رواية لإجلها الفصل الثالث 3بقلم أمل نصر حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية لإجلها الفصل الثالث 3بقلم أمل نصر حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية لإجلها الفصل الثالث 3بقلم أمل نصر حصريه في مدونة قصر الروايات
الفصل الثالث
اشراق الصباح ليوم جديد، في قانون الحياة العادية هو بداية لأنشطة واحداث تتجدد بتجدد الوقت، اما في قانون البعض؛ هؤلاء الذين يحملون جروحا وندبات مازالت مفتوحة ولم تشفى بعد، فهو يمثل لهم الخوف، الخوف من تكرارها، ان ينعاد ما حدث قديمة، وتتجدد ذكريات سيئة مازالت عالقة بالذهن.
خرجت ليلى من غرفتها بعد ان مر بها الوقت وتأخرت عن موعد استيقاظها الذي تتكفل به والدتها ولأول لم تفعل ، فكانت المفاجأة حينما وقعت عينيها عليها، غافية أسفل باب البيت، مائلة بجذعها بنصف جلسة ونصف نومة، قد يفسر الوضع انها قد سهرت حتى غلبها النوم محلها، ولكن المكان هو الاغرب على الإطلاق.
خطت لتقترب منها وتتبادل معها الدور لأول مرة، لتربت بخفة وحذر، فتحاول ايقاظها
- امي..... يا أمي..... يا ست مزيونة يا......
- ايه؟ في ايه؟
صدرت منها الكلمات منتفضة بذعر ارتد على ابنتها التي تراجعت للخلف تحاول طمأنتها :
- مفيش حاجة ياما انا بس بصحيكي عشان لجيتك نايمة في الصالة
طالعتها مزيونة ببعض الاستيعاب ليعود إليها الوعي تدريجيا، فتعتدل جالسة جيدا، تزفر واضعة كفيها على وجهها بتعب انتبهت له ابنتها لتعقب:
- انتي نمتي هنا ازاي؟ كدة غلط وضهرك يوجعك.
لم تتفوه مزيونه بحرف واحد ردا عليها، مما جعلها تتابع ببعض التفكه
- والغريب انك ملجتيش في البيت كله غير المكان ده تحت الباب، كنتي سهرانة على ايه بالظبط يا مزيونة، دا التلفزيون نفسه مجفول
رفعت اليها ابصارها بغيظ، فلا هي تجد ردا على اسئلتها ، ولا تطيق التفسير عن حالها امام احد من الأساس، لتتحامل على الأم عظامها من النومة الغريبة، وتنهض من مطرحها على الأرض الرخامية، بعد ليلة طويلة مرت عليها من الأفكار السوداء ، وتفكيرها المضني عن مغزى حديث زوجها، هل كان تخويفا منه لها؟ او هو محض كلمات عابرة وسوف تذهب لحالها كما يذهب كل شيء، لا تستوعب جديته، وعقلها يرفض التصديق من الأساس.
- رايحة فين ياما؟
تمتمت بها ليلى بعفوية قابلتها مزيونه بحنق تجيبها على عجالة، كي تهرب من سيل اسئلتها القادمة:
- رايحة اغسل وشي واشوف حالي ولا هبيت ليلتي واقضي نهاري كمان لازقة في الباب، خلصي اتحركي انتي وروحي صلي الصبح على ما حضرتلك انا فطارك،
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
على مائدة السفرة التي كانت تجمعها بابنتها، حيث تناول وجبة الفطور الذي لم تكن تشعر بمذاقه، تلوك اللقيمات دون شهية، وابنتها الغافلة عما أصابها كانت تتحدث وتسهب عن كل شيء وأي شيء
- البت هدى صاحبتي بلغتني انها حجزت عند استاذ سيد مدرس الانجليزي، قولتلها احجزيلي معاكي، قالتلي لا، لازم احجز بنفسي قبل ما يقفل العدد ساعتها تبقى وقعة سودة لو ما لحقتش، عايز احجز ياما، دي اخر سنة يعني مينفعش اجصر فيها، سامعاني ياما؟
على صوتها بالاخيرة حتى استفزت والدتها لتنهرها بحزم مرددة:
- سامعااااكي، سامعاكي با زفتة الطين لزومو ايه الصوت العالي؟ شايفاني طرشة؟
- انا اسفة ياما افتكرتك سرحانة ، فكنت حابة تاخدي بالك يعني من اللي بقوله.......
