رواية بحر ثائر( الجزء الثاني) الفصل الحادي و عشرون 21 بقلم أية العربي (حصرية وجديده في مدونة قصر الروايات)
رواية بحر ثائر( الجزء الثاني) الفصل الحادي و عشرون 21 بقلم أية العربي (حصرية وجديده في مدونة قصر الروايات)
أمور القلب معقدة
سماء الحب مُلَبَّدة...
وأنا كأني....
عن كل هذا مُغَيَّبَة...
لأني ورغم أني بقلب المعركة
أفكر فيك، ولأجلك...
أعانق الخطر مُرَحبة...
أنا خائفة
صدى صوتك يخبرني ألا أخاف
ضائعة...
كل الطرق تأبى أن تأخذني إليك
أو تأتي بك إلي....
فلأخلق إذن صدفا تجمعنا
فلأحفر إذن دروبا تُلَاقِينَا
( بقلم فيروزة)
❈-❈-❈
ويسألونك عن الرفاهية؟
قل لهم أنا المولود من رحم المعاناة
أخبرهم أنني تذوقت كل أنواع الألم والويلات ، عشت المظالم والخيبات
سُحقت مشاعري لسنوات ، انخلع فؤادي من شدة الصدمات .
ومازلت أقف على قدماي منتظرًا من الحياة أن تريني الوجه الحسن ، أعيش على الأمل ، لا ثوب اليأس يناسبني ولا أرتدي قناع الحقد والغضب
خُلقت أتمرد على حزني ، خُلقت لأنفض غبار العجز عني .
وإن هم وجدوا رفاهيتهم في سهر الليالي والدلال والشجن ، فأنا رفاهيتي وجدتها حينما أحببت امرأةً كانت لي الأُنس والسكن . (بقلم آية العربي)
كان في طريقه إلى ثائر ، أتى ليطمئن عليه ككل يومٍ ، يهتم لأمره كثيرًا ، يعلم أن هدوءه وصمته ما هما إلا ترصد مخيف هو نفسه يخشاه لذا يجاهد ليستدرجه في الحديث بأي شكلٍ كان .
أمر بفتح باب الغرفة ودخل ليجده يقف أمام نافذة علوية محاطة بسياج حديدي ، تطل على حديقة خلفية للمبنى ، يتكتف ويشاهد الخارج منتظرًا تحريره .
تحرك رشدي حتى وقف أمامه وتحدث بترقب قاصدًا لفت انتباهه :
- أنا هشوف ديما كمان ساعة ، تحب أبلغها حاجة ؟
أغمض عيناه دون الالتفات له ، يحاول ابتلاع هذه الجملة المريرة ، عروقه منصهرة ، عضلاته متحفزة ، عقله عبارة عن حلبة مصارعة تقف فيها أفكاره متناحرة ، يتمالك بصعوبة بالغة تجاوزت حدود تحمله لذا عاد يبصر ويتساءل بنبرة غليظة :
- هخرج امتى ؟
زفر رشدي بيأس من تهدئته ونطق مؤكدًا :
- قريب جدًا يا ثائر، باقي خطوة واحدة بس وبعدها أوعدك هتطلع ، بس فيه شرط .
التفت يطالعه بنظرات ثاقبة يتساءل دون أن ينبس بحرف ليسترسل رشدي :
- هتطلع علشان أنا عارف إنك جبت آخرك هنا ، بس مش هتظهر في الصورة فورًا ، يعني الأفضل تظهر بعد يومين من طلوعك علشان نضمن نجاح المهمة .
بنظرات نارية تساءل بترقب خطير :
- إيه هي الخطوة الواحدة اللي هطلع بعدها ؟
تردد رشدي في إخباره ، لا يعلم عواقب ردة فعله ولكنه أيضًا يرى حالته التي لن تقبل المراوغة لذا زفر وقرر مصارحته فنطق بتأهب :
- زرع جهاز التنصت جوة وكرهم ، توماس ومارتينا دلوقتي متواجدين في بيت رحمة ، وده الوقت المناسب جدًا اننا نكشفهم .
وجده متجمدًا يحدق به ، وجد الخوف مرتسمًا في عينيه فأراد أن يطمئنه لذا مد يده يربت على ذراعه ويردف بنبرة مراعية :
- ماتقلقش ، أوعدك هأمنها كويس .
نزع ذراعه بقسوة والتفت عائدًا للنافذة وعقله يشبه شاطئًا رمليًا تأتيه الأمواج تأخد منه وتعطيه أفكارًا لا حصر لها ، إذًا زوجته ستذهب بمفردها إلى هناك ، ومضت أفكاره بصديقتها لذا نطق بإنعاش مفاجيء :
- دياب ويسرا ؟
زفر رشدي يجيبه ممهدًا :
- طلعناهم برا الموضوع .
أُحبطت آماله في وجود أحدهم معها ، يطمئنها،
يدعمها ، يساندها ، لذا عاد يلتفت ويرفع سبابته أمام وجه رشدي وينطق بتحذير مهيمن :
- إنت عارف لو حد قرب لها ممكن يحصل إيه ؟
ابتلع رشدي تهديده تقديرًا لحالته لذا أجابه بنبرة متأهبة :
- اللي أعرفه إن وجود الاتنين دول في البلد خطر ع الأمن القومي ، وخطر على حياتك ، وخطر على حياة عيلتك كلها ، وانت لازم تفهم وتستوعب إن المهمة خارج حدود ديما ، وبرغم كدة هي حاليًا اللي عندها القدرة تروح وتزرع الجهاز ده هناك بدون ما حد ينتبه زي ما عملت ده في عربية توماس ، وفعلًا ماشكش فيها لحظة .
كلماته تحرقه أكثر، كلما انتظر إجابة تريحه تلقى إجابة تكويه بنيران الغيرة والعجز .
