القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية خيانه الفصل الثالث عشر13 بقلم أمل مصطفى حصريه وجديده على مدونة قصر الروايات

 

رواية خيانه الفصل الثالث عشر13 بقلم أمل مصطفى حصريه وجديده على مدونة قصر الروايات 





رواية خيانه الفصل الثالث عشر13 بقلم أمل مصطفى حصريه وجديده على مدونة قصر الروايات 

--رواية خيانة



الفصل الثالث عشر


قال بجفاء:



– "روحي غرفتك يا ريم... أنا ورايا شغل بدري.


يلا!"



ثم أغلق الباب في وجهها... دون شفقة، دون حتى نظرة تعاطف واحدة.



وقفت "ريم" أمام بابه المغلق، تتلفّت حولها، لا تدري أين تذهب...



أو كيف تطفئ ذلك الخوف القابع في صدرها.



الآن فقط...


استطاعت أن تترك لدموعها العنان.



❈-❈-❈


جلس على طرف فراشه، يشعر بضيقٍ في صدره، كأن ثقلًا جاثمًا يمنعه من التنفس بحرية. 



. تساءل في نفسه: ماذا كان سيحدث لو أنه احتواها، و هدّأ من روعها كيف استطاع أن يقسو عليها بتلك الطريقة؟



وضع رأسه بين كفيه، يحاول عبثًا تنظيم أنفاسه الثقيلة. ، ولا مفر من تأنيب الضمير.



 لام نفسه قائلًا:


"وبعدين معاك؟! مافيش حاجة تستاهل كل ده. أوعى يغرك دموع التماسيح... الحريم زي الحية، تغريك بجمالها ونعومة ملمسها، ولما تديها الأمان، تلدغك من غير رحمة."



تابع حديثه لنفسه بنبرة مشوبة بالمرارة:


"وأنت أكتر واحد عارف ده... شوفته و عيشته لحظة بلحظة."



تمدد مجددًا، و أغلق عينيه، يحاول كبت ذلك الإحساس الذي نما بداخله من ضعفها...


لكن قلبه كان أقسى من أن يتجاهل خوفها.



❈-❈-❈



تقابلت "جنة" مع "هاجر" في صباح مشبع بالغيوم لا يزال أثر الليله الممطرة يرخي ستاره على الأجواء.



قالت هاجر بقلق:


"أنا خايفة على ريم، الجو كان صعب جدًا الليلة الماضية."



ابتسمت جنة وقالت ضاحكة:


"زمان كنا نقلق، لكن دلوقتي، حضنه يضمها و ينسيها الرعد والبرق."



ردّت هاجر في سرها: "هو ده اللي مخوفني... طنط نادية كانت بتحس بيها و بتطمنها، لكن هو؟ لا حاسس بيها، ولا حتى هيعبرها. ربنا يستر."



قاطعت "جنه" الحديث، قائلة بضيق:


"مالكوا؟! أنتي وريم الأيام دي، كل ما أكلم واحدة فيكم تسرح مني! من إمتى بنداري حاجة عن بعض؟"



هتفت هاجر بتوتر:


"أبدًا، مافيش حاجة. تعالي نستناها في الكافيه."



❈-❈-❈




استيقظ وهو يشعر بإرهاق شديد يغزوه 



 للمرة الأولى في حياته، شعر بجسده يئن،



 رغم التمارين القاسية والمهام التي قد تؤدي بحياته كان دائما يستيقظ نشيطا 



دخل الحمام، أخذ حمامًا سريعًا، ثم ارتدى بدلته بعناية، نثر عطره المفضل، .



توجّه إلى الباب، لكنه ما إن فتحه حتى شعر بصدمةٍ شلّت أطرافه.



كانت "ريم" نائمة على الأرض، محتضنةً نفسها، ملتصقةً بباب غرفته، وكأنها تحتمي به من خوفٍ أو تلتمس الأمان في وجوده.



نظر إليها بألم، و اشمئز من نفسه... من قسوته التي لم تعرف الرحمة.



انحنى يحملها، وجد جسدها باردًا كقطعة جليد



همس :


"يا رب، ما تتعبش... من البرد ده."



ضمّها إلى حضنه، يقاتل داخله صوتًا شيطانيًا يأمره أن يتركها كما هي، أن يتجاهل ضعفها، لكنه قاومه.



حملها إلى غرفتها، وضعها على الفراش برفق



، ثم دثّرها جيدًا وهي لا تزال غارقة في نومٍ متعب.



ظلّ يتأمل ملامحها لحظةً، ثم انحنى يقبّل جبينها،



 لكنه توقف في اللحظة الأخيرة، واستفاق من اندفاعه قبل أن تلامس شفتاه بشرتها.



غادر الغرفة بسرعة، ونزل إلى باحة المنزل، ينادي بصوتٍ حازم:



– "حليمة!"



جاءته على الفور، ووقفت أمامه تنتظر التعليمات.



قال بنبرةٍ جادة:


– "لما ريم تصحى، تكوني مجهزة ليها عصير برتقال جنب الفطار، و تحضري معاهم فوار للبرد أو حبوب... ولما تاكل، تديها العلاج فورًا. ضروري، مفهوم؟"



أومأت حليمة مطيعة، ثم سألته بهدوء:


– "هي بخير؟"



أجاب وهو يُشيح بنظره بعيدًا:


– "بخير... بس الليلة كانت برد جدًا. وبلاش تقولي إن أنا اللي طلبت منك كده."



نظرت إليه بحنان وسألته:


– "مش هتفطر؟"



تحرّك مبتعدًا، وهو يقول بصوتٍ خافت:


– "لا... ماليش نفس. خلي بالك منها، ولو حصل أي حاجة... كلميني فورًا."


❈-❈-❈



أردفت "جنة" بقلق، وهي تمسك بهاتفها وتنظر إلى الشاشة الخالية من أي إشعار:



– "أنا بدأت أقلق... هندخل المحاضرة وهي لا ظهرت، ولا بترد على تليفونها. قلبي مش مطمئن خالص."



حاولت "هاجر" التماسك، فأجابت وهي تحاول إخفاء قلقها:



– "أكيد راحت عليها نومة... الليلة دي بتكون صعبة عليها جدًا."



ثم تابعت بنبرة مترددة:



– "يلا ندخل، ولما نخلص نتّصل بيها تاني."



كانت كلماتها تخرج من فمها، بينما قلبها يرفض تصديقها. كانت تحاول طمأنة "جنة"، لكن القلق كان ينهشها من الداخل.



❈-❈-❈



دلف "مالك" إلى المكتب بهدوء، ليجد "عمرو" جالسًا على الأريكة، شاردًا، تغلّف ملامحه مسحة من الحزن العميق.



استغرب "مالك" ذلك الحزن الغير معتاد عليه، تقدم نحوه بخطوات مترددة، وألقى عليه تحية الصباح:



– "صباح الخير يا عمرو."



لكنه لم يرد.



جلس بجانبه، يتفحص وجهه بتوتر، ثم قال بنبرة قلقة:



– "مالك؟ فيك إيه؟ بقالك فترة مش عاجبني حالك...



 اتكلم معايا، وخرج اللي جواك، يمكن ترتاح."



التفت إليه "عمرو" وعيناه تغرورقان بالحزن، ثم بدأ يحكي له ما حدث، بصوت خافت محمّل بالندم.



استمع "مالك" في صمتٍ تام، ثم قال بحدة ممزوجة بالغضب:



– "لا... لا، أنت كده افتريت! ظلمتها، والله ظلمتها. البنت طيبة وبريئة، وأنا واثق إنها بتحبك... وإلا كانت مشيت من زمان مافيش حد طبيعي يتحمل قسوتك دي."



اقترب منه أكثر، وتابع بإصرار:



– "حافظ عليها، وضمها في حضنك... هي هترتاح، وإنت كمان هترتاح أكثر منها ماعدش في العمر كتير نضيّعه في الندم، إلحق نفسك قبل فوات الأوان يا صاحبي."


❈-❈-❈



اعتدلت "ريم" في فراشها ببطء، تتلفت حولها باستغراب، لا تدرك كيف وصلت إلى غرفتها. كانت تتذكر بوضوح أنها جلست ليلًا جوار باب غرفته، تبحث عن دفء الأمان، في لحظة من أشد لحظات الخوف التي تهاجمها في مثل هذا الوقت من العام.



طافت بعينيها أرجاء الغرفة، ثم خيّم على وجهها لمحة حزن. تذكّرت رجاءها له... توسّلت إليه ألا يتركها وحدها، لكنه لم يجب، لم يمنحها الكلمة التي كانت تحتاجها أكثر من أي شيء آخر.



قاطع أفكارها طرق خفيف على الباب. سمحت للطارق بالدخول بصوت خافت.



دلفت "حليمة" إلى الغرفة بابتسامة حنونة، وخلفها فتاة صغيرة تُدعى "هبة"، تحمل صينية عليها الإفطار.



قالت "حليمة" بنبرة دافئة:


– "صباح الجمال على أرق وأجمل بنوتة في الكون."



ابتسمت ريم مجاملة، وردّت بهدوء:


– "صباح النور يا دادة... صباح الخير يا هبة."



قالت "هبة" وهي تضع الصينية على الطاولة القريبة من الفراش:


– "صباح الفل يا ست البنات."



رمقتها ريم مستغربة:


– "ليه يا دادة جبتي الفطار هنا؟ أنا كنت هنزل."



ردّت "حليمة" بلهجة حازمة:


– "لا، معاد كليتك فات، والجو برد، خليكِ في السرير."



أومأت ريم برأسها، ثم تمتمت:


– "فعلاً، جسمي كله بيوجعني."



امتدت يدها إلى الهاتف الذي رنّ فجأة، وكان اسم "هاجر" ظاهرًا على الشاشة. التقطته وتحدثت بصوت متعب:



– "ألو؟ أنا بخير يا حبيبتي، ما تقلقيش... بس راحت عليا نومة. آه، والله، كانت ليلة صعبة جدًا."



استمعت لصوت "هاجر" وهي تقول:


– "كويسة والله... 



بينما هتفت جنه بإصرار خليها تكلمني، 



ريم وهي تقاوم تعبها جيجي حبيبتي، أخبارك يا قلبي؟"



تدخلت "جنة" بضحكتها المعهودة، وقالت:


– "قلبي إنتِ! أنا عارفة إنها كانت ليلة دافئة في حضن حبيب القلب... لازم ما تحضريش النهارده، يسهّلوا!"



ردّت "ريم"، محاوِلة إخفاء ألمها:


– "فعلاً كانت ليلة جميلة."



ثم حدثت نفسها بسخرية موجعة:


كانت أسوأ ليلة في حياتي كلها...



سمعت صوت "جنة" مجددًا:


– "يلا... حظك! تنوّري حياته وتضلمي الجامعة. النحنوح كان قلقان وسأل عليكي."



ارتجفت ملامح "ريم"، وردّت بنبرة رافضة:


– "بلاش تقولي عليه كده... ربنا يكون في عون كل واحد حب من طرف واحد."



❈-❈-❈


توقّف بسيارته عند إشارة المرور، يدندن بصوتٍ منخفض مع إحدى أغنياته المفضلة، بينما تتنقل عيناه بملل بين السيارات والمارة.



وفجأة، اتسعت عيناه، وتجمدت أنفاسه. مشهد أمامه جعل الدماء تغلي في عروقه، وقبض على المقود بشدة حتى كاد يتحطم بين يديه.



همّ بالنزول، لكن الإشارة انفتحت. ضغط على دواسة البنزين وتبع السيارة التي أمامه بسرعة جنونية، لا يرى شيئًا سواها، كأن الدنيا ضاقت واختزلت في تلك اللحظة.



دخل خلفها طريقًا جانبيًا خاليًا من المارة، وتوقف أمامه مباشرة، مجبرًا إياه على التوقف.



نزل من سيارته بخطوات غاضبة، وفتح باب السيارة الأخرى دون تردد. حدّق في وجهها ثم جذبها من ذراعها بعنف صفعها علي وجهها بقوة


مم جعلها تصرخ بقوة من الألم و الصدمة تعلو ملامحها. 



توجه له ذلك الأخير صارخا باعتراض أيه الهمجية بتاعتك دي ازاي تضربها كدة 



استدار نحو الشاب القادم، واشتعلت عروقه أكثر. الغضب يتآكله من الداخل كيف يتجراء ويقبل زوجته وتلك الأخيرة استقبلتها بوجه مبتسم


، فقد رأى ما لم يكن يتوقعه، والمشهد ما زال محفورًا أمام عينيه.



قال وهو يحاول السيطرة على نفسه:


– "أنا شوفت بعيني... شوفت تصرف ما ينفعش يحصل."



انطلقت كلماته كالسهم، واستدار نحوها مجددًا:


– "وإنتي؟! إزاي ترضي بكده؟ حتى لو كان قريبك؟! فين احترامك لبيتك؟!"



حاولت الرد، فرفعت صوتها غاضبة:


– "ما حصلش حاجة غلط! هو ابن عمي... وإنت مكبّره الموضوع!"



ابتسم بمرارة، وهزّ رأسه، كأنه سمع ما يؤكد له كل شكوكه السابقة، ثم قال بهدوء قاطع:


– "أنا من زمان كنت بكذّب إحساسي... بقول يمكن ظروفي مأثرة على حكمى. بس لأ، أنا وإنتِ مش شبه بعض، لا في التفكير ولا في القيم."



صمت للحظة، ثم تابع بكلمات حاسمة:


– "كفاية كده. من اللحظة دي... كل واحد فينا يمشي في طريقه."



استدار، وعاد إلى سيارته دون أن يلتفت، تاركًا خلفه صخب الموقف، وأصوات لم تعد تهمه.


انطلقت سيارته مسرعة، أما هي، فوقفت مذهولة، لا تدري ما إن كانت قد خسرت شيئًا، أم أضاعت كل شيء.


❈-❈-❈



نزلت "ريم" درجات السلم ببطء، غارقة في أفكارها، تتذكر ما تعانيه من ذلك القلب القاسي الذي لم يرحم ضعفها يومًا.


وفي اللحظة ذاتها، لمحته يدخل من باب الفيلا، فالتفتت بسرعة، تستعد للصعود مجددًا، كأنها تهرب من مواجهته.



دخل "عمرو" وقد بدأ نظره يجول في المكان بحثًا عنها، وحين لمحها تستعد للصعود، ناداها بنبرة خافتة:


– "ريم!"



توقفت، لكن دون أن تلتفت. يكفيها ما تلقته من إهانات منه، لم تعد تملك القوة للعودة إلى الوراء.



اقترب منها بخطوات واسعة حتى وقف خلفها مباشرة، ثم سألها:


– "عاملة إيه النهارده؟"



ردّت دون أن تنظر إليه، وبنبرة باهتة:


– "كويسة، الحمد لله."



شعر بالضيق من ردها البارد، ومن تجاهلها له، فقال بنبرة منزعجة:


– "ريم... أنا بكلمك، بصيلي!"



استدارت إليه أخيرًا، تحاول أن تحبس ما يتصاعد في صدرها من ألم:


– "خير؟"



نظر إليها بندم، ثم قال:


– "ليه عملتي كده؟ إيه اللي فرّق أوضتك عن باب أوضتي؟"



أخفضت عينيها، تحاول كتمان دموعها التي بدأت تلمع، ثم همست:


– "أنا كنت فاكرة إن في فرق... بس للأسف، طلع مفيش. بعد إذنك."



أكملت صعودها دون أن تنتظر رده، بينما تحدثت في سرها بألم:


في فرق كبير يا عمرو... أنا كنت حاسّة إني نايمة في حضنك، وأنا حاضنة باب أوضتك. إحساس عمرك ما هتفهمه.



وقف "عمرو" في مكانه، يتأملها بصمت، والشعور بالضيق يتسلل إلى قلبه. لم تفارق مخيلته صورتها وهي نائمة على الأرض، تلتصق بباب غرفته في ذلك الجو البارد، وكأنها تبحث عن حمايةٍ لا تجدها إلا لديه.



رنّ هاتفه فقطع شروده. نظر إلى الشاشة، فتعجّب حين رأى اسم "مالك".


ردّ بسرعة:


– "مالك؟ أخبارك إيه؟ في حاجة؟ صوتك ماله؟"


ثم أردف بقلق:


– "خلاص، ثواني وأكون عندك."



أغلق الهاتف واندفع خارجًا دون أن ينبس بكلمة، كأن هناك شيئًا خطيرًا ينتظره.


❈-❈-❈




كانت "هاجر" تصرخ منزعجة وهي تحاول التركيز:


– "سيب المذكرة بقى يا آدم! عايزة أخلص!"



رد "آدم" بمشاكسة وهو يلوّح بالمذكرة بعيدًا عنها:


– "أنا عايز أخرج شوية... قلتلك."



تنهّدت هاجر باستسلام:


– "حاضر، بس أخلص الجزء ده."



لكنه أصرّ، وهو يعبّر عن رفضه بلُطف:


– "قلت لأ... نخرج دلوقتي، ولما نرجع كمّلي براحتك."



هجمت عليه محاولة انتزاع المذكرة من يده، لكنه باغتها فجأة، و احتضنها هي و المذكرة معًا، ثم طبع قبلة خفيفة على وجنتها.



شهقت "هاجر" بخجل، وانسحبت بسرعة من بين ذراعيه، ثم ركضت وهي تنادي والدتها.



ضحكت الأم التي تتابع تصرفاتهم من بعيد بعينٍ مليئة بالحب والرضا. لقد كانت تتمنى "آدم" زوجًا لابنتها منذ أن كانت "هاجر" في رحمها.



تعرف أخلاقه جيدًا، وتعلم أنه الوحيد الذي يمكن أن تأمنه على قلب ابنتها.



ورغم أنها شعرت بالخذلان في السابق بسبب



 صمته، 


وموافقته المتكررة على العرسان، إلا أن ما حدث الآن جعلها تحمد الله على عطفه وكرمه.



ها هي تشهد زواجًا هادئًا مطمئنًا بين أغلى اثنين في حياتها، فهما بالنسبة لها كعينيها الاثنتين.




❈-❈-❈




كانا يسيران في سعادة، يتشاركان دفء اللحظة يحمل أدم ذرةً مشوية يتناوبان قضمتها.



بينما يده الأخري تضم يد "هاجر" بعشق، وكأنه لا يريد للعالم أن يقترب منها.



قالت فجأة، بنبرة منكسرة:


– "عارف؟ أنا قلبي دايمًا تعبان... بسبب ريم."



نظر إليها وهو يربت على يدها:


– "سلامة قلبك يا عمري."



تنهدت وقال:


– "كنت دايمًا بدعي ربنا يرزقها براجل يحبها، يقدّرها، ويحس بالنعمة اللي بين إيده... لكن للأسف، حظها وقع مع إنسان قاسي، قلبه جامد. مش شايف حبها، ولا حنيّتها."



خفضت رأسها قليلًا، كأنها تحاول إخفاء ألمها، ثم تابعت:


– "بشوف الحزن في عينيها... بشوف كلام كتير مش قادرة تقوله. يمكن علشان جنة."



سألها "أدم" بتعجب:


– "ليه؟ مش أنتم أصحاب قريبين من بعض جدًا؟ أكتر من الأخوات كمان؟ فيها إيه لو اتكلمت معاكم بصراحة؟"



اجابت بصوت منخفض:


– "جوز جنة زميل عمرو في الشغل، وصديقه... وجنة متسرعة، وما بتتحملش الهوا على ريم. وده زوّد خوف ريم، بقت خايفة إن علاقتها بعمرو تأثر على جنة وخالد."



سكتت لحظة، ثم هتفت بمرارة:


– "وإحنا دايمًا موجودين مع بعض، مفيش فرصة تتكلم معايا لوحدنا. مش مصدّقه إن في إنسان قلبه جامد كده. بقالها معاه شهور، ومش شايف فيها أي حاجة! لا حنيّتها، ولا قلبها الكبير..."



"دي ريم... دي بلسم بيشفي جراح أي حد."




❈-❈-❈


في غرفة مكتب عمرو 



رفع عينيه عن الملف الذي بين يديه عندما سمع طرقًا خفيفًا على الباب. سأل بصوتٍ هادئ:


– مين؟


جاءه صوتها الرقيق وهي تستأذن الدخول، فأجابها بصوته القوي يأذن لها.



فتحت الباب، ودخلت بخطوات متوترة وخجولة حتى وقفت أمامه. تخفض عينيها وتفرك يديها بارتباك ظاهر.



تأمل هيئتها بصمت، وهو يمني نفسه بحياة هادئة جميلة معها. من يَرَ ريم يشعر براحة نفسية غريبة، وسكينة تجتاح قلبه دون سبب مفهوم.



لو قابلها في زمنٍ غير هذا، لأصبحت عشقه وجنونه... لكن حظها السيئ جعلها تأخذ ما تبقى من رجلٍ مهشم منذ زمن بعيد.



قطع صمته متصنعًا الانشغال، وهتف:


– خير؟ في حاجة؟



خرج صوتها منخفضًا، خجولًا:


– كنت محتاجة ألفين جنيه... لو معاك. بس لو مافيش خلاص.



رفع عينيه نحوها بتعجب. أنها معه منذ شهور، عرض عليها المال أكثر من مرة لكنها كانت ترفض دائمًا.



ازداد توترها من نظرته، واعتبرت صمته رفضًا. ابتلعت ريقها بصعوبة، وحاولت الابتسام قائلة:


– مافيش مشكلة لو مش معاك... ده كان مجرد سؤال.



تراجعت خطوة إلى الخلف عندما وقف وترك مكتبه، متوجهًا نحوها وعيناه لا تحيدان عنها.



وقف أمامها، وهيئته القوية جعلت قلبها العاشق يخفق بقوة بين أضلعها. لحظة قرب تمنتها كثيرا 



خرج صوته الجذاب، يخترق الصمت بهدوء غير معتاد منه، وسأل باهتمام لم تعهده فيه من قبل:


– في حاجة عايزة تشتريها؟



خفضت عينيها وهي تهتف بصوت خافت:



– حجزت مرجيحة لأوضتي...  


بس حصل لخبطه من عند الشخص اللي تواصل


 معايا وحدد سعر مش بتاعها وأنا معرفش 



 المندوب كلمني و بلغني بالتكلفة والشحن، 



وما بقاش ينفع ألغي الحجز... وأنا مش معايا مبلغ زي ده.



اقترب منها أكثر، وهو مغيب مثل شخص فقد تركيزه 


، ليضع يده تحت ذقنها بلطف، استجابت له ورفعت عينيها لتلتقي بعينيه في نظرة جديدة، غريبة عليها... نظرة لم ترها من قبل.



خرج صوته ضعيفًا، ، محملا بمشاعر لم يعتدها، ولأول مرة يعجز عن السيطرة عليها:



– أنا جوزك... و إنتِ مراتي. يعني عادي تطلبي مني أي حاجة نفسك فيها، وأنا دوري ألبّي كل طلباتك.



سبحت في نظرات عينيه، ونسيت كل شيء، حتى خطر قربه... 



نظرة الغرام النظرة في عينيها جعلته يقترب أكثر، 


تعال صوت انفاسهمامن ثورة مشاعرهم 



القرب بينهما صار لا يُحتمل. ارتعاش شفتيها الوردية أشعل فيه رغبة جنونية، اقترب أكثر، كأنما يهمس لها عن مدي عذابه في تلك الحرب النفسية 



كاد يلمسها... لحظة واحدة فقط، كانت تفصله عن عبور جسر عشقها واظهار مشاعر دفنها منذ لحظه رؤيتها ، لولا أن أنقذه صوت رنين الهاتف، ليقطع تلك الغمامة الوردية التي كادت تبتلعه.



 لحظة فقط تغيرت نظرته... أصبحت باردة، قاسية، تخلو من أي مشاعر. عاد إلى خلف مكتبه، وقبل أن يرفع الهاتف، قال بجمود:



– بُكرة تلاقي المبلغ مع دادة حليمة... ودلوقتي، اطلعي. أنا مش فاضي.



نظرت إليه بصدمة، عاجزة عن استيعاب هذا التحول المفاجئ في نظرته وصوته، 



لكنها خرجت بسرعة من الغرفة. وقفت على السلم، تحاول التقاط أنفاسها الهاربة، أنفاس لم تستوعب بعد ما حدث منذ لحظة قربه المشتعلة.



أما هو، فقد جعل الهاتف صامتًا، وجلس على كرسي مكتبه واضعًا يده على قلبه المتعب.


 كان ينهَر نفسه بصمت، لما كاد يتسبب به... كارثة يعلم جيدًا أنه إن اقترب منها أكثر، فلن تجد قوة في هذا العالم تستطيع إبعاده.



لقد اشعلته... وجودها إلى جواره أطلق مشاعر يحاربها بكل قوته، حتى الإنهاك.




❈-❈-❈



في المساء تحديدا داخل غرفة ريم 



رنّ هاتفها أكثر من مرة وهي تؤدي صلاتها. تجاهلته في البداية،


 لكنها شعرت بالقلق يتسلل إلى قلبها مع تكرار الإلحاح. 



ما إن أنهت صلاتها، حتى التقطت الهاتف بسرعة، لترى من المتصل، وتفهم سبب هذا الإصرار غير المعتاد.



– ألو... في إيه يا هاجر؟ مش قادرة تصبري شوية؟



جاءها صوت هاجر باكيًا، متقطعًا من شدّة التوتر:



– ريم، أنا محتاجاكي ضروري... ، أرجوكي تعالي بسرعة الوقت !



وقبل أن تتمكن ريم من الاستفسار أو السؤال، أغلقت هاجر الهاتف فجأة.



شعرت ريم بانقباض في قلبها، و كأن نذير خطر اقتحم صدرها دون استئذان. 



فتحت دولاب ملابسها بسرعة، ارتدت ما وجدته أمامها دون تفكير، وخرجت من المنزل فزعه، دون أن تخبر زوجها أو تشرح له ما يحدث.

يتبع

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا


تعليقات

التنقل السريع