- خلاااص
قاطعتها بها لتردف بفتور:
- هحاول اتصرفلك ان شاء الله وتلحجي مجموعة الاستاذ سيد وأي مجموعة تاني، انتي عرفاني عمري ما جصرت معاكي.
توقفت تتابع وكأنها تحدث نفسها باستنكار:
- مستعجلين ع الدروس والعيال لسة مخدتش الاجازة ولا ريحت حتى من الامتحانات وكأن الدنيا هتطير لو صبروا الحبة دول.
صمتت ليلى عن الجدال، تراعي الحالة المزاجية السيئة لوالدتها والتي لا تعلم سببها حتى الآن، لتضع همها في الطعام الذي فقدت شهيته هو الاخر، حتى شرعت ان تنتهي وتنهض، ولكن سبقها طرق خفيف على باب المنزل قبل ان يدفع بخفة وتطل امامهما زوجة ابيها وابتسامتها المستفزة لهما:
- صباح الخير عليكم، هو انتو لسة بتفطروا؟ دا انا كنت جاية أبلغكم بحاجة حلوة جوي
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
في منزل حماد القناوي
وقد كان حمزة داخل غرفته يستعد للخروج والسفر إلى خارج البلاد في مهمة عمل صغيرة تخص أملاك العائلة التي يتولى زمام أمورها، انهى ارتداء الملابس ولم يتبقى سوى نثر عطره على أنحاء الجلباب الراقي ، حتى أصبح يرش بكثافة ليتفاجأ بالتعليق الذي اتى مباغتا من خلفه،
- عايق طول عمرك يا ولد بطني، بسم الله ماشاء الله عليك
ضحك يتوجه بأبصاره نحو والدته التي دلفت داخل الغرفة من مدخل بابها المفتوح، لتقف منبهرة به كعادته:
- عيني عليك باردة
تحرك من محله ليقترب منها ويقبل رأسها بحب، ثم هم ان يتحرك ليتناول ساعته الموضوعة على الكمود المجاور، ولكن، وقبل ان يفعل اوقفته هامسة:
- شكلك سمعت كلامي ونصحته.
طالعها بعدم فهم مستفسرا:
- كلمت مين؟ انا مش فاهم حاجة.
غمزت بعيناها تجيبه:
- هتلف وتدور عليا، ما انكشفت وانا عرفت خلاص، خدتو على جمب وروحتو تتودود في الليل انت وهو في الناحية التانية من البيت؟ يعني هيكون ليه؟ مش عشان تفتح معاه ويفتحلك قلبه بعيد عن الكل ومحدش يسمعكم، مرة اخوك شافتكم وبلغتني.
- هااااالة
تمتم بالأسم يحرك رأسه بتعب واستدراك، فها هي ابنة عمه العزيزة؛ التي تدور كالنحلة في المنزل حتى لو في نصف الليل حتى لا تخفى عليها خافية، وتفاجأه دائما باكتشافاتها:
- قولي بجى جالك ايه؟ عرفت تقنعه، ولا شديت عليه عشان يسمع النصيحة .
- لا دي ولا دي ياما
تمتم بها حمزة يحبط احلامها مستطردا:
- ولدك مكانش جايله نوم، وحب يتساير معايا مش اكتر من كدة.
طالعته حسنية بتشكك ليردف بالمزيد علها تصدق:
- انا هافاتحه يا أمي بس لما احس انه على استعداد، يعني واحد بيقولي ان اهم حاجة عنده الوظيفة دلوك، جوم انا اقوله، لا لازم تخطب بت عمك، الصبر شوية يا أمي، الدنيا مطارتش
في استجابة منها غير مريحة، مصمصمت بشفتيها تشيح ابصارها عنه بعدم رضا قبل أن تقول"
- ماشي يا حمزة نصبر شوية، المهم بس تعرف تكلمه وتيجي تطمني، ميبقاش موضوعنا معلق كدة، عايزين حل عشان نخلص.