زفر رشدي واسترسل بنبرة لينة موضحًا :
- ابعد عن الأفكار اللي بتحرقك دي يا ثائر ، وفكر بوجهة نظر تانية ، ديما بتكرههم ، عارفة ان هما السبب في وجودك هنا ، هما سبب عدم استقرارها ، هما سبب الخوف اللي بتحس بيه ، علشان كدة حولت طاقة الكره والخوف اللي جواها لحرب باردة ومصممة وواخدة قرار إنها تنتصر فيها ، اللي أنا اقدر أأكدهولك إني شوفت نسخة نسائية منك في الصبر والتحمل والإصرار ، ودي حاجة لازم تكافئها عليها لما تطلع من هنا ، علشان كدة فكر كويس هتعمل إيه لما تطلع وماتخليش أفكار تانية تقودك وتضعفك، إنت اقوى من كدة .
لأول مرة تتوغله كلمات رشدي بطريقة إيجابية ، ربما عليه أن يفكر بمنطق آخر ، وبأملٍ جديد وألا ينجرف وراء شياطين عقله التي تقوده إلى غضبٍ لن يفيد أحد .
بعد نظراتٍ مطولة التفت عائدًا لوضعه أمام النافذة ولكن عقله بات منشغلًا بكلمات رشدي الأخيرة ، تلميذته التي دربها، تمارس الآن اختبارًا صعبًا لذا ليدعو لها أن تنجح ويثق في تعليماته .
❈-❈-❈
وضعت له منال صينية الضيافة واعتدلت تطالعه بلطفٍ قائلة :
- دينا بتجهز وجيالك حالًا ، اشرب العصير لحد ما تيجي .
أومأ لها مبتسمًا وشكرها فتحركت خارج غرفة الصالون بينما هو تنهد وشرد يفكر ، هل يمكن أن تفاجئه بارتدائها للحجاب ؟ هل طلب منه داغر أن يأتي ويعدان له المفاجأة ؟
بالفعل إن ارتدته سيكون في قمة سعادته حقًا ، يكفيه أنها فعلتها وغطت رأسها، واشترت خاطره ، حقًا سيقدرها كثيرًا .
مد يده يتناول كوب العصير ثم ارتشف منه القليل متحمسًا لرؤيتها، سيحلان الخلاف القائم بينهما، هو يكره أن يتخاصما سويًا ، لا يحب أن يتسبب في حزنٍ يمسها ، ولكنها تحتاج إلى نمطٍ معين لا يفضله ، لذا يحاول اتباع أسلوبًا جديدًا معها يحتوي على بعض الحزم واللطف في آنٍ .
كُسرت مجادِفه حينما وجدها تدلف من باب الغرفة ، ترتدي فستانًا طويلًا بأكمام ، وتركت خصلاتها للعنان تتطاير حولها ، حتى أنها لم تجمعهم كالعادة كأنها تعانده .
حزن قليلًا وانزعج ولكنه التقط نفسًا قويًا وحاول أن يبتسم ويرحب بها.
قابلته بابتسامة ممثالة وجلست بهدوء ، تفكر لثوانٍ داخلها ، هل اخطأت حينما قررت أن تثبت له أن قرارها بيدها ؟
نطق بنبرة هادئة :
- كيف الحال؟
شبكت كفيها ونطقت بهدوء :
- كويسة الحمدلله، وانت عامل ايه ؟
أجابها بعاطفة يتوغلها بعض الحرج :
- مش منيح ، صار لي 3 أيام ما سمعت صوتك ، معقول هيك بسهولة بهون عليكي ؟
استدرجها عاطفيًا ونجح في إثارة مشاعرها نحوه لتهز رأسها وتنطق بعيون لامعة :
- لاء يا صالح ، أنا اللي هونت عليك ، انت حتى ماحاولتش تكلمني بعد ما قفلت معاك آخر مرة.
ابتسم ونطق مستنكرًا :
- مش إنتِ يا بنت الحلال قلتِ ما بدك تحكي معي؟ وقلتِ إنك مش موافقة على كتب الكتاب ؟
تذمرت ونطقت بدلال مفرط :
- أيوة قلت بس كان لازم تكلمني بردو ، مهو إنت الراجل يا صالح ولما أزعل مفروض تصالحني .
ابتسم برصانة ونطق بمغزى مبهم :
- اصالحك ع العين والراس بس هداك لما أكون زعلتك ، بس هالمرة إنتِ يللي زعلتيني يا دينا ، ولا يا ستي إنتِ عندك كرامة وأنا ماعنديش !
أسرعت تهز رأسها وتجيبه بخوف من ظنه الخاطئ :
- لا طبعًا مش قصدي كدة يا صالح .
تنفس بعمق وحاول أن يتروى معها أكثر فأومأ ونطق :
- بعرف قصدك منيح يا دينا ، بس عن جد أنا عشان بحبك طلبت منك هالطلب ، ليش فهمتيه تحكم ؟
طالعته لثوانٍ ، تسافر عبر ملامحه الهادئة الوسيمة ، تعلقت في عينيه تجيبه بما تشعر :
- مهو بداية تحكم يا صالح ، وبكدة هبقى أنا لبست الحجاب علشان انت فرضته عليا مع إني كنت ناوية ألبسه لما نتجوز .
طالعها لبرهة يحاول استيعاب كلماتها ثم نطق بحزمٍ يغلفه اللين :
- مش أنا يللي فرضته دينا ، هاد فرض من الله ، كل مافي الأمر إني ذكرتك فيه ، وبعرف إنك بتعرفي هالشي بس متل ما قلتلك ، أنا بس حبيت اذكرك واعرفك إنه بغار عليكي وما بدي حدا يشوف هالشعر الناعم المرتب ، قلبي بيحترق لما حدا بيطلع فيه ، وبما إنه قرب موعد كتب كتابنا حبيت أطلب هالطلب ، كتير عليي هالشي ؟
بدأت تستوعب كلماته ، حتى أنها شعرت بالسعادة حينما عبر لها عن غيرته ومحبته وإعجابه بخصلاتها ، فهو من الشخصيات التي لا تعبر عما تشعر بسهولة لذا ابتسمت وأجابته بخجل :
- تمام بس يعني ماكنتش قادر تستنى لما نتجوز؟ حسستني إنك بتجبرني من الأول ، قلت أكيد بعد الجواز هيخليني أعمل حاجات مش عايزاها .
