القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية حصنك الغائب الفصل الحادي والثلاثون والثانى والثلاثون من الجزء الثاني بقلم دفنا عمر

 رواية حصنك الغائب الفصل الحادي والثلاثون والثانى والثلاثون من الجزء الثاني بقلم دفنا عمر           






رواية حصنك الغائب الفصل الحادي والثلاثون والثانى والثلاثون من الجزء الثاني بقلم دفنا عمر           

       



الفصل الواحد والثلاثون


____________




كل شيء نكهته تغيرت بعد عودتها لوطنها، كأنها كانت كيان ناقص قبل أن تتلمس بقدميها ثراه، عائلتها الكبيرة نبع لا ينضب من الدعم الذي كانت تحتاجة بنطاق أوسع بكثير مما كانت عليه، تكتشف بينهم أحاسيس دافئة لم تتذوقها بهذا الثراء، حتي طفلها تتمنى أن يحظي بالكثير هنا، تنهدت وهي تتأمل مجسم صغير صنع لها ابن العم هدية، حين كانو يحضروا لمراسم استقبال رمضان، وهي المرة الأولي التي تعاصر "زمزم" تلك الأجواء هنا. تنتابها حالة انبهار بتلك الطقوس الروحانية، فرحتها تشبه فرحة طفلها الصغير بفانوسه الملون، فرحة أذابت الكثير من شجونها، روحها تتغير وتتأقلم مع كل ما تراه هنا، وتتأمل أن تمضي الامور للافضل دوما لها ولصغيرها.


.................


ضمت مصحفها بعد الانتهاء وردها اليومي..وذهبت لتتفقد والدتها ومهند في الحديقة..فوجدته يحمل مهند مُقدمًا عليها بعد ان لمحها:



+




_ صباح الخير يا بنت عمي!


اجابت مبتسمة لرؤيته: صباح الخير يا عابد..انت صاحى بدرى يعنى! توقعت هتكون نايم بعد سهرنا في الجنينة امبارح بعد السحور. 


غمغم وهو يسير جوارها بخطى هادئة: وده صيام برضو؟ بالعكس انا بحس بنشاط كبير وانا صايم "واستطرد" وبعدين حبيب على صاحبي الصغير!



+




برقت عيناها بحنان وهى تطالع الصغير المتعلق في عنقه بمحبة، وقالت: تعرف انه فرحان جدًا بالفانوس بتاعك عشان عليه صورته.. بيلعب بيه طول الليل! 


وواصلت بنبرة تحوي الإعجاب: 


_وبصراحة عجبنى انا شخصيًا اكتر من مهند، تصميمه الجذاب وصورته عليه والاغنية الجميلة بتاعته، حقيقي تحفة..ومش عارفة هشكرك على ايه ولا ايه يا ابن عمى!


همس عاتبًا: مش قلنا مافيش بنا شكر؟



+




-طيب بما انك علمتنى اعمل حاجات حلوة من زينة رمضان..فانا عملتلك حاجة بسيطة كده امبارح! 



+




واستأذنت لتُحضرها وعادت وقدمتها له..فنزع مغلفها بفضول ليجد حصالة نقود مزينة بقماش الخيامية وعليها صورة صغيرة له مع مهند من صور عيد ميلاده الماضى..فتمتم بسعادة: الله يا زمزم..روعة واحلى حاجة صورتى مع حبيب قلبي..!


ابتسمت: دي هدية مهند ليك عشان تحط فيها كل يوم ورقة صغيرة مكتوب فيها دعوة من دعواتك في رمضان مع الصدقة اللي ناوي عليها..وبإذن الله ربنا يتقبل منك ويحقق أمانيك..!



+




ومض من عيناه بدفء استشعرته بنظرته إليها ك، فتوترت وهمست منسحبة: هستأذنك اروح افطر مهند..! 


راقب ابتعادها مع الصغير ثم تحسس هديتها بين انامله بحب وغادر لمنزله وصعد لغرفته جالبًا ورقة صغيرة ودَوَن بها أولى دعواته وأسقطها بفتحة الصندوق المزين ..!


ودعى الله ان تستجاب في هذا الشهر المبارك! 


وأخيرًا خبأ هديتها بين أغلى أشيائه! 


_______________



+




تفقد رسائل الواتس آب على هاتفه صباحًا فوجدها أرسلت إليه منذ ساعات دعاء "اللهم بحجم سمائك أكتب له سعادة الدنيا وراحة قلب تنسيه الشقاء!"


ابتسم وشعر أن الدعاء لمس شيء في نفسه..هو حقًا يحتاج سعادة الدنيا وراحة القلب..!



+






                


فأرسل لها ردًا على ذات التطبيق فحواه:


"حلو أوي الدعاء الي بعتيه الصبح.. أنا محتاجه!"



+




بينما تتصفح حسابها أتت رسالته وما أن قرأتها حتى ابتسمت.. فكتب لها : صباح الخير يا باشمهندسة.. صاحية بدري ليه؟



+




أرسلت له: عادي قلقت لوحدي.. شوية وهنام تاني! 


وبخصوص الدعاء فربنا يستجيب إن شاء الله! 



+




ساد بعض الصمت برهة رغم مشاهدته رسالتها، ثم بدأ يكتب ثانيًا: تعرفي إني مفتقدك من وقت ما رجعتي المنصورة! ومنتظر تيجي القاهرة تاني في الأجازة اللي جاية! 



+




أدهشها قوله وأسعدها بنفس القدر..! 


"بوحه" بافتقادها جعل قلبها المُغرم ينبض بسعادة.. ومع هذا لن تُغالي بفرحتها وتخدع نفسها.. هو حتمًا يفتقدها مثلما يفتقد شقيقته.. إن تأملت بأكثر من هذا الافتراض هي وحدها من ستخسر! 


فكتبت له: 


_ ده معناه انى كنت موظفة لا بأس بيها


_انتى صاحبة مكان مش مجرد موظفة!


_بصرف النظر المهم انى كنت عند حسن ظنك فيا من ناحية الشغل..!


_دايما عند حسن ظنى ياعطر..ومصمم انك مشروع مهندسة ممتازة وهيكون ليكى بصمة مستقبلًا!


كتبت لتُثني عليه بصدق: اكيد مش انت استاذى!


_والتلميذة هتتفوق على استاذها..!


بعثت إيموشن خجول.. فضحك ثم أرسل لها: 


_صحيح ممكن اعرف رأى الباشمهندسة في الفانوس؟


_حلو جدًا شكرا..! 


_بس كده؟


_اما اقول ايه تانى!


صمت برهة وواصل: تقولى مثلا ليه كنتى زعلانة وقتها؟


_ابدا ماكنتش زعلانة! 


_طب بلاش زعلانة، ليه كنتى عصبية؟


_انت مصمم انى زعلان او عصبية..انا كويسة يا يزيد!


صمتت لحظات ثم كتبت لها:


ماشى هصدق إنك كنتي طبيعية..وعموما انا كنت حابب اعرف رأيك في هديتى واستنيت منك تعرفيني رأيك بس انتى ما اتكلمتيش!


_معلش انشغلت وكان لازم فعلا اقولك شكرا، بعتذر..!


كتب لها عاتبا: في بنا بردو اعتذار وشكر، انا بس كنت عايز اعرف رأيك واتأكد انك مش زعلانة!


_عجبنى جدا والله..وبعد رمضان هحتفظ بيه مع حاجاتى المهمة!


ابتسم وأرسل لها: لا مادام هينضم لأشيائك الثمينة يبقى اطمنت انه عجبك..!


وتابع برسالة أخرى: هستأذنك بقى عشان نازل الشركة.. وماتنسيش تدعيلي وقت الفطار..! 



+




وعدته أن تفعل وأنتهى حديثهما القصير الذى ترك أثرًا من الراحة بنفسه.!



+




هو يشعر ان صورتها بعينه تتشكل من جديد كلوحة انمحت معالمها الأولى لتتشابك فيها خطوط أكثر عمقا ..خطوط مليئة بتفاصيل لا تشبه طفولتهما في شيء..خلفيتها تُتطلى بألوان انوثتها التى أصبح يبصرها ولم يعد يتجاهلها او يطمسها تحت مسمى طفلة..معها يتذوق أشياء لم يتذوقها من قبل..كان يغار وقت اقترانه ببلقيس لكن لم يجرب ابدا ان يغار احدًا عليه..ا..! الغيرة شيء من التملك..وشعور انك تريد الاستحواذ على شخص تهتم لأمره..وهى تفعل هذا..عطر تهتم به حتى إن حاولت ألا تطهر اهتمامها هو يستشعره بقوة.. واشتعال غيرتها يزيدها فتنة ويجعل رجولته تتلذذ بهذا الإحساس للمرة الأولى!



+





        



          



                


لكن رغم كل هذا لن يتعجل أمره..سيخطو تجاهها خطى هادئة..متزنة ..حتى يفهم ما بداخله بشكل أكثر عمقًا..! التروى سيكون لأجلها قبل أن يكون ولأجله..!



+




أما هى فطامتها الكبرى اعتقادها الخاطيء انه لم ينسى عشقه للأولى..وتحويل بوصلته إليها بالنسبة لها المستحيل بعينه..مهما فعل..مهما قال..مهما اظهر لها اهتمام..أو لمح بغيرة.. سيظل "وهم" عشقه بلقيس هو "الحقيقة" الوحيدة الراسخة داخلها..! 



+




"وهم" سيفسد اى فرصة لتلاقيهما في نقطة واحدة..! 


------------------------



+




أنقضت العشر الأوائل من رمضان وآن آوان عودتهم للقاهرة.. ورغم تشبعها طيلة الأيام الماضية بدفء عائلتها وبناء علاقتها معهم بشكل أكثر ودًا وقرب..فضلا عن وعدها للطبيب أن تواصل حياتها وتُسقط من ذاكرتها كل ما مضى وتُخمد نيران انتقامها باللجوء لخالقها..ظلت أفكارها تُحرضها على الذهاب للأفعي لمواجهتها قبل أن تغادر المنصورة وهي تضع احتمال كبير أنها لم تعد تقطن نفس البلدة.. لكنها محاولة ربما وجدتها.. وفعلت!..وصلت للبناية وحين تسائلت كان جواب الحارس العجوز.. "مافيش حد ساكن هنا بالأسم ده"


نفي الرجل بعد أن أعطته كل معلومة تعرفها عنها.. وتأكدت أنها تبحث عن سراب..! كل شيء كانت تظن معرفته عنها وجدته سراب.. كذب.. خدعتها حتى بعنوان حقيقي لمسكنها، ضللتها بكل شيء تحت مظلة الصداقة..!


وقفت وعيناها الشاردة تمشط كل البنايات المجاورة وعقلها يفكر.. لأيهم تلج؟ أي الأبواب تطرق وتسأل عن تيماء؟! كم تمنت رؤيتها لتحطم أضلعها وتبعثر معالم وجهها وتقتنص منها إجابات لأسئلتها الكثيرة..ثم تُزهق أنفاسها القذرة بقبضتيها.. لكن لم تجد لها أثرًا..!



+




صدوح أتصاله قطع شرودها وعاد لحدقتاها الشاخصة ضوء الشمس وهي تستقبل نبرته التي تعزف على أوتار قلبها: 



+




_ صباح الخير يابلقيس.. ايه اتحركتوا من المنصورة؟


_ لسه ياظافر..! 


_وامتي ماشين؟


_ اما ارجع البيت! 


تسائل: ليه هو انتي مش في البيت؟ امال انتي فين؟


حتمًا لن تخبره سوى بما يجب أن يعرف.. فغمغمت: 


_ أنا حبيت اعمل زيارة لشخص عزيز عليا ونفسي اشوفه من زمان.. ومش هينفع اسيب المنصورة قبل ما اطمن عليه!


عقد حاجبيه ولفحته رياح غيرة "واراها" بفضوله وهو يتسائل: 


_للدرجادي الشخص ده مهم عندك؟ طب اقدر اعرف هو مين؟



+




ابتسمت وهي تستشعر لأول مرة غيرته..فتَلَبستها روح المكر هاتفة برقة: ده واحد مهم عندى فوق ماتتصور ولو كنت مشيت من غير ما اشوفه كنت هرجع المنصورة تانى!



+




نجحت بإشعال جذوة غيرته أكثر..فقال بشىء من الحدة: وبعدين معاكى..اتكلمى وقولي تقصدى مين بدون غير ألغاز..! 



+




أشفقت عليه حين تجلت حدته فعاتبت نفسها بصوت مسموع ومشاغب: عيب بقى يابلقيس زودتيها خطيبك هيزعل!


نفذ صبره فتهكم: شكل الصيام أثر على عقلك! 


ضحكت اخيرا وقالت: أيوة واتلبستنى روح شريرة كمان، بس حرام مقدرش على زعلك..


وواصلت: ده ياسيدى عمو راغب! ده كان السواق اللي كان بيودينى اى مكان ويلازمنى طول منا برة البيت بأمر من بابا!..ثم كسى صوتها لمحة حزن: عرفت من ماما انه بقى مريض وقلت لازم أشوفه قبل ما امشي! 



+





        


          



                


هتف ليجذبها بعيدا عن مسحة الحزن البادية بصوتها: لو قولتي وانا لسه في المنصورة كنت زورته معاكي..!


_بجد؟ ياريت كنت هتشوف أطيب قلب في الدنيا..! 


تمتم: تتعوض مرة تانية.. وابقي عرفيني حالته ولو اقدر اساعده مش هتأخر..! 


همست ممتنة: شكرا ياظافر مافيش داعى..ماما قالتلي إن بابا وعمو ادهم عملوا الواجب معاه..أصله غالي على الكل!


أوما مجيبا: ربنا يشفيه..عموما ابقي كلميني اما توصلي البيت وخدي بالك علي نفسك! 


ابتسمت: هاخد بالي متخافش.. أنا أصلا اتمشيت شوية وحشتني بلدنا وحسيت اني عايزة امشي فيها بهدوء..تعرف حسيت بإيه وانا ماشية لوحدي؟


_ بايه؟


_حسيت اني حرة..مافيش قيود.. مافيش خوف.! 


كنت الفترة اللي فاتت بمشي وسط الناس وأنا قلقانة شايفاهم وحوش! 


_ودلوقتي شايفاهم ايه؟


_شايفاهم من عيونهم اللي بتعكس حقيقتهم..عيون بتبصلي باستغراب.. والتانية بلامبالاة والتالتة بلمحة غيرة قادرة استوعبها..أما اللي غلبتهم كانت عيون سكنتها الإعجاب! بس إعجاب بريء! 



+




ودون تخطيط أثارت غيرته عليها ثانيًا فغمغم محاولا السيطرة على صوته: وعرفتي منين انه إعجاب بريء؟


ابتسمت بثقة: لأنه من غير أذى! مجرد نظرة عابرة مقدرش امنعها.. لكن لو تعدت الحدود أقدر أواجهها.! 


وصمتت برهة ثم همست: مش هو ده اللي كنت بتقوله ليا دايما؟! الناس أصناف كتير فيهم الطيب وفيهم الخبيث واني لازم اعرف اتعامل مع كل صنف من غير خوف؟


وصلتها تنهيدته.. فطرحت عليه سؤال مباغت: ظافر.. هو انت بتغير عليا؟



+




أربكه سؤالها وعجز عن الإجابة والتزم الصمت.. فعادت تهمس: حسيت من شوية انك غيرت عليا..! 



+




لا يعرف لما خدعها ونفى كذبًا: لا طبعا وهغير ليه؟!



+




"وهغير ليه؟"



+




أعادت كلمته بصوت عقلها وألمها إنكاره..!


هناك حاجز بينهما لا تراه سوى أحداق القلوب..وهي تراه جيدًا..حاجز يمنع قربه بالصورة التي تتمناها..كانت تظنه سيصارحها أنه غار عليها..فلو كانت مكانه لاحترقت غيرة.. لكن هو ليس مثلها..كل تصرفاته يزنها العقل.. بينما مكيالها الوحيد عاطفتها القوية نحوه..تصارحه حين تشتاق وتعترف حين تغار وهو گبئر عميق ظلامه غطيس وغامض!



+




نفضت أفكارها البائسة وأجلت صوتها هاتفة دون حماس: أنا تقريبا وصلت لبيت عمو راغب.. هكلمك لما اخرج من عنده.. سلام! 



+




اغلق معها ولم يغب عنه خيبة أملها به..فزفر بضيق شديد من نفسه ولم يفهم لما أحبطها بهذا الشكل.. لما كذب عليها.. لما أنكر غيرته وتعامل بفظاظة وكسر خاطرها؟!.كل ما يدركه أن هناك شيء يحجم انجراف مشاعره تجاهها رغم قوتها..!