انهت حديثها وتحركت مغادرة الغرفة من أمامه، ليزفر بضيق ثم يرفع رأسه للسماء بحيرة، بعد وضعه في هذا الموقف الغريب، وهو مطلوب منه ان يرضي الاثنان، شقيقه الذي وجد حب عمره كما يقول، ووالدته التي ترى في ارتباط ابنها الأصغر بابنة عمه امر لابد تنفيذه، اذن كيف يوفق بينهما؟ ليتفوه معبرا عما يكتنفه؛
- يا غلبك يا حمزة
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
جالسة بكل هدوء، وبرود تدعيه في الإستماع إلى ما ما كانت تخشاه، وها هو يتحقق امامها الان وبقوة، وعلى لسان تلك الملعونة، التي تخبرها وتتحدث بلهجة أقرب ما تكون إلى الشماتة، وهي أعلم الناس بها، لكنها ابدا لن تظهر الضعف امامها حتى لو كانت العواصف التي تدور داخلها قادرة على خلع ثباتها من الجذور
- الجماعة اتصلوا الصبح وبلغوا عرفان، الواد باين امه حمسته عن ليلى وحلاوتها، صوته في التلفون مبين جوي انه فرحان، أمال لما يشوفها على الحقيقة النهاردة، دا هيسمك فيها بيديه وسنانه على كدة ، مش بعيد عقله يطير منه، اه أمال ايه، احنا عروستنا مش اي كلام .
- هي مين اللي عروستكم يا صفا؟ انتوا بتتكلموا في ايه؟
صدر التساؤول من ليلى والتي كانت ترفع اطباق الطعام وتحملهم إلى المطبخ، لتأتي الآن وتسمع الحديث الدائر، فتتلقفها صفا وتجيبها بإستفاضة ومبالغة:
- انتي يا قمر انتي، وهو احنا عندينا عروسة غيرك؟ همام ولد العيسوي شريك ابوكي ، اللي امه جات هنا امبارح هي وبنتها وشافوكي وجعدتي معاهم، عايزة اجولك انك عجبتيهم جوي يا ليلى ، عمالين يوصفوا في جمالها حكايات.
تتلقى الكلمات كالتائهة بعدم استيعاب، فتتوجه نحو والدتها تريد التأكيد:
- الكلام دا صح ياما؟
- ابدا يا عين امك، ولا فيه اي حاجة صح منه؟
هكذا جاء رد مزيونة ببساطة وهي جالسة محلها بثبات الجبال، لم تهتز او تنفعل بهم، لدرجة اربكت صفا التي ادعت عدم الفهم تلومها:
- كيف ولا فيه اي حاجة صح؟ بتك بتسأل ع العريس اللي جات امه امبارح وشافتها......
- وانااا بقول مفيش اي عريس
صدرت منها بمقاطعة حادة وتحدي متابعة:
- انتي ولا جوزك، حد منكم اداني خبر بالطبخة اللي بتطبوخوها من ورا ضهري، انا مش هلت ولا اكتر في الحديت ، بس انتي احسنلك تنبهي على جوزك ينهي الموضوع الماسخ ده من اوله، لانه عارف وانتي كمان عارفة ان بنتي مش هتتجوز غير لما تكمل تعليمها، دا اتفاق وشروط يا ام ناصر ولو انتي نسيتي الشروط القديمة، مزيونة بقى مبتنساش ولا ترجع في كلمة قالتها.
كلماتها القوية اللجمت صفا للحظات، لكن سرعان ما استعادت بأسها في مواجهة غريمتها:
- انتي بنفسك جولتي ان الكلام دا جديم يا مزيونة وعدى وقته، وبتك دلوك جالها عدلها، دا بدل ما تفرحيلها عايزة توقفي حالها، وأنتي مش امها لوحدك ، عرفان كمان يبقى ابوها وليه كلمته عليها، ولا عايزة تعصي بته عليه، دا انتي حتى بت اصول؟
لم تستعجب مزيونة أسلوبها الملتوي في الحديث،، لتستحضر مكر الانثى داخلها في الرد عليها:
- اااه... يعني انتي متفقة معاه، وعلى كدة بقى موافقة على نقض الشرط التاني كمان..... انه يرجعني مرته بحقوق زي زيك.