عبر عن اندهاشه ونطق مدافعًا :
- ليش يا بنت الحلال ، فايتين حرب وأنا مش عارف ، فيه إشي اسمه نقاش بينا ، انتِ بتحكي يللي عندك وأنا بحكي اللي عندي واللي بقتنع بكون خير وبركة ، وبعدين خليني اضربلك مثل ، هسا إذا أنا بشرب سجاير وانتِ بتضرري منها شو رح تعملي ؟
انكمشت ملامحها وهزت رأسها تردف بنفور :
- لااااااء، مابتحملهاش خالص ، كنت هقولك تبطلها فورًا على فكرة .
انحنى قليلًا نحوها ونطق بابتسامة منتصرة :
- وهاد اللي عملته ، ما بتحمل حدا يشوفك بجمالك و زينتك ، لهيك طلبت منك تتحجبي ، فهمتي علي؟
طالعته بحب ولانت معه لذا أومأت بشبه اقتناع بوجهة نظره لذا ابتسم وتساءل بمرحٍ :
- راح نكتب الكتاب ولا شو ؟
زادت ابتسامتها وأطرقت رأسها تجيبه بخجل :
- هنكتبه .
اعتدل يرفع يده وينطق بهيمنة وسعادة :
- على بركة الله .
❈-❈-❈
في مكانٍ ما وصلت إليه ديما بواسطة خالد .
كان رشدي في انتظارها ، دلفت فرحب بها وجلست تستمع له ولتعليماته .
تحدث بشكلٍ مباشر وهو يطالعها بتركيز :
- ممنوع تاكلي أو تشربي أي حاجة هناك ، هتحاولي على اد ما تقدري تتحججي بأي سبب ، حاولي تزرعي الجهاز في أوضة توماس ، أنا عارف إنه صعب بس لازم تحاولي ، استأذني كإنك رايحة التواليت ، الموضوع مش هياخد منك ثواني بس مهم جدًا تبقي في كامل تركيزك ، لازم تكوني نايمة كويس قبلها .
كانت تستمع له بصمت ، و التوتر حليفها ، هو يملي تعليماته وهي تفكر كيف ستفعل هذا ؟
ما إن انتهى حتى نظرت له وتساءلت :
- ولو عملت ده وقدرت اخرج من هناك ، ثائر هيخرج بعدها ؟
تعمق بالنظر إليها وأجابها موضحًا :
- ده متوقف على اللي هنقدر نسمعه واللي هتقدري تقنعيهم بيه ، ماينفعش نخاطر بخروج ثائر بدون خطوات محسوبة يا ديما .
أومأت بحزن وتفهم ، لم يعد أمامها خيار لذا تساءلت :
- لسة فيه تعليمات تانية ؟
مد يده يفتح أحد أدراج المكتب واستل منه شيئًا ما ثم أردف وهو يشير بيده الأخرى :
- ناوليني شنطتك .
تعجبت ولكنها ناولته الحقيبة فأمسكها والتقط شيئًا حادًا نزع به لاقط القفل ثم لصق مكانه هذا الشيء الصغير والذي هو عبارة عن كاميرا مراقبة ضيئلة الحجم ، ثبتها جيدًا بمهارة وتأكد من ضبطها ثم ناولها الحقيبة وأردف بثبات :
- دي الشنطة اللي هتبقى معاكي بكرة ، وده علشان نأمنك كويس ، وماتقلقيش هنكون قريبين منك جدًا.
علقت نظرها على الكاميرا التي تم تركيبها وابتسمت بسخرية ، كانت ترى هذه التصرفات في الأفلام السينمائية ، لم تكن تصدق أنها ستعيش فيلمًا على أرض الواقع ، لو أن أحدهم وقف أمامها من عامين فقط وأخبرها أنها ستصبح عما قريب عميلة لبلدها وستقوم بمهام تجسس وتمثيل كانت ستضحك عليه ، ستضحك حد البكاء.
تنفست بقوة ثم أومأت تحمل حقيبتها وتتطلع عليها بنظراتٍ جديدة كأنها تراها لأول مرة ثم نظرت له وأردفت :
- ممكن امشي؟
أومأ لها فالتفتت تخطو نحو الخارج بعقلٍ شاردٍ ليناديها قبل أن تغادر فالتفتت له فاسترسل بيقين :
- ماتقلقيش ، إحنا بنعمل ده دفاعًا عن أرضنا وأولادنا ، علشان كدة ربنا معانا ، هتنجحي وهتخرجي من هناك بإذن الله .
ابتسمت له ، راقت لها هذا الجمل لذا أومأت تجيبه بشيءٍ من الثقة :
- إن شاء الله .
❈-❈-❈
في العاشرة مساءًا .
كان داغر ينام بعمق بعدما قرر أخذ قيلولة مسائية على غير العادة ، شعر بالراحة لأن دينا تصالحت مع صالح ووافقت على كتب الكتاب ، لذا لم يعد هناك سوى خطوة واحدة وهي خروج ثائر، ومن هذه الجهة طمأنته ديما حيث أخبرته أن ذلك الفرنسي وعدها بتقديم أدلة براءته في أقرب وقت .
دلفت بسمة الغرفة لتوقظه بناءً على طلب منال كي يتناول وجبة العشاء ، اقتربت منه حيث ينام على بطنه ، يرتدي فنيلة قطنية أظهرت عضلات ذراعيه وكتفيه ، ويحتضن الوسادة دافنًا رأسه بها ، ابتسمت عليه ومر على عقلها فكرة منحرفة ، ماذا لو كانت هي بدل هذه الوسادة ؟
تنفست وتملكها شعورًا ممتعًا جعل الفراشات تدغدغ معدتها لذا اعتصرت عيناها تعنف نفسها على هذا التفكير ، هي من طلبت منه ألا يقترب منها لذا عليها أن تلتزم بذلك لحين زواجهما رسميًا .
جلست على طرف الفراش ونادته بنبرة هادئة وهي تقبض على كفها السليم كي لا تلمسه :
- داغــــــــر ، اصحى يالا علشان تتعشى .
لم يجِبها لتحاول مجددًا بنبرة أعلى قليلًا :
- يالا يا داغر بقى إنت نايم بقالك كتير ، خالتو منال جهزت السفرة ومستنيينك برا.
حرك رأسه حركة خفيفة فبات وجهه أمامها لذا سبحت بعينيها في ملامحه وتفاصيله ، لا إراديًا نزلت بنظرها إلى منكبيه وعظام رقبته الرجولية ، بشرته البرونزية ، تفاصيله التي تجعلها على حافة الوقوع في براثنه .
وها هي تحرر يدها السليمة وتحركها نحو كتفيه لتلكزه بخفة وكادت أن تنطق اسمه ولكنها شهقت حينما استيقظ يسحبها غفلةً كالوحش المنقض على فريسته، فباتت تتمدد مكانه ونهض يناظرها بعيون ماكرة مفترسة ويتساءل بخبث :
- مش قولتي دونت تاتش ؟ بتمدي إيدك وتلمسيني ليـــــــــــــه ؟ وبعد كدة نلوم على داغر ونقول عليه متحرش ؟
ازدردت ريقها وتوردت وجنتيها بحمرة الخجل وحاولت أن تنهض ولكنه سيطر عليها بذراعيه فنطقت بتوتر وخجل :
- داغر بلاش قلة أدب ،أنا كنت بصحيك تتعشى ، ابعد علشان اقوم .
سافر عبر ملامحها وابتسم ابتسامة جعلته يزداد وسامة وتساءل بمرحٍ ومكر :
- وتلمسيني ليه ؟ مش فيه حاجة اسمها بوء .
أومأت تجيبه وتعالت نبضاتها وعادت إليها دغدغات معدتها وهي تردف :
- أنا نديتك على فكرة مرتين بس إنت ماسمعتش .
- سمعت بس هنكر .
توسعت حدقتيها من إجابته ونطقت وهي تحاول التحرر :
- طب ابعد بقى مايصحش كدة .
قيدها بقوة حنونة ونطق بقلبٍ متضخمٍ بعشقها وهو يتجنب الاقتراب من ذراعها المصاب :
- طب هاتي بوسة الأول .
- داغر اتلم .
نطقتها وهي تحاول التحرر ، ولكنها لم تكن تحاول بكامل ضميرها ، بل تبدو وكأنها كذلك لذا ابتسم ونطق وهو يعيدها إليه ويطالعها :
- على فكرة أنا ملموم ، لو مش ملموم هتشوفي وش تاني خالص .
عبست عبوسًا لذيذًا وزفرت بتجهم ظاهري تتساءل بعدما فشلت محاولتها في التحرر :
- أنت عايز إيه دلوقتي ؟
زم شفتيه يوضح لها مطلبه فهزت رأسها تجيبه بتوتر وقلق :
- ماينفعش يا داغر عيب ، قلتلك لما نكتب كتابنا تاني .
عبس هو هذه المرة وزفر بقوة وابتعد عنها وجلس مجاورًا فاعتدلت ومدت يدها تلملم خصلاتها جانبًا وشعرت بالضيق لحزنه ولكنها أيضًا تشعر بالقلق حيال أمرهما لذا تنفست بعمق وحاولت أن توضح له فنطقت بتروٍ وهي تلتفت له :
- داغر لو سمحت ماتتقمصش ، كلها أيام وثائر هيرجع ونكتب الكتاب تاني ، أنا خايفة يكون الطلاق وقع ، لان حتى لو بالإجبار بس هو تم ووقعنا عليه سوا .
زفر بقوة وصمت لثوانٍ ثم أومأ يردف بعبوس :
- تمام ، يالا قومي .
لم تحب عبوسه لذا مالت عليه تقرب وجهها منه وتطالعه بتمعن متسائلة :
- يعني مش زعلان ؟
قربها منه جعل المكر يتراقص في عينيه وعلى حين غفلة انحنى يخطف قبلة سريعة منها لم تستوعبها إلا بعدما ابتعد يترجل ويبتسم مردفًا بتأكيد وتملك :
- ما تمش ، وقعنا لإن كنا تحت التهديد وانت عارفة ، بس أنا مش راضي ولا معترف إني طلقتك وانتِ مراتي وممكن دلوقتي حالًا اخدك واطلع شقتنا ، بس أنا هعملك اللي يريحك وعلشان يبقى فيه أوراق رسمية ، ويالا علشان الجماعة اللي برا مايخدوش عننا فكرة غلط .
شهقت وأسرعت تنهض وتهندم نفسها وتخطو خلفه وهو يقهقه عليها بعبث .
❈-❈-❈
ليلًا
جلست على الفراش تسرد لهما قصة من قصص الأنبياء كما اعتادت يوميًا قبل نومهما ،غفت رؤية في منتصف القصة بينما تمدد مالك يستمع بتركيز .
انتهت بعد دقائق ونظرت لطفلها الذي يحدق فيها ، في ملامحها ، في تفاصيلها ، يحبها كثيرًا ، يحب أن يراها دومًا أمامه ، يحب أن يراها سعيدة ، كره والده لأنه كان يحزنها دومًا ، وبدأ يحب ثائر لأنه رآها تحبه .( بقلم آية العربي، وحصري لمدونة رواية وحكاية)
علاقته بوالدته علاقة بنيت على المسؤولية، يشعر أنها مسؤولة منه وليس العكس ، كان يفرح حينما يدافع عنها، يساندها، يمسح دموعها ، كان يشعر أنها بحاجته ، لذا هو الآن يشعر بالخوف ، يخشى أن تبتعد عنه ثانية لذا تساءل بقلبٍ بريء مذعور :
- هو لما أونكل ثائر يرجع إنتِ هترجعي معاه تاني وتسبينا هنا ؟
نظرت له ولملامحه عن قرب ومدت يدها تتلمس وجنته ونطقت بتأكيد :
- لا يا حبيبي ، هنروح كلنا نعيش في البيت الجديد أنا وانت ورؤية ومعاذ واونكل ثائر ، هو نِفسه إنه يعيش وسطكو ، ومعاذ كمان عايز يقرب منك لإن هو ماعندوش اخوات وعايزك تبقى أخوه إنت ورؤية .
شرد قليلًا يفكر ثم عاد يطالعها ويتساءل بتوجس :
- يعني أول ما يرجع هنروح علطول ؟ مش هتقوليلي أنك هتروحي معاه لحد ما يجهز البيت ؟
وضعها في مأزق لتظل تطالعه وتفكر ، ماذا ستفعل حقًا حينما يخرج ثائر ؟ تساءلت بترقب وقلق مما هو قادم :
- ممكن تيجوا معايا عند جدو أمجد وتيتة علياء لحد ما البيت يجهز ، إيه رأيك ؟
انزعج الصغير وتجلى ذلك على ملامحه ونطق بعزة نفسٍ اكتسبها منها :
- مش هينفع يا ماما ، هنا أنا ورؤية قاعدين مع تيتا براحتنا ، هناك مش بعرف آخد راحتي ، ببقى مكسوف .
أسرعت تعانقه بقوة وتقبل رأسه وقررت ألا تضعه في موقفٍ هكذا لذا تنفست بعمق وأردف :
- خلاص يا حبيبي ، أنا هفضل معاكو هنا لحد ما أونكل ثائر يجهز البيت .
ارتسمت السعادة على محياه وتساءل بلهفة :
- حتى لو رجع ؟
سعادته أجبرتها أن تومئ له وتتعهد أمامه قائلة :
- حتى لو رجع ، هكلمه واقوله يجهز البيت بسرعة علشان نروح كلنا هناك .
احتضنها الصغير بقوته معبرًا عن حبه وفرحته ووعدها له لذا شردت تفكر ، تتمنى أن يكون ثائر مستعدًا للانتقال إلى المنزل الجديد فور عودته حتى لا يحدث مالا تحمد عقباه .
❈-❈-❈
في اليوم التالي ظهرًا
جلست مارتينا تنتظر مجيء غريمتها ، وعلى محياها ابتسامة أفعوانية ، وافقت على مجيئها والمكوث أمامها لتنفذ خطتها وإلا فهي تكره النظر إليها .
في المطبخ يقف توماس مع رحمة التي يتقافز غضبها ، يحاول تهدئتها لذا يحتضن كفيها ويردف بنبرة متلاعبة :
- اهدئي رحمة ، لا تجعليها تستفزك بأفعالها ، حسنًا أعدك أنها ستغادر عما قريب .
لم يزُل غضبها بل باتت تطالعه شزرًا وتردف بضيق :
- كيف أهدأ توماس ؟ إنها تعاملني كالخادمة في منتصف بيتي ، حقًا أشعر أنني أود قتلها .
ابتسم على هذه الفكرة وتمنى داخله لو تنهيا اثنانتهما حياة بعضهما ويرتاح قلبه ولكنه أردف بمراوغة :
- حسنًا ولكن الحقيقة أنكِ صاحبة المنزل وهي مجرد ضيفة هنا وستغادر ، ما رأيكِ لو تأخذي الصغير وتذهبين إلى المنتزه قليلًا ؟ لا يجب أن تأتي الضيفة وتراكِ عابسة هكذا .
فكرت قليلًا ، هل تترك لها المنزل وتغادر لتثبت أنها بالفعل سيدته ؟ نطقت باندفاع :
- هل أترك لها منزلي ؟ لا لن يحدث توماس .
هدأها وعانقها يردف وهو يملس على ظهرها بملامح مقتضبة ونبرة منفرجة متناقضة :
- حسنًا لا بأس كان مجرد اقتراح لراحتك ، ولكن لا تعبسي هكذا أمام ضيفتنا ، لطفًا رحمة .
زفرت ولم تجد بدًا سوى الاستسلام له لذا بادلته العناق ونطقت بنبرة أقل حدة :
- حسنًا توماس سأفعل ما بوسعي ، وهذا من أجلك فقط .
ابتعد يطالعها مبتسمًا ثم انحنى يقبلها وابتعد يردف :
- نعم هذه هي حبيبتي المراعية ، لا تجعلي أحدًا يعكر صفوك .
ابتسمت له فبادلها وتركها وتحرك نحو الخارج يطالع مارتينا حتى تقدم وجلس مجاورًا لها يردف بثقب وتحذير ونبرة خافتة :
- لا تحاولي استفزاز رحمة ، أنا وأنتِ في منزلها ، إن قامت بطردك لن أتدخل لذا تعاملي معها بحذر .
ابتسمت ومالت عليه تجيبه بمغزى :
- لا تقلق تومي ، لن أبقى هنا بعد اليوم .
دقق النظر فيها يحاول فهم مغزى حديثها ولكنه لم يفلح ، لذا ابتعدت تضحك عليه وتتنفس وسبحت تفكر في الخطة التي وضعتها مع والدها ، هناك من سيساعدها في استقطاب معاذ ، فغدًا يوم الجمعة واعتاد الصغير أن يذهب مع جده إلى النادي ليمارس رياضة السباحة ، ستنتظر اللحظة المناسبة ثم ستأخذ الصغير وتعود إلى فرنسا على متن أول طائرة بعدما رتب والدها لكل شيء ، ستحلق بعيدًا وفي تلك اللحظة ستكون ديما تلفظ أنفاسها الأخيرة بعدما يتمكن من جسدها السُم بطيء المفعول الذي ستضعه في عصيرها الليلة .
تنفست بارتياح وانتشاء عظيم ، ستحقق هدفها أخيرًا وتتخلص من تلك الدخيلة التي استحوذت على قلب ثائر والآن تريد التلاعب بتوماس ، ولكن لن تسمح لها ...
رن جرس الباب فتأهب توماس ونهض متحفزًا تحت أنظار مارتينا ، نطق بنبرة متحمسة :
- وصلت ديما .
طالعته بغيظ ولم تنهض بل وضعت ساقًا فوق الأخرى تستعد لمقابلتها ، اتجه يفتح الباب وجاءت رحمة لتستقبلها .
فتح الباب ليجدها أمامه في كامل أناقتها ، محتشمة ، مرتبة ، جميلة ، تحيطها هالة تجبر من أمامها على احترامها لذا ابتسم وتلألأت عيناه وهو يفسح لها المجال ويردف :
- في الوقت تمامًا ، تفضلي .
أومأت له بملامح ثابتة ودلفت تخطو بقدمٍ متوترة ولكنها تدعي الثبات ، تتمسك بحقيبتها جيدًا ثم وقفت والتفتت تطالع الباب الذي أغلقه لتتنفس وتبتسم وهي تحاول أن تهدئ من روعها لذا نظرت إلى رحمة التي تجاوره وابتسمت تنطق :
- أزيك يا رحمة ، مبسوطة إني شوفتك تاني .
لطافتها أجبرت رحمة على التبسم فأردفت مرحبة بمغزى أمام مارتينا :
- وأنا كمان مبسوطة ، نورتي بيتي ، اتفضلي .
أشارت لها نحو الصالون فالتفتت ديما تتحرك نحوه وتعلقت عيناها على تلك الجالسة تطالعها ولم تخفِ نظرات الحقد ، لم تستطع حتى أن تبتسم بل تجهمت وكلما اقتربت ديما منها تجهمت أكثر .
حقدًا مضاعفًا توغلها وتمنت لو تزهق روحها في الحال ، خاصة حينما جلست ديما ولم تعِرها اهتمامًا بل نظرت إلى توماس ورحمة اللذان جلسا أمامها وتحدثت إليهما متسائلة بلطفٍ :
- أومال فين البيبي ؟
ابتسمت لها رحمة تردف موضحة :
- ده معاد نومه ، بس شوية وهيصحى ، تحبي تشربي إيه ؟
هزت رأسها شاكرة ونطقت بهدوء :
- شكرًا ، ولا أي حاجة .
استرسلت وهي تنظر إلى توماس بمغزى :
- دعنا نتحدث عما جئت من أجله .
نجحت في استفزاز مارتينا التي أردفت بتجهم :
- أنتِ من طلبتِ رؤيتي ، لذا هاتي ما عندك .
التفتت لها ديما تطالعها بملامح ثابتة ثم تساءلت بشكلٍ مباشر :
- لماذا بلغتِ عن ثائر ؟
نهض توماس يردف حينما شعر أن مارتينا على وشك الانقضاض عليها وكي لا يبدأ نقاشهما أمام رحمة :
- ما رأيكما أن نتحدث في المكتب إلى أن تحضر لنا حبيبتي عصير البرتقال ؟
قالها ليشتت رحمة قليلًا ولكن الصغير أعلن عن استيقاظه لذا نهضت رحمة تردف باستفزاز وهي تطالع مارتينا :
- عفوًا استيقظ صغيري ، لاهتم لأمره ولتحضر مارتينا العصير إذًا .
ظنتها ستنزعج ولكن لا تعلم أنها قدمت لها الأمر على طبقٍ من ذهب ، كانت تخطط لوضع السُم على حين غفلة من ديما ولكن الآن ستضعه بأريحية لذا نطقت بابتسامة وهي تنهض :
- بكل سرور .
تحركت نحو المطبخ بينما نهضت ديما تتبع توماس نحو غرفة المكتب كما قرر أن يتحدثوا بها .
جلسا سويًا وتساءل بترقب ولم يزِح مقلتيه من عليها :
- هل هناك جديد عن ثائر؟
هزت رأسها بلا وتنفست ودارت بعينيها نحو غرفة المكتب تتفحصها ثم عادت له تردف :
- تأكد لو كان هناك جديد لما أتيت إلى هنا وتقابلت مع تلك المرأة .
تحاول أن تثبت له انزعاجها من مارتينا لذا أومأ يتجاوب معها :
- نعم معكِ حق ، أعلم أنها متسلطة بعض الشيء .
- كثيــــــــــــرًا.
نطقتها ديما مصححة ليبتسم توماس وينطق بترقب كي بخرجها من حدتها :
- ما رأيكِ أن أريكِ مباراة بيني وبين ثائر ؟
أخبرها قلبها أن تقبل فهي تتلهف لرؤيته حتى لو عن طريق مقطع مسجل ولكن عقلها ألزمها على التروي لذا نطقت بثبات :
- دعنا نتحدث أولًا توماس ، كل ما أود معرفته هل حقًا زوجي جاسوس أم أن تلك المتسلطة أوقعته في فخٍ خبيث .
وصلت مارتينا وسمعت حديثها لذا دلفت تحمل صينية العصير وتبتسم ، وضعتها أمامها على الطاولة ولم تكتفِ بل ناولت ديما كوبها وكذلك توماس حيث لم تجلب سوى كوبان فقط ، اتجهت تجلس أمامها وتردف وعيناها عليها منتظرة لحظة ارتشافها له :
- ألهذه الدرجة لا تثقين بمن تزوجتِ ، من يراكِ الآن لا يراكِ حينما قمتِ بطردي آنذاك، دعيني أتذكر ماذا قلتِ !
ادعت التفكير ثم حدقت بها واستطردت :
- إن أتيتِ لتشعلي حربًا فنحن أهلًا لها ، كنتِ واثقة آنذاك ، ما الذي حدث؟
باغتتها بنظرة ثاقبة ونطقت بشموخٍ امرأة الحب والسلام :
- ومازلت واثقة في حبه لي ، لم تهتز ثقتي لحظةً واحدة في محبته ، هو لم يجد نفسه سوى معي ، لم يعثر على هويته إلا حينما عثر علي ، وأنتِ تدركين ذلك جيدًا ويظهر هذا في عينيكِ أمامي الآن ، لذا سأكرر جملتي ، إن أتيتِ لتشعلي حربًا فنحن أهلًا لها مارتينا ، لا تحاولي هز ثقتي بحب ثائر لي لأنك ستفشلين في كل مرة .
تصنمت مارتينا أمامها ، تصنمت كما تصنم توماس وشعر بالغضب والذهول في آنٍ لذا تساءل :
- إذًا لماذا أتيتِ ديما ؟
تنفست بعمق تحفز نفسها ونطقت بنبرة متلاعبة وعينيها على مارتينا المصدومة من جرأتها وثباتها :
- أتيت لأعرف أسباب بلاغها ، حب ثائر لي لا يمحي حقيقة تهتمه التي لن أتقبلها ، لذا إن ثَبُت لي أنه كان جاسوسًا حتى لو عاد لرشده وأراد أن يبدأ معي بداية جديدة ، يحق لي أن أعلم ماضيه لأقرر حينها ماذا سأفعل ، لهذا أتيت .
تخلت عن صدمتها ونطقت بحقدٍ وغضب تملك منها :
- ثائر لم يحب غيري أيتها الـــــ .
صرخ بها توماس يردف بتجهم مقاطعًا إياها :
- مارتينا اخرسي .
نزعت نفسها تنهض وتتلفت ، تدور حول نفسها باحثةً عن الهدوء وإلا ستفشل خطتها ، يجب ألا تستفزها كلمات هذه الفرعونية ، يجب أن تهدأ وتحاول فقط أن تجاريها حتى تتناول العصير .
ظلت تواليهما ظهرها وتستدعي الهدوء لثوانٍ ثم التفتت تطالعها لتنطق ديما ببرود معتمد :
- ما رأيك أن تتناولي القليل من عصير البرتقال لتهدئي .
قالتها وهي تشير نحو كوبها وتقدمه لها لتطالعها مارتينا بشكٍ ، هل تعلم ؟
عادت تجلس مكانها وتضع ساقًا فوق الأخرى ونطقت بمكرٍ بمحاولة منها لكي تستدعي هدوئها :
- ثائر ليس جاسوسًا ، هو فقط كان ينتقد بعض الأشياء هنا ، ولكنني أردت أن انتقم منه ومنك ، ثائر كان يحبني ، ومعاذ دليل حبنا ، ولكنكِ أتيت فتغير كل شيء ، أنتِ تسببتِ في احتراق قلبي لذا أردت أن انتقم منكِ ومنه ، ولكنه لم يفعل شيء .
انزعج توماس من تصريحاتها ، ود لو زادت الشكوك في قلب ديما تجاه ثائر لذا نطق بغيظ وهو ينظر إلى مارتينا :
- ربما كان جاسوسًا وأنتِ لا تعلمين ، حسنًا ما تفسير احتجازهم له إلى الآن ؟
هزت منكبيها وأدركت مغزاه لتنطق بخفوت وهي تدعي التفكير :
- لا أظن ذلك ، من المؤكد لو كان جاسوسًا كان والدي سيعلم .
تساءلت ديما بملامح عابسة حزينة :
- السؤال الأهم هو كيف سنخرجه ؟ هل تنتقمين منه بسجنه ؟ ما هذه القسوة ؟ ألم تفكري في ابنك ؟
كل ما تريده مارتينا وتركز عليه هو تناول ديما العصير ولكنها لم تفعل لذا زفر بضيق ونطقت تلوح بيدها :
- حسنًا لنهدأ ونفكر ، يمكنني وضع يدي في يدك كي نجد حلًا ، كان رد فعل متهورًا مني والآن أشعر بالندم ، ظننت أنهم سيستجوبونه ثم سيتركونه كما فعلوا معك ، لنهدأ ونفكر قليلًا ، هيا تناولا عصيركما .
مد توماس يده ليأخذ كوبه ولكنه تعمد تحريك كوب ديما فسقط وانسكب محتواه أرضًا لذا أسرع يردف بخبث :
- أوه اعتذر ، لم أقصد ذلك .
نهضت ديما تبتعد حتى لا تتسخ ثيابها بينما نظر توماس إلى مارتينا بخبث ليجد ملامحها عبارة عن بوابة جحيم،أرادت أن تبتلع كل ما يعيق طريقها..
نهض يقف أمام ديما التي طالعته بتعجب ، تتساءل لم فعل ذلك ؟ لم تكن لتتناوله ولكن فعلته جعلتها تتساءل .
نطق بابتسامة وهو يشير لها :
- أتودين الذهاب إلى الحمام ؟
هزت رأسها بلا ونظرت إلى مارتينا التي التزمت صمتًا مريبًا لتتأكد ديما أنها بالفعل كانت تنوي أذيتها بواسطة العصير لذا عادت تنظر إلى توماس وتردف :
- لا يبدو أن مارتينا تمتلك حلًا لحرية ثائر ، هي ورطته لتنتقم .
مسح على وجهه يدعي التفكير ولكنه أكثرهم تمنيًا بعدم تحرير ثائر لذا زفر ونطق يشير لها نحو المكتب :
- حسنًا لنجلس هنا ونفكر قليلًا .
أومأت له وتحركت نحو المكتب وجلست على مقعده ليلتفت إلى مارتينا ويستطرد وهو يحدق بها بمغزى :
- هيا مارتينا ؟
كانت ديما قد أخرجت الجهاز من حقيبتها ومدت يدها تزرعه أسفل المقعد الذي جلست عليه دون أن ينتبها ، بضغطة قوية منها نجحت في لصقه وباتت تتمنى الآن أن تغادر بسلام ،تصرف سريع وحكيم في آنٍ حيث انتظرت اللحظة المناسبة لتفعلها.
نهضت مارتينا واتجهت تجلس قبالتها وتتوعد لها بعيون مشتعلة ، تقسم داخلها أنها ستقتلها مهما حدث ، وإن نجت هذه المرة لن تنجو في القادمة .
رن هاتف ديما برقم داغر لتستله وتجيب بهدوء :
- أيوا يا داغر ؟ ــــــــ أنا في مشوار بخصوص موضوع ثائر ــــــــــ ماشي يا داغر مش هتأخر .
أغلقت معه ونظرت إلى توماس تردف وهي تنهض وتحمل حقيبتها :
- يجب أن أذهب ، ربما أخطأت حينما أتيت ، ظننت أن مارتينا ستتعاون معي لنجد مخرجًا ولكن يبدو أنها لا تريد .
نظر توماس إلى مارتينا التي التزمت صمتًا مخيفًا وأدرك أنها الآن تتآكل غلًا لذا أومأ مؤيدًا رحيل ديما فتحرك خارج المكتب ونطق وهو يحثها على التحرك :
- حسنًا تفضلي، كنت أود مساعدتك ولكن ربما يجب أن نترك الأمر للقدر، سأتصل بكِ إن عرفت شيء .
تحركت معه نحو الخارج ولولا خطتها لركضت مغادرة ولكنها التزمت التأني حتى ودعت رحمة والصغير وغادرت تحمد ربها أنها لم تلتقِ بيسرا أو دياب صدفة .
استقلت المصعد وتنفست الصعداء حتى وصلت إلى الطابق الأرضي فأسرعت نحو الخارج تستقل سيارة ثائر وتغادر عائدة إلى المنزل بسلام .
❈-❈-❈
في الأعلى
دلف توماس غرفة المكتب وأوصد بابها ثم اتجه إلى مارتينا التي مازالت كما هي تجلس غاضبة، حدجها بنظرة نارية وأردف بخفوت حتى لا تسمعه رحمة :
- هل تريدين قتلها هنا ؟ هل جننتِ ؟
طالعته بنظرات شيطانية وصاحت :
- كانت ستمـــــــــــ.
أسرع يكمم فمها ويكشر عن أنيابه قائلًا :
- اخفضي صوتكِ ، رحمة لم ترَ الوجه الشيطاني لكِ بعد ، ولا يجب أن تراه .
نزعت كفه من فوق فمها ونطقت بخفوت مماثل :
- كانت ستموت غدًا أيها الحقير ، لم سكبت العصير؟ هل تظن أنك هكذا ستوقفني عن قتلها ؟ سأقتلها توماس ولن تنجو في المرة المقبلة .
حاوط مقعدها بذراعيه ونطق بنبرة حادة مؤكدًا :
- لن أسمح لكِ مارتينا ، لن تلمسيها ، سأقتلكِ قبلها .
طالعته بصدمة جعلتها تفقد النطق لذا نزع نفسه يحذرها بسبابته ثم التفت يغادر المكتب ، فتح بابه ليجد رحمة أمامه تتكتف وتطالعه بضيق متسائلة :
- عما كنتما تتحدثان ؟
أجبر نفسه على رسم ابتسامة خبيثة وأجابها بهدوء وهو يدفعها معه نحو الصغير الذي يجلس في مقعده :
- لا شيء حبيبتي ، كانت على وشك ضرب ديما بسبب الغيرة ، حقًا أمركن محير أيتها النساء،من الجيد أنها رحلت قبل أن تؤذيها تلك المجنونة .
❈-❈-❈
في السابعة مساءًا .
جلست في المجلة تفكر به ، أتت إلى هنا ليتسنى لها الاختلاء بنفسها قليلًا ، لم تستطع إظهار احتياجها واشتياقها له أمام عائلتها وصغيريها لذا أتت لتجلس على مكتبه وبين أغراضه وتفكر ، خطر على عقلها حالة علياء ، من المؤكد أن أمجد يجد صعوبة في احتوائها خاصة وأن غيابهما قد طال .
التقطت هاتفها وحاولت الاتصال على رشدي الذي أجابها فتنهدت تردف بترجٍ :
- أنا محتاجة أشوف ثائر .
صمت قليلًا ثم أجابها بهدوء :
- مش هينفع يا ديما ، لازم يكون في إيدنا دليل يدين توماس ومارتينا علشان نتأكد إنكو في أمان .
تنفست بحرارة وحاولت ابتلاع غصتها تجيبه باختصار :
- تمام .
أغلقت معه ووضعت رأسها بين راحتيها لثوانٍ ثم أعلن هاتفها عن اتصال من حارس المنزل الجديد ، التقطته وتعجبت تجيب :
- ألو؟
أجابها الطرف الآخر :
- مدام ديما آسف ع الإزعاج ، بس فيه تسريب ميه من جوة الفيلا ومش عارفين نوقفه لإن ثائر بيه ماسبش معانا مفاتيح ، ممكن حضرتك تيجي تشوفيه .
لم تفكر كثيرًا بل نهضت تردف بهدوء :
- تمام يا أحمد ، أنا جاية حالًا .
جمعت أغراضها وتحركت تغادر المجلة ، استقلت سيارته وغادرت متجهة إلى المنزل الجديد .
بعد حوالي نصف ساعة دلفت بالسيارة أمام الفيلا وترجلت تنظر إلى الحارس أحمد و تساءلت :
- فين يا احمد التسريب ده ؟
كانت تنظر حولها ليجيبها أحمد بهدوء :
- جاي من الجهة الخلفية يا فندم ، اتفضلي إنتِ جوة وأنا هجيب السباك واجيلك .
أومأت له والتقطت المفتاح من حقيبتها ثم تحركت نحو الباب وفتحته ودلفت تنظر بعينيها للمكان ، تخيلته أمامها وتذكرت حينما جاء بها وفاجأها بأجمل مفاجأة حصلت عليها بعده.
تنفست بعمق واشتياق ثم تحركت خطوتين لتسمع صوت خرير مياه يأتي من داخل غرفة المكتب .
تعجبت ودلفت ومنه إلى الغرفة الخاصة بهما ليعلو صوت المياه من داخل حمام الغرفة ، أسرعت تخطو وتفتح الباب لتجحظ حينما وجدت حوض الاستحمام ممتلئًا بالمياه والصابون الذي يتساقطا أرضًا بفعل الصنبور المفتوح .
تركت حقيبتها وتحركت نحوه لتغلقه سريعًا ولكنها شهقت بفزع حينما وجدت يدًا تخرج من الحوض وتمسك بمعصمها ، تهاوى قلبها وكادت أن تصرخ لولا أنه انتفض يظهر نفسه لها ليصيبها الذهول للحظات ولكنه لم يعطِها فرصة لتستوعب بل سحبها إليه لتسقط داخل الحوض وتختفي معه أسفل الرغاوي البيضاء ليعبر لها عن قوة اشتياقه
يتبع...
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا
الرواية كامله الجزء الثاني من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا