببها وفي ما بينا قبول، لكن الفكرة أن الحب لوحده مش كفايا يمكن الفرق ما بينا في السن أنا وأنتِ مش كبير بس كل ما بتكبري بتنضجي وبتعرفي أن الجواز محتاج يكون اللي معاكي شبهك في التربية والتفكير..


ابتلع ريقه وأخبرها بجدية شديدة:


-ومحتاج تفاهم محتاج حاجات كتير أوي زي ما هو محتاج الحب، لأن الحب لوحده مش كفايا أبدًا لأن الحب يا يخلي حياتك أسهل وأحلى يا ممكن يكون هو سبب تعبك في الحياة أصلا..


كان الأمر مضحك في نظرها...

لأنها تقارن ما يقوله بالشخص الذي تحبه حقًا من دون شرط، أو وعد...


هي ودياب مثل الزيت والماء لا يختلط كلاهما......

لكنها تحبه وتتمنى أن يتخذ خطوة من أجلها..

حتى أن الكلمة منه تفرحها وتكفيها....


ماذا سوف يحدث بها إذا أتخذ خطوة؟..


تحدثت ريناد بانزعاج حاولت إخفاءه:


-إيه رأيك نطلب الأكل؟؟...


ثم أضافت إلى حديثها محاولة أن تجعل نفسها لطيفة نوعًا ما:


-حسيت إني جعت من الكلام...


-تمام يلا....


___________


عادت معه إلى المنزل، لم تتحدث معه طوال الطريق، كان يشعر بصمتها ورغبتها في عدم الحديث ولم يكن هو يرغب في الوقت ذاته أن يحاول معها، يكفي ما سببته له من حرج حينما أخبرت عائلتها بما فعله......


حتى أنه جلس أمام زهران يسمع حديثه كأنه طفل صغير يحتاج من يهذب تصرفاته...


غير المفاجأة التي أخبره بها زهران وهو حملها، رغم طلبه منها أن تتخذ احتياطاتها فهو لا يرغب في الأطفال تلك الفترة من حياته، لكنها يبدو أنها لم تستمع إليه...


لم تهتم برغبته!

لكن الواقع هو أنه افقدها توازنها؛ أصبحت تنسى العديد من الأشياء، تنشغل في تفاصيل أخرى تجعلها تهمل تلك الاحتياطات والتي بالمناسبة هي ليست آمنة مئة بالمئة......


وصلت إلى المنزل معه...

ولجت إلى حجرتها وقد أغلقت الباب على نفسها، لم تخرج إلا بعد ساعة تقريبًا بدلت فيها ملابسها وأعادت ترتيب الغرفة نوعًا ما يبدو أنه أحدث فوضى في الغرفة في غيابها، ثم خرجت من الحجرة تحت أنظاره وهو مازال جالسًا على الأريكة لا يفهم أي شيء..


ولجت إلى المطبخ صنعت مشروب لها ثم قامت بتنظيف الصحون الذي يبدو أنه مر عليها أيام وهي في مكانها وقامت بترتيب المطبخ ثم عادت تجلس على الأريكة الأخرى وقامت بتشغيل التلفاز...


هي تتعامل وكأنه لا يتواجد معها في الشقة...

وضعت قدم فوق الأخرى تتناول المشروب التي صنعته....


تمتم حمزة بانفعال طفيف وهو يتذكر تحذير زهران:


-إيه يا سامية مش ناوية تقولي أي حاجة؟؟..


ردت عليه ببرود اغضبه حقًا:


-لا كنت هقول.


-هتقولي إيه؟.


أخبرته بما كانت تنوي فعله:


-بما إني حاسة إني جعانة رغم أننا كلنا قبل ما نمشي من هناك فكنت هسألك لو أطلب ليك أكل معايا ولا أنتَ نازل؟..


تحدث حمزة بانفعال حقيقي وهو يكز على أسنانه:


-سامية بلاش نرفزة، أنتِ من ساعة ما جيتي متجاهلة وجودي...


تمتمت سامية بنبرة ثائرة:


-وأنتَ منتظر إيه اللي اعمله؟ هل اخدك بالحضن؟؟ انسى وعدك اللي خلفت فيه، وانسى اللي شوفته بعيني، ولا انسى اللي كملت عليا بيه واللي قولته....


هتف حمزة بعدم فهم يعبر عن تساؤلاته:


-اومال رجعتي ليه؟..


لماذا عادت هذا السؤال تسأله إلى نفسها ليس هو بمفرده...

هي ترغب في تحمل قرارها واختيارها إلى النهاية...


-مزاجي، لكن ده مش معناه إني سامحت أو نسيت..


لم يفهمها حقًا لكنه حاول عتابها مغمغمًا بانزعاج طفيف:


-يعني مش عيب يا سامية مهما كان نوع الخلاف ما بينا تروحي تفضحيني قدام أهلك...


تحدثت سامية تلك المرة بنبرة خافتة لكنها قوية:


-كويس أنك عارف أنه شيء يكسف، وبعدين بلاش تقول ليه ومش ليه علشان أنتَ اللي وصلتنا لكده من الأساس.


استمر في محاولته أن يقع الاثم عليها:


-أنتِ اللي كنتي بتحاولي تكسفيني قدام نفسي وأنا اكيد مكنتش حابب نوصل لهنا والاكيد برضو أني بحبك وباقي عليكي..


-اللي باقي على حد ميقولش اللي أنتَ قولته ويحاول تجيب الذنب عليا، وأن المشكلة فيا.


نهض من مكانه ثم جلس بجوارها على الأريكة مغمغمًا رغم عدم حبه أبدًا لفكرة حملها لكنه حاول أن يستغلها:


-خلاص اللي حصل حصل، خلينا نبدأ من جديد ونحاول، أو بلاش نحاول أنا اللي هحاول اني اغير من نفسي وانا مكنتش اقصد الكلام اللي قولته انا...


قاطعته سامية بنبرة منزعجة أكدت له من دون أن تقصد بأن الأمر أثر بها وكثيرًا:


-ياريت تسكت وبلاش تتكلم في الموضوع ده أحسن، والأحسن تقوم تاخد اللي تحتاجه من اوضة النوم وتنام في الاوضة التانية وبراحتك في أي حاجة تعملها.. 


لما أتت إذن؟!.

هذا السؤال يخطر على عقله...

لأنها لا ترغب بأن تشعر بالشفقة أو أن يذركها احد بأنه اختيارها حتى وإذا لم ينطقها أحد بطريقة مباشرة هي تشعر بهذا....


-سامية اللي بتعمليه ده مينفعش..


-زي اللي أنتَ عملته بالظبط..


تنهد حمزة ثم أردف بنبرة جادة وكان هذا أخر حل قد توصل إليه:


-أنا هنام في الاوضة التانية يوم أو يومين بالكتير لغايت ما تهدي وقلبك يصفى من ناحيتي مش أكتر..


تركته يقول ما يقوله وأخذت تبحث في هاتفها عن طعام تقوم بطلبه...هي تشعر بالجوع.....


لا تدري هل هذا نابع من حملها؟!

أم أنها ترغب في تناول الطعام بطريقة عاطفية لعل الطعام يسكت بعض الأصوات في عقلها.  


____________


تحرك نضال رفقة دياب متجهين صوب ذلك المطعم الأخير الذي تناول نضال الطعام فيه مع سلمى في اليوم الذي أخرجها فيه من منزلها رغمًا عنها...


كان مكان جديد وفي منطقة جديدة تمامًا، ولأن اليوم كان ينهي بعض الإجراءات الخاصة بمكان عمله برفقة دياب لذلك أخذه إلى هنا لأن المكان نال إعجابه المرة الفائتة...


وصل الاثنان ورمق دياب المطعم من الخارج يستمع إلى كلمات نضال المادحة بطعامهم: 


-أول مرة كنت أجي جيت هنا كان مع سلمى يوم ما خرجتها بعد العزاء وكان الأكل حلو والمكان والقعدة فيه حلوة في العموم وعلشان احنا كنا قريبين من هنا افتكرته...


-لما نشوف لو معجبنيش هروح أكل سندوتشين كفتة من مشويات خطاب لو متعرفهاش الأكل عندهم عالمي.....


ضحك ثم سار معه نحو الداخل...

كان دياب متحفز لتذوق أصناف الطعام هنا، وللجلوس كان المكان جيدًا وجميل، وكونه على علم أن نضال لا يمدح إلا ما يستحق ويكون بالفعل جيد...


جلس معه على واحدة من الطاولات وفور جلوسه وما أن دارت عيونه من حوله صدم مما يراه وتسارعت خفقات قلبه بجنون من رؤيتها رفقة رجل آخر...


هي ريناد لا غيرها....


________يتبع_________


لو وصلتم لهنا دمتم بألف خير ونتقابل في فصل جديد ان شاء الله💜


متنسوش الفوت والكومنت...

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

  

تعليقات

التنقل السريع