شيء يجعله يتقدم تجاهها بحذر شديد!


____________



+




وصلت لباب شقته وطرقته منتظرة بلهفة ان يطل عليها بوجهه الطيب وعيناه الحنونة..وانفرج الباب لتظهر ابنته بوجه هاديء سرعان ما تغير لذهول هاتفة: بلقيس هانم؟! مش معقول!


ابتسمت لها هاتفة بود: ازيك يامى..عاملة ايه


_الحمد لله بخير خصوصا لما شوفتك


ثم استطردت باحراج: أسفة سايباكى واقفة على الباب..اتفضلى ولو ان البيت مش قد المقام بس


قاطعتها بعتاب: هزعل منك يا مى..


ثم تسائلت وعيناها تبحث عنه: فين عمو راغب؟


تغبرت ملامح الاولى ببعض الحزن..فتوجست بلقيس:


ساكتة ليه يا مى؟ و فين عايزة اشوفه! 



+





        


          



                


توجهت بها مى حيث يتواجد..وما ان شاهدته بلقيس حتى اغرورقت عيناها وملأتها الدموع وهى تراه قعيد كرسي متحرك..وبيديه مصحف يرتل آياته بصوت خافت..فوقفت تطالعه بحزن ..وما أن شعر بها ورآها حتى ارتعشت كفيه الممسكة بالمصحف..فذهبت والتقطته هامسه بصوت باكى: وحشتنى ياعمو راغب..ألف سلامة عليك!



+




غمغم بصوت متهدج غير مصدق انها أمامه: بلقيس هانم؟ انتى بخير؟ بقيتى تتكلمى خلاص؟ 


ضحكت وهى تجفف دموعها: ايوة امال مين اللي بتكلمك دلوقت يا راجل ياطيب..ثم هبطت عيناها فوق قدمه هامسه بحزن: من امتى وانت كده؟


تمتم بابتسامة رضا: 


_من فترة طويلة والحمد لله على كل حال..اتأقلمت على حالى وعايش..ومى مش مقصرة معايا ربنا يبارك فيها..ثم قال بصوت غافته البهجة بعض الشيء: مش مى بنتي اتخطبت؟


_بجد؟ ألف مبروك يا مي ربنا يسعدك


ابتسمت الأخيرة بود: الله يبارك فيكى..ومبروك ليكى انتى كمان..سمعت انك مخطوبة لواحد من عيلة معروفة في المنصورة!


_الله يبارك فيكى حبيبتى!


العم راغب: ماصدقتش لما مى جابتلى صورة من خطوبتك..وقتها دعيتلك من قلبى بالسعادة وتمام الشفا



+




همست بامتنان: وربنا استجابلك يا عمو راغب..وادينى جيت اشوفك قبل مانرجع القاهرة


_انتى خلاص يابنتى مش هتعيشى هنا تانى؟


_تقدر تقول هبقى بين هنا وهناك لأنى ناوية اشتغل مع بابا وكمان خطيبى مستقر في القاهرة!


تمتم بمحبة: ربنا يوفقك ويسعدك فين ماتكونى..واوعدينى منين ماتزوري المنصورة تطلى على عمك العجوز..انا خلاص مبقتش اقدر اتحرك زي زمان!


_أكيد كل اما اجي هزورك..وبكره تخف وتبقى كويس..ربنا قادر يشفيك وترجع زي ما كنت واحسن!


ابتسم لها:الحمد لله يابنتى انا شاكر ربنا على فضله..وكفاية انى شوفتك تانى بخير..


ربنا يبعد عن ولاد وبنات الحرام!



+




رددت دعوته بعقلها متعجبة من دقتها..وكأنه يعلم من نالها الآذى على يداهم! ابتسمت وقالت: ماتتصورش دعوتك دي ازاى لمستنى ياعمو..اللى آذونى كانوا ولاد شياطين مش بس ولاد حرام!



+




_ماهو الآذية مابتجيش غير منهم..شياطين الإنس..ربنا يحميكى منهم يابنتى..!



+




_اللهم امين!


واستطردت: انا مضطرة اسيبك دلوقت لان راجعة مع بابا وماما القاهرة..وأكيد هزورك تاني!


_ وانا منتظرك!


_عشان خاطرى لو احتاجت حاجة عرفنى!


_والله يابنتى والدك وعمك ما قصروا معايا..ولا ناسينى..ومش عارف اودى افضالهم فين!


_اوعى تقول كده ده حقك..انت غالى علينا اوى!


_تعيشى ياست البنات!


______________________



+




بعد اسبوعان!



+




" رمضان جري بسرعة ..بس تفتكرى يا دُره الليلة ليلة القدر؟ معرفش ليه حاسس بكده!"



+




_ مش بعيد..اى ليلة فردية ممكن تكون ليلة القدر..ربنا يبلغنا اياها ويتقبل دعواتنا ..وكل سنة وانت طيب ياعاصم!



+




_وانتى بالصحة والسلامة..! هما الجماعة راحوا فين؟


_ بيشتروا حاجات للعيد....وكريمة وعبير معاهم عشان بعدها هيروحوا السيدة زينب!


_ليه هيروحوا السيدة؟


_ زمزم نفسها تروح هناك بابنها وتشوف أجواء السيدة اللي كانت بتسمع عنها..وقالت فرصة قبل ما رمضان يخلص ومعاها محمود وعبير..وكريمة راحت عشان تكون معاهم لما انا قولتلهم مش هقدر اخرج معاكم 


_وانتى ماروحتيش ليه؟


_ انا ورايا حاجات عايزة اعملها وهما مش هيتأخروا


وواصلت: هو يوم سبعة وعشرين الفطار في مطعم ظافر؟


_ايوة هو عزم الكل..بصراحة والدته اتصلت بكل اخواتى ومهتمة جدا كلنا نتجمع..!



+





        


          



                


_ طب و استاذ ناجى وفدوة وولادهم؟ مش هيقضوا العيد معانا هنا؟ فدوة كده هتكون لوحدها من غير اختها..!



+




_الحقيقة الولد ذوق جدا.. أتصل بناجي وعزمه بنفسه هو وأسرته كلها 


صاحت بفخر: ماشاء الله عليه مايفوتوش الواجب ابدا.. تعرف ياعاصم.. ظافر ده هو دعوتي لبنتي.. فاكر لما كنت بقولك سيب الدنيا تمشى لوحدها؟ معذور ومش تحيز والله..بس هو يلاقى زي بنتى؟مال وجمال وتعليم وذكاء و كل حاجة حلوة..كلامي صح ولا أنا غلطانة؟!



+




ٱومأ لها شاردًا وهو بوادٍ أخر..تراوده خواطر كثيرة لا يريد مشاركتها مع زوجته التي تبني قصورًا علي رمال أحلامها بارتباط بلقيس وظافر.. أما هو فالأمر معه يأخذ شكل مختلف تمامًا.. وهناك قرار ما ينوي تنفيذه حين تواتيه الحظة مناسبة..والصبر لحينها ملاذه الوحيد..! 


____________________



+




"والله لسه بدري والله ياشهر الصيام"



+




تنبعث كلمات اغنية وداع رمضان من كل صوب في حي السيدة زينب، ملقية بظلال من الحزن لقرب فراق ايام الرحمة والمغفرة..ولكن ما يثلج الصدور هو حلول عيد الفطر بفرحته وطقوسه المميزة بين الشعوب كافة..والشعب المصرى خاصة!



+




تمتمت عبير بضيق وهى تتجول في الحى المزدحم: الأغنية دي منكدة عليا يا كريمة!


_ هنعمل ايه..رمضان كده ضيف خفيف وبيمشي بسرعة!


_ عندك حق..ومهما قعد مش هنشبع منه..


واستطردت وهى تتأمل معالم حولها:


بس ياسلام على جو السيدة زينب..يجنن والله


كريمة: امال ايه..السيدة زينب من اكتر الأحياء المصرية اللي فيها جو خاص خصوصا رمضان..كويس ان لحقنا في الأخر الزيارة دي..كل سنة وانتى طيبين!


_وانتى طيبة، اوعى نبعد عن العيال لنتوه في الزحمة


ضحكت:متخافيش انا عارفة الطريق وياما جيت هنا انا وادهم والعيال..تعالي اما افرجك على حاجات هتبهرك في الشارع ده!


وذهبت ليتجولا بخبايا السيدة زينب !


__________________



+




زمزم: مهند فرحان اوي وكل اما يشوف حاجة عايز يمسكها وياخدها..اللئيم فضحنى..وأن بتفرج على اشكال العاب حلوة واشتريت اللي عجبنى ومشيت لقيته واخد منهم لعبة في ايده..قام البياع نادى وهو بيضحك ويشاور على اللي في ايد مهند..اتكسفت ورجعتها واعتذرت بس هو طلع راجل ذوق ولاعب مهند وصمم يسيبله اللعبة. بس طبعا صممت ادفع تمنها..! 



+




عابد بجبين مقطوب: وانا كنت فين وكل ده بيحصل؟ 



+




_ كنت واقف بتشتري حاجة لجورى الناحية التانية!


_بس انا سبتك مع ماما وطنط عبير ماسبتكيش لوحدك


_عادي منا سبتهم بعدها عشان اتفرج على حاجات تانية..ايه المشكلة ياعابد ..ليه متعصب؟


زفر ليتحكم بضيقه وغيرته لمزاح البائع مع الصغير وهى بمفردها..وتمتم: مش متعصب ولا حاجة بس كنتي ادفعي تمن اللعبة اللي مسكها مهند وامشي من غير كلام زيادة!


_وهو كل حاجة الولد يمسكها لازم اجيبها؟ ده سلوك غلط وانا جبتله ألعاب كتير ومع كده دفعت تمنها ومشيت.. ايه حصل بقى للعصبية ده كلها كأنى غلطت في حاجة؟!


_وبعدين يازمزم قلت مش متعصب انتى هتعصبينى بالعافية؟!


رمقته برهة ثم غمغمت بنبرة فاترة: طب عن اذنك هروح لماما وطنط كريمة! ..وذهبت عابسة دون انتظار رده..فمسح على وجهه ليهديء غضبه الذي فشل في مواراته عنها..فقد فارت دمائه لما قالته لكن لم يقصد ان يُغضبها..زفر ثانيا ولحقها ليلطف الأجواء معها مرة أخرى!..لكنها أفشلت اى فرصة تجمعهما وتتيح له الحديث معها!


__________________



+





        


          



                


عامر بفرحة طاغية: يعنى هشوف جوري بكره يا ظافر؟


_طبعا العيلة كلها جاية هيفطروا عندنا..انا عازمهم من اول الشهر على يوم 27..خليهم يجربوا اجواء سهرات مطعمنا في رمضان قبل مايخلص..وشد حيلك واعمل برنامج حلو..! 


_بإذن الله..ويارب جوري تكون هديت شوية وتقبل اعتذارى المرة دي!


_بإذن الله ربنا يهدي الحال! 


_صحيح أنت هتقول لبلقيس موضوعك امتى؟


همس بقلق: بفكر اقولها انهاردة بس خايف رد فعلها


_ اكيد هتزعل..بس هي لازم تعرف مافيش معاك وقت


_فعلا..هنتهز فرصة وجودها واقولها وربنا يستر..!


___________________


في الشركة! 



+




وزعت أطباق مخبوزاتها التى صنعتها للعيد على زملائها في الشركة..كما فعلت مع أحمد وتركت ليزيد نصيبه بغرفته لحين حضوره ثم توجهت لمكتبها لتنجز سريعا باقى عملها قبل ان تبدأ اجازة العيد التى ستمتد عدة ايام بعده..دلفت حجرتها لتشهق مذهولة مما رآت بها!



+




مجموعة كبيرة من البالونات الملونة معقوصة بخيط مثبت طرفه على حرف مكتبها..متطايرة ببهجة فى فضاء الغرفة تتراقص على ضوء الشمس ويتوسط المجموعة بالونة كبيرة بشكل قلب أحمر مكتوب عليها "عيد سعيد"..


اقتربت ومازالت تحت تأثير الدهشة ليتضح فوق سطح المكتب علبة مغلفة بشكل أنيق وملصق عليها ظرف صغير..فالتقطته وعيناها تقرأ من خط عليه ( ودى عديتك) فتحت المغلف فوجدت بضعة ورقات نقدية ومعها كارت صغير..فقرأته بصوت خافت ( كل سنة وانتى طيبة يا أمونة..يارب اكون قدرت افرحك بهدية العيد)..وبعد قراءة كلماته فتحت العلبة لتجد تشكيلة كاملة من مخبوزات العيد ورائحتها الشهية تزكم انفها وتحرضها على التذوق..لكنها تذكرت أنها صائمة..!



+




ابتسمت حادت بنظرها للنقود الجديدة وعيناها مغرورقة تأثرا بما فعل أحمد واهتمامه بتهنئته المميزة بعيد الفطر..!



+




أن يتذكرها احد ويخصها بشىء في مناسبة كتلك هو أمر له صداه العميق في نفسها ..استطاع بلفتته الرقيقة ان ينثر حولها رائحة سعادة حقيقية..فتركت كل شىء وتوجهت إليه ودلفت بعد طرقتين على بابه وسماحه بالدخول..وما أن رآها حتى رمقها برهة بترقب وكأنه يحاول قراءة أثر مفاجأته عليها..فتحير بصمتها..وهتف مازحا: انا عارف ان العيدية الضخمة ابهرتك..يلا قلت لو عليكى ديون تسديها.



+




ابتسمت وجارته في مزاحه لتوارى تأثرها: ده انا هسدد ديونى واشيل الباقى لمستقبلى..دول خمسين جنيه بحالهم..يعنى ثروة!



+




ضحك وهو يترك مكتبه مقتربا منها: عشان تعرفى انى راجل ايدى فرطة وسخى! وعلى فكرة مخبوازات العيد بالسمنة البلدى يا باشا..يعنى حاجة نضيفة!


ثم همس برقة وهو يشير لصحن صغير يعلو مكتبه: بس اكيد مش هتكون أحلى من مخبوزاتك اللى جبتيلى منها انهاردة وريحتها هتفطرنى...!


_يارب يعجبك العك بتاعى ده..هنتظر رأيك لما تفطر


_اكيد مش عك طبعا ومتأكد انها هتعجبنى ..تسلم ايدك مقدما.!



+




ابتسمت وهى تطالعه بامتنان ينضح من مقلتيها..فهمس بعد ان ترك نبرة المزاح: كل سنة وانتى طيبة يا أمونة..وعيد فطر سعيد عليكى!


_وانت طيب يا احمد..بجد شكرا على لفتتك دي..حقيقى خليتنى مبسوطة ومنظر البالونات على مكتبى تفصيلة حسستنى انى رجعت صغيرة تانى!


_طب الحمد لله ان ده كان إحساسك


وواصل بنبرة خاصة: كان لازم اردلك فرحة اجواء رمضان اللى عيشتينى فيها هنا فى مكتبى بتهنئة عيد مميزة..وانا عارف من ايام الجامعة انك بتعشقى البالونات!



+





        


          



                


_يااااه لسه فاكر؟


_طبعا..وفاكر لما يزيد كان يوزع علينا احنا وزمايلنا كل واحد ورقة بعشرة جنيه جديدة مكتوب عليها تهنئته مع شيكولاتات..!


ضحكت برقة: وانا كنت بغلس عليك واخطف الشيكولاتة بتاعتك واقولك دي للبنات بس!


ضحك مثلها: منا كنت برجع ابلطج واخد غيرها من يزيد وهو يتغاظ مني! 


هدأت ابتسامتها: كانت ايام جميلة اوى مش بنساها..!


وواصلت وهى تنظر إليه: ولا هنسى هديتك دي أبدا يا احمد..بجد شكرا..!


_شكر ايه بقى هو فى بينا شكر؟


ثم عاد ليجلس خلف مكتبه مستطردا بمرح: المهم خلصى كل شغلك عشان تروحى بدرى..واوعى البالونات تفرقع منك..انا نفسى اتقطع وانا بنفخها كلها..!


تذكرت عدد البالونات الذى ربما يقترب من خمسين بالونة كبيرة..هل قام بهذا المجهود لأجلها؟! ابتسمت لتُضاف تفصيلة أهتمام أخري لها قيمتها في نفسها ولن تنساها..! 



+




دلف بتلك اللحظة يزيد..وحين رآها تبادل معها التهنئة وشكرها على ما احضرته له..ثم شاغبها وهو يعطيها عيدية رمزية عليها تهنئة مكتوبة كما كان يفعل أيام الجامعة.. وبعد مزاحهم تركتهما لتذهب لغرفتها..!


__________________



+




قد يعجبك ايضا


منذ بضع شهور


رواية مارد المخابرات الجزء الثاني كامله ( جميع الفصول )...


منذ بضع شهور


رواية مارد المخابرات الجزء الثاني كامله وحصريه بقلم اسماء جمال...


منذ بضع شهور


رواية مارد المخابرات الجزء الثاني الفصل الثاني 2 بقلم اسماء...


جاءت ليلة القدر لتشحذ أرواح المسلمين بطاقة ايمانية عالية والجميع ويبتهل ويدعوا بحاجته علها تكون ساعة إجابة..طالبين العفو والمغفرة والعتق من النار والفوز بجنات النعيم..! وانقضت الليلة المباركة مخلفة ورائها مُقل باكية بتضرح..وقلوب خاشعة.. وايادى ممدودة بالدعاء..استعد عاصم وأشقائه بالنهار التالى لتلبية دعوة ظافر بإفطار شهى في مطعمه كما اتفق منذ بداية الشهر الكريم!


.............


حول مائدة إفطار كبيرة التفت عائلة عاصم مع أسرة ظافر مظهرين اعجابهم بما قدمه بأجواء رمضانية مميزة...وبينما الجميع منهمك بطعامه كان يراقبها بضيق وهي تتجنبه منذ غضبه الغير مقصود معها..اقترب بحجة مهند وقال: زمزم مهند عايز يعمل حمام تعالى شوفيه


نهضت وأخذت الصغير متوجهة به للحمام، فتبعها وبأول فرصة حادثها برقة: انتى زعلانة منى؟


اجابت: لا ابدا مش زعلانة..مجهدة بس من قلة النوم


_وليه مانمتيش؟


_ما انت عارف اما بغير مكان نومى مش بنام..


صمت برهة يتأمل شحوبها الطفيف، فهمس بحنان: باين على وشك..بس اكيد انهاردة هتنامى..وممكن تسيبيلى مهند انيمه معايا ونامى انتى!



+




لانت قليلا لاهتمامه و همست بابتسامة صغيرة: ماتقلقش ياعابد هنام ومهند كمان هينام..شكرا..!



+




انتقلت ابتسامتها لشفتيه وعاد يهمس: طب ماتزعليش انى اتعصبت شوية بالنهار..خوفت البياع يكون استظرف معاكى وانا مش موجود!


_ولو استظرف..انا اقدر اوقفه عند حده..بس ده محصلش..هو كان ذوق وتفهم حركة الولد العفوية وحب يسيبها لما مهند فضل ماسكها..وانا عادي حاسبته عليها ومشيت..محصلش حاجة كانت تضايقك كده!.



+




طالعها بتأمل شارد وداخله يشكوا داء الغيرة ولكن كيف يوضح لها شعوره؟.تنهد وتخطى الامر متمتمًا:


_خلاص أهو موقف وعدى..المهم انبسطى انهاردة في الفطار؟


عاد الحماس لنبرتها: جدااا.. وفي كام صنف تحفة بصراحة عايزة اخد طريقتهم من ظافر..ولا تفتكر هيطلع ناصح ومش هيرضى يقولى أسرارهم؟ بس انا مش هسكت إلا اما اعرف منه و ........


قاطعها: حيلك حيلك.. تكلمي مين ومش هتسكتى على ايه..انتى ماتسأليهوش على حاجة أساسًا..قولى عايزة طريقة ايه وانا هجيبهالك منه!


غمغمت ببساطة: خلاص ماشي!



+





        


          



                


"لو سمحت ممكن تساعدنى وتقولى فين الحمام؟"



+




التفت للفتاة التي عبرت جواره وهتف بتهذيب: 


يمين في في شمال حضرتك..



+




شكرته بصوت رقيق وهى ترمقه بنظرة اعجاب واضحة ثم


تقدمت خطوتين ليلتوى كاحلها بغتة وتكاد ان تسقط لولا أن لحقها عابد ومد لها ذراعه هاتفا بقلق: حاسبى يا أنسة..انتى كويسة؟



+




بدا على ملامحها الألم وهتفت: رجلى شكلها اتلوت..مش قادرة اقف!


نظر لزمزم يناشدها الدعم: ساعدينى عشان نقعدها في مكان شكل رجلها اتلوت..


هتفت ببرود: طب وسع انت وخد مهند عند ماما وانا هتصرف ياباشمهندس!


غادر عابد متعجبا من إصرار زمزم ان يذهب بالصغير.. أما هي فأجلست الفتاة على اقرب مقعد وقالت: ارتاحى شوية وهتبقى كويسة يا أنسة..(وواصلت ببعض التهكم) اكيد رجلك مافيهاش حاجة لانك ماوقعتيش اصلا!


الفتاة بإحباط: بس اتلوت ووجعتنى


زمزم بسخرية: يااااه ده كده الموضوع خطير ونطلبلك الإسعاف يلحقك!! 


_لالا مش للدرجادي..اتفضلى انتى وانا هتصل بصاحبتى تجيلى..شكرًا للمساعدة! 


زمزم ببرود: العفو..!



+




وتركتها وبطريق عودتها وجدت عابد مقدما عليها هاتفا: عملتى ايه؟ البنت بقيت كويسة؟


_كويسة ومافيهاش حاجة، قعدت على كرسي واتصلت بصاحبتها تجيلها


_يعنى اكيد البنت مش محتاحة مساعدة؟


قالت بحدة: مساعدة ايه دى بتمثل وانت صدقت تمثيلها..! 


صاح بدهشة: بتمثل؟!!


_اه والله هي اتعمدت توهمك انها هتقع ورجلها اتلوت


_ايش عرفك بقى؟


_لأنى شوفت نظراتها الوقحة ليك وهي على ترابيزتها اللي جمبنا..عمالة تبصلك من غير حيا..واكيد مش صدفة انها تقوم تدخل الحمام اول ما سيادتك قمت..!


_غريبة وانتى ركزتى معاها ليه كده؟ وبعدين هتبصلى ليه؟


هتفت بعصبية:


_أنا مش قصدي أركز مع حد كل الحكاية ان مكانها كان مكشوف ليا فلاحظتها بدون قصد..وليه بتبصلك تقدر حضرتك تروح تسألها وتطمن عليها بالمرة...ووسعلي بقى خليني ارجع أشوف ابني.....!



+




وتركته محدقًا بأثرها مآخوذا ونفحة أمل أخيرًا تشرق على قلبه..فهل ما رآه الآن يدخل في طيات الغيرة؟!


______________________



+




أتت متحفزة ان يحاول الحديث معها مرة أخرى..هذه المرة ستخبر يزيد..لكن الغريب انه لم يظهر على الإطلاق والمفروض تواجده كصاحب مكان مثل ظافر..زفرت وهاتفت نفسها ( احسن..يارب ما يورينى وشه لحد مانمشى)..وبعد قولها تفاجأت بطفل صغير يقذف فوق ركبتها مغلفا ثم هرول بعيدا..فغمغمت بدهشة ( ايه لعب العيال ده؟)..نظرت للمغلف بحيرة..ممن؟ وجدت ان فتحه الآن ربما يلاحظها احدا..فاستأذنت لتذهب للمرحاض..وبزاوية محتجبة فتحت المغلف لتجد ورقة مطوية يرافقها ورقة نقدية تفوح منها رائحة ذكية جذبتها وبتلقائية تشممتها متمتمة ( الله البرفان ده ريحته تجنن) ثم فردت الورقة المطوية وراحت تقرأ من خط بها



+




( كل سنة وانتى طيبة يا ملاكى..حبيت أكون أول واحد يديكى العيدية..وجبتلك برفان هدية وكنت عايز اعرف رأيك فيه..فرشيت منه على عديتك..واتمنى يعجبك..وعشان خوفت ترفضيه خليته معايا لحد ما في يوم تاخديه منى وانتى بتكافأينى بابتسامة حلوة من شفايفك..اما ال 200جنية دي عيدية متواضعة منى)



+





        


          



                


زفرت بعد أن انهت قراءة رسالته المعطرة والتفتت حولها ولا تعرف لما شعرت انه يراقبها..وصدق حدسها وهو يتجلى عليها من خلف إحدى الجدران مبتسما..فكتفت ساعديها وهتفت ساخرة: طب وبعدين؟ الموال بتاعك ده هيخلص امتى؟



+




همس وهو يقترب: هيخلص لما تحنى عليا وتسامحينى


_مش هسامح حد وبطل حركاتك دي احسلك عيب انت كبير ومش صغير للتصرفات دي!



+




وهمت بتركه وهى تقذفه عليه مغلفه بما يحويه فاوقفها بعد أن تلقفه سريعا: انتى ناسية انى مديون ليكى بفلوس اول مرة..ال 200 جنية دول منهم..يعنى سداد دين!



+




التفتت إليه فواصل: الفلوس دي حقك ولا هتسيبى نصاب زيي ياخد فلوسك!


استفزها بحديثه..فتقدمت الخطوات التى ابتعدتها والتقطت منه المغلف بغضب وذهبت..


فناداها ثانيا


_جورى دعتيلى امبارح في ليلة القدر؟


استدارت له متهكمة: ودى حاجة تفوتنى بردو؟؟


ابتسم ببلاهة فاستطردت: دعيت تبعد عنى وماشوفش وشك تانى!


عبس واقترب منها خطوتين حتى صار جوارها وهمس بأذنيها: ان شاء الله ربنا مش هيستجيب منك..وهيستجبلى انا دعوتى بيكى!


داست على قدميه بغته فتألم صائحا: كل مرة تعملى فيا كده؟


سخرت منه: وده إن دل على شيء فيدل على غبائك لأنك مش بتتوقع منى نفس الحركة يا ذكى!



+




وتركته فهتف قبل ان تبتعد: مسيرى اخلص تارى منك لما يبقى ليا كلمة عليكى..ووقتها هعلقك من لسانك في العربية!


صاحت دون تستدير او تتوقف: ده في أحلامك ياخفيف!



+




ابتسم بأثرها وهو يراقبها وقلبه يرقص لاغتنامه تلك الدقائق القصيرة معها..!


..................



+




عادت لطاولة العائلة واحتلت مقعدها بذهن شارد..لا تدري لما أخذت عديته وخطابه! وتصنعت اقتناع زائف أنها نقودها..لكن داخلها يكذبها..مشاعرها منقسمة بين سعادتها بما فعل..ورغبة اخرى بتعذيبه وعقابه..حالتها غريبة ولا تدري ما سيؤل إليه الأمر معه..لكنه بكل الأحوال هو يستحق عقابها..!


نفضت شرودها وعادت تندمج مع الجميع وهى على يقين انه يشاهدها ويراقبها خلسة من بعيد..!


___________________


ألقى عليها تحية بوجه مبتسم ولم يحاول مضايقتها بعد ان استاءت منه المرة السابقة..يكفى ان الحظ يجود عليه بسخاء وهاهو يراها للمرة الثالثة ويتوقع المزيد بفضل صلة النسب بين عمه وأخيها ظافر.. ورغم تظاهره بعدم الاهتمام بوجودها يسترق النظر خلسة لعيناها وكأنه يريد اختراق رقائق اللينسز المزيفة لينفذ لعيناها الحقيقية..ويحتار داخله لما تخبئها عن الجميع؟ 



+




أما هى فتعجبت لتغيره بعد أن ألقى تحية عليها فور قدومه كما فعل مع البقية وتجنبها تماما..يبدو أن توبيخها له سابقا أوقفه عند حده..وهذا افضل ولن يشغلها الأمر اكثر من ذلك ولتهتم بإفطارها الشهى وفرحتها بهذا التجمع..هى أصبحت تعشق تجمع هذه العائلة بعد ما لمست دفء علاقتهم..هم عائلة جميلة بحق..كم صارت علاقتها ببلقيس اكثر قربا وسعيدة بنيا أخيها تلك الفتاة المنيزة في كل شيء..تنهدت وداخلها يدعوا: اللهم ديم نعمتك عليهم وأسعد اخى بينهم!


______________



+





        


          



                


انتهى الإفطار وانشغل الجميع بالثرثرة وهم يتناولون مشروبات متنوعة.. اما هو فتنحى بها في مكان اخر من المطعم!..وبحذر راح يسرد لها ما عنده! 



+




_من فترة قدمت في مسابقة توب شيف اللى بتتعمل على مستوى الدول العربية ومقرها لبنان..ومن حظي اتقبلت وصلنى استدعاء انى اسافر عشان اشارك في التصفيات الأولى!


طغت على ملامحها الصدمة وهى تغمغم:


_هتسافر وتسيبنى؟



+




حدثها بهدوء عازمًا اقناعها: بلقيس.. المسابقة دي خطوة مهمة جدا في حياتي ولو ربنا وقفني وفوزت بأسم بلدي هتنقل لمكان تانى خالص في شغلي وهلاقي دعم أكتر وشهرة أسرع..!


غمغمت بحزن جعلها لا تستوعب حديثه: بس انت ماجبتش سيرتها معايا ولا مرة.. هو لازم تشارك فيها؟ ما انت ماشاء الله مطعمك والكافية ماشين ممتاز وراقيين جدا وبقيت مشهور بدرجة كبيرة عايز ايه تانى؟



+




تنهد ثم ابتسم وقال برفق: بلقيس انا طموحى في مهنتى مش مجرد كافية ولا مطعم مشهور في القاهرة، لأ..أنا بحلم اوصل للعالمية واخد أسم يكون بصمة بعد كده..والمسابقة دي خطوة في تحقيق حلمى.. فهماني؟!



+




لم تجد شيئا تقول بعد سرد أماله التى يشيدها على تلك الخطوة..فهمست مطرقة الرأس رغما عنها: فهمت، ربنا يوفقك ياظافر وترجع واخد المركز الأول وترفع أسم بلدنا هناك!



+




ألم قلبه رؤية حزنها ورأسها المطرق وسحابة عبراتها التي تتراقص مع الضوء الخافت..فهمس برقة: طيب هتدعيلى وانا هناك؟


رفعت رأسها وحدقتاها تحتضنه بحنان لمس شغاف قلبه: أكيد هدعيلك في كل وقت! 


ثم برق بذهنها فكرة فهتفت بحماس: طب ايه رأيك اجى معاك لبنان؟


زوى بين حاحبيه وقال: تيجى معايا؟ ازاي؟


_عادي في نفس الفندق بتاعك هاخد غرفة ونتقابل لما تكون خلصت شغلك ونخرج ونتفسح براحتنا ونقضي و......



+




قاطعها بحدة: ده على اساس باباكى هيوافق بالبساطة دي؟؟ هو في بنا أي صفة شرعية تخليكي تكوني معايا في سفر زي ده؟ وبعدين انا مش رايح اتفسح ولا هبقى فاضى لخروج.. وانتى معايا ولا هركز او انجز أي حاجة.!



+




تجرعت صدمتها من حدته القاسية وسخطه الواضح علي اقتراحها وهمست بهدوء بقدر ما استطاعت: عندك حق كلامي فعلا مش منطقي، خلاص انسى ياظافر كانت مجرد فكرة جت في بالى وقولتها بدون تفكير..!



+




وخذه ضميره لجفائه وحدته عليها بهذا الشكل فهَم بقول شيء ما يصلح ما أفسده ليراضيها..فقاطعه حضور زمزم مناديا:


بلقيس احنا خلاص ماشيين هترجعى معانا ولا...



+




وكأنها أتت لها طوق نجاة فتشبثت بها ونهضت هاتفة قبل أن يتحدث ظافر الذي بدا أنه سيحاول إبقائها معه وهذا ما لا تريده الآن.. يجب أن ترحل لتهدأ..! 



+




_ راجعة معاكم يازمزم اصلا كنت جايالكم!


والتفتت له هامسة: تصبح على خير ياظافر بكرة هتصل ان شاء الله!



+




وذهبت دون انتظار لحظة أخرى متجاهلة نداء عيناه الصامت ان تظل ليسترضيها..لكنها لا تريد سوى الخلوة وغير مؤهلة لحديث أخر..!



+





        


          



                


فزفر ولطم قبضته فوق الجدار بقوة ولهيب انفاسه يكاد يحرق صدره وتأنيب ضميره ونغزة قلبه تزداد آلمًا لرحيلها غاضبة منه..لم يقصد حدته ولا يعرف لما حدثها بتلك الطريقة..أحيانًا لا يفهم هو نفسه..ليتها ظلت ليخبرها انه سيشتاقها أكثر مما تتخيل وانه عصبيته ما انبثقت إلا من ضيقه لفراقها وأنه كان سيطير فرحا لصحبتها لكن لن يليق أن تذهب معه.. كما أنه أراد لها الأهم من مصاحبته..لكن ماتتاح الفرصة ليوضح شيئًا..!



+




ذهب لتوديعهم ربما يراها مرة أخير قبل ان تغادر ويحدثها.. فلم يجدها بينهم وگأنها توارت عنه عمدًا..!


ولن يلومها.. وعليه أصلاح ما أفسد..! 


______________________



+




غادر الجميع ولم يبقى سوى عائلة ناجي ماكثين في انتظار عودة عطر من المرحاض! 


......... 


_رايح فين يا ياسين؟


_ يزيد؟ افتكرتك مشيت.. عموماً أنا داخل اشوف عطر اتأخرت ليه عايزين نمشي! 


_ طب ارجع أنت وأنا هشوفها أنا أصلا رجعت عشان أوصي عامر علي حاجة! 


_ خلاص تومام يا كبير..!


............


دلف ومشط بعينه جميع الزوايا بحثًا عنها فلم يجدها.. فتوجه تجاه المرحاض ربما وجدها هناك.. وما أن اقترب حتى لمحها تقف ناكسة الرأس ويبدو على ملامحها الٱلم.. فدنى سريعا مناديًا: عطر..!



+




رفعت رٱسها إليه تهتف باستنجاد: يزيد! 


جزع وهو يري دموعها فتسائل بقلق شديد: مالك ياعطر حصل ايه؟


_ دخلت الحمام اظبط حجابي وخرجت بسرعة عشان ألحقكم طرفه شبك في مقبض الباب من غير ما اخد بالي فوقعت وتليفوني اتكسر، شايف؟!



+




أنهت شكوتها بصوت باكي وهي تنظر لهاتفها الذي تهشمت شاشته ولم يعد يصلح للعمل.. فابتسم بحنان والتقطه منها هامسا برفق: طب اهدي وماتزعليش كده فداكي ميت تليفون المهم انك بخير! 


_ ماهو مش ده بس اللي حصل..!


وواصلت وهي تشير لحذائها: كعب جزمتي اليمين اتكسر هو كمان ورجلي اتلويت ووجعاني وأنا افتكرتكم هتمشوا وتسيبوني من غير ما تاخدوا بالكم اني مش موجودة.. وخوفت لما لقيت المكان بقى فاضي حواليا ومافيش حد استنجد بيه..! 



+




سرد مشاعر خوفها وبكائها هز قلبه.. فهمس ليطمئنها: متخافيش أنا كنت هلاحظ غيابك وكنت هدور عليكي! وواصل: يلا تعالي اسندي عليا لحد ما نطلع برة وبطلي عياط مش مستاهلة! 


همهمت باعتراض: أنا قلت ماليش في الجزم اللي بكعب.. بس جوري فضلت تزن عليا عشان البسها وادي النتيجة! 


ضحك ضحكة قصيرة لعبوسها الطفولي وقال متهكمًا: انتي ولا الجزم نافعة ولا الكوتشات بتستر معاكي.. في الحالتين بتقعي وتعملي كوارث! 


هتف بحنق: بتتريق عليا وانا في الموقف ده؟


قاوم ابتسامته حتى لا يزيد حنقها: لا طبعا وأنا اقدر اتريق.. يلا بقى حطي إيدك على دراعي خلينا نخرج عشان هيقلقوا عليكي! 


نظرت لساعده المبسوط أمامها وشعرت بالحرج فهمست: لأ نادي اخويا ياسين يجي يسندني! 



+




رغم إدراكه لخجلها أصر: مش مستاهلة أنادي حد.. أمسكي فيا وكلها خطوتين وهنطلع برة.. !


ظلت على ترددها.. فاستطرد بإلحاح: يلا ياعطر كنا زمانا طلعنا برة.. يلا..! 



+





        


          



                


مدت كفها بتردد وهو يراقب ترددها بصمت حتى تشبثت به.. فابتسم وخطى على خطاها الحَذر ثم تسائل: هي رجلك وجعاكي أوي؟


_ لما بدوس عليها بحس بألم..بس تيتة عندها مرهم حلو إن شاء الله يريحني"


تمتم برقة: ألف سلامة عليكي.. لو بكرة مافيش تحسن هحجزلك عن دكتور كويس و... ..


قاطعته: لا مافيش داعي.. ده مجرد جزع وهيخف بالمرهم إن شاء الله! 


ابتسم وشاكسها: طول عمرك بتكرهي زيارة الدكاترة! 


واستطرد: عمومًا هنشوف بكرة.. لو محتاجة طبيب ساعتها هنتصرف!


أومأت له وهي تسير بحرص محاولة إخفاء ألمها حتى وصلا معًا للخارج، واستقبلهما والديها وياسين بفزع فطمأنهم يزيد أنها بخير..ورحلت معهم واستقل بعدها سيارته عائدًا لمنزله المستقل!


------------------------------


أطلت من شرفتها بعد نوم مهند فلمحتها تجلس شاردة بزاوية ما بالحديقة، استشفت بها حزنًا وتأكد ظنها أن هناك ما حدث بينها هي وظافر.. فعزمت على الهبوط لها ربما تهون عليها الأمر..! 


......... 


_الجميل قاعد لوحده ليه؟


ابتسمت بلقيس: معرفتش انام فقلت اتمشى هنا شوية، وانتي؟


_ أنا نيمت مهند وبعدها لمحتك واقفة لوحدك فقلت اجي اغلس عليكي! 


_ماتقوليش كده بالعكس مبسوطة انك نزلتي! 


تمعنت بوجهها ورغم هدوئها نبرتها تحوي حزنًا فتسائلت: 


_في حاجة مضايقاكى يابلقيس؟


نفت بإيماءة: ابدا يازمزم مافيش!


همست الأخيرة: هو احنا اصحاب ولا بنات عم وبس؟..


_وايه الفرق؟


_الفرق كبير..بنات عم يعنى يبقي في بنا حدود وأسرار..لكن لو أصحاب هنحكى لبعض اللي جوانا بحرية وسرنا هيكون واحد..!


شردت حدقتي بلقيس وهي تفكر في منطق زمزم.. لما لا تعتبرها رفيقة حقيقية وتشاركها كل شيء؟ هي تحتاج من يملأ هذا الفراغ داخلها..! قررت أن تعطي زمزم تلك المكانة.. هي بالأساس ترتاح إليها بشكلٍ خاص.. التفتت تحدثها: يعني ممكن يكون في بنا أسرار محدش غيرنا يعرفها؟



+




أومأت بتأكيد: طبعا..يعنى انا ممكن اقولك حاجات حتى ماما مش هتعرفها وواثقة انك هتصونى سري..وواصلت ببعض الغموض: حاجات كتير اوى جوايا يابلقيس نفسي احكيها..بس مش عارفة لمين..عايزة اتكلم كأنى بتكلم مع نفسى.. وأنا وانتي اكيد هنفهم بعض أكتر من اي حد تاني!



+




حدجتها بلقيس بنظرة متمعنة مستشعرة الكثير من خباياها..مازالت تذكر ما سردته لها في الزيارة الأولى عن معاناتها بعد وفاة زوجها..هى أيضا عانت تجربة أليمة..وربما هما متشابهان من زاوية ما..لما لا تجرب هذا الإحساس وتشاركها كل شيء.. زمزم رفيقة لن تخونها او تحقد عليها..!



+




همست بعد قصير: موافقة يازمزم اننا نكون أصحاب مش بس بنات عم.. أوعدك اني مش هخبي عنك اي حاجة..!


انشرح وجه الأخيرة مهللة: بجد؟ يعنى انا انتى مش هنخبى حاجة عن بعض ابدا؟


_لأ..انا كمان جوايا حاجات كتير نفسي اقولها..بس ماينفعش بابا وماما أو ظافر يعرفوها..!


أمسكت الأخرى كفها وقالت بحنان: انا اهو معاكى فضفضي ومتخافيش كأنك بتكلمى نفسك..ويلا نبتدى من اخر حاجة! 


_بلقيس بتسائل: اخر حاجة اللي هي ايه؟


_لما جيت اخدك عشان نمشي حسيت كان في توتر بينك وبين ظافر، وانك هربتي منه..وهو كمان مكانش عايزك تمشى بس اتحرج يكلمك قدامى..حسيته عايز يشدك ويرجعك تانى جمبه..بس انتي ما سبتيش اى فرصة!



+





        


          



                


تنهدت بحزن ثم همست: مش عارفة اقولك ايه.. ده مش مجرد زعل يازمزم! 


_بصي احكيلي حصل ايه وبعدها نحدد طبيعة الموضوع! 



+




أومأت لها وهي تمتم: ظافر قالي انه هيسافر لبنان بعد العيد بكام يوم عشان يشارك في مسابقة هيمثل فيها مصر.. وانا لما قالي كده حسيت اني اتخنقت لأنه هيبعد عنى..واما اقترحت عليه اسافر معاه رده عليا كان جاف وقاسي، حسيته مش عايزنى معاه..كأنه ماهيصدق يرتاح منى يازمزم!



+




وعند تلك النقطة لم تستطع إيقاف دموعها وبكت، فتلقفتها زمزم بين ذراعيها رابتة على ظهرها ملتزمة الصمت تاركة اياها تفرغ ما بها حتى تهدأ.. وبعد لخطات من البكاء رفعت بلقيس وجهها الذي ابتل بالعبرات هامسة بوجع: أنا خايفة اكون عبء تقيل عليه وانه يكون خطبنى شفقة.. ده أصلا إحساسي وزاد الظن ده جوايا بعد رده عليا..!



+




زمزم بدهشة حقيقية: شفقة؟ ازاي؟ وليه هيعمل كده؟



+




_لأن أما اتخطبنا انا كنت لسه تعبانة نفسيا و متعلقة بيه جدًا لدرجة ان استجابتى لاي حاجة كانت معاه هو بس..وأكيد خطبنى من باب الشفقة او الشهامة عشان يساعدنى أتعافى وارجع طبيعية تانى!



+




هزت برأسها تنفى بالقطع: لا مستحيل..كل اللي حواليكم شاهد على اهتمامه بيكى ونظراته اللي فيها حب مش شفقة زي ما بتقولي! 



+




بلقيس بنبرة مغموسة بالبكاء: ده ظنكم انتم.. انا بكلمك عن احساسي..اهتمامه بيا مش دليل كافي انه بيخبني..ظافر شهم يا زمزم انا متأكدة انه بطبيعته عطوف على اي حد..مابالك لو حد تعبان ومحتاج مساعدته؟!



+




وصمتت وعيناها تعصف بحزن أكثر عمقا كنبرتها وهى تغمغم بكسرة: ظافر لحد دلوقت ماقاليش كلمة "بحبك"..ولا مرة قالها.. حتى كلمة وحشتينى بلهفة ماسمعتهاش منه..بيعاملنى بحدود وتحفظ غريب..في حاجة ناقصة بنا..في حدود من ناحيته مش فاهماها.. أنا بظهر مشاعري أكتر منه بكتير..! 



+




_انا مش مقتنعة ابدا بالكلام ده..مافيش حد بيخطب واحدة شفقة يا بلقيس..وبعدين معلش يعنى ده انتى يتمناكى شباب البلد كلها..انتى بتخطفى نظر اي حد حواليكي من جمالك..ده غير عيلتك الكبيرة وأصلك الطيب وتعليمك واخلاقك..قوليلى ازاي ظافر مش هيحبك؟


_جمالي ممكن يجذبه فترة لكن عمره مايكون سبب انه يحبني بجد..!


واستدارت عنها تطالع الأفق بنظرة مبهمة وهي تغمغم: 


_ بالظبط زي ما انا ماحبتش يزيد يا زمزم رغم انه كان فيه كل الصفات الأساسية اللي تخليني احبه!



+




هتفت الأخيرة بذهول: يزيد؟!



+




_أيوة يزيد..!


يزيد اللي حبنى من قلبه وانا مقدرتش احس بيه أو اديله أي حاجة..غصب عنى وبحماقة استهانت بمشاعره وجرحته حتى لو دون قصد بس في النهاية جرحته وسببتله ألم كبير..وحاسة انه بيتردلى دلوقت نفس الألم ده مع ظافر اللي بحبه بجنون وهو مش قادرة احس انه بيحبني.. الأدوار اتبدلت.. وعرفت ازاي يزيد كان بيتعذب.. بالظبط زي حالي دلوقت! 


والتفتت إليها ثانيًا مواصلة: ده ذنب يزيد يا زمزم..ربنا بيعاقبني عشانه..!



+





        


          



                


آلمها تعذيبها لروحها بهذا الشكل الخاطيء.. فدنت منها وأمسكت ذراعيها لتواجها بقوة هاتفة بحزم: 



+




_ انتى تفكيرك كله غلط وقاسية جدًا على نفسك يابلقيس.. ازاي تحاسبى قلبك انه ماحبش يزيد وحب غيروا؟ القلب ده بوصلة محدش يقدر يحدد وجهتها..ااقلب مافيش عليه سلطان.. ومش معنى انم مش حبيتي يزيد انك ظلمتيه.. بالعكس.. انتي خدمتيه.. لأنه معاكي كان هيتحرم من حب حقيقي هيحتاجه ومش هيلاقيه عندك..لكن دلوقت مسير ربنا يرزقه بواحده تعوضه زي نا ربنا عوضك بظافر.. خليكى رحيمة بنفسك انتى تعبتى واتعذبتى كتير وعيشتي تجربة صعبة ومع كده كنتي قوية وعديتي منها..! وكل اللي في دماغك ده وساوس شيطان رچيم عايز ينكد عليكى ويضيع سعادتك.. اوعى تديه فرصة.. وظافر أنا متأكدة انه بيحبك.. لو كنتي شوفت حزن عيونه وانتي ماشية معايا كنتي فهمتي.. ولو تعصب عليكي ده عادي يحصل ممكن يكون مضغوط من أمور تانية وجت فيكي أنتي وأكيد هو هيصالحك ووقتها هتحسي بكلامي ده! 



+




عانقتها بلقيس بقوة مغمغمة: احسن حاجة عملتها اني اتكلمت معاكي.. كلامنا ريحنى جدا وشال الهم من قلبي..شكرا يا زوما


ربتت علي ظهرها وقالت مبتسمة: 


_مافيش شكر بين الاخوات يابلقيس واي وقت محتاحة تتكلمى انا موجودة! 


أومأت وهي تعود لتطالعها متسائلة: 


_طب وانتى؟ مش هتقولى اللي في قلبك؟


_طبعا..بس خلينا بكره لأن دلوقت خلاص هنام منك في الجونينة على رأي عابد.



+




بلقيس بمكر: اممم وعلى ذكر عابد..اللى حابة تتكلمى فيه يخصه مش كده؟


تلحلجت وقالت: عابد؟؟ 


ابتسمت هامسة: مش اتفقنا مش هنخبى حاجة عن بعض؟


خيم بعض الهدوء بينهما وبلقيس تنتظرها.. فهتفت الأولى بحيرة: والله ماعارفة اقولك ايه..انا نفسي مش قادرة افهم حاجة..حاسة بلخبطة وخوف وتأنيب ضمير


_طب نبتدي من الأخر..ليه حاسة بتأنيب ضمير؟


_كل اما تفكيرى ياخدنى ناحية عابد وغصب عنى انبهر بيه وانجذبله..افتكر زوجى وعهدى بينى وبين نفسي انى محدش يشغلنى بعده!


_بس ده ظلم يازمزم..انتى لسه في عز شبابك ومالحقتيش تعيشى مع جوزك الله يرحمه..من حقك تخوضى تجربة تانية..وزياد هيفضل ابو ابنك واسمه مش هينمحى..لكن انتى انسانة ليها قلب ومشاعر ورغبات ليه تكبتيها..وكمان لما يكون الطرف التانى واحد زي عابد تبقى غلطانة لو اترددتى لحظة ناحيته أو فكرتي تمنعي قلبك يحس بيه! 



+




_ الموضوع مش البساطة دي يابلقيس.. أنا خاسة بصراع جوايا كأني مقسومة نصين.. نص بيقاومه.. والتاني بيشتاقله.. بحاول اتجاهله بس بفشل..جاذبني بشكل مخوفني ومش قادرة اصده! 


_الصراع ده طبيعي لأن قلبك ماكانش خالي..بس أنا واثقة ان عابد اجمل تعويض ليكي..أوعي تضيعيه..!


هتفت باستنكار: 


_اضيع ايه يا بنتى محسسانى ان خلاص الأمور بقيت واضحة وعابد مثلا يعني خطبني..ده انا بقولك مجرد افكار وأحاسيس كده عمالة تحاوطني..لكن انا مش عايزة حد يشغلنى عن ابنى يابلقيس..مهند هو كل حياتى ومش هقدر اتخيل انه يتأذي من حد عشان انا اعيش حياتى!


_لو اى حد غير عابد اقولك ماشي..لكن ابن عمى ده ملاك وجدع ومافيش زيه في حنيته.. وانا شايفة ازاي بيموت في مهند وبيحبه.. تنكري حبه الواضح لمهند؟


_لأ.. مقدرش انكر..! 


_ يبقي خايفة من ايه.. سيلي كل حاجة تمشي بهدوء واتأكدي من نفسك مع الوقت ولو جت اللحظة اللي يقدملك فيها مشاعره اوعي تهدريها.. في خاجلت مش هتتكرر في حياتنا مرهين يا زمزم.. وانتي من حقك تعيشي وتفرحي..!


وواصلت: أنا لسه فاكرة كلامك عن حوزك الله يرحمه في أول زيارة منك..لسه فاكرة صوتك الحزين.. انتي كمان اتعذبتي وربنا بيقدملك فرصة تانية.. وعابد ده أجمل هدية ممكن تكون من نصيبك! 



+




رفعت حاجبيها بدهشة: ياه.. للدرجة دي متحمسة لعابد؟ طب ويزيد؟


ابتسمت وقالت: حتى يزيد يازمزم.. إنسان رائع والله.. وجوري بنت عمنا المجنونة بردو طيوبة جدا..كنت بحس بيها اما كنت تعبانة وهى بتزورنى وتقعد معايا وتكلمنى ووصلنى حزنها وزعلها عليا..رغم ان علاقتنا الأول كانت مش قوية ومقدرش الومها.. طبيعي كانت تاخد منى موقف عشان اخوها.. لكن وقت الجد بانت..!


واستطردت بعد تنهيدة: صدق اللي قال.. "أهلك لتهلك"..الأهل دول هما السند بعد ربنا يا زمزم.. واحلي حصلت بعد محنتي اني قربت منهم وفهمتهم اكتر.. ومتأكدة مافيش واحدة فينا ممكن تتأذي طول ما احنا في ضهر بعض! 



+




زمزم بمزاح: سيدي ياسيدي بقيتي تقولي حكم يا بنت.. اللي يشوفك دلوقت مايشوفش دموعك من شوية! 


ضحكت الأولى: بركات الفضفضة يا زوما..!



+




تثائبت وقالت: طب الحمد لله ان مزاجك اتحسن وكفاية رغى بقى احسن والله فصلت وهقع منك وهنام في الجنينة ..وبعدين بكرة يومنا طويل وشاق ولازم نرتاح ساعتين! 


_اشمعنى..همعمل ايه يعنى؟


_هو أنا ماقولتلكيش؟


_أبدًا يا روحي! 


هتفت بحماس وزال أثر النعاس: شوفي ياستي.. بكرة بأمر اللن همعمل مسابقة لمخبوزات العيد من تنظيمى المرة دي هتكون مسابقة حريمي..ما هو مش عابد بس اللي بيعرف يعملكم مفاجأت واحتفالات بنت عمك مش قليلم! 



+




انتقل الحماس لبلقيس فهتفت: بجد؟ شكلك داخلة بتقلك..طب بالنسبة لواحدة زي اخرها بسكوت هتعمل ايه وسطيكم؟


_ماتقلقيش انا مجهزة مقادير بسيطة جدا ومش متعبة..انا وانتى وجوري وعطر هناخد نفس المقادير ونشتغل..وماما وطنط كريمة ومامتك وطنط فدوة هيعملوا بطريقتهم دول أساتذة..والشباب وبابا عمو ادهم وعمو ناجى وباباكى..هيدوقو ويحكموا..!


_الله انا اتحمست من دلوقت..عشان ظافر ياخد معاه من اللي هعمله وهو .....


وتذكرت قصة سفره فهمست بحزن: وهو مسافر..!


نكزت وجنتها برفق: هنرجع نزعل تانى ولا ايه..انسى حكاية السفر دلوقت وركزى بكرة وإلا خطيبك هيعرف انك فاشلة..وده شيف يعنى شكلك هيبقى وحش اوي قدامه!


_ لا طبعا هتشوفى هعمل ايه.. هبهره!


_هنشوف..يلا بقى تصبحى على خير واحلام سعيدة يا جميلة المنصورة على رأي بابا


ابتسمت بلقيس هاتفة: لتانى مرة بقولك شكرا لانك هونتى عليا ضيقتى وغيرتى مودى بجد يا زوما


شاكستها: اي خدمة وعدى الجمايل بقى..يلا في رعاية الله ياقلبى!


________________



+




صعدت غرفتها بإنهاك شديد تريد ان تستلقى على فراشها قبل ان تسقط من كثرة النعاس..وتفقدت هاتفها المتروك جوار فراشها فوجدت بطاريته فارغة تمامًا..فوضعته ليتم شحنه وابدلت ملابسها واستلقت على منتظرة دقائق لتعيد تشغيله لعل ظافر يحدثها..لكن سلطان النوم ارخى أستاره عليها فأسدلت عيناها وغطت في نوم عميق حتى الصباح!


غافلة عن ذاك الذي يتقلى على جمر انتظار تشغيل هاتفها..! 





الفصل الثاني والثلاثون


__________


جفاه النوم وهو ينتظر.. وكلما حاول الأتصال بها يجد هاتفها مغلق، ساعات مضت وهو ماكث يترقب رنين استقبال رسائله دون جدوى..هل اغلقته عمدًا كى لا يُحدثها؟ ألهذا الحد غاضبة؟ لديها كل الحق إن غضبت، ولا يجد لحدته تبرر، ظل يتقلب على فراشه وعقله تطارده ظنون سيئة وأقسم انه لن يُسدل جفنيه ويتنعم بنوم قبل أن يسمع صوتها ويراضيها..!


_____________________



+




أشرقت الشمس خارج شرفتها وتسلل عبر ستائرها أشعتها وداعبت كل تفاصيل الغرفة.. فتململت بنومتها وبدلت وضع وجهها الناعس فوق الوسادة بعيدًا لتحجب عنها الضوء مواصلة نومها العميق..



+




فتسرب صوت والدتها الهاديء لأذنيها: 


_بلقيس، اصحى حبيبتى زمزم مستنياكى عشان تبدؤا في مخبوزات العيد..! 


تمطعت وهى تغمغم بصوت ناعس: سيبينى شوية يا ماما عايزة أنام! ..وتدثرت بغطائها أكثر..فنزعته زمزم التى اقتحمت الغرفة لتوها:


سوري ياطنط مش هينفع الطبطبة دي..سيبهالى وروحى حضرتك لماما والباقين استعدوا..! 



+




ضحكت دره وقبلتها وغادرت وداخلها راضى تمامًا عن هذا القرب الذي أضحى بين بلقيس وزمزم..!


............


_ياماما عايزة انام سيبينى! 


زمزم وهي تنثر على وجهها بعضا من رذاذ الماء:


مافيش ماما ياهانم..قومى عشان نلحق نعمل العجين بتاع كل صنف وإلا هخرجك من المنافسة!


بلقيس وهي تستعيد جزء من وعيها: منافسة ايه؟


زمزم شاهقة: ياسنة سوخة؟ أمال كلامنا بالليل ده كان ايه؟!..لا ده انتى اظاهر مش هتفوقى غير بجردل مية متلجة على دماغك! 



+




تداركت أمرها سريعًا وهتفت وهي تعتدل بنصف جلسة وعيناها مكتحلة ببقايا نعاس: 


_خلاص خلاص فوقت اهو..ايوة افتكرت، احنا هنعمل مخبوزات العيد..!


ثم تذكرت شيئًا هتمتمت برجاء رقيق: طب عشان خاطري يازوما سيبينى بس ربع ساعة هفتح تليفوني اكلم ظافر واخد حمام يفوقنى و..


قاطعتها باستنكار : نعم؟! انتى لو كلمتيه مش هنخلص..هو كلام المخطوبين بيخلص في ربع ساعة؟ وبعدين ياعبيطة سيبيه يشتاقلك شوية..مش كنتى زعلانة امبارح وبتشتكي انه مش بيظهر لهفته..خليه يتجنن لو مش كلمتيه الصبح..يلا بقى اتأخرنا كله موجود تحت، حتى عطر جت مع مامتها من بدري ومش فاضل غيرك ياكسولة!



+




لم تعلق سوى على كلمة واحدة: بجد هيشتاقلى يا زمزم؟


_اه والله وهتشوفى، قومي بقى استعدي كفاية عطلة!



+




أزاحت عنها الغطاء وغادرت الفراش بنشاط هاتفة: خمس دقايق بالكتير وهتلاقينى جاهزة!


......................


نفذ صبره وهو ينتظر اتصالها..والشروق بدأ بنسج خيوطه حول الطبيعة وهو مازال مستيقظ وقلبه يحترق شوقا لها وكأنها غابت دهرا وليست ليلة!..


روادته فكرة غريبة على رصانته وهدوءه..ولأجلها


سيرمي كل حسابات العقل جانبًا ويذهب  ليراها


حتى لو كان الوقت باكرًا ولا يليق بزيارة أحدهم..! 


____________________



+






                


دره: اوعوا البنات تكسبنا..هتبقى عيبة كبيرة في حقنا بعد العمر ده كله يجوا المفاعيص يعملو كحك وبسكوت العيد احسن مننا


عبير بثقة: يكسبوا مين يادره ده احنا هنمسحهم اطمنى دي منطقى! 


فدوة ضاحكة: انا مش خايفة غير من القردة بنتى..بتعمل بسكوت نشادر تحفة وواخدة كل اسراره منى وبقيت متفوقة عليا


كريمة بانحياز: وماله اما بناتنا يكسبونا..خسارتنا قصادهم مكسب..المهم يكونوا مبسوطين وهنضمن في المستقبل يعملو كده مع ولادهم! 


دره بمزاح: يعنى انا الوحيدة اللي رغباتى شريرة يا كريمة؟


ضحكت الاخيرة هاتفة: بصراحة أه! 


عبير: تعرفوا ياجماعة أنا مابعرفش اشتغل الكحك غير بالمنقاش الصغير ده..ماليش انا في الاشكال الجاهزة..بحسها مش شبهنا


فدوة: هي اصلا تخص وصفة المعمول بالتمر..انما كحكنا المصرى بالمنقاش ده تراث وحاجة تانى


دره: اه والله يافدوة عندك حق!


كريمة: انا هكتر في قراقيش العجوة عشان يزيد بيحبها وهعمل حسابه ياخد حبة عنده فى القاهرة! 


عبير: بألف هنا وانا هساعدك وادينا مع بعض نعمل كمية كبيرة وربنا يقوينا


دره: ماتقلقيش البنات اهى شغالة معانا والكمية هتكفي الكل



+




أتت الخادمة هاتفة: ست دره..تليفون حضرتك رن كتير اوي.. اتفضلي!..التقطته واستأذنت لتتنحى جانبا


……… .


_صباح الخير ياظافر عامل ايه ياحبيبى؟


_الحمد لله بخير..معلش لو ازعجتك بدري باتصالي بس بلقيس تليفونها مقفول و… .


ثم تنحنح مستطردًا: وأنا واقف برة قصاد بوابة الفيلا وعايزها تطلعلى دقايق هقولها حاجة مهمة..


_طب ماتدخل ياظافر وكلمها زي ما أنت عايز! 


_معلش مرة تانية عشان رايح المطعم..خليها بس تطلع عند البوبة!


_حاضر ياحبيبي من عنية هقولها..! 


....................



+




همست لها بأذنيها لتخبرها بحضور ظافر وانتظاره بالخارج..فهبت ترول إليه متناسية ملابسها البيتية الملطخة بالطحين ..!


............ 


وكأن روحه رُدَت إليه لرؤيتها تخطو نحوه بطلتها الخاطفة لقلبه ورصدت عيناه بإعجاب شعرها المعقوص بشريطة خضراء وخصلاتها الهي استطالت قليلًا تتدلى على إحدى كتفيها و ملابسها البسيطة ووجهها الفاتن وعيناها المضيئة گ الشمس أذابت ثلوج شوقه وحولته لقطرات أمطار دافئة روته حتى الثمالة..! وجدها تميل على نافذة سيارته هاتفة هي تلهث: صباح الخير ياظافر.. مادخلتش ليه أنا….. 



+




_اركبي!



+




قاطعها بكلمة حاسمة فصعدت جواره متوقعة حديث قصير ثم ذهابه..لكنها فوجئت به يقود السيارة سريعًا فهتفت بدهشة: ظافر انت واخدنى على فين ده انا بهدوم البيت وبعدين مش فاضية بعمل حاجات العيد مع البنات وكده هيخلصوا قبلى!



+




تجاهل حديثها تمامًا وكل تركيزه مصوب على الطريق الجاري..وبعد لحظات انحرف عن مساره لمكان هاديء نوعًا ما وأوقف سيارته..فتصاعد قلقها لصمته المريب..وهَمت بقول شيء، فالتفت إليها وحدقتاه تتجول عليها بلهفة وشوق دون أن يتفوه بكلمة واحدة..فقط يتأملها بنظرة لا تساوي سوى عناق ..تجرع جوفها ماءه وتوترت منكمشة على ذاتها ثم غمغمت: أنت بتبصلي كده ليه؟



+





        



          



                


همس بخفوت: ليه قافلة تليفونك من امبارح؟



+




_مقفلتوش..هو اللي فصل شحن..وقلت هشحنه دقايق وافتحه واكلمك بس نمت غصب عنى..والصبح زمزم صحتنى ومالقيتش اى فرصة افتحه تاني!



+




حاصرها بنظرة أخرى اكثر دفئًا وكأنه ينهل من تفاصيلها..ثم همس بنبرة أعمق: انتى لسه زعلانة من كلامي امبارح؟



+




صمتت مطرقة رأسها..متذكرة حدته معها بالأمس وتجدد شعورها بالحزن انه يتثاقل من وجودها..لكنها تغاضت عن ذلك وقالت: عادي..تقدر تقول نسيت..ويمكن عندك حق..مش كفاية بقيدك هنا ومعاك في كل مكان..هعطلك عن شغلك هناك كمان!



+




ظل يرمقها ثوان ثم قال وعيناه لا تعكس سوى صدقًا گنبرته: لو انتى قيد، هبقى أول أسير مايحلمش بحريته يابلقيس..!



+




حدقت به وگأنها لا تصدق قوله، فواصل ليزيد ذهولها:أنا كنت هتجنن من تليفونك المقفول..فكرة إنك نمتى زعلانة مني ولعت النار في قلبى..اوعى تعمليها تانى وتغيبى وتخليني معرفش اوصلك..وإلا مش مسئول عن اى رد فعل بعد كده يحصل مني! 



+




صمت برهة يتأمل نظراتها الذاهلة..ثم همس بنبرة خاصة مشبعة بلهفته وهو يتشرب محياها: وحشتينى!



+




رفعت حاجبيها واتسعت عيناها بغرابة وجفت الكلمات بحلقها..فأعاد همسه: وحشتينى أوى!



+




قلبها سيقف من سرعة نبضاته تأثرًا بلهفته التي يُجاهر بها للمرة الأولى..فواصل هجومه وهو يقولها للمرة الثالثة: وحشتيني!



+




لم تعد قادرة على شيء سوى مطالعته غير مصدقة مايحدث..هل قال "وحشتينى" ثلاث مرت؟! 


هل غيابها وامتناعها عن مهاتفته بضعة ساعات أحدث هذا التأثير على نفسه.؟.كانت تظن أن غيابها لن يُسبب تغيرًا لديه.. أما الآن..نظراته صوته.. كلماته.. جميعها مغموسة بشوف ولهفة كم تمنت الشعور بها معه! 



+




أما هو فشعر أن زمام سيطرته على نفسه سينفلت من عُقاله وهو يتأملها بهذا النهم..فابعد ناظريه عنها لحظات ليستجمع ذاته..ثم عاد يطالعها ثانيا بشيء من الثبات وقال: افتكرتك بتعاقبينى و زعلانة عشان كلمتك بقسوة امبارح..بس والله ماقصدت اللي فهمتيه..لما قلت مش هعرف اركز دي حقيقة واستطرد بحنان: لان كل تركيزى هيكون منصب عليكى انتى..هستخسر اي لحظة تعدى وانتى بعيدة عن عيونى وهبقى حابب أكون معاكي..ولما قلت انى مش رايح اتفسح بردو دي حقيقة..وانا فهمتك احلامى واصلة لفين، الوقت مش هيكون متاح عندى زي ما انتي متصورة، ومع كده أنا أسف على طريقتي!


كان لازم أكلمك بأسلوب أهدى! 



+




طلت تتأمله مبتسمة وداخلها اشتهت معانقته..والميل على كتفه واحتضان ذراعه مخبئة رأسها بصدره!..لكنها تظل أحلام يقظة حبيسة خيالها.. 


همست بعد استجماع ذاتها : خلاص ياظافر ماتعتذرش انا فهمت ومش زعلانة منك..سافر بألف سلامة وأنا هستناك ترجع وانت محقق حلمك! 



+





        


          



                


ابتسم براحة لتفهمها ثم حانت منه نظرة على ملابسها ولطخات الطحين الملتصقة بكنزتها..فتسائل: ليه هدومك مليانة دقيق كده؟


تذكرت المسابقة التى بينها وبين بنات العم..فشهقت وهي تضرب جبينها بظهر كفها  صائحة: يانهار ابيض..انا نسيت المسابقة..زمانهم خلصوا شغلهم وانا هخسر ياظافر..رجعنى بسرعة عشان خاطري!



+




ابتسم وشاكسها بتسلية: مش قبل ما اعرف مسابقة ايه؟


_ زمزم عاملة منافسة مخبوزات العيد بنا احنا البنات وبين ماما وطنط كريمة وطنط عبير وطنط فدوة..ده غير المنافسة بنا احنا البنات ومين فينا شغلها احسن..وبابا وعمو ادهم وعمو محمد وعابد ويزيد وياسين..هيدوقوا ويحكموا..فهمت؟ رجعنى بقى ياظافر الوقت بيعدى وبجد هخسر!



+




ضحك مستمتعا بحديثتها لأقصى حد وقال: طب ماتزعليش هرجعك وكمان هغششك كام تكة كده منى عشان مخبوزاتك تطلع احسن من الكل


هللت مصفقة: بجد؟ طب قول بسرعة وانا هنفذ تكاتك بالملى!


ساومها:  بس بشرط..تعملى حسابى في كل حاجة هتعمليها؟


_طبعا ده اكيد وحساب مامتك وايلى كمان!


ابتسم ومازالت عيناه تتلذذ برؤيتها واخبرها ببعض أسراره ثم أعادها لمنزلها وقال قبل أن تغادر سيارته:


_بلقيس..اوعى تقفلى تليفونك تانى..واول ماتخلص كلمينى فورا..!


ابتسمت برقة: حاضر.!



+




ثم تذكرت أمرا فهتفت برجاء ودلال لا يقاوم:


_طب ممكن اطلب منك حاجة صغننة..؟


ابتسم لها: اطلبى عيونى..عايزة ايه؟



+




دق قلبها لكلمته وصمتت برهة تستمتع بهذا الشعور  ثم قالت: تسلملى عيونك.. وواصلت: عايزاك تيجى انت وطنط وإيلاف تصلوا معانا صلاة العيد.. وبعدها ترجعوا معانا نفطر فطار اول يوم! وكمان تقضوا كله هنا..ها..موافق؟



+




تمتم باعتراض: معقول يابلقيس اجى بدرى كده؟ ياستى هاجى الضهر يعنى اول اليوم بردوا



+




_لأ، ماليش دعوة..انت ناسي سفرك؟ دي فرصة تعوضنى غيابك ولا مستكتر عليا تقضى معايا يوم كامل وتحقق طلبى..مش كفاية اول فطار فى رمضان ماكنتش معايا..وغلاوتى عندك توافق..وانا هخلى ماما تكلم طنط وبابا هيكلمك..وايلاف تتبسط معانا جدًا، احنا بنات كتير وهيعجبها الجو وسطينا زي يوم السحور..!


صمتت متردد ما بين إرضائها قبل سفره وبين عدم اقتناعه..وبعد برهة تفكير رجحت كفة إرضائها..فابتسم وقال:خلاص ولا يهمك هاجى على صلاة العيد..مبسوطة؟


شهقت بفرحة: ده انا هطير من الفرحة!


شاكسها :لأ اوعى تطيرى ياعصفورة ساعتها مش هعرف اوصلك!


غمغمت بصدق: تعرف لو انا عصفورة بجد؟ كنت طيرت لحد عندك ووقفت على كتفك وماسبتكش لحظة واحدة..!



+




دائما تنتصر عليه بالكلام ويعجز إيجاد رد يليق بها أو يناسب دفء مشاعره..فالجواب عنده لن يقل عن عناق اكثر دفئا من قولها!



+




قاطعت أفكاره الشاردة بها: 


_ظافر انا هنزل بقى دلوقت عشان اروح اكمل مع البنات وأول ما افضى هكلمك ماشى؟


_ماشى..هستناكى!



+





        


          



                


قالها وعيناه ترتخى على ملامحها مرة اخيرة قبل ان تغادر، مستمتعا بوجنتيها الشهية باحمرار خجلها من نظراته التى يتقوت بها صبرا على غيابها طول اليوم، وظل يراقبها ولم يبرح مكانه وبصره مسلطًا عليها حتى اختفت تماما عن ناظريه..فتنهد براحة وذهب لمنزله ليغفو ساعات قليلة بعد عناء سهره بالامس..ومن ثَمَ الذهاب لمطعمه ليباشر عمله بذهن صافى! 


_______________________



2




_انتوا فين يا ياسين؟


_انا وعابد مع ابوك وعمامك في المضافة بتاعة عمك عاصم


_والباقيين خرجوا ولا ايه


_لا ياسيدى البنات وماما وخالتو وطنط دره وطنط عبير جوة الفيلا عاملين قاعدة كحك وهيصة جوة..!


_ماشى هعدى اسلم على ماما والباقيين واجيلكم!


...................



+




زمزم بفزع: ابنى فين كان قاعد جمبي دلوقت


دره: متخافيش هيكون فين هتلاقيه طلع يلعب في الجنينة


_انا هقوم اشوفه! 


عطر: خليكى يا زمزم انا هروح اشوفهولك! 


_لا ياحبيبتي انتي رجلك وجعاكي! 


_ لالا دي بقيت افضل والله.. تيتة عملتلي كمادات دافية والمرهم بتاعها سحر.. تقريبا مابقاش في وجع!


جوري بمشاغبة: كنتي هتقضي العيد وانتي بتعرجي


عطر بحنق وهي تنهض: ربنا نصفني بدال ما ناس قصيرين يفرحوا فيا.


………… .


بحثت عنه في الحديقة فوجدته اخيرا يعبث ببعض الأزهار..فهرولت إليه خوفًا أن تنجرح يده فضلا عن ان المشاغب سيقطف كل الأزهار ويرميها أرضا..!



+




_عطر؟؟؟!!



+




التفتت سريعا فور ندائه متباغتة بوجوده، فدنى منها وعيناه تتنقل بين يدها المعبئة ببقايا العجين والطحين يلطخ أرنبة انفها وجبينها..فابتسم وقال: واضح ان في معركة معجنات شرسة جوه!



+




هتفت وهى تلتقط الصغير: ايوة بنعمل كحك وبسكويت للعيد وفي منافسة شرسة فعلا.. ! 


_وانتى بتعملى اى نوع؟


_بسكون نشادر وبيتى فور



+




أومأ لها وعيناه مصوبة علي الطحين الذي يلطخ أنفها وقال: طب امسحى الدقيق اللي على وشك! 



+




_وضعت يدها لتلقائية على وجهها فلطخت ماتبقى منه..فضرب جببنه بيأس : يابنتى بهدلتى نفسك اكتر..(وراح يشير لأنفها) بصى امسحى هنا..!


فعلت فكانت النتيجة أسوأ..فالتقط محرمته وقال محذرًا: أبعدى ايدك خالص وخليكى زي ما انتى!


وبحرص دون لمسها راح يزيل اللطخات بأنفها ثم جبينها ثم جانب وجهها الأيسر وعيناه تتلقف عيناها الواسعة وهى تطالعه مآخوذة بما يفعل..ثم أفاقت و ابتعدت بغتة وغمغمت بتلعثم وهي تحمل مهند: انا هغسل وشى كويس لما نخلص..عن اذنك عشان اتأخرت عليهم وهيسبقونى..خطت خطوتين فناداها: عطر..!


استدارت له فقال وهو يحيد لقدمها: أخبار رجلك إيه دلوقت؟ لسه وجعاكي؟


هزت رأسها بالنفي:  لا الحمد لله.. المرهم بتاع تيتة ريحني وبقيت افضل! 


ابتسم باطمئنان:  طب الحمد لله! 



+




ثم نظر لمهند وأشار له: تعالى معايا يا هوندا هنروح لجدوا وعابد.! 


ردد الصغير بتلقائية:  " بابا آبد"


ضحك يزيد:  اشمعنى عابد يعني..طب حتى قول أسمي زيه واجبر خاطري! 


ضحكت وهي تلاطف الصغير ثم لقنته قائلة: 


يلا هوندا..قول عمو


الصغير: آمو


_برااااافو.. طب قول "يزيد"


_إيد


ضحك يزيد ساخرًا: إيد؟ ماشي ياعم إيد ولا رجل كله حلو منك ياعسل انت! 



+





        


          



                


قالت وهي على عجلة من أمرها: 


_طب خده معاك وانا هرجع اطمن زمزم.. خد بالك ده شقي جدًا ده كان هيقطف ورد الجنينة كله ويسيبها قرعة!


ضحك ملثمًا الصغير من وجنته الشهية وقال: براحته هو يقطف وعابد يزرع تاني!



+




ابتسمت بتفهم وابتعدت لتلحق بالجميع، فتسمرت قدميها بغتة وهى تسمعه يلقن الصغير قبل رحيلها بصوت مسموع لديها: قول يامهند..  "عطر جميلة"..!



+




الصغير مرددًا بطاعة:  "أتر ميلة"



+




رمشت أهدابها بتأثر لإطراءه ومازالت تواليه ظهرها..ولم تجرؤ على الالتفات إليه..هل يراها جميلة حقًا بهيئتها المزرية تلك؟ تجاهلت ما سمعت رغم تأثرها به وواصلت خطاها مبتعدة..!


ولكن قلبها ظل هناك..! 


_______________________



+




بعد قضاء وقت ممتع بين نساء العائلة وهما يتنافسون في صنع حلويات العيد..جاء دور الرجال ليصطفوا ويتذوقوا ما صنعوه ويبدوا آرائهم!



+




تلذذ عاصم بكعك جورى المحشو لوز وبسكوت الكاستر لدره وغريبة عبير زوجة اخيه..


بينما راق لأدهم بسكوت السابليه لزمزم وبسكوت النشادر لعطر..وبيتيفور بلقيس..اما محمد فمدح بالقراقيش وقرص العجوة لكريمة وبسكوت البرتقال والكعك المحشو عجمية لفدوة زوجة رفيقه ناجى!


اما الأخير فراقه ماصنعت بلقيس وزمزم وابنته!



+




ثم جاء دور الشباب ليتذوقوا 


فقال يزيد: والله حرام اقول اي صنف احلى من التاني؟ شغلكم يجنن تسلم ايدكم ..ثم قبل والدته وخالته وزوجات أعمامه كما شكر البنات بأسمائهن!



+




اما ياسين بعد ان تذوق كل أصنافهن قال بمشاغبة: بصراحة ولا حاجة عجبتنى!


عابد متهكما: ياراجل؟ طب وبالنسبة للطبق اللى ضربته لوحدك بحجة انك بتدوق بتركيز..؟



+




ياسين بعد ان ابتلع قطعة بيتفور: منا اما ركزت لقيت شغلهم عادى يعنى..بس يلا زي بعضه تسلم ايدهم!



+




نكزته كريمة على رأسه: ولد فاشل ومش متذوق للحاجة النضيفة..خليك في شغل المحلات الماسخة!


عابد: سيبك منه يا ماما ياسين اصلا عنده حتة التذوق ضايعة..فاكرة اما كنت بشربه دوا السعال بتاعي على انه عصير فراولة؟


ضحكت جورى هاتفة: وكان بيتسطل وينام ست ساعات في الجنينة زي المتسولين!


ياسين: ايه يابت الخفة والظرافة بتاعتك انتى واخوكى دي..انا بحاول اضحك والله بس مش قادر من البواخة اللي بتنقط منكم! 



2




يزيد وهو يقبض على عنقه: ماتقولش بت واتلم


_يعنى مش شايف ياكبير ظرافتهم؟



+




عابد مقاطعا: سيبكم من الهزار وخدوا منى حتة عميقة كده قبل ما تطير من دماغى..!



+




ياسين : اتحفنا ياعميك..!



+




عابد بجدية يشوبها المزاح: العميق فى الموضوع ان انتوا تتعبوا وتعملوا حلويات العيد..واحنا ما علينا غير ندوق على الجاهز من غير تعب..يعنى عيشة اخر دلع وروقان!


جورى بتهكم: ومين قالك مافيش مقابل يا ذكي؟


عابد: وايه المقابل ده يا فالحة؟


_العيدية يا استاذ..صباح العيد كلنا هنطالب بعديتنا..وبمعنى أخر..شخلل جيبك عشان تعدى من تحت ايدينا سليم! 



+





        


          



                


ضحكوا ونكزها ابيها: عيب يابنت كلمى اخوكى عدل


عابد : سيبها يا بابا..دي قصيرة ومحدش بياخد على كلام القصيرين$


جأته النكزة من والدته تلك المرة وهى توبخه: بطل تقول على اختك قصيرة ..انت اللى طويل بزيادة!


عابد بعتاب مازح: كده يا كيما؟ بتنحازي للزئردة عليا؟


ماشى خليكى فاكراها..!



+




مالت زمزم على أذن بلقيس بحديث جانبى غير مسموع: البت جورى وياسين وعابد فظاع في الهزار..انا مستمتعة اوى بالجو بتاعهم ده!


بلقيس هامسة بخفوت: اه والله.. وانا وانتى واقفين غلابة كده بنتفرج وبس! 


_منا مابعرفش اهزر كده..


_وحياتك ولا أنا..يابنتى انا أساسًا بتعرف على عيلتى من جديد..!


اومأت زمزم بتأيد: صدقتى يا برنسيسة!


بلقيس بهيام: فكرتينى بظافر..دايما يقولهالى! 


زمزم بتهكم:  لا مش وقت سهوكة ياختى!



+




عابد مصفقا: ركزوا معايا كلكم واسمعوني..في مسابقة خفيفة كده نتيجتها هتكون فورية بين البنات..بس اللى هتكدب مش مسامحها..لأن الهدية هتكون منى وانا هسامح في شقايا لو اتاخد بالغش!



+




قهقهة عاصم: انت بتأنب اللي هياخد منك الهدية من قبل مانعرفه..!


_طبعا ياعصومى الشرط نور من اولها لازم الصراحة


عطر: طب قول المسابقة ايه هى؟



+




عابد: انتو اربع بنات..كل واحدة فيكم تقول هى في الجزء الكام من القرآن..وأكتر واحدة هى اللي هتكسب..نبتدى بجوجو..انتى في الجزء كام واوعى تكدبى؟


_أنا ختمته امبارح!


_وانتى ياعطر؟


_انا ختمته يوم 20 رمضان وعيدته من الاول وفى الجزء 28 دلوقت يعنى قربت اختم المرة التانية


بلقيس: أنا ختمته مرة زي عطر وعيدته وحاليا في الجزء الاربعتاشر


زمزم: أنا كمان ختمته وفي الجزء العشرين في الخاتمة التانية



+




عابد: ماشاء الله عليكم يابنات ربنا يتقبل منكم..بس زي ماهو واضح القردة بنت خالتي هى اللى فازت!



+




منحته عطر نظرة عدوانية لنعتها بالقردة امام الجميع..فأمسكه يزيد من أذنه بقسوة هاتفا: يعنى عمرك ماتكمل حاجة عدلة للأخر؟ مش هتعقل؟ بتنكد على بنت خالتك وهى فايزة يا فاشل!



+




عابد متألم: أأه.. سيب ودانى يا كبير انا بهزر معاها وربنا..!


_متهزرش واعتذرلها واديها مكافئتها بأدب!



+




_ماشى بس سيبنى هتخلع ودانى وهتنادينى بعد كده مش هسمعك!



+




بينما يراقبهم الجميع مستمتعين يضحكون..كانت هى تشعر داخلها بسعادة شديدة انه دافع عنها حين لاحظ عبوسها..هى بالفعل استاءت من مزاح عابد لكن رد فعل يزيد جبر خاطرها ولمس قلبها حتى لو كان تصرفه من بابا شعوره الاخوى تجاهها..!



+




فدوة: والله يزيد رحمك منى!


عابد: خلاص يافدوة ماتزعليش انتى و.......


قابله يزيد بنظرة تحذيرية..فعدل قوله: انتى والباشمهندسة عطر..!


ثم اقترب منها وأعطاها مغلفا متمتما: اتفضلى ياستى مكافأتك..تستاهليها لأنك اكتر واحدة قرأت في المصحف!



+





        


          



                


مدت يدها لتتناول مغلفها..بأبعد يده وهو يشاكسها:


طب دعتيلى الأول يا هندزة؟


انتزعت منه المغلف بحنق وقالت: لأ..ماتستاهلش!


ولو لقيت هديتك مش كتير يا ويلك منى!



+




غمغم بانتعاض: انسانة مادية!



+




ثم صاح مصفقا: كده دوقنا حلويات العيد واتبسطنا..تعالو بقى على الليفنج عشان انا محضر ليكم سهرة على فيلم اجنبى تحفة..!



+




ناجى معترضا: لا معلش أنا  استأذن انا وفدوة والولاد.لأن وعدت أختى نسهر معاها هى ووالدى ووالدتى..وادينا اهو كنا معاكم طول! 



+



قد يعجبك ايضا


منذ شهر


رواية احرار مير قلوبنا مستحلة الفصل الثلاثون 30 بقلم الكاتبة...


منذ شهر


رواية تزوجت حماي الفصل السابع 7 بقلم عائشة الدليمي


منذ شهر


رواية تزوجت حماي الفصل الثامن 8 بقلم عائشة الدليمي



عابد برجاء صادقة: ليه بس ياعمى..طب خلى ياسين وعطر معانا السهرة هتبقى ناقصة من غيرهم انا عملت حسابى ان كله موجود..حتى يزيد جه مخصوص يسهر معانا..!


جورى برجاء مماثل: ايوة عشان خاطري ياعمو خليهم معانا..!



+




عاصم: اه والله ياناجى ياريت تفضلوا.. !



+




نظر ناجى لزوجته مترددا ثم عطر وياسين وغمغم: انا مش هقدر ازعل عمتكم يا ولاد..هى كمان حضرت عشانكم سهرة حلوة وطلبت منى نسهر معاها..بس لو انت واختك حابين تفضلو مع ولاد خالتكم معنديش مانع..وانا همشى انا وفدوة!



+




تبادل عطر وياسين النظرات..ثم هتفت الأولى: خلاص يابابا انا هاجى عشان عمتو ماتزعلش مننا


ثم نظرت لجورى: معلش ياجوجو مش عايزة ازعل عمتو وجدو وتيتة..وكده كده هنتقابل في صلاة العيد ..ماشى؟



+




اومأت جورى بقلة حيلة: ولو ان كنت عايزاكى معايا بس خلاص زي ماتحبى..طنط بردوا ليها حق عليكم!


ياسين: وانا كمان نفس رأى عطر..ومعادنا في صلاة العيد..! 


عابد: ماشى يا سينو..هنستناكم اوعوا تتأخروا لان هنروح مسجد بعيد شوية ولازم نمشى كلنا بدرى!



+




نظر ناجى لأولاده بنظرة رضا لقرارهم وتفضيلهم مشاركة عائلته السهرة..واستأذن الجميع وغادر مصافا لهم بمودة ووعد بلقاء قريب!


-------------------------



+




اما يزيد فظل صامتا وهو يتابع مغادرتهم بملامح لا تظهر شيء..لكن داخله يشعر بضيق حقيقى ان عطر ستذهب ولن تشارك جلستهم ..شيئا ما بقى ناقصا فى الأجواء ولا يقدر على ابداء اعتراض..من حق العم ناجى ان يختص اسرة والديه بسهرة ليكون منصفًا..!



+




أمسك هاتفه وأرسل لها رسالة عبر تطبيق الواتس!



+




( كنت نفسي تسهرى معانا )



+




جاءه الرد ( مافيش نصيب)



+




فعاد يكتب لها ( بس هتتعوض في يوم تانى)


وتبعها برسالة اخرى( كنت بتقرى في المصحف اللي جبتهولك؟)


ردت ( ايوة..عشان تشاركتى الثواب)


ابتسم ثم عاد يكتب لها( شكرا ياعطر..حسستينى بقيمة هديتى..توقعت انك مش هتختمى القرآن منه)


ردت (توقعك غلط يا ابن خالتى!)


فأرسل لها ( انا كمان صليت كل فروضى بسجادة الصلاة اللي بعتيهالى مع ياسين)


كتبت ( بجد؟ يعنى بعتلى حسنات زيادة)


اجاب ( تستاهلى!..)


ساد بينهم الصمت برهة ثم ارسلت رسالة أخرى ( انت ماقولتش رأيك في المخبوزات اللى عملتها مع البنات)



+





        


          



                


ابتسم وهو ويكتب ( عجبنى جدا البسكوت بتاعك وهاخد منه علبة اخليها في الشركة استمتع بيه مع الشاى)



+




ارسلت له ايموشن مبتسم ثم كتبت ( صحة وعافية)



+




لم يقاوم رغبته ان يشاكسها ويستفزها فكتب ( هعزم امونة معايا على بسكويتك مع شاى )



+




لم ترد..فعاد يرسل ( انتى يابت ردى!.. انتى زعلتى؟ انا بهزر معاكى!) لم يأتيه الرد ولم تعد متصلة فضحك موبخا ذاته: كان لازم يعنى اعك في الاخر وازعلها..بس أكيد هصالحها..!


_______________________



+




_دره اتفقتى مع البنت اللي هتيجى تظبطنا انهاردة؟


_ايوة ياعبير..طلبت بنتين شطار..واحدة معانا..والتانية للبنات عشان تظبط  شعرهم زي ماهما عايزين ويكونوا براحتهم!


كريمة: انا كل اللي عايزاه اقص شعري واغير لونه


دره: انا اساوى اطرافه بس..عاصم مابيحبوش يتقص


عبير: وانا زي كريمة هقصه واصبغه..


_اهى البنت هتيجى من بدرى واعملوا اللى يعجبكم..كل سنة وانتم طيبين..!


ردوا تهنئتها: وانتى طيبة يادره


..................



+




جوري: يابنات طنط دره هتبعتلنا واحدة تظبطنا عشان العيد..مين هتقص شعرها فيكم ؟


زمزم: مش انا طبعا..هكويه وبس انا بحب لونه الكستنائي..


بلقيس: انا ماصدقت يطول ومابحبش اغير لونه الأسود..هساوي بس الاطراف واعمل ماسكات لوشى


جورى: انا بقى هغير لونه واخليها تعملى حنة على ايدى كمان


زمزم: يابنتى بلاش بهرجة..امال هتعملى ايه في فرحك


_اما يبقى يجى فرحى يحلها ربنا..انا عايزة ابقى قمر في العيد! 


_ما انتى قمر ورقيقة من غير حاجة


بلقيس: اه والله ياجورى زمزم عندها حق..ماتزوديش عشان لما تتخطبى تبانى بشكل مختلف


_بس انا نفسي ارسم حنة على ايدى في العيد😔


زمزم: خلاص يابلقيس خليها تعمل اللي في نفسها مادام دي رغبتها..!


صدح رنين هاتفها فغمغمت: عابد بيتصل هرد عليه شكل ابنى طلع عينه وعايز يرميه في وشى!


وتوجهت للشرفة وهى تحدثه ثم استأذنت بنات العم لتذهب لأخذ مهند..!


____________________



+




_معلش ياعابد اكيد مهند جننك..هاته بقى وارتاح منه طول اليوم لانه مقيدك وبجد كده بتقل عليك


_على فكرة هزعل منك لو قولتى كده تانى..عمرى ما هزهق من مهند ابدا..!


ثم تنحنح قبل ان يواصل: خدى شوفى ده كده!


تناولت منه حقيقة كبيرة وهى تقول متفحصة اياها:


فيها ايه الشنطة دي


لم يجيبها ولبث يراقب رد فعلها حين تتبين ما احضره للصغير..فشهقت من المفاجأة وهى تقول: ايه الطقم الفظيع ده ياعابد يجنن والكوتش كمان ذوقه تحفة..عشان كده اخدت مهند معاك من الصبح؟ بس ده كتير اوى وشكله غالى ليه تتعب نفسك كده! 


همس بحنان وداخله راضى تماما لرد فعلها: مش غالى ولا حاجة..المهم ان ذوقى عجبك!


تمتمت بصدق: طبعا عجبنى اوى..رغم ان بابا وماما اشتروا هدوم العيد لمهند..بس للامانة الطقم بتاعك مميز جدا..!


غمغم برجاء: يعنى هتلبسى مهند الطقم بتاعى اول يوم؟ انا نفسي يلبسه اول حاجة!



+




نظرت لرجاءه الذى لمس وترا داخلها..وهتفت: ولا يهمك..اول طقم هيعيد بيه مهند هيبقى اللي انت اشتريته..واللى بابا وماما اشتروا هيكون تانى وتالت يوم!



+





        


          



                


تهللت اساريره لقبولها طلبه وهمس مبتسما: شكرا يا زمزم


ابتسمت بالمثل: هو مين اللي يشكر التانى ياعابد..بجد انت بتهتم بابنى بشكل كبير وانا اللي بشكرك من قلبى!



3




صمت يطالعها لحظة ثم قال وعيناه تحاصرها: انا بعتبر مهند ابنى يازمزم..صحيح هو مش من صلبى..بس بحسه لامس حاجة في روحى..ومش ببالغ ابدا لو قولتلك مبقاش ينفع يعدى يوم من غير ما اشوف واسمع ضحكته واتمتع بالنظر لوشه البريء وصوته وهو بينادينى..عشان كده اي حاجة اعملها عشانه ماتعتبريهاش مجاملة او تصرف مصطنع..كل حاجة تخصه بعملها من قلبى!



+




حرارة حديثه وهو يسرد مشاعره الصادقة تجاه صغيرها وارتباطه الروحى به..أرجفها تأثرا وخدر عيناها التى تعلقت أهدابها به دون وعي بنظرة مطولة تلقفتها حدقتاه بجوع عاشق غارق بين أهداب من يحب!



+




لتفيق بغتة على اصوات قريبة لأحدهم..فتنحنحت بحرج بعد ان ادركت نظرتها التى طالت إليه وهتفت: طيب هروح انا بقى للبنات اوريهم طقم مهند..عن اذنك!



+




حاولت ان تبدوا خطوتها هادئة وهى تشعر بعيناه تتابعها..خجل شديد وجديد عليها اصابها وتمنت ان تسرع خطوتها وتهرب من أمامه!


_______________________


ليلة العيد! 



+




_اوعوا تبدئوا السهرة من غيرى..هنزل لظافر تحت في الجنينة وراجعة!


زمزم: لا طبعا من غيرك ازاى..انتى بس حاولى ماتتأخريش


عابد: طب ماتخليه يجى يسهر معانا 


_انا قولتلوا فعلا وقال مش هيقدر..انا اصلا ماكنتش اعرف انه جاى دلوقت..كنا متفقين انه جاى مع طنط وايلاف بكره! 


عابد: اكيد عايزك في حاجة مهمة..عموما سلمى عليه


_ حاضر..!


..................



+




أقدمت عليه مبتسمة..فتعلق نظره بها حتى اقتربت فهمس: ازيك يا بلقيس..


_الله يسلمك ياظافر..عابد والكل بيسلموا عليك..كانوا عايزينك تطلع تسهر معانا شوية!



+




_ معلش مش هقدر انا مجهد والله من الشغل طول اليوم..ثم مد يده لها بحقيبة انيقة مغمغما: اتفضلى!


رمقت الحقيبة بفضول وهى تتلقاها منه هامسة: ايه ده؟


_افتحيها وشوفى بنفسك!



+




شرعت بتبين ما في داخلها فوجدت مغلف مطبوع عليه صورة سالوبت شديد الأناقة بخطوط طولية وألوان مدرجة اعطته مظهر غاية في الرقة ويصاحبه حقيبة يد بسيطة يوحى تصميمها انها من "الخوص"..وكم راقت لها كما انبهرت بالثوب..!



+




رفعت عيناها إليه فوجدته يتمعن بها بنظرة فاحصة وبدا مستمتعا بمراقبتها ..فاشتعلت وجنتاها وهتفت: مش عارفة اقولك ايه على هديتك..كلمة روعة قليلة عليها


تمتم بصوت حانى: ده طقم العيد بتاعك..كل سنة وانتى طيبة يا بلقيس!


_وانت طيب ياظافر.. يعنى انت عايزنى ألبسه بكره؟


أومأ دون ان يحيد عنها: ايوة..عايز اشوفه عليكى..ومتأكد ان جماله هيزيد لما تلبسيه!


ابتسمت بخجل وهمست: بس هو حلو فعلا من قبل ما البسه


_لكن لما تلبسيه هيبقى أحلى!


رمقته بعين نضح بها حبها له وقالت: أنا كمان جبتلك هدية!


تسائل: بجد؟ ايه هى؟


_مش هقدمهالك دلوقت..!


ثم غيم على وجهها بسحابة حزن وقالت: هديهالك وانت مسافر..!


تنهد وهو يطالع تبدل ملامحها للنقيض:


انتى لسه زعلانة عشان مسافر؟ دي فرصة كنت مستنيها من زمان وانا فهمتك طموحى واصل لفين!


_وانا عمري ما هكون عقبة في طريق طموحك..بس فراقك صعب عليا اوي..انا تقريبا بحاول انسى انك مسافر بعد كام يوم..وإلا هفضل طول الوقت زعلانة!


_و انا مش عايزك تزعلى..دايما هكلمك في كل فرصة وهطمن عليكى ومش هتحسي انى بعيد..! دول كام شهر مش هغيب كتير"


وواصل: اهم حاجة ادعيلى اتوفق وارجع محقق هدفى!


منحته نظرة دافئة: أنا متأكدة انك هترجع منصور



1





        


          



                


_اللهم اعلم..المسابقة فيها أسماء ليها وزنها وكل واحد متميز بحاجة عن التانى!


_لكن انت متميز في كل حاجة..مش حاجة واحدة!


اهتز قلبه لقولها..هكذا تراه حقا؟ فهمس:


_انتى شايفة كده؟


_طبعا؟


ردها القاطع نحت الابتسامة على وجهه..واراد مشاكستها: القرد في عين خطيبته!


عبست بطفولة: ماتقولش قرد ده انت....


رفع حاجبيه باستمتاع:.أنا ايه كملى!



+




أطرقت رأسها برهة..ثم عادت تطالعه هاتفة: لو الناس شافوك بعيونى هيعرفوا انك مميز في كل حاجة..أنا واثقة في ربنا ثم فيك انك هتبذل كل جهدك وهتوصل للمستوى اللي بتحلم بيه..!


وصمتت برهة أخرى وهو مكتفى بسماعها وارتشاف ملامحها بحدقتيه..فواصلت:


ماما دايما تقولى ان كل واحد له نصيب من أسمه..وانت ظافر.. وظافر مايعرفش الهزيمة!



+




اتسعت ابتسامته أكثر لتملأ كل محياه عاجزا عن رد يليق بما قالت..فهمس بعد برهة قصيرة: لو كل واحد فعلا له نصيب من اسمه..يبقى ليا حق اعتبرك ملكة متوجة على عرشها..ومحظوظ اللى تحبه الملكة!


ضحكت بخجل لإطراءه وغمغمت: تعرف ان بابا مسمينى ملكة ابيها؟


_عنده حق!


ثم فاجأها بقوله الذى يعد اعترافه الأول: وهتكونى ملكة حبيبك!


حدقت فيه ببلاهة غير مستوعبة اعترافه وهى تغمغم: ها؟؟؟؟


ضحك بخفوت وقال: ها ايه انتى نمتى منى ولا إيه


عموما روحى بقى لأهلك وسهرتك معاهم..انا حبيت بس اعيد عليكى وانا شايفك قدامى..التليفون ماكانش كفاية!


هتفت برجاء: طب اطلع معانا شوية كلهم في الليفينج وهنتفرج على فيلم حلو اوي..والله هتتبسط من الجو معانا..!



+




_والله يابلقيس ماقادر اسهر..انا هنام كام ساعة قبل الفجر وصلاة العيد..اعتذري ليهم ووصلى سلامى للكل!



+




_ حاضر،  عموما هرن عليك اصحيك عشان صلاة الفجر


_خلاص هستناكى!



+




ودعها مبتعدا..فراقبته حتى اختفى من مرمى البصر..فنظرت لهديته وقالت بنبرة عاشقة: العيد هو وجودك في حياتى..ربنا مايحرمنى منك ابدا..!


__________________



+




الجميع يتابع بتركيز شاشة التلفاز وأحداث فيلم سهرتهم بدأت ذروتها.. ما عداه يشعر ان الأجواء ناقصة بغيابها..تعجب من نفسه  لانشغاله بغيابها..هل يفتقدها بتلك السرعة؟ تناول هاتفه وراح يشاكسها برسالة نصية عبر الواتس:



+




( بتعملى ايه ياقردة؟..السهرة هنا كانت ناقصاكى وكان زمانك خاربة الدنيا قشر سودانى)



+




ارسلها وهو يبتسم متخيلا رد فعلها الغاضبة..ثم عاد لتركيزه مع الفيلم وردود افعال الجميع تتصاعد مع الأحداث! 


………… .



+




بينما عيناها محدقة بشاشة التلفاز تشاهد مع عائلة والدها فيلم مميز انتقاه لهما ياسين..وفمها يلوك بعض حبات الفول السودانى الذى تحبه وصلها رنين رسالة واتس آب..فامسكت الهاتف لتراها..فوجدتها منه..فتلون وجهها بالحنق وهو تغمغم: بردوا قردة يا يزيد؟ الله يسامحك!


واكتفت بإرسال عدة ايموشانات لوجه غاضب.. فأرسل لها في الحال..ايموشن ضاحك ليشعل غيظها..!


..........



+





        


          



                


ترك هاتفه بعد ان رد عليها وعلى شفتيه بقايا ضحكه الخافت ثم تنهد ولا يدرى اي متعة يراها حين يثير حنقها هكذا. هو يعشق مشاكستها ولا يعتقد انه سيمل من هذا معها..!..بعد دقائق لمح شقيقته تغادر أمامه فتبعها على الفور! 



+




_ جورى..رايحة فين وسايبة الفيلم..؟


_هنزل اشوف حد يجبلى كيسين شيبسى عشان اتبسط وانا بتفرج..عمو جاب كل حاجة الا هو..وعيب اخد من حاجات مهند😂



+




ضحك وهو ينكز وجنتها: هتفضلى طفلة طفسة وبتعشقى الشيبس!


تدللت: وايه يعنى..لعلمك حتى لما اتجوز هطلب من جوزى يجبلى شيبسى 😂


هز رأسه بقلة حيلة هاتفا: الله يكون فى عونه والله!


‏عموما ارجعى وانا هروح اجيبلك اللى انتى عايزاه


شبت بقدميها ‏ولثمت وجنته: حبيب اخته ربنا مايحرمنيش منك يا زيدو..!


_ماشي يابكاشة..يلا ارجعى


_طب ماتتاخرش يا آبيه!


‏__________________________



+




يراقب مهند باستمتاع وفمه الصغير منفرج وعيناه متسعة بتركيز جعله شهى كقطعة الفراولة بين ذراعى زمزم..يتابع معهم الفيلم مبهورا بما يعرض دون ان يدرك شيئا..فابتسم وهو يضع بين شفتيه الشهية شريحة شيبس صغيرها..ليلوكها الصغير بفمه وعيناه لا تحيد عن الشاشة..!


لاحظت زمزم ما يفعل وهمست مبتسمة بلمحة سخرية: مهند مركز اوى مع الفيلم واللي يشوفه يقول فاهم!


ضحك عابد بخفوت:اه والله انا عمال ابصله وعايز ابوسه بس مش عايز افصله عن الاذبهلال الممتع اللى هو فيه!


ابتسمت وعيناها على الصغير: اصله فرحان بالجو ده..بصراحة السهرة ممتعة..زي ما رمضان كان مختلف معاكم..العيد كمان من بدايته مميز..انا نفسى زي مهند نبهورة وفرحانة! 



+




تلونت نظرته بدفء وهمس بخفوت: ولسه هتنبسطى اكتر لما اخدكم كلكم افسحكم في مكان حلو!


تهلل وجهها بشكل طفولة: بجد؟ طب هنروح فين؟


_بكرة هتعرفى..يلا بقى ركزى الفيلم ده روعة وهيعجبك جدا..!


انصاعت له وعادت تولى اهتمامها بما يعرض..أما هو فصار يختلس النظرات إليها وقلبه ينبض لقربها منه وسعادتها بالأجواء بينهم..!



+




بعد دقائق عاد يزيد محضرا الشيبس لجورى وأشياء أخرى لمهند وأجلسه بين قدميه وهو يداعبه حتى انتهت السهرة وذهب الجميع لأخذ قسط بسيط من النوم قبل الفجر..!


لم يشعر برغبة النوم فهبط للحديقة وجلس بها يقلب في هاتفه لعل أجفانه تشتهى النوم ولو ساعة!


____________________



+




تسللت لغرفتهما بخفة وحذر حتى وصلت لفراشهما ووقفت تنظر لهما بمحبة خالصة ثم اقتربت ولثمت جبين كلا منهما برقة فتمطعت دره دون استيقاظ بينما أبيها غارق فى نومه..فأمسكت بضعة خصلات من شعرها الذي استطال وراحت تعبث بأنوفهما بمداعبة طفولية كانت تعتادها قديما فبدأ أبيها يستيقظ وهو يرمش بعيناه الناعسة وكذلك دره التى فتحت حدقتاها ليطالعها وجه ابنتها كالبدر مبتسمة تنظر لها بالمثل..فاعتدلت هاتفة بصوت مازال مغموسا بالنعاس:


_ حبيبة ماما صباح الخير..


عاصم وهو يتمطع: هو الساعة كام..؟ 


صعدت بلقيس لتنحشر جوارهما هاتفة بمرح:


_صباح العيد على عيونكم..صلاة الفجر قربت وقلت اصحيكم واكون أول واحدة تقولكم كل سنة وانتم طيبين!


وقارنت قولها بعناق كلا منهما وتقبيله..فضمتها دره مغمغمة: وجودك  في حياتنا عيد لوحده..إلهى مانتحرم من وشك الحلو وضحكتك حولينا يا روح القلب!


أما عاصم فعانقها بشدة هاتفا: كل سنة وانتى طيبة يا ملكة ابيكى..ضحكت بلقيس: فاكر اللقب ده يابابا..دايما كنت تقولهولي وانا صغيرة وحتى لما كبرت


اجاب وعيناه تعانقها بحنان: وهفضل اقوله وهتفضلى ملكة ابيكى واميرته الحلوة!


تدخلت دره بمزاح: طب وانا ياعصوم؟


_انتى صمام القلب يا درتى!


نهضا بلقيس من بينهم مازحة: لا اسيبكم بقى تدلعوا بعض وتفوقوا وانا هروح اشوف الباقيين واجهز عشان نروح كلنا نصلى..وقبل أن تذهب مالت على أبيها وقالت: عملت حسابك في فلوس جديدة عشان العيدية ياعصومى؟


ضحك لها: وانا اقدر انسى..ماتقلقيش بعد صلاة العيد هعيد عليكى انتى وبنات عمك بعيدية محترمة!


قبلت وجنته وابتعدت وهى تقول: حبيبى انت..انا همشى واوعو تناموا تانى!


ابتسمت دره وهى تنظر لأثرها وقالت: مين يصدق ان بلقيس رجعت كده زي ماكانت تضحك وتهزر وتدلل علينا



+





        


          



                


ضم كتفيها بحنان وقلبه يشاطرها الفرحة: طول ما ربنا موجود واحنا بندعيلها هتفضل بخير..والي فات ازمة وعدت لازم تتنسي..بنتك اهى رجعت زي ما كانت والحمد لله!


تنهدت بقولها: ألف حمد وألف شكر ليك يارب


وواصلت بدلال: عصومى..هتدينى انا كمان عيدية..ولا هتدى بنتك بس وانا راحت عليا خلاص؟



+




ضحك وقال: ده انتى قبل الكل يادره قلبي!


اطلقت ضحكة قصيرة ثم همست:


تعرف ياعاصم..ريحة الفلوس الجديدة دايما تفكرنى بصباح العيد..لما كان بابا الله يرحمه يعيد عليا بعد ما تكونى ماما لبستنى لبس العيد واصحابى يعدوا عليا وكل احدة بتتباهى بفستانها وشنطتها وجزمتها الجديدة..واخر اليوم كنا نعد العيدية بقيت كام كأننا اتحصلنا على غنيمة..!


وواصلت بعد تنهيدة اخرى: عشان كده لحد دلوقت بحب اخد منك عيدية ومش بصرفها..بحوشها في صندوق ذكرايتنا سوا..هداياك اللي كنت بتجبهالي..جواباتك..كروت معايدة..ورد رغم انه دبلان من سنين بس لسه ريحته فيه!



+




_سيدي على الروقان اللي على الصبح والذكرايات المتدفقة


ضحكت له: اعمل ايه فرحتى ببنتك وكلامها عن الفلوس الجديدة قلب عليا الذكرايات!



+




قبل جبينها وغمغم بمحبة: ومالوا ياحبيبتى..هو رصيد الإنسان ايه بعد العمر الكويل غير حفنة ذكرايات حلوة من طفولته وشبابه مع الغوالي.!


ونفض عنه الغطاء وقال وهو يغادر فراشه: قومى بقى احسن الكلام أخدنا واتأخرنا وانا لسه هاخد حمام واستعد للصلاة!


_______________________________



+




بعد عدة طرقات على باب غرفة العم محمد..هتفت:



+




_اصحى ياعمو أنت وطنط أذان الفجر..!



+




أتاها صوت العم مناديا: ادخلى بابلقيس!


دلفت بحرص فدعاها ثانيا: صباح الخير يا حبيبة عمك


قبلت وجنته وكذلك فعلت مع زوجة العم وقالت:


صباح العيد..انا قلت اصحيكم عشان تستعدوا..!


عبير: خير ما فعلتى ياحبيبتى..انا كنت نسيت اظبط المنبه!


محمد: لا ما انا كنت فوقت خلاص..واستطرد: صحى زمزم بقى هتلاقى ابنها سهرها طول الليل ونامت متأخر..!


_متخافش ياعمو هروح اصحيها..!



+




قالت عبير بعد مغادرة بلقيس: تعرف يامحمد ومن غير حسد والله..البصة في وش بنت اخوك دي الصبح متعة..ماشاء الله وشها جميل ربنا يحميها..!


همس بصوت حانى: هى فعلا جميلة من صغرها ومميزة بجمالها الملحوظ..ربنا يبارك فيها..فرحان اوى عشان اخويا ومراتوا اخيرا رجعوا يضحكوا والحزن راح وهما شايفين بنتهم بخير..مروا بمحنة كبيرة ربنا نا يعيد أيامها تاني! 


_اللهن امين،.العيد هيمحى كل أثر للحزن في نفوسنا..حتى زمزم يامحمد اتغيرت..رجعت لطبيعتها بقيت تهزر وتضحك من قلبها..!


ثم التفت اليه وهمست كأنها تدلى بسر خطير:


لما بدخل اصحيها في أى وقت..مابقيتش الاقى صورة جوزها اللي يرحمه في حضنها زي الاول..وكأنها اتخلت عن العادة دي انها تمسك الصورة تكلمها..يعنى كلام الدكتور كان صحيح لما قال مع الوقت لما هتنشغل بأمور تانى هتبطلها..انا كنت بخاف عليها اوى لما غصب عنى اتصنت واسمع كلامها لزياد..!


_الحمد لله ياعبير..ربك كريم وعالم بينا..ادينا هو وسط عيلتنا وفي بلدنا وكل حاجة هتبقى للأحسن..ومحمود قالى انه هيبتدى شغله في البرمجة خلاص..مكتبه اللي هيبتدى بيه بقى جاهز..ربنا يوفقه هو كمان ويرزقه ببنت حلال ونفرح بيه واشوف ولاده!


_اللهم امين..في حياتك ياغالى..يلا بقى قوم استعد عشان هنتأخر على الجماعة!


_________________________



+





        


          



                


_يلا بقى يا دومى انت وكيما اصحوا الصلاة فربت وانتو نايمين!


كريمة بصوت ناعس: خمس دقايق بس وافوق..انا مانمتش غير ساعتين!


_يا ماما وايه يعنى كلنا سهرنا ونمنا وقت بسيط..قومى يلا عشان الصلاة! 


نهص ادهم بنصف جلسه وهو يفرك عيناه: انا فوقت خلاص ياجوجو..!


_شاطر يادومى طول عمرك مش بتتعبنى!


وبختها كريمة وهى تنهض خلفه: يابت احترمى ابوكى شوية، ايه شاطر يا دومى دي ..هو بيلعب معاكى في الشارع!


ضحك ادهم: مالكيش دعوة يا كريمة خليها تدلعنى براحتها..ولا غيرانة منها


جورى:طبعا غيرانة يا دومي..ودي عايزة فكاكة؟


تركت الفراش لهما وهتفت بتذمر: ماشى..ماهو ابوكى بس اللى بتدلعيه..انا ماليش الا يزيد حبيبي اللي بيدلعنى! 



+




تعلقت جوري بعنقها وانهالت عليها بالقبلات هاتفة: 


ده انتي القمر اللي منور حياتنا يا كيما..!



+




قاومت ابتسامتها:  ماشي يابكاشة..يلا روحي جهزي نفسك وانا وابوكي هنحصلكم! 


… ....


ادهم بعد رحيل ابنته: 


ايه مالكيش الا يزيد يدلعك دي يا ست هانم،


امال انا روحت فين؟



+




أجابته بعبوس زائف: كفاية عليك بنتك يا اخويا


ضحك وربت على كتفها مغمغم: وهو مين أمها؟ بحبها عشان شبهك يا حبيبة العمر..! 



+




ابتسمت بمحبة: غلبتني بكلامك الحلو.. كلزسنة وانت طيب يا أدهم! 


_وانتي بالصحة والسلامة ياغالية!  


________________________



+




بعد أن أيقظت والديها والعم محمد للصلاة وتكفلت جورى بالبقية..هبطت للحديقة لتحضر شيئا فلمحت يزيد جالسا بزاوية ما يعبث بهاتفه..فاقتربت بحذر ثم فاجأته: انت قاعد لوحدك ليه؟ 


وقف وهو يبتسم لحضورها: يا اهلا يا اهلا ببنت العم..ابدا حاولت أنام معرفتش، فقلت انزل الجنينة شوية اصحصح لحد معاد الصلاة، وبعد صلاة العيد أبقى انام!


_عين العقل لأن لو نمت ماكنتش هتصحى تصلى معانا..ثم واصلت بمزاح: طب فين العيدية بتاعتى يا أستاذ!



+




وقف وهو يحك رأسه: عيدية؟ ليه التدبيسة دي ده أنا لسه بكون نفسى..فأنا اللي هاخد عيدية!


رفعت حاجباها بتحذير: لا أنسى انك تهرب كلكم هتدفعوا..!


_طب بالذمة مش حرام نبقى شباب غلابة في بداية حياتنا..تقلبونا كده تحت مسمى العيدية!


مازحته: دي سنة الحياة يا ابن عمي هتعمل ايه بقى! 



+




ضحك وقال وهو يلتقط محفظته الجلدية: ولا تزعلى..احلى عيدية لست البنات..كل سنة وانتى طيبة يا بلقيس!


ابتسمت له: وانت طيب يا يزيد..وعيد سعيد ان شاء الله يا ابن عمى


_عيدنا كلنا سعيد بوجوك بخير وسطينا يا بلقيس..!


أدركت مقصده فتمتمت : عارفة ان كلكم كنتم زعلانين عشانى والمحنة أثرت فيكم..بس الحمد لله ادينى اهو قدامك بخير وهفضل بخير طول ماعندى عيلة جميلة ومترابطة وولاد عم زيك يا يزيد!


ابتسم بود فواصلت بمحبة: قولى بقى انت مش هتفرحنا بيك قريب؟!


رفع حاجبيه متعجبا: نعم؟ هو ماما موصياكى ولا ايه


ضحكت: لا والله ابدا..ثم اكتسب صوتها بعض الجدية:انا اللي بجد نفسى اطمن عليك..عايزة اغير صورتى ع الفيس وانشر انا اخت العريس!


ابتسم وغمغم: انتى لسه فاكرة وعدك


_طبعا فاكرة..ومنتظرة..ومتشوقة اشوف مين اللي هتفوز بأطيب قلب في علية ابو المجد!


مازحها هو تلك المرة: كده هتخلينى اتغر على فكرة


وواصل: عموما كله بأوانه يابلقيس..اكيد في حد موجود في الدنيا عشانى..بس انا حاليا مركز في شركتى عشان تكبر وتاخد مكان اعلى واقوى بكتير..ادعيلى بس!


_ربنا يرزقك اللي تتمناه يا يزيد!


.............


وصلت لتوها بصحبة والديها وياسين..وسبقتهما للداخل عابرة من البوابة للحديقة تبحث عن جوري والجميع لتتسمر قدميها بغتة وهى تلمحهما يتهامسان ثم يضحكان بصوت مسموع لديها دون ان تتضح نوعية حديثهما..لتعبث بقلبها الغيرة لمرآهما معا وشيطان ظنونها يُخطيء بتفسير نظراته لابنة العم! 


ورغم تأججها بنيران غيرتها لن تظهرها..ولن تهتم..هى قطعت قسما ألا تحترق لأجله وهو بوادٍ اخر غير واديها..!



+




ومع التفاتة عفوية لبلقيس لمحتها فهتفت: 


عطر؟انتى جيتى امتى؟



+




التفت إليها سريعًا ليجدها تحدجهما بنظرة أدرك طبيعتها جيدًا..!



تكملة الرواية من هناااااااا 


تعليقات

التنقل السريع