تجلت ملامح الصدمة بوجه صفا، حتي اصفرت بشرتها بصورة كادت ان تضحك ليلى الصغيرة، والتي اخدت وضع المتابعة الآن، تاركة الدفة لولداتها تدير بها الأمر كما تشاء، والتي تابعت بمزيد من الثقة:
- سكتي يعني يا صفا؟
سمعت الأخيرة لتنتفض من محلها تنهض عن جلستها قائلة بحنق شديد :
- وانا مالي يا بوي، انا بلغتك وخلاص وانتي حرة، العريس جاي العشية، شوفي هتعملي ايه ولا تتصرفي كيف مع ابوها، وانا مليش دعوة.
قالتها وتحركت متجهة للمغادرة على الفور، لتردد ليلى في أثرها :
- جال ملهاش دعوة جال، اجطع دراعي ان ما كان كل الموضوع طالع من تحت يدها، بجى انا اتجوز همام المخبل ده كمان؟
- ليلى .
جاء النداء الغاضب من مزيونة لتحذرها مستهجنة:
- بلاش تريقة على واد الناس، ربنا يرزقه باللي احسن منك واحنا خلينا في مستقبلنا اللي يخصنا احنا وبس.
سألتها بضغف وقد شعرت الآن بحجم الكارثة التي تنتظرهم مغ اصرار والدها بتنفيذ ما برأسه:
- طب وهنعمل ايه ياما مع ابويا؟ انتي عارفاه وعارفة شدته، خصوصي والحرباية دي هتنفخ فيها لما تولع نار
نهضت مزيونة قي رد عملي تجيبها:
- تعمل زي ما تعمل ، روحي البسيلك اي حاجة وتعالي معايا وانا اجولك هنعمل ايه؟
- هنروح فين طيب؟
- هفهمك في الطريق.
قالتها ودون ان تنتظر، توجهت نحو غرفتها لتبدل عبائتها البيتية بأخرى خارجية ولكنها وفور أن فتحت خزانتها، تجاهلت عن عمد كوم الملابس السوداء المعلقة امامها، لتنتقي قطعة مختلفة على الإطلاق، من تلك المجموعة التي تركتها منذ سنوات لم تعد تتذكرها، فتنزل بها على جسدها الآن امام المراَة، وترى امرأة أخرى، بل هي مزيونة ولكنها قبل أن تتزوج، لقد حسمت قرارها، وسوف تعود لأصلها، مزيونة الحرة .
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
وفي منزل حماد القناوي
وكما تمر الليالي سيئة على البعض، تمر ايضا سعيدة ومليئة بالأمل والأمنيات على البعض الاخر .
هبط الدرج قادما من غرفته في الطابق الثاني يبحث بعيناه عن شقيقه المنقذ والداعم الأهم في مواجهة العاصفة المتوقعة حينما ينوي اخبار الجميع بما هو قادم على تنفيذه.
لم يجده في المنزل فخرج إلى الحديقة، ثم توجه مباشرة نحو المدخل الخارجي ، وقد تفاجأ به داخل السيارة التي يقودها ببطيء التشغيل في البداية، يبدو أنه على وشك المغادرة، لينتفض مهرولا حتى يلحق به:
- حمزة، حممممزة، حمزة.
ظهر انعكاسه في المرأة الخلفية في سيارة المذكور، ليجبره على السباب وشتمه، منتبهًا لجنونه في قطع المسافة راكضًا نحوه، حتى وصل إليه في ثواني معدودة، ليفتح باب السيارة الأمامي وينضم معه:
- رايح فين؟
سأله ببساطة ضاعفت من غضبه لينفجر به موبخًا:
- انت عجلك طار منك ياض؟ طب اعمل حساب لمنظرك وانت بتجري زي العبيط، جدام العيال الصغيرة وانت المفترض بش مهندس محترم وليك جيمتك جدامهم يا تربية الأزهر يا سيدنا الشيخ معاذ
اهتز كتفي معاذ بعدم اكتراث قائلا :
- وماله يعني؟ عادي يشوفو اللي يشوفوه، قدوة بجى ولا مثل سيء حتى في كل الأحوال انا مش في دماغي اصلا، المهم عندي دلوك.....
توقف يعلو صوته مردفا :
- تجولي انت ماشي كدة ورايح فين؟ لحقت تنسى كلامنا واللي اتفقنا عليه امبارح؟
ضرب حمزة بقبضته على مقود السيارة بغيظ شديد يصيح به بسخط:
- وهو ايه اللي اتفقنا عليه يا بلوتي السودة انت؟ دا يدوب اللي عدى بس سواد الليل، هلحق امتى بس اتكلم ولا اتزفت؟ انت هتشلني من اولها ياض؟
ضحك بسماجة يتقبل صياحه بتملق:
- وماله بس يا كبيرنا؟ ما انت برضك البريمو ومفيش حاجة صعبة عليك، دا انا اتوقعت اصحى الاقي أمي فوق راسي تزغرد لي فرحانة بعد ما تقنعها انت بذكائك معاها.
- اممممم
زام بفمه ساخرا معقبا على كلماته:
- يا حبيبي يا عسل انت، تزغردلك كمان! شوف ازاي يا اخوي، دا على كدة الموضوع ساهل جوي وانا مش دريان، يا ريتني في نص روقانك والله
- طب وايه اللي يمنع بس انها تفرحلي وتقتنع، مش هي برضو عايزاني اتجوز، ولا يعني هتحب بت عمي اكتر مني؟
تمتم حمزة بالاستغفار، يستحضر الهدوء حتى يتعامل مع هذا المتعجل:
- لا طبعا مفيش الكلام ده، هي بس مفاهيم غلط ومتمسكة بيها، ع العموم كل حاجة وليها حل، المهم بس انت ترسي انت كدة وتعجل، ثم كمان احنا لسة معرفناش البت ولا ناسها، كل اللي عرفناه هو اسم عليتها، اديني فرصة اسأل عليهم واطجس عشان افاتح امك بقلب جامد لو طلعت بنت ناس زينة
- اكيد هتطلع بنت ناس زينة، انا متأكد منها دي
تمتم بها معاذ بثقة ينقلها لشقيقه الحانق، ليعقب بغيظ:
- طيب يا غالي، مش ناوي تقولي رايح فين بالظبط ولا اوفف انزلك هنا؟
أجابه بلهجة تخللها الفتور قليلا، وقد هبط حماسه بعض الشيء بعد تحذير حمزة:
- لا امشي على طول، توصلني للمدينة الصناعية في طريقي اجيب الموتوسيكيل من ورشة التصليح
-❈-❈
داخل منزل عرفان وقد أخبرته زوجته بما تم من مزيونة وعدم اعترافها بالأمر من الأساس، لتضيف من عندها ما يزيد من تأجيح الغضب بداخله:
- دي كان ناقص تطردني، كلام كتير خربطت بيه انا نفسي مقدرش اجوله، كأنها اتفرعنت ومحدش مالي عينها، او تكون خلفت بتها لوحدها من غير اب ليه كلمة عليها زيه زيها.
يسمع منها بصمت ابلع من اي حديث، انه زوجها وهي تعمله جيدا، معنى سكوته هو الخطر بذاته.
- انا من رأيي تعتذر لشريكك وخلاص يا عرفان، مزيونة شكلها مش هتجيبها لبر واحنا مش ناقصين فضايح.
جاء رده مستنكرا بعنجهية يخرج عن صمته:
- اتهبلتي يا مرة انتي ولا اتجنيتي؟ مين دا اللي يرجع ف كلمته، ولا مرتي مش هقدر امشي كلمتي عليها ولا احكم بتي، اهمدي وكني وملكيش دعوة انتي .
اومأت رأسها تدعي الطاعة، لتردف بمكر:
- حاضر يا بوي انا اصلا مليش دعوة بأي حاجة، ياريت بس مزيونة تفهم كدة بدل تلجيحها عليا؛ ان انا اللي ممشياك وزقاك على الموضوع ده، وانا ربنا العالم معتبر ليلى زي عيالي وانت نفسك تشهد انا بعاملها كيف .
زمجر ينهض من جوارها وقد أشعلت رأسه بما يكفي ولم يعد يحتمل بعد:
- انا نازل اشوفها المرة دي هي وبتها
- ما هي مش جاعدة؟
هتفت بها توقفه، ليناظرها طالبا المزيد من التفسير فتجيبه:
- من بعد حديتي معاها بالظبط طلعت هي وبتها، وادي بجالها اكتر من ساعتين، الله أعلم راحت بيها فين؟
❈-❈
اما عنها وقد انهت مشوارها الاول مع ابنتها وكانت في طريقها معها نحو جهة أخرى، وحديث دائر وأسئلة لا تتوقف عنها ليلى او التعبير عن مخاوفها
- انا خايفة ابويا يعرف بمشوارنا دا ياما، وأنتي عارفاه في لحظة غضبه.
ردت مزيونة بجمود البائع الذي لا يهمه شيء:
- يعمل اللي يعمله، انا المسؤولة قدامه، انتي ملكيش دعوة بحاجة.
- كيف ياما؟ اسيبك تواجهي لوحدك والموضوع اصلا يخصني.
رمقتها بنظرة محذرة تعيد عليها مشددة:
- اسمعي الكلام يا ليلى، انا عارفة بعمل ايه، وكفاية بجى كملي الطريق معايا وانتي ساكتة
في الأخير اضطرت ان تزعن لرغبتها وتوميء بطاعة، لتكمل الطريق معها صامتة، ولكن مع استمرار السير ونظرات البشر الموجهة نحوههم بتركيز شديد، خرجت ليلى عن صمتها تعبر عما يجول داخلها بلطافة:
- بس انا النهاردة بصراحة فرحانة جوي منكرش، الناس كلها بتبص علينا مفكرينك واحدة جديدة عن البلد، واللي يعرقك بيفضل متنح عليكي ويبصلك طول ما هو ماشي، طقم الألوان عليكي هياكل منك حتة يا مزيونة
لم تبالغ ابنتها وهي تعلم ذلك، ترى نفسها بالفعل عادت ثماني عشر سنوات،قبل أن تتزوج بعرفان وتصبح امرأة أخرى، ولكنها اليوم لا تشغل نفسها ولا تركز إلا مع شيء واحد وهو الاستعداد للقادم، وخروجًا امنا تبتغيه مع ابنتها، تسأل الله النجاح والتوفيق.......
................................
وفي الناحية الأخرى، داخل سيارة شقيقه وقد اللتزم الصمت واكتفي فقط بالتفكير بمن سرقت نومه، واحتلت عالم احلامه في المنام واليقظة، لا يتوقف عن التفكير بها على الإطلاق حتى حينما وقعت عينيه عليها الآن تسير في نفس الشارع الذي تسير به السيارة، ظنها في البداية وهما، حتى استوعب بعد لحظات لينتفض يحاول مع شقيقه حتى ينتبه ويراها هو الآخر:
- اهي يا حمزة، وكأنها بتيجي ع السيرة، عشان تعرف بس انها إشارة وربنا رايدلي اتجوزها، بص وشوف نقاوة اخوك ، بص بص
صار يهلل بالكلمات، وعيناه منصبة على مرأة السيارة الجانبية ناحية شقيقه الذي ازعجه الصراخ بأذنه والشد على جلبابه الفاخر ليخرج عن اعصابه، مقررا طرده والتخلص منه:.
- يووووه، طب ادي العربية موجفها خالص، عشان اخلص منك يا معاذ.
اجفل الاخير بفعل شقيقه حينما تفاجأ به ضاغطا على مكابح السيارة بعنف، بعد ان فاض به، لبجعلها بالفعل تتوقف، ولكن في منطقة طينيه ضحلة بالمياه الركدة التي تناثرت على جانبي السيارة حتى شعر بها ذاك الغاضب، ليدفع بابها إلى الخارج ويترجل منها، فتتوسع عينيه بجنون نحو معاذ الذي اتبعه في الخروج، ليشاهد الجريمة الشنعاء، بالسيارة الجديدة لشقيقه، والذي كان يحدجه بنظرات نارية يفوح منها الخطر، ولكن الجريمة الأكبر، هي ما انتبه له في نفس اللحظة، حينما تحولت ابصاره للخلف قليلا نحو مزيونة وابنتها، وقد اصاب ملابسهما ما اصاب السيارة، بقع طينيه انتشرت على الملابس الجميلة ليتلقى منهما شرار النظرات القاتلة، وجاء رد الفعل الاول من ليلى صائحة به:
- انتو عميتوا ولا قاصدين تعملوها فينا؟
دافع معاذ فخرج صوته بلجلجة مبررًا:
- لا والله اخويا وقفها بالصدفة، مكانش يقصد ابدا ولا حتى كان واخد باله.
- ولما هو السواق ومياخدتش باله، أمال مين ياخد باله.
هتفت بها مزيونة بنظرة غضب ولوم وجهتها إليه، حتى شرع ان يتأسف لها بعدما انتبه الى الحزن الذي أصابها، وهي تطالع فستانها الجميل وخمارها وقد تلطخا ببقع الطين الغبية.
- معلش يا آنسة ااا....
قاطعته ليلى بلسانها الحاد تمطره توبيخا هو وشقيقه
- معللش، يعني تبهدلونا وتقول معلش، نصرفها منين انشاء الله، والله لولا بس مش عايزة شوشرة لا كنت لميت عليكم أمة لا اله الا الله .
- وه
زمجر بها حمزة مستهجنُا رغم علمه بصحة موقفها، حتى هم ان ينفعل عليها لولا خاطر شقيقه الذي اكتسحه الندم يهمس له راجيًا:
- احب على يدك اتحمل يا واد ابوي وما تتعصب، انا مش عايزاها تكرهني اكتر من كدة، دي افتكرتنا بنعاكس
سمع منه حمزة ليصدر منه السؤال دون ان يرفع عيناه عن الاثنتان وقد انشغلتا بنفض ملابسهم ومسحها بالمحارم الورقية او تغطيتها بالحجاب الطويل، علها تصلح للسير على الاقل حتى يصلن إلى وجهة قريبة ويبدلنها:
- هي مين فيهم؟
- البيضة يا حمزة يا اخوي
- الاتنين بيض وحلوين وصغيرين، انت تقصد اي واحدة فيهم؟
- الصغيرة يا حمزة مش باينة جدامك؟
اشار بذفنه نحو ليلى، ليطالعها حمزة بنظرة عابرة ثم يعود لمن سرقت اهتمامه من النظرة الاولى، تلك الجميلة العابسة والتي أثر به حزنها لدرجة دفعته ليقترح دون تفكير:
- احنا ممكن نوصلكم بالعربية لحد بيتكم.....
لا يدري كيف صدرت منه رغم برائة قصده، ولكن رد فعلها والنظرة النارية التي وجهتها نحوه جعلته يعرف جيدا مدى خطأه
- توصلنا لحد بيتنا! لا يا اخويا متشكرين ، مش احنا أللي نركب عربيات ناس اغراب ، ياللا بتي ياللا.
- يا آنسة انا مش قصدي والله....
قطع هذه المرة مجفلا بشهقة خرجت من حلقها، وعينيها برقت باتساع وكأنه سبها بسبة نابية، أضافت على سوء الظن الذي اتهمته به من لحظات
- جال آنسة جال، سلامة النظر والشوف
قالتها لتسحب ابنتها بعنف ذاهبة بها، لتضيف ليلى هي الأخرى قبل أن تذهب:
- لما هي آنسة، يبجى انا مين خلفني؟
- أمهاااا
تمتم بها حمزة متجمدًا في اثرهما بذهول، ليعقب معاذ هو الاخر:
- كاننا عكيناها جامد يا اخوي، والله خايف البت تكرهني بالفعل قبل حتى ما ادخل بيتها، بعد ما كنت فرحان شوفتها يحصل الموقف الزباله ده.
لم يعقب حمزة على كلماته، ولكن جاء استفهامه ف شيء اخر :
- طب انا شايفهم رايحين ناحية الزراعات، هما رايحين على فين؟
اجابه معاذ بفتور:
- اكيد رايحة بيت جدها، انا شوفتها اصلا هناك مرتين هناك، عندهم برج حمام قديم اكيد بتروح تراعيه، مش هنمشي بجى .
ظل حمزة صامتا للحظات حتى تحرك فجأة يعود لسيارته فتبعه شقيقه، وفور أن اشغل المحرك أمره قائلا :
طب انا عايز اشوف البيت دا.
....يتبع
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا